Skip to main content

Full text of "الأوبئة والتاريخ - شلدون واتس"

See other formats




المشروع القومى للترجمة 


لي 





22 
١‏ الأوسة كت 


| الل د ست 


. س0 0 
يت بقعي أحمد يد عبد جود 
000 7 


- ف 









المركزالقومى للترجمة 
إشراف : جابر عصفور 
- العدد :1474 
- الأوبثة والتاريخ : المرض والقوة والإمبريالية 
- شلدون واتس 
- أحمد محمود عبد الجواد 
- عماد صبحى 


- عايدى على جمعة 
- الطبعة الأولى 2010 


هذه ترجمة كتاب : 
بممأوك! 300 5ع ألمهةلأامع 
لمكأاةأتومطةا 0مة عقبنه ,0156356 
5أأةلالا ممه0ا6ا5 : باط 
5أأة لا مه558100 بز 1997 © أطوأرلامه 0 


وعمعم8 لزأنوبع الملا عاقلا طتأبنا أمعصمعومهقععة لإط لعط5أاطبط ههلا 16أنا قلط 1 


حقوق الترجمة والنشر بالعربية محفوظة للمركز القومى للترجمة . 
شارع الحبلاية بالأويرا - الجزيرة - القاهرة . ت: 5014055/ا؟ - 010531 5الا؟ فاكس: 1501504؟ 


أنه ,لأعء21-0 ,ع5نا110 درعم0 ,51 ملإداقطة ا 
4 :10 27354526 - 27354524 :.اء1 لزمء.0مطهنز © اتعمامعاملزوء: أأقسصءع 


الأويئة والتاريخ 
المرض والقوة والإمبرياليه 


تاليف: شلدون واقتس 
ترجمة وتقديم : أحمد محمود عبد الجواد 
مراجمعة: عماد صبيحى 
تحير : عايدى على جمعة 





2010 


بطاق, المهسرس/ 
إعداد الهيئ العامتّ لدارالكتب والوثائق القوميت 
إدارة الشكون ١‏ لصديي 


واتس . شلدون 
الأوبئة والتاريخ : المرض والقوة والإمبرالية /تأليف : شلدون واتس, 
ترجمة وتقديم: احمد محمود عيد الجواد؛ مراجعة : عماد صبحى؛ تحرير: عايدى 

جمعة . 

ط -١‏ القاهرة : المركز القومى للترجمة. ٠١‏ 

45 صء. 154 سم 

-١‏ - الأمراض - تاريخ * - الأوبئة 

(أ)عبد الجواد, أحيد محمود (مترجم ومقدم) 

(ج) ع عايدى على ان 

(د) العنوان 

رقم الإيداع 40/8 ٠/ة..‏ 

ا 645-2 47 00 0 .م - ا 





تهدف إصدارات المركز القومى للترجمة إلى تقديم الاتجاهات والمذاهب الفكرية المختلفة 
للقارئ العريى وتعريفه بها , والأفكار التى تتضمنها هى اجتهادات أصحابها 
فى ثقافاتهم , ولا تعبر بالضرورة عن رأى المركز . 


١-مقدمة‏ المترجم 0 
” - مقدمة المؤلف ووو 
- الفصل الأول : الاستجابة البشرية للطاعون فى أوريا الفربية والشرق 


الأرسسط ١١47‏ - 1844 20000 
غ - الفصل الثانى : المعانى السوداء الخفية , الجذام والمجنومون فى الغرب 


أوربا الإمبراطورية ا 

ه - القصل الثالث : الجدرى فى العالم الجديد والقديم : من المجزرة إلى 
الاستئصال 1١018‏ -//51ام 2 

١‏ - الفصل الرابع : الطاعون السرى : الزهرى فى غرب أوريا وشرق 
آسيا 1936-١581‏ 000 

- الفصل الخامس : الكوليرا والتمدن: بريطانيا العظمى والهند 
/اكم١‏ - كم [ذ[ذ[ز[ز[ز[ [ [ ز[ز[ |[ [ز[ؤز[ز[ز[ |[ 1 1 01000011 

- الفصل السادس :الحمى ا لصفراء والملاريا والتنمية غرب إفريقيا 
والعالم الجديد /1711 - 1978 00 

9 - الفصل السايع : ماذا بعد ؟ ... إلى علم أويئة متغير ا 


65 


149 


311 


307 


037 


207 
621 


مقدمهة المترجم 


يعتبر هذا الكتاب إضافة مهمة بالنسبة إلى تاريخ الطب عامة وتاريخ علم الأويئة 
بصفة خاصة. والذى يعد أحد فروع طب الأمراض المعدية. وحيث كان العنوان 
الأساسى للكتاب هو لمهخ5أنا 8 1015م أى الأويئة والتاريخ: فإنه يجب إلقاء 
الضوء على علم الأويئة لاوه106101م6 لتوضيح المجالات التى يهتم بها هذا العلم, 
وحتى يتسنى فهم تلك العلاقة التى حاول المؤلف أن يسلط الضوء عليهاء وهى علاقة 
الإمبريالية بانتشار الأمراض الويائية فى متاطق جديدة لم تكن موجودة فيها من قبل, 
وكيف استخدمت الإمبريالية مفهوم مقاومة تلك الأمراض الويائية كاداة "من ضمن 
أنوات الامتزيالية العديدة التى مكدت من اكتجراق] العرب لدول إفريقيا وإنسنا 
والأمريكتين'7). إن مؤرخى الطب الحديث يرون أن الطب نفسه كان وسيلة رئيسية 
لنقل الأفكار الإمبريالية وتطبيقاتها. وفى هذا السياق فإن الأفكار والمؤسسات الطبية 
ومنها بطبيعة الحال المؤسسات التى أنشأها الغرب بغرض مقاومة الأمراض الويائية, 
ما هى إلا علاقات عن القوة والسيطرة بين الحاكفين والمحكومين: والتى: تعكس فئ 
نهاية الأمر العناصر المكونة للاستعمار, ومن وجهة نظر هؤلاء المؤرخين "فإن 
الإمتريالية كانت اكذر من منجرى متسنوعة من اللوا هد الاقتستادية والنعياسي 
والعسكرية: فهى إيديولوجية مركية كان لها تخبيرات فكرية وثقافية وتقنية واسحة 
الانتشار فى عهود سيادة أوريا على العالم. فقد تفاطت الإمبريالية مع المرض 


0( ديفيد أرنولد : الطب الإمبريالى والمجتمعات المحلية» ترجمة د. مصطفى فهمى ص 1 عالم المعرفة, 
الكويث عند ؟7؟ أغسطس ,١1998‏ 


وتطبيقاتها('). إن العلاقة بين الإمبريالية وطرق مقاومة الأمراض التى كانت أداة 
للمتحكم فى الشعوب المستعمرة وضحها المؤلف فى العنوان الفرعى فى الكتاب "الطب 
والقوة والإميريالية" . 58أاقاقعم15 200 ,معرلمم رعدهع5أم 

وديهتم علم الأويئة بالأساس بدراسة الحالات الجماعية للعدوى, أى بالعدوى 
الجماعية وليس بالحالات الفردية للمرض. فالأمراض الويائية هى قى الأصل أمراض 
ورغم أن علم الأويئة يهتم بدراسة سبب المرض الذى يسيب هذه العدوى الجماعية, 
قإنه يهنم بمسالتين على وجه الخصوص وهماء أولا: انتشار الأمراض فى المكان ويين 
الجموع مثل الجموع العمرية والعرقية أو الإثنية وكذلك الجموع التى تعتمد على 
الجنس (الذكور والإناث). 

ثانيًا : العوامل التى تؤدى إلى انتشار هذه الأمراضء مثل العوائل التاقلة 
تتعلق مباشرة بأعراض هذه الأمراض وطرق الشفاء منها. 

وتنتقل العدوى بالأمراض المعدية بيعدة طرق مثل : 

١‏ - الاتصال المباشر كما فى حالة الأمراض الجلدية كالجربء أو فى حالة 
الجماع كالزهرى. 

؟ - عن طريق الهواء كما فى حالة إصابات الجهاز التنفسى: حيث تتم العدوى 
عن طريق الرذاذ المتطاير كالسل والأنفلونرًا. 

" - عن طريق الجهاز الهضمى بتناول الطعام والشراب الملوث كما فى حالة 
الكوليرا والدوسنتاريا الأميبية. 

- عن طريق العوائل الناقلة مثل الطاعون الذى ينتقل عن طريق البراغيث, 
والحمى الصفراء والملاريا ومرض الفيل التى تنتقل عن طريق البعوض. 


وات هق طريق اكخخراق الحلن: كما فن حنالة اختراق يرقات الدودة الخطافية 
للجلد. واحتراق الطور المعدى للبلهارسيا للجلد. 


سين طرف المشنينة أكناء الحمل: كما :فى حالة فيروسن الإندة: 


استمرارية الأمراض المعدية 


تحدث الأمراض نتيجة للإصابة بالكائنات الحية مثل الفيروسات والبكتيريا 
والآزلنات (البزوتوئرا )ومشبا مكل الكاتنات الحية هون تحن تح التقاكر من اخل 
الحفاظ على نوعها. لكن هذا التكاثرء سواء كان فى الإنسان أو الحيوان: ينتج عنه 
سموم ومواد ضارة عديدة تؤدى إلى تلف أنسجة العائل الذى تتكاثر فيه ومن ثم إلى 
مرضه. وفى أحيان أخرى يؤدى هذا التكاثر إلى موت العائل الذى تعيش فيه. وسواء 
كانت نتيجة هذا التكاثر هو ظهور الأعراض أو الوفاة فإن هذه المسبيات المرضية 
5 لا تبقى فى معظم الأحوال فى جسم الإنسان أو الحيوان طول فترة 
حياتها. فموت العائل الذى تعيش فيه قد يؤدى إلى موتها هى نقسهاء كما أن مقاومة 
الجسم لها قد يقضى عليها. وفى الحالتين فإن هذا يعد خسارة خالصة لهذه 
الكائنات. ولتفادى هذا المصدر تلجأ هذه الكائنات دائمًا إلى العمل على استمرارية 
العدوى؛ أى استمرارية انتقالها من عائل إلى آخر عن طريق الطرق السالفة الذكر. 
لكن الأسئلة المهمة هى : أين تذهب هذه الكائنات عندما لا تكون فى العائل؟ أو أين 
تختبئ ؟ وهل تختفى تمامًا عندما تزول الأعراض؟ وهى أسئلة مهمة من أجل معرفة 
الأمراض المعدية وطرق انتقالها ومقاومتها. 

ترتبط الإجابة عن الأسئلة السابقة بطبيعة العدوى فى الأمراض المعدية؛ فهناك 
نوعان من العدوى يمكن ملاحظتهما وهما: العدوى السريعة الحادة أه ه8500 لأمده 
2 والعدوى البطيئة المزمنة 12461158 01 7006 /اها5 . وفى التمط الأول من 


العدوى تحدث العدوى بطريقة سريعة وتظهر الأعراض خلال ساعات قليلة كما فى 
حالة فيروس الانفلونزًا. هذه الفيروسات هى فيروسات سريعة: لأنها هشة 16516ا06 
100968هم لا تستطيع العيش فى أشعة الشمس أو تتحمل الجفاف أو المواد 
الكيماوية» لذلك فهى تبحث بسرعة عن عائل لتختبئ فيه وتتكاثر. فهى تنتقل بسرعة 
من عائل إلى آخر عن طريق الرذاذ والهواء. وفى حالة النمط الآخر من العدوى: تأخذ 
العدوى فترة طويلة من أجل ظهور الأعراض فى العائل. فالسل إذا ترك بدون علاج 
يمكن أن يسبب الوفاة للعائل, لكنه يأخذ عدة سنوات ليفعل ذلك, فالأعراض تظهر 
ببطء والعدوى هنا مزمنة 6أهمه,68 . ومن ضمن هذا النمط من العدوى مرض 258«ؤذألا 
الذى يصيب الأغنام فى أيسلنداء ففترة الحضانة؛ التى تمتد من وقت حدوث العدوى 
حتى ظهور الأعراضء تستغرق من >" - ”؟ سئوات. 

وتؤكد استمرارية العدوى نفسها عن طريق اختيار الشكل المقاوم 85151301 
فميكروب الأنثراكس «8018:8 الذى يسبب الحمى الفحمية فى الإنسان 
والحيوان» وهو مرض شديد الخطورة, يؤدى إلى نزيف حاد والموت المؤكدء عندما 
يتعرض للهواء عند خروجه مع نزيف الدم يأخذ الشكل الجرثومى 66:همة ؛ الذى 
يستطيع مقاومة الحرارة وأشعة الشمس لعدة سنوات. ويذلك فهذا الميكروب يعاود 
ظهوره مرة ثانية عندما تتهيأ له الظروف لعدوى الإنسان أو الحيوان. الطريقة الثالثة 
لاستمرارية العدوى تتم عن طريق الانتقال والتكاثر داخل عائل آخر غير العائل 
. الأساسى. فهذه الميكرويات تعيش وتتكاثر وتنتقل بين عدة عوائل. ففى حالة ميكروب 
الطاعون: الذى تحدث أعراضه المميتة بصفة أساسية فى الإنسان؛ يمكن أن يتكاثر 
ويعيش داخل الفئران» كما يمكن أن يتكاثر داخل البراغيث التى تعيش على الفئران 
وتهاجه الإنسانء وفى هذه الحالة تعد البراغيث كمخزن لتكاثر العدوى ونشرها. وهنا 
ينتقل العامل المسبب للمرض بين ثلاثة عوائل وهى : الإنسان والفئران والبراغيث. 
وتنتقل الملاريا بين عائلين أحدهما هى الإنسان والآخر هى البعوض. 

ويجانب قدرة الميكروب على مقاومة الظروف غير الملائمة عندما يأخذ الشكل 
الجرتومى, هناك بعض مسيبات الأمراض مثل الأميبيا التى تسبب الدوسنتاريا 


10 


الأميبية» يمكنها مقاومة الظروف غير الملائمة بتحولها إلى الطور المتحوصل 5160لا06© 
0 لفترة طويلة من الزمن» ومن ثم يمكنها عدوى عائل آخر من أجل التكائر 
واستكمال دورة حياتها. وهناك طريقة خامسة يمكن من خلالها استمرار الطقفيل في 
نقل العدوى وإحداث الأعراض وذلك من طريق الاختباء داخل الأحشاءء. مثل : الكبد 
والطحال والكلى والرئة والقلب» بعد علاج الأعراض. وتبقى هذه الكائنات داخل هذه 
الأحشاء فترة طويلة من الزمن تعاود بعدها الظهور لإحداث الأعراض فى العائل إذا 
تعرض لضغوط بيئية أو صحية وذلك كما فى حالة الملاريا. وهناك بعض الأوليات التى 
تسبب مرض البابيزيا 836513 فى الحيوانات, التى تبقى أعداد قليلة جدًا منها فى 
مجرى الدم بعد الشفاء من الأعراض, هذه الأعداد القليلة لا يمكنها إحداث المرض . 
مرة أخرى واكن يمكن انتقالها عن طريق العوائل الناقلة مثل القراد من حيوان إلى 
حيوان آخر بعد عدة سنين. فالطفيل المسبب للمرض هنا استخدم جسم العائل كملاذ 
آمن لوجوده لفترة من الزمن حتى تتهيأ له الظروف لعدوى عائل آخر. 


بعض المتغيرات التى تتعلق بنمط العدوى 


ما دامت الأويئة تتعلق أساسا بالمجموعات الكبيرة من السكان؛ فإن سلوك هذه 
المجموعات وتركيبها يجعلها معرضة لأنماط معينة من الأمراض المعدية والوبائية, هذه 
المجموعات تشمل : المجموعات العمرية / المجموعات الإثنية/ الجنس / الحالة 
الزواجية/ التركيب العائلى/ الحالة الاجتماعية والاقتصادية/ المكان / الوقت؛ ثم 
أخيرًا حركة هذه المجموعات وقدرتها على التنقل. 

وبالنسبة إلى المجموعات العمرية فإن الأطفال تنقصهم المناعة ضد الأمراض 
المعدية ؛ فهم معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بالحصية وشلل الأطفال, ولصغر 
حجمهم فهم معرضون أكثر لمشاكل سوء التفذية؛ كما أنهم معرضون للجفاف نتيجة 
للإسهال الذى يصاحب النزلات المعوية. وفى المقابل فإن كبار السن معرضون 
للمشاكل الناتجة عن الفقر أو الوحدة أو نقص الغذاء. وترتبط العدوى كذلك 


11 


بالمجموعات الجنسية:؛ فالنساء معرضات أكثر من الرجال لأمراض الحمل والولادة, 
بينما الرجال معرضون أكثر لأمراض القلب والشرايين وارتفا ع ضغط الدم. 

وتلعب الجماعات العرقية والإثنية دورًا كبيرا بالنسبة إلى توزيع الأمراض 
المعدية. وتعرف المجموعات الإثنية بأنها مجموعات من الأشخاص تملك درجة كبيرة 
من التماثل أكثر من مجموعات السكان الآخرين بالنظر إلى نمط العادات أى الخصائص 
البيولوجية والوراثية. فقد لوحظ على سبيل المثال أن مرض "الخلايا المنجلية” 
5635 اعكاه51 ينتشر فى الغالب بين الشعوب الإفريقية جنوب الصحراء. وتفيد 
الإصاية ييعض الأمراض الحالة الزواجية؛ فالمصابون بالجذام ومرضى الصرع -أمء 
65 يكونون فى الغالب غير متزوجين. كذلك فإذا أصيبوا أثناء الزواج يمكن أن 
ينتقلوا إلى وضع الانفصال. كذلك فإن العزاب وغير المتزوجين معرضون أكثر للإصابة 
بالأمراض التناسلية مثل الزهرى. وبلعب التركيب العائلى دور كبيرًا فى نمط انتشار 
الأمراض المعدية. فالجذام والسل والتينيا 81063 والجرب يمكن أن يصيب أى فرد من 
أفراد العائلة فى البلاد ذات تقاليد العائلة الممتدة التى يعيش فيها أجيال متعددة فى 
المنزل الواحد فى المجتمعات الزراعية؛ وذلك بالمقارنة بوضع العائلة قليلة العدد فى 
المعتبكات الضناعية: 

هناك علاقة بين المكان ونمط انتشار الأمراض المعدية. ففى إفريقيا المدارية 
يتتشر حزام الملاريا ومسرض النوم 709030050813515 لانتشار العاثئل الناقل وهو 
البعوض فى حالة الملاريا وذبابة تسى - تسى 736 - 788 فى حالة مرض النوم. ويندر 
وجود هذين المرضين فى المناطق الشمالية من العالم لعدم وجود مسببات هذين 
المرضين أو العوائل الناقلة لهما وفى البلاد الإفريقية توجد نسبة إصابة مرتفعة من 
أورام سرطانية أولية 366150588» '[,108[:م للمرىء والعضى الذكرى والكبد, ونسبة 


الواحد نتيجة لانتشار عادات غذائية معينة. ففى منطقة السواحل الشمالية لمصر 


/]2 


تنتشر الإصابة بالدودة المعوية من نوع 5هعلإامه,ء!»5 5علانام1616:0! نتيجة لانتشار 
تناول الأسماك المملحة وتوافر القواقع الناقلة لهذا الطفيل. وتلعب فصول السنة التى 
تندرج بين الحرارة الشديدة فى فصل الصيف والبرودة أثناء فصل الشتاء دور كبيرًاً 
فى نمط انتشار الأمراض ال معدية. ففيروس الإنفلونزا ينشط أثناء فصل الشتاءء كذلك 
الميكرويات المذكورة المسببة لالتهاب الطق واللوزتين» بينما يزداد انتشار الملاريا 
والكوليرا والدوسنتاريا الأميبية أثناء فصل الصيف نتيجة لتكاثر البعوض والذباب 
الناقل لهذه الأمراض. 


حركة البشر وانتقالهم 6معمءءه"' 


تعتبر تحركات البشر عاملاً مهما بالنسبة إلى انتشار الأويئة » فقد نشر التجار, 
والعمالء والمهاجرون ؛ والحجاجء والجنودء والرعاة والعاهرات - الأويئة على مساحة 
واسعة من العالم. فقد أخذوا معهم نماذجهم المرضية ونشروا أمراضهم إلى آخرين» 
كما اكتسبوا أمراضًا جديدة. ففى عام /71١م‏ أبحر التجار من ميناء كريميا على 
البحر الأسود الذى كان مويوءا بالطاعون إلى أحد الموانى الإيطالية» وقد انتقل 
الطاعون إلى إيطاليا ومنه وإلى إنجلتراء حيث تكرر ظهور الطاعون فى صورة أويئة 
انمتعرت لذة 14و سبتة وقورما دمر قطاع كسيرا مز النكاة: ومن اتشقل واء 
الطاعون إلى جنوب البحر المتوسط ليهاجم مصر عدة مرات منذ ذلك التاريخغ حتى 
فترة القرن التاسع عشرء وهو ما أدى إلى تناقص عدد السكان بدرجة كبيرة: وقد 
لعب الرعاة دورًا مهما فى نقل الأويئة من مكان إلى آخر. خاصة فى فترات الجفاف 
والقحط. وقد فرضت الشعوب الرعوية مشأكل خاصة فى مقاومة الأمراض الوبائية 
والطب الوقائى كما فى حالة استئصال الملاريا فى الصومال على سبيل المثال. فقد 
أعيقت إجراءات مقاومة الملاريا بدرجة كبيرة نديجة لانتقال قبائل الرعاة من الصومال, 
الذين انتشروا على مساحة واسعة من البلاد لرعى أبقارهم: إلى كينيا وأثيوييا 
وأوغندا. 


13 


ويعتبر المهاجرون ذوى أهمية خاصة بالنسبة إلى الدراسات التحليلية لنماذج 
الأمراهن الوبائية قفت طرفي الأول عنما تهرك ممفوعة من التاس من متطلقة 
خالية من المرض أو نتصف بإصابة ضعيفة - إلى منطقة أخرى شديدة الإصابة. هنا 
يمكن مقارنة تجربتهم مع المرض مع تلك التى للسكان المحليين ذات الإصابة الشديدة. 
وربما يحضر مجموعات المهاجرين معهم نماذج (أشكال) مختلفة من المناعة للمرض, 
ومن خلال عادات مختلفة نتعلق بالطعام والشراب ريما يظهرون استجابات مختلفة 
للتأثيرات الضارة فى البيئة الجديدة التى انتقلوا إليها. على سبيل المثال؛ فقد ظهر أن 
مجموعات المهاجرين من جزر البلولينزيا بإندونيسيا إلى نيوزيلاندا صاحبها ارتفاع 
حاد فى نسبة الإصابة بارتفاع ضغط الدم, والبول السكرىء والنقرس. وقد بينت 
الدراسات أن حدوث هذه الأمراض الثلاثة يرتبط بوجود عامل يتعلق بالبيئة الجديدة 
كتفسير محتمل لظهور هذه الأمراض. 

القافى «عكينا كدر اتكبوعة من الناس مق متظقة ات سية إعنانة ترفية 
من المرض إلى منطقة ذات نسبة إصابة منخفضة أو تتميز بعدم وجود المرض. 
فى هذه الحالة فإن المجموعات المحلية من السكان تتعرض للإصابة الشديدة لعدم 
وجود مناعة لديها وهو ما حدث عند هجرة الأوربيين الى الأمريكتين. فقد كانت هذه 
المناطق خالية من أمراض مثل الجدرى والزهرى التناسلى والإنفلونزا؛ وهى ما أدى 
إلى الإصاية الشديدة للسكان المحليين بهذه الأمراض وحدوث الوفاة بنسبة 
مرتفعة؛ ومن ثم إلى انهيار التركيب السكانى لهذه المجتمعات بدرجة كبيرة ٠‏ بل 
إلى انقراضها. 


دراسة علم الأوبئة 


هناك عدة طرائق من أجل دراسة نماذج الأمراض الويائية" وكيفية انتشارها. 
فهناك الطريقة الأولى وهى الطريقة الوصفية لاوهأه1لامء علاأامأ:ءو06) أى "علم 


14 


الأوبئة الوصفى". وفيه نقوم بالملاحظة عن قرب للحالات التى تنشأ خلال الانتشار 
الطبيعى للمرضء وهو ما يمكن أن نطلق عليه علم أويئة الفرصة أو الظروف -106701مع 
لإأأهطلازوممه :0 لإوهاه: وتجرى الطريقة الثانية من أجل دراسة مدى تكرار هذه 
الأوبئة. ودراسة نوعية الناس الذين يعانون من هذه الأويئة » وأين ومتى حدثت هذه 
الأويئة, وهى الطريقة الاسترجاعية لدراسة الأويئة لاوهاوأهلأمه علاناء6م8]209؟ . 
وفى هذه الحالة تتم الدراسة من خلال تقارير الرحالة وكتبهم والمذكرات وسجلات 
المعامل والمستشفيات . وتعد كتب التاريخ التى يتعرض فيها المؤرخون لوصف 
الأويئة مصدرًا مهما لهذه الطريقة؛ كما أن الكتب الدينية تعد أيضًا من المصادر 
المهمة, أما الطريقة الثالثة فتعتمد على وضع الفروض لتبيان الارتباط بين عاملين يبدو 
أنهما غير مترابطين بالنسبة إلى نماذج انتشار الأمراض؛ وذلك مثل فرض علاقة 
ما بين مرض البول السكرى وانتشاره بين بعض المجموعات العرقية المعيتة ودور 
الوراثة فى ذلك . ويطلق على هذه الطريقة "علم الأوبئة المستقبلى أو المنتظر” 


ووأ 607لأمء عباأاعهومؤوه:2 , 


جا ع عو ا 


كان الغرض من المقدمة السابقة حول التعريف بعلم الأوبئة هى إظهار دوره فى 
التحكم فى هذه الأوبئة ومقاومتهاء وهى الوظيفة الأساسية التى ترتبط بهذا العلم. 
وفى هذا السياق يسلط هذا الكتاب الضوء على نقطتين مهمتين وهما: أولا: ردود 
الأفعال فى كل من المجتمعات الأوربية والمجتمعات الشرقية القديمة مثل الهند والصين 
ومصر فى التعامل مع هذه الأويئة» ونمط التحكم فى هذه الأوبئة وطرق مقاومتهاء 
فاستجابة كل من هاتين المجموعتين من المجتمعات كانت جد مختلفة تجاه الأوبئة 
نفسها التى حصدت أرواح الملايين من البشر. فالمجتمعات الأوربية التى استعملت 
تقنيات العلم الحديث كانت لها أساليبها الخاصة والمتوارثة فى التحكم ومقاومة 
الأمراض المتوطنة فيها 0156356 0706:016© مثل الجذام والزهرىء: وقد طورت هذه 


د 


المجتمعات تقنيات ومعارف حديثة نقلتها من علم الأويئة العربى منذ القرن الرابع عشر 
واستخدمتها فى مقاومة أويئة تعرضت لها بعد ذلك. وبالمقابل فقد كان للمجتمعات 
القديمة مثل الصين والهند تقنيات للتحكم فى أمراض متوطنة لديها مثل الجدرى 
والكوليرا والجذام؛ لكنها طبقت تقنيات أخرى عندما وقعت تحت هيمنة الاستعمار 
والإمبريالية منذ القرن التاسع عشرء وعندما أصبحت هذه التقنيات الطبية ضمن 
أدوات الإمبريالية التى تستخدمها فى الهيمنة على مصادر هذه الشعوب. 

كانت النقطة الثانية المهمة فى هذا الكتاب هى إلقاء الضوء على العلاقة بين 
ظاهرة الاستعمار والإمبريالية وأدواتها الاقتصادية والقمعية وانتشار الأويئة . فقد 
قامت الإمبريالية فى صراعها الدولى للسيطرة على ثروات إفريقيا وآسيا والأمريكتين 
بنقل أمراض جديدة انتشرت فى صورة أويئة إلى شعوب القارات تلك سواء مباشرة 
عن طريق الفزى العسكرى أو تجارة العبيد , أم غير مباشرة عن طريق ما يدعيه 
الأوربيون 'بالتنمية", أى تنمية هذه الشعوب. والتى كانت فى الحقيقة غطاء من أجل 
تبرير تفكيك التركيب القبلى ونظم الأسرة ونمط العادات والتقاليد. والتى كانت تشكل 
خط دفاع قوى ضد انتشار الأويئة والتحكم فيها بين هذه الشعوبء ومن هذا المنظور 
كان الكتاب جريئًا فى الكشف عن هذا الجاتب من جوانب الاستعمار والإمبريالية, 
فقد تعرضت هذه الشعوب لهجوم مزدوج أداته القوة العسكرية للإميريالية من 
جانب. وتعرض سكانها إلى الإيادة نتيجة لانتشار أمراض معدية لم تكن تملك المناعة 
الكافية لمقاومتها. 

ويتعرض هذا الكتاب لسبعة من الأمراض المعدية التى ظضهرت بصورة 
وبائية» سواء بين الشعوب الجديدة التى استعمرتها أوربا مثل إفريقيا والأمريكتين, 
أم الشعوب القديمة التى استعمرتها أوريا أيضًا مثل الهند والصين ومصر. هذه 
الأمراض الويائية السبعة تسببها الكائتات الحية الدقيقة , مثل البكتريا كما فى حالة 
الطاعون والخذام والكوليرا والزهرىء أو الفيروسات كما فى هالة الجدرى والحمى 
الصفراء. أو الأوليات (برتوزوا) كما فى حالة الملاريا. وتنتقل هذه الأمراض إما عن 


16 


طريق الحشرات كما قى حالة الطاعون الذى ينتقل عن طريق البراغيت,. والملاريا 
والحمى الصفراء التى تنتقل عن طريق البعوضء وإما عن طريق العدوى المباشرة كما 
قى حالة الجذام والجدرى؛ وإما عن طريق الجهاز الهضمى بتناول الطعام والشراب 
الملوث كما فى حالة الكوليراء وإما عن طريق الاتصال الجنسى المباشر كما فى 
حالة الزهرى. 

وكان من أهم العوامل فى انتشار الأويئة السالفة الذكر هو انتقال البيشر 
وانتشارهم السلمى والتلقائى وكذلك انتقالهم العمدى والقهرى. وقد بدأت علاقة انتقال 
البشر السلمية بانتشار الأويئة فى وياء الطاعون كما ذكرنا. فقد انتقل الطاعون إلى 
مدن الشمال الإيطالى عام 17417 م من خلال حركة التجار والتجارة من موانئ البحر 
الأسود, ثم انتقل من إيطاليا إلى داخل القارة ومنها إلى إنجلتراء وامتد أيضًا إلى 
دول جنوب المكوسط ومنها مصر. وكان انتقال وياء الكوليرا إلى إنجلتر من خلال 
التجارة وتأسيس شركة الهند الشرقية بالهند. وقد ظهرت الكوليرا بشكل ويائى فى 
الهند عام 18١!/‏ م وهى ما أدى إلى وفاة 5؟ مليون فرد: ووصلت إلى إنجلترا عام 
وهو ما أدى إلى وفاة ١٠٠١‏ ألف شخص. وقد تعرضت إنجلترا إلى خمسة 
أوبئة للكوليرا فى فترة القرن التاسع عشر عن طريق موظفى إدارة الاحتلال 
الإنجليزى والقوات العسكرية. 

ويبدى انتشار الأويئة عن طريق حركة البشر العمدية والقهرية من خلال 
ظاهرتين: الغزى الاستعمارى وتجارة العبيد. فقد كان الغزى الاستعمارى أداة جبارة 
فى إصابة شعوب الأمريكتين بأمراض لم تكن تعرفها من قبل وهو ما أدى إلى 
إيادتها. حيث لم تكن هذه الشعوب تملك مناعة فعالة لمقاومة هذه الأمراض؛ فبعد 
وصول كولومبوس إلى أمريكا وخلال عقدين من الزمان تدفق الآلاف من شعوب شبه 
جزيرة إيبيريا الحاملين لفيروس الجدرى إلى هذه الأراضى البكر. ويذلك فقد وصل 
وياء الجدرى إلى أمريكا الوسطى عام 018١؛‏ وإلى المكسيك عام ,.١57١‏ وإلى شعوب 
الأنكا شمالاً فى عام ١6717‏ م. وحيث إن هذه الشعوب لم تكن تملك مناعة فعالة ضد 


17 


هذه الأمراض الوافدة الجديدة مع الغزاة فقد وقعت صرعى شدة المرض. وهو ما أدى 
إلى إبادة شعوب بأكملها وهجرة العديد من القبائل إلى أماكن أخرى وإصابة قبائل 
وسكان آخرينء وقد أدى هذا إلى انقراض 7/5١‏ من شعوب الأمريكتين. ففى عام 
م كان عدد سكان الأمريكتين ٠‏ فقط من عدد السكان الذين كانوا موجودين 
قبل عام ١678‏ م. ؛ٍ 

وكانت الوسيلة الأخرى فى انتشار الأمراض الويائية هى انتقال البشر القهرى 
والقسرىء الذى يرتبط بالظاهرة اللاإنسانية وهى تجارة العبيد التى بدأت عام 
م_م.. فقد احتاج الإسبان الذين احتلوا الأمريكتين إلى قوى عاملة لزراعة قصب 
السكر خاصة فى أمريكا الوسطى والجنوبية» وهى ما أدى إلى انتقال الحمى الصفراء 
والملاريا إلى شعوب تلك المناطق؛ التى لم تكن تعرفها من قبل» وقد شكل هذا وسيلة 
مناسبة لانتقال مسببات هذه الأمراض إلى مناطق جديدة, فلم يكن البشر هم الذين 
انتقلوا فقط؛ بل العوامل المسيبة للأمراض قد انتقلت معهم أيضًا إلى فضاء جديد. 
ومنذ سبعينيات القرن السابع عشر حتى نهاية القرن التاسع عشر تم نقل ١؟‏ مليونًا 
من شعوب غرب إفريقيا إلى الأمريكتين» ونتيجة لهذا ظهر وياء الحمى الصقراء 
والملاريا فى بربادوس عام /1787: وفى هايتى عام 1560.: وفى كوبا عام ,١71١‏ وقى 
البرازيل عام :.14٠١‏ وفى إقليم لويزيانا الشاسع فى شمال أمريكا عام 1404 . وقد 
ظهر وياء الحمى الصفراء فى مناطق شاسعة فى مدن الجتوب الكبرى فى أمريكا 
الشمالية مثل نيى أوليائز وممفيس وشارلستون منذ عام :١1865٠‏ فقد ظهر الوياء عدة 
مرات فى أعوام 14174 141/5 18617» وفى أثناء الحرب الأهلية الأمريكية ( 1411 - 
6) مات 558 ألف جندى فيدرالى (جنوبى) بالرصاص أو المرض نتيجة للحمى 
الصقراء. 

وقد شكل النشاط الاقتصادى للإمبريالية ومؤسساتها الاقتصادية العملاقة 
فرصة سانحة لانتشار مسببات الأمراضء وخلق بيئة ويائية ملائمة لها وذلك 
تحت شعار “تنمية" المجتمعات التى استعمرتها. فعن طريق الشركات العملاقة فى 


16 


غرب إفريقيا تمت إزالة الغابات من أجل إنشاء مساحات واسعة لمحاصيل جديدة مثل 
القطن وزيت النخيل والفول السوداني. وقد مولت هذا النشاط الشركات الكبرى؛ 
الذراع الاقتصادية للإمبريالية, وهو ما أدى إلى تخريب الترية الزراعية لهذه 
المناطق . فتربة غرب إفريقيا تختلف عن تربة وادى النيل أ تربة أرض 
الرافدين. فبدلاً من تكونها من طبقة عميقة من التربة السطحية؛ فقد كانت تتكون 
من غطاء رقيق من الطبقة العضوية المتحللة فوق طبقة من الصخر الأحمر المسامى. 
وفى المناطق التى أزيلت منها الغابات الكبيرة لزراعة الفول السودانى أو القطن, 
انكشفت هذه الطبقة الرقيقة من الترية, وأصبحت معرضة للتاكل والتدهور بشكل لم 
تتعرض له قط تحت نظام التنوع المحصولى الذى عادة ما كان يستخدمه الأفارقة قى 
هذه المناطق. 

وأدى قطع أشجار الغايات واستخدامها فلنكات للسكك الحديدية التى مدت لنقل 
هذه المحاصيل الجديدة والمعادن من داخل القارة إلى الموانئ - إلى ترك أشجار 
ضعيفة الجذور مكشوفة لهبات الرياح التى سرعان ما اقتلعتها الرياح» وهو ما زاد 
من مساحة التربة المكشوفة الرقيقة؛ ونتيجة لتعرضها للحرارة الشديدة أثناء موسم 
الجفاف وانهمار الأمطار الغزيرة أثناء موسم الأمطار سرعان ما وهنت هذه الترية 
الرقيقة فوق قاعدة الصخور الصلبة؛ مما تسبب فى شقوق وحفر مليئة بالماء وفرت 
وضعًا مثاليًا لتكاثر البعوض الناقل للحمى الصفراء والملاريا. 

كما أدى تووسع الشبكات الدولية للتجارة ومراكزها فى لندن وأمستردام وياريس 
ولشبونة إلى التوسع فى زراعة المحاصيل النقدية إلى نتيجتين مهمتين وهما : 
التوسع فى استخدام النقود بدلا من نظام المقايضة الذى كان سائدًاء وإلى 
ازدياد حركة الهجرة الداخلية إلى مناطق السواحل التى يتركز فيها النشاط 
الاقتصادى الكثيف للأوربيين وذلك فى الهند وغرب إفريقياء والذى كان له تبعاته 
بالنسبة إلى خلق بيئة جديدة مناسبة لتكاثر البعوض وانهيار نظام المناعة الطبيعى 
للسكان المحليين . 


9 


وتوسعت شركة الهند الشرقية فى التركيز على زراعة القطن والشاى فى الهند » 
وبهذه السياسة نفسها أصبحت أمريكا الوسطى والجنوبية أكير منتجى السكر, 
وأصبح غرب إفريقيا أكير منتجى زيت النخيل وجوز الهند والكاكاى والقول 
السودانى » وأصبحت هذه السلع تنتقل عبر شبكة وأسعة من المواصلات من مناطق 
إنتاجه إلى مناطق استهلاكه؛ التى كانت غاليًا فى أوربا. وكان من تبعات هذا التوسع 
فى الاستخدام النقدى كقاعدة للتبادل بدلا من المقايضة نتائج كارثية بالنسبة إلى 
توسع البيئة المرضية؛ وتوسيع الظروف المناسبة لتكاثر البعوض. فقد أدى استخدام 
النقود وفرض الضرائب من قبل رؤساء القبائل المتعاوتين مع الأوربيين إلى هفجرة 
الآلاف من الأفارقة من المناطق الداخلية للبحث عن عمل فى المناطق الساحلية, حيث 
وفرت الأعمال التى يديرها البيعض تشغيلاً للعمالة ذات الأجر. وقد سافر الآلاف من 
الأراضى الداخلية فى المناطق المحتلة الفرنسية مثل بوركينا فاسو ومالى لمات 
الكيلومترات للعمل فى السنفال أو جامييا. 

وكانت هذه المجموعات السكانية التى تقطن بالمناطق الداخلية تملك مناعة قوية 
ضد الأنواع المختلفة من الملارياء والتى تأخذها عادة إما من لبن الأم أى من العدوى 
الخفيفة أو المتوسطة, فعندما تهاجر هذه المجموعات من مناطقها الأصلية فإنها 
تتعرض لأنوا ع جديدة من الملاريا لا تملك أية مناعة لها. هذه المجموعات تعرضت 
للموت فى بيئتها الجديدة فى إفريقيا نتيجة للإصابة الشديدة بالأنواع الجديدة من 
الملاريا . أيضًا نقلت هذه المجموعات أنواعا جديدة من الأمراض إلى المجموعات 
السكانية المحلية التى لم تكن تعرفها من قبل. 

وقد أدى التوسع فى شبكات التجارة الدولية ويناء خطوط السكك الحديدية إلى 
انهيار شبكات التجارة القديمة, وإلى انهيار خطوط المقاومة الطبيعية ضد الأمراض 
المتوطنة نتيجة لانتقال مسببات الأمراض بسرعة كبيرة لا تّمكّنْ شعوب هذه المناطق 
من بناء مناعة على مدى فترة زمنية معقولة » كما كان الحال فى السابق. فقد كان 
نظام حركة التجارة القديم يجرى بنظام من التتابعات, حيث تحمل المنتجات عبر كل 
إقليم مجموعة عرقية ما بواسطة أفراد تلك المجموعة, ومن ثم عند الحدود يقومون 


120 


بتسليمها لتجار من المجموعة العرقية المجاورة» وهكذا دواليك. فقد كانت قبائل 
الطوارق التى تنتشر على مساحة واسعة من جنوب الجزائر تعيش على تجارة الملح 
ونقله من سواحل الجزائر إلى المناطق الشمالية الداخلية لإفريقيا جنوب 
الصحراءء مثل مالى وإفريقيا الوسطىء فى مقابل منتجات هذه المناطق مثل العاج 
وريش النعام والمعادن. وكانت هذه الشبكات الداخلية للتجارة تملك خطوط دفاع 
طبيعية ضد الأمراض نشأت على فترات طويلة من الزمن. وقد أدى إنشاء الشبكات 
الجديدة للتجارة إلى اختراق هذا النظام القديم وتدميره . ومثال على ذلك: ففى عام 
11.72 تم بناء خط السكة الحديد بين لاجوس فى نيجيريا ومدينة ايلورين التى 
تبعد 4.٠‏ كم شمالاً. وهو ما أدى إلى توسيع جبهة الإصابة بأمراض جديدة لم تكن 
شعوب هذه المناطق قد تمكنت من بناء مناعة طبيعية ضدها بعد. 


عد عن كن عق 


علم الأوبئة العربى فى اوربا 


كما بينا من قبل فالعتوان الأساسى لهذا الكتاب هو الأويئة والتاريخ» ويذلك كان 
أحد الأهداف الأساسية للكتاب هو دراسة نمط الاستجابة للأويئة فى المجتمعات 
الأوربية التى أخذت بأساليب العلم الحديث: وفى المجتمعات القديمة (الهند والصين 
ومصر).ء لسبعة من الأوبئة التى حصدت أرواح الملايين من البشر على مدى تاريخ 
امتد لستة قرون. فالجدرى والإنفلونزا والحصبة والتيقوس وال ملاريا والجذام والكوليرا 
والطاعون الدملى كانت كلها أويئة موجودة بالهند والصين منذ عهود بعيدة؛ ولكن 
نتيجة لحركة انتقال البشر السلمية (حركة التجار والتجارة) أو العدوانية مثل الغزو 
الاستعمارى لإفريقيا والأمريكتين» أى حركة الانتقال القهرى لعبيد إفريقيا - فقد 
انتقلت الأوبئة إلى أماكن وشعوب جديدة لم تكن موجودة فيها من قبل ؛ مثل إفريقيا 
والأمريكتين وأوربا نفسهاء فشعوب جنوب وغرب أوريا عانت هى نفسها من هذه 
الأويئة. كما عانت شعوب إفريقيا وآسيا والأمريكتين. فقد هاجم الطاعون أوربا كما 
هاجم مصرء وعانت الهند من الكوليرا كمرض متوطن كما عانت إنجلترا منه كوياء, 
وعانت الصين من الجدرى الذى انتقل إلى أوربا والأمريكتين» وعانت إفريقيا جنوب 
الصحراء من مَرضى ال ملاريا والحمى الصقراء اللذين حصدا أرواح الملايين من 
الشعوب الأصلية فى الأمريكتين. فالوياء كان على الجانبين: لكن الذى اختلف هو نمط 
الاستجابة فى كلا المجتمعين المجتمعات الحديثة (أوريا بالأخص) والمجتمعات القديمة 
(الهند والصين ومصر). 

ويمكن القول هنا إن علم الأوبئة معنى بالأساس بالتعامل مع حركة انتقال 
الكائنات الحية: ويهذا فهى يتعامل مع نوعين من هذه الكائنات, أحدهما هى الكائنات 
الحية المسببة لهذه الأوبئة» وهى كائنات حية صغيرة جدا غير محسوسة وغير 
منظورة: أما الكائنات الأخرى فهى كائنات محسوسة ومنظورة تحتل حيرًا فى المكان 


23 


وهم البشر ضحايا هذه الكائنات الأولى. هذا من ناحية؛ ومن ناحية أخرى فعلم 
الأوبئة يتعامل مع حركة هذه الكائنات الحية بنوعيها من حيث هى أعداد كبيرة, 
فأعدادها لا نهائية فى حالة مسببات الأمراضء أو هى الحشود أو الجمهور أو القبائل 
أى الشعوب فى حالة الكائنات البشرية. 

وفى معرض نمط الاستجابة للأويئة فى كل من المجتمعات الأوربية الحديثة 
والقديمة» فقد طورت المجتمعات الأوربية مجموعة من النظم والمؤسسات والإجراءات 
للتعامل مع هذه الكائنات الحية بنوعيهاء اختلفت تمامًا عن مثيلتها فى المجتمعات 
القديمة. فبعد كارثة الطاعون الأولى فى أوربا عام 417؟17١م,‏ وفى خلال مائة عام طبقت 
إجراءات وقائية للحد من انتشار الطاعونء وبحلول عام ١46٠‏ م طبقت مدن الشمال 
الإيطالى الحجر الصحى بإجراءاته الخمسة؛ وهى : 

١‏ - تحديد انتقال البشر باستخدام الحجر الصحى. ؟ - دفن إجبارى للموتى 
بالطاعون فى حفر خاصة وتغطيتها بالجير الحى والتخلص من متعلقاتهم الشخصية. 
" - عزل المرضى بالطاعون فى مستشفيات الأمراض المعدية. ؛ - قرض ضرائب من 
قبل الوحدات المحلية لتقديم خدمات صحية. ه - تقديم المعونة لهؤلاء الذين تضررت 
حياتهم من الوياء . 

والسؤال الذى يجب طرحه هنا هو: لماذا طبقت فى الشمال الإيطالى إجراءات 
الحجر الصحى ضد الطاعون منذ عام .١156٠‏ والتى تبعتها الدول الأوربية الأخرى 
يعد ذلك قبل اكتشاف روريرت كوخ الميكروبات المسببة للأمراض بأكثر من أربعة 
قرون؟ ولماذا أنشأت المدن الإيطالية أبنية مخصصة للأمراض المعدية, حيث أقيمت أول 
ينائية من هذا النوع فى جنوا بعد طاعون 1١455‏ ١١16م‏ ء ثم لماذا أمر برنارد 
فيسكونتى حاكم ميلانى بعزل إحدى المدن المصابة بالطاعون عام 715١م‏ بالكامل مع 
العلم أن الأطباء فى هذا الوقت كانوا يجهلون طريقة انتقال الوياء؟. وعلى الجانب 
الآخرء لماذا لم تنتشر فى العالم الإسلامى إجراءات الحجر الصحى ضد الطاعون مع 
معرفة الطب العربى بالنظرية العامة للعدوى؛ ويأن الأمراض المعدية تنتقل من شخص 
إلى آخر؟ ولماذا لم تنشأ فى العالم الإسلامى منذ القرن الرابع عشر معازل خاصة 


24 


لمرضى الجذام مثل تلك التى أقامها الأوربيون وتركهم يعيشون بطريقة عادية بين 
الأصحاء على الرغم من تعريف أبى بكر الرازى 849 - 80 م فى كتابه "الحاوى” 
الجذام بصورة تفصيلية وذكره أنه من الأمراض المعدية؟ 

لتفسير هذه الإجراءات الصحية: التى بدأت فى مدن الشمال الإيطالى. هناك 
عاملان: يتعلق أولهما بالوضع التاريخى لنظام المدنية - الدولة فى شمال إيطالياء 
ويتعلق الآخر بالجانب الفكرى والثقافى الذى أدى إلى ظهور هذه الاستجاية. 
ويخصوص العامل الأول فإن نظام المدينة - الدولة ذا الصبفة التجارية - الذى نشأ 
فى الشمال الإيطالى؛ شأنه شان المدن الأخرى التى ظهرت إبان العصور الوسطى 
الإقطاعية - اعتمد بالأساس على قوة الإدارة المحلية والبلدية بجانب السلطة 
السياسية لأمراء الأسر الحاكمة. هذه المدن كان لها استقلالها الذاتى» فقد كانت لها 
سلطتها القضائية ولها عملتها وجيشها وعلمها الخاصء وفى هذه الحالة » فظهور 
أويئة مثل الطاعون كان يهدد التوازن السكانى لهذه المدن , التى أوكل إليها مراقبة 
هذه الأوبئة ووضع القوانين وسن التشريعات للحد من انتشارها!'). 

لكن يبقى السؤالء لماذا ظهر فى هذه المجتمعات نظام الحجر الصحى بإجراءاته 
الخمسة لمقاومة الطاعونء: دون معرفة القائمين على هذه المجالس الصحية بالنظرية 
العامة للعدوى؛ ودون معرفقة الأطباء البكتريا المسيبة للطاعون ( اكتشفت فى عام 
4) ودون معرفة العلاقة بين مرض الإنسان والبراغيث والفئران فى نقل العدوى؟ 
وهى ما ينقلنا إلى الجوانب الفكرية والثقافية التى ساقها المؤلف لتبرير هذا الاتتقال 
المفاجئ فى التعامل مع هذا الوباء الخطير بهذه الصورة الثورية من ناحية الفكر 
الطبى دون مقدمات منطقية» والذى وضعه تحت عنوان “اختراع مقاومة المرض”. 


)١(‏ .لام لإمقعنها! .لزاه عتصقاذا عطا مل) بزأأت عتمهاذا عط أه موتات أ أومم0 ع1(5 5.١‏ .دعاك 
(1970 0ها0 .2.32 رعزأوقه مابم8 .آا.5 ماد 8 


ويذكر المؤلف أن السبب فى هذا الابتكار فى التعامل مع وياء الطاعون كان 
سقوط القسطنطينية أمام جيوش السلطان العثمانى محمد الفاتح عام 505١م,‏ 
وهجرة العديد من المفكرين والعلماء إلى المدن الإيطالية, وهى ما أدى إلى ظهور 
ما أطلق عليه المؤلف حركة "الإحيائية". وترى هذه الحركة الفكرية أن المجتمع مماثل 
فى تنظيمه للكائن الحىء فهناك الطبقة الحاكمة على رأس الهرم الاجتماعى» التى تملك 
هيمنة أبوية على الطبقات الأدنى» العمال والفلاحين, وفى المقابل فإن هذه الطبقات 
الأدنى مدينة بالطاعة لحكامها. وهى ما أدى - حسب رأى المؤلف - إلى اعتبار 
الصحة العامة شأنًا عاما من قبل النخب الحاكمة؛ وهو ما برر التدخل فى حياة الناس 
العاديين» وهم الأكثرية الذين يعيشون فى بيئة ينتشر فيها الطاعون» وكان فرض 
إجراءات الحجر الصحى من قبل النخب الحاكمة والمجالس الصحية على الأكثرية من 
الطبقات الدنيا معناه فرض إجراءات صحية جديدة كانت تتعارض مع الأعراف 
والتقاليد والثقافة الشعبية لدى هذه الأغلبية, ونتيجة لهذا أطلق البعض على هذه 
الإجراءات القهرية "مشروع التحكم والتدخل الاجتماعى". وهو المشروع الذى عزاه 
المؤلف إلى نشأة فكرة النظام. 

هذه العلاقة التى أنشأها المؤلف بين سقوط القسطنطينية وظهور "الإحيائية" 
وفكرة النظام” ومن ثم إلى ابتكار 'إجراءات الحجر الصحئ' بهذه الطريقة الفجائية 
لا تصمد طويلاً أمام عدة حقائق؛ أولها تنظيم المجتمع بهذه الطريقة الهرمية. حيث إن 
خضوع الطبقات الدنيا للطبقات الحاكمة كان وضعًا موجودًا بالفعل قبل سقوط 
القسطنطينية فى كل أوريا الإقطاعية. 

ثانيًا : يذكر المؤلف أنه بحلول عام ٠45١م‏ طبقت المدن الإيطالية مثل فلورنسا 
وميلانى إجراءات الحجر الصحى؛ أى قبل سقوط القسطنطينية بثلاث سنوات؛ كما أن 
عزل المدن المصابة بالطاعون تم عام 774١م‏ ؛ أى قبل سقوط القسطنطينية بستة 


وستيغى عام . 


26 


ثالفًا : إذا صح وكانت هجرة العلماء والمفكرين البيزنطيين» التى حدثت منذ 
القرن الرابع عشر هى المسئولة عن ظهور هذه الابتكارات فى مقاومة الأويئة - فإن 
المؤلف يهمل عن عمد ثلاثة مؤثرات أخرى كان لها دور مهم فى نشأة أساليب التعامل 
مع الأوبئة وتطورها فى المجتعات الأوربية قبل عصر النهضة . فلم تكن بيزنطة عند 
سقوط القسطنطينية فى أحسن أوضاعها السياسية والاقتصادية: ولم يكن معروفًا 
عن مدينة القسطنطينية أنها مركز من مراكز العلم أى الطب فى هذه الفترة يضاهى 
القاهرة أو بغداد أى دمشق أو مراغة أو قرطية أو طليطلة. 

شكل فتح العرب للأندلس عام 97 ه//١‏ الام نشأة ثقافة أدبية رفيعة, ونهضة 
علمية وأفكارًا فلسفية كبرى كانت مراكزها فى قرطبة وغرناطة وإشبيلية وطليطلة 
ومرسية .. وقد استمرت هذه النهضة حتى بعد سقوط غرناطة إحدى هذه المعاقل 
الحضارية عام 1497١م.‏ فقد استمرت تلك المراكز العلمية والثقافية لمدة ثمانية قرون 
مشتعلة تعطى بلا قيود كل من يرغب من الأوربيين سواء عن طريق الترجمة من اللغة 
العربية أو النقل أو حتى الزيارة والتلمذة على يد العلماء والفلاسفة والمفكرين 
الأندلسيين. كان هذا الطريق: طريق الأندلس - كما سوف نوضح بعد ذلك - هو الذى 
أتاح الانسياب البطىء والهادئ للمعارف فى العلوم إلى المناطق المختلفة من أورباء 
كما أتاح أيضًا الوقت اللازم لأن يفهم الأوربيون هذه العلوم والأفكار ويستوعبوها ثم 
يضيفوا إليها بعد ذلك على مدى ثمانية قرون. 

كان الطريق الآخر الذى وصلت منه العلوم والثقافة العربية هى طريق صقلية. 
فقبل غزوى النورمان - وهم القبائل التى جاعت من السويد والنرويج - لإنجلترا فى 
موقعة هاستتجر عام 11١٠مء‏ كانوا قد غزوا جزيرة صقلية عام ٠١٠١‏ م التى كانت 
فى أيدى العربء وأسسوا فيها مملكة ضمت جنوب إيطاليا. وقد ظهرت فى مملكة 
النورمان بصقلية وجنوب إيطاليا مراكز علمية وثقافية كبرى مثل باليرمى بصقلية 
وسالرنى على خليج نايولى. ويفضل تشجيع الملوك النورمان ضمت هذه المراكز العلمية 


27 


والثقافية علماء من العرب واللاتين والبيزنطيين عملوا معًا فى جميع فروع العلم, 
خاصة فى الطب. كان الطريق الثالث الذى أتاح للأوربيين التعرف على العلم والثقافة 
العريية هى الحروب الصليبية التى شنها الأوربيون على الدولة الإسلامية فى سبع 
حملات أمحتك دفن عام 7 - 1591م ونتيجة لهذا فقد أسس الصليبيون ممالك 
استقروا فيهالمدة طويلة من الزمنء. مثل مملكة بيت المقدس والرها وأنطاكيا 
وطرابلسء وقد أتاح هذا وسيلة مهمة لانتقال المعارف والعلوم والفنون الإسلامية 
من مراكزها القريبة؛ مثل القاهرة ودمشق ويغدادء كما أن المدن التى استولى 
عليها الصليبيون كانت هى نفسها مراكز علمية وثقافية. سواء فى العصر الإسلامى 
أى العصور السابقة. 

وعندما يذكر المؤلف أنه بحلول عام ١45٠‏ م طبقت مدن الشمال الإيطالى 
إجراءات الحجر الصحى يخطواته الخمسء دون أن يذكر وقائئع تاريخية محددة لظهور 
ما عرفه 'باختراع مقاومة الطاعون - فإن معنى هذا أن تلك الإجراءات قد ظهرت 
فجأة دون مقدمات, خاصة بعد ما ظهر من تهافت تلك العلاقة التى أنشأها المؤلف بين 
سقوط القسطنطينية وتطبيق تلك الإجراءات. 


إن الحقائق التى لم يتعرض لها المؤلف وتعكس المسكوت عنه. هى أن النظرية 
العامة للعدوى وإجراءات الحجر الصحى وكيفية التعامل مع الأمراض المعدية هى من 
إنجازات الطب العربى؛ التى عرفتها أوربا عن طريق اتصالها بالمراكز العلمية والثقافة 
العربية عن طريق الطرق الثلاثة التى ذكرناها. هذه الحقائق أصبح معترفًا بها من قبل 
العديد من مؤرخى الطب المنصفين من الأوربيين. وفى هذا السياق يمكن أن نذكر هنا 
اثنين من مؤلفى علم الطب العربى؛ وهما أبو بكر بن زكريا الرازى (849 -20هم) 
الذى ولد بالرى بالقرب من أصفهان .» وابن سينا ( 940 -77١٠م‏ ) الذى ولد 
ببخارى. ألف الرازى كتابه 'الحاوى' فى جميع فروع الطب والذى ظهر فى ثلاثة 
وعشرين جزءًا. أحد الشواهد على تأثير الرازى فى أوربا نجدها فى إعادة طبع 
أعماله المترجمة حوالى أريعين مرة فيما بين عام ١594‏ وعام 1817. هذا المؤلف 


28 


يحتوى على أجزاء خصصها الرازى للأمراض المعدية مثل الجرب والسل والجذام: 
وللرازى كتاب منفصل فى صورة رسالة عن "الحصبة والجدرى". الذى توالت طباعته 
أيضا مرات عديدة حتى القرن التاسع عشرء 'وفى مستشفاه التى أسسها على مبادئ 
التجربة» قسم مرضاه إلى مجموعتين لتجنب انتشارالمرض. وقد مكن ذلك من إنشاء 
الحجر الصحى الذى اعتنقه الغرب يشغف('). أما كتاب “القانون" لاين سيناء فيعد 
موسوعة لكافة فروع الطب بأجزائه الخمسة؛. حيث يحتوى على فصول عن الحميات. 
هذه المؤلفات تداولها الأطباء العرب والمسلمون فى كافة أرجاء العالم الإسلامى ومنها 
الأندلس. هذا وقد كان كتابا "الحاو" للرازى و "القانون” لاين سينا ضمن مقررات 
الدراسات الطبية فى أوربا حتى القرن التاسع عشر. 

ضمت مدن الأندلس العديد من الأطباء الملتخصصين فى فروع الطبء منهم على 
سبيل المثال أب القاسم الزهراوى (975 -؟١١٠م)‏ وهو أكير المتخصصين فى علم 
الجراحة, وله كتاب يعرف باسم “التصريف لمن عجز عن التأليف" ظهر فى ثلاثين جزءًا 
فى الجراحة بأقسامها المختلفة. وهناك أيضًا مروان بن زهر ١١150 - ١١50(‏ م) 
والذى تتميز تآليفه بعقلية نقدية لآراء جالينوس وابن سينا. وقد ألف فى الطب أيضا 
الفيلسوف والفقيه أبى الوليد ابن رشد (7؟١١‏ - ١158‏ م). بجانب هؤلاء كان ابن 
الخطيب ١5١7(‏ - 171794 م) رجل الدولة الأندلسى والمؤرخ والطبيب الذى ولد 
بغرناطة وتوفى بمدينة فاس. ولابن الخطيب الأندلسى أهمية خاصة بالنسبة إلى 
السياق الذى نتكلم عنه, وهو الأمراض المعدية والويائية. 'فقد استخدم اين الخطيب 
مفهوم الوياء نتيجة للعدوى, وهو المفهوم الذى كان غالبًا عن الكتابات الطبية الأوربية 
فى العصور الوسطىء حيث أتيحت له فرص عديدة لمتابعة أمراض مثل الجدرى 
والكوليرا والطاعون"7). “وقد ترك لنا اين الخطيب وصفًا دقيقًا للطاعون الكبير الذى 


)١(‏ جون هوبسون : الجذور الشرقية للحضارة العربية ص 5١7‏ - دار الشروق - القاهرة 5١٠؟‏ م. 
(؟) هوارد تيرنر : العلوم عند المسلمين ص .١77”‏ المجلس الأعلى للثقافة القاهرة 14١٠٠ام.‏ 


29 


حدث عام 1١144‏ فى أوربا(). فقد كان ابن الخطيب معاصرً لهذا الطاعون, ورغم أنه 
كان شاهدا على هذا الطاعون واصفًا له. فإن المؤلف لم يتعرض لهذا الوصف 
المهم فى سياق الفصل الذى خصصه للطاعون. وما يهمنا هنا هو رسالته العلمية 
المنطقية عن العدوى: وعن انتشارها بواسطة الاتصال بالمرض حسب ما يستدل من 
الفقرة التالية: 


'فإن قيل كيف نسلم بدعوى العدوى» وقد رد الشرع بنفى ذلككء قلنا : لقد ثبت 
وجود العدوى بالتجربة والاستقراء والحس والمشاهدة والأخبار المتواردة هذه فى 
مواد البرهان. ثم إنه غير خفى على من نظر فى هذا الأمر أن من يخالط المصاب بهذا 
المرض يهلك؛ ويسلم من لا يخالطه. كذلك» فإن المرض يقع فى الدار أو المحلة من ثوب 
أو آنية؛ فالقرط يتلف من علقه بأذنه ويبيد البيت بأسره. ومن البيت ينتقل امرض 
إلى المباشرين ثم إلى جيرانهم وأقاريهم وزائريهم حتى يتسع الخرق. وأما مدن 
السواحل فلا تسلم أيضمًا إن جاءها امرض عبر البحر عن طريق وافد من مدينة شاع 
عنها خبر الوياء ...."9), 

يتضح من رسالة ابن الخطيب أن العدوى تنتقل من شخص إلى آخر عند 
مخالطة الشخص السليم للشخص المريض. كما أن العدوى تنتقل عن طريق المتعلقات 
الشخصية للمريض مثل الحلق أو القرط فى الأذنء أى ثوب المريض وملايسه:؛ أو 
الأوانى التى يأكل ويشرب فيها. ليس هذا فحسب. بل إن ابن الخطيب يضع أسس 
علم الأوبئة الحديث عندما يقول إن العدوى تنتقل من المنزل الذى تقع فيه العدوى إلى 
المنازل المجاورة وإلى الأقارب والزوار حتى يعم الوياء الحى أو المنطقة بأسرها. 
ويذكر ابن الخطيب فى هذه الرسالة المبتكرة كيف تنتقل العدوى بين المدن الساحلية 
عن طريق السفن. 


.؟٠١.5‎ - جان شارل سورنيا : تاريخ الطب ص 14. عالم المعرفة - الكويت‎ )١( 
.١557 (؟) زيفريد هونكه : شمس العرب تسطع على الغرب ص 57 دار الجيل بيروت‎ 


30 


ويذلك فالشخص المريض يعدى, كما أن متعلقاته وملايسه تعد مصدرًا للعدوى, 
كذلك فإن العدوى تنتقل من منزل إلى آخر؛ ومن منطقة إلى أخرىء ومن بلد مويوء 
إلى بلد آخر. إن أخذ هذا فى الحسبان يعنى أن مقاومة الأمراض المعدية تستلزم عدة 
إجراءات للحد من انتشار المرض وهىء أولاً: عزل المريض وعدم زيارته. ثانيًا : عزل 
المنطقة المصابة. ثالفًا : رقابة السفن القادمة من البلاد المصابة» وهى نفسها إجراءات 
الحجر الصحى التى طبقتها المدن الإيطالية عام ١46٠‏ م. 

وفى هذا السياق فقد كتب وزير آخر فى قصر غرناطة؛ وهى الطبيب العربى 
ابن الخطمية إن نتائج تجاربى الطويلة تشير إلى, أن من خالط أحد المصابين 
بمرض سارء أو لبس من ثيابه ابتلى مباشرة بالداء. ووقع فريسة عوارضه نفسهاء 
وإذا بصق العليل الأول دما بصق الثانى أيضًا ... وإذا كان للأول دمل صار للثانى 
أيضًا('). إن ما ذكره ابن الخطيب فى انتقال العدوى يردده ابن الخطمية الذى 
يضيف فى ذلك أن إفرازات المريض ومنها البصاق يمكن أن يعدى الشخص السليم, 
وهى ما يعنى أن 'نظرية العدوى' كانت نظرية معروفة ومتداولة بين الأطباء» والغريب 
فى الأمر أن المؤلف عندما يشير إلى ابن الخطمية فى الفصل المخصص للكوليراء فإنه 
ينتقى ذلك الجزء الذى يشير فيه ابن الخطمية إلى وباء الكوليرا على أنه مثال على 
القدرة الإلهية؛ وأن الله وحده يعلم متى سينتهى هذا الوباء . ولا يشير إلى الجزء 
العلمى من رسالة ابن الخطمية, الذى يؤكد معرفة الأطباء العرب بعلم الأويئة» وهى 
الموقف نفسه من ابن الخطيب حيث لم يتعرض المؤلف من قريب أو بعيد لرسالته 
العلمية المنطقية, وفضل بدلاً من ذلك أن يتعرض لرحلته من إفريقيا إلى الأندلس والتى 
يصف فيها سلوك البدو فى الصحراء. 


31 


يتضح مما سبق أن الأطباء العرب منذ القرن العاشر الميلادى كانوا على دراية 
تامة بالأمراض المعدية والويائيات. وطرق مقاومتها مثل الحجر الصحى وعزل المرضى 
فى المستشفيات. حدث هذا قبل سقوط القسطنطينية بأربعة قرون ونصف » وهى فترة 
العصر الذهبى للعلم العربي, التى تفادى المؤلف أن يتعرض لها. 
ويتضح أيضًا أن فكرة الحجر الصحى كان مصدرها الأساسى هو الطب 
العربى الذى كانت له مراكزه فى الشرق مثل بخارى ويفداد ودمشق والقاهرة. كما 
كانت له مراكزه فى الغرب فى القارة الأوربية نفسها وفى مدن الأندلس الإسلامية. 
وقد انتقلت تلك الأفكار الطبية والممارسات العلمية عن طريق العلاقات التجارية 
والزيارات العلمية ومركز الترجمة:؛ وكذلك عن طريق الحروب حيث سقطت مدن 
إسلامية فى يد الجيوش المسيحية. فقد أصبحت مدينة طليطلة - وهى تعد من أكبر 
المراكز العلمية والثقاية فى شمال الأندلس - ضمن مملكتى أرجون وقتشالة بعد 
موقعة لاس نافاس دى توالوز عام 7١17١م.‏ هذه المدينة التى كانت تضم كتوز القكر 
والعلم والثقافة والعمارة الإسلامية أصبحت فى متناول الفاتحين الجدد. وقد اجتذبت 
طليطلة وغيرها من المدن التى سقطت تباعًا فى يد مملكتى أرجون وقشتالة - التجار 
والزوار والرفبان المسيحيين والقساوسة من كل بلدان أورياء لذلك 'فإن الرهبان 
القادمين من اسكتلندا ومن دالمس من ألماتيا أو من فرنسا قضوا الجزء الأكبر من 
حياتهم فى طليطلة وليس فى إيطاليا17). 

وعلى الجانب الآخر من البحر المتوسط استقدم الملوك النورمان ووظفوا العلماء 
والأطباء المسلمين. فالمدارس الطبية الأولى ولدت على شواطئ البحر المتوسط فى 
باليرمى وسالرنىء وقد كثف هذا التبادل على مدار ما يقرب من أربعمائة سنة "ففى 
سالرنى قدم علماء من كل أوربا اللسيحية. ومن يهود إسبانيا ومن المسلمين 
للتدريس يسالرنى. وعلى مدى عدة قرون تحت حكم اللومبارد والتورمان والألمان 


. 16 جان شارل سورنيا : مرجع سابق ص‎ )١( 


أصبح جنوب إيطاليا وصقلية بوتقة لانتقال المعارف وانتقال طرق العلم ومناهجه التى 
أبدعها العلماء العرب» هذا بجانب قرطبة وإشبيلية وطليطلة!'). وقد كان قسطنطين 
الإفريقى وهى من تونس )٠١417- ٠١١6(‏ وعاش فى سارنوء أكير مترجم للطب 
العربى إلى اللغة اللاتينية. 


الجذور الإسلامية لعلم الأويئة العربى 


فى سياق الأفكار التى ساقها المؤلف التى كانت وراء ما سماه اختراع أوريا 
لإجراءات مقاومة الطاعون. تعرض المؤلف لفكرتين أساسيتين كان استيعادهما وراء 
هذا الاختراع. ورغم أن المؤلف لم يتوسع فى شرع فاتين الفكرتين. وفضل أن 
يمسهما مسا خفيفًاء ورغم أنه لم يتعرض لرموزهما ولا إلى المدافعين عنهما - فإنه 
يمكننا استنتاج أنه يناقش تأثير هاتين الفكرتينء فى تلك الفترة التاريخية بين 
الطاعون الذى ضرب أوربا عام !841 ؟1١م,‏ وظهور أول إجراءات المقاومة فى مدن 
الشمال الإيطالى منذ عام ١714‏ م. فكأن ظهور ما يناقض تلك الأفكار عميقة الجذور 
فى الثقافة الأوربية استغرق فقط سبعة وعشرين عامًاء وهذا غير معقول. هذا من 
ناحية» ومن ناحية أخرى فإن المؤلف لم يعرفنا أيضا بماهية هذه الأفكار الجديدة التى 
أزاحت الفكرتين القديمتينء إلا من خلال أقوال وعبارات غير محددة مأخوذة ضمن 
سياقات مختلفة؛ وهى بالكاد تشى بها دون أن تتبئنا بجذورها وأصولها. 

ويمكن القول إن الفكرتين الأساسيتين اللتين كانت عائقًا - من وجهة نظر المؤلف 
- أمام نشأة الفكر الطبى الجديدء الذى أدى فى النهاية إلى تلك الثورة فى مجال 
مقاومة الأوبئة خلال 1 سنة فقطء مع إنكاره سواء بقصد أو بدون قصد إنجازات 


.39 نقس المرجّع ص‎ )١( 


33 


العلم العربى فى مجال علم الأويئة, حيث تفادى المؤلف أن يكون عنوان الكتاب هى : 
علم الأويئة والتاريخ /إ41510! 304 لزوه1060151م والذى يقيده دون شك بالتطور 
التاريخى لمقاومة الأوبئة وتطور الأفكار الطبية المصاحبة لهاء وفضل بدلاً عن ذلك أن 
يكون العنوان : الأويئة والتارمخ ':ه]5أ4! 200 1060165أم© حتى يكون مطلق اليدين فى 
اختيار ما يريده من حوادث دون الالتزام بالترتيب الزمنى أو التاريخى للأفكار التى 
ظهرت فى مجال علم الأويئة نفسه. ويمكن القول إن هاتين الفكرتين تتعلقان بالإرث 
الأفلاطونى - الإفلوطينى, أى التراث الهيلينى - الهيلينستى الذى اندمج مع اليهودية 
فى عقائد الدين المسيحى, والذى شكل الفكر الرسمىء أى العقائد وكذلك الممارسات 
للكنيسة الكاثوليكية فى روما. 

وتمثل الأفلاطونية نموذجًا معرفيًا يقوم بالأساس على الحط من قيمة الملاحظة 
والتجربة والخيرة الحسية؛ لصالح الإعلاء من قيمة العقل والأفكار المجردة» وتمثل 
الأفلوطينية مفهوما للوجود لاوه06101 يقوم بالأساس على تدرج مراتب الموجودات 
هبوطًا إلى العالم المادى: حيث الإنسان أسمى مخلوقات هذا العالم, أما الحيوانات 
بأنواعها فهى مخظوقات حقيرة دنسة وفى مرتبة دنيا بالنسبة إلى الإنسان. 

ويرى أفلاطون 85”٠0(‏ - 581 ق.م ) أن تنظيم المدينة - الدولة يجب أن يكون 
على غرار تنظيم الأجزاء الثلاثة التى تكون الإنسانء ففى كل إنسان هناك الرأس 
الذى يحتوى على العقل والقدرة على التفكير ثم الصدر وهو نالجزء الأوسط الذى 
يمثل القوة الغضبية, ثم هناك الجزء الأسفل الذى يمثل القوى الغريزية. وعلى هذا 
المشال يجىء تنظيم المجتمع فهناك طبقة الحكام الذين يمثلون الحكومة؛ وطبقة 
الحراسء أى الجنود الذى يدافعون عن الدولة, ثم هناك الطبقة العاملة من التجار 
والصناع والزراع الذين يقومون بدور المنتج للدولة. 

هذا الترتيب الهرمى معناه أن يحكم من هى أعلى (طبقة الحكام) من هو أدنى 
(الطبقة المنتجة)؛ وهى يماثل ما يوجد فى الإنسان حيث يتحكم العقل وهو أرقى القوى 
بالنسبة إلى القوتين الأخيرتين وهما القوة الغضبية والقوة الفريزية. فالعقل والفكر 


34 


هما الفضيلة الكبرى لدى الإنسان وفى الدولة. أما العمل وما ينتج من خلال الجهد 
العضلى فهو من الأشياء الدنيا . وطبقًا لهذا يذكر أفلاطون " إن هناك ثلاثة فنون فيما 
يتعلق بأى شىء : فن استخدامه: وفن صنعه؛ وفن محاكاته7١).‏ أى أن هناك من 
يستخدم الكرسىء وهناك من يقوم برسم الكرسىء أى محاكاته وهو الفنان» وهناك 
من يقوم بصنع الكرسى وهو النجارء ويذكر أفلاطون 'فلابد إذن أن يكون من 
يستخدم الأشياء هى أكثر الناس خبرة بها"9). 

يرى أفلاطون أن صاحب المعرفة العلمية الحقة عن الشىء» ليس الرجل الذى 
يصنعها ٠‏ بل هى الذى يستعمله؛ وهو وحده صاحب العلم الصحيح والذى يجب أن 
يعطى علمه للصانع الذى يحصل بذلك على الفكرة السليمة: ورغم أن هذا الرأى 
يعكس الوضع السياسى والاجتماعى للمدينة - الدولة اليونانية وهى المجتمع القائم 
على ملكية العبيد». حيث لم يكن يسمح للعبد؛ وهى الذى يصنع الأشياء , أن يكون 
أعلى علمًا من السيد الذى يستعمل هذه الأشياء فإنه يعبر عن موقف معرفى قوامه 
الإعلاء من قيمة العقل والأفكار المجردة على حساب الخبرة العملية القائمة على 
المحسوسات. وهو موقف فكرى ساد الحضارة اليونانية بأسرها. 


وتمثل أفكار أفلوطين والذى ولد بمدينة ليقويوليس (يقرب الواسطى بصعيد 
مصر) عام ١0١٠م‏ رؤية للوجود تعتمد على تسلسل مراتب الوجود هبوطًا من المبدأ 
الأول: الذى بسميه أفلوطين الواحد أو المبد الأول. ومن هذا الواحد تفيض كل المراتب 
الأخرى للموجودات؛ ولأفلوطين تشبيهات فى هذا المجال لتقريب فكرة علاقة هذا 
الواحد بما يليه من الموجودات؛ أشهرها تشبيهه بفيض النور من منبعه وفيض الماء 
من ينبوع . فكل موجود يوجد فى المبدأ الأول عليه ويفيض عنه الذى يليه؛ دون أن 


)١(‏ أفلاطون : الجمهورية. ترجمة د. فواد زكريا ص 519 المؤسسة المصرية العامة للتاليف والنشرء القاهرة. 
(؟) نفس المرجع .ص 519. 


يعنى ذلك وجود علاقة مكانية بينهما('). وحسب هذا الترتيب يفيض عن الواحد العقل 
ثم النفس ثم المادة» وهى آخر سلسلة الموجودات وأدناها. هذه المادة تتصف بصفة 
الاضطراب وهى مصدر الشرور وهى الأصل الذى تتكون منه الأشياء فى هذا العالم. 
فى عالم المادة, أى العالم المحسوس وعالم الظواهرء يلاحظ ترتيب من نوع آخر حيث 
يوجد فى أعلاه الإنسان تاليا فى الترتيب للملائكة» ثم سائر المخلوقات كالحيوانات 
التى تندرج وصولاً إلى الزواحف والقوارض والحشرات والهوام؛ ثم عالم الجماد 
كالبحار والأتهار. وهنا نلاحظ أن أدنى المخلوقات قى العالم المادى مثل الفئران 
والزواحف تتصف بصفة النجاسة والقذارة والاتحطاط. 

يتضح مما سبق أن أفكار كل من أفلاطون وأفلوطين (الأفلاطونية المحدثة) تقوم 
على الترتيب الهرمى. ففى الأفلاطونية هناك ترتيب حسب درجة المعرفة قوامه العقل 
فى الدرجة الأولى وفى أدناه الخبرة الحسية والتجربة» وفى الأفلوطينية هناك ترتيب 
قوامه مراتب الوجود حيث الإنسان أسمى المخلوقات, وفى أدناه عالم الحيوانات وعالم 
الجماد, هاتان الفكرتان اللتان اختلطتا بعقائد الكنيسة الكاثولكية كانتا من أهم 
العقبات أمام إدراك المنهج الجديد فى مجال الأوبئة ومقاومتها كما يذكر المؤلف. فما 
هى هذه المناهج والرؤى الجديدة التى اصطدمت بهذه الأفكار القديمة فى تلك القترة, 
أى الفترة بين ظهور الطاعون الأول عام 741١م‏ » واختراع ما يدعيه المؤلف بإجراءات 
مقاومة الطاعون الذى ظهر فى مدن الشمال الإيطالى منذ عام ١774‏ م؟ إن الذى 
ظهر قى تلك الفترة وأثار عاصفة كبيرة من ردود الأقعال من جانب المدافعين عن 
الفكر القديم القائم على أفكار أفلاطون وأفلوطين - هو العلم العريى والطب العريى 
ومنهجه التجريبى. والحقيقة أن المنهج التجريبى فى حد ذاته لم يكن هو الذى أثار 
هذه العاصفة الشديدة من ردود الأفعال فى المجتمعات المسيحية فى أورباء ولكن 


)١(‏ أفلوطين : التساعية الرابعة لأفلوطين. ترجمة د. فؤاد زكريدا. المؤفسسة المصرية العامة للتأليف والنشر. 
القاهرة, ٠ا5١ا.‏ 


36 


الأسس الفكرية والأصول الدينية التى أدت بالعلماء العرب إلى ابتكار هذا المنهج هو 
ما أثار ردود الفعل هذه. 


إذن المنهج التجريبىء القائم على التجربة والملاحظة وتطبيقاته فى كافة العلوم 
ومنها علم الطبء كان هو المنهج الجديد الذى تبناه الأطباء ورجال الفكر الأوربيون 
وأحدث انقساما حادًا بين أتباع المنهج القديم بفكرتيه السابقتين من جهة؛ والتجريبيين 
أصحاب المنهج الجديد من جهة أخرىء وهو ما أشار إليه المؤلف فى "تحامل الطبقة 
المتعلمة ضد الملاحظة التجريبية": ص 8/, ويذكر فى هذا السياق أن اعتبار 
الفئران من المخلوقات النجسة غير الجديرة بالإهتمام - حسب رأى أفلوطين - جعل 
من المستحيل على الأطباء الأوربيين من أتباع الفكر الطبى القديم لجالينوس إدراك 
وجود أى علاقة بين الإنسان والفئران وبين الطاعون والفئران. وهى ما ذكره المؤلف 
بقوله " إن هذا النوع من السلوك بواسطة الفئران كان يعتبر كفعل غير ظاهر ٠‏ غير 
مرتبط بالطاعون' ص8/. 

أدى انتشار المنهج التجريبى الجديد إلى ظهور فئة جديدة من العاملين بالطب» 
الذين أصبحوا أكثر عددًا وهم التجريبيون» كما أطلق عليهم فى هذه الفقرة» والذين 
حصلوا على مهاراتهم فى الشفاء من خلال المحاولة والخطأ - وهؤلاء اعتبروا فى 
منزلة أدنى من الأطباء الذين تعلموا الطب القديم حسب تعاليم جالينوس. هذه النظرة 
لهذه الفئة الجديدة ظهرت خلال هذا الهجاء الحاد من قيل أحد الأطباء المدافعين عن 
الفكر الطبى القديم أثناء طاعون لندن: الذى ظهر بين 1717-17-37 م؛ حيث أوضح 
أن التجريييين يستقون معارفهم من الطبيعة المجردة والمنظورة: والإهمال هو 
أهم ما يميزهم ويجعلهم مختلفين عن الأطباء الحقيقيين : ص5؟ ". أكثر من هذا 
فقد عبر الكاردينال جاستدالى عن هذه العلاقة المتوترة بين الفئتين. خلال طاعون 
1100-61 الذى ظهر فى روماء حيث كتب بحرارة عن فشل الأطباء من ذوى 
الفكر الطبى القديم فى علاج الطاعون ورأى أن : التجرية العملية تظهر أن العلاج 
المستعمل بواسطة الأطباء المتخصصين غير نافع وفى بعض الأحيان مؤذ: ص 80" 


37 


وهى الحقيقة التى رددها المؤلف , حين يرى أنه: "من غير المؤكد أن المتعلمين فى 
الجامعات من الأطباء على نمط طب جالينوس قبل روبرت كوخ - قد ساهموا بدرجة 
كبيرة فى التحكم فى الطاعون : ص 50". 

ويذكر ابن الخطيب فى رسالته المنطقية عن العدوى: 'لقد ثبت وجود العدوى 
بالتجربة والاستقراء والحس والمشاهدة” وهى قواعد البرهان عنده. فالاعتماد على 
التجربة كان المنهج الذى اتبعه ابن الخطمية فى البرهنة على وجود العدوى فى قوله 
"إن نتائج تجاربى الطويلة تشير إلى أن من خالط أحد المصابين .... المنهج التجريبى 
اهنا اهوبا اعتمد طبه الرارى فى تلاق حية ومع مرضناة إلى مومتة 
لتجنب انتشار المرض. 

يتضح إذنء أن المنهج الجديد الذى انتقل إلى أوربا كان المنهج التجريبى الذى 
تبناه الأطباء الأوربيون؛ والذى أثار ضدهم الأطباء الذين يعملون حسب قواعد طب 
جالينوس القديم» التى ترى أن المرض يحدث إما نتيجة للهواء الفاسد أو الأبخرة 
العفنة (المياسما) أو نتيجة لحركة النجوم فى السماء. "إن السؤال عمن أنشأ الأسلوب 
التجريبى ... لهو جزء من سوء الفهم الهائل (من جانب مركزية أوربا) لأاصول 
الحضارة الأوربية» فقد كان أسلوب التجريب العربى فى وقت روجر بيكون (154١؟١‏ - 
4) منتشرًا ومؤتيًا ثماره فى جميع أرجاء أوربا.!('). ' ولم يكن العلم العربى 
التجريبى بمثابة الشرارة الأولى لنمو أوربا وازدهارهاء وإنما تجاوز ذلك فى قوة 
تأثيره فيها والأخذ بيدها لقد كان هذا العلم بمثابة الوقود الفائق الأثر الذى قدمه 
العرب بعد عام ١٠6١م‏ أى منذ منتصف القرن الثانى عشرء على شكل موجات 
متتالية من الرياح القادمة مع طلاب العلم العائدين من دراستهم بالجامعات العربية, 
أ من خلال الترجمات الوافدة من مدن طليطلة وسالرنى وياليرمو بصقلية, وعبر 


368 


حنوقل الممي وفرشان الخروي الضليبية العاتدين من الأراسن المقنسة, الذين 
أحضروا معهم كل المدهشات التى أنجزتها تلك الحضارة الغالية والفائقة والمرتكزة 
على عناصر التحضرء وعلى مهارات بارعة وخلاقة ومعارف عميقة7(١).‏ 

يبدو من رسالة ابن الخطيب العلمية والمنطقية» ومن تأليف كل من ابن الخطمية 
والرازى أن الطب العربى كان هو المبتكر الرئيسى للنظرية العامة للعدوى؛ ولعلم 
الأوبئة بمعناه الحديث؛ فهم الذين وضعوا أصوله ومبادئه؛ ويتضح أيضًا أن الطب 
العربى هو الذى وضع قواعد مقاومة الأمراض الوبائية واخترع الحجر الصحى؛ وفى 
المفاهيم التى انتقلت إلى مدن الشمال الإيطالى؛ وهى حقيقة جلية تذكرها المراجع 
وتؤكدها الكتابات المنصفة؛ " ففى عام 747١م,‏ ويعد انتشار وياء الطاعون للمرة 
الثانية فى هذا القرن نشر شاليه دى فيناريو. وهى أستاذ بجامعة مونبيليه. الذى كان 
المثل اللاقط لكل معارف الأندلس - كتابًا عن الطاعون قال فيه بانتشار الوياء عن 
طريق العدوى فقطء ونفى التأثير الذى زعموه للنجوم وغيرها ...9). انتقل مفهوم 
العدوى إذن» إلى الأطباء فى الجامعات الأوربية» وهو ما شكل الأجيال الجديدة من 
الأطباء الأوربيين التى وثقت فى منهج الطب العربى, وقد ذكر المؤلف جانبًا من الفكر 
الجديد لهؤلاء التجريبيين واستخدامهم للملاحظة فى تفسير انتشار الوياءء ويأن هناك 
علاقة محتملة بين ازدحام الناس فى الاحتفالات الدينية وانتشار الطاعون . هؤلاء 
الأطباء الجدد من جيل التجريبيين - أى الذين استوعبوا وآمنوا بالمنهج التجريبى 
للعلم العربى - هم الذين شكلوا قوة الضغط الجديدة فى الاستشارات الطبية 
المجالس الصحية فى مدن الشمال الإيطالى؛ والتى استعانت بهم هذه المجالس لوضع 
الإجراءات لمقاومة الطاعون, وهم الذين أصبحوا يحظون بالتأييد من قبل الكاردينال 
جاستدالى الذى صب جام غضيه على الأطباء الجامعيين من أتباع طب جالينوس. 


.؟٠١ المجلس الأعلى للثقافة . القاهرة لا‎ ٠١” زيغريد هونكه : العقيدة والعلم ص‎ )١( 
زيغريد هونكه : شمس العرب تستطع على الغرب ص /ا7؟. دار الجبل ؛ بيروت.‎ )1( 


39 


لم تكتف باستشارة هؤلاء التجريبيين الجدد, بل إن هذه المجالس الصحية استعانتت 
مباشرة واستقدمت الخبراء والأطباء المسلمين لوضع إجراءات مقاومة الطاعون موضع 
التنفيذ . "عندئذ اتخذت السلطات تدابير وقائية ضد العدوى (فى طاعون عام ,)١585‏ 
خاصة المدن الإيطالية وعلى رأسها البندقية التى جمعت خبرة عظيمة من جراء 
احتكاكها بالعرب؛ واستعان المسئولون فيها بأطباء عرب قاموا بالإشراف على أعمال 
الاعتناء بالصحة والنظافة"(). 

وعندما ينسب المؤلف, وهو أستاذ للتاريخ؛ اختراع مقاومة الطاعون إلى المدن 
الإيطالية» دون أن يشير بكلمة واحدة إلى رسالة ابن الخطيب أو إلى أقوال الرازى: 
فهو يشكل علامة استفهام كبيرة» وعندما ينسب المؤلف ظهور مقاومة الطاعون فى 
مدن الشمال الإيطالى إلى هجرة المدرسين من بيزنطة نتيجة لسقوط القسطنطينية 
وإلى ظهور الإحيائية وظهور فكرة إيديولوجيا النظام؛ فهو ينكر أية علاقة بين تطبيق 
إجراءات مقاومة الطاعون والطب والعلم العربى؛ ويلفى فترة ثمانية قرون امتدت بين 
عام ١‏ الام عام فتح الأندلس وظهور إجراءات مقاومة الطاعون عام ٠56١م‏ نهلت فيها 
أوربا من ينبوع العلم والطب العربى دون حساب, وفى هذا لم يكن المؤلف منصفقًا بأية 
حال من الأحوال» رغم القول بحيادية المؤرخين. 


الأصول الفكرية لقواعد المنهج التجريبى : 


للعدوى منذ عصر الرازى من القرن العاشر الميلادى - نتيجة مباشرة لابتكار آخر 


)١(‏ نفس المرجع : ص /1/87؟, 


40 


ابن الخطيب فى رسالته المنطقية تقوم "على التجربة والاستقراء والحس والمشاهدة". 
ويذلك فإن النموذج الذى قام علية المنهج التجريبى فى العلم العربى يناقض نموذج 
العلم اليونانى الذى يقوم على العقل الخالصء والأفكار المجردة, والمثل العقلية, كما 
وضحها أفلاطون فى نظرية "المثل". كما أن تلك القواعد تتعارض من جهة أخرى مع 
ترتيب الموجودات فى هذا العالم حسب قريها أى بعدها من العقل الأول أو الواحدء 
فهناك السامى من هذه الموجودات الذى يستحق النظر والاعتبار» كما أن هناك المتدنى 
والحقير والدنس والذى لا يستحق النظر والملاحظة, كما عبر عن ذلك أقلوطين. فحسب 
قواعد المنهج الجديد فإن كل المهجودات على قدم المساواة. وتستحق كلها النظر 
والمشاهدة والاعتبار دون تمييز. فكأن المنهج التجريبى الذى ميز العلم العريى كان له 
نموذجه الخاص,ء الذى ناقض به مقولات أفلاطون - أفلوطين ونموذج العلم اليونانى 
من ناحيتين, ناحية القواعد واليرهان ونظرية المعرفة » ومن ناحية ميتافيزيقيا العلم 
ومقهوم الوجود لإوها0510 . 

والسؤال الذى يجب طرحه هناء هو : من أين جاءت أصول المنهج التجريبى 
العربى ومقوماته الفكرية؟ يمكن القول هنا إن هذا المنهج هو وليد النظرة الجديدة التى 
أتى بها القرآن والدين الإسلامى للطبيعة والأسلوب المعرفى لإدراك الإنسان لهذه 
الطبيعة. فقد ألغى القرآن هذا الانفصال الحاد بين الله والإنسان من جانبء وبين 
الإنسان والموجودات الأخرى, فالكل مخلوق لله. فكل مخلوق أو موجود له وجوده 
الأنطولوجى كدليل وعلامة على وجود الله. لذلك فكل مخلوق يستحق الملاحظة 
والاعتبار لعلاقة الكل بالخالق. فالنمل والنحل والطيور والأشجار والجيال والأنهار 
كلها من خلق الله على درجة متساوية من الاعتبار» فليس هناك ما هو أعلى فى المرتبة 
والمكانة وما هى أدنى وأقل فى المرتبة والمكانة. ومن الناحية الأخرى فالقرآن يؤكد 
حضور الله الخالق فى كل مخلوقاته . 


4 


ف( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت 69 وإلى السُماء كيف رفغت 09 وإلى 
الْجبَال كيف نصبتا 69 وإلَى الأرض كيف سطحت 69 فَفَذَكْر نما أنت مُذَكْر 9©© 22 
0 00 ويقول القرآن أيضا ل 


أي 


َي في لض لي 
(هود ل . يتضح من تلك الآيات أن السماء والأرض والجبال والماء 
والإبل والنباتات والنحل والفواكه كلها مخلوقة لله وشاهدة على عظمته؛ لا فرق 


بين هذا وذاك. 


ويؤكد القرآن أيضا أن الحيوانات: الكبير منها والصغيرء تعيش فى جماعات 
مثل الجماعات البشزية» ولها لغة تتحدث بها ونتتصل بها ببعضها البعض والتى تماثل 
لفة البشر وما من ذابّة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيّه إلا أُمم أَمنالَكُم ما فَرَطْنا في 
اتاب من شيء ثم إلى ربهم يَحْشْرٌون (72 (الأنعام 18) . 9 وورث سَلَيْمَان داوة 
وَقَال يا أيه الئاس عَلَمنَا منطق الطَيْرٍ وأوتينا من كل شيء إن هذا َهَرَ الْفضْل الْمبينْ 9 
حِلسمَاد وه من لحن الإ والطير هم َو و حن إذ نا عن واد 
الشمل قالت نملة يا يها امل ١الخلوا‏ مجاكتك لا يسطيك مَليْنَاد ووذ رهم 
يشعرون (0 # .(النمل )18-١7‏ . وتشير تلك الآيات إلى أن الحيوانات مثلها مثل 
البشر من حيث المكانة» فهى تعيش فى جماعات وتشير الآيات أيضا إلى أن الاتصال 
بمملكة الحيوان ممكن؛ فلها لغة وإشارات يمكن للبشر تعلمهاء وهو ما أثبته العلم 
الحديث: فالنمل يتصل ببعضه البعض بلغة قوامها مادة كيماوية تعرف باسم 
الفرمون 56782085م . أما الأهم فى هذه الآيات, مع أهميتها كلهاء “فهو إمكانية 
امتداد المعنى , أى التواصل والمعرفة؛ إلى الموجودات الحية الأخرى التى لا نراها ولا 


42 


نحس بها ('). مثل البكتريا والفيروسات والطفيلياتء فلكل الكائنات الحية المكانة 
تفسها فقد خصص القرآن سور بأسماء النمل والنحل والعنكبوت والبقرة والأنعام. 

الأمر الثانى الذى يؤكده القرآن هى النظام التام للعالم لتأكيد ليس فقط وجود 
الخالق ولكن وحدته؛ الذى يمكن تعريفه 'بالنظام الكونى لوجود الله". ويؤكد القرآن 
عدة أشياء هى , أولاً : وجود النظام والجمال والتناغم فى الطبيعة. ثانيًا : دعوة 
القرآن الإنسان إلى النظر والتأمل كمسئولية أخلاقية تجاه الخالق من أجل إدراك 
وجوده فى كل شىء . ثالدًا: إن النظر والتأمل يتمّان بواسطة - ما خلقه الله فى 
الإنسان من حواس كالسمع والبصر والعقلء وذلك لإدراك المحسوسات والظواهر 
التى تحيط به . إ إن في خَلقٍ السّموات وَالأرض واختلاف اللَيّلٍ وَالنْهَارٍ لآيّات لأولي 
الألباب © .(آل عمران :.11) لإ الذي خلق سبع سموات طباقًا ما ترئ في خلق الرحمن 
من تفاوت فَارجع البِصْرَ هْلْ تُرئ من فُطُور 4 .(سورة الملك: ” ). ظ وان لَكُم في الأنعام 
مر فيكم ضما في ونه من من فلن خالا ان لشارية» .(سورة 
النحل : 37). 

تظهر الآيات السابقة أن القرآن أولا: عارض النموذج الوجودى لأفلوطين القائم 
على تدرج مراتب الموجودات» فكل الموجودات فى العقيدة الإسلامية على درجة 
متساوية والكل مخلوق لله. 

ثانيًا : إن الإنسان مكلف بالاستدلال على عظمة الخالق وإدراك نظامه الكونى 
عن طريق النظر والمشاهدة والاعتبارء وهى نموذج معرفى جديد يعارض نموذج 
أفلاطون القائم على الأفكار المجردة وتأمل عالم المثل. وقد شكل هذان المبدآن قواعد 


(ل) همم) عنتطاع اقتمعصممصعالامة أه ومتالممادتعصن مق لعقينه) تمعع20ن منطقعطا 
.(2003 بإاتوتةلاتمن لموبمولط .لإومامعع 300 حمذاذا دأ) 6.23 عباأأمومو5ع:م علمانا0 


43 


المنهج التجريبى لدى العلماء العرب؛ لكنهما كانا مثار جدل شديد وصرا ع عنيف بين 
العلماء والمفكرين الأوربيين والكنيسة الكاثوليكية ووقفت محاكم التفتيش بالمرصاد 
لكل من جاهر بهذه العقائد الجديدة, واتهمته بالزندقة والهرطقة. فلم يكن المنهج 
التجريبى هو الذى أثار الكنيسة ضد هؤلاء العلماء والمفكرين والفلاسفة:؛ بل المبادئ 
والأصولء أى العقائه التى بنى عليها. 

"أصبحت الطبيعة بكل تفاصيلها عند هؤلاء المفكرين هى المنبع الأصيل لذلك 
الوحى الإلهى فى شموله وفى عموميته. فى الأشياء الصغيرة كما فى الأشياء 
الكبيرة: فى الأرض كما فى السماء. ويذلك يكون الإله هو الكائن فى المخلوقات 
والمكون لعناصرهاء وهو القادر على الحركة وعلى التغيير من خلال قوة ذاتية ثابتة 
ومؤثرة يمكن إخضاعها لقوانين حسابية ورياضية معروفة7(). إن اعتبار الطبيعة فى 
كل الأشياء فى الأرض كما فى السماء وفى الأشياء الصغيرة كما فى الأشياء 
الكبيرة معناه معارضة عقيدة الكنيسة القائمة على فكر أفلوطين فى تدرج مراتب 
الموجودات. إن القول كذلك بأن الإله هو الكائن فى المخلوقات والمكون لعناصرها معناه 
القول بالإله الواحد محرك كل الأكوان» وهى ما يعارض عقيدة الكنيسة القائمة على 
الثنائية الفكرية بين رجال الدين الذين يحتكرون المعرفة والعامة الذين يتلقون الهداية 
والموعظة. كذلك فإن الله محرك كل الأكوان أصبح موضوعا للمعرفة لكل البشر من 
خلال معرفة قوانين هذا الكون» وهى قوانين شاملة وكلية وعامة وليست حكرًا لرجال 
الكنيسة فقط. 

كانت هذه العقائد الجديدة مما يهدد عقائد الكنيسة هو ما أدى بالحكم على 
العالم أمالريس عام ١١2١م‏ بالموت حرقًا7", وقد أعدم معه أيضا ثلاثة عشر من 
المفكرين المؤيدين لهذه العقائد. وكان نصيب العالم الهولندى سيجرفون برابانت أيضًا 


.530 زيغريد هونكه: العقيدة والعلم. مرجع سابق ص‎ )١( 
.717 نفس المرجع : العقيدة والعلم ص‎ )1( 


44 


القتل بعد الحكم عليه بالإلحاد والزندقة عام 747١م.‏ وكان من ضمن ما قاله فى 
تحدى السلطة الكنسية فى احتكار المعرفة "فلتكن يقظا ولتدرسء ولتقراًء فإذا ما 
ساورك شك فعليك بمداومة الدراسة والقراءة, لأنه بدون حصولك واكتسابك لهذا 
العلم وتلك المعرفة - يكون المصير والمآل هو الموت ومعاناة وحشة القبر مثل كل 
اليش ر'٠').‏ كما طاردت محاكم التفتيش روجر بيكون (5١؟١‏ - 95؟1١)‏ أكبر المدافعين 
عن المنهج التجريبى الجديدء وقضى خمسة عشر عاما من أيامه الأخيرة داخل السجن. 

وكان من أهم المفكرين الذين أخذوا بالأفكار والعقائد الجديدة هو المفكر الألمانى 
نيقولاس فون كوز ١5.١(‏ - 1115م) الذى 'رفض بإصرار مقولات الأفلاطونية 
المحدثة, التى جسدت التصور اليونانى بتدنى الكائنات فى عالم المادة7("). وأكد على 
كل الموجودات مجسدة فى الكيان الإلهى, الكيان الحقيقى الذى نبعث منه لأنه 
لا وجود غيره"7). هذا وقد تأثر العديد من المفكرين الأوربيين بفكر فون كون. 


وقد تأثر ليوناردو دافينشى ١500(‏ - 1615م) بفون كون» حيث نظر دافينشى 
"إلى الطبيعة كفيض ربانى وهبة الخالق ككل شىء. منه وإليه ترجع الأمورء هى ذات 
وجوهر كل الأشياء والموجودات9©). ويتدأمل دافينشى الأشياء غير المرئية 
ويواصل البحث عنها ومراقبة مجالاتها وأنواعهاء والعلاقات التى ترتبط بأصول 
نشأتها والحتميات الكامنة فى جوهرها والملازمة لها"*). وكان جيورادنى برنى 
(4ه4١1-..016)‏ من أنصار الفكر الجديد ومن المدافعين عنه. وقد كان مصيره الإعدام 





. 757 زيغريد هونكه : العقيدة والعلم ص‎ )١( 
.51١ نفس المرجع : العقيدة والعلم ص‎ )1( 
.51 نفس المرجع : العقيدة والعلم ص‎ )5( 
(غ) نفس المرجع : العقيدة والعلم ص ؟75؟.‎ 


(5) نفس المرجع : العقيدة والعلم ص 516. 


45 


حرقًاء وقد ذكر برون" نحن نبحث عن الله فى قانون الطبيعة الثابت وغير القابل لأى 
خضوع لقوى أخرى: وذلك من خلال الانسجام والتوافق الذى يمتلئ به وجدانناء 
العلى التى لا تحدها حدود وما تمتلئ به الأجسام المضيئة فى شكل أسراب لا يمكن 
حصرها أو إحصاؤها(). 

وقد تأثر المفكرون الأوربيون بالمنهج التجريبى والأصول العقائدية التى بنى عليها 
والتى استمدها من لغة القرآن. وتتضمن تلك الأصول. 

أولا : الثقة فى الحواس والاعتماد على النظر والمشاهدة وتأمل المحسوسات 
الموجودة فى الكون: والتى هى من الآيات على وجود الله خالق كل شىء. 

ثانيًا: إن كل الموجودات متساوية فى المكانة وجديرة بالاعتبار لا فرق بين من هى 
أعلى ومن هو أدنى إلا على أساس المسئولية الأخلاقية؛ إن ما يتمخض عن هذين 
الأصلين السابقين نتيجتان أساسيتان, وهما : 

أولاً : إن الإنسان هى مخلوق واحد من بين العديد من المخلوقات الأخرى؛ وإن 
الإنسان ليس هو مركز المعرفة فى هذا الكون, وليس بميزة المعرفة وحدها يملك 
السيادة والهيمنة على غيره من المخلوقات من منطق أنها أدنى منه فى درجة 
المعرفة.. 

ثانيًا : إن الأرض وما بها من مخلوقات وما عليها من جبال وأنهار ويحار هى 
جزء من هذا الكون الواسع؛ بل إنها ذرة من الذرات التى خلقها الله. ومعنى ذلك 
حقيقة على جانب كبير من الأهمية» وهى إن الأرض وما عليها من مخلوقات ليست 
هى مركز الكون الذى يتصف باللانهائية, فنحن لا نعلم مركزه الحقيقى. 


)١(‏ زيغريد هوتكه : العقيدة والعلم صب لاا 


46 


ويمكن القول هنا إن استمرار المؤلفات الأوربية فى ترديد أن الثورة الفكرية فى 
القرن السابع عشر كانت بسيب الانقلاب الذى أحدثه كويرنيكوس ١595(‏ -1547) 
فى علم الفلك , والذى قال فيه بمركزية الشمس بدلاً من مركزية الأرض. وأنه أزاح 
مركزية الإنسان فى هذا الكون لصالح كون أوسع وأرحب لا يشكل فيه الإنسان إلا 
نقطة صغيرة:؛ فيه افتئات كبير على الحقيقة: كما أن فيه تجاهلاً متعمدًا للثورة الفكرية 
التى صاحبت العقيدة الإسلامية. فاستبعاد مركزية الأرض جاءت من خلال تأثر 
العلماء والمفكرين الذين ذكرناهم يهذه الأفكار الجديدة. هذا التأثر استغرق فترة طويلة 
من الزمن امتدت من القرن الثامن إلى القرن السادس عشرء سقط فيه ضحايا 
كثيرون من هؤلاء العلماء والمفكرين. كان هذا هو السياق الذى مهد لأفكار 
كويرنيكوسء ويذلك فإن إنكاره يدخل ضمن الإصرار على ترديد مقولات المركزية 
الأوربية التى تنسب كل الاكتشافات العلمية لنفسهاء وهو ما ردده المؤلف فى الفصل 
الخاص عن الطاعون, إن نسبة القول بمركزية الشمس إلى كويرنيكوس فيه تجن 
على عالم الفلك العربى الكبير البيرونى (/91 - 58 ١٠م)‏ الذى قال بمركزية الشمس 
قبل كويرنيكوس. فقد رفض البيرونى" نظرية بطليموس عن صورة العالم وعن 
دوران الشمس حول الأرضء وأن الشمس ليست الكوكب المسئول الذى به يتحدد 
الليل والتهارء ولكنها الأرض نفسها التى تدور حول محورها مرة يوميّاء وحول 
الفتمس .مرة سنوي "('). 


لماذا لم تنتشر فى العالم الإسلامى إجراءات الحجر الصحى؟ 


إذا عدنا إلى السؤال الذى طرحناه من قبل وهى : لماذا لم تُطبق فى مدن العالم 


- اليه 
)١(‏ زيغريد هونكه : العقيدة والعلم ص .١81‏ 


47 


الطب العربى بالنظرية العامة للعدوى؟ ولماذا طبقت مدن أوربا هذه الإجراءات التى 
نقلتها من مدن الأندلس بالاستعانة بالأطباء العرب» ثم استمرت فى تطبيقها بعد ذلك؟ 
إن معنى ظهور إجراءات مقاومة الأمراض المعدية فى مدن الأندلس وعدم انتقالها إلى 
المدن العربية الأخرى هو أنها ظهرت وطبقت ثم توقفت واختفت, بينما كان الأمر على 
العكس تمامًا فى أوريا فقد ظهرت ثم استمرت وانتشرت!١).‏ 

فى الفترة التى طبقت فيها مدن الشمال الإيطالى بنهاية خمسينيات القرن 
الخامس عشر إجراءات الحجر الصحى - عرف الأطباء العرب النظرية العامة للعدوى 
وطرق مقاومتها عن طريق المنهج التجريبى» أى بواسطة "التجربة والحس والمشاهدة؛ 
أى الملاحظة", كما بين ذلك ابن الخطيبء مع العلم أنهم لم يعرفوا طبيعة تلك الكائنات 
الحية التى تسبب هذه العدوى. فهذه الكائنات غير محسوسة وغير منظورة نظرا 
لصغرها الشديدء وتعاملوا أيضا مع التهديد المصاحب لهذه الكائنات: أى العدوى 
نفسها بإجراءات المقاومة» من حيث إنها أشياء ممكنة ومتوقعة الحدوث؛ أى أنهم 
تعاملوا مع حركة العدوى الخفية مظها مثل طبيعة العدوى من جهة أنها أيضا من 
الأشياء غير المحسوسة والغريب قى الأمر أن أوربا تعاملت أيضا مع مسببات العدوى 
وحركة العدوى بنفس الأسلوب والطريقة التى تعامل بها الطب العربى؛ فلم تعرقف 
أوربا طبيعة الكائنات المسببة للعدوى إلا بعد ظهور الطب المعملى؛ واختراع 
الميكروسكوب فى نهاية القرن التاسع عشرء وظهور النظرية العامة للجراثيم. فقد 
اكتشفت العديد من هذه الجراثيم خلال ثلاثين عاما بين عامى 1417/0 - 14١5‏ ( فقد 
اكتشف ميكروب الجذام عام 18176, والملاريا عام :.184٠‏ والسل 1887؛ والكوليرا 
887 والطاعون 1615» والزهرى 1505, والتيفوس 1505). فقد تعامل الأطباء 
الأوربيون مثلهم فى ذلك مثل الأطباء العرب مع ماهية مسببات العدوى والتهديد 


ونقل العلوم الأوربية. 


48 


المحتمل الناشئ عنهاء من حيث إنهما إمكانية ليس إلاء ومن حيث إنهما أشياء غير 
محسوسة وغير منظورة. فمريض الطاعون ظاهر ومعروف من حيث الأعراضء أما ما 
يسبب الطاعون أو دورة حياة المرض وأين يختبئ بعد انتهاء الوياء فقد ظل من 
الأشياء المجهولة؛ ومع ذلك ظل الأوربيون يطبقون إجراءات الحجر الصحى لمدة أكثر 
من أربعة قرون من عام ٠‏ إلى وقت اكتشاف ميكروب الطاعون عام 1895م. 

إن معنى ذلك أن العلوم تتعامل مع الأشياء المعلومة والمحسوسة وكذلك مع 
الأشياء الممكن حدوثها فى المستقبل غير المحسووسة ولا المنظورة الآن: وهو ما حدث 
مع علم الأوبئة العربى. فالموجودات إذا والتى همى موضوع العلم؛ على صنفين, 
أحدهما محسوس وملموس. والآخر غير محسوس وغير منظور. وفى هذا السياق 
يمكن تصور أن الواقع يشمل إما الموجود المحسوسء وإما الموجود غير المحسوس . 
ويبدو من المنطقى إذن إدراك أن المنهج التجريبىء الذى يتعامل مع الصنف الأول من 
الموجودات؛ وقوامه "التجرية والحس والمشاهدة" والقائم على الاستقراء - لا يكفى 
وحدة للتعامل مع الصنف الآخر من الموجودات, إذ لابد من منهج آخر قوامه "الفرض 
والتصور العقلى". فهل كان هناك فى العلم العريى ذلك المنهج الآخر؟ 

يمكن القول إن المنهج الفرضى الاستنباطى الذى عبر عنه الحسن بين الهيثم 
(516- ١85١٠م)‏ فى معرض دفسيره لكيفية الإبصارء وفى معرض اكتشافه الفذ فى 
علم الضوء. كان هو المنهج الذى يتعامل مع هذا الصنف من الموجودات. 


كانت الآراء التى تتعلق بكيفية الإبصار قبل الحسن بن الهيثم تدور حول 
نظريتين. ويرى أصحاب النظرية الأولى أن الإبصار يحدث نتيجة لخروج شعاع 
من العين يسقط على الشىء المرئى وبه نرى الأشياء. وقد سمى أصحاب هذه 
النظرية بأصحاب الشعاع. أما أصحاب النظرية الثانية فيرون على العكس أن 
الإيصار يكون بصورة ترتد من الشىء المبصر إلى البصر. وقد بين ابن الهيثم خطأ 
كل من النظريتن. فالبنسبة لأصحاب النظرية الأولى بين ابن الهيثم أن البصر 
لا يستطيع أن يرى أى شىء من المبصرات إلا إذا كانت هناك مسافة بين المبصر 


49 


ويالنسبة إلى أصحاب النظرية الثانية تساعل ابن الهيثم, لماذا لا نرى فى الظلام؟ 
من ذاته أم منعكسا عليه من غيره. 

بعد أن بين ابن الهيثم خطأ كل من النظريتين» وضع نظريته المبتكرة فى طبيعة 
الضوء فالضوء إما مصدره الأشياء المضيئة بذاتها كالشمس والنجوم: وإما الأشياء 
فإن الضوء يشرف منها على سمت الخطوط المستقيمة التى تمتد بين سطح هذا 
الجسم المضىء بذاته وسطح البصر. ويرى أبن الهيثم أن الضوء يتكون من أجزاء 
صغيرة لا يدركها الحس نظرًا لسرعتها الشديدة وصغر حجمها الشديد؛ ولذلك فإن 
للضوء حركة كما أن له سرعة كسائر الأجسام وإن كنا لا ندركها. وبذلك فإن الضوء 
ينعطف إذا سار خلال الوسط الشفاف كاماء والبلورء كما أثه ينعكس إذا اصطدم 
بالأجسام الثقيلة أى الكثيفة. وقد بين ابن الهيثم أن انتقال أجزاء الضوء على سمت 
الخطوط المستقيمة فى الهواء هو سبب الإبصارء فالإيصار يتم نتيجة لحركة الضوء 
تواسطة اليزاة: 

رينتع عن الفرحن الذى ونع ابن البتخم اظئيعة الضوع شيئان على جانت كبير 

أولاً: إن الضوء الذى له وجوده المستقل عن البصرء جسم كفيره من الأجسام, 
وأنه يتكون من أجزاء صغيرة جدا. ولكن نظرا لصغر حجمها الشديد وسرعتها 
الشديدة فنحن لا نراها ويذلك فهناك من الأجسام الموجودة التى لا يمكن أن تكون 
محسوسة. 

ثانيًا : يما أن الضوء يتكون من أجزاء صغيرة جداء فإن لهذه الأجسام سرعة 
وحركة فى الزمان: ويما أن الضوء يمكن أن ينعكس ويمكن أن ينعطف فإن حركته فى 
كل اتجاة. 


2530 


إن هاتين النتيجتين على جانب كبير من الابتكارء فحركة الضوء وبالتالى نموذج 
ابن الهيثم فى حركة الأجسام المتنافية الصغر تتعارض كما أنها تناقض نموذج 
أرسطى (784 7١2>-‏ ق.م) فى حركة الأجسام الكبيرة: وكذلك تفسيره للحركة 
ونظريته فى العناصر الأربعة. فحسب رؤية أرسطى هناك أربعة عناصر هى: التراب 
والماء والهواء والثار» ولكل عنصر من هذه العناصر طبيعته الخاصة: هذه العناصر 
تتحول إلى بعضها البعض بفعل قوة التخلخل والتكائف. فالتراب يتحول إلى ماء بفعل 
التخلخل ثم إلى هواء ثم إلى نار؛ ويحدث العكس بفعل قوة التكائف. فكل عنصر 
يتحرك بفعل طبيعته الخاصة إلى مكانه المهيأ له. فإذا قذفنا بحجر إلى السماء 
فسوف يرتفع إلى أعلى ثم يهبط إلى الأرض لا لشئ إلا بسبب طبيعته الخاصة 
الكامنة فيه. 

حسب نموذج الحركة عند أرسطو فإن الأجسام تتحرك حسب طبيعتهاء إما إلى 
أعلى وإما إلى أسفل. لكن حركة الأجسام المتناهية الصغر مثل الضوء. حسب نموذج 
الحركة عند ابن الهيثم, تختلف فهى تتحرك فى كل اتجاهء هذه الحركة تخضع 
للعلاقات الميكانيكية, كما أنها تخضع لمنطق الكم الرياضى وليس إلى الوصف 
الميتافيزيقى: هذا النوع من الحركات يمكن من خلاله تفسير حركة الكائنات الدقيقة 
الأخرى مثل تلك المسببة للأمراض, مثل اليكتريا والفيروسات والطفيليات فهى تتحرك 
فى كل اتجاه. وهى ما يحدث بالضبط فى حالة انتشار الأويئة. 


إذا عدنا إلى السؤال نفسه مرة أخرىء وهى : لماذا ظهرت إجراءات مقاومة 
الأويئة فى مدن الأندلس ولم تنتشر فى مدن العالم الإسلامى؛ ولم تستمر ضمن 
إجراءات الطب الوقائى العربى مثل الاغتسال والطهارة والتعقيم, بينما أخذت بها 
مدن الشمال الإيطالى ثم انتتشرت فى كل البلاد ‏ يمكن القول هناء بأن المنهج 
الفرضى الاستنباطى وكذلك نموذج ابن الهيثم فى حركة الأجسام متناهية الصغر» أى 
غير المحسوسة:؛ لم يقدر له الانتشار فى العالم الإسلامى كما انتشر المنهج التجريبى 


51 


الذى اكتملت صياغته الفلسفية فى نظرية "الجوهر الفرد التى وجدت القبول من 
العلماء والفقهاء بعد ما أصبحت المكون الأساسى لعلم الكلام الإسلامىا*). 

تطقوين اخرانات مفاومة الأريكة القن هد نها الل الفريي وحوة مسبيات 
للعدوى؛ ويذلك فهى تفترض وجود ما لم يكن محسوسا أو ثابثًا بالمشاهد التجريبية 
عندئذ, وهى الفرض الذى اصطدم بمبادئ نظرية "الجوهر القرد". فحسب هذه النظرية 
فما هى غير محسوس فهى ثمير موجودء أى معدوم وهو ما أدى بالتدريج إلى عدم قبول 
هذه الإجراءات ثم تجاهلها بمرور الزمن. هناك عامل آخر يمكن ذكره فى هذا 
السياقء وهى العامل الأخلاقى والدينى حيث يحرم الدين الإسلامى امتهان جثة 
المتوفى بدفن جثث المتوفين من الوباء فى حفرء فلا بد من تكريمها وإجراء طقوس 
الطهارة عليها والاغتسال قبل دفتها. ويرتبط بهذا موقف رجال الدين من 'مفهوم 
العدوى” كسانيراء الأطباء: فالقدوس: أ “القي: قفر المتطور" لمكن أن صسيب 
المرض حسب تاأويل الفقهاء للشريعة؛ فالمرض يحدث بأمر الله وحده. ومن هنا إشارة 
ابن الخطيب فى رسالته إلى هذا الخلاف بين الأطباء والفقهاء حيث يذكر: ' فإن قيل 
كيف نسلم بدعوى من العدوى؛ وقد رد الشرع بنفى ذلك.. 

وعلى العكس من ذلك, فإن الفكر الأوربى تعامل مع هذه الكيانات غير المحسوسة 
- إجرانات الغجر الصحىئ - كانها موجودة: واحُذها بعين الاعتبار حثى :مع عدم 
معرفة الطب الأوربى ولا المجالس الصحية فى المدن الإيطالية وفى الدول الأوربية 
الأخرى الميكروب المسبب للطاعونء ولا دورة حياة المرض فى البراغيث وعلاقة ذلك 
بالفئران. وتفسير ذلك يمكن تناوله من خلال شيئين. فمن المحتمل أن منهج ابن الهيثم 
الفرهتى الاستساظى أ .وكذاك تموتهنة :فى اعتبان القيانات غسس الهسوينة وشركة 
الأجسام متناهية الصغر قد وصل أوريا من خلال علم المناظر العربى . الشىء الآخر 
هو استفادة أوريا من التراث اليونانى ونظريته فى المعرفة خاصة عند أفلاطون الذى 


ل( هناك بحث واسع عن علاقة نظرية 'الجوفر القرد' بعلم الكلام الإسلامى. وكيف مثلت هذه النظرية 
فلسفة العلم الإاسلامى حتى فترة القرن التاسع عشر. انظر كتاينا : تاريخ وفلسقة العلم فى مصر منذ 
فترة القرن التاسع عشر : (الهيئة العامة لقصور الثقاقة . القاهفرة. الم 


32 


يعلى من قيمة الافكار المجردة التى يمكن تصوها بالذهن لا عن طريق التجربة 
والمشاهدة . فالحقيقة طبقا لهذه النظرية تكمن قى عالم المثل» عالم الخير وهى عالم 
الحقائق الثابتة؛ أما عالم المحسوسات فهو عالم التغير والفساد. فقد أخذت أوريا 
المنهج التجريبى وما أنجزه العلم العربى من خلال هذا المنهج. واستفادت أيضا من 
تراثها القديم فى المعرفة وفى المناهج؛ وقد كان هذا سبب نهضتها منذ القرن السادس 
عشر. فلم تنبذ أوربا التراث اليونانى كله بل راوجت بين القديم وهو إرثها الخاص ٠‏ 
والجديد وهى ما نقلته من العلم العربى. ومن هنا جاءت قدرتها على اعتبار الكيانات 
القائمة على الأفكار المجردة والفروض العلمية والتعامل معها كإمكانية لها صفة 
الوجود. وهى ما يفسر كيف أقام البريطانيون شبكات الصرف الصحى حتى قبل 
اكتشاف أن البكتريا الواوية المسببة للكوليرا تنتقل عن طريق المياه الملوثة. فقد تم 
الافتراض بوجود صلة ما بين مسببات المرض التى كانت مجهولة عندئذ وانتقالها عن 
طريق براز المرضىء ومن ثم إلى مياه الشربء وكان لهذا الافتراض من القوة ما جعله 
وراء مطلب أدوين تشادويك رئيس المجلس الصحى العام فى لندن بعد وياء عام 
7 م بضرورة مد شبكات المجارى لصرف الفضلات البشرية بعيدا عن المناطق 
المأهولة, ويعيدا عن مصادر مياه الشرب. 

كانت القدرة على اعتبار نلك الكيانات غير المحسوسة. الكيانات الفرضية:» وراء 
قدرة أوريا على إقامة نظام المؤسسة 105010100 » وهى سبب قوة أوربا منذ بداية عهد 
استعمار إسبانيا والبرتغال للأمريكتين, فقد استطاعت أوريا من خلال تلك الكيانات 
المجردة ليس فقط السيطرة على حركة وانتشار الأعداد الكبيرة واللانهائية من 
الكائنات المسببة للعدوىء أى الأوبئة فى نهاية الأمر؛ ولكن عن طريقها أيضًا 
استطاعت السيطرة على البشر والتحكم فى الجماهير والحشود والأعداد الغفيرة من 
الناس ؛ واستطاعت ممارسة الاستعمار والإميريالية. 1 

د. أحمد عبد الجواد 
مصر الجديدة 
فى 7١‏ رمضان ١179‏ ها 

(*) ملحوظة : 
-١‏ هناك شروح توضيحية لعبارات المؤلف وضعتها داخل أقواس ويها حرف التاء إشارة المترجم داخل المتن ( ات 
7- علامة النجمة » إضافة من المترجم فى الهوامش. 
"- العبارات داخل الأقواس ( ) من عمل المؤلف. 


53 


مقدمة المؤلف 


القاهرة والطاعون! كان الطاعون سيد المدينة طوال فترة إقامتى: وظهر الخوف 
فى كل شارع وكل حارة؛ بحيث إننى لا أستطيع الآن التأثير وجدانيًا أى الفصل بين 
الفكرتين... يمتلك الشرقيون؛ على كل حال؛ حظًا وافرًا أكثر من أوربا تحت بلوى هذا 
النوع... (فى مدن الموت)... نصبت الخيام: وعلقت المراجيح لتسلية الأطفال- عيد 
كئيب-! لكن المسلمين تباهوا... فى اتباعهم لعاداتهم القديمة غير عابئين بظل الموت. 
إلكسندر كينجلاك - أوثن 1١875‏ 


أثناء الحياة والكتابة فى مدينة إسلامية كبيرة بعد ١١‏ سنة من ملاحظة مؤلف 
"أوثن” فى وقت الطاعون, صدمتنى استمرارية وحدة الثقافة الإسلامية عندما تواجه 
بأزمات تهدد الحياة. أنا منتبه أيضًا إلى أن نوعية الثقافة الإمبريالية التى هلل لها 
كينجلاك لم تمت. على سبيل المثال» إحدى الصحف اللندنية ذات الاعتبار والمتاحة 
حديئًا فى شوارع القاهرة أظهرت أن فريق الأمم المتحدة المعنى بالتغير المناخى يقدر 
القيمة الشرائية لكل فرد فى العالم الثالث بواحد من خمسة عشر للشخص فى أوربا 
الغربية وأمريكا. 

إحدى الأسئلة الأولى التى يمكن طرحها فى التاريخ المقارن الذى يهتم بعلاقات 
القوى وتأثير الأمراض الويائية يتمثل فى الدور الذى يؤديه الأطباء الذين تلقوا 
تعليمهم بالجامعة؛ هل كانوا دائمًا يؤدون الوظائف نفسها مثلما يفعلون اليوم؟ الإجابة 
القصيرة هى 'لا" بالتأكيد. فحتى بداية القرن العشرين ونشر الطب فى الغرب. كان 


530 


معظم المرضى الأوربيين من المنزلة المتوسطة أو العليا يعتمدون على عائلاتهم للحصول 
على العناية الصحية الأساسية؛ فقد يطليون معالجى القرية إذا ساء الوضع؛ وقد 
يستكملون ذلك يعلاج يصفه المعالجون الجائلون. ويعيدًا عن التكلفة المادية واعتبارات 
المكان كان لجوء الأوربيين العاديين النادر للأطباء سببه إدراكهم أن هؤلاء الأطباء غير 
قادرين على علاج أى مرض خطير. 

يتمثل رأى الأطباء فى اتباع إرشادات وضعت بواسطة جالينوس -١5١(‏ 
١م)‏ وابن سينا (توفى )٠١717‏ وأن واجبهم هى إمداد مرضاهم يتقنيات خاصة 
تتناسب مع كل فرد على حدة لمنع اعتلال الصحة. كان دور الطبيب عندما يواجه 
مريضا يعانى من مرض خطير إعطاء الانطباع بالافتمام» من خلال وصفات وهمية 
مثل الاستحمام والفصد وبعض الوصفات الغذائية. فى الحقيقة عرف الطبيب جيدًا 
وقتذاك أنه لايمكن شفاء المرض. 

بدأ الطب الحديث حسب موضوعنا مع عمل الطبيب والعالم الألمانى رويرت كوخ 
)13٠١-14845(‏ إن اكتشف الكائن العضوى الصغير (الفيبريو) الذى يسبب 
الكوليرا بينما كان فى الإسكندرية (مصر) عام ١18485‏ وأكد اكتشافه فى كلكتا 
(البنغال - الهند) فى عام :.١1844‏ وكان قد اكتشف العامل المسبب للسل قبل ذلك 
بسنتين. ولكن مر بعض الوقت قبل أن تكتسب أفكار كوخ الثورية قبولاً واسعا 
وأصبحت مؤثرة فى العلاج. تمسك الأطباء الذين تدريوا على "الحقائق العلمية” 
للتقاليد العظيمة التى تقضى بأن معظم الأمراض تحدث نتيجة للميازما (نمط حياة 
غير منظم) وأى شىء آخر غير الكائنات الحية الصغيرة. وعندما واجهوا أفكار كوخ, 
كانوا غير راغبين فى الاستسلام عما كانوا يعتقدون به دائما. وعندما استقال هؤلاء 
فقط, وصلت الأجيال الصغيرة من الذين تعلموا النموذج الإرشادى الجديد إلى المقدمة 
فى النهاية. 

تزامنت سنوات الانتقال التى شملت ثمانينيات القرن التاسع عشرحتى ثلاثينيات 
القرن العشرينء التى أدت إلى انتشار الطب الكامل فى الغرب (قبول العلمانيين 


356 


للأطباء كخط الدفاع الأول لهم ضد الأمراض). مع عصر الاستعمار الكبير للأوربيين 
وشمال أمريكاء رغم عدم ارتباط الظاهرتين. وظهر النظام الجديد لطب المناطق الحارة 
من الرْحق على إفريقيا وعلى الصينء وغزو الولايات المتحدة للإامبراطوريات القديمة 
الإسبانية فى الكاريبى والمحيط الهادى. كان طب المناطق الحارة منذ بدايته المبكرة 
"أداة للإمبراطورية بهدف تمكين الشعوب البيضاء من الحياة فى كل مناطق العالم, 
أو على الأقل استغلالها. 


لفق هريرت سبنسر "الحقائق' لتبريرهذا الدور الجديد» ثم أدمجت هذه 
"الحقائق” بعد ذلك فى ترويج عمل تشارلز داروين الأساسى فى التطور. كان مفهومًا 
بصورة عامة أن رسالة الدارونية الاجتماعية تضع الأوربيين فى أقصى قمة التطور , 
وبواسطة هذا الحق يجب أن يتسيدوا البشر الآخرين. 

ولكن كما هو معروفء كان الشىء الوحيد الجديد بخصوص هذه التأكيدات هو 
العلمية' التى استخدمت لتعضيدها كظاهرة حقيقية ترجعها الإمبريالية الأوربية إلى 
نحى خمسة قرون مضت. قام البرتغاليون والإسبان فى القرن الخامس عشرء بالتحرك 
الأوربى الأول فى اتجاه سيادة العالم؛ ثم تبعهم الهولنديون والفرنسيون والإنجليز فى 
القرنين التاليين. وفى منتصف القرن السابع عشرء ظهر ما أصبح فعلاً اقتصاد عالمى 
حقيقى لمس كل القارات المسكونة عدا استرالياء فكانت بداية النزعة الاستهلاكية على 
مستوى المجاميع الكبيرة من البشر. كانت هذه الظاهرة جزءًا من نظام أكبر وهى 
التنمية التى أديرت بواسطة وكلاء يعيشون فى العواصم المالية لأورباء جنواء لشبونة 
وانتويرب ويعد ذلك فى أمستردام ولندن. وفى موضوعنا هذاء كانت التنمية كقوة 
محركة أساسية للعالم الحديث المبكر قادرة على قبول تعدد الأشكال. وكانت أكثر 
العناصر مطلبًا تتمثل فيما يلى ؛ 

-١‏ أراض خصبة: بذورء غابات» معادن ومواد أولية أخرى يمكن أن تتحول إلى 
منتجات (بعضها جديد تمامًا) يمكن إغراء المستهلكين بشرائها. 


537 


؟ - العمال, الذين يقومون بالتحويل الفعلى والذين ريما يحلون محل المستهلكين 
اعتمادًا على ما يسمح به مالكوهم أى مستخدموهم. 

" - القروض وتسهيلاتها التى تحتاج إلى تكلفة الجمع فى مكان واحد بين المواد 
الأولية والعمل لتحويلها إلى منتج يباع؛ ثم نقلها إلى أى سوق يقدم الربح الأعلى. 

- المستهلكين الذين يقدمون النقود والتعهدات مكتوية والموافقات الشفوية على 
الدفع ويذلك يحولون المنتج النهائى إلى ذهب أو فضة, وهى المفردات التى قام عليها 
نظام القروض أو الائتمان الأوربى قبل ثلاثينيات القرن العشرين. 

وحتى الربع الأخير من القرن العشرين (عندما سادت فى النهاية صناعة 
التقنيات المتقدمة) كانت الطبيعة الفعلية للمنتجات النهائية لا تهم - سواء كانت 
مصنعة كليًا يدويًا أى بواسطة الميكنة أى بواسطة الجمع بينهما. لكن المؤكد أن وكالات 
التنمية الأوربية قد حافظت على عملياتها مستمرة وأخضعت سكان العالم تحت 
تأثيرها بصورة متزايدة . 

كان من بين التبعات غير المقصودة 'للتنمية"' خلق شبكات المرض التى امتدت عبر 
العالم, مثل شبكة التجارة التى ظهرت أولاً بواسطة البرتغاليين. قبل عبور 
كولومبوس المصيرى للأطلنطى فى عام 1547. لم يكن موجودا فى العالم الجديد أى 
من الأمراض الويائية التى ذكرت فى هذا الكتاب؛ الطاعون الدملى؛ الجذام؛ الجدرى, 
الكوليرا؛ الملاريا والحمى الصفراء أو حتى الزهرى. هذا الوضع السعيد [بالنسبة 
لانتشار هذه الأمراض: ت] جاء نتيجة لحدثين. الحدث الأول هو هجرة الشعوب 
الآسيوية القديمة من أراضيها عبر ما يعرف الآن بمضيق بيرنج منذ حوالى 6٠0,٠٠٠‏ 
سنة مضت,ء وقد أغلق ارتفاع البحر هذا الطريق بعد ذلك ب ٠١ ,..٠‏ سنة. شكّل 
هؤلاء المستوطنون القادمون الجوهر الجينى للسكان قبل مجىء كولومبوس إلى العالم 
الجديد. أما الحدث الثانى فى العالم القديم بعد مغادرة المهاجرين فيتمثل فى تطور 
الأمراض الحديثة . 


56 


تتمسك النظرية - التى تعتمد على الأفكار الأوربية بوضع أسس قواعد صالحة 
للتطبيق فى كل مكان حيث إن الأمراض المتوطنة التى نناقشها الآن تتطلب عددًا 
كبيرا من السكان المستقرين لكى تتطور. فى العالم القديم, بدأ المزارعون 
المستقرون (خلافًا لجامعى الجذور والصيادين) بين ٠١٠٠١‏ سنة ق.م (فى آسيا) 
و4,..0 سنة (فى مصر والهلال الخصيب). هذا التأريخ الزمنى يتناسب بدقة مع 
المواعيد الزمنية الموضوعة لتطور وظهور أمراض العالم القديم. على كل حال؛ 
لا توضح النظرية لماذا (ما عدا السل) فشلت هذه [الأمراض- ت] فى الظهور فى 
العالم الجديد. فى نصف الكرة الغربى, كانت مدن تجارية كبيرة ومدن مزدحمة 
(العديد منها يقطنه أكثر من ٠0...٠‏ نسمة) موجودة منذ حوالى 5٠٠‏ سنة ق.م 
وخصوصنا فى أمريكا الوسطى. 

إن تطور الكائنات المجهرية القادرة على التسبب فى الأمراض الوبائية على كتلة 
الأرض الأوراسية:؛ بعد انقضاء عدة آلاف من السنين من مغادرة أجداد سكان أمريكا 
الأصليين لها؛ يعنى أن المنحدرين من صلبهم لم تكن لديهم الفرصة ولا الحاجة لتكوين 
مناعة ضد هذه الأمراض. 

ولكنء بالنسبة لوكالات التنمية فى أوربا التى كانت مصممة على حصد المكاسب 
الكبيرة من مناجم الذهب والفضة فى العالم الجديدء لم تجد فى تدمير الأمريكيين 
المحليين خسارة كبيرة. ويفضل تقنيات البحرية البرتغالية (التى تفوق عليها بسرعة 
الهولنديون والإنجليز) ولقواعد البرتغاليين فى أفريقيا وآسياء كان سهلاً نسبيًا 
استيراد العبيد الأفارقة للعمل فى المناجم الأمريكية. وهكذاء خلال عقود زمنية 
قصيرة من الاتصال بالأورييين غيرت محرقة وياء الجدرى (مع الحصبة والتيفود) 
إضافة إلى طمع البيض والسلوكيات البشرية الأخرى التركيب الإثنى للعالم الجديد 
تاها 

فى أى نظام للحكمء سواء كان فى أوربا نفسهاء أ أى إقليم غير أوربى تم 
تطويره أو فى أية مستعمرة أوربية حقيقية» أثر الوياء على علاقات القوة بين القلة 


59 


المهيمنة والغالبية المحكومة. كان واضحا أن الحكام يرجعون الاستجابة الرسمية إلى 
تهديد المرض (أحيانًا بالتشاور مع الأطباء). وغاليًا ما ادعت نخب الصفوة أن المرض 
استهدف مجموعة خاصة من الناس فيما ترك الآخرين: بالرغم من اختلاف هذا مع 
أساسيات علم الأويئة. ومن خلال تعقيدات الحواجز الثقافية نصل إلى إدراك ما 
سميته أنا "الموقف من المرض" (كالموقف من الجذام أوالموقف من الحمى الصفراء), 
ويهدف هذا “الموقف” إلى تأسيس ردود فعل رسمية لما يمكن أن يتم فى محاولة للحد 
من انتشار المرض. 

وجد الناس العاديون غاليًا أن السياسات التى وضعت بالقوة خلال الأوبئة مثل 
دفن الجثث بسرعة فى الجير الحى فى مقابر جماعية ومصادرة ممتلكات المتوفى وغلق 
الأسواق وإقامة المحاجر الصحية. فرضت تهديدًا أكبر يكثير لعالمهم من حيث التجرية 
المعاشة والتوقعات أكثر من المرض نقسه. ولكن القلة من أصحاب الامتيازات 
لم يستطيعوا أبدًا أن يفهموا لماذا لم تؤخذ أفكارهم (المبنية على سبيل الاقتداء 
بحكمة التقاليد العظيمة التى تعلموها) كمعايير عامة. ثم أصيح الاختلاف بين 
النخب والموقف الشعبى أكثر اتساعا مع حدوث التنوير فى فرنسا وإنجلترا 
وسكولتذا. 

فى الفصول الستة التالية» وضعت كل مرض ويائى فى مجموعتين ثقافيتين 
مختتلفتين. واحدة أوربية والأخرى غير غربية. وضعته فى السياق الزمنى؛ والمكانى 
والوسائل الثقافية وقد حددته بنفسى كمهمة مختلفة عما حدده وليم ماكنيل لنفسه من 
عشرين سنة مضت. مافعله ماكثيل بالأساس كان تقدير تأثير الأمراض الويائية على 
النوع الإنسانى بصورة عامة. مراعيًا التسلسل الزمنى؛ بدأت بدراسة الطاعون الدملى 
فى أوربا الغربية وفى الإمبراطورية المملوكية وقاعدتهاالقاهرة. كلاهما ضريه المرض 
قى عام 751١م.‏ اختفى المرض فى أوربا فى تسعينيات القرن السايع عشر/ 
عشرينيات القرن الثامن عشرء ولكنه ظل فى الشرق الأوسط حتى أربعينيات القرن 
التاسع عشر. فى الغرب ويبعد قرون من اختفائه ظل الطاعون الآفة الجوهرية التى 


060 


تقارن بها باقى الأزمات فيما بعد. على الرغم من تجرية أوريا المرعبة, على الأقل 
لم يغزها الطاعون بواسطة الغرباء بالطريقة التى فعل بها بعد ذلك الجدرى فى 
الأمريكتين. 

يدور الفصل الثانى عن الجذام الذى يبدأ فى العصور الوسطى فى أوريا » 
يتفحص الفصل نمو الموقف المؤثر من المجذومين كمخلوقات موصومة. ثم يستطرد 
لدراسة حالات استخدام هذا "الموقف" فى العالم المستعمر إبان القرن التاسع عشر. 
بداية من هاواى والهندء حتى اتجهت إلى جنوب أفريقيا ونيجيريا والقلبين وماليزيا. 
ينتهى الفصل بملاحظة تحذيرية: على الرغم من وجود علاج فعال للجذام الآن إذا 
استخدم فى الوقت المناسبء يظل "موقف" العصور الوسطى من الجذام كما هى. اذا 
فإن الناس الميالين لقبول الحكمة الغربية السائدة حول الموقف من المجذومين؛ لايبحثون 
أبدًا عن علاج طبى فى وقت مبكر كاف لمنع فقدان الأصابع وأطراف الأقدام التى 
لايمكن تعويضها . 

تعامل الفصل الثالث مع الجدرى فى الأمريكتين وأوربا. أما الفصل الرابع 
قيفحص الطاعون الخفى؛ الزهرى التناسلى» فى أوربا وفى أمريكا بعد عام ١451 ٠‏ 
وينتهى الفصل بمناقشة الطرق التى واجهت فيها حضارة الصين المعتزة بينفسها 
الموقف من الزهرى. 

الكوليرا فى الهند ويريطانيا هى موضوع الفصل الخامس. خلال سنوات الحكم 
البريطانى ١185‏ - 19417 سببت الكوليرا وفاة أكثر من 74 مليون فرد. لكن قبل 
وصول البريطانيينء ما كان من المحتمل أن توجه الكوليرا مثل هذا التهديد الكبير 
لشبه القارة ككلء لذا يمكن النظر إلى الكوليرا باعتبارها مرض الاحتلال الجوهرى. 
فى الجزر البريطانية. حيث ضرب المرض أولا فى ,١47١‏ كان ينظر إلى الكوليرا 
والموقف منها (فى هذا المثل الموقف' لا ينتمى إلى تجربة الاحتلال) كسندان تضرب 
عليه الطبقة الوسطى الناشئة أعداءها الاجتماعيين وهم طوائف المهنيين والعمالء 
الذين كانوا السكان الحقيقيين فى إنجلترا حسب المفهوم القديم. 


61 


عولجت الملاريا والحمى الصفراء فى عالم الأطلنطى (إفريقياء الكاريبى, 
الأراضى الأمريكية) فى القصل قبل الأخير. فى تطور هذين المرضين كانت التنمية 
(شملت الهجرة الإجيارية لجهد ملايين العمال من الشرق إلى الغرب) مرة أخرى هى 
القوة المحركة الأساسية. كانت المواقف من المرض مهمة فى تشكيل التوجهات السائدة 
للناس مثلما حدث مع الجذام فى القرن التاسع عشر. يقرر الموقف من مرض الحمى 
الصفراء أن الأفارقة السود لديهم مناعة طبيعية ضد المرض . هذا الفهم الخبيث تم 
تبنيه لإظهار أن إله المسيحية خلقهم بصورة خاصة ليخدموا كعبيد فى شمال ووسط 
وجنوب أمريكا. فى أفريقيا وليفربول فى تسعينيات القرن التاسع عشر همش رجال 
الطب البريطانيون السود أكثر بإيجاد موقف من الملاريا. 

هذه الرؤية الجافة فى استعمال الأمراض الوبائية فى الماضى تؤدى إلى الفصل 
الأخير "ماذا بعد" والذى تبنى مناقشة مختصرة عن هذا الوضع حتى الوقت الذى 
ذهب فيه هذا الكتاب إلى المطبعة. وقبل أن أنتهى أقرر حقيقة أنه بناء على رؤية 
روبرت كوخ أنجز الأطباء والفنيون فى النهاية القدرة على مقاومة كل الأمراض 
الويائية التى نوقشت فى هذه الدراسة. فى حالة الملارياء مازال هذا المرض إلى اليوم 
القاتل الأكبر. يمكن الجدل بأن الفشل فى مقاومته يعود إلى حواجز اجتماعية 
- ثقافية - اقتصادية أكثر منه إهمالا تقنيا بحد ذاته. وقد تم القضاء على مرض 
الجدرى بعد التغلب على حواجز مماثلة» من على وجه الأرض فى عام //191. 

بالرغم من تقدم المعلومات الطبية سنة بعد سنة؛ يبقى رجال الطب جزم من 
نظام اجتماعى أكبرء ولا يمكن تفادى الدور الذى تلعبه قيمهم الكامنة. بهذا يكون 
فى الشمال المتقدم وفى بعض المناطق الحضرية فى المناطق الحارة. مجموعات 
رئيسية من السكان عندها جدول أعمال للمكاسب الشخصية لا يعطى أولوية 
كبيرة لمقاومة الأمراض المعدية التى توجد غالبًا الآن فى الجنوب. ويبقى أن الناس 
العاديين من النوع الذى لاحظه إلكسندر كينجلاك فى المقابر القاهرية فى عام 218570 


02 


ورأيت أنا فى شوارع القاهرة مرارًا وتكراراء أظهروا رغبتهم فى قبول تساوى 
القيمة والكرامة لكل شركائهم من البشرء فى مثل هؤلاء الناس توجد بذور مستقبل 
أكثر إنسانية. 


63 


الفصل الأول 
الاستجابة البشرية للطاعون 
فى أوربا الغربية والشرق الأوسط ١"‏ - 1844 


م 


مقدمة 


فى صيف عام ١741‏ اعتلت الفئران والبراغيث المصابة بالطاعون الدملى 
(الليمفاوى) متن السفن التجارية الجنوية فى "كافا" [ميناء - ت] على البحر الأسودء 
وفى هذه السنة مرت بعض هذه السفن خلال الدردنيل [يتركيا- ت] ثم رست فى 
مسينا (صقلية)؛ بعد ذلك أبحرت إلى بيزا وجنوا ومرسيليا: بعض السفن الجنوية 
الأخرى أبحرت مباشرة من "كافا' إلى مصبات نهر النيل فى مصر. وخلال بضعة 
أشهر بدأ وباء من نوع غير معروف للمعاصرين فى قتل الرجال والنساء والأطفال على 
جانبى البحر المتوسط. ويانقضاء عام ١744‏ بدأ الطاعون فى مهاجمة السكان على 
طول شواطئ المحيطين الأطلنطى والبلطيق. يعد ذلك صعد إلى الأتهار؛ وعلى طول 
الممرات وعبر الحقولء حتى وصل إلى الأوربيين الذين بعيشون فى عمق الداخل. 

مع ندرة المعلومات التى يعتمد عليهاء قد يبدى أنه خلال السنوات الخمس 
)١1701-1741(‏ انتشر الموت الأسودء وتراوحت نسبة الوفاة بين ثمن إلى ثلثى عدد 
سكان المنطقة. وزيادة على ذلك قد يكون أدى إلى وفاة ثلاثة من كل عشرة من 
الأوربيين» تاركًا ما يقرب من 14 مليون قتيل. ويظل هذا أسوأ كارثة لمرض وبائى فى 
أوربا منذ انهيار الإمبراطورية الرومانية!"). 


65 


كانت نسبة الإصابة فى الشرق الأوسط الإسلامى أيضًا مرعبة للغاية: فقد مات 
ما بين ربع وثلث السكان تقريبًا. كتب ابن الخطمية وهو مؤلف طبيب من الأندلس 
(جنوب إسبانيا المسلمة) فى عام ١١51‏ يشهد أن: 
هذا مثال على المآثر العجيبة والقوة الإلهية لأنه لم تحدث من قبل 
حوله؛ لأن المرض جديد... الله وحده يعلم متى سوف ينتهى هذا 
المرضص7). 
فى السنوات التى تلت عام ١6؟1١,‏ استمر الطاعون الدملى فى الظهور بطريقة 
وجود حصانة لأية شريحة من الأفراد, يبدو أنه فى كل ارتداد ثان أو ثالث كان 
الطاعون يستهدف نساء المناطق الحوامل والأطفال الصغار. كان التأثير النهائى 
هو القضاء على أى نمو لبراعم الزيادة السكانية بموت صغار السكان قبل أن يكيروا 
بما يكفى ليكون لهم أطفال. فى حالة فلورنسا سيئة الحظء التى عرفت عامة بأنها 
مهد حركة النهضة:, تركت المدينة بعدد سكان يبلغ أكثر قليلاً من ثلث عدد 
سكانها البالغ ٠٠١٠٠١‏ قبل الطاعون بعد أن ضريبت ثمانى مرات بالوياء بين عام 
١‏ اوعام 8127 01), 


عندئذ ولأسباب ظلت غير واضحة: بعد حوالى عام ١46٠‏ بدأت نسبة الوفيات فى 
العالم المسيحى فى الاختلاف عما هو موجود فى الشرق الإسلامى؛ ففى الإقليم 
الأخير استمر الوياء كزائر متكرر ينتقص من عدد السكان حتى عام ١184٠‏ على 
النقيض مما كان يحدث فى أوريا التى ظل الطابع الريفى يغلب عليها , ما عدا 
انتشارًا محليًا محدودًاء مثل الذى ضرب المراكز الحضرية فى الشمال الإيطالى فى 
عام ,١09/1- ١61/0‏ .178 - 17831 1707, فانتهت قدرة الطاعون على تقليل عدد 
السكان فى عمر الإنجاب بطريقة ملموسة فى منتصف القرن الخامس عشر. بعد 
ذلك أصبح وياء الطاعون أكثر عشوائية» فاختفى من مناطق كاملة لعقود. هذا النسق 


66 


جعل عدد السكان يعود إلى وضهه الطبيعى بالتدريج: حتى ازداد إلى ما قبل نسب 
عام /51 5١م‏ (8). 
خلال هذا الإطارء ويددءًا بأوربا الغربية سوف أكشف عن السبب الذى من أجله 
تستجب النخب للطاعون كازمة لمرض فريد من نوعه تستدعى استجابة خاصة حتى 
حوالى عام ٠55١؛‏ وقتها فقط ابتكر الشمال الإيطالى الناشئ بقوة. سياسات خاصة 
بالطاعون تعتمد على ما سوف أسميه "مفهوم النظاء"(*) 0( . +006 01 لإوهاهة0١‏ يعد أن 
أدخلت هذه السياسات فى معظم المقاطعات التابعة سياسيًا فى أوريا (توسكانى, 
ليجورياء لمباردى؛ فينسسيا) كانت هناك فترة ٠٠١‏ عام قبل أن تعطى [ هذه 
السياسات - ت] تطبيقات عامة على مستوى القارة كما استعملت. من المحتمل أن 
الحجر الصحى 003,381126 وتقنيات المقاومة القياسية الأخرى بعد عام 117١‏ كانوا 
العوامل التى أرغمت الوياء على التراجعء مع أنه ليس كل الخبراء يوافقون على 
ذلك0). وإذ كان الأمر كذلك. وضح بقوة أن هذه السياسات الجديدة أعاقت بشدة 
الأفكار التقليدية حول الدور الملائم للحكام والذين يُحكمون. وهكذا قوى نشوء 
"مقاومة الطاعون' بشدة كل من صورة وحقيقة سلطة النخب كما سوف نرى فى 
نطاق أوريا. 


وإذا تحولنا إلى الإمبراطورية المملوكية المتمركزة فى القاهرة وإلى نظام الأتراك 
العثمانيين الذى جاء بعدها عام :١6١1/‏ سيكون البحث عن سبب عدم ظهور سياسة 
للتدخل حتى أصبح محمد على واليًا على مصر فى عام .ما فى هذه الفترة وقف 


(*) مفهوم النظام: :0606 01 '/ا960109! هو موقف فكرى يقوم بالأساس على الأفكار الكلية وقدرة العقل 
على صياغتها وإمكانية المجتمع على قبولها والالتزام بها. وهو يختلف عن إيديولوجية النظام؛ فلكل 
دولة نظامها أو إيديولوجيتها السياسية والاقتصادية؛ فالليبرالية والاشتراكية والفاشية والنازية 
والاستبداد كنظام سياسىء وحرية السوق وسيطرة الدولة على وسائل الإنتاج كنظام اقتصادى هى 
إيديولوجية تتبعها الدولة. ومن هذه الناحية فتلك النظم شأنها أيضا شأن أساليب مكافحة الأمراض هى 
أيضا أفكار كلية. . 


067 


عدد سكان مصر عند ؟ ملايين بالكاد؛ أى أقل من ثلث ما كان سابقًا على ظهور 
الطاعون عام 141؟١.‏ 

فى هذا الفصلء لا أنوى أن أدخل فى مناقشة حول تناقص عدد السكان فى 
الريقف والحضرء والذى سببه الموت الأسود وما تلاه من الأويئة, والدور الذى لعبه هذا 
التناقص على المستوى البعيد فى ثروات الأقاليم المختلفة لأوربا الغربية والشرق 
الأوسط. تجب الإشارة على كل حال إلى أن هذه المناقشة أدت إلى اكتشاف غير 
محسوس يتمثل فى أن النقص المفاجئ فى عدد البشر كان فقط أحد المتغيرات التى 
يمكن أن تغير بطريقة حاسمة التوازن بين الأقاليم ذات النظام القديم والاقتصاد 
المنتتعش (مثل الشمال الإيطالى) وأقاليم مثل انجلترا وهولندا التى ظهر فيها نظام 
جديد للمشروع النفعى. بالنسبة إلى إيطالياء قارن المؤرخ س. ر ابستين من كامبردج 
حديئًا بين مصير سيسلى وتوسكانى. وقد رأى أن وفيات الطاعون الويائية ريما 
أضعفت فى البداية أهمية كلا الإقليمين فى تجارة المسافات الطويلة فى البضائع 
الترفيهية (ذات الأهمية الخاصة للنخب), وما يفوق ذلك أهمية كان تأثير تناقص عدد 
السكان الفجائى على نم الأسواق الإقليمية فى البضائع غير الترفيهية ومعها التمى 
فى نسبة السكان المحليين الذين يعتمدون على التعامل فى الأسواق من أجل تدبير 
معاشهم أكثر من الاعتماد على الزراعة فى كل إقليم. ما أهتم به أكثر كان الإطار 
المؤسسى والموقف الفكرى للطبقة الحاكمة. وفى وضع قليل الوضوح حيث الصراع بين 
طيقة الحكام المتنافسين باتت مناطق واسعة من حياة الناس العاديين غير منظمة (كما 
هو الوضع فى صقلية). الفلاحون والعمال الذين نجوا من الطاعون قد حصلوا على 
مكان للعمل خارج استراتيجيات المدى الطويل لتحسين الوضع العائلىء وإذا أصبحوا 
قادرين على التحكم فى أسلوب إنفاقهم وحجم العائلة, كان بإمكانهم إنتاج البضائع 
المميزة للبيع فى الأسواق الإقليمية مما أعطاهم دخلاً إضافيًا يحتاجونه كى يصبحوا 
مستهلكين فى سوق منظم. على العكس من ذلك كانت فلورنسا عصر النهضة 
وتوابعها ذات الإطار المؤفسسى الذى يتميز بالسلطوية والكفاءة فى فترة الطاعون, 


668 


واستمر هكذا بعد نزيف السكان فى فترة ١74/4‏ - ٠40١ء‏ حيث منع عبء الضرائبي 
ومتطلبات العمل التى فرضت على الناس العاديين من الارتفاع فوق مستوى الفقر("). 
هنا نجد فى إقليمين قد ضريا بنفس المرض القاتل بالجملة أنماطا مختلفة من 
تصرفات النخب نتجت عنها نتائج مختلفة تماما. 


تغيير الموقف تجاه المرض: 


مؤخرا كتب آنتونى مولوهى عن الحاجة إلى لغة “بها يمكن التعبير عن... اختلاف 
ثقافة أواخر العصور الوسطى الإيطالية"). فى هذا الماضى المفاير مالت النخب 
المتعلمة التى واجهت الموت الأسود, إلى تفسيره بطريقة تماشت مع أفكارهم عن ماذا 
كان من المفترض أن تسببه كارثة المرض اعتمادا على قراءة المؤلفين اليونانيين 
والرومانيين القدماء('). أحد الأملة على ما كان لدى القدماء هى المدخل الذى وضعه 
أنجلى دى تورا فى حوليات سينا: 
'بدأت الوفيات فى سينا فى مايى (44؟١)‏ كان هذا فظيعًا 
وقاسيًا .... ليس مستطاعا للسان بشر أن يتكلم عن الفظاعة, 
هجرة الآباء للابن والزوجة والزوج... ليس هناك من يقوم بدفن 
الموتى من أجل المال أى الصداقة... وفى العديد من الأماكن فى 
سينا وجدت حفر كبيرة أعدت وكومت بها أعداد غفيرة من 
الموتى... وأنا أنجلوا دى تورا... دفنت أطفالى الخمسة بيدى. 
وكان هناك أولئك الفقراء الذين غطوا بالتراب ونبشت جثثهم 
الكلاب وأخذوا يلوكونها فى المدينة. ولم يكن هناك أى أحد يبكى 
على أى ميت» حيث توقع كل واحد أن يموت(١).‏ 
بالتأمل العميق لهذا الوصفء ومقارنة الكلمات والجمل يبدو أن تورا مدين بالكثير 
لما كتبه المؤرخ القديم ثوكوديدس حول كارثة مرض قيل إنها حدثت بأثينا فى عام 
ق.م., أكثر مما يعود إلى التجرية الحية فى عام /14؟١م.‏ 


09 


عندما عاد الطاعون للظهور فى عام ١7151‏ (كانت أويئة سابقة قد تفشت بين عام 
وعام هلالام ولم يعد يذكرها أحد)؛ كان الرأى اليهودى - المسيحى السائد بين 
المتعلمين يقول إن البشر نوع خاص من الموجودات؛ هم وحدهم يملكون روحًا؛ وهم 
وحدهم يملكون علاقة مستديمة مع الله خالقهم. فى فلورنسا عصر النهضة؛ أضيفت 
إلى هذه التعاليم ذات الأصل الدينى, الفلسفة الأفلاطونية المحدثة ذات المصدر الوثنى 
(مشتقة من كتايات أفلوطين من أسيوط بمصرء توفى عام ٠ا؟م).‏ التى ظهرت مرة 
أخرى فى بدايات القرن الخامس عشر. فى هذا الشكل المقبول مسيحياء تفترض 
نظرية الأفلاطونية أن كل الأشياء الحية ترتبط بسلسلة عظمى للوجود. فى هذه 
السلسلة: يأتى النوع الإنسانى النبيل تاليا بعد الملائكة ورؤساء الملائكة والصحبة 
السماوية الممجدة: ويبتعد بحلقات عديدة عن الفثران ذات المرتبة المتدنية. هذا 
التصور - المرتبط بتلك الفكرة التى ترى أن النوع البشرى فى علاقة فريدة مع الله 
الذى يتحكم بالنجوم - قد أعاق الاعتراف برابطة محتملة بين الإنسان والفئران 
بطريقة مثل تلك التى ينتشر بها الطاعون .)'١(‏ 

تحامل الطبقة المتعلمة على الملاحظة التجريبية؛ التى اعتبرت ممارسة تميز 
الفلاحين والصناع والفئات الدنيا الأخرى, شكل حاجزا آخر للملاحظة الحرة لما كان 
بالأساس ظاهرة جديدة. وهكذاء فى مدينة بستى أزيزى بالشمال الإيطالى فى عام 
ذكر أنه كان هناك "كميات كبيرة من الفئران... يمكن للواحد أن يعد المئات 
منهم فى كل منزل... كانوا يقرضون الأبواب والشبابيك من الجوع'. لكن كانت هناك 
وجهة نظر سائدة عندئذ بأن هذا النوع من السلوك بواسطة الفئران يعتبر كفعل غير 
ظاهرء وغير مرتبط بالطاعون. للإنصاف تجب ملاحظة وجود وقت معين يفصل بين 
موت الفئران الأولى المصابة بالطاعون؛ وتحرك براغيث الفئران من الفأر الميت إلى 
الإنسان الحىء وعملية مص الدم [من الإنسان: ت] ومدة الحضانة التى تتراوح بين 
؟ -5 أيام فى الضحية: يتبعها موت المصاب الأول, بعدئذ الوفاة لكل مجموعات 
الناس؛ شكل هذا أيضًا صعوية لملاحظة أى ارتباط بين سلوك القار والطاعون('). 


0م 


بدأت المحاولات التى أدت فى النهاية إلى الكشف عن غموض العوامل المسيبة 
وطريقة انتقال الطاعون الدملى - فى انتشاره الثالث من ١1890(‏ - ه154١)‏ وبالمقارنة 
كذلك بشكل انتشاره فى الأعوام ١551‏ - 1845 بالثورة العلمية فى القرن السايع 
عشرل”"). إحدى تبعات هذه الثورة الفكرية كانت ابتكار نظرية بديلة استبعدت المكان 
المركزى للنوع الإنسانى فى النظام الكبير للكون. فى طريق امتد على مدى مائتين 
وخمسين سنة, بدأت بعض من هذه المواقف التى ظهرت من بذور الشك فى القرن 
السابع عشر تحدث تاثيرا على التفكير الطبى: مزج الشكوك والملاحظة التجريبية 
للعالم الحقيقى؛ أدى فى النهاية إلى ظهور 'نظرية الجراثيم إلى الوجود. 

اكتشف كل من روبرت كوخ!*) 1477 ولويس باستيرا**) //1817 اللذين عملا 
مستقلين أن ميكروب الأنشراكس!***) *ة:طئهة - مرض الأبقار والخيول الذى يتخطى 
عائليه الأصليين إلى الإنسان - يسببه كائن دقيق جدًا من الصغر بحيث لا يمكن رؤيته 
بالعين المجردة؛ ولكنه من الكبر بما يكفى تحديده بواسطة ميكروسكوب ذى قوة تكبير 
عالية. كان الطبيبان اللذان قد عملا مستقلين كل منهما عن الآخر واللذان طبقا هذه 
النظرة الجديدة للطاعون الدملى (الليمفاوى) هما الدكتور شيبا سابورى كيتا ساتو 
اليابانى (الذى عمل مع كوخ فى برلين بين عام 1847 وعام )١184١‏ والدكتور ألكسندر 
يرشء التلميذ السويسرى للويس باستير وأميلى بروكس. لقد وجد الرجلان وهما فى 
هونج كونج أثناء طاعون ١1844‏ أن العصويات من النوع المعروف الآن باسم -68م قأماو,ة/ 


ل( رويرت كوخ: (1847 - )199١‏ عالم بكتريوتوجى المانى؛ نجح فى عرّل ميكروب الأنثراكس عام ١41/1‏ 
والسل عام 14887 والكوايرا عام ١445‏ حصل على جائزة نويل فى الطب وملم وظائف الأعضاء عام 
م.و١‏ 
(+»*) لويس باستير: ١8487(‏ - 1850) عالم فرنسى فى البكتريولوجى والكيمياء. اكتشف أن التخمر فى اللبن 
والكحول يحدث نتيجة لكائنات حية دقيقة, وهو ما أدى إلى اكتشاف عملية تعقيم اللبن أو البسترة. 
اكتشف أيضا طرقًا للمناعة ضد ميكروب الأنثراكس ومرض الكلب 586195. 


(++*) ميكروب الأنشراكس - ميكروب عصوى يسيب الحمى الفحمية فى الحيوان والإنسان وهو مرض شديد 
الخطورة يؤدى إلى النزيف الحاد والموت المؤكد. 


711 


5 كانت موجودة فى أتسجة الفئران الميتة بالطاعون واليشر الميتين بالطاعون أيضا. 
بعد سنتين؛ وفى بومباى أكد الدكتور باول لويس من فرنسا الرابطة بين الفثران 
والإنسان وهى برغوث الفأر 5أممع5ء 8االزوم00ع . مع أن هناك أنواعًا أخرى من 
براغيث الفار يمكنها أيضا نقل الطاعون:ء يعتقد الآن أن برغوث الفأر من نوع -56» .< 
5 هو الناقل الأساسى للطاعون الدملءا؟'), 


بمجرد العدوى يعصويات الطاعونء يصبح برغوث القأر غير قادر على هضم 
غذائه - دم الفأر - كما يصيح جائعا بضراوة. ويعد موت الفأر من الطاعون يبحث 
البرغوث بيأس حوله. فإذا أتيح الإنسان كعائل متاح ينتقل إليه. ولأن إنسانًا واحدًا 
لا يستطيع نقل الطاعون الدملى بطريقة مباشرة إلى إنسان آخر فإن القوة 
الكامنة!") فى العصويات من نوع 065115 81018,هلا تعتبر الإنسان كعائل ضرورى 
للتكائر . وفى انتظار عائل حيوانى جديدء تكمن البراغيث لفترة تصل إلى ١١‏ يوما فى 
الحبوب (**) (المعدة لصنع الخبز وهى من أساسيات الحياة لمعظم الناس)» أو فى 


(») عادة لكل نوع من أنواع اليراغيث عائل خاص., فالإنسان والكلاب والقطط والقئران لكل منهم نوع معين 
من البراغيث. ولكن تحت ظروف كثيرة منها قدرة البرغوث على القفز ومنها البحث عن الطعام تنتقل هذه 
الأنواع من البراغيث يسهولة لتتغذى على دماء عوائل أخرى غير عوائلها الأصلية. ويذلك يمكن أن نجد 
على الإنسان برغوث الفئران والقطط والكلاب. كما يمكن أن نجد على القطط براغيث الإنسان والفئران. 
وهو سلوك يشترك فيه البرغوث مع حشرات أخرى مثل البعوض الذى يتقذى على دماء العديد من 
الحيوانات. ومن ناحية أخرى يتكاثر ميكروب الطاعون قى جسم البرغوث والقئران والإنسان. ولسبب غير 
معروف فى وياء الطاعون فإن الميكروب يتكاثر بطريقة سريعة جدًا ليكتسب القوة الفعّالة والشدة اللازمين 
قبل أن ينتقل إلى الإنسان ليحدث فيه المرض وليس لهذا علاقة بالقوة الكامنة للميكروب التى تجعله 
مضطرًا للتكاثر فى الإنسان يصفته دربا غير نافذ. 

(*») تضع البراغيث بيضها فى الأرض الرملية والترابية لمسكن الإنسان وفى جحور الفئران. ويعد فقس 
البيض تتغذى اليرقات على الكائنات العضوية الموجودة بالترية ومنها براز الفثران والقطط والكلاب 
والإنسان, لتتحول اليرقات إلى عذراء ثم إلى حشرة كاملة. لذلك فتكاثر البراغيث يستلزم بالضرورة وجود 
الأرض الترابية أى الرملية: ولا يمكن أن تتكاثر فى الأرض الأسمتتية. ويطريقة استثنائية تماما تتكاثر فى 
الحبوب لأن أجزاء الفم لليرقات غير مهيأة لمضغ قشرة السيلولوز المحيطة بالحبوب, كما أن البراغيث 
لا تتكاثر فى الملابس, ولكن يمكن أن تختبئ وتنتقل عن طريق الملابس وأشياء كثيرة أخرى . 


72 


الأشياء الناعمة البيضاء مثل الملايس الصوفية. وحيث كانت الحبوب والملايس من 
القوائم المهمة فى التجارة؛ فإن تصديرها يعد من أحد أهم الطرق التى ينشر بها 
الإنسان الطاعون!؟'). 

يأتى اسم الطاعون من التوع الليمفاوى (الدملى) من اسم الورم فى غدد 
الإنسان الليمفاوية بمنطقة بداية الفخذين وتحت الإبط وفى أعلى الرقبة تحت الأذن. 
وقد أظهر فحص الصفة التشريحية فى نهاية القرن الرابع عشر والقرن الخامس عشر 
وحود أورام فى حجم البيضة أى فى حجم ثمرة الجريب فروت. بعض المرضى الذين لم 
يظهروا أورامًا ظاهرة [ فى الفدد الليمفاوية: ت] اتضح أنهم يموتون نتيجة للأورام 
الداخلية للأنسجة التى تجاور الأعضاء الحيوية مثل الكبد. وتصل نسبة الوفاة فى 
الطاعون الليمفاوى من 75٠١‏ إلى //٠١‏ اعتمادًا على وقت حدوث العدوى وعادة ما 
يكون الميكروب مميتا فى الشهور الأولى من وصوله. مع كل ذلك فى عام ١١141‏ - 
4 استمرت هذه المرحلة المميتة فى كل من الصيف والشتاء!*) وفى أآفنيون انتشر 
الطاعون فى يناير 374 وكسب شاهد عيان فو الدكتور جى. دى. شولياك» استمر 
الوياء لمدة سبعة أشهر. عموما. يعد منتصف القرن الخامس عشر كانت 
الطريقة الاعتيادية للطاعون تتمثل فى انحصار مرحلته المميتة فى أشهر الصيف» 
الطاعون كثيرا هذا الأسلوب فى الانتشار. وعلى العكس؛ وطبقًا لتقديرات بدايات 
القرن التاسع عشر فى مصر والإسكندرية يصل الطاعون عادة إلى ذروته فى بدايات 
يوليو وينتهى فى أكتوير. فى أسيوط التى تبعد أكثر إلى الجنوب؛ تبدأ هجرة الفئران 
بعد حصاد الحقول على طول نهر النيل إلى أماكن وجود السكان بين أغسطس 


(») يعتبر فصل الخريف والربيع هما الفصلان المناسبان لتكاثر الحشرات ومنها البراغيث. ويذلك يكون فصلا 
الشتاء والصيف هما القصلان اللذان يشهدان انتشار وباء الطاعون . 


73 


وسبتمير وهى أكثر شهور السنئة مناسبة لتكاثر اليراغيتثء لذا كانت أعداد كبيرة من 
الناس تبدأ فى الموت بعد يناير (1"). 

لا يميز الطاعون الليمفاوى (الدملى) بين الأفرادء فالناس ذو المراتب العليا فى 
المكان الخطأ والوقت الخطأ يسقطون صرعى مثلهم مثل أنصاف الجائعين من 
المشردين أو الفلاحين. زد على ذلك أنه ليست هناك مناعة طويلة الأمد: فهؤلاء الذين 
يتعافون من النوية يمكن أن يموتوا فى السنة التالية. ريما بسبب هذا لم ير الأوربيون 
الذين شاهدوا ما يعتقد أنه الطاعون فى القرن السادس عشر فى أمريكا الوسطى, 
موتا بالطاعون يتميز بانتقائية عنصرية ("), 

بالإضافة إلى الطاعون الليمفاوى المعروف بدقة؛ هناك شكلان آخران من المرض»؛ 
يعتمدان على وجود الطاعون الليمقاوى فى جسد الضحية الأولى. فى الشكل الأولء 
العائل الناقل هو اليرغوث اليشرى من نوع 35م ياعاناط: إذا غير برغوث بشرى 
مصاب العائل وانتقل إلى إنسان آخر فإنه ينقل الميكروب مباشرة إلى تيار الدم؛ الوفاة 
خلال ساعات محدودة تكون مؤكدة فى الغالب. فى فترة ما قبل القرن التاأسع عشر 
فى أورباء كان هناك اثنان أو ثلاثة من الأفراد ينامون فى نقس الفراشء لذا لم يكن 
من الصعب على البرغوث البشرى أن ينتقل من شخص إلى أخر. الشكل الثالث من 
الطاعون هو الطاعون الرئوى حيث تنتقل العدوى الثانوية إلى الرئة عن طريق وجود 
الشكل الليمفاوى فى الضحية الأولى. وفى هذه الحالة فالمرض معد (ينتقل من شخص 
إلى آخر بطريقة مباشرة) ويمكن أن ينتقل بواسطة رذاذ زقير المصاب أثناء التنفس 
أو عن طريق بصاقه المدمم. وتتراوح فترة الحضانة!") فى الطاعون الرئوى بين يوم 
وستة أيام, كما يصل معدل الوفاة إلى /٠٠١‏ (1'). ويرى بعض المؤرخين أن موت ثلث 





(«) فترة الحضانة هى الفترة التى تبدأ من وقت دخول ميكروب الطاعون إلى تيار الدم عن طريق فم البراغيث 
المهيأة لقطع الجلد وامتصاص الدم حتى ظهور الاعراض. 


74 


عدد السكان وقت اجتاح الطاعون أوربا ١501١ - ١751/‏ كان بسيب وجود الشكلين؛ 
الليمفاوى والرئوى مع بعضهما البعض. ويبدو محتملا أن اقتران الأشكال المختلفة 
كانت فى بعض الأحيان وراء الوياء فى مصر. 

فى أوربا الغربية هناك نوعان من الفئران يبدو أن لهما دورًا فى انتشار 
الطاعون. الفار الأسود 2065 834135 وآخر من عدة أنوا ع من فار الحقل أو الفأر 
المحلى. وعند وصول فر خارجى إلى مناطق أنواع الفثر المحلى قد يتداخل مع مناطق 
الفار الأسود المقيم. إن الفأر المحلى عادة لا يتصل مباشرة بالإنسان؛ على العكس, 
فالفار الأسود 8885 834185 يفضل أن يقيم جحوره بالقرب من مخازن الغلال 
أى منازل الإنسان. هذا النوع من الفئران يمكنه الصعود للسفن والاختباء فى أمتعة 
المسافرين المخزنة على أرصفة الموانئ. فى منتصف العقد الرابع من القرن الرابع 
عشر من المحتمل أن القار الأسودء الذى صاحب التجار على طريق الحرير من آسيا 
الوسطى إلى مراكز التجارة الشرقية الغربية بالقرب من بلخ فى أوزيكستان ومنها إلى 
البحر الأسود؛ نقل الطاعون إلى "كافا" فى “كريميا". ومن “كافا" انتقل الفثر الحامل 
للطاعون بواسطة السفن إلى "ميسنا" حيث لم يجد أية صعوية فى الهبوط على حبال 
القنب (التى تثبت السفن بأرصفة الموانئ) ووجد طريقه إلى اليايسة. 

بمجرد وجوده على الأرض (كما فى مسينا) يفضل الفار الأسود إقامة جحوره 
بالقرب من أماكن وجود البشر. ولأن الوجبات المفضلة لكل من الناس والقئران 
متماطة؛ يقيم القفار الأسود جحوره بالقرب من مخازن الحبوب أو الدقيق؛ فقد كان 
الخبازون والطحانون باستمرار هم الضحايا الأوائل للطاعون. وعندما تصبح جحور 
الفأر الأسود مصابة بالبراغيث الناقلة للمرضء ربما تندفع الفئران المريضة والميتة إلى 
السطح كما حدث فى عام ١177م‏ فى بستى أرسيزو 'يمكن للواحد أن يعدهم بالمثات 
فى كل منزل'9'). فى مصر العليا بنى معظم الفلاحين أوكار الحمام على أسطح 
منازلهم فى العقد الرابع من القرن التاسع عشر ومن المحتمل كذلك أنهم فعلوا ذلك 
قبل هذا التاريخ يكثيرء وقد مر أسبوعان قبل موت التاس بالطاعون فى الغرف 


75 


السفلية» وتساقطت الفتران الميتة (يينما اتجهت الفئران الحية إلى البيض الذى وضعه 
الحمام) من بين عروق الأسقف الخشبية. ومن السخرية أن الفلاحين يتمسكون بتقاليد 
ترى فى المنزل الذى يبنى فيه الحمام أوكاره أنه ينجو من الطاعون("'). 

تعد معلوماتنا شحيحة حول طريقة نقل المرض بين الفئران والبراغيث فى أوريا 
خلال فترة الانتشار الثانى للطاعون. قد يكون القرب من كل ميناء بحرى أو سوق 
للمدينة هو الذى مكن البراغيث الحاملة للطاعون من الفئران السوداء أن تجد طريقها 
إلى جحور الفئران المحلية. وإذ تتغذى على دماء عوائلها من القوارض تتجه البراغيث 
المصابة إلى داخل البلاد من مكان إلى آخر. ويوصولها إلى حدود التجمعات البشرية, 
يحتمل أن تترك البراغيث الفئران المحلية الميتة وتتغذى لفترة على الفئران السوداء, 
المصاحبة والقريبة للتجمعات البشرية. لحسن الحظ (من وجهة نظر بشرية) اتجهت 
الفئران المحلية فى الجحور المصابة إلى الموت تدريجيا من ست إلى عشر سنوات؛ ولو 
أن الفئران السوداء فى الجحور المصابة ماتت فى وقت أقصر. هذا الأسلوب يعنى أنه 
ليس هناك مستودعات ويائية دائمة للعدوى بين الحيوانات فى أوربا أو مصر فى 
التاريخ المكتوب. إذ إنه بمجرد خلو منطقة للفئران المحلية من الطاعون تصبح المنطقة 
بحد ذاتها خالية لحين دخول مصدر جديد للميكروب عن طريق وسائل الانتقال البشرية 
من مصدر المرض الدائم فى آسيا الوسطى. كانت هذه الحوادث الطبيعية (التى لم 
يعلم أحد فى ذلك الوقت أى شىء عنها) هى التى مكنت فرض المقاومة عن طريق 
الحجر الصحى بواسطة الحكومات الإيطالية فى العقد الخامس من القرن الرابع عشرء 
وأن تصبح التطبيقات العامة المأخون بها فى أوربا الغربية بعد العقد السادس من 
القرن السادس عشر فعالة(!"). 


النموذج المهنى: الاستمرارية والتغير 
خلال القرن الأول للطاعون؛ إما أن حكام المدن شبه المستقلة الأوربية لم 
يستجيبوا بطريقة رسمية للوياء» أى إذا كان مطلويا عمل شىء ماء استخدموا طرقا 


70 


للمقاومة من النوع الذى يستخدم عند التعامل مع أزمات المرض عامة. المنطق وراء 
ذلك كان بسيطا. حتى بالنسبة لأكثر المناطق تقدما فى أوربا وهى المدن التجارية 


بشمال إيطاليا وشبه الجزيرة الأيبيرية, وصل الحكام حديئًا جدًا (العقد التاسع من 
القرن الثالث عشر) إلى اعتبار الصحة العامة اهتماما عاما 9"). 


تقبل حكام المدن الإيطالية حديثا إعادة تقسير التعاليم الطبية [ حول العوامل - ت ] 
الستة غير الطبيعية!*) التى تصورها القدماء (مثل هيبوقراط وجالينوس) والتى 
تسبب المرض كجزء من اهتماماتهم الجديدة فى الصحة كشان عام. وفى موضوعنا 
هذاء كان أهم هذه الأسبابء والذى أطلق عليه أهل العصور الوسطى "المناخ”, والذى 
ترجم إلى البيئة الفيزيقية - الاجتماعية» يشمل الهواء. اعتقد علماء القرن الرابع عشر 
أن الهواء الملوث على شكل مياسما (من اللفة اليونانية: قذر وسخ, دنس) يسبب 
الأمراض. أحد الأشياء الأخرى غير الطبيعية وهى من جنس المقولات [الفلسفية: ت] 
"إصابة الروح” والذى ترجم إلى الانهيار العقلى أو مانخوليا. باستعمال أداة المنطق 
(برهان أى حجة بواسطة القياس). والذى طبقه غالبًا مدرسو العصور الوسطى على 
كتابات الوثنيين القدماء (مثل أرسطو وأفلاطون) ليدمجوها فى خط واحد مع العقيدة 
المسيحية؛ "إصابة الروح” جاءت لتعنى اعتلال الصحة بسبب تلوث محيط المكان 
(المدينة أو دولة المدينة)!''). وياستعمال أداة أخيرة لمنطق المدرسيين؛ كان من المعتقد 
أن المجتمع ريما كان هدفا لغضب الله (فى شكل مياسما) ليظهر انتقامه ضد 
انتهاكات البعض!!'). 


بناء على تلك المفاهيم المعلومة؛ قبل 1741 (وظهور الطاعون) عندما ضرب شمال 
إيطاليا الآخذ فى التوسع أى مدينة أراجونزى بالأنفلونزاء أو حمى غريبة أو أية 


(») العوامل الطبيعية: حسب النموذج الطبى القديم تقع أسباب الأمراض تحت قسمين كبيرين وهما: العوامل 
الطبيعية والعوامل غير الطبيعية. وتشمل العوامل الطبيعية المسيبات الذاتية داخل جسم الكائن الحى 
وتدور كلها حول نظرية الأخلاط الأربعة. أما العوامل غير الطبيعية فتشمل العوامل المحديطة بالكائن الحى 
وهى البيئة الفيزيقية - الاجتماعية التى منها الهواء والماء والتربة والمناخ . 


77 


مشكلة مرضية. طبقت السلطات قواعد الطوارئ. حسب هذا النظام فإن أكوام أحشاء 
الحيوانات التى يتركها الجزارون لتتعفن أمام محلاتهم؛ والنفايات والسوائل التى 
يلقيها عمال الجلود فى الشوارع والمخلفات البشرية التى يلقيها الناس أمام أبوابهم 
وكل الأشياء الأخرى ذوات الروائح الكريهة. كانت تجمع وتكوم خارج المدينة. وإذا 
كانت الأزمة المرضية خطيرة بطريقة غير عادية (مفهوم ذاتى لم يكن متفقًا عليه على 
مر السنين) كانوا أيضا يطردون العاهرات وكذلك الناس الآخرين الفاسدين أخلاقيا 
خارج المدينة. 

فى مدن توسكانى [التى كانت : ت] فى طليعة الفكر العلمانى المدنى مثل 
فلورنسا وسيناء تمت مواجهة انتشار الطاعون فى ١741‏ - 11858 بهذه الوسائل 
الحديثة لرد الفعل ضد المرض. أعطيت الأوامر بكنس الشوارع لتصبح نظيفة؛ كما أن 
هذه الفضلات ذات الروائح الكريهة والجثث العفنة يجب أن تدفن على وجه 
السرعة. وقتئذء حتى عناصر من ردود الفعل القديمة ضد الأزمات استعملت 
بواسطة القسس المسيحيين, كما أنه طلب من ممثلين من رجال الفكر المشاركة فى 
الاحتفالات التكفيرية لاستعطاف غضب الرب. ولأن الأزمة نظر إليها على أنها خطيرة 
بصفة خاصة, كان أى فرد يتبع أى نمط غريب من الحياة ينظر إليه على أنه متعد على 
الله ويجب لعنه(*"). 

فى فلورنسا عام ١١4/8‏ قام مجلس صحى مؤقت مثل الذى كان قبل الطاعون, 
للإشراف على هذه الأنشطة. على كلء لم تقم مجالس صحية خلال الوباء الأخير (قيل 
عام )١156٠‏ لأنه لم يكن هناك عدد كاف من رجال الإدارة موجودًا فى المدينة لكى 
يعينوا فى هذه المجالسء فقد تنبهوا بواسطة نظام تحذيرهم الخاصء وانتقل معظم 
أفراد 5.0٠‏ عائلة فلورنسية كبيرة إلى أماكن معروفة بخلوها من الطاعون. أصبح 
الشعار هنا وفى كل مكان فى أوربا "اهرب مبكرًا, اهرب بعيداء وعد متأخرا” هو رد 
الفعل المعتاد لأصحاب الأملاك لشائعات الطاعون!! '). 


768 


ظل رجال الإدارة الفلورنسيون حتى مع اندفاعهم لإنقاذ أنفسهم بالهرب, قلقين 
بشأن احتمال أن يحكم عامة الناس الذين تركوهم خلفهم السيطرة على المدينة» وهذا 
الخوف ريما كان مبررا. فى صيف عام ١718‏ عندما نشأت نزاعات حزبية شلت 
بطريقة مؤقتة النخب الفلورنسية؛ استطاع عمال الصوف الثائرون السيطرة على 
الحكومة وظلوا محتفظين بالسلطة لعدة شهور. وفى السنوات التالية» كان الرجال من 
طبقة رجال الإدارة خائفين خشية أن يتكرر هذا مرة ثانية. وهى ما حدث على وجه 
التقريب فى طاعون ١17178,‏ فى 3١‏ يوليوء الذكرى السنوية لثورة تشومبى 217174 
احتشد العمال الفلورنسيون حول المديئة وهم يهتفون بشعارات العصيان. لحسن حظ 
ثقافة عصر النهضة الآخذة فى التكوين, تم القبض عليهم وعذبوا وأعدموا. عندئذ, 
وحسب كاتب الحوليات” مارشيونى سيتفاني: 


سنت عدة قوانين تمنع نم المواطنين من المغادرة بسبب القول يوجود الطاعون. . لأنهم 
خافوا أن الصغير (العنيد)!”) قد لا يغادر» وقد يثورء وقد يتحد معه المستاون. لكنه من 
المستحيل الاحتفاظ ا لأن الوحوش الكبيرة والقوية تستطيع دومًا 
القفز وتدمير الحواجز"") 

أكثر من سبعين سنة كانت لتمر قبل أن تطور الأوليجاركية الفلورنسية سياسة 
قد تخيف عامة الناس تحت قناع مقاومة انتشار الطاعون. 

قبل عام ١45٠‏ وفى غياب رد فعل خاص بالطاعون بواسطة رجال الإدارة» أخذت 
اثنتان من المجموعات المتخصصة - رجال الدين المسيحى والأطباء المتعلمون 
بالجانعات - المبادرة فى توضيح ما يسببه وياء الطاعون. من بين المجموعتين. كان 
رجال الدين الأكثر عدداء فعكسوا حقيقة أنه بسنوات ١١58/8 - ١781‏ كانت العقيدة 





(*) صفات أطلقت على الطاعون فى العصور الوسطى. الصغير بمعنى أنه غير محسوس لا يرى. والعنيد 
بمعنى عدم القدرة على علاجه وهو الذى يميت العدد الكبير من السكان. 


79 


الممسيحية تابتة بقوة بين /٠‏ من السكان الأوربيين الذين يعيشون فى المدن التى 
يتراوح عددها بين 1.٠٠١‏ وأكثر. أما ال /65٠١‏ الباقية الذين يعيشون فى القرى 
الصغيرة أو المناطق المتفرقة فكان يمكن أو لا يمكن أن يحصلوا على أية خدمات من 
رجال الدين. وإذا حدثت مثل هذه الخدمة» فرجل الدين الذى يقدمها عادة ما يكون إما 
نصف أمى أى من أصل ريفى 2), 

من بين ال١٠/‏ من عدد السكان الذين كانوا حضريين ومسيحيين تماما فى نفس 
الوقت (والذين مالوا إلى ازدراء الفلاحين البلداء السذج), كان أول رد فعل لأنياء 
انتشار الموت الأسود فى مدن الموانئ الإيطالية» أن المعبود الغاضب قد أرسل اللعنة. 
ظن بعضهم أن هذا يستلزم استئصال غير المؤمنين وذلك تحت تأثير كهنتهم؛ واتجهت 
الإبادة الجماعية العنيفة إلى اليهود مع أن اختيار الضحايا لم يكن بنفس الطريقة؛ فى 
كل مكان على طول نهر الراين الطريق الشمالى الجنويى الداخلى الرئيسى للتجارة 
والاتصال فى أورياء ومثل كل ردود الأفعال ضد الطاعون؛ كان رد الفعل هذا تكرارًا 
لما حدث قيلا؛ فى تلك الحالة أدى التطهير العرقى فى العقد التاسع من القرن الحادى 
عشر إلى الحملة الصليبية الأولى!*). 


فى العقد الرابع من القرن الرابع عشر كان اليهود متهمين كما فى الماضى؛ لأنهم 
من نسل الناس الذين يعتقد أنهم صلبوا المسيح على جبل الجلجثة. فمنعوا من نظم 
الحكم ومن زراعة الأرض كفلاحين. بدأ اليهود كجماعات حضرية تخصصت فى بعض 
الأحيان فى إقراض الأموال وفى بيع الأدوية الطبية. أكثر من ذلك درب اليهود أطفالهم 
على تعلم القراءة والكتابة فى سن مبكرة بخلاف معظم الأطفال المسيحيين. ومن بين 


(»*) يخلط المؤلف هنا بين رد فعل المجتمعات الأوربية ضد اليهود بالنسبة لوباء الطاعون من منظور دينى 
وعملية التطهير العرقى. فاليهود فى أوريا وفى أى مكان آخر لا يشكلون عرمًا ولكنهم أصحاب ديانة. 
كما يدعى المؤلف بأن التطهير العرقى المزعوم كان أحد الأسباب التى أدت إلى الحروب الصليبية. وهو 
ادعاء غريب فليس لليهود علاقة من قريب أو بعيد بالحروب الصليبية. 


060 


أعطاهم الوسيلة للمعرفة الطبية القديمة . فى العديد من نظم الحكم بالبلاد الأوربية 
والتى مازال يوجد فيها اليهود (طرد الإنجليكيون اليهود من إنجلترا عام )١59١‏ نسبة 
كبيرة من الأطباء الممارسين المتعلمين كانوا يهودا؛ بدون شك بعض الأطباء غير 
النظاميين كانوا من نفس العقيدة. عموماء كان اليهود أقلية ينظر إليها بصفة خاصة, 
ومن السهولة استهدافها فى وقت الأزمات بسبب سمعتهم,ء وبسيب الملابس المميزة 
التى طلب مجمع لاتيران الرابع (0١؟1١م)‏ من اليهود ارتداءها.("") 

وللتوضيح: تم دفن 8 يهودى أحياء فى ستراسيورج فى يوم القديس 
فالنتين ١1749‏ قبل أن يقترب الطاعون بالفعل. بعد ذلك فقط سقطت سهام الميكروب 
على مدن العصور الوسطى المفلقة جِيدًا وعلى وعاظها. ومما يحسب للبابا كلمنت 
السادس صاحب الحظوة والجاه حينئذ. الذى كان يسكن أآمنا فى غرفة معزولة تمامًا 
فى قصره بآفنيون!') جنوب فرنسا (حين كان مهمومًا بالشياطين المحبوسة فى الإطار 
نموا سسيدة: :0 ), 

بالإضافة إلى دعم الهجوم على اليهودء كان تنظيم المواكب خارج المنازل رد فعل 
المحلية المتنافسة قد وضعت كراهيتها المتبادلة جانبا لينضموا فى عمل للتضامن 
الاجتماعى شكرًا للرب. كانت المواكب الطويلة ذات القصد العلاجى للناس المتراصين 


(») انتقلت البابوية من روما إلى مدينة آفنيون بفرنسا من الفترة ١١١5‏ إلى ١١78‏ نتيجة للصراعات بين 
البابوية وبين الدويلات الإيطالية وفى خلال هذه الفترة تولى سبعة من الفرنسيين منصب البابوية. وقد قرر 


37 


عن قرب ملائمة بإحكام لانتقال البراغيث. وفى باريس عام 817١م‏ كان حاملو 
الذخائر المقدسة الخاصة بالقديس كريبين والكريبيون!') على رأس احتفال وقور 
حضره الآلاف. يطوف فى طريقه أمام كاتدرائية نوتردام ذات البرجين [ الموجودين - ت] 
بجزيرة المدينة المصابة بالطاعون. وضاعف الطاعون من شدته داخل أسوار المدينة 
وانتقل إلى الضواحى؛ وطبعا يمكن تخمين السبب والنتيجة (!"). 
فى إيطالياء ركز رجال الإدارة العلمانيون على فكرة أن ازدحام الناس ينشر 

الطاعون بالعدوى وأن مثل هذه الاحتفاليات قد لا يكون شيئا حسنا. ثم تدخل رجال 
الدين للتعامل مع المشكلة من وجهة نظرهم. ففى يوم الكريسماس ١4917‏ حذر محافظ 
فرنسيسكانى وهو يعظ أمام دوق فينسيا: 

الرجال الأفاضلء أنتم قريبون من الكنائس خوفا من الطاعون 

وأنتم حكماء لتفعلوا ذلك, لكن إذا أراد الله ذلك؛ فليس كافيا 

القرب من الكنائس. إنه سوف يحتاج إلى علاج لأسباب 

الطاعون: من إثم فظيع قد ارتكب, وتجديف على الله والقديسين» 

ومدارس اللواطيينء وعقود الريا اللانهائية التى صكت فى 

ريالتو... والأسوأ, عندما يأتى الرجل الفاضل إلى هذه المدينة 

أنتم تأخذونه لمشاهدة دير الراهبات» ليس دير الراهبات ولكنه 

بيت عام للدعارة. صاحب العظمة الأمير, أنا أعلم أنك تعلم كل 

هذا أفضل منى؛ افعل شيئًا , افعل شيئاء وسوف تقضى على 

الطاعون97؟), 

بنهاية عام :»؛ كان شارلز بروميى أسقف ميلان: أحد مهندسى إعادة تجديد 

الكاثوليكية؛ لا يزال يصر على أهمية تهدئة غضب الله بالمواكب التكفيرية. لم يتوقف 





(») أتباع القديس كريبين: أخوية تعمل فى صناعة الاحذية مجانًا للفقراء, جاءوا من روما منذ القرن الثالث 
الميلادى إلى سواسون (يفرنسا). لهم عيد فى 5؟ أكتوبر من كل عام يحتفل بهذه الأسطورة ٠‏ 


02 


الأمر عند هذا الحد: بل قاطع البايا إربان الثامن مجلس فلورنسا الصحى لمتعه 
المواكي .كاذل حري ناتك الكن اتكلك حيو كل عن قرقينا واشيانيا: الن عمق 
الأراضى الإبطالية فى عام 01 . 


أيد أتباع القديس بيتر هذا الاتجاهء فاستمر الكهنة فى الإبراشيات القروية فى 
التمسك بالاختيار القديم نحو تهدئة غضب الله. فى عام ١77١‏ أهمل الأب دراجونى, 
رئيس كهنة مونت لويو, التحريم الذى صدر من مركز دوقية فلورنسا. وقاد بتحد أتباع 
إيراشيتين فى موكب, دون التنبه إلى النتائج التى قد تؤثر على أجسامهم المعرضة 
للاصابة بالطاعون. وبناء على ذلك مات عدد كبير(”). 

خريجو الجامعات من الأطباء كان لهم دور أيضا فى تشكيل رد الفعل للطاعون. 
ففى عام ١744‏ أخذ ملك فرنسا فيليب السادسء رأى كلية تدريس الطب بباريس حول 
سيب المرض. أفاد رؤساء جامعة السوريون أن الطاعون ظهر إلى الوجود متزامنا مع 
ظهور الكواكب: زحل والمريخ وجوييتر فى 4” مارس .١1740‏ أكثر من ذلك شرحوا أن 
هذه الحوادث غير الاعتيادية للكواكب أدت إلى سخونة الهواءء. الذى أثبت نفسه 
كمياسما فى أورام الطاعون(!؟). 


كان علم النجوم. بالنسبة لمعظم الدارسين الجدد للصحة مجالاً غريبًا؛ فهو جزء 
من نموذج أكبر للصحة توارثه علماء القرن الرابع عشر من اليونان. فى هذا 
الصدد كان الرئيس العظيم هو جالينوس من برجامون (توفى عام ١١"م)‏ الذى قدم 
غاليًا إلى القراء اللاتين خلال ترجمة مقدمات عربية 'لإيساجوجى يوهانيتس". شمل 
العمل الجامع لجالينوس كتابات حتى لمؤلفات أقدم مثل 'هيبوقراط” (تجميع لكتاب 
أطباء من جزيرة كوس فى القرن الخامس ق.م). بالإضافة إلى جالينوس كان 
الطلاب الذين يدرسون فى واحدة من الحجامعات الأربع الرائدة: بادوا ويولوجونا 
ومونتبيلليى وباريس: يدرسون أيضا أرسطو الملقب بالفيلسوف عند ما قبل 
الحداثيين (5"), 


683 


فى مقالة أساسية, قدم ه. ج. كوك إطارا لفهم النموذج الذى من خلاله عمل 
رجال الطب المتعلمون بين القرن الرابع عشر والسابع عشرل'"). كما شرح “كوك". فى 
الجامعة كيف اتفق على منح لقب الطبيب 51613805لا58 إلى من يختصون بدراسة 
الطبيعة 65أولا50. كانت الطبيعة هى دراسة العالم الطبيعى كما كانت جزءًا من 
موضوع أكير يعرف بالفلسفة الطبيعية التى تعتمد بالأساس على أعمال أرسطو. 

فى عالم المؤلفات الضئيلء كان الاعتماد على أرسطى أساسيًا منذ أن أعطى 
الأطباء الحق فى ارتداء "الرداء الرسمى للتعليم' وليصبح "مستشارًا خطيرًا جديرًا 
بالاحترام' سواء فى الكنيسة أم فى المجتمع المدنى. مع ذلك؛ كان للأطباء سلطة أقل 
من التى كانت لمفكرى النجوم الخمسة لهذه الأيام من اللاهوتيين والقضاة!"). وكان 
من المهم لوضعهمء معرفة الأطباء بالحكمة القديمة المكتوية!*), وهى المهارة الأساسية 
الوحيدة التى تميزهم فى الحقيقة عن 'التجريبيين” من العاملين بالطب» وهم الخصوم 
الذيين يفوقونهم عددا. ومع أن عددا قليلا من التجريبيين ريما كانوا مفصولين من 
الجامعة, إلا أن معظمهم قد حصلوا على مهارتهم فى الشفاء بالتعلم بطريقة غير 
رسمية من رؤسائهم التجريبيين. بملاحظة نجاحهم فى علاج ماء وفشلهم فى آخرء 


(*) حسب تقاليد الطب العربى جمع يعض الأفراد بين دراسة العلوم النظرية مثل الفلسفة وعلم أصول الدين 
والمنطق والنحو ويين التاليف فى الطب النظرىء: ويجمع ابن سينا (9480 -/717١1م)‏ بين دراسة هذه 
العلوم والتأليف فى الطبء فله كتاب يعد من أساسيات علم الطب وهو "القانون" الذى كان جزءا أساسيا 
من دراسة الطب فى الجامعات الأوربية. وابن رشد (53؟١١ )١1948-‏ الذى يعد من أكير شارحى أرسطوى 
فى الثقافة الإسلامية جمع أيضًا بين دراسة القلسفة وعلم أصول الفقه والحديث والنحى وله كتاب 
"الكليات” فى الطب. بجائب هذا كان هناك الأطباء المتخصصون فى الطب دراسة وممارسة مثل ابن 
النفيس (/ا0٠؟١‏ - 1788م). وقد استمر هذا التقليد حتى فترة القرن الثامن عشر. فقد كان شيوخ الاأزهر 
يجمعون بين دراسة العلوم النظرية والتاليف فى الطب. فقد ألف الشيخ حسن العطار )1١818 - ١933(‏ 
فى علم الكلام والمنطق والنحو والحديث والأدب ثم درس الطب فى اسطنبول وله مؤلفات عديدة فى علم 
التشريح وعلم الفلك والهندسة. وفى أوريا العصور الوسطى كان يوجد أيضا الأطباء من ذوى الخلفية 
النظرية والذين يرون أنفسهم فى مرتية أعلى من ممارسى مهنة الطب العاديين. 


04 


ويتدوين الملاحظات النظرية. وقد اعتير الأطباء الجامعيون التجريبيين كأجراء من منزلة 
أدنى0""). كتب طبيب إنجليزى يدعى اليعازر دنيك يعظم تفوق وضعه خلال تجربة لندن 
فى الطاعون بين ١1١١ - 1١707‏ يقول: 

يشتق اسم التجرية من الكلمة اليونانية التى تعنى الخبرة. 

وبالتجرية» كما تعرف, يفهم الملتخصص فى الطبيعة: الذى ليس 

لديه معرفة فى الفلسفة والمنطق والنحىء واكن يحصل على كل 

مهاراته من الطبيعة المجردة والمنظورة. يعدها يكون الإهمال هو 

الفارق الذى بعموجبه يختلف هؤلاء الناس عن الأطباء 

الآخرين!"). 

لقد تعلم الأطباء الحقيقيون من جالينوس أن المرض يحدث بسبب عدم التوازن 

فى الأخلاط الأربعة (سوائل الجسم)*) التى تتطابق مع العناصر الأربعة التى تتكون 
منها كل الأشياء؛ النار والتراب والهواء والماء. ومع الصفات الأربعة والسخونة 
والبرودة والجفاف والرطوية. فى حالة الطاعون الدملى (اللميفاوى) وفى غياب الأفكار 
الأخرى» اعتبره الأطباء كحمى. إذ تتمسك تعاليم جالينوس المحافظة بأن المرض يعبر 
عن نفسه بزيادة سخونة القلب؛ الذى يخنق فى الحال هذا العضو الحيوى!:). 
ويتمسك الأطباء الملتخصصون أيضا بأن الصلة الرابطة بين العالم الكبير (الأرض 
والأجرام السماوية) والعالم الصغير (أفراد الجنس البشرى) هى الهواء. كما عرف كل 
طبيب محترم (مع تجاهل أفكار رجال الإدارة رؤساء مجالس الصحة بعد العقد 


(»*) نظرية الأخلاط الأربعة: حسب هذه النظرية فإن المواد الغذائية تتحول قى المعدة إلى غذاء مهضوم يعرف 
بالكيموس يتوزع لتغذية الأعضاء كل حسب تركيبه. وينتقل الغذاء الممتص إلى الكبد فيحوله إلى دم 
ويحول جزَمًا منه إلى الصفراء. وينتقل جزء آخر إلى الطحال فتتكون السوداء. أما الذى يذهب إلى الرئة 
فيتحول إلى بلغم. وينتج عن هذه الأخلاط الأربعة الأمزجة الاربعة وهى المزاج الدموى والصفراوى 
والسوداوى. والبلغمى التى تتحكم فى الحالة العضوية والنفسية للإنسان إذا حدث خلل فى نسب هذه 
الأخلاط بالجسم. 


55 


الخامس للقرن الخامس عشر التى يعرقفونها حول انتشار المرض خلال الاتصال بين 
أحد الأشخاص والآخر - العدوى). كان الهواء السيئ هو الذى يسيب المرض. 
كان المفهوم العام للمرضء طبقًا لفيفان نوتن جزءًا لا يتجزأ من النموذج الطبى 
الذى يجرى تعليمة: 
طبيعى فى المريض ... دائمًا... آخذين فى الحسبان "الطبيعة 
الخاصة لكل فرد"... طبيعة المرض توجد فى مزاج كل فرد» 
تركيبة أجزائه وحيويته الفسيواوجية والنفسية؛ ومن الممكن 
تعريفه بصورة كبيرة فى عبارة: وظيفة كامنة!!؟) [استعداد 
كامن: ت]. 
ويقترح نوتن أن يعير ممارسوى الطب أولويات وظيفتهم الاجتماعية الحفاظ على 
[والأشياء: ت] غير الطبيعية الأخرى. هذه الرعاية يمكن أن تشمل دراسة متفحصة 
طويلة ومكلفة بالضرورة: فكان قصب السبق للمرضى المحظوظين مثل أصحاب 
الأملاك الزراعية (رجال عاديون وكبار رجال الدين والأرستقراطيون)؛ بالإضافة إلى 
رجال البنوك الأغنياء والتجار الذين يمتلون الشريحة العليا من البرجوازية. ومع أن 
الجرمانية بعد عام ١477‏ قد استأجروا الأطباء لخدمة حاجة الفقراء. إلا أن هذا 
التعيين اعتبر غير ملائم للمتخصصين الحقيقيين فى مهنة الطب(”*). كما وصف طبيب 
الإفاضة بالسخرية الخشنة والبذيئة"7'*). كان طبيب العظام ماجيسترى جاكويو دى 
إرب نموذجا لطبيب المدينة عندما خدم فى مدينة فلورنسا فى الثلاثين سنة قيل 
الانتشار الأول للطاعوت (؟؟). 


56 


فى منتصف القرن السادس عشرء قدم الدكتور فارشى شرحا موثوقا به عن عدم 
قدرة رجال الطب المتعلمين على شفاء الأمراض: 
الطب له قواعد ومبادئ وهى صحيحة ومستقرة جداء... إذا 
جرى أى شىء خطأء فلن يكون الفن [الطب: ت] هو الذى على 
خطأ... الطبيب ريما ارتكب خطأ أو المريض بالمثل لم يستجب 
للعلاج, أى كما هى الحال غالبا يلام المرضى لأنهم لا يفعلون ما 
يوصف لهم أى أن يكون الصيادلة على خطا(*؟). 
اعتمادا على معرفته بقرنين من التاريخ الأوربى؛ كتب الكاردينال جاستالدى, 
وزير الصحة فى روما خلال وباء الطاعون فى عام ١165‏ - 21161 بمرارة أنه: 'تظهر 


التجربة العملية أن العلاج المستعمل بواسطة الأطباء المتخصصين غير نافع وفى بعض 
الأحيان مؤن (41). 


ياسترجاع قترة ما بعد رويرت كوخ يبدو من غير المؤكد أن الأطباء المتعلمين فى 
الجامعات قبل الحديثة قد ساهموا بدرجة كبيرة فى التحكم فى الطاعون. مع ذلك 
ريما لم يكن هذا هو الطريق المؤدى إلى أطباء متخصصين يدركون الوضع. لأى سبب 
كان - تحقيق شىء على المستوى الشخصى أو الشعور بالواجب - ظل تسجيل الطلبة 
فى كليات الطب بالجامعة تقريبا على نفس المستوى كما كان فى العقود الأريعة الأولى 
من القرن الرابع عشر فى نصف القرن, بعد قضاء الموت الأسود على ثلث عدد سكان 
أوريا 8 

كان الناس الأميون العاديون (45/ من تعداد سكان الغرب) الذين عرفوا قليلاً 
من النظريات الطبية التى تُدرس بالجامعات» يرون أن الشياطين والأرواح الهائمة هى 
العوامل المسببة للمرض والموت غالبا. على سبيل المثال» فى نهاية القرنين الرابع 
والخامس عشرء تمسك المزارعون فى ريف لوكسميورج وماسيف الوسطى بأن قوى ما 


057 


وراء الطبيعة التى تتحكم فى الإنسان والحيوان هى موجودات مزدوجة الوجدان 
يمكنها أن تفعل الحسن أى السيئ. فى هذا الإدراك (الذى تفادى التأثيرات المانوية 
للمسيحية مع قطبيها الشيطان الشرير أ الله الخيّر)!*), تعتمد الوسيلة التى تعمل بها 
قوى ما وراء الطبيعة على التوازن بين التناسق وعدم التناسق فى القرية» وعلى التحكم 
فى الاتصال مع الغرياء. هذا النوع من الفلاحين الذين يشجعون العزل ويلبسون الجلد 
بدلاً من الصوف الحامل للبراغيث يمثلون فرصًا جيدة لتجنب الطاعون حتى ينقله 
بعض جامعى العشور من القساوسة أو الباعة الجائلين!2؛). 

وهناك العديد من الأمثلة لفلاحين رفضوا بعنف أن يكون لهم أى تعامل مع غرياء 
قدموا من مدن مويوءة بالطاعون» وتم اكتشافهم من خلال الملفات. فى عام /؟15١,‏ 
بعد أن ضريت ليون: المدينة الثانية فى فرنساء بالطاعون هرب أغنياء البرجوازيين 
إلى أملاكهم بالريف كما يفعل أغنياء الناس. لكن عندما حاولت الجماهير مغادرة 
ليون» أرغمهم قاذفى الحجر من الفلاحين على العودة. فى العام التالى» هدد الفلاحون 
من مقاطعة بروفانس يقذف مدينة دجينيه حتى لا يتركوا اللاجئين من هذه المدينة 
المهددة بالطاعون يجتاحون أماكنهه7'*). طرق هؤلاء الفلاحون قمة الأسلوب الصحيح 
لمقاومة الطاعون: تحديد حركة الناس؛ اعتمادا على تصرف انبثق من عالمهم الفكرى 
الخاص. مع ذلك؛ يجب علينا التحول إلى عالم فكرى آخر للنخب الحضرية فى إيطالياء 
وبعد ذلك إلى النخب الأوربية بصفة عامة؛ حتى نجد البصيرة التى مكنتهم أخيرا من 
قهر الطاعون. 


(*) المانوية: عقيدة دينية فارسية أسسها مانى الذى ادعى النبوة فى القرن الثالث الميلادى وتعتمد على 
افتراض الصراع الأبدى بين النور والظلمة أو الخير والشر. وهى خليط من عناصر تشمل الغنوصية 
والزرادشتية والمسيحية والبوذية . 


55 


اختراع مقاومة الطاعون 


فى إيطاليا الشمالية والوسطىء خلال هذا العصر الذى نشأ فيه التفكير الأكثر 
ابتكارية فى هذا الجزء من أورياء اتجهت أفكار النخب إلى التحول حوالى ١5759‏ - 
06 ثم أضيف حافز فكرى جاء من بيزنطة المهددة بالعثمانيين - إلى ما كان 
خيارات حديثة للصحة كشان عام. وصل الإمبراطور البيزنطى إلى فلورنسا عام 
يطلب عونا عسكريا ليواجه تقدم الأتراك العثمانيين» وسقطت القسطنطينية فى 
عام 407 ١بصورة‏ لم يتوقعها أحد. فاستقر العديد من رواد المدرسيين البيزنطيين فى 
فلورنساء وازداد يكثرة أعداد الناس فى الغرب الذين يستطيعون ترجمة الأعمال 
الطبية القديمة من اليونانية والعربية إلى اللاتينية0'*). 


نشاً عن هذا ظهور عدة أفكار عرفت بالإحيائية!) المدنية. من بين أشياء أخرى, 
تتمسك الإحيائية بأن المجتمع مماثل فى تنظيمه للكائن الحىء ويهذا فإن الأوليجاركية 
على رأس هرم السلطة تملك هيمنة أبوية على الطبقات الأدنى من العمال الذين 
يكسبون أجورهم من المدينة, والفلاحين الذين يزرعون الأراضىء فى المقابل تدين 
الطبقات الأقل للحكام بالسمع والطاعة("*). 


(») الإحيائية: حركة ثقافية وفلسفية لعصر النهضة تعتقد فى قدرات الإنسان وذكائه وتفرده أكثر من 
اعتمادها على الدين. وهى حركة مزدوجة التأثير فهى من ناحية اعتمدت على إحياء الثقافة والفلسفة 
اليونانية - الرومانية كأصول للفكر الأوربى حينئذ. ومن ناحية أخرى كان لها تأثير كبير فى استيعاد 
وإنكار الثقافة العربية والإسلامية كرافد أساسى للنهضة الأوربية. وهو ما استخدم بعد ذلك فى بناء 
نموذج من التصورات والمواقف ترى الثقافة العربية كناقل للفكر اليونانى فقط وليس لها أى إبداع 
خاص. ومن خلال هذا النموذج جرى تصور المجتمعات العربية بصفات سلبية كثيرة أهمها أنها 
مجتمعات حاضنة للاستبداد وهو ما استخدم فى تبرير استعمار الشعوب الإسلامية واستغلالها. تعرف 
الإحيائية كذلك بالإنسانية وهو ما يعنى أن من يعظمون القدرات العقلية للإنسان ويعظمون الثقافة 
اليونانية الرومانية هم إنسانيون ومن لا يشارك من البشر فى تلك المواقف فهو ليس بإنسانى وهو تعريف 


59 


لم يتيسر لهذه الأفكار أن تنضج بسرعة, بل تعرضت للتهديد بشكل أكبر حيث 
بدأ عدد السكان يعود ببطء إلى مستوياته قبل الطاعون. لم يجد أبناء وينات الفلاحين 
أرضا ليفلحوهاء أو أى طريق آخر يمكنهم من الحياة فى قراهم: فتقاطروا على المدن 
العمل. ويمجرد وصولهم, امتهن بعضهم السرقات الصغيرة والدعارة أى التسول. 
وفيما كانوا ينظر إليهم فى السابق على أنهم صورة للمسيح عندما كانوا بالمقارنة 
قليلى العددء بات ينظر للمهاجرين الفقراء على أنهم مجرمون محتملون ريما يتحدون 
معًا لتخريب النظام الاجتماعى(”"). 

هذا الشعور انعكس بعمق جديد من الازدراء للفقراء من وجة نظر عدد قليل من 
أصحاب الامتيازات: وامتدت شريحة الفقراء لتشمل معظم الأجراء. فانخرط تحت هذا 
التقسيم الجزارون ويائعى اللحوم وعمال الحانات والخبازون والبقالون والأفراد 
الآخرون الذين يحصلون على خبزهم اليومى بالعمل اليدوى . ويمكن القول إن أكثر 
من ثلثى أية مدينة إيطالية كانوا قذرين من عوام أو من منزلة حقيرة!؛*). كان هؤلاء 
الناس الحقراء. بكل وضوح. يلزمون أماكنهم بواسطة المقصلة والكرباج وأنواع أخرى 
من العقاب الذى يمكن تعريفها بلغة مشوهة بأدوات الكرم الأبوى. 

مجرد الأخذ بهذه الأفكار الخشنة (التى رأها كل من كارميشيل وهندرسون 
تحدث فى فلورنسا خلال أزمة الطاعون )١54/8‏ يحتاج فقط إلى قفزة تخيلية بسيطة 
لإدراك أن تجمعات "الفقراء” كاتت تحمل المرضء وأن الطاعون بنفسه كان معدياء 
ينتقل من شخص إلى آخرا”*"). تبدو الملاحظات التجريبية للطريقة التى يتصرف بها 
الطاعون بعد منتصف القرن الخامس عشر (عندما انتقل إلى مرحلته العشوائية 
المبعثرة) مؤكدة لهذه الفرضية. يعيش العديد من الناس الفقراء فى بيئة البراغيث 
المصابة تحت ضغط الظروف فى عشوائيات من الخشب والقش على أطراف المدن. 
على الجانب الآخرء الأغنياء الذين يعيشون فى مركز المدينة فى منازل حجرية 
والقادرين على الهروب إلى أملاكهم بالريف بمجرد اقتراب الطاعون كانوا من المستبعد 
تلامسهم مع الفئران أو البراغيث المصابة. هناك أيضا مسألة السلطة غير المسئولة: لم 


540 


ينبه رجال الإدارة بالقدر الكافى مفتشى الصحة متواضعي المستوى أن الموتى الفقراء 
المشكوك فيهم يجب أن يميزوا كموتى بالطاعون. ربما لهذا السبب؛: تظهر معاينة 
أماكن إقامة ضحايا الطاعون خلال طاعون متوسط القوة فى منتصف القرن الخامس 
عشر فى فلورنسا ولندن بعد عام 1555١؛‏ أن الفقراء كانوا معرضين لخطر أكبر بكثير 
من الأغنياء!"). 

نتج عن هذا الإدراك المعقد "مفهوم النظام”: الذى برر التدخل فى حياة الناس 
العاديين خلال أزمة الوياء. ابتكر هذا النظام أولا فى فلورنسا وأخواتها من الدول- 
المديئنة بواسطة المدرسين الإنسانيين والقضاة والمشرفين على الصحة (عادة من غير 
الأطباء خريجى الجامعات). وانتشر "مفهوم النظام' بالتدريج فى فرنسا وإسبانياء ثم 
استقر بعد عقود تالية فى الممالك الشمالية البعيدة مثل السويد وانجلترا. وشهدت حياة 
كل شخص بالغ العمل بهذا النظام مرة أى مرتين (دخل الطاعون عندئذ مرحلته 
العشوائية فى الانتشار)؛ كانت سياسات أصحاب مذهب التدخل!") تتمثل فى أن 
السلطة قادرة على إرباك الحياة اليومية للناس الخاضعين لها حسب رغبتها. ولم يظهر 
بأية حال أى دور لتلك السياسات فى إعاقة انتشار الطاعون”'”*). فى فلورنساء المدينة 
السلطوية ذات وسائل التحكم مثلها مثل مدن أخرى فى أى مكان؛ انتشر الطاعون فى 
عامى ١591‏ -1598, وكذلك بين عامى 15575 - ,١161١‏ ومرة أخرى فى أعوام 
1 ,1117 ولم تستعد فلورنسا مستوى عدد سكانها قبل الطاعون حتى 
القرن التاسع عشر سواء كانت جمهورية أو كعاصمة لدوقية الميدتشى (بعد عام 
.)١61/‏ 


الاقتصادية داخل البلد أو فى الشئون السياسية لبلد آخر. 


91 


ويصورة مركزة. تتكون المقاومة الشاملة للطاعون بصورته الإيطالية من خمسة 
عناصر: 
-١‏ سياسة دقيقة لانتقال البشر من المناطق المصابة بالطاعون إلى تلك التى 
مازالت خالية باستعمال الحجر الصحى البحرى أو البرى. 
؟- دفن إجبارى للموتى بالطاعون فى حفر خاصة. والتخلص من متعلقاتهم 
الشخصية. 
- عزل المرضى بالطاعون فى مستشفيات الأمراض المعدية؛ وحجز عائلاتهم 
فى منازلهم أى فى غرف مؤقتة بعيدة عن الأماكن المأهولة. 
:- اضطلاع الوحدات المحلية بمسئوليتها فى فرض الضرائب لتقديم خدمة طبية 
مجانية وإطعام الناس الموجودين فى العزل. 
ه- تقديم المعونة لمن انهارت حياتهم نتيجة غلق الأسواق والذين لا يملكون 
مخزونا من الطعام يعتمدون عليه. 
تبرز نقطتان من هذه القائمة . أولاً وفق الادعاء بمواجهة الطاعون والذى أطلق 
عليه أندريه زورزى "مشروع التحكم والتدخل الاجتماعى" تأثرت حياة الناس 
المحكومين إلى حد غير معروف 3"). فسقطت بين الضحايا الفكرة القديمة التى جمعت 
الفقراء والأغنياء فى الاحتفالات الدينية والكرنفالات وشعائر مرور فرق التراتيل. 
وأيضا هناك مشكلة التمويل: ففى معظم نظم الحكم, تعفى العائلات ذات الأصل 
النبيل من دفع الضرائب المباشرة» ويعنى هذا قدرة النخبة على أخذ المبالغ الضخمة 
التى تحتاجها مقاومة المرض من دافعى الضرائب العاديين» وهذا فى حد ذاته 
اختبار للمفهوم الجديد للنظام. اختار موظف صحة من باليرمى [ صقلية - ت] شعارا 
خفيف الظل خلال طاعون 1677 : “الذهب والنار والمشنقة”. الذهب لدفع التكاليف. 
والنار أحرق البضائع المشكوك فيهاء والمشنقة للفقراء الذين يتحدون سلطة مجلس 
الصحة (61). 


52 


طبقت أساليب المقاومة الجديدة بحلول عام ١15٠‏ فى المدينة الإيطالية ذات 
الإدارة القوية» حيث علاقات القوة بين العائلات الكبيرة المنظمة, بسهولة نسبيا. زاد 
التهديد القوى للطاعون من وعى البيروقراطية "بالنظام” والشعور الجمعى بالمسئولية. 
وهكذا نفذ المجلس الصحى فى ميلانى إجراءات مقاومة الطاعون بكفاءة بعد إعدام 
الدوق الحاكم خلال طاعون 1477 كما لو كان الدوق حيا. على العكس من ذلك فى 
أوربا عبر الألب؛ قبل أن يستطيع الملوك أى حكام الأقاليم تطبيق سياسات التدخل على 
عامة الناس؛ كان عليهم إيجاد مقاومة فعالة على الطبقة ذات العدد القليل التى يتتمون 
إليها. بعد عام ١611‏ استلزمت المركزية أن يهدئ الملوك الانفعالات التى اشتعلت 
نتيجة للإصلاح الدينى وتحول مقاطعات قوية شبه مستقلة إلى دول تابعة. لهذا بدأ 
على استحياء تطبيق "مقاومة الطاعون” فى منتصف القرن السادس عشر فى 
الإمبراطورية الجرمانية ومملكة إسبانيا. فى فرنسا وقبل أن تيدأ المركزية» قسمت 
النخب المتنافسة المجتمع إلى أجزاء خلال ثلاثين سنة من الحرب الدينية (التى انتهت 
فقط فى عام .)١014‏ فى انجلتراء أقدم دولة وراثية متماسكة فى أورياء لم تؤفسس 
إجراءات على مستوى الأمة ضد الطاعون حتى عام 1(101/4"). 

فى كل مكان فرضت فيه إجراءات الطاعون؛ واجهتها ردود فعل عدوانية مستترة 
أى علنية من السكان. وأكدت دلائل من السويد وإنجلترا وفى أماكن كثيرة أن الناس 
كانوا خائفين من الطاعون فى الأسبوع الأول لظهوره أو بعده, ولكنهم يعتادون على 
هجومه؛ وعندما يتركون لشأنهم يحاولون الانصراف إلى شئونهم العادية. وإذا حدث 
انهيار اجتماعى؛ كان من المحتمل حدوثه أن فرض قانون الطاعون هو السيب أكثر من 
المرض نفسه. 

رسم جين جان ديليموه فى فقرة مشهورة ملامح ما يجب على مالكى العقارات 
اتباعه من التصرفات الملائمة: 

المرض وطقوسه عادة؛ يقوى من تماسك المريض ومن حوله؛ حتى 
الموت يتبعه دائما صلاة جنائزية وعائلية. الموت يحوم حول الجثة 


93 


والدفن والمقبرة والدموع والكلمات فى صوت منخفض واستدعاء 
الذكريات وتجهيز غرفة الدفن والصلاة والاستعداد ووجود العائلة 
والأصدقاء والعديد من العناصر التى تمثل طقسا لجنازة تكون 
مناسبة للطبقة والمكانة. لكن فى وقت الوياء (أصحاب الأملاك 
يهاجرون) وتتلاشى المكانة الاجتماعية للشخص المتوفى(١").‏ 


وجد ديلموه أن الناس العاديين يستاءون بشدة من رجال الإدارة الذين يمنعون 
الجنازات ومواكب الجنازات والذى فيها يكرم الأحياء الأموات ويتقبلون حقيقة موتهم. 
بعض أعضاء النخب فى تعليق على رد الفعل الشعبى على هذه الإجراءات» فى لندن 
65 ذكروا أن الصنف الأفقر والنساء مع أطفالهم الصغار يتجمعون من أجل 
[عملية - ت] الدفن و(الأسوأ) أنهم يقفون (قصدا) فوق القبور المفتوحة حيث تدفن 
أشياء عديدة معاء ذلك (يكل تاكيذ) ليشهد كل العالم أنهم لا يخافون الطاعون ("1. 

كذلك: وفى تعارض مع القيم الأساسية كان طلب تغطية الجثة بالجير الحى 
ودفنها فى مقابر جماعية؛ إنكار الدفن فى ساحة الكنيسةء كان فى عقول العامة ملائما 
فقط للحيوانات؛ والمنبوذين اجتماعيًا والمنتحرين. والمرتدين الذين ينكرون الله. 
التقليديون فى السويد ما بعد الإصلاح (بلد يتميز بقوة المسيحية بصورة خاصة) 
لجأوا إلى خدعة تشمل حفظ الجثث بالمنزلء بدلا من السماح لموتاهم بمعاناة هذا 
المصيرء وفى عتمة الليل قد يتمكنون من دفنها بطريقة لائقة. أحد حفارى القبور 
السريين ماتسون من مقاطعة سمالاند؛ بعد دفن زوجته وأولاده الذين ماتوا بالطاعون 
خلسة بالقرب من كنيسة أبرشيته عام 1177٠0‏ -1751, عرض خدماته على عائلات 
ضحايا آخرين. كانت هفوته الوحيدة طلبه الدفع الفورى ليس كجار ولكن كمقاول 
أشغال. حذرته السلطات المحلية لأنه ينتهك قانون الدولة (الذى هم أنفسهم لا يوافقون 
عليه): ولكن استمر مانسون فى الدفن السرى حتى سجن وجلد. فى أماكن أخرى 
بمملكة السويد حاولت بعض المجتمعات أن تحافظ على تقاليدها بدون تفكير فى الربح 
الخاص. فى مقاطعة بليكنج عام ١7٠١١‏ نبش أتباع الأبرشية الثائرون كل جبانة 


94 


الطاعون (التى أطلقوا عليها حفرة الذئب) فى التل خارج المدينة وأعادوا جثث 
المتوفين إلى كنيسة الأبرشية من أجل دفن حقيقى. فى حوادث مثل هذه تحدت 
الجماهير المحلية سلطة الدولة السويدية بطريقة مباششرة؛ فى الوقت الذى كانت قد 
خسرت فيه الحرب الكبرى أمام روسيا فى بولتافا (0)107.5), 

بالنسبة للناس البسطاء. الإجراءات الخاصة التى تتعلق بدفن ملايس وفراش 
ضحايا الطاعون؛ وغسل الممتلكات الموجودة بالمنزل بالجير (خارجيا لمنع العدوى), 
تقاطعت بقوة مع معايير العادات. فى نهاية القرن الخامس عشرء ذهبت تورين 
[ مديئنة بفرنسا - ت]؛ خطوة أبعد ضد الطاعونء فكانت المنازل التى يشك فى أنها 
مويوءة بالطاعون تحرق عن آخرها. وفى قضية نظرت عام ١1437١؛‏ ادعى ورثة أحد 
الملاك الذى أحرق منزله أنهم لم يعوضوا عما فقده الأب. فمعظم الناس الفقراء 
لم يكن لديهم النقود المطلوية ارشوة المسئولين فى المحكمة ليضطلعوا بقضية من 
هذا النوع 19). 

وفى فلورنسا عامى 1770, ١75١‏ ارتبطت العديد من القضايا المرفوعة أمام 
المحاكم الخاصة لفرض إجراءات الطاعون (المجلس الصحى العام) بما يعتيره موظفى 
الدوقية سرقة, ولكن اعتبره عامة الناس استرجاعا عاديا لمتعلقات الناس المتوفين. أحد 
الأمور المسببة للنزا ع بالأخص كانت إعادة استخدام الملابس الجيدة للناس المتوفين. 
فى البداية كان الأمر المألوف هو تسليم هذه الملابس إلى الحانوتى للتاكد من أنه 
يعطى اهتمامًا خاصا للإنسان المتوفى. كانت هذه العادة قبل عام ١١48‏ تتبع 
اختصاص قواعد نقابة حفار القبور التابع إليها: الآن ادعت الدوقية أنها صاحبة 
الاختصاص. الحقوق فى الأشكال الأخرى للممتلكات كانت تحت النظر فى قضية 
تخص خبارًا يدعى سلفاتور تورتوريللى» ففى عام ١77١ - ١77٠0‏ وبعد موت زوج 
أخته التى كانت بدون أطفال, دخل تورتوريللى خلسة إلى منزل الرجل لنزع الجواهر 
التى كانت جزمًا من دوطة [مهر- ت] الأرملة التى هى أخته. ادعى تورتوريللى أنه إذا 
تركها من المحتمل الاستيلاء عليها من قبل فرق الدوقية لتطهير متعلقات المنازل. لكن 


095 


هذا الدفاع لم يقنع المجلس الصحى فسجن تورتوريللى وعذب» ويينما كان يطلب صاح 
بالقول إنه كيفما ادعت الدولة فإن الجواهر التى أخذها هى جزء من إرث عائلته, ويهذا 
الحق فهى ملكه("'). 

بالإضافة إلى تعرض الأنماط المتوارثة للأاشخاص العاديين للخطرء فقد أغلقت 
قوانين الطاعون الأماكن المعتادة للاختلاط الاجتماعى؛ مثل مصارعة الديوك 
وحلقات مصارعة الثيران وييوت الدعارة وحانات الجعة والفنادق الصغيرة. وقد عاش 
معظم معلمى المهن الحرة من المتزوجين , والمتدربين غير المتزوجين: وعمال اليومية قى 
الأماكن التى يعملون بها. كانت الفنادق الصغيرة وما شابهها من المراكز المحايدة 
للمخالطة بالتسبة لهم أماكن يتبادلون فيها الأخبارء ويبحثون عن الوظائق, 
ويقررون كيف يفرضون القواعد الأخلاقية التقليدية التى تحكم سلوك الزوجات والنساء 
الشابات غير المتزوجات. وقد هدد غلق تلك الأماكن التماسك الذى يريط الأحياء 
يفيه لسن 

كان من الجور أيضنا فرض قواتين الطاعون التى سلدت الثاس وسائل الحصول 
على معاشهم. بالنسبة للفقراء الذين كانوا ينادون على بيع الأسماك أو الملابس 
المستعملة على نواصى الشوارع أى فى سوق المدينة» ولم يكن لديهم مدخرات كان 
إغلاق أماكن الاختلاط معناه الفقر المدقع. ومن الفظيع أيضا الموقف الذى واجهه 
عمال اليومية الذين كانوا يعتمدون على أصحاب المصانع الذين أغلقوا مشروعاتهم فى 
زمن الحجر الصحى (الكارانتينا)؛ وطردهم للعمال من ناحية أخرى. قد يساعد 
الجيران جيرانهم فى أوقات الوجبات إذا تأثر فقط عدد قليل من أرباب الأسر. لكن فى 
موقف حضرى وارد الحدوث. حيث كان يعمل أكثر من ثلث القوة العاملة يبصتاعة 
النسيج أو صناعات مشابهة: هدد غلق الورش عند هروب الملاك الأثرياء بخراب 
الأحياء كلها. ريما أنقذت الهبات الخيرية - التى عادة ما تصل متأخرة ومحدودة 
المقدار - العاطلين من المجاعة لكنها لم تكن بالقدر الكاقى لمنعهم من الوقوع ضحايا 


526 


لالتيفوس*) (مرض المجاعة الأول). وبمجرد موت شخص بسبب التيفوس أو الالتهاب 
الرئوى» قد يعانى أرياب المنزل وأعضاء الأسرة معاناة أخرى لإضافتهم على قوائم 
الرسوم المفروضة لحقارى القبور على الطاعون , ذلك يؤكد قناعة الصفوة بوجود علاقة 
ارتباط مباشرة بين الفقر والوباء''). 

خشى كبار التجار الذين يعتمدون على تبادل السلع فى الشبكات الإقليمية؛ وبين 
الإقليمية أو الدولية» من أن توقف التجارة بسبب الحجر الصحى يسمح للمنافسين فى 
الخارج بالاستيلاء على أسواقهم؛ وبسبب ذلك اشتهروا ببطئهم فى تقبل فكرة الحاجة 
إلى الحجر الصحى(''). وبناء على هذا المنطق, تجاهلت الأوليجاركيه فى فيتسيا عام 
177 التحذيرات بأن الطاعون على الأيواب» وادعوا بأن الكردون الصحى غير 
ضرورى. كانت النتائج على المدى القصير على درجة خطيرة بما يكفى؛ فقد انتشر 
الطاعون بدون عائق بشكل كاسح بدءا من مانتوا إلى ميلانو. ودخل فينسيا عام 
65 ,» وقد ظل هتاك حتى خريف عام 117١‏ ؛ وأصيح أكثر كوارث الأمراض خطورة 
عانت منها فينسيا فى القرن السابع عشر. مع أن الهجرة الداخلية الريفية من تيرا- 
فيرما مكنتها من استعادة تعدادها قبل الطاعون, إلا أن التداعيات الأخرى لم يمكن 
إصلاحها. انتقل رجال الأعمال الهولنديون والإنجليز إلى مناطق الأسواق التقليدية 
حول الأدرياتيكى وشرق البحر المتوسطء بينما أغلقت فينسيا وجرى تعويض السادة 
الذين ماتوا بالطاعون من الشباب المقيدين فى كتايها الذهبى (الذى سجل العائلات 
التى اختير منها أعضاء المجلس). وبمجرد استحواذهم على ممتلكات ظلوا مقيمين 
هناك. وبسرعة وجدت فينسيا نفسهاء وهى مجردة من أسواقها الكبيرة» ومثقلة يزعماء 
يعانون من تصلب الشرايين (صغار فى السن ولكن كهول فى العقل)» القوة الإقليمية 
الوحيدة المحرومة من قوة اقتصادية. ومن هنا أصيحت على بعد خطوة قصيرة من 
التحول الى مدينة متحفية!1). 


(») التيفوس: عدوى مرضية حادة تتميز بحمي؛ طفح جلدى وصداع شديد ينتقل بواسطة البراغيث والقمل 
والقراد. العامل المسيب هو ميكروب .لكا 1010/32م 816811518 


17 


فى الدول - المدينة الإيطالية» وفى إنجلترا بعد عام ٠ ١614‏ فرضت الحكومات 
عزلة منزلية على كل الأسر من ضحايا الطاعون؛ وطالبت السلطة الجديدة بإغلاق 
أبواب البيوت المويوءة بالواح من الخشب؛ وأن توضع المواد الغذائية الضرورية فى 

تتدلى من النوافذ على الحبال. وفى إنجلترا عام :١1704‏ كان أى شخص يعتقد 
أنه مصاب بالطاعون ويوجد بالشارع؛ يمكن شنقه بطريقة قانونية. وأثناء الطاعون فى 
فترة من 1770 : 1717 فى فلورنساء ابتكرت عائلات أرباب الحرف طرقًا للتحايل 
لإحباط عزل أفراد الأسرة. فعندما تظهر على أحد أفراد الأسرة أعراض الطاعون, 
ينسل الرجال فى سن العمل إلى المتجر حيث يزودهم زملاؤهم بالمواد الأساسية 
والطعام: بينما تظل مجموعات النساء والأطفال فى المنزل لرعاية المريض بالطاعون. 
لفتت العائلات التى اتبعت هذه الاستراتيجية انتباه المحكمة الصحية الخاصة - مع 
محاكماتها السريعة الحازمة - عندما أبلغ الجيران الحقودون الشرطة بأن هناك أشياء 
غير سليمة تحدث فى المنزل المغلق المجاور. وفى ميلانى كان يجرى إغلاق المنازل فى 
عام ١514‏ بناء على طلب الأطباء المدفوعين بمكسب شخصىء؛ وفى مقابل مبلغ من 
المال يدس لطبيب الطاعون, كانت العداءات القديمة للجيران منذ عهد طويل تسوى 
بهذه الطريقة(3). 

كانت السياسة المتبعة فى بعض الأحيان فى ميلانو وفينسياء نقل جماعات 
الإقامة المشتركة المشتبه فيها إلى أكواخ خاصة من الخشب والقشء تقام بعيدا عن 
السكان الآخرين. ولكن سواء تم حجزهم فى هذه الأكواخ» أم فى مناطقهم فى المدينة 
(كما فى لندن) كان الأرجح أن الناس المحجوزين:ء والذين هم أبرياء من الطاعون عند 
احتجازهم: قد يموتون سواء بواسطة الطاعون المنتشر بالبراغيث [ التى تبحث عن 
عائل - ت] أو بسبب التيفوس أو الالتهاب الرئوى أو المجاعة. وقد أصبح من المألوف 
تسجيل الموقف فى الملكة الإنجليزية بعد احتجاز أسر بالكامل؛ وقد وجد بول سلاك 
أنه "ما بين ثلث وثلثى جميع المدفونين خلال وياء طاعون حدث فى أسر كانت لديها 
ثلاث أو أكثر من الوفيات”('"). 


98 


كان إنشاء مبان لغرض الأمراض المعدية» هى الوسيلة المؤسساتية الأخرى التى 
حبذت بدرجة كبيرة حسب "مفهوم النظام”. كانت هذه المؤسسات تستغرق وقنًا طويلاً 
من الاتفاقات, لدرجة مرور فترة طولية فى الفالب ما بين بدء الحملة للبناء والافتتاح 
الحقيقى. على سبيل المثال؛ كلف المجلس الكبير فى جنواء بإنشاء مستشفى للأمراض 
المعدية فى عام 1571١؛‏ ومرت ستون عاما قبل أن يتم الانتهاء من بناء وتشغيل المبنى. 
فى غضون ذلك؛ ضرب الطاعون المدينة عام ١499‏ و١١10‏ وفى السنوات الثلاث من 
٠١51:1484‏ ويمجرد إنشاء مستشفى الأمراض المعدية - ليس قيل أوائل القرن 
السابع عشر فى معظم أجزاء أوربا - أصبحت تقدم الخدمات الاساسية بواسطة 
أطباء تمولهم المدينة أى حلاقى الصحة المتعاقد معهم بعقود لتوفير العلاج للفقراء 
مجاناء وكانت النتائج واعدة. 
كان الوضع فى مستشفى الأمراض المعدية فى بولونيا نموذجياء فيقول لكاردينال 
سياد!: 
'هنا أنت محاط بروائح لا تطاق... لا تستطيع أن تمشى سوى 
بين الجثكث... وهذه صورة طبق الأصل من الجحيم حيث لا يوجد 
هنا نظام سوى رعب ينتشر(", 
وفى مستشفيات الأمراض المعدية فى فينسياء ارتدى طاقم الأطباء الأقنعة 
والملابس الواقية الثقيلة لحمايتهم من 'الأبخرة السامة التى يعتقد خروجها من 
المريض. ويدا الممارسون فى مستشفى الأمراض المعدية مثل ممثلين فى مهرجان موت 
غريب؛ وهى ما تم تصويره فى اللوحات والصور المحفورة فى تلك القترة. 
فى ميلانى أثناء طاعون ١77١‏ وفى جنوا عام ,١167‏ كانت نسبة الوفيات غير 
مسبوقة /7١(‏ من سكان جنوا) وتعزى على الأرجح إلى نقل المشتبه فيهم إلى 
مستشفيات الأمراض المعدية ليموتوا من الجوع والتيفوس والطاعون. ويعد محرقة 
عام 1705: وجه مدير بيت الجذام فى جنوا سؤالا: “إذا لم تكن إجراءات قد اتخذت 
لتخليص المدينة من الوباء هل كانت الخسائر ستكون أكثر فداحة؟"9'") ولم ينتج شىء 


29 


من هذا الاستغراق الذهنىء ولم يستطع الأشخاص العاديون المواجهون بالقوة القهرية 
للسلطة, ويعاداتهم المتوطدة من الطاعة أن يفعلوا الكثير لمنع العزل. 

إذا كانت هناك مقاومة. فمن المحتمل أن النساء كن قادتهاء وغاليا من الأرامل 
اللواتى شعرن أن مستشفيات الأمراض المعدية قد حرمتهن من أحد أدوارهن 
الطبيعية: تمريض الأحياءء. وإعداد الموتى للدفن. فى إنجلترا فى عهد الملك شارلز 
الأولء قامت النساء فى سالزيورى عام ١1717‏ , وفى كولشستر عام »1171١‏ بإحراق 
مستشفيات الأمراض المعدية بالكامل. هذا التوكيد للقيم التقليدية يثبت الارتداد إلى 
الثقافة الشعبية عندما تواجه 'بمفهوم النظام”. وبالمثل» فى فلورنسا تحت حكم الدوق 
الكبير؛ النساء كزوجات أو بنات أو أخوات المريضء المحبوسات داخل البيوت المغفلقة 
الأبواب كن يصرخن متحديات من شرفات المنازل» وكن يهددن المسئولين باندفاعهن 
وتمردهن الشبابى. وفى منطقة فيا بورشيا عام 1717ء وضع مائتان من الدهماء 
الأقوياء موزع الأغذية جاكايو ساسى فى الحجز إلى درجة "من الخطر الكبير 
والخوف” حتى أنه قدم استقالته ("). 

حتى ذلك الوقت؛ فإن التهديد المروع لمستشفيات الأمراض المعدية أو العزل 
الأسرى لم يكن سائدا فى كل الأماكنء ففى هولندا حيث اعتادت جماعات من السادة 
أصحاب الشركاتء مثل تلك التى رسمها راميرانت!*), على استخدام "القوة المناسبة 
لأقل مخاطرة" لخلق إميراطورية تجارية تمتد إلى أرجاء المعمورة. كان الناس يشجعون 
على زيارة الجيران المصابين بالطاعون لمساعدتهم خلال الساعات الأخيرة الأليمة من 
حياتهم. ضحايا الطاعون القادرون على السير يمكن أن يغادروا منازلهم لاستنشاق 
الهواء طالما كانوا يحملون علامة ترمز إلى المرضء مع تشجيع أفراد الأسرة المقيمين 
معهم على الذهاب إلى الكنيسة للمشاركة فى المواساة الدينية. وهنا عندئذ على 


© رامبرانت: رسام هولندى (كمكا _- ككا) عرف ياستخدامه للضوء واتظل خاصة فى رسومه 
للشخصيات . 


100 


الرغم من انتصار الأشكال العدوانية من الرأسمالية المطبقة على الأفراد غير 
الهولنديين عبر البحار فإن القيم المألوفة سادت. وفى هولندا لم يرتفع معدل الوفيات 
بالطاعون بدرجة كبيرة(؟"). 


وفى الأراضى الأكثر سلطوية: بالإضافة إلى عزل ضحايا الطاعون كان الأسلوب 
الآخر هى عزل المدينة بالكامل. أول كردون صحى معروف سبق تاريخ "مفهوم النظام” 
للفلاسفة الإنسانيين بخمسة وسبعين عاما. فى عام ١7174‏ أمر برناردى فيسكونتى, 
طاغية ميلانىء الذى اعتبره معاصروه رجلا قاسيا بشكل فريد, مدينة ريجيى نيل 
إميليا التى تيعد ١6١‏ كيلو مترا جنوب ميلانى أن تعزل عما حولها بالجنود. على الرغم 
من هذه الاحتياطات واصل الطاعون انتشاره إلى ميلانو. موضحا عدم فاعلية 
الكردونات الصحية!*'). ومع ذلك فمع انتصار مذهب السلطة تم اختيار إجراء ميلانو 
الذى اعتبر فى السابق عديم الفاعلية كطوق وذخيرة ومستودع (للإجراءات ضد 
الطاعون): من قيل منافس جمهورى لميلانى فى أحد الأوقاتء وهى فلورنسا التى 
أصبحت تحت حكم الدوق الكبير . أصبح من الممارسات الفلورنسية العادية استخدام 
فرق من الجنود للتعامل مع المدن التايعة». تحت إدارة مجلس الصحة: وخلال تحذيرات 
الطاعون. الناس الذين هربوا من المكان المويوء بالطاعون» كان يجرى تعقيهم وإطلاق 
النار عليهم. وياتبا ع سابقة أخرى من ميلانى. طالب المجلس الفلورنسى الأشخاص 
الذين ينوون السفر بين إحدى المدن والمدينة التالية أن يحصلوا أولا على جواز مرور 
صحى من أماكن إقامتهم. وفى فرنسا عندما كانت مارى ميديشى: أرملة هنرى 
الرابع» تتمتع بسلطة فى البلاط؛ تم إدخال نظام جواز السفر الصحى من بلدها 
الأصلى فلورنسا"), 

فى العقد الثانى من القرن السابع عشرء وفى جميع أنحاء أورباء ٠‏ بدأ أعضاء 
مستنيرون من النخب الإدارية يدركون أن الطاعون يمكن السيطرة عليه بطريقة 
غامضة: إذا ما تم فرض قوانين الطاعون فى منطقة كبيرة. ومع ذلك فقبل أن يكونوا 
قادرين على إقناع أنفسهم بأنه يجب أن يضعوا جانيا العداوات المتبادلة فى صالح 


101 


إيجاد شبكة من الضوابط الاجتماعية والنظام على اتساع القارة, فقد كان مطلويا 
كور ف الواقك: 

لم يكن هناك اتفاق عام على ما يمكن أن يجعل هذه الثورة تنجح. وقد أعطى 
تيودور راب الصدارة للكراهية التى شعرت بها الثنخب تجاه الأحداث فى حرب الثلاثين 
عاما (1114 -1148). وفى خلال هذا الصراع المجهد الذى خلف موتى بين خمس 
وثلث سكان الأراضى الألمانية؛ باتت أوربا على شفا فوضى أخلاقية. فقد قامت 
القوات كفت امرة اللك جومتاق اتولفوس ملك السويد:وامكاله ياغقضات وقثل 
وسلب أموال المدنيين على نحو منظمء فى شمال وووسط وجتوب المانيا. وفى المناطق 
المتتاخمة للقتال ذيح الجنود المرتزقة المدنيين لمجرد الاستمتاع بالقتل. يعد سلام 
ويستفيليا (114). وإثر الانهيار الذى حدث فى القيم الملتتحضرة: نظم الملوك 
الأوربيون جيوشهم لإنشاء قوات محترفة دائمة يمولها دافعى الضرائب من الفلاحين. 
وقد خلصوا أنقسهم من الحاجة إلى استخدام الجنود المرتزقة التازحين من مقاطعات 
الألب المكتظة بالسكان والمناطق غير المتحضرة من العالم المسيحى. علاوة على ذلك: 
اصن الحكام عل هشاع قواتهم لقواغد الهرب المؤسسة حدينا؛ المعازك يجرى 
الاقتتال فيها بعيدا عن المناطق الحضرية ولا يسمح تحت أى ظروف بسلب أو قتل 
للمدنيين. كان ذلك مفهومًا جديدًا "للنظام الدولى' وهو فى طور التشكل(""). 

بعد ذلك أيضاء وفى أواسط القرن: نشأ توازن جديد بين أرستقراطية الأقاليم 
والأمير.. ففى فرنسا الملك (لويس الرايع عشر) ويعد طرده كشاب من عاصمته على يد 
النبلاء والقضاة الثائرين (حرب الفروند 0006: فى السنوات ,)١705- ١5548‏ 
استطاع خلال بضع سنوات من عودته إلى باريس أن يخضع جميع الأشراف 
الفرنسيين. ويانتصارهم على الكبار [ من الأشراف: ت] ؛ أقام الملوك المركزيون دولا 
ذاك تمويل عسكرى كف :فى إشباتيا وإيطاليا الامتبائينة: وفي السنوي والدتمراك 
وانجلتراء أدرك الأرستقراطيون أن هناك الكثير ليربحوه من خلال العمل فى تحالف 
مع هذه الدول أكثر مما يستطيعون إتجاره بالتمرد:. حدتة الشىء نفسه فى الأجَرَاء 


المكونة للامبراطورية الجرمانية التى كانت لا تزال مجزأة: قبل مرحلة الفيدرالية (عانت 
من الطاعون كثيرا فى الفترة ما بين ١01/0‏ أى 4()15/85"), 

فى العقود التى تلت عام 744١؛‏ تزامنت رغبة الصفوة فى أوربا فى تسوية 
الخلافات عن طريق الحلول الوسط مع صعود الاقتصاديين السياسيين» وهم نوع جديد 
من الخبراء الذين نادوا بأن قوة الأمة تعتمد على قدرات تكوين الثروة لسكانها. 
وبالإضافة إلى التوظيف الكامل فى الصناعات الوطنية» فإن الرفاهة القومية, كما 
ادعواء يمكن أن تتحسن عن طريق إنشاء شبكات توفر الغذاء فى وقت المجاعة. بتحول 
النظرية إلى التطبيق, نظم مؤيدو مذهب الميركانتيليه(*) فى الحكومة, برامج إغاثة 
من المجاعة والكوارث تمول بواسطة الضرائب المحصلة بواسطة الأعداد المتزايدة من 
جباة الإيرادات. 


أعطى نمو وكلاء مذهب التدخل؛ الأمل للأرستقراطيين أن الأشخاص من نوعيتهم 
يمكنهم حل أية مشكلة إذا ما عملوا معا. كانت إحدى أولوياتهم استئصال الطاعون, 
بدءا بمراقبة شديدة لطرق البلاد بين المناطق الخالية والمناطق الموبوءة بالطاعون. وكان 
النموذج هو الإجراءات التى وضعت موضع التنفيذ فى يونيى 17717 » عن طريق 
الحكومة الإسبانية لحماية مدريد من الطاعون الذى انتشر حينئذ فى الجتوب. بتجاهل 
الفكرة القديمة بأن الطاعون كان بسبب الأبخرة العفنة (كان يقال إن مدريد العاصمة 
الأكثر رائحة كريهة فى أوربا)» أغلق المسئولون الطرق البرية التى تتجه شمالاً من 
أندلسية بواسطة كردونين من القوات وجعلوا مدريد خالية من الطاعون. بعد هذا لم 
يعد الوباء المخيف إلى المدينة("). 


(*) مذهب الميركانتيليه: نظرية سادت فى أوربا خلال القرن ال 2١‏ 18 تؤكد على أن ثروة الأمة تعتمد على 
امتلاكها المعادن الثمينة؛ ولهذا كان على الحكومات تعظيم عوائد التجارة الخارجية: والتجارة البحرية 
وكأشئيس المسبتعمزات: ١‏ 


103 


كما رأينا فى السابق» فى الترتيب الطبيعى للأشياءء. ماتت الفثران المحلية فى 
الجحور الموبوءة بالطاعون تباعا فى غضون ست إلى عشر سنوات» ويمجرد أن تصبح 
منطقة نظيفة فإنها تظل كذلك إلى أن تصاب مرة أخرى بواسطة فئران سوداء مع 
براغيثها المصابة والتى تأتى من منطقة مويوءة. وكما حدثء كانت مدن المواتئ 
الإيطالية تستخدم الحجر الصحى منذ عام ١45٠‏ وكانت المشكلة كما يبدو تتفاقم؛ من 
المحتمل أن المراكب الشراعية الصغيرة التى تحمل القئران والبراغيث والبضائع غالية 
الثمن من الشرق كانت ترسو على الشاطئ فى المرافئ المعزولة فى تحد لإجراءات 
الحكومة المحلية. وقد تغير كل هذا فى أواخر القرن السابع عشر. 

بدأت الحكومات الإقليمية فى تنسيق إجراءات المقاومة متحلية بالتفاؤل فى 
إمكانية تغلب التعاون الدولى على المشاكل التى هزمت من قبل جهود المدن الفردية. 
ويناء على القول بأن الطاعون قد نشأ فى الشرق أو شمال أفريقياء فإن نظم الإنذار 
المبكر القائمة على القناصل والمسافرين الأوربيين نبهت السلطات المحلية بأماكن وجود 
الطاعون ومهربى البضائع؛ بمنشورات إخبارية نشرت بانتظام حالات المرض فى 
الأراضى العثمانية. وكانت السفن القادمة من الموانئ المشتبه فيها تجبر على دخول 
الحجر الصحى لمدة من ثلاثة إلى أريعة أسابيه(:*). 

الجمع بين الحجر الصحى للسفن القادمة والضوابط المفروضة على اليابسة أجير 
الطاعون على التراجع تدريجيا. فقد شوهد آخر ‏ مرة فى اسكتلندا عام /ا14١»‏ وفى 
انجلترا عام :١11714‏ وفى الأراضى الواطئة [هولنداء ويلجيكا - ت] عام ١1717٠١‏ وفى 
غرب ألمانيا وسويسرا عام 115 ١؛‏ وفى إسبانيا عام ١7/١١‏ وفى شمال ووسط إيطاليا 
عام ١7١5‏ وفى فرنسا شبه الخالية» دخل الطاعون مرة أخرى من الشرق عام ١17/5١‏ 
عن طريق السفينة جراند سانت أنطونيى الذى قام قبطانها برشوة سلطات ميناء 
مرسيليا كى يتجنب الحجر الصحى. وبعد حملة كلفت من الأنفس ٠٠١ ,..١(‏ متوقى) 
ورسوما على داقعى الضرائبء: اتحصر الطاعون فى تلك المدينة البحر متوسطية 
وخلجانهاء ويعد ذلك اختفى تماما من الغرب10*). 


104 


وفى أراضى الهابسبورج '*) (جنوب وسط أوربا) شوهد الطاعون لآخر مرة عام 
7, ولو أنه استمر طويلاً فى أقاليم البلقان المجاورة التى حكمت بواسطة السلطان 
العثمانى. ولا يزال خفيا لماذا كانت الكردونات الصحية والحجر الصحى مؤثرة: فبعد 
أن أنهى سلام بلجراد الحرب النمساوية - العثمانية عام 2١754‏ أنشأ النمساويون 
منطقة تحكم فى الطاعون غطت حوالى نصف أقاليم سلوفينيا وكرواتيا ووفرت العمل 
لحوالى ١٠.٠؛‏ من القوات» وأنشأت مناطق عسكرية مشابهة فى ترانسلفانيا وجنوب 
الدانوب. على طول الجبهة العسكرية؛ كانت هناك مراكز صحية تدعمها دوريات متنقلة 
لديها أوامر بإطلاق النار على المسافرين بطريق غير شرعى. كان على الأفراد القادمين 
من الأراضى العثمانية أن يخضعوا للكشف على أعلى الفخذ وتحت الإبط وخلع 
الملابس. والحجر الصحى الذى قد يستمر لثمانية وأربعين يوماء وكان تطهير السلع 
التجارية يتم بتعريضها للدخان. وفى حالة الشك فى صوف خام كان المتبع وضعه فى 
مستودعات البضائع حيث كان يستخدمه الفقراء من الناس فى النوم» فإذا ظهر عليهم 
أعراض الطاعون كان يطلق عليهم النار ويتم حرق الصوف 9*). 

فرضت سياسات الهابسبورج فى الطاعون صعوبة على الشعب البلقانى ذى 
الأسرة الممتدة على كلا جانبى خط الحدود: فقد كانوا يلوحون ويتبادلون الإشارات 
لبعضهم البعضء ولكن بسبب الحجر الصحى لمدة 54 يوما نادرا ما كانت تستوفى 
الفترة. وقد أعاقت سياسات الهابسبورج أيضا التجار الرأسماليين من البلغار 
واليونانيين على الجانب العثمانى الذين كان عمالهم الحرفيون يعرضون القماش للبيع 
فى أوريا المسيحية: ففى السنوات الأولى كان القماش والحبوب من الصادرات 
الرئيسية. وحالياء مع طول مدة الحجر الصحى فى النمسا وفى الوقت الذى يستغرقه 


(*) أسرة الهابسبورج: أسرة جرمانية (1/5؟5١‏ - )١16514‏ أسسها الكونت هابسبورج )١١657(‏ ثم الإميراطور 
رودلف الأول 1777 - 15411 كانت لها السيادة على الإمبراطورية الرومانية المقدسة يعد موت الإمبراطور 
شارلمان. قدمت حكاما لكل من النمسا والمجر ويوشيميا وإسيانيا. استمرت كعائلة ملكية حكمت النمسا 
(18.5 -48غ14) ثم النمسا والمجر (184144 -1518). 


/105 


سفر رحلة مداها ١١٠١‏ كيلو مترا بين إسطنبول وفييناء يمكن للمرء أن يبحر 
من ميناء على الأطلنطى إلى العالم الجديد [ أمريكا - ت] . ريما كان ألكسندر 
كنجلاك: بعد دخوله فى صراع الحجر الصحى بنفسه؛ على حق أن يزعم أن الأراضى 
المسلمة والنمساوية كانت على درجة من البعد كما لو كانت تفصل بينها خمسون 
مقاطعة كبيرة"459). 

لم تكن مسألة وقت ومسافة ببساطة. وكما أشار دانييل بانزاك: تطبيق الضوابط 
النمساوية عمق بشكل أكبر الاختلاف الإيديولوجى بين الغرب الممسيحى (الذى 
اعتبر نفسه متمدينا وخاليا من الطاعون) والشرق الأوسط المسلم ( الذى اعتبر 
بدائيا ومويوءا بالمرض). بهذه الروح كان يجرى تنبيه قراء المجلة الطبية البريطانية فى 
عام 1/49: "لا توجد أمة لم تشتبك فى حرب طويلة مع الأتراك إلا وأصيبت 
بالطاعوة(*) (84), 


ردود الفعل تجاه الطاعون فى الشرق الأوسط 


عندما عاود الطاعون الدملى ظهوره فى الشرق الأوسط عام 17841: كان العالم 
الإسلامى الغربى!**) تحت حكم النظام العسكرى المملوكى: وامتدت الإمبراطورية 
المملوكية(”*), ومركزها القلعة بالقاهرة جنويا بعد أسوان وشمالا إلى فلسطين وسوريا. 


(») حسب الخطاب الاستشراقى الذى كان سائدًا حينئذ فى أوريا نظر إلى الشعوب الشرقية عامة وتركيا 
خاصة نثلرة سليية. وتتمحور هذه النظرة حول أن الاستبداد صفة لصيقة بهذه الشعوب. وتخليص هذه 
الشعوب من هذه الصفة لا يتم إلا عن طريق التدخل الأوربى الذى سوف ينقذ هذه الشعوب ويفرض قيمع 
الحرية والديمقراطية. 

)م كان هناك فى الشرق الدولة الإسلامية بالهند وياكستان وأفغانستان (عصر الخليجيين وكام دولة 
الطوائف ١1١14‏ -1845م, سلطنة دلهى اهوغ١‏ - 1184م ثم سلطنة المفول بالهئد مم١‏ - م 
والتى بلغت أقصى اتساعها فى عهد السلطان جلال الدين محمد أكبر ١665‏ - 106ام), 


106 


وبين شعبها المستقر نجم عن أول اندلاع للطاعون خسائر فادحة فى حياة البشر ربما 
بلغت ثلث السكان. فى القاهرة؛ التى كان تعداد سكانها يقدر قبل الطاعون بنحو 
نصف مليون نسمة (أكبر مدن العالم أو ثانى أكبر مدن العالم) بين أكتوير ١7151‏ 
ويناير ١7144‏ لقى حوالى مانتى ألف نسمة حتفهم على طريق القوافل الذى يربط ما 
بين القاهرة ويلبيس فى جنوب شرق دلتا النيل» وقيل إن الجثث كانت تتناثر فى كل 
مكان على طول الطريق. وفى أقصى الشمال عند الإسكندرية, مع وفاة أى هروب ألاف 
العمال انهار إنتاج الحرير والقطن طويل التيلة والملايس الأخرى ذات الجودة العالية. 
وكان هربك على حق عندما ادعى أن الطاعون الأسود والمجاعة التى تلته كانتا "الطامة 
الكبرى التى حلت بمصر خلال الفترة الإسلامية كلها (1*). 

كانت المجاعات التى حلت بعد الطاعون غير منفصلة عن الطاعون نفسه. وعلى 
الرغم من ندرة الدلائل الموثقة, قد يبدو أن المجاعات كانت تحدث غالبا لفرار الفلاحين 
المزارعين إلى القاهرة أو دمشق أو المدن الكبرى الأخرى, حيث يأملون قى الحصول 
على الطعام. ذهب الفلاحون أيضا للبحث عن أعمال عجيبة فى المدن لطرد الأرواح 
الشريرة التى اعتقدوا أنها مؤثرة ضد الجن الذى يحمل الطاعون. فى لفة الناس 
العادية كان مس الجن تلطيفا لكلمة وياء الطاعون. سعى العديد من الفلاحين لتحرير 
أنفسهم من قهر ملاك الأراضىء؛ ويمجرد أن التحقوا بقوى العمل فى المدن لم يعودوا 
إلى قراهم الأصلية. آخل فرار الرجال والنساء القادرين على العمل بالنظم الزراعية 
فى كل المناطقء ذلك أن الكثير من الأراضى الصالحة للزراعة كانت تعتمد على الرى؛ 
وما لم تتم المواظبة على التخلص من البوص الذى ينمو بكثافة تنسد المصارف 
والقنوات27), 

فى مناطق الأطراف بالإمبراطورية؛ حيث لم يكن لدى ملاك الأراضى الغائبين عن 
أراضيهم الرغبة فى الاستثمار فى استصلاح الأراضى أو إكراه المقيمين على العودة 
فيهاء بارت قطاعات كبيرة من الأراضى الزراعية المنتجة بعد الطاعون. وفى صعيد 
مصر والنوية» كان الموقف أكثر تعقيدا بسبب نجاح عصيان جماعات البدو للحكومة 


107 


المركزية وإيقاع الفوضى فى طرق التجارة. نتج عن ذلك أن ألف فدان فقط كان يزرع 
عام ١1١185‏ فى الأقصر من بين أربعة وعشرين ألف فدان من الأراضى الصالحة 
للزراعة التى كانت تنتج المحاصيل قبل سنة /479781*) . كان هناك تناقص شديد فى 
عدد السكان فى شمال سوريا حيث بقيت هناك مئات القرى مهجورة بعد قرن كامل 
من انتشار الطاعون الأسودء. وفضلا عن استئصال الطاعون لسكان قرى بالكامل, 
يبدو أن العديد من المزارعين الذين ظلوا على قيد الحياة قد انتقلوا جنويا واستولوا 
على المزارع فى دلتا النيل ويعد ذلك استقروا بها(8*). 

فى قلب هذه المنطقة الزراعية من مصرء أتى الطاعون والمجاعة على الأخضر 
واليابس فى أعوام 15481551 ١183‏ ومع ذلك فخلال سبع أو ثمانى سنوات»: 
أصبحت معظم قرى الدلتا البالغة "١٠٠١‏ قرية تنتج القمح والمواد الغذائية الأخرى 
المطلوية لتغذية القاهرة مرة أخرى. وفى داخل العاصمة ذاتهاء استعادت الأعمال 
الحرفية والبيع والشراء والأنشطة الأخرى اليومية نشاطها فى تأكيد على الاستمرارية 
التى كانت طريقة مصرية خاصة. 

ولتقييم آثار الطاعون الأسود والنويات الأخيرة للطاعون على الأراضى المملوكية. 
يجب أن ندرس شبكة العلاقات بين فئات اجتماعية معينة. بصورة ميسطةء سوف نجد 
أنه ما بين عامى ١581‏ ى 18٠0‏ لم تتغير ردود أفعال البشر بأى شكل ملموس؛ لأنه 
لم تكن لدى أية مجموعة سبب ملزم لتغيير أنماط سلوكها المعتادة. وهذا ينطبق على 
الفلاحين الذين كانوا دائما فى قاع الهرم الاجتماعى وكذلك الحال بالنسبة للسماسرة 
أصحاب النفوذ الذين كان لهم سلطان على حياة الناس الآخرين. 

خلال القرون الطويلة التى كان موجود!ا فيها الطاعونء من الناحية النظرية كان 
لكل فلاح رب أسرة حقوق استخدام موروثة على أرضه تحت رقابة شيخ البلدء وكان 
شيخ البلد هذا هى حلقة الاتصال الوحيدة بين القرية والعالم الخارجى. وعندما كانت 
الحكومة المملوكية قوية. كان شيوخ البلد يجندون عمال السخرة لإنشاء قنوات رى 
ومصارف جديدة. وقد كره الفلاحون متطلبات السخرة بالإضافة إلى الضرائب 
الباهظة التى يجمعها شيخ البلد على إنتاج القمح والدواجن وأشجار الفاكهة 


108 


والمنتجات الأخرى. ويرغم ذلك عندما كان يواجه أهل القرى بقوى خارجية تأتى 
من الخارج؛ فإنهم يقفون مع بعضهم البعض موقفا أخلاقيا ككل وفى الأوقات 
العادية كانوا ميالين إلى الانقسام إلى مجموعات عائلية ممتدة تميل للنزاع. وكان أى 
شيخ بلد يرجى منه خير يعرف كيف يتعامل مع المجموعات المتنازعة فى القرية من 
أجل تحقيق مصالحه!""). 


بالإضافة إلى هذه القوى البشرية؛ كان الفلاحون المصريون ينتابهم القلق حول 
توقيت فيضان النيل وإلى أية درجة ترتفع مياهه. والفيضان الكبير فقط هو الذى يجلب 
الغرين المحسن للتربة لكل قطعة فى أراضيهم. وقد ينجم عن سنوات عديدة من 
الفيضان القليل أى عدم حدوث فيضان على الإطلاق مجاعة (كما حدث فى عام 14؟١١)‏ 
(كما حدث فى عامى ها -158). وقد تأتى المجاعة أيضا إذا غزت الأراضى 
أسراب الجراد الملتهمة للحبوبء أو الفئران. مثل هذه الأزمات كان لها تاريخ طويل, 
فعندما كان العبرانيون(!*) فى المنفى فى مصر خلال سنوات فترة حكم إخناتون 
(1779 قبل الميلاد تقريبا) صك العبرانيون عبارة: هناك عشرة طواعين فى مصر 
"كمصطلح شامل يفطى جميع المصائب التى يسببها الجراد والفثران والفيضانات 
والقحط والمرض". 


(») العبرانيون: يحاول المؤلف هنا أن يجمع بين الرواية التوراتية والرواية التاريخية حول وجود اليهود فى 
مصر. فالتوراة تذكر خروج اليهود من مصر ولكنها لم تذكر فى أية فترة ولا فى أى زمن. وقد وردت 
كلمة مصر 18٠‏ مرة فى التوراة. أما كلمة إسرائيل فلم توجد فى النصوص المصرية إلا مرة واحدة 
فحسب على لوحة تذكارية لانتصار مرنبتاح خليفة رمسيس الثائى (حوالى 177١‏ ق.م) فى السئة 
الخامسة من حكمه. ولمحاولة التاريخ لوحود اليهود )2 العبرانيين) ظهرت دراستان اتخذتا من وجود 
أخناتون (7175 - 1704 ق.م) من الأسرة الثامنة عشرة؛ مدخلا لمحاولة وضع تأريخ لوجود اليهود 
بمصر. الدراسة الأولى هى دراسة سيجموند فرويد فى كتابه 'موسى والتوحيد' والذى يذكر فيه أن فكرة 
التوحيد التى قال بها النبى موسى هى فكرة مصرية خالصة وشى محور الديانة التى نادى بها أخناتون. 
أما الدراسة الثانية فهى دراسة عالم التاريخ جيمس هنرى برستيد التى يعقد فيها مقارنة بين أناشيد 
أخناتون ومزامير داود. 


109 


بعد ثلاثة آلاف عام؛ ويعد عام ,١7417‏ كان على فلاحى وادى الثيل أن يعرقوا 
كيف يستجيبون للمشاكل الخاصة التى يسببها وياء الطاعون الدملى (وقد يقترن 
بالشكل الرئوى)؛ وكانت البدائل أن يشرعوا فى القضاء عليه ويستبشروا خيراء أو 
يمتنعوا عن الزراعة ويلوذوا بالفرار إلى القاهرة أو الإسكندرية ليصبحوا عمال يومية 
غير مهرة. 

كان البدى هم الذين يقفون خارج العالم المضطرب للفلاحين المستقرين. 
ويمعيشتهم فى الصحراء على بعد أميال قليلة من ضفاف النيل المنزرعة (40/ من 
الأراضى فى مصر كانت صحارى).؛ تجنب البدو على مدى قرون الاتصال يهؤلاء 
الفلاحين الذين يعرفون أنهم يعانون من أمراض غريبة. وفى الفترة من عام 17417 إلى 
عام :١744‏ ومن خلال مراكز التبادل التى أبقوا عليها فى أسواق المدنء تعلموا الكثير 
عن أزمة المرض الدملى وعملوا تبعا لذلك. تحركوا بسرعة الجملء وتقهقر البدى بعيدا 
داخل الصحراءء؛ وبعد ذلك وخلال النويات الأخيرة للوياء ابتعدوا عن تحركات المرض. 
بعد عام ١744‏ مباشرة: علق ابن الخطيب العالم المسلم وهو فى طريقه عبر شمال 
أفريقيا إلى الأندلس على سلوك البدو المحافظ على الحياة بشكل جيد (*). إلا أنه 
بسبب العداوات الشديدة بين الفلاحين المستقرين والبدو (فى اللغة العربية الدارجة - 
كلمة بدوى تترجم على وجه العموم: إلى همجى:؛ قذر)!*). كان فلاحو وادى النيل غير 
راغبين فى تعلم أى شىء من البدو شبه الوثنيين!**) (') وبدلا من ذلك كانوا يميلون 
إلى الفرار إلى المدن كلما انتشر وياء الطاعون لكى يضافوا إلى عدد الضحايا 
المحتملين من سكان الحضر. 


(*) لا يوجد هذا الموقف تجاه البدو فى اللفة العربية الدارجة, ولا يوصفون أبدا بتلك الصفات من قبل أهل 
الدلتا (لم يذكر المؤلف مراجع تؤيد كلامه). 


(هه) لم يكن البدو شبه وثنيين فى تلك الفترة؛ بل كانوا مسلمين مثلهم مثل مسلمى غالبية المصريين (لم يذكر 
المؤلف مراجع تؤيد كلامه). 


110 


كان للتأثيرات بعيدة المدى فى السلوك المتناقض للفلاحين والبدى بعض النتائج. 
ففى الوقت الذى كان فيه تعداد سكان مصر فى تناقص (ربما ثمانية ملايين فى عام 
1 تناقصوا بشكل منتظم إلى حوالى ثلاثة ملايين فى عام )١14٠00‏ ظل تعداد 
سكان البدو ثابتا تقريبا (فى أفضل الأحوال يضع مئات الآلاف). وفى الأطراف مثل 
أقصى الجنوب؛ وفى وسط وادى النيل؛ والمناطق المحيطة بالدلتاء فى زمن ضعف 
حكومة المماليك (الوضع بعد عام :)١1599‏ كان شيوخ البدو من ذوى الشخصيات 
المؤثرة قادرين على تأسيس نظم شبه حكم ذاتى بأنفسهم. ولما كانت القبائل البدوية 
تدفع بعض الأشياء كإتاوة كانت السلطة المركزية المملوكية عامة تتركهم وشأنهم. 

وبالأخذ فى الاعتبار اهتمامنا لمعرفة أسباب عدم وجود جماعة (بخلاف البدوى) 
تدرك حتى فكرة أن الطاعون يمكن السيطرة عليه بواسطة عامل بشرىء دعنا نتحول 
إلى صناع القرار فى قمة مجتمع الشرق الأوسط فى القرن الرابع عشر والخامس 
عشرء المماليك. هؤلاء الحكام كانوا نخبة عسكرية ذات اعتماد ذاتى [ تجدد أعضاء ها 
من نفس العنصر - ت]» ويعكس الأرستقراطية الأوربية والفرسان من ملاك الأراضى 
لم يكن أبناؤهم يرثون مراكز آبائهم. وكانت العادة المألوفة بين المماليك هى تجنيد كل 
جيل جديد من الأتراك غير المسلمين من ذوى البشرة الشقراءء أى العائلات البدوية 
الشركسية التى تقطن مناطق الاستيس الجنوبية من روسياء شمال البحر الأسودا؟"). 
وفى الوقت الذى اعتبر فيه الإيطاليون العبيد (عادة الأفارقة السود) مثل الحلية فى 
المنزل لا تصلح للمسئوليات الخطيرة؛ فى العالم المملوكى فى الغالب أن كل واحد 
يجند لأعمال رفيعة المنزلة كان فى الأصل عبدا. 

بمجرد استبعادهم عن أراضيهم بغرب آسياء وانقطاع صلاتهم بأقاريهمء كان 
الشراكسة الشبان أو البدو الأتراك يحملون على متن السفن فى موانئ البحر الأسود 
وينقلون خلال الدردنيل إلى ميناء دمياط المصرى. ومن هناك كانوا ينقلون إلى ثكنات 
القلعة بالقاهرة. وفى داخل هذه القلعة الحصينة (بناها صلاح الدين الأيويى): كان 
المجندون المقدر لهم بالعمل فى خدمة السلطان أو أمير قائد يتلقون تعاليم الدين 


111 


الإسلامى بشكل سطحى!*) من الخصيان.!**) على المستوى العملى جداء كان 
المجندون يتدربون على ركوب الخيل واستخدام الرمح والقوس والسهم. ويعد انتهاء 
تدريب الفروسية؛ كان يتم إعتاق المجند ليصبح مملوكاء ويلتحق رسميا بخدمة الجيش 
الذى لا يقهرء ويرسل ليعيش فى معية قائد ذى رتبة عالية من سلاح الفرسان, وقد 
ارتقى أحد هؤلاء القواد إلى متنصب السلطان!***). 

كان سلاح الفرسان المملوكى هو الذى أسر الملك القديس لويس الرابع عشر 
الفرنسى فى سنة 156٠‏ , ودمر الحملة الصليبية السادسة. كان سلاح الفرسان 
المملوكى مرة أخرى هو الذى أجبر المغول الوثنيين على التقهقر إلى أراضيهم بوسط 
أآسيا فى سنة ١5104‏ بعد أن استباحوا ودمروا بغداد التى كانت آنذاك من أكير مدن 
العالم الإسلامى. فى الوقت الذى كان المحاريون فى العالم المسيحى مشهورين يعدم 
القنزرة على العسل مق اجدل رقن مكرك ستتطاق مقا :عفن امون 
الرئيسى؛ فى أيدى المماليك بقيادة السلطان الأشرف خليل ١1؟1‏ . وقد يكون هناك 





(*) لم يكن المماليك يتلقون تعاليم الدين الإسلامى بشكل سطحى, ولكن كانوا يتلقونه بكل عمق من قبل 
رجال الدين المشهود لهم بالصلاح والتقوى. والملاحظ أن المماليك قاموا بإنشاء العدد الأكير من المنشات 
الدينية والتعليمية والعلمية مثل المساجد والمدارس والذنقاوات والبيمارستانات على مدى التاريخ 
الإسلامى بمصر والشام. وهى منشآت باقية حتى الآن وتشهد على تقواهم. وقد قامت الدولة المملوكية 
بصد هجوم الصليبيين والتتار ضد المجتمعات الإسلامية تأكيدً! لفكرة الجهاد ضد أعداء الدين. ولا 
يمكن أن يأتى ذلك ممن تعلموا الدين الإسلامى بشكل سطحى. 


(+*) لم يكن الخصيان هم الذين علموا المماليك مبادئ الدين الإسلامى: بل رجال الدين المشهود لهم بالتقوى 
والعلم. وهو خطأ كبير من المؤلف الذى لم يذكر أى مرجع يؤيد ادعاءه. أما الخصيان فقد كانوا جِزمًا 
من حريم السلطان العثمانى. 
(*#**) كانت هذه الطريقة هى القاعدة المتبعة حسب النظام المملوكى فى تولى الحكم. فلم تكن قاعدة الوراثة 
متبعة إلا فى بعض الاستثناءات. وهو ما يختلف عن الأسر الملكية الأوربية التى كانت تتبع قاعدة 
الوراثة كما ذكر المؤلف. وكما كان متبها أثناء الدولة الأيوبية التى سبقت دولة المماليك والدولة 
العثمائية التى جات يقدقا. 


احتمال أن هذه الانتصارات المملوكية على المغول هى التى أنقذت أوريا العمصور 
الوسطى من الدمار. وفى عصر الطاعون,؛ الذى جاء مباشرة بعد عام ١5٠١‏ أنقذ 
سلاح الفرسان المملوكى الغرب مرة أخرىء بهزيمة موجة جديدة من المغول الغزاة 
بقيادة تيمور لنك؛ وأقنعوه بأن مستقبله يقع فى الصينء أكثر من الشرق الأووسط أو 
فى العالم المسيحى. 

كان المماليك دومًا منتصرين ومقتنعين أن تكتيكاتهم العسكرية صائبة, إلا أنهم 
فى المجالات الأخرى من الاهتمام الإنسانى لم يكونوا مهيئين للتجديد. فقد كان 
معظمهم!*) فى الواقع أميين (وهى صفة يشتركون فيها مع معظم الأرستقراطيين فى 
شمال الألب قبل عام )١0١5١‏ وبهذا كانوا منقطعى الصلة عن الأفكار الجديدة 
الشاردة: التى قد تكون أخذت طريقها خلال المصادر المكتوية. كان المماليك معزولين 
يطرق أخرى أيضاء ففى أثناء أداء الخدمة لا يسمح لهم بالزواج عامة أى يشجعون 
على أن تكون لهم علاقات مع أفل البلد من القاهريين, بخلاف ذلك كان يتصادف 
وجودهم فى زيارات لبيوت دعارة الإناث أو الذكور فى المدينة!**). تضايق يعض 
المماليك من تعلم اللغة العربيية كما يتحدث بها غالبية القاهريين» أو فى شكلها 
الكلاسيكىء مع أنهم زودوا سلسلة من القصص الخرافية التى عرفت بألف ليلة وليلة 
(الليالى العربية) بالإلهام: رغم أنها اللغة التى أوحى بها الله آيات القرآن الكريم إلى 
النبى محمد (. تعلم القليل منهم اللغة القبطية!***). وهى لغة الأقلية المسيحية» والتى 


(*) لم يكن معظم المماليك أميين كما يذكر المؤلف. فقد تلقوا تعاليم الدين الإسلامى قراءة وكتابة ويعضهم 
اشتغل بالتدريس والفقه كما كان يعضهم من المؤرخين المشهورين مثل ابن إياس . 
(*») لم تكن هناك بيوت للدعارة للنساء فى مصر قبل فترة الدولة المملوكية. أو بعدها كما لم يكن هناك أبدًا 
على مدى التاريخ الفرعونى والإسلامى فى مصرء أماكن يمارس بها اللواط (ولم يذكر المؤلف أى مرجع 
يؤيد ادعاءن) 3 
(+**) لا نعرف الحكمة من وراء تعلم بعض المماليك اللغة القبطية: التى يذكر المؤلف أنها كانت فى طريقها 
للانقراض من الحياة اليومية . 


13 


كانت فى القرن الرابع عشر تنسحب تدريجيا كلفة للحياة اليومية. وبينهم وبين 
أنفسهم, كان المماليك يتحدثون بلهجة تركية لم تكن مفهومة لعامة المصريين!؟'). 

كان المجلس العسكرى المركزى يخصص لقادة المماليك إقطاعيات لدعم أسرهم, 
وكانت صكوك الملكية حينئذ تسجل فى المحكمة الرئيسية. الإقطاع المملوكى كان 
منتشرا عادة فى مصر والدلتا وسورياء ويعاد تخصيصه كل خمس سنوات, لمنع أى 
مملوك من إنشاء قاعدة سلطة محلية من التابعين مثل النوع الموجود بين كبار ملاك 
الإقطاع أو النبلاء فى أوربا فيما قبل البيروقراطية الأوربية. وعند وفاة المملوك أو 
تقاعده كانت أراضيه تعاد إلى مجلس الجيش لإعادة تخصيصها. مما قيل حتى الآن» 
يتضح أن أعضاء الأوليجاركية المملوكية لم يكن لديهم من الناحية العملية شىء مشترك 
مع أهل البلد الذين استغلهم وكلاؤهم المحليون بشدة(*"). 

وفى رمن الطاعون, كان على المماليك الغرباء بطبيعة الحال أن يتخذوا قرارات 
فردية عن كيفية التعامل مع المرض. ففى عامى ,١1718- ١7841‏ هرب العديد من 
المماليك بقيادة سلطان صغير يبلغ من العمر أحد عشر عاما(*) من القاهرة إلى القرى 
الخالية من الطاعون شمال المدينة. ومع ذلك قرر معظمهم فى السنوات الأخيرة أن من 
الأفضل لهم البقاء فى القلعة للدفاع عن مصالحهم ضد المماليك المنافسين. وريما لم 
يكن البقاء بالفكرة الجيدة؛ فقد لاحظ المعاصرون وفيات مرتفعة من الطاعون بدرجة 
غير عادية بين نزلاء القلعة. زيادة على ذلك انخفض عدد المماليك من عشرة آلاف 
مملوك سنة ١541‏ إلى ه - ١‏ آلاف وقت غزى الأتراك عام ١6١7‏ ومع ذلك فإن هذه 
القوة تمثل خمسة عشر ضعف حجم القوة التى تركتها الحملة الصليبية وراءها 
للاحتفاظ بالأراضى المقدسة: بعد غزوها بواسطة الحملة الصليبية الأولى. ريما كانت 





(+) يقصد السلطان الناصر محمد بن قلاوون ابن السلطان المنصور قلاوون فى فترة حكمه الأولى 157 / 
11 64 /ر1ذ؟ا. 


1_4 


إحدى نتائج انخفاض أعداد المماليك هى استنزاف معنوياتهم. ومع ذلك فقابلية 
المماليك للإصابة بالطاعون كان يعنى عدم وجود سبب لديهم لافتراض وجود صلة بين 
الفقر وسوء الأخلاق وانتشار الطاعون. هذا الموقف الإنسانى يتناقض بشدة مع 
الموقف فى الشمال الإيطالى بعد عام .19186"), 

وفى الزمن الذى ابتدع فيه الإيطاليون الإنسانيون والأمراء الظاهرة الثقافية 
المعروفة بالنهضة:؛ كان النظام المملوكى يقبع فى اضمحلال فكرى("'). وياقتناعهم 
المستمر بقوة سلاح الفرسان الذى دافع فى السابق عن الشرق الأوسط من المغول 
والمسيحيين؛ فشل مماليك القرن السادس عشر فى ملاحظة أن منافسيهم الأتراك 
العثمانيين الذين استردوا عافيتهم بعد هزيمتهم على يد تيمور لنك )١1١5(‏ 
يستخدمون سلاح المشاة بشكل جيد مع البنادق والمدافع. وفى المعركة الكبرى 
شمال القاهرة فى يناير ,١10١!/‏ هزم الأتراك سلاح الفرسان المملوكى. ثم حكم 
السلطان العثمانى فى إسطنيول (العاصمة البيزنطية التى استولى عليها الأتراك عام 
)١1407‏ مصر من خلال الثواب المحليين. مع ذلك فمن خلف الستار الذى كانوا يلعبون 
عليه الحركات العابرة لظلال الممثلين» تغيرت فى الحقيقة أشياء قليلة فى مصر. 
وتحت حكم السلاطين العثمانيين» استمر المماليك كحكام فى واقع الأمرء وتمكنوا من 
البقاء على قيد الحياة بعد معركة التيل (عام )١744‏ ضد القائد الفرنسى الشاب 
نابليون: لكنهم قتلوا رميا بالرصاص بالقلعة بواسطة نائب السلطان [محمد على 
باشا - ت] عام .181١‏ 

وكما كان موجودًا قبل عام ١6١7‏ ويعده, دعمت السلطة المملوكية دولة 
بيروقراطية شديدة المركزية. ولما كانت المناهج فى جامعة الأزهر (التى تأسست عام 
47 ميلادية) تهدف إلى تخريج علماء دين إسلامى وقضاة أكثر من تخريج موظفين 
حكوميين» كانت البيروقراطية تتكون إلى حد كبير من المسيحيين الأقباط المولد الذين 
يعرفون العربية» ويساعدهم بعض اليهود!*'). وكأعضاء أقلية دينية فى خدمة نخبة 
غريبة, عرف الموظفون الأقباط أن بقاء هم يتوقف على مهارتهم فى تحصيل إيرادات 


15 


الضرائب إلى الخزانة المركزية للسلطان؛ حتى أثناء الفترة التى كان فيها الطاعون 
والمجاعة والكوارث يقلل بشدة من حجم السكان الذين يدفعون الضرائب. وفى عام 
١17‏ بناء على مبادرة من الأقباط إلى الخزانة المركزية. نشأ نظام احتكار الدولة 
لبيع قصب السكر. وقد تبع ذلك فى سنة ١455‏ خلق احتكار لبيع التوابل إلى الوكلاء 
الأوربيين الذين يجمعون فى فندق فى الإسكندرية. ساعدت هذه الإيرادات الإضافية 
على دوام النظام المملوكى رقللت حاجة الحكام المماليك إلى القلق على رفاهية السكان 
الفلاحين المهددين بالطاعو:(؟"). 

لما كان سكان المدن محرومين من تملك إقطاعيات زراعية فى المناطق الريفية؛ 
كان الموظفون الأقباط يدركون بشكل غامض الانحدار اليطىء لسكان القاهرة فى 
القرن الخامس عشر (على الرغم من الهجرة الداخلية). ومعه التحلل فى قاعدة 
الضرائب فى المناطق الحضرية. وللتعرف بدقة على ما كان يجرى بالضبط فى وقت 
الطاعون؛ كانت الإحصاءات تتم من خلال عدد أكفان الضحايا التى تفادر أبواب 
المدينة. وكانت إحصاءات أخرى تتم للموتى بالطاعون الذين كانت تقام عليهم صلوات 
خاصة فى المسجد أيام الجمع. ويخلاف ذلكء لم تلاحظ الحكومة النويات المتكررة 
للوياء ولم تفكر على الإطلاق فى إقامة مجالس صحية على غرار ما كان يحدث فى 
فلورنسا .)٠١١(‏ 

وفى مرتبة أقل من الإدارة المدنية المملوكية - وثراء شخصى يفوقهم أحيانا - 
يأتى كبار التجار وكبار الماليين فى القاهرة والإسكندرية ومدينة قوص الواقعة فى 
جنوبى مصر التى تتحكم فى طريق الأقصر من النيل إلى البحر الأحمر. وأكثر هؤلاء 
شهرة جماعة تجار الكاريمى*)؛ كان بعضهم من اليهودء والآخرون اعتبروا مسلمين 
من الناحية السياسية (**0'') وطالما كان سادتهم المماليك يتحكمون فى المدخل 


(*) الكاريمى: هى تجارة التوابل. 
(*») لا يعتبر أحد من الناحية السياسية مسلما. المسلم من آمن بأركان الإسلام الخمسة علما وعملاً. وقد 
كان معظم تجار الكارما من عائلات مسلمة؛ ومن أشهرها أسرة الدادا الشرايبي. 


116 


المؤدى إلى البحر الأحمر وعدنء فقد كانت لهؤلاء التجار اتصالات بحرية مع مصادر 
تجارة التوابل العظيمة فى الهند وسيلان وإندونيسيا والصين. كان الاهتمام الأول 
للتجارة داخل مصر تحصيل الإيصالات والكمبيالات بصفة منتظمة. بعد أن فرض 
السلطان يرسياى') احتكارا حكوميا للبهارات فى عام 1577: انتقل العديد من أسر 
التجار ببساطة إلى الهند واستمروا فى التجارة من هناك. ويدرك المؤرخون الآن أن 
هذه الهجرة وليس الاكتشاف البرتغالى لطريق جديد إلى آأسيا عبر رأس الرجاء 
الصالح فى سنة :١494‏ هى التى أسهمت كثيرا فى تدنى عائدات الضرائب المملوكية 
من تجارة المسافات البعيدة .)٠١9‏ 

كان العملاء الرئيسيون للتوايل الآسيوية الذين تعامل معهم التجار؛ هم صفوة 
المماليك بالقاهرة. وتجار جنوا فى الإسكندرية» الذين خدموا الأشخاص ذوى الأصل 
النسيل فى أوريا؛ لم يكن هتاك طلب على سلع الرقاهية بين الفلاحين والقرويين. ومن 
المفترض لهذا السببء أن هؤلاء من غير المستهلكين بعيدون عن اهتمام التجار. ويالمثل 
كان غائبا عن عقول أصحاب الميركانيتلية التجارية تجريب الأسلوب البحرى الإيطالى 
أى الحجر الصحى البرى؛ ما قد يعترض سبيل السفن. وعلى أية حالء لم يفوض كبار 
المماليك قوة سياسية للتجار المصريين فى المدن التى كانت توجد بها مخازنهم 
وإقامتهم الرئيسية. وفى زمن الطاعونء حجز التجار أنفسهم ببساطة فى المنازل 
المزودة جيدًا بالمؤن. انتظارا لانتهاء الأزمة, غير منزعجين من متطليات الخدمة فى 
مجلس الصحة (على أسلوب ساكن البلدة الألمانى أى الفرنسى أو الإنجليزى فى المدن 
الحديثة المبكرة). 

داخل الإطار الداخلى للأسر الممتدة ومجموعات التضامن التى كانت عليها 
القاهرة الحضرية؛ كانت النقابات تتحكم فى الإنتاج الحرفى('"'). فقد كانت هناك 


*) السلطان الأشرف برسباى : 6م ه/ ١8727‏ م دولة المماليك الجراكسة. 
ان 27 سرف يريسيل م ذى 2 9 


117 


نقابات لعمال الأخشابء وعمال المعادن وإعداد الأغذية ونا القطن عالى الجودة 
والحرير للصفوة, والملايس الخشنة للعمال والفلاحين؛ وكانت هناك أيضا نقابات 
للعاهرات!*) والنشالين. وكان يرأس كل نقابة موظف يعينه النظاء!**) الذى نظر إليها 
على أنها [مجرد - ت] الضريبة التى تفرضها الحكومة المركزية. وتحصل بصفة 
دورية. ولا كانت جميع طوائف الشعب المعترف بها من الناحية الأخلاقية أو غير 
المعترف بها تضم أشخاصا يدفعون الضرائبء ففى عالم المماليك المتسامح 
ومؤخرا العثمانيين فى مصر لم تكن هناك حاجة إلى وصم أية جماعة اجتماعية بأنها 
حاملة للطاعون. ومن خلال عدم وجود كباش فداء طبيعيين (بخلاف الجن الخيالى 
الموجود فى ثقافة الفلاحين), لم يكن هناك مجال لتطور فكرة تقييد الحركة البشرية 
لإيقاف الطاعون. 

عند النظر إلى ردود أفعال المصريين تجاه الوباء يؤكد بعض المؤرخين على 
الطبيعة الثابتة لرد الفعل الدينى الإسلامى الرسمى؛ هذا التفسير يفرط فى تبسيط 
حقيقة معقدة!'''). بداية» (مع إهمال رواسب الوثنية)» لم يكن حتى القرن الخامس 
عشر أن اعتبار غالبية الناس خارج الدلتا والقاهرة أنفسهم مسلمين على الإطلاق!***) 
فقد كانت مصر من بين الأقاليم الأولى فى الإمبراطورية الرومانية التى أصبحت فيها 


ع فيما ينافز السبعين طائفة حرفية ذكرها محمد بن أحمد القرشى المعروف بابن الأخوة (4غك/ كا - 
6 فى كتابه "معالم القربة فى أحكام الحسبة أثناء الدولة المملوكية, لم يذكر أية طائفة 
للعامرات. 

(+*») كان للحرف رؤساء ينتخبهم أعضاء كل حرفة وكل مهنة؛ ولم يكن النظام يل . أعضاء ال مهن والحرف هم 
الذين يعينون شيوخ (-رؤساء) الحرف. وكانت كل هذه الطوائف تحت إشراف المحتسب ورقابته. 

لءءء) بدى الصحراء ويدو سيناء شأنهم شأن أهل الصعيد كانوا مسلمين تمامًا مثل أهل القاهرة والدلتا في 

تلك الفترة حيث بلغت دولة المماليك البرجية أكبر اتساع لها (ولا يذكر المؤلف أى مرجع يؤيد ادعاءه). 
ورغم أن غارات مملكة النوبة المسيحية شكلت تهديدً!ا لجنوب الصعيد حتى مدينة قوص منذ عهد الدولة 
الإخشيدية والطولونية والفاطمية, إلا أن مملكة النوبة قد ضعفت تماما مع ازدياد قوة الدولة المملوكية . 


1168 


الايانة السيهية مامين الشهي وقد كحقق وإلا فى لعفف العرى الخالث: فيل 
سنوات من تأليف أوغسطين من هيبو (المتوفى سنة ١43م)‏ مفهوم "الخطيئة الأصلية” 
التى ميزت الأتباع الغربيين للعبادة عن المسيحيين الآخرين يعد ذلك. بعد الفتح العربى 
عام ,14٠‏ الذى رحب به الأقباط كوسيلة لتحرير مصر من مثالب الكنيسة البيزنطية 
(اليونان الأرثوذكس). تعايش الأقباط مع المسلمين. واعترف بدوره الإسلام بحقوق 
أهل الكتاب الآخرين (اليهود والنصارى)» ويطريقتهم فى العبادة طالما لم يحاولوا 
تنصير أو تهويد المسلمين. استمر التعايش خلال الحقبة المملوكية. ومع ذلك» فى أوقات 
الأزمات الخاصة على سبيل المثال. عندما كان الجنويون والفينيسيون يغيرون على 
السواحل المصرية (قاموا بحرق الإسكندرية عام 01؟١):‏ وقد وجد العديد من الأقباط 
أن من المناسب اعتناق أفراد الأسرة الإسلام "''). ولم يكن من المحتمل للمسلمين 
الجدد أن يتحدوا التعاليم الراسخة عن الاستجابة الملائمة للطاعون. 


حتى عودة ظهور الطاعون الدملى: كانت العادة بين الأقباط أن يصبح أحد 
أبنائهم راهبا؛ كانت أديرة مثل دير القديس أنطونيوس فى الصحراء الشرقية؛ 
وفى وادى التطرون فى صحراء غرب النيل المعاقل الحقيقية للعقيدة. ومع ذلك ولما 
كانت طريقة بناء الأديرة تناسب بشكل جيد الاحتياجات الغذائية للفئران الحاملة 
للبراغيث (عامة كانت توجد طاحونة للدقيق بالقرب من أماكن معيشة الرهبان)؛ 
فإن هذه المجتمعات بالذات ضريت بشدة بالطاعون: ظلت سجلات أديرة وادى 
النطرون صامتة بعد عام ١١47,‏ ووفقا لتقرير معاصرء عن مائة دير معزولة بعيدا فى 
صحارى مصر فى عام 47؟1١:‏ كانت سبعة منها فقط تعمل عام .9146''). وفقا 
للرؤية القبطية ليس هناك شك أن الطاعون مرض من عند الله؛ فالتدخل البشرى لا 
طائل من ورائه. 

فشل المجتمع اليهودى الصغير فى مصر أيضا فى التوصل إلى تفسير بديل 
لمعنى الطاعون. كان اليهود كثيرين بصفة خاصة فى الإسكندرية (حيث عاشوا بين 
الفينة والأخرى منذ العصور الرومانية) والقاهرة القديمة بالقرب من الفسطاط. ارتبط 


119 


العديد منهم بتجارة التوابل مع الهند. كان الآخرون أطياء مدريين على التقليد اليونانى 
(اليونانى العربى) الذى يقبل أفكار جالينوس عن المياسما والأمزجة. ومثل زملائهم 
فى الغرب؛ عمل الأطباء اليهود فى مصر كأطباء شخصيين للرجال العظام فى البلاط. 
ولما كان من الضرورى وجود رؤساء ثمانى عائلات لإنشاء معيد يهودى (رقم نادرا ما 
توفر فى قرى الفلاحين)؛ فإن معظم اليهود كانوا سكان مدن لم يعرفوا شيئًا عن 
العالم المويوء بالطاعون للناس القرويين!!١').‏ 

ولأسباب مختلفة إلى حد ماء بعد أعوام ١711/‏ .174/4 1545 فإن علماء الدين 
والقضاة المسلمين الذين تعلموا الشريعة (الموضوعات التى تدرس فى جامعة الأزهر 
وفى المدارس بالقاهرة) لم يغيروا التفسير الأساسى لرد الفعل تجاه الطاعون الذى 
حدث حوالى سنة .87١‏ وكما أوضح لورانس كونراد مؤخراء فى زمن الثبى 
محمد صلى الله عليه وسلم (./اه - 177م) خلال الوياء الأول للطاعون الدملى 
(41ه - ه0)77/0*) أصبح المرض مثلاً شائعًا للوجود المرعب الذى أصبح جميع الناس 
أمامه خائرى القوى. خلال هذه السنوات المبكرة من الإسلام فى داخل مكة والمدينة 
وما حولهماء فإن العرب البدو الذين كانوا لا يزالون وثنيين اعتقدوا أن الطاعون من 
أعمال الجن والعفاريت التى تعمل بنفسهاء لا تعوقها أيدى قوى عليا. ويالنسبة 
للمسلمين كان هذا تفسيرا ضلاليًا ينكر القوى العظمى لله. ووفقا لذلك؛ اتخذ أتباع 
النبى صلى الله عليه وسلم على عاتقهم قلب الفكرة الوثنية رأسا على عقب من أجل أن 
تتوافق مع متطلبات كل من الدين والفهم الشعبى الشائع. وقد احتاج ذلك إلى وقت. 
ويقترح كونراد أن الصياغة الكاملة لم تظهر إلا حوالى سنة .1م ,)٠١4(‏ 

وكما هى متضمن فى أقوال النبى (الحديث) التى تُذكر بعد عام :417٠‏ كان 
الطاعون أداة الله الرحيم, الله ذى القوة المتين: تؤكد هذه القراءة على أنه لم يكن ينظر 
إليه على أنه يحدث بواسطة الشياطين التى لا تتلقى توجيهها من الله. والإقرار بأن 


(+) هذا التاريخ غير منطقى: فليس من المعقول استمرار وياء للطاعون لمدة 514 سنة. 


110 


اثنين من الصحابة قد ماتا بالطاعون, يؤكد "الحديث” أيضا على أن وفاة المؤمن 
بالطاعون يمهد له سبيلا مباشرا إلى الجنة؛ وفى هذا فإن المتوفى بالطاعون يلتحق 
بالشهداء فى سبيل الله أ القتلى فى أثناء الجهاد. ومن ناحية أخرىء كان يعتقد أن 
الوثنيين والكفار وغير المؤمنين الآخرين الذين يصرعهم الطاعون مصيرهم إلى الجحيم 
فى الحال. وفى اعتراف آخر بالطاعون على أنه أداة الله العظيم؛ نصح “الحديث” 
المسلمين بأنهم "إذا سمعوا بوجود الطاعون فى بلدء لا يدخلوهاء ولكن إذا ظهر فى 
البلد التى يقيمون فيها فلا يغادروها ولا يفروا من هذه البلد ,)5١5(‏ 

ويأخذ الأحاديث مع بعضهاء تجعل هذه التعاليم من الواضح أنه ليست هناك 
حاجة لأفراد الأسرة أن يهربوا من البيت إذا أصيب أحدهم بالطاعون أى يبحثوا عن 
كبش قداء من التاس. ما يشاء الله يحدث؛ فى زمن الطاعون ينبغى أن يواصل الناس 
حياتهم كما لى أن شيئًا غير عادى لا يحدث. وكتب ابن حجر العسقلانى!*), الفقيه 
القاهرى الذى عايش الطاعون سنوات ١570 - ١478/1511‏ و1444 م وتوفى عام 
, تعليقا فى هذا الموضوع. مستلهمين بهذا الفقيه (كما يقترح دولز): بعد عام 
837 أصبح من المألوف فى زمن الطاعون تلاوة الحديث المناسب أمام المؤمنين فى 
صلاة يوم الجمعة فى الأزهر!"'). 

فى أوقات المماليك والعثمانيين: تعلم علماء الأزهر فى الدين والشريعة إصدار 
الفتاوى لتوجيه المواقف الطبية عن المرض. ومع ذلك: ففى الممارسة؛ سادت التعددية 
الطبية؛ ققد كان لكل مجموعة اجنماعية عدة تقاليد تختار منها. ويستشهد جى. بى. 


(») ابن حجر العسقلاني: ولد بمصر (الالا/ر775١‏ - )١1578/414‏ وعاصر فترة حكم المماليك البحرية 
والبرجية. تولى منصب قاضى قضاة الشافعية فى عام 414١م‏ فى عبد دولة المماليك الجراكسة (- 
البرجية). من كبار المحدثين والحفاظ والفقهاء. له مؤلفات ضخمة متعددة فى الحديث والفقه والتراجم 
أشهرها كتابه المسمى (فتح البارى فى شرح صحيح البخارى). وله تراجم كبيرة ومن أهمها "الدرر 
الكامنة فى أعيان المائة الثامنة" كما أرخ للفترة التى عاش فيها فى كتابه "إنباء الغمر يأنباء الغمر”. 


121 


بيركى بحالة تعليم بمدرسة تعرف بالجوهرية!") تأسست عام ١47١‏ لتوجيه الطلاب فى 
تخريج الأحكام الملائمة للهوية الإسلامية. وبإدراجه ضمن عمل الوقف كانت الوصية 
[وصية الواقف لهذه المدرسة - ت] يأن توجد غرفة من أجل اؤلؤة خاصة عندما تغمس 
فى ماء مصبوب فى طبق من الفضة تشفى مرضى [الجهاز - ت] البولى. ولتوضيح 
عملى للتعددية الثقافية؛ يأمر الواقف المدرسة أن تضمن وصول الناس العاديين دائما 
إلى مياه العلاج التى تحدثها هذه اللؤلؤة('"'), 

كان الشىء المشابه؛ هو التعددية الطبية الموجودة فى البلاط المملوكى. وهنا 
نفترض أن أميرًا قد يضع جنديًا مريضا من عبيدهل**)ذا قرابة بعيدة تحت رعاية 
طبيب يهودى!**") [تعلم - ت] حسب تقاليد الطب العربى اليونانى. وإذا عانى حمى 
(غير مرتبطة بالطاعون) فريما يعالج وفقًا للتعليم الطبى الذى يستخدمه يهود القرن 
الرابع عشرء والأطباء غير اليهود فى بلاط الأمراء قى الغرب»: ويمعنى آخر الأقسام 
ذات الصلة بقانون ابن سينا!****) وعلى نحى بديل؛ فإن أميرنا الافتراضى وتابعه ذا 


(*) هى مدرسة جوهر اللالا - 4855 ه/ر٠147م,‏ أنشئت فى عهد دولة المماليك الجراكسة . توجد بدرب 
(+») لا يوجد جنود من العبيد أبدًا فى الدولة الإسلامية. 
(**») يحاول المؤلف هنا أن يوجد لليهود وضعًا خاصنا بكونهم طائفة متميزة تحتكر مهنة الطب ولذلك فهو 
يلجأ إلى افتراض طلب أمراء المماليك يأن يوضع مرضاهم تحت رعاية طبيب يهودىء مع العلم بوجود 
أطباء عرب كثر, والحقيقة أنه ليس هناك تراث خاص الطب اليهودى فالتراث الطبى السائد كان هو 
الذى استهدف إقامة دولة إسرائيل الحديثة. (انظر: اختلاق إسرائيل القديمة - كيت وايتلام ساسلة 
عالم المعرفة) . 
(++»») ابن سينا: ولد يبخارى من بلاد فارس (94./1/1 - 1717/474١٠م)‏ يعتبر كتابه "القانون” من أكبر 
مؤلفاته, ترجم إلى اللغة اللاتينية واللغات الأوربية الأخرى وكان العمدة فى دراسة الطب فى 
الجامعات الأوربية حتى منتصف القرن السابع عشر. 


122 


البشرة الشقراء ريما يتحول إلى صوفى ذى قدرة على الشفاء حصل عليها من اتصاله 
- من خلال القراءة والصلاة والتأمل مع روح الحياة وتجددها. أى قد يتحول الأمير إلى 
ممارس لما كان يعرف بالطب النبوى. تحت تسمية تدل على المصداقية!*) ويشمل هذا 
الوثنية الفرعونية والوثنية البدوية والمستوطنين العربء والأفكار القديمة الأخرى عن 
كيفية منع وعلاج الأمراض. وكان يتضمن [الطب النبوى - ت] فى حكمته. المثل بأن 
كل مرض له علاج ما عدا: الطاعون. الجنون: والشيخوخة(''). وبالنسبة للحضرى 
الفقيرء كان الخيار الأقل تكلفة هو الحجاب السحرى لضمان طرد العين الشريرة التى 
تفتك بالأفراد أو جن الطاعون الذى يفتك بالمجتمعات. 


وكما كان يحدث فى الغرب المسيحى فى أوائل القرن السادس عشرء كان 
التصرف الأخلاقى المتوقع من المؤمنين بين الناس من الطبقات المتوسطة يتم الحافظ 
عليه بشكل دقيق. ويانتشار العقيدة الإسلامية عن الأعمال الصالحة؛ فإن الأسرة 
إطعامهم وعسلهم. وكانت أعضاء الأسرة تساعد المتوفين» وتجهز أكفانهم وتنقلهم إلى 
المقابر بصحبة مواكب كبيرة من المعزين. ووفقا لكاتب الحوليات: الجبرتى» فإن العديد 
من الأثرياء والأمراء وكبار التجار وآخرين:» كانوا يشاركون فى هذا العمل الخيرى. 
ويساعدون بصفة شخصية فى دفن عدد كبير من الموتى بالطاعون فى المقابر الشرقية 
والجنوبية('''). وفى فعلهم لما قاموا به؛ يعتقد المؤمنون أن عودة المرض تمت بواسطة 
الله الرحيم ليفتح للمؤمنين بابًا من 710 بابًا من أبواب الجنة. 


(*) يحاول المؤلف أن يشير بطريقة غير مباشرة إلى أن الطب النبوى يشمل بقايا من عادات وعقائد وثنية 
قديمة. 


123 


وربما كان الموقف فى المناطق الريفية مختلفا نوعا ماء وهنا بين الفلاحين الأميين, 
استمر النظر إلى الطاعون على أنه عقاب من عمل الجن الذى يستجاب له على نحو 
أفضل بالفرار إلى القاهرة حيث كان هناك نقص مزمن فى العمالة ('"'). وفى شرق 
الأناضول فى قلب الأراضى العثمانية؛ أثناء طاعون عام ,١1/7١‏ صعد العديد من 
القرويين إلى سفوح التلال؛ ويعد الأزمة ظل البعض منهم فى مواطنهم الجديدة. 
وبالسقر مقابل اتجاه مصر على ساحل البحر الأحمر فى سنة 1١18؛‏ أخبر الناس 
الفارون جون لويس بوركهارت أن: "الطاعون هو البركة التى أرسلها الله إلى العالم 
ليدعو الصالحين إلى الجنة؛ نحن نعتقد أننا لم نصل بعد إلى هذه الحالة من النعمة 
ولذا ندخر أنفسنا لوقت آخر"(316), 


وفى مصرء عند تقرير كيفية التعامل مع الطاعون» فإنه يبدو أن كل عائلة كبيرة 
فى مجتمع قروى, أ فى منطقة حضرية مستقلة» نظرت أولا إلى كيف كان الأجداد 
يقومون بفعل الأشياء. وعندما لا يجدون سوابق للتدخلء لا تحدث أية تدخلات. 
وعلى ذلك فقد استمر الطاعون. فى مكان ما فى مصرء على الأقل فى الست عشرة من 
الخمسين سنة بين عام ١7٠١‏ و.٠٠148١ء‏ وقد لقى عدد كبير من الناس حتفهم 
بسبب المرض. بعد ذلك؛ فى أوائل القرن التاسع عشرء وصل إلى الساحة حاكم أجنيى 
جديد(*) وعلى عكس أسلافه؛ أثبت مخمد على قدرته فى اتخاذ إجراء قوى عندما 
وأجه الطاعون. 


خدم محمد على وهى ابن تاجر عسكرى مقدونى**) فى الجيش العثمانى وربما 
عترف: يعض الأفكان غن السنيطرة على المرشن من:طلاب الطب الاثزالئة وفى :تلك 


(») من وجهة نظر مفهوم القومية الأوربية التى ظهرت فى فترة القرن التاسع عشرء يعتبر محمد على أجنييًاء 
ولا يعترف الإسلام بالقومية. فالإسلام أمة واحدة. “لا فضل لعربى على عجمى إلا بالتقوى' - فشرط 
الولاية هنا هى الإيمان بالإسلام بفض النظر عن العرق فا مماليك كانوا ذوى أصول تركية وشركسية 
ويعضهم من أصول أوربية ورغم ذلك أسسوا دولة إسلامية كيرى على المستوى الاقتصادى والسياسى 
والثقافى والعلمى. 
(»*») مقدوتيا جزء من بلاد اليونان والتى كانت بدورها تشكل مع رومانيا وبلغاريا بلاد الروملى والتى كانت 
ضمن الدولة العثمانية . 


124 


المسائل كان الأتراك متقدمين على المصريين بنحو نصف قرن7'''). ففى سنة 2,١18٠0١‏ 
بينما كان شابا يافعا مندفعًاء أرسل إلى مصر كقائد ثان على الفرقة الألبانية 
للتخلص من بقايا جيش نابليون بونابرت (الذى ضريه الطاعون من قبل فى سوريا) 
وفى سنة ١6.0‏ أصبح محمد على باشا نائيا للسلطان والحاكم الحقيقى لمصر تحت 
السلطان العثمانى. 

وعلى قدر ما يستطيع رجل واحد أن يفعله. حول محمد على مصر والإقليم 
السورى الذى احتله(*) جيشه يعد عام , ١1600‏ ويصفته وريئًا لسلطة المماليك: كانت 
كلمته بمثابة القانون داخل مناطق حكمه. ولكى يخلص نفسه من المكائد, دعا فى 
مارس :١186١١‏ أربعمائة وسبعين مملوكا إلى تناول العشاء فى القلعة ثم أطلق عليهم 
الرصاص عند مغادرتهم القلعة. وتحت إمرته أسس شيوخ الصوفية مراكز جديدة فى 
الصعيد والنوبة واستخدم من دخلوا الإسلام حديثا**) فى توسيع مناطق الأراضى 
الصالحة للزراعة. وفيما وراء مصر أننخلت الحملات العسكرية بدو سيناء وسوريا فى 
نظامه كتابعين دافعين للضرائب. وخاررج البلاد قاد أبناؤه الجيوش التى هزمت طائفة 
أصولية كانت تتحكم فى المدن المقدسةالمكة والمدينة [يقصد الحركة الوهابية فى مدينة 
الدرعية بنجد - ت]. وفى عام ١14١‏ !اعترف بالباشا حاميا للمسلمين السنة داخل 
الإمبراطورية العثمانية!***) وقد تم كل بهذا بواسطة جيش بلغ تعداده على أكثر تقدير 


وبين السلطان العشماني على مناطق النفوذ من ناحية وعلى قضايا كثيرة من ناحية أخرى؛ منها قضية 
الإصلاح. خاصة وأن الدولة العثمانية فى ذلك الوقت كانت تحت ضغوط كثيرة من الدول الأوربية يغرض 
تقسيمها والاستيلاء عليها . 
(*») يكرر المؤلف ادعاءه بأن أهل الصعيد والنوية لم يكونوا حتى فترة محمد على على دين الإسلام. حتى 
دخول شيوخ الصوفية إلى تلك المناطق. وهو ادعاء متهافت جِدًا . 
(+++) الدولة العثمانية فى مصر ١١١17(‏ -1965) غالبيتها من المسلمين السنة على المذهب الحنقى ولم 
يدعى محمد على أنه حامى المسلمين السنة فى أى جزء من الدولة العثمانية أبدا. فقد كان واليا من 
قبل السلطان العثمانى فى حكم مصر. 


بسر 
5 
_ 


مائتى ألف محارب وأسطول بحرى يتكون من ثلاثين سفينة تتركز فى الترسانة 
البخرية الجئيدة بالاسكنيرية 

كان محمد على ينوى تحديث مصر بحيث يمكنها أن تتنافس على قدم المساواة 
مع شركائها التجاريين الأوربيين - وعلى وجه الخصوص انجاترا وفرنسا - وتوسع 
كذلك تجارتها الكبيرة بالفعل فى الشرق الأوسط("). ولو قدر له أن ينجح لربما كانت 
مصر الدولة الأولى غير الأوربية التى تتوصل بنجاح إلى تفاهم مع عالم الرأسمالية 
والإمبريالية الحديث. إذا كان الباشا قد فشل فى النهاية؛ فلم يكن نتيجة لأى خطأ 
بسببه. ولكن بسيب الدول الأوريية (حيث سادت الأفكار الليبرالية» وسياسة عدم 
التدخل والملكية الفردية) التى كانت لديها موارد هائلة من الطاقة البشرية والتكنولوجيا 
والأسواق. وفى مقابل بريطانيا ذات العشرين مليون نسمة وفرنسا ذات الأربع وثلاثين 
مليون نسمة, فإن مصر محمد على ذات الثلاثة ملايين نسمة ومعظمهم من الأميين» 
ورثت أريعمائة وخمسين عاما من التعرض الدورى للطاعون الدملى: وتعيش على 
متطقة صالحة للزراعة أصغر من هولند|(3١11),‏ 
بتمويله جزئيا بين عام 18:4 و1814 عن طريق تصدير القمح إلى القوات البريطانية 
تحت قيادة ويلتجتون, التى كانت تطرد جيوش نابليون من البرتفال واسيانيا. 
احتكارات حكومية فى القطن والكتان والسلع المصنعة؛ وقد أوجد أيضا احتكارًا 
على التجارة المصرية مع أوربا والأناضول وأنشا الأسطول لتعزيزها. ويعد عام 
بإبطاله لحقوق الاستعمال السائدة [ كان هناك حق المنفعة للأراضى 


الزراعية حتى فترة حكم محمد على - ت]؛ فقد استانئف سيطرة الدولة 


(الفرعونية)!*) على جميع الأراضى الصالحة للزراعة وأسس طبقة من ملاك الأراضى 
الجدد معظمها من أصل تركى أو شركسىء والتى أصبحت الأساس للأرستقراطية, 
إلى أن قوضها جمال عيد الناصر فى خمسينيات القرن العشرين. ولكى يجعل هذه 
الوكالات الحكومية تعملء ولتسخير طاقات الشعب المصرى كله لمهمة إنتاج القطن 
والحبوب والسلع الأخرى من أجل التصدير إلى الشرق الأوسط وأورباء أقام محمد 
على "مفهوما للنظام” اعتمادا على سوابق فرعونية؟'*) تم تعديلها بآراء مستشاريه 
الإبطاليين والفرنسيين الذين قدموها له على أنها كانت الأفكار السائدة فى أوريا. وفى 
تطبيقهاء فقد عملت بنفس الطريقة كما عمل النظام الإيطالى الأصلى. 
أهاجت العديد من أنشطة بناء دولة محمد على الليبراليين فى أوربا. وريما من 

خلال سخرية غير مقصودة؛ لخص بى. جى. كين وأى. جى. هويكنز (1197) الموقف 
البريطانى: 

هذه التكاملية الناشئة (القطن الخام من مصر فى مقابل السلع 

القطنية من مانشستر) لا يمكن أن تحجب حقيقة أن محمد على 


(») يتعارض قول المؤلف بأن محمد على استأنف التقليد الفرعونى القديم بسيطرة الدولة على كل الأراضى 
الصالحة للزراعة مع قوله فى الجملة التالية بأئه أسس طبقة من ملاك الاراضى الجدد. هذا من ناحية 
ومن الناحية الأخرى فإن التقليد الفرعونى باحتكار الدولة للأراضى الزراعية مردود عليه بأن المعابد فى 
كافة مقاطعات مصر كانت تملك أراضى شاسعة مخصصة للإنفاق على كينة الآلهة المختلفة وأعيادها 
الكثيرة. فلم تكن الدولة لوحدها ولم يكن القرعون وحده هما المالكان والمتصرفان الوحيدن فى الأراضى 
الزراعية . 

(**) يشير المؤلف هنا من طرف خفى إلى أن مفهوم النظام الذى طبقه محمد على فى مصر يختلف عن ذلك 
الذى نشا فى أوربا فمفهوم النظام الذى طبقه محمد على نشأ بالأساس اعتمادا على مصدر فرعونى 
حيث يمثل الحاكم القوة المركزية؛ والنظام هنا قوامه الأوامر التى يصدرها الباشا إلى حاشيته ثم إلى 
الأفراد فى أدني الهرم الاجتماعي. وبذلك فهو نظام أساسه أوامر تتجه من أعلى إلى أسفل. أما 
النسخة الأوربية من مفهوم النظام فتقوم على قناعات فكرية أسسها طبقة من المفكرين والفلاسفة 
وتحظى بالقبول من قبل الحاكم والتخب وأفراد الشعب. ويذلك فالنظام هنا يقوم على العلاقات الشبكية 


والأفقية. 


كان حاكما أوتوقراطياء يفضل الاحتكارات الحكومية وسياسة 

الحماية؛ وكانت لديه طموحات توسعية. فى حين كانت بريطانيا 

تطأ الطريق نحى تحرير التجارة وتقليص دور الحكومة واحتاجت 

إلى إيجاد دول تابعة مطيعة ومسالمة!1١),‏ 

فى عام 18717 ؛ أغرق أسطول فرنسى بريطانى مشترك فى خليج نافارينو 
أسطول محمد على الذى أرسله لمساعدة السلطان العثمانى لفرض النظام على 
اليونانيين المتمردين ('"'). وفى عام ١181١؛‏ اجتمع القنصل الفرنسى والبريطانى فى 
القاهرة لتوحيد جهودهما لضمان عدم مساعدة الباشا للمسلمين فى الجزائر الذين 
يريدون رد المستوطنين الفرنسيين القادمين حديثا إلى البحر. 
جاعت تعليقات الرحالة البريطانى ريتشارد بيرتون مؤشرا على عقلية منتصف 

القرن التاسع عشر لعدم التدخل الحكومى تجاه رعايا الباشا المصريين وممارساتهم 
الطبية, ويبقائه لفترة وجيزة بالقاهرة» بينما يستعد للهرب بطريقة غير شرعية إلى مكة 
المكرمة, وجد ريتشارد بيرتون نفسه فى حاجة إلى نقودء ووفقا لما رواه: 

منذ شبابى كنت دائما هاويا لدراسة السحر والطب... وعلاوة 

على ذلك كانت ممارسة الطب شيئًًا سهلاً نسبيا بين سكان 

الشعوب غير المتحضرة: فى المناطق الحارة حيث لا يوجد ذلك 

التعقيد من الأمراض التى تزعج أكثر الأمم تهذيبا... ولهذا.. 

اعتيرت نفسى أيضا مؤهلا (لمارسة الطب فى القاهرة) كما لو 

كنت قد حصلت على دبلومة من بادوا... وأنا أطلب من القارئ 

ألا يضعنى فى موضع المشعوذ والدجال؛ فالطب فى الشرق 

متحد بالضرورة مع الممارسات الخرافية حتى أن من يجتاز 

مرحلة الممارس الخبير يجب بالضرورة أن يزعم أنه ماهر 

حدا0"9, 


وقد كتب هذا قبل أربعين سنة تقريبا من إتيان رويرت كوخ من بروسيا بالطب 
الحديث إلى الوجودء الذى برر فى النهاية فرضية أن الطب الغربى كان فى حد ذاته 
أكثر من "خليط من ممارسات خرافية". 


اعترف محمد على بصفته مستبدًا مستنيرًا بأن كل أفراد المجتمع؛ لكى يكونوا 
منتجين» يجب توفير الرعاية الصحية الحديثة لهم. ولهذا الهدف, قام بإنشاء أول نظام 
صحى قروى تدعمه الحكومة فى عالم البحر المتوسط؛ ريما لم يوجد نظام مشابه فى 
بريطانيا الليبرالية حتى مجىء [الحكومة - ت] الاشتراكية فى عام 1944 ولكى يقدم 
تغطية صحية قروية شاملة؛ استقدم الباشا المستشارين الطبيين الأوربيين فى 
الممارسات الإكلينيكية» يتقدمهم الدكتور أيه. بى. كلوت. وفى عام /14717, أسس كلوت 
ومحمد على المستشفى التعليمى الأول على النمط الأوربى فى مصرء مستشفى قصر 
العينى. كان التدريس بالعربية» وكان الطلاب من خريجى الأزهر حيث درسوا الشريعة 
والدين» وهى برامج مسلائمة تماما لطلاب الطب. كما كان برنامج الكلاسيكيات 
بأكسفورد التى كانت تدرسه صفوة الصقوة فى مهنة الطب البريطانية. ويحلول عام 
خرج خريجى قصر العينى للعمل فى العيادات القروية» فيما كان دكتور كلوت 
رافضا أن يسموا أنفسهم أطباء (7"). وبعد أربع سنوات. ضربت مصر بأول نويتى 
مرض شديدة بالطاعون؛ سنتطرق إلى هاتين النويتين الآن. 

فى عام 1324174*) , كان محمد على ملتزما "يمفهوم النظام” فى زمن أزمة المرض. 
وفى عام ؟١18١»‏ ويعلمه بظهور الطاعون فى إسطنبولء المدينة الرئيسية للنظام 


(*) منذ العقد الأخير من القرن الثامن عشر حتى العقد الرابع من القرن التاسع عشر حدثت فى مصر 
خمسة موجات من وباء الطاعون. آخرها الطاعون الذى حدث فى عيد محمد على عام ,18784 الطاعون 
الأول كان ه١؟١ه/‏ ١74١م‏ وقد أشار إليه الجبرتى وقد مات به الشيخ مرتضى الزبيدى صاحب كتاب 
"تاج العروس". ثم طاعون 5١١١ه‏ / 1757م والذى أشار إليه الشيخ محمد الصيان التحوى المشهور 
ثم. طاعون 7١؟١ه/‏ ١٠18م‏ الذى حدث أثناء الحملة الفرنسية بمصر وقد كان أشد فتكا بالصعيد 
وخاصة أسيوط. وفيه ذكر الجبرتى: “فلما ظهر الوباء انزعج الفرنساوية من ذلك؛ وجردوا مجالسهم من 
الفرش, وكنسوها وغسلوها. وشرعوا فى عمل كرنتيلات ثم زادوا فى وسائل المكاقحة فأمروا بحرق 
الثياب التى على أجساد الموتى من الوياء. وحصل بذلك للناس انزعاج عظيم'". أما وياء عام 775اه/ 1151م 
والذى حدث فى مدة حياة الشيخ حسن العطار فقد وصفه فى حاشية العطار على شرح الخبيصى. 


29 


السياسى [ العثمانى - ت] والشريك التجارى الأساسىء فقد فرض حجرا صحيا 
بحريا على السفن التركية؛ فلم يدخل الطاعون مصر. ويعد ذلك؛ وللتعامل مع مشكلة 
الأفراد والبضائع القادمة من موانى الشرق المويوءة بالطاعون» قام بتأسيس مستشفى 
للأمراض المعدية ومخزن بدمياط. ومن السخرية أن مستشاره الطبى الرئيسى الدكتور 
كلوت لكونه رجلا من المؤمنين بنظرية المياسماء سخر من نظرية العدوى التى نشأت 
منها هذه البرامج. ومع ذلك؛ فى حقبة الثلاثينيات من القرن التاسع عشرء كان من 
السهولة تغيير آراء رجال الصحة بأوامر الأمير كما كان الحال فى إيطاليا [ فى 
عصر- ت] الباروك. 

وعلى الرغم من احتياطات الحجر الصحى التى اتخذت فى عام :١1874‏ دخل 
الطاعون الموانئ المصرية الواقعة على البحر المتوسط بقوة كبيرة فى السنة التالية. 
خلال الشهور الأولى؛ لم تتأثر إلا المناطق البعيدة بالقرب من الإسكندرية» ومع ذلك 
ضرب محمد على كردونا صحيا حول المدينة. وعندما انتشر الطاعون استخدم محمد 
على تدبيرات مشددة كتلك المتبعة فى جنوا عام ١707‏ وقامت الشرطة والجيش بحبس 
ضحايا الطاعون فى مستشفيات الأمراض المعدية وحرق متعلقاتهم الشخصية. وكما 
كان يحدث فى أورباء أخذت الحالات الاجتماعية فى الاعتبار؛ فأهالى الإسكندرية من 
الطبقة المتوسطة أو العليا الذين كان يشتبه فى مرض أحد أفراد أسرهم., كان يتم 
ترحيلهم مع عزل أهل البيت. وفى المقابلء كان يتم تجميع أسر الطبقات الفقيرة 
بالكامل المشتبه فى إصابة أحد أفرادها بالطاعون ليلا ونقلهم إلى مراكز الحجر 
الصحى فى حافة المدينة. وكان الرصاص يطلق على الفور على أرباب الأسر الذين لم 
يقوموا بالإبلاغ عن موت أحد أفراد الأسرة بالطاعون(""). 

والذى أغضب مسلمى الإسكندرية على نحى خاص من 'مفهوم النظام” الذى طبقه 
محمد على هو أن الملحدين النصارى (الأطباء الغربيين) كانوا يظهرون وكأتهم يأمرون 
الأطباء المسلمين يفعل أشياء تتنافى مع شريعة الله. كانت إجراءات الصحة التشريحية 
التى يقوم بها الأطباء عند فحص وتشريح جثة المتوفى العارية» والتى كانت تدفن فى 


130 


الجير الحى: تعتبر أمثلة صارخة على التدنيس. ولإيقاف تجميع المشتبه فيهم (الذى 
كان يشاع أنهم ربما ماتوا بفعل الطاعون بعد الفحص الإكلينيكى) اعترضت 
مجموعات من المسلمين سبيل الجنود الذين كانوا يأخذون الناس تحت جنح الظلام. 
كانت النتائج متوقعة: قتل بعض الأفراد رميا بالرصاص, مما روع كل المناطق 
المحيطة. وتم تجميع المزيد من ضحايا الطاعون وأسرهم. بعض الأسر التى ووجهت 
بفشل تضامن الجوار قامت باتخاذ تدابير خاصة بهاء حيث قاموا سرا أثناء الليل 
بحفر حفر لموتاهم بفعل الطاعون فى ساحة الدارء أو ترك الجثة فى أحد الشوارع 
البعيدة بحيث لا يمكن التعرف عليها ويذلك يجنبون الأسرة العقاب. 

وفى النهاية؛ لم يأت تطبيق 'مفهوم النظام' بالنتائج المرجوة. بمجرد أن ينتشر 
وياء الطاعون بين الفثران والبراغيث والسكان فى جميع الأنحاء من الإسكندرية إلى 
الأقصرء لم يكن لدى محمد على ما يفعله سوى الانتظار حتى يأخذ الوباء دورته. فى 
الوقت الذى تراجع فيه الوباء فى أكتوير »١14851‏ توفى ما يقرب من ٠,٠٠٠‏ قاهفرى 
و0٠...‏ مصرى أخرين. كان مجموع الوفيات مساويا لحجم الجيش كله: الذى 
كان يبلغ حوالى سبعة بالمائة من سكان مصرا؛"). 

بالنسبة لأمة صغيرة غير غربية تناضل من أجل الظهور على أسس متساوية مع 
القوى الإميريالية الليبرالية» كانت هذه الخسارة ضرية قاضية. وكانت هذه البداية. 
ففى عام »١854‏ تحت نداء موجة تحرير التجارة (سلف اتفاقية الجات الحالية) أجبر 
اللورد بالمرستون*) السلطان العثمانى ونائبه فى مصر على السماح للوكلاء 
البريطانيين بشراء القطن مباشرة من المنتجين؛ وهى ما دمر احتكار الحكومة المصرية 
لمورد تصدير ودخل حيوى. وبعد ثلاث سنوات أجبرت أوريا المصريين على الاتسحاب 


(*) هنرى بالمرستون: )1616-١184(‏ وزير خارجية بريطانيا فى الفترة 1476 - 1/878, 23841-1410 ثم 
.14801١ --1‏ عاصر تقرييًا الفترة الأخيرة من حكم محمد على وهو من أشد أعدائه. عارض بشدة 
الاعتراف بمصر كقوة إقليمية قائلا: إن ما بناه محمد على فى مصر "كمن يبنى ينيانًا فوق الرمال” . 


131 


من سوريا (حيث كانت منذ عام ٠5؟١‏ جزءا رئيسيا من الإمبراطورية المملوكية). 
ويحرمانه من قاعدته الضريبية فى سورياء ومن إيرادات الاحتكارات الحكومية فى 
مصرء حل منتصف عقد الأربعينيات ولم يكن محمد على قادرا على منع المرابين من 
الفوز بالسيطرة على الأسواق المالية فى مصر. وقد بدا أن حلمه يتأسيس مصر تحت 
سيادة اسمية عثمانية مستقلة عن الغرب سرعان ما أصيح وهما(؟؟). 


وكذلك أيضاء لو مضى المشايعون للفكر الأوربى فى طريقهم, لكانوا خط الدفاع 
الرئيسى للباشا ضد قدوم الطاعون الجديدمن الخارج. وبإصرارهم على إنهاء 
"البربرية والاكتفاء الذاتى”) من دولة غير أوربية وضعت العراقيل أمام التجارة 
الحرة» عمل الدبلوماسيون البريطانيون على منع إقامة مراكز حجر صحى أخرى على 
المراكبل ''). وعندما كتب السفير البريطانى اللورد بونسوتباى عام ١879‏ إلى الباب 
العالى؛ أبدى ازدراءه بصراحة للسياسات الشرقية بشأن فحص وحجز السفن 
والمخازن. ومن كلمات اللورد: 
هذه القوة سوف تسبب اعتداء خطيرا على أحد مبادئنا العظيمة 
والثمينة, وعلى الحق الذى نشأ بموجب شروط معاهدة 
التسليم"), الذى يتعلق بانتهاك محل إقامة فرانك (أشخص 
بريطاني)؛ ومن المحتمل أن تحدث سرقات وريما قتلى؛ ومن 


لتبرير هجوم الدول الأوربية على محمد على. والقول بالبريرية كصفة لشعوب الشرق ومن بينها مصر 
تعكس جوهر الخطاب الاستشراقي الذى ساد فى أوريا القرن الثامن عشر كميرر لاستعمار شعوب هذه 
المنطقة . 

(»*) يقصد هنا معاهدة بالطه ليمان: التى عقدت بين انجلترا والدولة العثمانية عام 1877: وقد كان من أهم 
بنودها حظر الاحتكارات فى كل ولايات الدولة العثمانية. وحيث كانت مصر تابعة حينئذ للسلطان 
العثمانى فقد جردت محمد على من دخل كبير كان ينفقه على بناء المصانع وإعداد الجيوش. كاتنت هذه 
المعاهدة من أهم الأسباب وراء انهيار دولة محمد على مصر. 


132 


المؤكد كرب بغير حدود وشقاء للمرضى... لذلك أنا معارض لهذه 
التدابير("0), 


على الرغم من الإعاقات التى سببها الإمبرياليون الأوربيون لمحمد على؛ عندما 
انتشر وياء الطاعون فى شمال مصر عام 184١‏ فإنه مرة أخرى أخذ زمام المواجهة. 
هذه المرة. كان يصاحب أطياء الطاعون الأجانب كتائب من الجنود, وكان هناك 
معالجات من النساء للنساء المصابات بالطاعون. ويمواجهتهم بهذا النظام الداعم, 
أصر الأهالى المحليون على موقفهمء وقرروا عدم التعاون. ومثال لذلك. فى محافظة 
الغربية بالدلتاء قابل ثلاثمائة شيخ من شيوخ القرى حاكم المحافظة فى فيراير ,1814١‏ 
وأكدوا له أن فلاحيهم التابعين لهم غير مصابين بالطاعون. وقد كان هذا كذبًا واضحاء 
فبعد عدة أيام قليلة علم أن ستمائة وخمسين شخصاء نصف سكان إحدى هذه القرى 
تقريبا قد ماتوا بالفعل يسبب المرض. وفى قرية أخرى اكتسحها الطاعونء قتل من 
نجا منهم الجنود الذين أرسلهم محمد على ؛ ولعدة ساعات منعوا القوات المعززة حتى 
من استرداد جثثهم. ومع ذلك ففى مناطق أخرىء نجحت القوات المخصصة لدعم 
"مفهوم النظام” فى الحفاظ على السلطة (0"4). 

وكما أنجزها الدكتور ماسيرانى وأطباء بأجر آخرين فى الدلتا عام :184١‏ فقد 
تم فرض تدابير ضد الطاعون بشمولية غاية فى القسوة. ففى أية قرية مشتبه فيهاء 
كان الفصل يتم بين الضحايا الأحياء وأفراد الأسرة عن الفلاحين الأصحاء فيوضعون 
فى العزل؛ وكانت القرية تحاط بأكملها يكردون صحى يحرسه جنود أعطوا أوامر 
بإطلاق النار والقتل. وفى داخل القرية. كانت تحرق ملابس ومتعلقات المتوفى 
بالطاعون. وكان يتم ترحيل جميع الفلاحين الآخرين» ويفصلون بحسب الجنس قى 
انتهاك عنيف لأفكار المسلمين حول عدم لياقة العرى العام: الذى كان يتم فى حمام فى 
حضور الأطباء (ومن هنا كانت الحاجة إلى طبيبات من النساء للإشراق على غسل 
النساء). وعند الانتهاء من الحمام (لم يكن أحد يعرف حينئذ أن البراغيث التى من 


133 


الممكن أن تحمل الطاعون كان يتم التخلص منها) كانت تقدم للفلاحين ملابس نظيفة 
ويظلون لعدة أيام تحت الإشراف الطبىا؟""). 

ويمواجهة السفن القادمة من موانئ البحر المتوسط المشتبه فيها بإجراءات 
صارمة: بدا أن تدابير محمد على قد نجحت هذه المرة بتأثير مدهمش. فقد تناقص 
الطاعون (كانت النوية المحلية الأخيرة فى أكتوير عام 1445) ثم انقطع. ويعد ذلك 
أصبحت مصر خالية من الطاعون وربما استمرت على ذلك طوال ثلاثة أجيال؛ الزوار 
الذين يقفون اليوم أمام مقبرة الباشا فى مسجهده بالقلعة ريما قد يتغاضون عن 
التفكير فى أنهم سمعوا تنهيدة تصدر صاعدة تقول ما ترجم عن الأقوال العربية: 
'لكننى أخيرا فزت بالنصر على الطاعون". ويعظّم من تباهى الباشا هذا الفهم الحديث 
بأن الحجر الصحىء متوافقا مع هلاك أعداد الفئران المويوءة. ريما حرر حقًا مناطق 
كبيرة من البلاء العظيم. 


134 


هوامش الفصل الأول 


)١(‏ من أجل مقدمة عامة: جين نويل بيرين , الناس والطاعون فى فرنسا وفى اليلدان الأوربية ودول البحر 
الطاعون ( باريس: موتون,1977). للشرق الأوسط انظر مايكل و. دولز : الطاهون فى الشرق الأوسط 
(برنستون,؛ نيوجرسىء مطابع جامعة برنستونء عام //191). الإصابة بالطاعون فى الفترة من عام 
1787-7419 يسمى * الطاعون الأسود” والإصابات اللاحقة بالطاعون لما يفترض أنه كان المرض ذاته 
تعرف ب “الطاعون ” أو “الطاعون الدّملى (الليمفاوى)". ودورة الإصابة بالطاعون التى يدأت عام ١7841‏ 
وانتيت عام 8مك هي الوياء الثانى 5 يصطلح عادة على تسمية الوياء الأول ( الذى ظهر أيضا فى وسط 

9( مقتبس من أن مونتغومرى كامبيل: الطاعون الأسود ورجال المعرفة (نيويورك, مطايع كلام ,)1١1‏ ىه 
4 ١(نيو‏ هاقن: كونيكتكت . مطابع جامعة ييل, 546 1), 1/7 -8/. 

(؛) دوازء الطاعون الاسود, ٠1-77؟9؛‏ ألبير حوراني؛ تاريخ الشعب العربى (لندن: فايبر وفايير, 1941), 
01 بيرين: الجزء الأول» م. 11١١-1‏ إمانويل لوروى لودرى 0 فلاحوق لانجدوك: مترجم. جون داى 
) أوريانا 3 مطايع جامعة إيلينوى, 151/4), أحككت قارى مسكيمين. اقتصاد أودويا فى أواخرعصر 
النهضة عام ١٠٠١ -١51٠‏ (كاميردج, مطابع جامعة كامبردج, /ا151), 411١-7٠‏ بول سلاك: تأثير 
الطاعون, بواسطة تودور وستدوارت إنجلترا (لندن» روتليدج وكيجان بول و4ذ١),‏ وك/ا1اء روجر مولز» 
"السكان فى أورويا فى الفترة ما بين عامى 17٠١ .-160٠‏ * بواسطة كارلى. م . كيبولا . كاتب, فونتاناء 
التاريخ الاقتصادى لأورويا: القرن السادس عشر والسابع عشر (لندن: كولينز/ فونتاناء ,)١51/4‏ 
59-4؛ وليام ماكنيل؛ الأويئة والشعوب (جاردن سيتىء نيويورك؛ أنكور بوكس . 19975), ١6١‏ عن 
الطاعون فى المراكز الحضرية الإيطالية الشمالية فى منتصف القرن السابع عشر , انظر ريتشارد راب , 
الصناعة والانحدار الاقتصادى فى القرن السابع عشرء فينيسيا (كامبردج, ماساشوتسء مطبعة جامعة 
هارفارد, 1571). .77 ؟4؛ كارلى م . كيبولاء كريستفانو والطاعون: دراسة فى تاريخ الصحة العامة فى 
عصر جاليلليو (لندن, كولينزء ”1917), ٠؟؛‏ أن جى كارميشلء “نظرية العدوى والتعامل مع العدوى فى 
ميلانو القرن الخامس عشرء " النهضة الفصلية (تصدر كل ثلاثة أشهر)» /االاكا العدد:؟ (صيف ,)159١‏ 
04؟!؛ دومينيكى سيلء الأزمة والاستمرارية: اقتصاد لومباردى الأسيانى فى القرن السابع عشر 


113 


(كامبردج. ماساشوتس , مطبعة جامعة هارقارد: 191/5١)؛‏ إيريك كوشران: إيطاليا عام 117.--167١‏ 
كاتب. جوليوس كشنر (لندن» لونجمان: 4581-548٠. ,)١1944‏ فرناند برودول. وضع الحقيقة فى نصابها: 
العصر الجنوى2» فى الحضارة والرأسمالية: القرن الخامس عشر الثامن عشر :||| منظور العالم» مترجم. 
سيان رينولدز (لندن» كولينز / فونتانا. ١1/7 -١61! ,)١945‏ فى عام ١7١7‏ دائيال ديفى. الصحفى 
والروائى ورجل بعين على الفرصة الرئيسية, نشر فى مجلته المشهورة عن عام الطاعون. حكاية ديفو عن 
تصور لندن عام ١١115‏ رسخت نفسيها فى العقل الإنجليزى المثقف بأئها رواية موثوقة للا تستلزمه 
بالضرورة أزمة الطاعون. 

(0) نقطة تحول حددتها أن جى . كارميتشل» الطاعون والفقراء فى فلورنسا عصر التيضة (كامبردج. مطايع 
جامعة كاميردج, كىذا), 

03( أندرى بى . أيلياىي ١‏ ختفاء الطاعون: لغز مستمر ا“ مراجعة التاريخ الا قتصادى السلسلة الثانية 
واختفاء الطاعون فى باكورة أورويا الحديثة ", تاريخ الطب |الاناكا العدد: ؟ (5.9-143:)1995 
الماضى والحاضر 06 (195953) 0 لأهمية التغيرات الإتليمية: جى . آم 8 دبليو ٠‏ بين "الطاعون 
الأسود: الأزمة وأبعادها الاجتماعية والاقتصادية * بواسطة دانيال ويليام : كاتب, الطاعون الأسود: تاثير 
طاعون القرن الرابع عشر (بنجامتون؛ نيويورك؛ مركز دراسات عصر النهضة المبكر والقرون الوسطى , 
ل4وا), لكر 

)0( أنتونى مولو , “الأعمال الأخيرة عن تاريخ توسكانيا: من القرن الخامس عشر إلى القرن الثامن عشر, 
'مجلة التاريخ الحديث اأكانا (مارس ,917)1995٠‏ 

(9) جيمس لونجريجء 'الوياء. والأفكار والمجتمع الأثينى الكلاسيكى. ' بواسطة تيرى رانجر ويول سلاك » 
كاتيان, الأويئة والأفكار: مقالات عن القيم التاريخى للوياء (كامبردج, مطايع جامعة كاميردج, 59)/, 
,44-١‏ خصوصا . 4” ,55 وكما أشار لونجريج » تتحدث الفصول: 41-/01 من الكتاب الثاني للتاريخ 
عن 'طاعون” لم يذكره مؤلف معاصر ل ثوكوديدس 01085/إ1100, والذى منح المناعة لأولئك الذين نجوا 
منه: الطاعون الدملكى الفعلى لا يمنح أى مناعة. 

)٠١(‏ مقتيس من جون ليرنر » إيطاليا فى عصر دانتى ويترارخ (28]8/0 1١7513(‏ -.8؟1) لندن, 

لونجمان. ,)١98٠‏ 7316, 
عام 1 تقترح بأن الطاعون قد يتقله جزيئات غير مرئية تحمل العدوى؛ كانت هذه الفكرة يعيدة تماما 
فراكسترو 3035100! من مسؤول منظمة الصحة العالمية السايق ("غامضء: مشوب بالخرافة . . . لا 
يتضمن علاقة - حقيقية بالمعرفة الحالية بالمرض المعدى ) انظر: نورمان هاوارد جونز فراكستروى 


136 


وهينل: ©#امعلا تقييم جديد لمساهمتهما فى مفهوم الأمراض المعدية . التاريخ الطبى: ( الا عام 
)4 

(؟١1١)‏ مقتبس من كيبولاء كريستفانى, 16-١!‏ لفترة الحضانة ٠‏ استخدمت دليل الصحة العامة القياسى: 
الموجود على طاولة طبيبى الطبى: أبراهام إس . بنينسون, السيطرة على الأمراض المعدية فى الإنسان , 
الطبعة الخامسة عشرة (نيويوركء: جمعية النشر الأمريكية. ‏ ٠7,)199؟71,‏ 

)١5(‏ يشير إم . سى . يعقوب إلى أن الفلاسفة الطبيعيين جاليلليو ونيوتن أكدا على أن ثورتهم العلمية كانت 
تنوى أن تغير فقط تفكير الناس إلى نوعية أفضل؛ ولم ينووا هز ثقة " عوام الناس ” فى المرجعية 
المسيحية والأرسطوطاليسية الراسخة: مارجريت سى . يعقوب, المعنى الثقافى للثورة العلمية (نيويورك. 
الفريد أ . نوف, 158/4), 5-17 154-19 417580-1514- 1١١-10١9483‏ لمناقشة بارعة للحركة ككل, 
انظر: إتش . فلوريس كوهين, الثورة العلمية: تحقيق تاريخى مصور(شيكاغى, مطبعة جامعة شيكاغو. 
1554). 

' مئرى اتش مولاريه‎ /١ دراسة مختصرة لدولزه» الطاعون الأسودء مك ام ماكنيل» الأويئة والشعوب,‎ )١4( 
أحالة الوياء. أخبار التاريخ السكانى ((1944) ؟١٠!؛ إف . إف . كارترايت, التاريخ الاجتماعى للطب‎ 
(نيويورك. لونجمان, /ا5١)١1لاء .٠4١-11١!؛ إم . دبليى . فلن؛ "الطاعون فى أورويا ويلدان البحر‎ 
143-/!18؛‎ 153-١14 ,)١9ا/9(‎ ١:ددعلا الأبيض المتوسط؛ “مجلة التاريخ الاقتصادى الأوروبى |االا‎ 
ةّ د إلى الطبء جون والتن. بى . بيسون وأر. سكوت, كتابء (نيويورك؛ مطبعة جامعة‎ ١ رفيق‎ 
١148.511. ,)1945 أكسفورد,‎ 

)1١(‏ مولاريه؛ ' منع الطاعون ٠١5"‏ -5١١؛‏ بيرين الجزء الأول: 8-7 1؛ فلن “الطاعون,” 54١-9؟١!؛‏ جون 
دى . بوستء المجاعة, والفناء والمرض الوبائى فى عملية التحديث؛ ' مراجعة التاريخ الاقتصادى 
السلسلة الثانية 16ا6اا العدد: ١‏ (1919/1), 74-57, 

)١1(‏ بيراين» الجزء الأول 87-41 ؛ الدكتور أحمد كامل, إسحق جيد, محمد أنورء كتاب » “عن علم الأويئة 
(يناير ,)١1541١‏ ده. 

)١(‏ كارميتشل» الطاعون والفقراء. 15؛ بيربن الجزء الأول؛ ١٠١-١5؟١؛‏ سوزان أوستن ألكون , المجتمع 
المحلى والمرض فى إكوادور خلال الحقبة الاستعمارية (كاميردج؛ مطابع جامعة كامبردج, ,/)1991١‏ 
4 يشبت بوست الحالة حيث لم تكن هناك مناعة على المدى الطويل؛ "المجاعة, " 514. ومن نفس 
الاقتباس يعتقد بوست أيضا أن نسبة 6١‏ بالمائة من معدل الضحايا فى نوفى بازار باليوسنة فى ١815‏ 
توحى بقوة أنه لم يكن هناك "تخفيض تلقائى فى شدة العدوى بالطاعون" يمرور الوقت. حيث لم 
تختلف أرقام نوفى بازار بدرجة كبيرة عن متوسط التجربة الأوربية الغربية خلال القرن السابع عشر.* 

(14) مولاريه ' منع الطاعون ١‏ ؟١٠؛‏ دولز 00015 الشرق الأوسط؛ .-١‏ 4/ ةلا ىم ,15117 14,757" 
وفى أوروياء فإن الطبيب البابوى فى آفنيون. جاى دى شولياك , كان دقيقا بما فيه الكفاية فى 


17 


ملاحظاته التجريبية وتسجيل بياناته للسماح للاختصاصيين المحدثين لتمييز خصائص طاعون الفئران 
من أشكال الطاعون التى تصيب الرئة: ليز ويلكنسن. “مراجمة". التاريخ الطبى 206115, (1546) 153, 
وجالبا من خلال الاستحمال المناسبي 1ضسادات حيوية. مثل تتراسدكلين وستربتومايسين. ومكن أن 
ينخفض معدل الوفيات من الطاعون الرئوى إلى الصفر. 

(19) كارميتشلء الطاعون والققراءء ه-6؛ فلن: "الطاعون. *4؟١-1758.‏ 

.08 كامل وأخرون ؛ “الطاعون فى مصر, " 1ه-‎ )٠١( 

(١؟)‏ لويس غارسيا بالستره " التغيرات فى نظام الصحة : 580118115 56010153 دور الأطباء اليهود, 
'"بواسطة شيلا كامبيل: بيرت هول وديفيد كلوسنر , الصحة, المرض والشفاء فى ثقافة القرون الوسطى 
(نيويورك؛ مطبعة سائت مارتن, 1597), 115١-1170‏ أن جى . كارميشلء؛ 'تشريع الطاعون فى عصر 
النهضة الإيطالى. "نشرة تاريخ الطبء. !اللاء (1947) 4.ه-١51.‏ 

(15) كانت اللاطبيعيات الستة المستمدة من جالينوس هى: المناغ (1) الحركة والراحة. (؟) الحمية. (؛) 
أنماط التوم. (0) الغائط والجنس. (5) أحزان النفس: غارسيا- باليسترء *"1815أمة5 08أممأوة5, 
١‏ انظر أيضا نانسى جى سيرايسى . 581815 الطب فى القرون الوسطى وعصر النهضة المبكر : 
مقدمة فى المعرفة والممارسة (شيكاغو؛ مطبعة جامعة شيكاغو, 1550) ١51-15١1١١١‏ وللحصول 
على نفس قائمة اللاطبيعيات فى الطب اليونانى والقرون الوسطى الإسلامية : إسماعيل . ح عبدالله » 
انتشار الطب الإسلامى إلى أرض الهوسا.: بواسطة ستيفن فيريمان 561811780 وجون إم يانزن» 
كتاب, الأساس الاجتماعى للصحة والشفاء فى أفريقيا (بيركيلى: مطبعة جامعة كاليفورنياء ١995‏ )2 
7 للدور المستمر 'للاطبيعيات" الستة. انظر روى بورةر . “المريض فى إنجلترا عام ١16١‏ تقريبا 
إلى عام 14٠١‏ تقريبا "بواسطة أندرو وير . كاتب , الطب قى المجتمع: المقالات التاريخية (كامبردج, 
مطبعة جامعة كامبردج: 1497), 19, الغرب فى القرن الثامن عشر. جاءعت هذه الافكار تحت ضغط 
شديد خلال البحث عن التاريخ الطبيعى لكل مرض معين (علم الأمراض)؛ بعد البرنامج الذى وضعه 
توماس سايدنهام (المتوقى عام :)١1749‏ جوينتر ريسء "الطب فى عصر التنوير ' بواسطة وير ؛ الطب 
فى المجتمع, /174-151. 

(6؟) فى ثمانينيات القرن الرابع عشر ,كان من المعتاد بأن الإشارات الإلهية تشير إلى الإشارات المرتبطة 
بالقديس سيياستيان فى أغلب الأحيان .وهو شهيد وقائد رومانى مسيحى الذى تجرد عاريا وقتل رميا 
بالرصاص بواسطة فرقة النبالين. والقديس روش ٠‏ ثانى القديسين المصابين بالطاعرن؛ الذى كان من 
أسرة غنية وطنية فى القرن الرابع عشر فى فرنساء الذى عمل بين المصابين بالطاعون قبل إصابته هو 
نفسه بالمرضء وتشاجر مع عصابة شريرة ولقى حتفه ٠.‏ وعادة ما يصور روش كحاج في لياس القرون 
الوسطى المتأخرة: بيراين» الجزه الثانى 4لا - 3ل9. 

(8؟) كارميتشلء الطاعون والفقر. 94-.99 48١١-١١1؛‏ جون هندرسون, ' الأويئة فى فلورنسا عصر 
النهضة: النظرية الطبية والردود الحكومية؛ ' بواسطة نيزارد بلست ورويرت ديلرو. كتاب. المرض 


1368 


والمجتمع ( القرن الثانى عشر- القرن الثامن عشر) (باريس» طبعات 20/55) سى إن أر إس. 191849) 
4-١17؛‏ وليام باوسكاى 'اكا80195, 'تأثير الطاعون الأسود على حكومة ومجتمع سينيا:' » دورية 
منظار طبى "7)0767)1(6 7الاأنا6 506 (1534) 7514-1 

(؟) بين الأغنياء والأقوياء. النزاع بين غرائز حفظ الذات والحاجة للايقاء على نظام بين عوام الناس أدى 
أحيانا إلى سلوك متناقض . وفى نابولى مبكرا فى طاعون عام 2١7657‏ يشاع أن رئيس الأساقفة 
الأصلى منع كهنته الأبرشيين من الإجازة؛ ومع ذلك ؛ فقد هرب الكاردينال بنفسه إلى ملجأ ريقى آمن 
(دير القديس إلمو) ولم يرجع حتى رحل الطاعون: جين ديلمو, الخوف فى الممالك الفربية : القرن الرابع 
عشر- القرن الثامن عشر : مدينة تحت الحصار (باريسء» فايارد, 191/8), 170١؛‏ فى عالم الأدب, 
الرواية الكلاسيكية أمتع الشباب الذفبى من كلا الجنسين أنفسهم فى عام 44؟١‏ بعد الفرار من 
الطاعون الذى ضرب فلورنسا هى 06081786057 للمؤلف الإيطالى يوكاشير. 

(11) مقتبس من ريتشارد سى. تريكسلر, الحياة العامة فى فلورنسا عصر النهضة (نيويورك, المطابع 
الأكاديمية, ,)154٠.‏ 7007., 

(31) دئيس هاى, الكنيسة فى إيطاليا فى القرن الخامس عشر (كاميردج. مطابع جامعة كامبردج؛ //191)؛ 
4؛ ريتشارد كيسكيفرء السحر فى العصور الوسطى (كامبردجء مطابع جامهفة كامبردج: 19145), 
48-7 ١؛‏ آرون جيورفتش. الثقافة الشعبية فى القرون الوسطى: مشاكل الاعتقاد والفهم» مترجم . يونس 
إم . باك وبول أ. هولينجورث .كامبردج. مطابع جامعة كاميردج: ,)154٠‏ 17 , والصفحات التالية ؛ 
إس . جى . واتس ٠.‏ التاريخ الاجتماعى لأوربا الغريية :1770-١46٠‏ التوترات والتحالفات بين القرويين 
(لندن: مكتبة جامعة فتشنسون , 1544) 154- .١/5‏ 

(8) آر . أى . مور تشكيل مجتمع مضطيد (أكسفورد, باسل بلاكويل . 15417), /1- 40. 

(19) ييراين, الجزء الأول , 71.-7٠‏ ,577 شهر قبل المذبحة, ترأس أسقف ستراسيورغ اجتماعا للأثرياء 
المحليين الذى قبل اقتراح يوافق على أن اليهود كانوا يسممون آبارًا محلية. ويعتقد الطبيب الشخصى 
للبابا كليمنت السادس أن الطاعون يمكن أن يصيب بشكل بصرى, الذى ريما كان السبب فى أن البابا 
كان قلقا من الشياطين فى المرايا: كامبيل: رجال التعلم, .351-5٠‏ 

54 بيرابن: الجزء الثانى»‎ )٠١( 

(١؟)‏ مقتبس من ريتشارد بالمير, "الكنيسة ومرض الجذام والطاعون فى أورويا القرون الحديثة والقرون 
الوسطى المبكرة' بواسطة ديليى . جى . شيلز, كاتب» الكنيسة والشقاء (أكسفورد, باسل بلاكويل , 
)33 

(؟؟) بالميرء 'الكنيسة, 37؛ كارلى كيبولا . الصحة العامة ومهنة الطب فى عصر النهضة (كامبردج: مطابع 
جامعة كامبردج: 1917/1), 70,77 فى المدن حيث تضمنت شبكات القرابة كلا من الكهنة ورجال 
الإدارة» وغالبا ما كان يميل رجال الدين إلى مشاهدة الطريق الآخر بينما أقرباؤهم المسئولون عن 
الصحة أغلقوا الكنائس ومنعوا المواكب. مستشهدين بالعدوى. 


139 


(؟1) روجر فرنش ٠‏ 'وصول المرض الفرنسى قى ليبزج ٠‏ ' بواسطة بلست وديلور » كتابء المرض والمجتمع 
4١77-7‏ سيرايسىء القرون الوسطى, 189١؛‏ كامبيل: رجال التعلم. .4٠‏ بالمقارنة مع المسيحيين 
اللاتينيين؛ فإن المأقفين المسلمين فى أواخر القرن الرابع عشر مثل ابن خلدون يرى أن الاعتقاد فى 
التنجيم كان غير متوافق مع الاعتقاد فى الإسلام: دانيال بانزاك: الطاعون فى الإمبراطورية العثمانية 
.180 (باريس: طبعات بيترز؛ م198), 184- 495. 

(4؟) غارسيا باليستر , “53113115 1809100173!: ؛ سيرايسىء القرون الوسطى؛ 16-,لالا فى تطوير 
برنامج تعليمى بالجامعة» تأخرت إنجلترا عن اللحاق بالقارة: كان أول ما تأسس فى أكسفورد فى عام 
17 وخلال بقية القرن؛ كان عدد طلاب الطب صغيراء ويجمع معظمهم ما بين دراسة الطب وعلم 
اللآفوت: مارك زيير 2161. “القوة الشافية للسان العبرى: مثال من إنجلترا فى أواخر القرن الثالث 
عشر . ' بواسطة شيلا كامبيل» بيرت هولء وديفيد كلوسنرء كتاب , الصحة. والمرض والشفاء فى ثقافة 
القرون الوسطى (نيويورك. مطبعة سانت مارتن, 19957), 7117. 

. هارولد جى . كوك. "الفلسفة والطب الجديد فى القرن السابع عشرء إنجلتراء ' بواسطة ديفيد سى‎ )١6( 
لنديرج وروبرت إس . وسرمان. كتاب » إعادة تقييم الثورة العلمية (كامبردج, مطابع جامعة كاميردج,‎ 
. 11-191 1 

(1؟) مقتبس من كوك ؛ “"الفلسفة, 4.577-ل/ا١4.‏ 

(0؟) للتعليقات السلبية على الأطباء الدجالين بواسطة جاى دى شولياك ( الطبيب الشخصى للبابا فى أفنيون 
فى عام 44؟1) انظر سيراسى, القرون الوسطىء ,55 للتعليقات الأخرى على 'الممارسين للطب 
المتعلمين فى الجامعة, وهؤلاء المتعلمين بالخارج" انظر كاترين بارك ٠‏ "الطب والمجتمع فى أورويا القرون 
الوسطى. عام 16٠١ .-5.٠‏ * بواسطة وير , الطب فى المجتمعء 5/ا-, 86٠‏ 'طبقا لقوانين أبقراط: ' 
الأشياء. . . التى تعتبر مقدسة لا تتجلى إلا إلى رجال مقدسين. وقد لا يتعلمها الرجل الدنيوى إلى أن 
يقدم إلى الأسرار الغامضة للعلم. ' '( أى الفلسفة الطبيعية): مقتبس من وليام إيمون "من أسرار 
الطبيعة إلى المعرفة العامة, ' بواسطة ليندبرج ووستمان, إعادة تقييم الثورة العلمية, ؟1؟5374-1. 

(؟) مقتبس من كوك , “الفلسفة, ” 405. 

(19) غارسيا بالستر ؛ "52112115 3أمرأوع8, *1541-1177؛ كوك ؛ 'الفلسفة؛ "١٠4-١١4؛‏ سيراسى, 
القرون الوسطىء 484-. 86 /9 - ٠١/‏ يبدو أن جالينوس لم يكن لديه المصدر الأصلى من المعرفة 
بالطاعون الدملي. وقد هرب من روما قبل أن ينتشر وياء كبير. لكنه ادعى بأن المرض المقصود يمكن أن 
يعالج بسهولة (لم يكن فى ذلك الوقت علاج للطاعون). ذكر أن الطفح الذى يظهر فى جميع أتحاء 
الجسم. أحيانا ما يكون متقرحًا لكنه جاف دائماء وأن المرضى أحيانا ما يبصقون دما . ويبدو حينئذ 
أن 'طاعون جالينوس كان أكثر ارتباطا بحمى التيقوس أو بالجدرى منه إلى الطاعون الدملى. 

(40) فيقيان نتون أبذور المرض: تفسير العدوى والإصابة من عصر اليونانيين إلى عصر النهضة. التاريخ 
الطبى !الا ,))١19487(‏ 16؛ لروايات مماتلة عن المرض لا تزال موجودة فى أوائل القرن التاسع عشر 


1140 


انظر تشارلز روزنيرج 0٠‏ 'تفسير الأويئة, "فى تفسيره للأويئة ودراسات أخرى فى تاريخ الطب 
(كاميردج. مطايع جامعة كاميردج. 19557)/, 796 

)8١(‏ غارسيا باليستر , ““531]8115 56910003 ١٠52-15١؛‏ كارميتشلء الطاعون والفقراء . .0" طبقا ل 
أن . ديجبى "هذه العناية خلافاً لطريقة العلاج - كانت - مادة المعالجة اليومية 'حتى أوائل القرن 
العشرين : آن ديجبي؛ صنع معيشة طبية: (كامبردج؛ مطابع جامعة كاميردج, 19935), 1٠١‏ انظر 
أيضا 5-0 17.95 ؟73319, 

(9) مقتبس من كيبولا . الصحة العامة لالا. 

(47) مقتبس من كارميشل ؛ الطاعون والققير» /ا3, 

(44) مقتبس كيبولا الصحة العامة م١٠:‏ لحجج ممائلة أنظر 3 إى 8 إى 4 إيفانس برتشارد » ممارسة 
السحرء تبليغ الوحى والشعوذة بين الأزاند (أكسفوردء مطبعة كلارندون 193717). كجزء من همجومهم 
باراكيلسيوس |( المتوفى عام )١54١‏ وأتباعه اتهموا جالينوس باستخدامه المساعدة العملية للأطباء 
الدجالين من أجل تحقيق علاج ولإعطاء نفسه الوقت لحبك نظريات مرحة - لطيفة . ويعتقد 
باراكلسيوس نفسه أن النساء المخادعات والأطباء الدجالين من المحتمل أنهم عرفوا الكثير عن علاج 
المرض مثل الكثير من الأطباء المتعلمين: تشارلز ويبسترء "العلم والطب فى الدراسات الأكاديمية قبل عام 
لاا ), 514 

(40) مقتبس من إرما ناسوء " الناس والأوبئة فى إيطاليا مع نهاية العصر الوسيط : ردود الأفعال ووسائل 
الدفاع بين الخوف وعدم الثقة" بواسطة د بلست وديلور, المرض وا لجتمع. اا 
1١‏ ترحجمت على ضوء المعرفة ما بعد رويرت كوخ: لرئر ٠‏ إبطاليا, 554؟؛ وهذه تتابين مع تقييم أكثر 
موضوعية من قبل سيرايسىء؛ من القرون الوسطى, .١155-1١4‏ 

(41) روبرت متشمبلد, الثقافة الشعبية وثقافة النخبة داخل فرنسا الحديثة من القرن الخامس عشر إلى 
القرن الثامن عشر(باريس ؛ فلاماريون» 151/8 ), 

(44) بيراين. الجزء الثانى, .151/-1١54‏ 

(9:) الأطروحة التى نشرها كارميتشلء الطاعون والفقراء. /51١8-1؟١,‏ 

(50) جورج هولرمزء أوروبا: التدرج والثورة ١86.17٠‏ (لندن» فونتاناء 191/4), 959-155 1١5-111‏ 

)ام جورج مولز» التنوير فى فلورنسا ..غ١-.هغ]١‏ (لندن» وايدتفيلد وونيكلسن: )0 رونالد وايسمان» 
الإخوة الطقوسية فى عصر النهضة فى فلورنسا (نيويوركء المطابع الاكاديمية. 19487١)؛‏ رونالد ويت» 
"الأزمة بعد أربعين سنة” مراجعة تاريخية أمريكية | العدد: ١8-11١1 ,)1995( ١‏ 1. 


11 


(؟م) بروتيلاوجيريمك, المتشردون والبؤساء فى أورويا الحديثة. 5 ايل (باريس,» ٠4ذ١).‏ 

)65( مقتبس من كارميتشل ٠‏ 'تشريع الطاعون, ' ,7ه 

(54) كارمتيشلء الطاعون والفقراء ١٠١٠-١١٠؛‏ فيندرسن, "الأويئة فى فلورنسا عصر النهضة ١/..*‏ 0709 ١؛‏ 
سلاك , التأثير. 51١.‏ 5039-75.7؛ جيوليا كالفى أاا32), حوادث سنة الطاعون: الاجتماعى والخيالى 
فى فلورنسا الباروكية. مترجم . داريو بياكى 810603 ويريانت راجان الابن (يركيلى؛ مطبعة جامعة 
كاليفورنيا. 1345): 28 وفى الحقيقة, فإن الطاعون الدملى لم يكن مرضا معديا . يشير سلاك إلى أن 
الاحتقار الذى وصم به الأغنياء الفقراء لم يكن متبادلا بالضرورة بكراهية الفقراء للأغنياء ؛ بول سلاك , 
7ردود الأفعال على الإصابة بالطاعون في ياكورة أورويا الحديثة : نتائج الصحة العامة, 'بحث 
اجتماعى /اا العدد:؟ (19844). 114. 

(ةه) كارميتشل 2 الطاعون والفقراء 7 لت كارمتيشل» ' ميلانو,” هوه بالمير: "الكنيسة, غ4 سلاك ٠‏ 
التأثير. ١-86؛‏ حيوليا كالفى أاأ3), " الطاعون فى فلورنسا :17775-1١77٠0‏ السلوك الاجتماعى والعمل 
الرمزىء ' بواسطة بلست وديلرى. المرض والمجتمع , ""5؛ روبرت فافريوى » مدينة بواتييه فى نهاية 
العصور الوسطى : عاصمة إقليمية (بواتييه, 4لاةا), الام 

(01) يول سلاك , * الاستجابة للإصابة بالطاعون فى يداية اتجلترا الحديثة : السياسات العامة ونتائجها, * 
بواسطة جون والتر وروجر سكوفيلد: كاتبان. المجاعة؛ والمرض والنظام الإجتماعى فى المجتمع الحديث 
مبكرا (كامبردجء مطبعة جامعة كامبردج:. 1551), لا 

(01) أخطة التحكم والتوسط الاجتماعى” مقتبسة من مولو “توسكانيا '. .7١‏ 

(54) مقتيس من كريتقانو كييولا . 48- .3١‏ 

(59) بيرابن؛ الجزء الثانى, 7١٠6-1١١!؛‏ سلاك ؛ التأثير؛ ه4-/!4؛ كارميشل أ3]016186): “ميلائو, 
او لام؛ أوليه بيتر جريل: "الطاعون فى عصر إيليزابيث وستيوارت» لندن: الاستجابة الهولئدية. 
'التاريخ الطبى /2)06()|11 (.199), 250, 

99 دولوميو, الفزع. ١١١‏ (ترجمة مؤلف الكتاب). 

1ل مقتبس من سلإك تأثير» 5 

(؟1) بير- جونار أوتوسون: "الخوف من الطاعون ودفن ضحايا الطاعون فى السويد عام ”319/11,-١1/٠١‏ 
بواسطة بلست وديلرو؛ المرض والمجتمع» 95,717 للنجاح الفريد للسلطة السويدية فى إرغام البالغين 
على تعلم أساسيات الدين المسيحى (كان يرخص بالزواج فقط لأولئك الذين يمكن أن يقرأوا نصًا من 
الكتاب المقدس):جيفرى باركرء 'النجاح والفشل خلال القرن الأول من الإصلاح., " آلا“ا»ا0) القديم 
والحديث (19955), /الا-, ولا 


(37) ناسو , “بين الخوف والريبة *4؟51- 5376. 


142 


(15) كالفى: "طاعون فلورنسا ١17‏ عام اا ال 

(10) كارميتشلء الطاعون والفقراء ومرجعياته. تأثير سلاك 5١-7‏ طرح أسئلة يمكن تطبيقها على كل 
المنظمات السياسية أو الحكومية. 

(حىم) فلن» الملاعون ؟8١؛‏ سلاك: الاستجايات: 45ا, 

)00 براين بولان, "الطاعون وتصورات النقراء فى بداية إيطاليا الحديثة . ' بواسطة رانجر وسلاك. الأوبئة 
والأفكار؛١ ١١١١1١١‏ ؛ رابء الانحطاط . . . ني فينيسياء فى أماكن مختافة. 

(04) تاسى, 2 بين الخوفثف وعدم الثقة". و" ؛ كالفى, “عمل رمزى”» 1 ام 0 جريل» "ستيوارت لندن,” 
هو 

(19) سلاك. “ردود الأقعال, 877 ١؛‏ بولان, ” الطاعون والتصورات, '١7١؛‏ برابن الجزء الثاني .١0٠‏ 

. 11 مقتبس من كريستوفانو كابيلا. كيبولا‎ )7١( 

.١١١ » مقتبس من المصدر السابق‎ )1/١( 

قفة كالفى» حوادث 2 ك1 سلاك 4« تأثيرء 58 

(75) جريل “ستيوارت لندن, "4173-41؟ سايمون سكاماء إحراج الأغنياء : تفسير الثقافة الهولندية فى 
العصر الذهبى (نيويوركء ألفريد نوف, 19417), 551؛ ديفيد نيقولاس, “يلدة وريف: التوترات السياسية 
والاقتصادية والاجتماعية فى فلاندرين- (مقاطعة بلجيكية) القرن الرابع عشر » “دراسات مقارنة فى 
المجتمع والتاريخ لا؛ العدد:؛ (1514). 458 والصفحات التالية . للمزيد عن الرأسمالية الهولندية في 
الوضع العالمى: اتظر الفصل السادس: “الحمى الصفراء وا ملاريا والتطور.". 

(4) كارميتشلء الطاعون والفقراء ١7,-١1١ ٠‏ 

آلقة - بيرابن: الجرّء الثاني, 1-41 

(1) ثيودور. كيه . راب, الكفاح من أجل الاستقرار فى أورويا الحديثة مبكرا (نيويورك؛ مطبعة جامعة 
والجغرافية السياسية فى تاريخ أورويا وآسياء طبعة ثانية (كامبردج. مطابع جامعة كاميردج. 2)11417 
ا 

(7) جون إليوت, ' أورويا من الحكومات الملكية المركبة" الماضى والحاضر 0040/1 (1995) 1-14ل,؛ 
وليام دويل» "الدول وأعمالها و آلية الحكومة 1 فى نظامه الأورويى القديم, ١|656.‏ ...لا (أكسفورد, 
مطبعة جامعة أكسفورد, ,)١94‏ 15-مع" للألاني 'حالة خاصة.” انظر 0 توماس روييشوء المجتمع 
الريفى والبحث عن النظام فى المانيا الحديثة مبكرا ( كمبردج؛ مطبعة جامعة كمبردج: 17-١ ١)1945‏ 

(4؟) هنرى كامن, أسبانيا فى أواخر القرن السابع عشر 17.٠٠١-1١770‏ (لندن» لوتجمان. 207-0٠0 (198٠‏ 
1 


143 


(74) فلن: “الطاعون'. 154-179. 


0( بيرابن. الجزء الأول . ٠‏ ؟86-5؟؛ الجزء الثانى, 608-46١؛‏ جين بيير فيليبينى أ0أم21110], 'معلومات 
والاستراتيجيات الصحية للمسئولين تجاه طاعون البحر المتوسط فى القرن الثامن عشر” بواسطة بلست 
ودلورت» المرض والمجتمع . 5١5-701‏ لتقرير نيقولاس دى نيكولاى عن إجراءات الحجر الصحى 
القياسية التى اتبعتها جزيرة شيوس 0101058 فى 1207-١601‏ التى تم دمجها قبل عشر سنوات 
للإمبراطورية العثمانية. انظر بانزاك. الطاعون, 799, 

)48١(‏ جانثر إى . روزنيرج: 'النطاق الصحى النمساوى وسيطرة الطاعون الدملى: .-119٠١‏ 14171 أدورية 
تاريخ الطب ||الالاا (13177) 19 ؛ فلنء "الطاعون", 857١-80١؛‏ جوننء المعجزة الأوروبية, :4141-١1٠‏ 
باربرا جاليفتش, تاريخ دول البلقان: القرن الثامن عشر والتاسع عشر (كامبردج: مطبعة جامعة 
كاميردج. 1547), 148-1144. 

(47) أى . دبليى . كنجلاك (لندن, لونجمان , .١)1556‏ 

م( بائرّاك . الطاعون, 011-,517 إشارة قاموس أكسفورد الإنجليزى للاقتباس هو المجلة الطبية 
- الزعم " بأن الطاعون الدملى مرض المجتمعات التقليدية المتخلفة "., انظر : بوست ؛ "المجاعة", 
7 


(48) مقدمات للنظام المملوكى تشمل إيقان حريك ‏ :مصرء النوية والصحارى الشرقية, ' بواسطة رولئد 
أوليفير ٠‏ كاتب , تاريخ أفريقياء كامبردج: :||| من سنة ٠‏ تقريبا- سنة ٠٠٠١‏ تقرييا (كامبردج, 
مطابع جامعة كامبردج, /1417)؛ وروبرت إروين» الشرق الأوسط فى العصور الوسطى: السلطنة 
المملوكية المبكرة م1١‏ (كاريوندال» مطبعة جامعة جنوب الينوى. كىذا), لتقييم تفسير 
المؤرخين الغريبين السلبى عادة للمماليك (سلبى لأنهم لم يتيعوا النمط التطورى الغربى)؛ انظر جين 
كلود جارسين. "النظام العسكرى المملوكى وإعاقة المجتمع المسلم فى القرون الوسطى, ' بواسدلة جين 
بيشلر؛ جون أى . هول ومايكل مان أوروبا وظهور الرأسمالية (أكسفوردء باسل بلاكويل , 1984) 
١7-1‏ 

(44) حريك :مصرء '55؛ دولز. الطاعون الأسود, 184-.187 0.٠117-15؛‏ جانيت ال . أبو لفد. القاهرة: 
٠١‏ سنة من المدينة المنتصرة ( برنستون. مطبعة جامعة برنستون, ,)191/١‏ لا18-1؛ إروين: الشرق 
الأوسط: .١845‏ 

(43) دولز . الطاعون. 159-164. 

(41) دولز. الطاعون الأسود, 77١؛‏ إروين. الشرق الأوسط؛ .١54١‏ 

(44) كان الموقف فى سوريا فى زمن الطاعون الأسود معقدا من خلال التفاعل العنيف بين نائبي دمشق 
والسلطان فى القاهرة. وبالنسبة للمناطق الريفية يمكن أن يفترض المرء سيناريو كالتالى؛ ستون سنة 
من السلام تنتهى فى عام 1187 بالموت الطبيعى للسلطان المملوكى الكبير يليها اصضطراب بين 


144 


أصحاب الضياع عشية. وصول جن الطاعونء شروب الناجين جنويا ٠‏ أخبار الجيوش المملوكية 
العدوانية. نتوج بقرارات الفلاحين السوريين فى الشمال بعدم العودة إلى قراهم الأصلية 1 إروين» 
الشرق الأوسط .44-1١575‏ 

(44) حريك؛ 'مصرء '1-448: بين الحين والآخرء كان الملوف أن يكون الأخ ضد أخيه ؛ اتحد الإخوة ضد 
الأقرباء؛ واتحد الأقرباء ضد القرية؛ واتحدت القرية ضد العالم. 

(10) كان ابن الخطيب مشهورا بين المؤرخين الغربيين فى الطب بسبب أفكاره التقدمية على ما يبدو حول 
'العدوى': ال . اف . هرست. غزو الطاعون: دراسة تطور علم الأويئة (أكسفورد, مطابع كلاريدون, 
١ )١98*‏ ١0؛‏ كامبيل؛ رجال التعلم. 24-58؛ دولزء الطاعون الأسودء 44 الطاعون الدملى بالطيع ليس 
مرضا معديا. 

(11) يوسف جى . هويس, الحياة البدوية فى الصحراء المصرية (أوستن, مطابع جامعة تكساسء. ,)١19849‏ 4-7 

(؟4) يقترح حربك أن معدل الوفيات الكبير من مرض الطاعون فى سهول جنوب روسيا قلل عدد المجندين 
المحتملين الجدد للخدمة العسكرية المملوكية؛ استلزام تغيير خلفية الاستخدام للمناطق الأبعد شرقاء 
وعلى ذلك حل المماليك الشراكسة محل الأتراك السابقين: حريك “مصرء "057: انظر أيضا: إروين: 
الشرق الأوسط, .١59-1١648‏ 
الأوسط7١6٠.. 41719-1١1531٠6‏ حريك. "مصرء 4.7--١5؛‏ دولز عالطاعون الأسود. .1484-١464‏ 

(14) حريك, 'مصرء 54-47؛ جارسين, ‏ النظام العسكرى المملوكى, 7.؟55-15١,.‏ 

)0 دولز. الطاعون الأسود. 4155-1١84‏ سيمون بييرء. أصخور الصليبيين, 'ملحق التايمز الأديى 01 
الحكم الذاتى) خاصية ضرورية لحياة المدينة. الهبات الخاصة - الأوقاف - التى أنشأها الأمراء المماليك 
قد وفرت عددا كبيرا من وسائل الراحة - المستشفيات. المدارس, المساجد, الأسبلة - المظاهر 
الواضحة لحياة المدن النابضة بالحياة : جارسين. "النظام العسكرى المملوكى ١557‏ 

(17) ظل السلاطين والأمراء المماليك رعاة للمستشفيات. أسسبلة الشرب. مجمعات المدارس والمساجد. القصور 
الخاصة فى مركز المدينة؛ القبور والمساجد فى المقابر الشرقية والجنوبية واستعادة معمارييهم لروح 
التجديد : وهذا يتمثل فى مدرسة وضريح السلطان الفورى. الذى أنشأ قبل أربع عشرة سنة من الحكم 
الفثماني. 

(11) وعلى الرغم من ذلك كانت المناصب العليا فى المحكمة الشرعية فى القرن الرابع عشر قاصرة عادة 
على المسلمين. خصوصا أفراد جماعة عائلة بنو فضل الله الممتدة: إروين: الشرق الأوسط؛, 1١75-117١‏ 


(44) جارسين, ” النظام العسكرى المملوكى"5؟١-153.‏ 


14 


(ةة) دولِنٌء الطاعون الاسود, 1485-141: على الرغم من الدلالة الكبيرة على الانحطاط الحضرى فى القاهرة, 
استمر الأرربيون يتأثرون بشدة بمصر تحت الحكم الإسلامى : جارسين؛ ' النظام الفسكرى المملوكى » 
1 0 

)٠٠١(‏ إنه النوع السابق الذى كانت سجلات أعماله مكدسة فى معبد جينزا اليهودى بالفسطاط (القاهرة 
القديية). فى السترات الأخيرة؛ أعطت هذه السجلات أفكارًا مهمة للمؤرخين عن التجارة المملوكية 
المصرية عبر المحيط الهندى. 

)1 6( للميد العثماني, اذظر أشين ذاد جويتاء التجار الهنود وتدهور مدتاء سورات (مركز صناعة النسيج 
بولاية كوجارت بالهند) فى الفترة من عام 17٠١‏ تقريبا إلى عام ١76١‏ تقريبا (وايربادن. فراتز 
شتينر. 191/9), 0-4 -١1١7‏ أبو لغد, مدينة منتصرة, ؟3-57؟, 

(؟١٠)‏ أبى لفد؛ مدينة منتصرة: ؟37-,217 

,5؟5١-119115.-1١09 دولن 0015, الطاعون الأسود,‎ )٠١*( 

)1945 بيتر براون: عالم العصر القديم المتأخر: 6-.6/ بعد المبلاد (نيويورك و . و. نورتن,‎ )٠١8( 
.ه١ 183-لا148؛ حريك )|106!, "مصر,‎ 1475 -1.. 91-8 

)0 6( دولن 005 الطاعون الأسود: لاكارمكا لأهمية القديس أنتونى وأياء الصحراء فى إنشاء العقيدة 
التى ساعدت على تكوين الافكار الفربية عن مرض الجذام فى القرن الحادى عشر والثانى عشرء انظر 
الفصل الثانى. 

)٠١(‏ أبى لغد. مدينة منتصرة, 0-4؛ دولز: الطاعون الأسود. 514-77؛ بيتر جرانء 'التعددية الطبية فى 
التاريخ العربى والمصري: نظرة عامة عن التراكيب الطبقية وفلسفات المراحل الرئيسية, 'العلم 

)٠١1(‏ 457-745 .لورانس أى. كونراد, ' المرض الوبائى فى الفكر الرسمى والشعبى فى المجتمع الإسلامى 

.5955 بانئزاك ع62028. الطاعون 26516 ها‎ )٠١8( 


)٠١9(‏ دولز 0015.: الطاعون الأسود. 
١١‏ ,/او» ها؟؛ بانزاك. الطاعون. 59١‏ 

)0 جونائثان بى ٠.‏ بيركى» "التقليد» والإبدا ع والبناء الإجتماعي للمعرفة فى الشرق الأدنى الإسلامى فى 
القرون الوسطي,؛ الماضى والحاضر الاكالا01 (فيراير 1996) 59-174 + 114. 

)11ل جران» "التعددية الطبية”" 717 بائزاك ٠‏ الطاعون. ند لورائنس آأى 0 كوتراد. "البيكل 
الاجتماعى للطب فى إسلام القرون الوسطيء "التاريخ الاجتماعى للطب) |الاكاكا؟ا (1541) 1١1-11‏ 


146 


(؟١1١)‏ يانزاك: الطاعون , 544 (ترجمة المؤلف). قدم الطبيب العسكرى الفرنسيى كلوت بك تقريرا مماثلا فى 
ثلاثينيات القرن التاسع عشر: لافرن كوهنك. حياة فى خطر: الصحة العامة فى القرن التاسع عشر 
مصر (بيركيلى, مطبعة جامعة كاليفورنياء :)١1950‏ 74 أنا ممتن للاستاذ وليام ماكنيل حينما لفت 
انتباهى فى البداية لعمل الدكتور كوهنك. 

(117) يبدو أن نقص العمل فى القاهرة كان أيضا أحد أسباب الاستيراد السنوى لعدد يتراوح ما بين 
٠‏ إلى ..-: من الأفارقة السود: تيرى ويلزء "التجارة بين مصر ويلاد السودان فى الفترة 
7187-6 . كلية الدراسات العليا بجامعة بوسطن؛ إطروحة دكتوراه؛ قدمت عام , 1975 أنا ممتن 
الدكتور هيو فيرنون جاكسن على لفت انتباهى إلى هذه الأطروحة . 

)١١4(‏ يانزاك: الطاعون .587 (ترجمة المؤلف) 7١؛‏ كونراد. "الهيكل الاجتماعى , 5١-5١؛‏ دولزء الطاعون 
الأسود, .١18-1١١9/1١.‏ 


)١١0(‏ لإعطاء خلفية عن الموقف الطبى فى الأراضى المهمة العثمانية, أنظر: رودس مورفىء "الطب العثمانى 
والتحول الثقافى من القرن السادس عشر حتى القرن الثامن عشرء “نشرة تاريخ الطب الاكا ا العدد: 
(51و1), 5-11 14, 

(117) يلاحظ سى . أى . بايلى أن معظم حبوب مصر وحتى بعض قطنها كان لا يباع فى أوروبا بل فى 
سمرنا 108/إ512 وأسطنبولء الذى يقترح بأن الطلب من داخل الإمبراطورية العثمانية ما زال باقيا 
بقدر كبير وهو يقتبس أيضا أرقامًا من تسعينيات القرن الثامن عشر (قبل وصول الباشا مباشرة 
فى موقع الأحداث) لدرجة أن الأرباح التى جناها التجار وجباة الضرائب من الحجاج الذين يحجون 
إلى مكة المكرمة والمدينة كانت تصل إلى حوالى ثلاثة ملايين من الجنيهات فى السنة, "والتى يفضل 
مقارنتها بالتجارة البريطانية المعاصرة مع البنغال. بعد أن أصبح محمد على حاميا للاماكن المقدسة, 
وجد معظم هذا الربح طريقه إلى خزائن دولته: سى . أى . بايلى لاالا83. المد الاستعماري: 
الإمبراطورية اليريطانية والعالم. 185٠١-١17/4٠‏ (لندن. لونجمان» 19495), 7377, 

(؛110) خلاصة سهلة: "محمد على والمصريون: ” يواسطة كوهمنك, حياة فى خطر. 155-11١1‏ , 

)١١14(‏ بى . جى . كين وأى . جى . همويكنزء الإمبريالية البريطانية: الإبداع والتوسع, فى الفترة من عام 
1414-4 (لندن: لونجمان, 1197): 31 التعليق على نجاح محمد على فى عصرنة مصر فى وجه 
المعارضة الأوروبية, يلاحظ برنال أن: * هذه الحقبة من التاريخ الحديث معروفة بدرجة قليلة لا يعتير 
شيئًا مثيرا للدهشة على الإطلاق, فإنها لا تلائم مثال التوسع الأورويى النشيط إلى عالم خارجى معاد 
.. ] وفى الحقيقة, فقد كانت إمبراطورية محمد على [الإمبراطورية المصرية الأعظم منذ عصر رمسيس 
الثانى': مارتن برنال؛ أثينا السوداء: الجذور الأفرى - آسيوية للحضارة الكلاسيكية ) | نيو برونسويك 
؛ نيوجرسى , مطبعة جامعة رتجرز: /1541): 519, 


147 


)١١9(‏ اعتبر المتمردون اليونانيون أنفسهم ورثة للإمبراطورية البيزنطية القديمة (والكنيسة الأرثوذكسية). وفى 
أواخر عام ١751‏ فى بترا فى يولينزيا اليونانية. اتهمت سبع وعشرون عائلة يهودية بنشر الطاعون, 
وقام المسيحيون اليونانيون الأرثوذكس ببناء سور للمدينة وتركوهم يموتون بالمرض والمجاعة: بانزاك, 
التاريخ الاجتماعى للطب /االالاا (1984) ( 50- /20). 

)) السير ريتشارد إف : بيرتن: قصة شخصية للحج إلى المديتة المنورة ومكة ( الندن. تايلستون 
وإدواردن. 1443), ١7,‏ وكان الأقل عنصرية من بيرتن هو جى . ل . ستيفنزء رحالة أمريكى إلى 
مصر فى عام 1870: للويد ستيفنز. حوادث السفر فى مصرء الحجازء والأرض المقدسة ,الكاتب. 
فيكتور ولفجانج فون هاجن (سان فرانسيسكوء كتب سلاسل الأحداث التاريخية, ,)1191١‏ 

(1١2؟1)‏ ترجمة حياة أ . ب . كلوت بك » علق عليها جاك تاغر (المعهد الفرنسى للآثار الشرقية بالقاهرة, 
4) 588؛ أميرة سنيلء. إنشاء مهنة الطب فى مصر 0٠.48١-2؟15‏ (سيراكوزء, نيويورك. مطبعة 
جامعة سيراكوز نيوجرسى» 7 )تباين الموقف فى المستشفيات التعليمية فى ظل فترة حكم محمد 
على مع الموقف الموجود فى ظل البريطانيين بعد عام ١184١؛‏ ووجد الأخير تنقصه المهارات الأولية فى 
العلاقات العامة. انظر أيضا: اف . ام . ساندوز, مريلاند, “تاريخ قصر العينى ؛ ' بواسطة أتش بى 
كيتنج 166311006 كاتب, السجلات الحكومية المصرية لكلية الطب (القاهرة. مطايع حكومية؛ /19571), 
15-1 

(0؟1١)‏ للمعلومات الحقيقية عن وياء الطاعون فى الفترة :1853-١41745‏ كوهنك, 'وباء الطاعون عام 1450: 
الخلفية والنتائج» “فى الحياة فى خطر. 51-59. 

(9؟١)‏ كوهنكء: حياة فى خطر؛ 45-44 

)١1١8(‏ بايلى: المد الاستعمارى:7١"‏ ؛ يرنال. أثينا السوداء, 19؟. 

ْ 554, , عبارة من يايلى: المد الاستعمارى‎ )١70( 


(1؟١)‏ مقتبس من بانزاك. الطاعون. ؟485-. 1487 أفكار متضاربة من القرن التاسع عشر حول العدوى 
الإنجليزى 1850-185٠‏ (أكسفوردء مطبعة جامعة أكسفورد, 191/8), 1- 19, 


)١10(‏ بائزاك. الطاعون, 201-415 هذا النوع من السلوك كان غير عادى جدا: الشعب المصرى عموما 
قليلا ما يغضب. 


.5.٠ لنفس الكاتي‎ )١74( 


1468 


الفصل الثانى 


المعانى السوداء الخفية : الجذام والمجذومون فى الغرب 
فى العصور الوسطى وفى المناطق الاستوائية خت أوربا الإمبراطورية 


مقدمة 

فى عام ٠148م‏ حذر هنرى رايت رئيس الشمامسة فى كنيسة انجلترا 
يجرانتام, أن الجذام "المقزْز" الذى ظّن لفترة طويلة أنه انقرض بين المهجودات 
الملتحضرة؛ كان فى الهند يأكل فى الخلايا العصبية للإنجليز. وبالنظر إلى المستقبل 
القريب عندما فكر فى العديد من مواطنيه الذين ربما يقيمون بالهند؛ تنبأ رايت 
أن الانتقال هنا وهناك قد يجلب المرض المخيف إلى انجلترا نفسها ذات المناطق 
المكتظة بالسكان. ولتفادى هذا الخطر "الجلل"؛ خاطب رايت الالتزامات المسيحية 
تجاه المجذوم فى أسماله", الذى "يدعونا إلى المبادرة لمساعدته' مثل المجذومين 
المعروقين للمسيد!'). 

بعد ست سنوات: دار كتاب ذو دراسة مطولة من الأطباء المتخصصين وليس من 
رجال الدين. حول الهموم التى دارت فى رأس رئيس الأساقف رايت. أثبت الدكتور 
جورج ثن فى [كتابه - ت] "فى الجذام” (1891) أن الجذام العصبى الحديث كان هو 
المرض نفسه الذى كُتبت عنه التصرفات الموصوفة فى سفر اللاويين - الإصحاح 
الثامن, الآيات 44 - 47 كانت العبارة القعالة هنا "الآن أيا ما كان المصاب بالجذام 
يعزل بحكم الكاهن... ويقيم وحيدًا خارج الجماعة!"). مثل آخرين لهم الاهتمامات 
المهنية نفسها فى هذا المرضء مثل موظف الصحة أكورت فى بومباى المحتلة بواسطة 


149 


الإنجليزء آمن د. ثن أن نظم العصور الوسطى اتبعت حرفيا توصية العهد القديم فى 
حجز واحتواء المجذومينء مما أدى إلى اختفاء الجذام من أوربا بنهاية القرن السادس 
عشر. باستحضار الحقوق الحديثة حول الحقوق المدنية. تفاخر د.ثن أن "الإجراءات 
العنيفة التى تخلص بواسطتها الشعب الإنجليزى من طاعون الجذام ريما يكون من 
الصعب تكرارها فى أى بلد تديره حكومة متحضرة"(). 

حتى الآن وفى نفس الوقت الذى كان يكتب فيه د. ثن, تزامنا مع تصاعد 
الصحافة الرخيصة:. كانت الولايات المتحدة الأمريكية التى تقدمت حضاريا بقوة» تعزل 
بخشونة المجذومين فى جزيرة هاواى فى وسط المحيط الهادى. فى بريطانياء أدت 
الصحافة المتعاطفة مع الأب دميان دى فيوسترء القس البلجيكى للارسالية الكاثوليكية 
الرومانية, الذنى ضحى بنفسه من أجل المجذومين بهاواى عام :١1849‏ إلى تأسيس 
الصندوق القومى للجذام برئاسة أمير ويلز كرئيس شرفى7'). تبع ذلك: المؤتمر العالمى 
الأول للجذام الذى عقد ببرلين عام 14917؛ المدينة التى شهدت حديثا تقسيم منطقة 
تحت الصحراء الأفريقية لصالح القوة الاستعمارية. ليس من المستغربء أن 
الملتخصصين فى الجذام فى المؤتمر صوتوا بالإجماع لصالح عزل المجذومين على 
مستوى العالم. 

سوف أبدأ هذا الفصل بالنظر إلى وضع الجذام فى أوريا العصور الوسطى. 
باتباع آثار أقدام اثنين من خلاصة أطباء أواخر العصر الفيكتورى!*). شارلز 
كريجنتون وجوناثان هتشينسون: أجادل بأن الوقت قد حان لرفض اعتبارات القرن 
التاسع عشر المتزمتة حول جذام العصور الوسطى من النوع الذى ذكره كل من رايت 
وثن» وفوكوه فى وقتنا الحاضر. واعتمادا على السياق كما أراه. يقع جذام العصور 
الوسطى فى مكان ما على مدى يقع بين: 


(*) العصر الفيكتورى ينسب إلى الملكة فيكتوريا التى تولت العرش بين عام 1414 - ١6١1‏ ويتصف هذا 
العصر بصفات مميزة تعود إلى تكلف الحشمة والتعصب الدينى والدهاء. كما ينتمى إلى هذا العصر 
العديد من المنشات الكبيرة والزخارف المعمارية المميزة. 


0130 


الجذام كعدم الطهارة الأخلاقية.. إلى الجذام كمرض متخيل 

(موقف, ولكن فى تصور رسمىء لا يستلزم فعلاً إجرائيًا). 

الجذام كموقف*) تام ودعوة إلى فعل بواسطة المُدعين ورجال 

الإدارة: أدى إلى سجن المجذومين فى معازل المجذومين.. الجذام 

كمرض فامشىء أى الجذام الحقيقى إكلينيكيا. 

بخلاف مارى دوجلاسء أذا أفترض أن عددًا محدودًا على الأقل من الذين يعانون 

من مرض هفانسن وجدوا بين المجذومين الذين تم التعامل معهم فى نهاية القرون 
الحادى والثانى والثالث عشر فى أوربا الشمالية. أنا كذلك أعتقد أنه كموقف (وهم) 
كان الجذام لفترة يمثل تهديدًا ويائيًا. بناء على معطيات هتشسون وكريجنتون» سوف 
أناقش عندئذ ردود أفعال العصور الوسطى 'للجذام' والتى كانت فى الحقيقة خليطًا 
غير متجانس ترك معظم المجذومين متخبطين حولها!". 





(*) الجذام والسل ومرض الفيل والإيدز من الأمراض المزمنة التى تصيب الإنسان. وفى حالة مرض 
السل والإيدز فإن الاعراض قد لا يلاحظها من يعيشون حول المريض؛ وبذلك يمكن للمسريض 
إخفاؤها وعدم التحدث عنها ويبقى المرض سرا بين المريض وأهله والطبيب وبذلك يمكن للمريض أن 
يمارس حياته بطريقة عادية. وتؤدى الإصابة يمرض الفيل الذى يسبيه نوع من الديدان الأسطوانية 
التى تعيش فى الأوعية الليمفاوية 0306011 06116]6013ا/ا/ا إلى تضخم كبير فى الأرجل ومنطقة 
الصفن. وهو ما يصيب المريض بصدمة نفسية عنيفة مع تجنب الآخرين له فى الحالات الشديدة. لكن 
الأمر مختلف فى حالة الجذام. فتاكل الانف وأجزاء الفم والأذن مع تآاكل أصايع اليد والأرجل 
يصيب المريض بصدمة نفسية أشد, كما أنه يكير اشمئزاز وخوف ونفور الذين حوله وتجنبهم للمريض. 
وهو ما يشكل "موققفًا” بحد ذاته مستقلاً عن المرض نفسه ويمثل عبئا إضافيا على المريض بجانب معاناته 
من المرض. وقد كان هذا "الموقف' محل الكثير من الأساطير والخرافات والإجراءات العنيفة والتحيزات 
سواء من رجال الدين أو الناس أو المعالجين. وبذلك فهناك 'مرض الجذام الذى يتعلق بالمرض ذاته, 
وؤمرض الموقف من الجذام” الذى يخص المريض من جهة ويخص المتعاملين معه من جهة أخرى. وهو 
ما يختلف اختلافا بيئًا عن رؤية المجتمعات الإسلامية لمرض الجذام الذنى شخص بدقة كبيرة على أنه 
مرض معد مثله مثل الأمراض الأخرى وهو الذى أعاق تكوين هذا “الموقف” المتحامل؛ مئذ البداية تجاه 
المصابين يه. 


131 


بعد النظر إلى المدعين وضحايا الجذام فى العصور الوسطى؛ سوف أركز على 
عناصر التزمت الفيكتورى التى اختيرت من أجل استخدامها التاريخى للجذام. برز 
من هذا “الموقف” القائم على المصادر المكتوية التى جمعها د. جورج ثن. فى هذه 
الرواية وكما طبق على العالم المستعمر الاستوائى. وضعت ضغوط معينة على تغيير 
الهوية التى حوات شخصا مُستعمرا عاديا إلى مجذوم عديم الإنسانية!!). منذ 
ستينيات القرن التاسع عشر إلى ما بعد ذلك شكل تطبيق هذا النموذج المسيحى 
قواعد التصرفات فى هاواى وجنوب أفريقيا وماليزيا والفلبين. 

فى أماكن أخرى, خاصة فى الهندء اعتبر موظفو الإدارة الاستعمارية نموذج 
هاواى مثالا قد يحبون أن يتبعوهء. وتتساوى بعدها كل الأشياء الأخرى. فى التطبيق» 
عل كل حالء اعتبر الكثير منهم أن موقف الثقافة المحلية تجاه المستعمرين الدخلاء 
تجعل من غير اللائق التدخل فى حياة الناس العادية على المقياس الذى يتطلبه نموذج 
هاواى. كان هناك دائما كذلك مسالة التمويل الحساسة. من سوف يدفع لأية حملة 
لحبس جهمور من المجذومين؟ وطبقا لهذاء فى الهند وفى مناطق أخرى تنظر لسياسات 
الحكومة كنموذج بدلا من اتباع النموذج الإرشادى لهاواى إلى نهايته المنطقية: لجأ 
موظقو الإدارة الاستعمارية إلى عمل القليل لإنقاذ ماء الوجه. كان الحجِز حتى لعدد 
ضثئيل من المجذومين مصحويا عادة بازدراء شديد بالنسبة للأفكار الطبية للسكان 
الأصليين. أعطى هذا نتائج مهمة على المدى الطويل. واحد من الأسرار القليلة المعروفة 
لإمبريالية القرن التاسع عشر أن التدخل التافه, الذى نظر إليه المستعمرون غالبا 
كمجرد نافذة لتحقيق منافع لبعض مجموعات المصالح الخاصة فى البلد الأصلى: 
اعتبرته الشعوب المستعمرة تدخلا سافرا. على أية حال, هذا الفهم غالبا ما أضاع 
الملاحظة حتى لموظفى المستعمرات ذوى الخدمة الطويلة الذين تباهوا أمام أنقسهم 
حول معلوماتهم عن الظروف المحلية واللغات المحلية("). 

خلال السنوات الأخيرة للقرن التاسع عشرء كان الغربيون قلقين من "أخطار 
الإمبريالية”. وقد ساد الاعتقاد أن الجذام مرض وراثى ومعد وغير قابل للشفاء؛ الذى 


152 


يحكم على أناس كانوا عاديين بالحياة لسنين كحطام ذابلة بأنوف متأكلة ومتجعدة 
وأيد وأرجل تشبه الظلفء بلحم ونفس ذوى رائحة كريهة؛ مع بحة وخشونة فى 
الصوت. أكثر من هذا كان تحقير المنزلة هو الوصمة المرتبطة بالمرض. وبين المعرفة 
التاريخية جاء الرأى القائل إن الجذام عقاب من الله للأفكار الكامنة والسوداءء, 
والكلمات والأفعال التى تشمل دائمًا الأشكال الجنسية المقززة. يحتاج المجذومون إلى 
المواساة أو الرعاية أكثر مما يحتاجون إلى العلاج» واستلهامًا لهذه الفكرة, تم معظم 
العمل بين المجذومين فى الهند وأفريقيا من خلال المبشرين وأطباء الإرساليات 
والمتطوعين من ذوى الخلفية الدينية من البلاد الأوربية. شكل هؤلاء الناس مجموعة من 
المصالح القوية التى تجاهلتها الإدارة الاستعمارية على مسئوليتها. 
من السخرية: فى ضوء المدخلات الصغيرة للعلم القائم على القحص المعملى. 
والذى قام فى الحقيقة من أجل التحكم فى انتشاره حتى وقت قريبء كان الجذام 
واحدا من أوائل الأمراض البشرية التى تم اكتشاف عاملها المسبب, وهى بكتيريا 
٠‏ (آناأ19/6003618لا . أحدث أرمور هانس النرويجى الانفراجة فى عام 2,141 
أى قيل اكتشاف الألمانى رويرت كوخ للعامل المسبب للسل بتسع سنوات؛ من المعروف 
الآن أن العاملين اللذين يسييان المرضين متقاريان جدا.!*) ويبقى: بالرغم من هذه 
البداية المباشرة؛ أن مرض هانسن كان أحد أواخر الأمراض المعدية فى هذا الكتاب 
الذى اخترع له شىء ما يشبه الشفاء الكامل. اكتشف أول ما يبدو دواء شافيا بطريقة 
مقبولة - دابسون - فى بداية الأربعينيات من القرن العشرين, ولكن لأن الكثير من 
المرضى أبدوا مقاومة للدواء. فقد تم استبداله فى ثمانينيات القرن العشرين يعلاج من 
عدة عقاقير. هذا العلاج الجديد يوقف عملية التحلل (يشفى المرض). لكنه يكون فعالاً 
تماما فى الحالات التئ تُعالج فى الوقت المناسبء إذ إن الأعصاب التى تموت لا يمكن 
استرجاعها. 8). 


(*) الميكروب المسيب للسل فى 0515انات:06نا؟ لان عاء 3 امعلزا/ا, 


153 


فى الفهم الجديدء كان مرض هانسن عبارة عن مجموعة من الأنوا ع التى تتراوح 
من الجذام العقدى عالى التدمير لإقه:م8! 03405ه2مه! إلى الجذام الدرني أواناء6طنا1 
بروه:مه! () كشفت التقنيات الإكلينيكية فى عشرينيات القرن العشرين أن الجذام 
العقدى يتطور خلال ثلاث مراحل. فى مرحلته الأولى: عندما يكون فى شدة 
إصابته, يحدث تدمير بسيط وظاهر للخلايا. خلال مرحلته الثالثة والأخيرة فقط, 
وعندما يكون المصاب غير قادر على العدوى (وعندها يصبح “حاله ميئوسا منها") 
يكتسب المجذوم الأنف المتاكلة ويقايا تشبه الظلف للأقدام والأيدى ومظاهر أخرى 
غريبة للجذام العقدى!'!). 

عالمياء خلال الخوف المصاحب "للخطر الإمبريالي": كان الجذام أكثر انتشارا فى 
المناطق المدارية. مع أنه لم يكن واضحا فى هذه المناطق . لماذا كان هناك عدد قليل, 
ربما ه/ من الناس الذين يختلطون بالمجذومين القادرين على نقل العدوى, كانوا 
يكتسبون العدوى. أحد الموانع لحل المشكلة كانت فترة تتراوح ‏ : ٠١‏ سنوات التى 
تفصل بين التعرض للعدوى وظهور أول أعراض المرض؛ نادرا ما كان الأطفال 
يصايون بالجذام. إذن: كما يعتقد الآن» فإن معظم أفراد السكان تعرضوا لبكتيريا 
الجذام ولكن كان لديهم جهاز مناعى قادر على المقاومة, لكن هذا لا يفسر لماذا 
يبقى 5 فقط معرضين للعدوى. من بين الاحتمالات التى افترضت بواسطة الخبراء 
فى بدايات القرن العشرين كانت تتمثل "الأمراض المساعدة (- الممهدة)" مثل الزفرى 
والسيلان والملاريا. أحد الأسباب الأخرى المساعدة على الإصابة بالمرض التى 
أضافها أحد من الخبراء إلى القائمة كانت تتمثل فى الضعف العام متينفة لستوء 
التغذية» والمعيشة فى أكواخ مع عائلة كبيرة فى مناطق صغيرة:؛ والمعيشة بالقرب 
من المستنقعات المليئة بالمواد النباتية المتحجرة أى تناول سمك فاسد. فى الجنوب 
الأمريكى قبل الحرب الأهلية. لذا اتجه أطباء المستعمرات إلى اعتبار الجذام وقتذاك 
مرضا آخر للسود(!"). 


154 


خلال عشرينيات القرن العشرينء كان هناك عدم تأكد لكيفية انتشار 
الجذام.!*) فهناك رأى يقول إنه يتم عن طريق الهواء أو ينتشر خلال الإفرازات الأنفية, 
ظهر رأى مضاد يقول إنه خلال هذه الفترة 'للخطر الإمبريالى' قإن المهاجرين 
المعروفين بأنهم من حاملى مرض الجذام ويعيشون فى باريس والمدن الكبسرى 
الأخرى لم ينشروا المرض. بالمثل ظهر أن ١١١‏ نرويجيا مصابون بالجذام قد هاجروا 
إلى مينسوتا وويسكنسون فى شمال أمريكا بعد الحرب الأهلية ولم ينشروا الوياء, 
ولم ينجبوا أطفالا مجذومين. عودة إلى أوربا بعيدًا عن الحالات المخالفة, كان 
الجذام محصورا فى الأماكن الريفية قليلة السكان مثل سواحل بريتانى والبيرينه» 
والسواحل النرويجية .)١9‏ 

على مدى القرون. كتب قلة من المجذومين ملاحظات حول ماذا يعنى المرض 
(حقيقة أى تخيلا) لهم شخصيا. لذا أخذت فى الحسبان تلك القجوة المعرفية» وقررت 
إنه يجب زيارة معزل للمجذومين فى أبى زعبل فى ضواحى القاهرة.!'') وعندما كنت 
هناك رأيت عدة عشرات من العميان» بأياد كالظلف وهياكل بشرية محطمة. ضحايا 
مرض هانسن الذين يتطابقون مع أى وصف للفزع الجسماني وجّدته فى المصادر 
المكتوبة؛ كانت هناك راهية فرنسية كاثوليكية ضمن الحضور. ويمحض الصدفة؛ كانت 
فى الجنوب الغربى لمصرء فى واحة الداخلة. حيث وجدت أول بقايا لهيكل عظمى 
لمجذوم (من القرن الثانى ق.م). ومع ذلك تؤيد الأدلة المكتوية أن المرض وجد لأول مرة 
فى الهند حوالى 5٠١‏ ق.و(4'), 


(*) فى كتاب “الحاوى فى الطب' لأبي بكر محمد بن زكريا الرازى الذى ولد بالرى بالقرب من طهران الحالية 
3/6 ه - 649ره كم يعد الجذام من الأمراض المعدية التى تنتشر عن طريق الهواء ويذكر أن 
"الجرب والسل يعديان والجذام يعدى لآن الهواء المحيط بهم يتنشقه غيرهم” (الجزء ال ؟" ص 5958) , 


1/35 


الجذام فى أوريا فى العصور الوسطى: الخلفية 


بشكل قاطع تثبت الاكتشافات الحديثة نسبيا لعشرين إلى ثلاثين هيكلا عظميا 
متاكلة بفعل الجذام لأناس عاشوا فى بريطانيا وفرنسا أثناء الحكم الرومانى: وخلف 
حدود الإمبراطورية الرومانية فى المجر وبلاد السويد والنرويج؛ أن الجذام لم ينتقل إلى 
أوربا أثناء فترة الحروب الصليبية» كما يعتقد الكثير من المستشرقين. ولكنه كان 
موجودا 'فتاك قبل ذلك :26 (8').واكمكمل هدوكة قو أن المصانن عفرن عاسن 
كانوا ضمن المرافقين للغزاة الرومان مثل يوليوس قيصر (الذى كان فى القال - 
فرنسا - 55-04 ق.م). بالمقابل, من المحتمل أنهم أصيبوا بالجذام فى الأراضى التى 
حكمها الرومان فى الشرق: ويبدو أن المرض ظهر فى هذه المنطقة بعد هجوم 
الاسكندر الأكبر على الهند فى /الالاق..(!١).‏ 


الوصول إلى القرن السابع والثامن فى العصر الجارى ينقلنا إلى سوابق 
لومبارديا فى خلط تهم التجديف الدينى بالجذام؛ وهى ما يطابق الوضع فى نصف 
الألفية التالية فى ذروة العصور الوسطى. وبالاتجاه جنويا بعد عام 5٠0‏ هذه الشعوب 
الجرمانية وهى آخر المجموعات القبلية التى استقرت فى إيطالياء كانت قريبة التفسير 
الآرى للمسيحية (نسبة إلى أريوس السكندرى) الذى ادعى أن المسيح كان من طبيعة 
مشابهة لله الأب. بمجرد أن استقروا فى بافيا وميلانى وحولهاء وجدت الأقلية 
اللمباردية نفسها تعيش ضمن طيقات أدنى منزلة ومقهورة ممثلة لأتباع أثناسيوس 
(من الإسكندرية كذلك) وتدعى بخلاف ذلك وأن المسيح الابن كان من نقس طبيعة الله 
الأب. هذه الاختلافات!*) كانت ذات أهمية بالغة للمؤمنين. 


(*) انفصلت كنيسة الإسكندرية (فى مصر) والكنيسة النسطورية (فى بلاد النهرين) عن كنيسة روما بعد 
مجمع خلقدونيا عام ١40م.‏ وكان السبب فى هذا الانقسام هو الاختلاف حول طبيعة السيد المسيح. 
فالكنائس الشرقية ترى أن لاهوته (أى الروح عند المسيح) غلب ناسوته (أى الجسد عند المسيح). ويذلك 
سموا بأصحاب الطبيعة الواحدة أو المونوفستيين. أما الكنيسة الكاثوليكية فترى أن لاهوته مساو لناسوته 
وبذلك سموا بأصحاب الطبيعتين. 


16 


تكلم الملك اللمباردى روثارى: محاطا بالناس الذين يتيعون عقيدة أثناسيوس. 
وسلطة بابا روماء إلى الرجال البالغين من أهل لومبارديا "الجند الأكثر حظا". من 
المحتمل أنه كان يفكر من منطلق 'نقاء' أهل المدينة الأصليين مثل شخصه و"الخطورة" 
التى يسيبها الغرباء!''). فى عام ه54., ضم روثارى إلى القانون الكنسى فصلا يصف 
كيفية التصرف فى حالة الجذام بحكم الحياة فى هذه الظروف القلقة: 

إذا كان هناك أحد مصابًا بالجذام وعرف القاضى أو الناس 
حقيقة الأمر يطرد المجذوم من المجتمع أو من المنزل» وبهذا 
يعيش وحيدا . ليس من حقه أن ينقل ثروته أى يعطيها لأحد لأنه 
فى اليوم الذى يطرد فيه من منزله يصبح كأنه ميت. على كل 
طالما كان على قيد الحياة يجب عليه أن يعيش على الدخل 
المتبقى(14), 

وبالرغم من أن معنى الجذام (كمرضء أو موقف أوكليهما) ظل غامضا خلال 
مجتمع لمبارديا» تصبح المعانى أكثر وضوحا فى إدراك مستوى علاقات لمبارديا مع 
جارتها الغال الفرانكية بينما كانت تحت حكم الملك بيبين.!") فى عامى “هلاء 014/., 
أصبح الفرانكيون المسلحون هم المدافعين عن البابوية ضد اللمبارد. بعد ما أخضع 
بيبين اللمبارد تقبل تحذير البابا أن علاقات الأسرة الحاكمة التى قويت بالمصاهرة بينه 
أو بين ابنه والأميرات اللمبارديين, ربما تّدخْل الجذام الوراثى إلى العرق الملكى 
الفرانكى؛ كان يبدى أن البابا مشحون بما يكفى بالطبيعة المعدية للجذام. بعد هذاء 
وبعد الأخذ برأى البابا أصبح للفرانكيين مبرر للادعاء أن اللمبارد لهم "رائحة كريهة 
وهم كذلك خونة؛ ومن المؤكد أن أصل المجذومين يجد جذوره بينهه” .)١١‏ 


كملك للفرنجة عام :ل/الام والذى نصب إمبراطورا عام ٠٠6م.‏ 


137 


خلال العصر الطويل بين انهيار روما وميلاد مجموعة من المجتمعات فى القرن 
العاشر إلى الحادى عشرء عاش الأطباء المتخصصون فى التقاليد العلمية الكلاسيكية 
غالبا وبصفة خاصة فى النصف الشرقى الحضرى من الإمبراطورية القديمة: إما فى 
المركز المسيحى الذى تركز فى القسطنطينية:» أى فى العالم الإسلامى الذى تركز فى 
بغداد والقاهرة. فى كلا الإقليمين استمرت حيوية المجتمعات العمرانية بقوة(:'). فى 
تناقض واضح. فى ما بعد روما فى الغرب (أوربا - النموذجية) بنهاية القرن الخامس, 
دمر التحلل الداخلى للمجتمع كل شىء ماعدا معظم الأشكال البدائية فى حياة المدن 
ومعها نوع من شبكات الحماية - المواطنة التى احتاجها الأطباء المتعلمون. الأسوأ 
كان قادماء فبعد وفاة الملك - الإميراطور الجرمانى الرواقى شارلمان (ابن بيبين) فى 
عام 5١م‏ اجتاح الرعاة الهمج الغرب. فى البداية كان أغلبهم من الغرباء الفايكنج 
والمجريين والقبائل العربية!"), تبعهم بعد ذلك مهاجمون من أصول محلية. 

فى غرب بلاد الفرنجة فى نهاية القرن العاشرء وفى المناطق الشرقية (الجرمانية) 
فى نهاية القرن السابع؛ أدت الفوضى بطريقة عرضية إلى الاستقلال المنظم للمزارعين 
بواسطة قاطنى الغايات البرية (أهل القلاع) والمحاريين المقيمين (عرفوا بعد ذلك باسم 
الفرسان). كان العديد من هذه العصابات ظاهريا فى خدمة أمراء الأقاليم الكبيرة(ا"). 
فى عام ١١71‏ يكتب بيتر الموقرء رئيس الدير الكبير للرهبان البندكت فى كولونى 
ببرجنديا ملاحظاء أنه كان من الممارسة العادية للأمراء ومساعديهم من الموظفين 
التعسف فى ضرب وسلب وتعذيب الفلاحين الذين لم يكن فى استطاعتهم اللجوء إلى 


(») جاءت قبائل الفايكنج من السويد والنرويج والدانمارك, وقبائل الآفار المجريين من شرق أوربا. وقد 
خريت هذه القبائل المدن الأوربية فى وسط وجنوب القارة. ومو ما يختلف عن فتح القبائل العربية 
للأندلس وما تبعه من تأسيس الخليفة عبد الرحمن الداخل للدولة الأموية الغربية. وقد كانت هذه الدولة 
التى استمرت لأكثر من ثمانية قرون منارة للعلم والأدب والعمارة والفنون التى استفادت منها أوريا 
وكانت سبيًا فى نهضتها. وبذلك فمن الخطأ وصم القبائل العربية بالهمجية والمساواة بينها ويين الفايكنج 
والمجريين. 


156 


الهرب. بوقوعهم ضحية للمهاجمين المسلحينء وسنة بعد سنة أصبح معظم الفلاحين 
أسرى من يضطهدهم, ومن أجل تنظيم الابتزاز أصبحوا عبيدها'"). 

خلال هذه القرون من العنف والتحلل فى الغرب المسيحى. وقعت الرعاية الصحية 
فى الغالب كليا على معالجى القرية والعرافين والسحرة والأرواح الهائمة والقديسين 
الجوالين(''). بقدوم القرن الحادى عشر عاد إلى الظهور فى النهاية عناصر من الطب 
التعلسى فى شل متون مككوية حاءه من الخارج بالضرورة: قيل عام *31؟ كانت 
إحدى المصادر هى المدينة الأندلسية قرطبة (المسلمة) بمكتيتها ٠.١ ,.٠.٠.‏ كتاب باللغة 
العربية والعبرية واليونانية واللاتينية, وأحرقها الغزاة المسيحيون فى تلك السنة » ومن 
المحتمل أنها احتوت على الكثير من حكمة القدماء (''). أحضرت مجموعة أخرى من 
المخطوطات إلى مكتيات الأديرة بالسواحل الإيطالية من مكتبات الشرق. من بين هذه 
المصادر المهمة كانت كتابات قديمة عن الجذام. لكن بالنسبة لتأسيس أى تفسير طبى 
يمكن من هذه اللحظة أن يصبح مقياسا فى الغرب, تم الاعتماد كثيرًا على ما يسنح 
من الفرص. 

كان أول وصف واضح للجذام الحقيقى قد فقد لوقت طويل أو أهمل كما بين كل 
من ميشيل دولس وميركو جريمك وآخرين. وكتب فى القرن الأول الميلادى بواسطة 
طبيب سكندرى هو آرتيوس الكبادوكى: الذى ربما كان واحدًا من أعظم الذين 
شهدهم تاريخ الطب. اعتقد أرتيوسء مثل نيرى وفيسبسيان [ أباطرة رومان - ت] 
فى مجمع آلهة روما التقليدىء الذى لم يوجد إله منهم يربط المرض بالتصرفات 
الأخلاقية الخاصة. هذا الوضع الأخلاقى غير المتحيزء جعل آرتيوس يعتبر مرض 
هانسن كمرض بدنى تماما. على كل حال؛ وضح أنه بسيب التشوه العضوى الذى 
يسببه. يخيف الجذام الحقيقى الكثير من الناس؛ "لهذا السبب هناك من يهجرون 
معظم أقربائهم المحبويين فى الصحراء والجبال... حتى إن كانوا من أبنائهم أو آبائهم 

حي (50) 


أو إخوتهم 


1539 


بين القرنين السابع والحادى عشر أضاف المؤلفون المطلعون من الأطباء المسلمين 
على الكتاب القدماء الآخرين ليقدموا وصفا إكلينيكيا صحيحا لدرجة ما لمرض هانس. 
أدى هذا إلى أن الجذام أو البهاق أى اليرص (أسماء عربية للأنواع المختلفة لأعراض / 
الجذاء!")) كان أحد مخاطر الحياة التى يمكن تحملهاء لم ير [الجذام - ت] كنسق 
أخلاقى أى كعقاب أنزل من السماءا''). على أية حالء بسبب الغياب شبه التام 
للمدرسين الأوربيين من ذوى العقول المتفتحة الملمين باللغة العربية فى الوقت والمكان 
المناسبين؛ ريما لم تكن هذه الكتب الطبية من المصادر التى استعملها الذرائعيون!**) 
فى الغرب ليصوغوا المعانى الفعالة للجذام. بدلا من ذلك. استعملوا المصادر التى 
تأثرت بصورة كبيرة بتفسيرات الكهنة للتعاليم اليهودية - المسيحية. 

هذا يوصلنا إلى نقطة ظهور العقل الغربى والتى عندها تأتى إلى المقدمة أفكار 
العهد القديم وكلماته المتصلة بمشاكل الجلد ونهايات الأعصاب الميتة وانهيار العظام 
ووضع طقوس عدم الطهارة. طبقا للممارسات التى وصفت فى سفر اللاويين, 
الإصحاح الثامن الآية 1-848 أمر اليهود المصابون “بجلد محرشف" أن يقحصوا 
بواسطة الكهنة, وإذا استمرت حالة الجلد وما يصاحبها من بقع بيضاء فإنهم كانوا يحاكمون 
لمعصية إله اليهود» وعليهم الانسحاب من مكان وتجمع الأصحاء. إلى حين شفاء الجلد 


(*) فرق الأطباء العرب بدقة بين الجذام والبهاق والبرص (أو البرش) فلكل منهم أعراضه وكذلك علاجه. وفى 
كتاب “الحاوى فى الطب ذكر الرازى تعريفًا جاممًا مانعًا للجذام يقول فيه "الجذام هو تفرق اتصال 
الأعضاء نتيجة انتشار المرّة السوداء فى البدن كله يؤدى إلى فساد مزاج الأعضاء فتتاكل وتنقطع 
وتسقط سقوطًا عن تقرح؛ وهو كسرطان عام للبدن؛ فربما تقرح وريما لم يتقرح: وهى الأعراض 
الاساسية التى تتداولها كتب الطب الحديثة. والملاحظ هنا أن الجذام يأتى نتيجة لعدم توازن الأخلاط 
الأريعة بالجسم (انظر نظرية الأخلاط الأريعة). فالمرض هنا له سبب بدنى وعضوىء وينفى عن المرض 
السبب الأخلاقى كالآثام والخطايا التى يرتكيها الفرد, كما ينفى عنه كونه عقايًا إلهيًا كما ساد بين 
الأوربيين فى عصورهم المظلمة . 

(*») الذرائعية: نظام من الفلسفة البرجماتية يؤمن بأن الأفكار هى أداة تقود أفعالناء وأن قيمتها يمكن 
قياسها بنجاحها فى الحياة العملية. 


100 


أو إزالة حالة (الزراءات) . يبدو من المحتمل أن هذا هو معنى الجملة فى سفر 
اللاويين "كل الوقت الذى فيه مجذوم... يجب عليه أن يسكن وحيدا بعيدا عن الجماعة . 
فى تعليق لاح فى عام :١14.7‏ وضع ج. هيتشنسون, الرئيس السابق للكلية الملكية 
الطبية أن: 

عبارات العهد القديم المدونة لا تذكر الشلل وافتقاد الإحساس 

والإعاقة الميثوس منها التى تصاحب المرض الحقيقىء ولكنها 

تتكلم عنه كما لو كان يصيب الجلد فقط ويبلغ نهايته ببياض 

الجلد, 


اعتمد هيتشنسون على مفهوم أرمور هانسن (1477) وآخرين بالتمسك بأن 
مرض هانسن مرض لا شفاء منه عن طريق العامل البشرى. ويهذا فإن الذين يشفون 
من المرض من تلقاء أنفسهم, إذ يكونون فى المرحلة الثالثة من المرض - بدون أصابع 
أى أقدام أى أنوف. فى هذه الحالة المشوهة قد يكون من المحتمل أن يتطابقوا أكثر مع 
تصنيف آريتيوس الكابدوكى فى انهيار الإنسان أمام أولاده وآبائه أى إخوانه الذين 
هربوا من الذعرء أكشر من أى تصنيف آخر يعاملهم كمعافين وطاهرين حسب 
الطقوس, بما يجعلهم مقبولين ومرحبًا بهم من الشعب والكهنة. يقودنا هذا إلى قبول 
استنتاج هيتشنسون أن تصنيف المرض (زراءات) الذى كان موجودا فى فلسطين 
عندما كان العبرانيون يتلون سفر اللاويين حول خيمة النار والمذيح: لم يكن أيدا ليقبله 
أى طبيب حديث كجذام 9"). 

يلقى علم الحفريات كذلك الشكوك على العلاقة بين مرض هانسن وأى شىء آخر 
وصف فى سفر اللاويين حوله. اكتشف علماء الحفريات الذين استخرجوا العديد من 
الهياكل العظمية فى فلسطين من القرن السادس والخامس ق.م. عندما أدخل سفر 
اللاويين فى تقاليد اليهود الشقهية؛ عدم وجود دليل للجذام الحقيقى فى أية بقايا 
بشرية. مع أن هذه الدلائل السلبية ربما يمكن فى أى وقت أن تقارن بأى وجود كبير 


161 


لبقايا المجذومين القدماء, افترض علم الحفريات السائد. أن الجذام الحقيقى لم يوجد 
فى فلسطين عندما كُتب سفر اللاويين!2"). 

معلوماتنا التالية المؤكدة للتطور فى تعريف 'المجذومين" جاعت خلال عمل الكهنة 
من فترة تقترب ل0١٠2‏ عام من وقتنا الذى نتكلم عنه وهى القرن الثالث قبل المسيح. 
المدرسون اليهود الذين كانوا يعملون فى الإسكندرية» مستفيدون من كونهم ذرية ثنائية 
اللفة. كانوا أكثر سهولة فى كل محادثة يومية مع اليونانية عنها من العبرية: هؤلاء 
وضعوا ترجمة يونانية للعهد القديم (الترجمة السبعينية للتوراة). عندما وصلوا إلى 
سفر اللاويين ترجموا زراءات العبرية (حالة عدم الطهارة) إلى الكلمة اليونانية ليبرا . 
بعد أريعمائة سنة من ذلك, وفى القرن الأول الميلادى استعمل يوسفيوس؛ أحد 
المدرسين اليهود ومؤلف لاتينى يعيش أيضا بالإسكندرية» مرة أخرى الكلمة ليبرا 
عندما أعاد تقدير (من أجل دحض) أسطورة عمرها ٠٠١‏ سنة حول طرد اليهود 
من مصر لأنهم كانوا مجذومين 9"). كان المساهم التالى الكبير فى تعريف 
“المجذومين" هو القديس جيروم (توفى عام 419م). المصنف للعهد القديم اللاتينى 
المعتمد خلال العصور الوسطى (19816ا/ا 756): والذى نحن متأكدون أنه متوافق مع 
العبرية ولا يحتاج للاستعانة باليونانية. على كل حال فى "زراءات" اللاويين اللاتينى 
استعمل جيروم نفس الكلمة - ليبرا- والتى استعملها مبكرا مصنفه الترجمة 
السبعينية ويوسفيوس. 

بعد خمسمائة سنة؛ دعم الراهب كونستانتين أفريكانوس ٠١70(‏ - 417١٠م)‏ فى 
مونت كازينى (شمال ميلانى) ترجمة اللغة العربية للمؤلفات الطبية التى ربما أصبحت 
جزءًا من المؤلفات المعتمدة المتاحة للأطباء فى الغرب المتحدث باللاتينية. مستخدما أى 
انتحال [لأية لغة - ت] يقع فى اليد, استعمل الكلمة - ليبرا - ليشير إلى الجذام 
الحقيقى خلافًا للترجمة اللاتينية للكلمة العربية جذام :003لال. كمسيحى أقسم أن 
يطيع أحكام طريقة البندكتء أعدّ كونستانتين بصراحة ليقبل أيا كانت الكلمات التى 
اختارها القديس جيروم لغفرض الترجمة والتى كانت بالضرورة أقرب إلى الإيمان 


102 


المسيحى الأساسى أكثر من أية كلمة استعملت بواسطة المدرسيين المسلمين!”). كنتيجة 
لهذا القرار» كان الطريق واضحا للناس المتعلمين فى القرن الحادى عشر فى الغرب 
فى إخضاع أخلاقى للعالم الكلاسيكى المحايد وللمعانى العربية(” '). بناء على هذه 
المعطيات بنى الاعتقاد أن الجذام كان عقابًا إلهيًا من أجل الخطاياء ويهذا فإن 
المجذومين يجب إقصاؤهم خارج المجتمع. 


المطاردة الكبرى للمجذومين ٠9١5ذ3-"5١‏ 


فى دراسته عام 19417 عن المطاردة الكبرىء والتى استمرت من ١.9٠‏ - 
'73٠,ء‏ حذر رءى.مور من أن أكل الأسئلة عن تعريف المجذومين وتأكيد تشخيصهم له 
أهمية محورية: وإهمالنا له ما زال فى الغالب عاما". حديثا جدا اقترحت مارى 
دوجلاس )199١(‏ أن مطاردة المجذومين لا تهتم بالمرض العضوىء ولكن هذا الاتهام 
بوضوح خدعة لوضع الناس غير الملائمين بعيدا3). 

لتحريك الجدل إلى الأمام: يمكننا البدء مع ملاحظة أنه بين وسائط القوة فى 
القرن الحادى عشرء استمر سفر اللاويين ليكون قوة طلسمية كما كان الوضع فى زمن 
بيبين. كما نعرفء وطبقا لهذه المؤلفات العبرية؛ تقع المسئولية فى محاكمة المجذومين 
على كاهل الكهنة ورجال الإدارة والناس. كيفية تفسير ذلك خلال الأيام الأولى 
للمطاردة غير معروفة: بسبب عدم بقاء أى دليل قضائى. على كل حال تظهر دلائل 
منتصف القرن الرابع عشر من حول كاليه أنه وقتئذ أخذ الناس دور المحلفين. لا 
نعرف كيفية اختيار هؤلاء المحلفين. ولكن فى حالات مماثلة فى إنجلترا القرن الرابع 


(*) يتضع من هذا مدى تحيز رجال الدين المسيحيين فى تعريف المرض. فقد غلَّبوا التفسير الدينى المسيحى 
اليهودى على المعرفة الموضوعية التى أتى بها الأطباء المسلمون, واعتبروه عقابًا إلهيًا وفسادا أخلاقيًا من 
قيل المريض؛ أو إلصاق لعنة المرض بجنس أو دين معين كما سوف يتضع بعد ذلك. 


10 


عشر اختير المحلفون لأنهم كانوا رجالاً محليين لهم مواقف أخلاقية مميزة. عرفوا 
خلفيات المتنازعين. فى حالة القرار بالبراءة أى الاتهام» كان اهتمام المحلقين مع سمعة 
المتهم وكيف هو/هى يتفاعل /تتفاعل مع شبكة جماعة القرابة والأصدقاء والحماة 
الذين يعدون حتى غير ملائمين فى المكانة("'). وقوفًا ضد هذه الممارسات التقليدية, 
يمكن للواحد أن يتوقع بشدة عدم الإنصاف فى تشخيص المجذومين فى الحقيقة لعمل 
ذلك ربما يكون خطأ فى تسلسل الحوادث. 

لكن هذا لا يجعلنا أقرب للإجابة عن سؤال مور حول من "يعرف" المجذومين خلال 
المطاردة الكبرى. كما اتضح. لا يفرق السؤال بين المدعى والقاضى من رجال الإدارة. 
لكن» أية فرضية يمكن اقتراحهاء قد يكون من المحتمل أن يجد نوع الناس الذين 
يعدون من رجال الدين الجدد المتعلمين فى أواخر القرن الحادى عشر والثانى عشر 
مكانا. يقترح مور بأن هؤلاء الكهنة (الرجال فى النظم الدينية, ويجيدون اللاتينية 
بالضرورة) كانوا يستخدمون فى البيروقراطيات البدائية بواسطة مركزية رؤساء 
الأقاليم, ويهذا كانوا يعدون العوامل المؤدية إلى "تشكيل المجتمع التسلطى". وفى أية 
محاكمة كانت تعقد للجذام بواسطة المدعى وتعرض أمام "الكاهن” و"رجل الإدارة” 
و"الناس' يفترض أن أى رجل دين بأسلوب جديد يمكن أن يقوم بأى دور يطلبه منه 
مستخدمه الرئيسى. 

بالنسبة للسلطات السياسية - الدينية عام :٠١4١‏ الذين ركزوا على الموقف من 
الجذام كطريق سهل ليخلصوا أنفسهم من مثيرى المشاكل؛» كان آخر من يريدون 
تدخلهم هم المختصين فى دراسة الطب. كان هناك خطر قليل بشأن هذا. فى 
تسعينيات القرن الحادى عشر كان الأطباء العموميون طيورا نادرة» ساليرتىء كانت 
المدرسة الطبية الوحيدة فى الغرب لمدة من الزمنء آنذاك تتحسس طريقها إلى 
الأماه(""). كان هناك أيضا مسالة السلامة الشخصية: فى فرنسا وتوابعها كانت 
الهيراركية الدينية - السياسية عاقدة النية لاستخدام الموقف من الجذام كأداة للتحكم 
الاجتماعى؛ من المحتمل أن الأطباء الملتخصصين الذين قدروا حياتهم كثيرًا ما ناوا 


164 


بإمكانياتهم عن الطريق. كما كتب دانيل جاكورات وكلود توماست بحصافة "فى حالة 
الجذام خاصة ... يقدم الطب تصنيفًا تصوريًا للأمراض ومتوافقا مع مطالب المقدس 
وتقاليده المكتوية"(1"). 


فى الصفحات التالية. بمجرد تأسيس القواعد من أجل البدء فى المطاردة الكبرى, 
سوف أفحص عندئذ لماذا فقدت السلطة المسيطرة» بعد منتصف القرن الرابع عشرء 
الافتمام بالموقف من الجذام كعامل للتحكم الاجتماعى. كما سوف نرىء كان أحد 
أسباب التركيز على الأهداف التى وصفها كارلى جيتزيرج بمهارة : اليهود والهراطقة 
والسحرة “"). بمجرد أن أخذ هذا التغير فى الأهداف مجراه. حدث تفيران فى عملية 
الجذام. واحد: كان التجديد القانونى» واستدعاء خبراء مهرة فى الطب من خارج 
المجتمع للحكم على الحقيقة أو الخطأ فى الاتهام. ثانيا: مع فتح مجالات جديدة 
لمعلومات جديدة فى الطب؛ وضع جاى دى شولياك (الطبيب الشخصى للبايا كليمنت 
الرابع فى أفينون فى عام 44؟١١)‏ فى التداول صورًا من النسخة الأصلية للجراحات 
الكبيرة (؟1؟1١).‏ تحتوى هذه المتون المحلية» من بين صفاتها الأخرى؛ على قائمة 
للعلامات المميزة وأدلة الجذام ("). وهم مجهزون بهذه الأدوات الحديثة والدعوة إلى 
استعمالها فى التجربة؛ لعب الأطباء اللتخصصون دورًا أساسيا فى عملية تعريف 
الجذام الحقيقى. الآن» هؤلاء الإنسانيون: كانوا على الأقل المؤثرين فى القرارات: مع 
قليل من العجب أنه بعد ستينيات القرن الرابع عشر بدأ عدد المجذومين المسجلين فى 
الانحدار بشدة 9 ' 

إلى الآن» حتى خلال عصر التحول (بعيدا عن المجذومين باتجاه أشكال أكثر 
حداثة من الاختلاف الاجتماعى) لم يبق دور الأطباء المتعلمين بدون تحديات. فى 
فالنسيا فى مملكة أرجون عام :١17١/‏ أعلن طبيب عن خلو شخص يدعى برنات كويللز 
من الجذام؛» مستعملا دليلا ابتدائيا » وألغى القاضى المحلى قراره وحكم على كويللز 
بالاحتجاز الذى ظل فيه حتى النهاية2"). بعد ذلك بعدة عقود فى مدينة هاجونو ببلاد 
الراين. ادعى حلاقو الصحة الذين كانوا ضمن ال محكمين المحليين لتحديد مرضى 


103 


الجذام لسنوات طويلة - وقد اعتادوا على تحصيل الرسوم - أنهم أكثر دراية بكيفية 
معرفة المجذوم من أطباء الجامعات ذوى اللحى الذين يأتون من هايدلبرج 
وسبيروميتز. وفى شكوى حلاقى الصحة أثاروا تعليقا وهى أن أحد الأطباء الغرباء 
كان من اليهود(؟), 
الآن وقد وضحت العلاقة بين المطاردة الكبيرة ٠١40(‏ -57؟1) والفراغ الكبير 
للغياب الكامل للأطباء المتخصصين فى محاكمات الجذام قبل عام ١1577‏ (أو قبل ذلك 
فى مملكة آرجون) يمكننا العودة إلى المسألة الأساسية؛ وهى استعمال مصيبة الجذام 
كاداة للتحكم الاجتماعى خلال ذروة العصور الوسطى. ولنبدأ بالمعروف جيدا بالرغم 
من الحقائق الإحصائية غير المسبوقة, إنه بين 1١70/١٠9٠.‏ --.10/114؟17 فتحت 
عدة آلاف من معازل الجذام فى غرب أورويا. طبقا لأحد التقديرات : 
هناك 4 فى أسقفية باريس وحدها .... الاثنان الأكبران كانا 
فى الضواحى القريبة من باريس: سان جيرمان وسان لازار .... 
انجلترا وسكوتلاندا لوحدهماء افتتحتا 7٠١‏ ملجاً لمليون ونصف 
من السكان فى القرن الثانى عشر("؟). 
وإذا أخذنا بالقيمة الاسمية, فإن هذا الانفجار فى عدد الأضرحة للمجذومين ريما 
يشير إلى أن حدوث المرض ازداد بشدة. باستعمال أرقام القوائم فى انجلتراء ريما 
كان هناك ١,4‏ معزل للجذام لكل ألف من السكان؛ مع متوسط ٠١‏ نزلاء للمعزل 
الواحدء هذا ريما يوحى بحقيقة لا تصدق أن هناك ١5‏ مجذومًا لكل ألف(!؛). 


المؤرخون غير الراغبين فى نسبة هذا الوباء للجذام إلى هوس جماعى يشابه وهم 
القرن السابع عشر نحو قدرة كيار السن من النساء على التدخل فى عمل الطقس 
خلال أعمال السحرء يفسرون عامة ازدياد عدد المجذومين (وهو تصور مخادع) إلى 
تغيرات فى الظروف الطبيعية والاقتصادية. هذا التفسير يعتمد على فهم تاريخى 
محافظ فى أنه فى نهاية القرن العاشر والحادى عشر خرج الغرب من نظام مدينة ما 


106 


بعد الرومان, ومن التدهور الاقتصادى والسكانى. باستعمال أدوات وأساليب عقلية 
جديدة:ء أزيلت الغابات: وأجبر الذئاب والمستئذيون ورجال الغابات على التقهقر. على 
طول ضفاف الأنهار فى الأراضى الداخلية وعلى طول الأطلنطىء والبلطيق والبحر 
المتوسط؛ انتعشت مراكز الأسواق أى تمت إقامة الجديد منها. بعض المدن وصل 
تعداده إلى ٠٠‏ شخصء وأخرى عملاقة تحتوى على ٠١٠٠١‏ أو ٠0١,0٠0‏ نسمة 
كلهم يحتاجون إلى مواد غذائية ينتجها الفلاحون بالريف داخل البلاد. مهد الضغط 
على كل الاتجاهات بواسطة مطالب تبادل الريف - المدينة» مدفوعا على طول المدى 
بالتبادل الحضرى الريفى: وفى عدد قليل من المدن ومن خلال تجارة المسافات الطويلة 
فى البضائع الفاخرة مع القاهرة وغيرها من المراكز الإسلامية» مهد اقتصاد أوريا 
القديم ذو نظام المنح؛ الذى يعتمد على التبادل فى الذهبء والجواهر والتوابل بين 
النخب العسكرية؛ الطريق إلى اقتصاد ذى قاعدة واسعة أكثر يعتمد على التبادل فى 
البضائع فى مقايل الأموال أو خطابات الضمان: وهو التموذج العريى. ويدأ عدد 
السكان فى النمو كنتيجة غير مقصودة لما كان أول اندفاع أوربى مع التطور. وأضيف 
إلى التهديد بالكثير من الأفواه والقليل من مصادر الطعام, التهديد الأخلاقى الذى 
وضح بسبب حدة الاختلافات بين القلة الذين ينمون بمزيد من الثروة (نبلا 
الأقاليم والطبقة العليا من رجال الدين وكبار التجار) والكثرة الذين ظلوا مطحونين 
وفقراء 49). 

اتباعا لقواعد المنطق الأساسية: فى أوربا المليئة بالحيوية منذ عهد قريب» كان 
يجب أن يتناسب عدد المجذومين إلى حد ما مع كثافة السكان فى كل منطقة. مع تطور 
الأمورء لم يتزايد الجذام بكثرة فى سجلات اثنين من أكثر المناطق المتحضرة - شمال 
وجنوب إيطالياء والبلاد المنخفضة [ هولندا ويلجيكا- ت]. ويالنظر إلى المسألة من 
منظور مختلف قليلاء وهى ما يعضد قناعتى أن الجذام كان حالة عقلية أكثر منه مرضًا 
جسمانياء كان الانتشار الواسع للجذام ولمعازل المجذومين فى غرب أوريا مركز الثقافة 
الجديدة البازغة وهى فرنسا والدول التابعة لها ثقافيا عبر القناة. (حصلت إنجلترا 
على هذا الوضع بعد الغزى النورماندى عام .)١٠١57‏ 


107 


إذا بحثنا عن التغيرات الدراماتيكية فى فرنساء يضع المؤرخون فى المقدمة حركة 
الإصلاح الجريجورى التى أخذت مجراها بعد عام ٠١٠١,‏ كما شرح رى. سوزرن, 
وضعت معظم أوجه الحياة الدينية فى العصور الوسطى فى مكانها خلال بضعة 
سنوات قصيرة؛ مدفوعة بزخم الإصلاحات ('). وكجزء من هذه الممارسة, تعمد رجال 
الدين من الإصلاحيين وضع أنفسهم بعيدًا عن الحكام المدنيين العاديين الذين كما 
كتب البابا جريجورى السابع فى عام ٠١8١‏ 'رفعوا أنقسهم فوق الآخرين بالكبرياء 
والنهب والخيانة والقتل(؛*). من أجل تميين أنفسهم أكثر عن العلمانيين» جادل 
رجال الدين الجريجوريون بأن الله اعتبر المتأملين فى الأفكار الخالصة كاللامحدود 
يتفوقون على الأعجم البهيمى من النوع الإنسانى» ومن ناحيتهم تعهدوا بأن يبقوا 
طاهرين إلى الأبد. 

يتأسيس رابطتهم الخاصة مع الله كروح: مد الإصلاحيون من رجال الدين 
ادعاءهم إلى سلطة عليا بتأكيد السيطرة على أمور العلمانيين الجنسية. بين عام 
١18١ ١65‏ قرر البابا إلكسندر الثالث (المعروف قبل ذاك بالسيد رولاند عالم 
القانون الذى كان دائما الناصح المقرب للملك الفرنسى لويس السابع) بعض القواعد 
الأساسية. الزواج بين الزجل العلمانى والمرأة العلمانية يجب أن يكون أحاديًاء ولا 
يرتكب زنى المحارم؛ زواج لا يمكن فصمه. يعقده الكافن, وبرضاء الطرفين. بطبيعة 
الحال لم يطبق شىء من هذا لتكريم رجال الدين!*؟). 

وكجزء من المجهود الجريجورى للسيطرة وأيضا للتصنيف والتمييزء:هاجم 
الإصلاحيون الممارسات المسترخية للدير البندكتى الكبير فى كلونى على الحدود 
الشرقية لفرنسا. طبقا لرويرت آربييسل من بريتانى ٠١60(‏ -17١1م)‏ كان 
رهبان كلونى فاسدين يطلبهم الذهب والقضة والجواهر لتزيين مذابحهم كما سمحوا 
بأخطاء فى العمل الخيرى المسيحى” '). وإذ لم ير رويرت أى شىء له قيمة 
روحية بدير كلونى؛ نظر إلى رهبان أديرة القديس أنطونيوس والقديس بولا فى القرن 


166 


الرابع فى الصحراء الشرقية فى مصر للإلهام. فى مؤلفه "مصر الحديثة"!*) كنموذج 
لمجتمع مسيحى حقيقىء أعطى أآربيسل اهتماما خاصا لفقراء المسيح المجذومين. مثل 
هؤلاء الذين شفاهم المسيح فى طريقه إلى جبل الجلجثة. فهؤلاء فى شكلهم الحالى ما 
زالوا يقدمون للمسيحيين الفرصة لممارسة الإحسان/"!). 

رؤية رويرت آربيسل للمجذومين كعنصر أساسى فى ال محبة المسيحية ترتقى إلى 
الأعمال العظيمة للقديس فرانسيس الأسيسى (توفى عام 777١م).‏ عندما لم يكن فى 
مصر محاولا استمالة المسلمين, أو عاملا بين الفقراء قى إيطالياء كان القديس 
فرانسيس بين المجذومين. كما كتب هو : 


بينما كنت فى المعصية بدا لى النظر إلى المجنومين باعقًا جدا 
على المرارة. لكن الرب نفسه قادنى إلى وسطهم فأظهرت 
الشقفة لهم, وعندما تركتهم كان الأمر الباعث جدا على مرارة 
قد تحول إلى سعادة للجسد والروح48). 
كان [الملك - ت] القديس لويس التاسع الفرنسى (أسر بواسطة المماليك عام 
)٠‏ خليفة القديس فرانسيس كمبشر فى مصرء وغاسل أقدام المجذومين, 
وكان كاتب يومياته وصديقه جان دى جونفيل منزعجا غالبا من مخالطة الملك 
الجسدية للمجذومين. لكنه حذر بالكلمات "يجب أن تعلم أنه ليس هناك جذام يماثل فى 
بشاعته جذام خطيئة البشر؛ لأن الروح التى فى الإنسان مرتكب الخطيئة مثل 
الشيطان(55). 
فى هذه العبارة نجد تناقضًا وجدانيا مركزيا لبلوى الجذام؛ مع أن المجذوم 
يمكن أن يُرى كممثل للمسيح يعطى الفرص للإحسان المسيحى, كان المجذوم 


(») مثلث الرهبنة المصرية نموذجا استلهمه رجال الدين فى أوروبا عرف بالنموذج المصرى أو نموذج "مصر 
الحديقة , 


09خ 


أيضا يرى كخاطئ ملعونء الذى باتباع مفهوم سفر اللاويين؛ يجب أن يبعد عن 
جماعة المؤمنين. 
الربط بين الجذام والخطيئة تراعى فى الكلمات التى كتبها ريتشارد بأسقفية 

القديس فيكتور فى العقد الثالث والرابع من القرن الثانى عشر؛ وهى مكان ليس بعيدا 
عن معزل المجذومين المشهور بباريس. قال هذا الراهب : 

الزناة والمحظيات ومرتكبى زنى المحارم والغشاشون والجشعون 

والمرابون وشهداء الزور والحانثون باليمين. مثل هؤلاء ..... الذى 

ينظر إلى المرأة بشهوانية .... الكل .... أنا أقول» مثل هؤلاء. 

الذين خلال الذنوب يقطعون علاقتهم بالله, هؤلاء سوف 

يحاسبون كمجذومين بواسطة الكهنة (الذين يعرفون ويحمون 

قانون الرب) ويعزلون من مجتمع المؤمنين: إذا لم يكن جسدياء 

فعلى الأقل روحيا('"). 

فى بحث مهم نشر عام 1970, ذكّر زكارى جوشوا وجورج تراسى: القراء بأن 

الاختيار الشائع أن الإنسان فى كل مكان يعد الجذام كمرض موصوم بالعار؛ هو 
نفسه موقف ثقافى تشكل بواسطة سيطرة القلة فى الغرب. فى المقابل» يميل معظم 
الناس الآخرون إلى اعتبار الجذام مرضًا كفيره من الأمراض(!*). هذه الرؤية تميل 
إلى الانتساب إلى العالم المستعمر الحديث, وتستخدم مع قوة مساوية فى الريف فى 
العصور الوسطى الأوربية. هناك فى الأصقاع البعيدة» ظل التأثير الشامل لمؤسسة 
الكنيسة (الأب الشرعى لعصر التتوير الذى جاء بعد ذلك) ضعيفا حتى القرن السادس 
عشر. واحتفظت النساء المختالات» الشافيات للمرضىء الساحرات» ومعجزات الثقافة 
الشفهية الأخرى بقيمتها التقليدية. هذه القيم تعتبر أن المرض يدخل إلى القرية 
بواسطة قوى متناقضة أخلاقيا من الخارج ويهذا فالجذام ليس إلا واحدا من 
الأمراض العديدة. لسوء الحظ؛ هذه الفكرة هى من صنع الفلاحين الغرياء عن العالم 


100 


الفكرى للنخب الصاعدة التى كانت تنشئ أوربا الجديدة فى القرن الحادى عشر , 
وتستعمل من بين أدوات أخرى الموقف من الجذام. 

جمع الخيوط الواهية معا للموقف [من الجذام - ت] أعلن عنه فى مجمع لاتيران 
الثالث فى عام .11١74‏ بالنسبة للمجذومين» نتائج أى مجمع عقد بواسطة البابا 
ألكسندر الثالث (المعروف بالسيد رولاند) قد تكون استنتاجا انتهى أمره. قبل ذلك 
بعدة سنوات شن هذا الحبر منشورًا حادًا ضد مجذوم ملكى معروف بأنه غير حساس 
لوخز الأشواك التى تهاجم جلده؛ وهو بلدوين الرايع حاكم مملكة بيت المقدس 
الصليبية. كان ألكسندر قد حَذَّر أنه تحت حكم الملك المصاب بالجذام: مما يوضح أنه 
غير أخلاقى وخارج عن رعاية الرب» قد تسقط القدس فى أيدى أعدائها من المسلمين. 
بعد سنتين من وفاة بلدوين» سقطت القدس9؟*). 

فى مجمع لاتيران الثالث: بتوجيهات من البابا ألكسندر الثالث. اعتبر الأساقفة 
أن شيطان الشذوذ الجنسى الذكرى (رجال الكهنوت المذنبون يطردون) والتهديد الذى 
وضعته هرطقة “كاسار*) فى الأراضى العليا لجنوب فرنسا (الهراطقة المدانون 
يحرقون على الخوازيق)؛ أعاد اهتمامهم بالمجذومين. أخذ الآباء المجتمعين كأمر مسلم 
به أن السلطات فى المقاطعات الأوربية عرفت من قبل أن المجذومين يهددون أخلاقيات 
عامة الناس.ء وبالتالى فعليهم عزلهم فى منازل خاصة. اعتبروا كذلك أن هؤلاء 
المحبوسين فى معازل المجذومين كانوا غير قادرين على حضور الخدمات الدينية فى 
الكنائس العادية؛ أى أن يدفنوا موتاهم فى أراض خاصة بالكنائس. ولتحسين نواحى 
القصورء أسس القانون الكنسى رقم 7 بالسماح للمجذومين أن يكون لهم مصلى 
خاصء ومكان دفن فى معازلهم؛ وتستثنى المواد الغذائية التى تنمو فى أراضيهم من 
دفع العشور [الضرائب -ت].059). 


ع( أعضاء فرقة مسيحية فى بروفانس ظبروا فى القرن الثانى والثالك عشر. يعتقدون أن العالم المادى شر 
فقط أما العالم الروحى فهو الخير. 


171 


بنى على القانون ؟؟ الكنسىء الافتراض أنه من المفيد روحيا للمجذومين أن 
يكون لهم مصلى خاص ومجهز بالكهنة؛ وهذا يعتبر أحد التفسيرات فى تأسيس عدة 
ألاف من معازل المجذومين الجديدة بين عام ١51١ - ٠١١‏ (/ فى مدينة تولوز 
بسكانها ال..., »)2١‏ وهذه المؤسسات قدمت وظائف لآلاف الكهنة وإلا فإنهم قد لا 
يجدون مذابح يقدمون أمامها شعائرهم المقدسة. وفى طريقة ذات مغزىء فى "تاريخ 
الأوبئة فى بريطانيا", كان لكريتون الريادة مبكرا بهذا التفسير عام .)"49149١‏ لكن 
فى ضوء دراسة تاريخية مطلعة لماركس يل عام ؟199: وهى فارس متدين فى عصر 
الحرب الصليبية الأولى؛ يمكن أن نجد لتفشى إنشاء معازل المجذومين تفسيرا ربما 
أكثر توثيقا. 

بنى التفسير الجديد على مفهوم أن حملة السلاح المقاتلين احترموا بشدة الرهبان 
المتدينين المصريين. فى ذات الوقت. شعر المقاتلون حملة السلاح أنهم محاطون بثقل 
خطاياهم الشخصية:؛ حيث الرجال العلمانيون محرومز: من الوضع الخاص فى 
الكنيسة التى تدعى أن الله قد خصصه للرجال فى النظام الدينى. كانوا كذلك قلقين 
من مأزق أعضاء جماعتهم الذين سبقوهم إلى الموت. وكان من المعتقد أن تبقى 
أرواحهم الملوثة بالخطيئة مدة طويلة قى مكان يقع منتصف الطريق بين الجحيم 
والجنة. كان العديد من هؤلاء الأسلاف من النوع الذى استحوذ على السلطة خلال 
"التفاخر والسلب والخيانة والقتل' كما وضحه البابا جريجورى عام .٠١8١‏ مع أن 
الكنيسة كانت قد قدمت رجالاً علمانيين من أصحاب الثروة الذين لهم منافذ يمكن من 
خلالها أن يعملوا من أجل إنقاذ أنفسهم وأسلافهم» اشتهى العديد من حملة السلاح 
المقاتلين ما هى أكثر(**). بابتكار هوس اكتساح أوربا بالمجذومين الذين عزلوا فى أبنية 
مخصصة لتكون معازل للجذام؛ ابتكرت الكنيسة القائمة على نظام السوق شكلا 
جديدا ومثيرا من أعمال الله. 

مبكرا فى عام :١١76‏ وضح والران كونت ميلان فى نورمانديا أن بناء 
مستشفيات الجذام كان عمدًا مليئًا بالحسنات على مقياس القديس بيتر مثل العمل فى 


172 


تخصيص حقوق مالية للأديرة من النوع التقليدى. كان الكونت نفسه مؤيبسسا 
لمستشفى المجذومين فى سانت جيلز فى بونت - أودرمير. أكد برنارد من كليرفوء رجل 
السياسة والرمز الفكرى فى "مصر الحديثة المتنوعة' نفس النقطة: تأسيس معزل 
للمجذومين عمل أساسى للإحسان الذى ربما يفيد مصير موت أقارب الإنسان. قامت 
ملاحظة برنارد بينما كان يزور معزلا للمجذومين فى جرائد - بيلوه فى شارترء فى 
وقت لم يكن بعيدا عن شكوى أسقف شارتر من أن موظفيه (من العلمانيين) كانوا 
يفرضون الإتاوات ويعذيون الفلاحين المعدمين(*). 

ويظهر البحث المحلى المفصل ؛ أن مؤسسى معازل المجذومين يمكن تقسيمهم إلى 
عدة أصناف. فى نورماندياء بدا أن الفرسان المحليين كانت لهم السيادة؛ فيكتب د. 
ألبرت بورجويز عن الوضع حول 'كاليه", ذاكرا أن 9 من ٠١‏ من المانحين الأساسيين 
لمعازل المجذومين كانوا من طبقة السادة. على العكسء فى مناطق أخرى من فرنسا 
كانت أديرة البندكت هى السائدة؛ فى أكوتين رأى رؤساء الأديرة ذات المنزلة الكبيرة 
فيما يبدى إنشاء مجموعة من 'بيوت المجذومين' بمصليات صغيرة تعتمد على الدير 
الأم, كوسيلة لزيادة عدد المذابح المقدسة التى يمكن أن يخدم أمامها أولاد الإخوة 
الكهنوتية. بطريقة شبيهة على حد ماء كان الوضع فى المدن الشرقية المحتلة بواسطة 
المستوطنين الجرمان من أرض الراين. فى بومرانيا (الآن بولندا) كان رؤساء المدن 
ميالين إلى تقديم وظائف إلى الإخوة والأبناء وأبناء الإخوة والأخوات فى نظم كهنوتية 
تنشئ دائما معازل للمجذومين, كل واحد مجهز بعصلى خاص به. 

وبمجرد أن تأخذ حركة العمل فى معازل المجذومين قوة الدفع الخاص بهاء كان 
هذا يخدم بوضوح العديد من الأغراض. بحلول عام ١١٠١‏ - ١55١؛‏ كان أى أمير 
يحترم ذاته» أى رئيس ديرء أى رئيس نقابة فى مدينة يملك حقوقا كاملة من السلطة 
الشرعية: من المؤكد أن يكون تحت تصضرفه معزل للمجذومين فى الخدمة له مصلى 
خاص كما يملك طاحونة ومشنقة('*). تكمن المشكلة فى وجود عدد كاف من المجذومين 
لتيرير وجود كل تلك التسهيلات المكلقة. وسوف أتحول الآن إلى هذه المسألة. 


173 


العابرون فى نفس الوقت ليتجنبوا العدوى؛ الجماعتان لهما دلالة. مع أن الشعور ضد 
السامية يرجع إلى فترة طويلة من الماضى: فكرة أن اليهود غرباء تم التعبير عنها 
بوضوح خاص بواسطة ييتر الموقر. رئيس دير كلونى. كان بيتر محترما من قبل 
المتحمسين كمصلح ياأتى تاليا فى الأهمية لبرنارد من كليرفى. تساءل الأب بيتر : 

هل اليهودى من الجنس البشرى, لأنه لا ينتمى إلى الفكر 

البشرى ولا إلى تقاليده. أنا لا أعلم حتى الآن. أنا أقول يمكن 

أن يكون هذا الشخص بشرا لم ينزع من جسده حتى الآن 

القلب الحجرى"), 

خلال الفترة التى كان فيها بيتر مستغرقا فى التأمل حول إنسانية اليهود فى 
ثلاثينيات وأربعينيات القرن الثانى عشر - كانت أهم مساألة ضاغطة بين الباحثين 
عن العملء رجال الدين المتعلمين فى باريس - هى التقدم المهنى. اتجهوا إلى 
الجامعة مبكراء حيث تلقى أبيلارد الكبير تعليمه, ويعد انتهاء مقرراتهم الدراسية, 
خاف رجال الدين من النوع الجديد حيث إن اليهود المتعلمين فى مدارس المعايد 
قد يحصلون - من خلال الجدارة - على الوظائف الجديدة المبتكرة فى الأمسر 
الملكية والبيروقراطية البابوية!"*). ومع اتهامهم بالجذام واستبعادهم من التفاعل 
الاجتماعى العادى, ريما يقدم "المجتمع المضطهد" ل ر.أ.مور أحد الأساليب للخروج 
من هذه الصعوية. 
بخلاف خدمتهم كرجال دين متعلمين؛ كان هناك نوع آخر من المهن التى يبدو 

أنها تناسب اليهود ؛ وقد عرفها روجر بيكون الفيلسوف بجامعة باريسء؛ فكتب قبل عام 
67 يقول : 


1/4 


كل حكمة الفلسفة التى أعطيت بواسطة الرب .... إلى البطاركة 
والأنبياء تمت فى كل تفاصيلها باللغة العبرية (هؤلاء الذين 
يعرفون لفة الرب ربما يكونون قادرين على التفوه بالتعاويذ) 
اتفافًا مع نية الروح (العالمية) العاقلة التى تستقبل بمجرد نطقها 
قوة السماء .... وبهذه القوة تشفى أجسامنا!""). 
تبعا للمنطق البيكونى؛ ربما يصبح شفاء المرضى خلال استدعاء روح العالم 
المعقولة فى اللسان العبرى احتكارا يهوديًا. ويوضوح, ريما لم يعمل بهذا بطريقة جيدة 
من قبل المتعلمين غير اليهود. 
من المحتمل أن يعمل غير اليهود كمدعين فى محكمة تحقيق الجذام؛ وكان من 
المعلومات العادية أن العديد من ممارسى الطب من اليهود بطبيعة الحال لا يوجدون فى 
المناطق التى منعوا منها بالفعل فى الأماكن الأخرى(مثل إنجلترا) كمافى 
لاندجويدوك ويبروفانسء وربما مثّل ممارسى الطب من الأطباء اليهود حوالى ثلث 
المجتمع الطبى المتعلم. وعندما لم يحتملوا ذلك قرر الجريجوريون ورجال الدين 
المؤيدون للنموذج المصرىء والأساقفة المجتمعون فى المجامع الإقليمية منع الأطباء 
اليهود من معالجة المرضى من غير اليهود('". النهاية ذاتها يمكن تحقيقها بواسطة 
تطبيق الموقف من الجذام وإبعاد اليهود إلى معازل الجذام. 
تبدو أسطورة أن اليهود كانوا بالأخص ميالين للإصابة بالجذام من بقايا التعليم 
الذى انتقل (خلال يوسفيوس) من مصر البطلمية. والانتقال من التأثير (الجذام) إلى 
السبب يجعلنا نعود إلى الادعاءات القديمة بأن اليهود كانوا بالأخص شهوانيين. هذا 
النمط السلوكى كان يعزى إلى تحريم اليهود لأكل لحم الخنزيرء الذى مع المنطق 
الملتوى يعنى أنهم يشاركون الخنازير فى ميلهم إلى التكائر بكثرة ولهم فضلات 
كثيرة(”"). خلال المطاردة الكبرى, ترجمت سمعة اليهودى - كعملاق جنسى - بسهولة 
إلى اتهامات بأنهم كانوا مجذومين. كيف نسجت فى الغالب هذه الاتهامات؟ أمر غير 


5آ1 


معروف. وعلى ما يبدوء لم تجد سجلات نزلاء عدة آلاف من معازل المجذومين طريقها 
إلى مجموعات الأرشيفات التى مازالت باقية. 

خلافا لغياب هذه السجلات, هناك ثغرة أخرى مثيرة لحب الاستطلاع وهى ندرة 
بقايا الهياكل العظمية التى تعود إلى تاريخ قبل عام , 175٠‏ باستعمال العدد المعروف 
لمقابر المجذومين فى عام ٠٠٠١‏ كدليل غير مؤكدء أحصى الطبيب المؤرخ أ. بورجوا أنه 
فى باس دى كلايس يجب أن يكون هناك " أو ؟ من المجذومين لكل ألف. اليوم؛ هذه 
الفرضية ليست مؤكدة بواسطة علماء الحفريات؛ حيث إن جثث النورمان المستخرجة 
تدل على كل أنواع الأمراض ما عدا مرض هانسن. فى الأماكن الأخرى, جاء الوجود 
الأساسى للهياكل العظمية المصابة بالجذام من مستشفى وحيد للجذام فى نشتفد 
بالدنمارك» موجود على مسافة بعيدة من المركز الثقافى للمجذومين (فرنسا). الشىء 
ذو الدلالةء هو أن معظم هياكل نشتفد تعود إلى نهاية فترة المطاردة الكبيرى» فى 
الوقت الذى تآكلت فيه دوافعه الإيديولوجية(''). خلاقًا لهذا الدليل الدنماركى 
المتناقضء معظم العدد القليل لبقايا الهياكل التى تحمل علامات مرض هانسن والتى 
وجدت فى مقابر معازل المجذومين فى الأماكن الأخرى من أورباء تعود إلى نهاية 
القرن الرابع عشر حتى القرن السادس عشرء يعد انتهاء المطاردة الكيرى. فى إنجلترا 
ذات الحكومة القوية» فى سنوات المطاردة الكبيرة ذاتهاء كانت الأدلة الموثقة حول 
انتشار بقايا المجذومين غير مؤكدة من خلال استخراج عظام المجذومين!؛'). و ما 
يتوقعه المرء إذا كان الجذام كموقف موجود فى عقول المدعين أكثر من اعتباره مرضًا 
تسببه البكتيريا. 

شىء آخر غير طبيعى: أنه حتى انتهاء المطاردة الكبرى. لا حفارى القبور ولا 
النحاتين» ولا طابعى المخطوطات وحتى الرؤساء الآخرين لفن التصويرء لم يصورو! 
المجذومين بالأنوف المقطوعة, والأيادى كالحوافر والصفات الجسمانية الأخرى للنوع 
العقدى لمرض هانسن الذى بدا أوربيو القرن العشرين معرضين له. هذه الثغرة الفنية 


1/6 


وضحت بطريقة دقيقة فى مدينة شارتر- حيث كان هناك معزل كبير - جراند بيلى دى 
- شارتر يقع على مسافة بضعة كيلو مترات خارج مدينة الكاتدرائية» ومن المحتمل أنه 
يتبعهاء حيث كان زيائنه من الكهنة المحليين؛ ورجال الإدارة والشاكين الآخرين الذين 
اعتبروا مجذومين. فى مركز المدينة» كانت هناك كاتدرائية نوتردام الكبيرة على الطراز 
القوطى وقد اكتمل جناحها الشمالى: وسقيقة الياب الضخمة المنحوبة (أنشئت بعد 
عام ١٠؟١)‏ والجناح الجنويى مع سقيفة الباب (أنشئ بعد عام 14؟؟١)‏ أهداها لويس 
التاسع غاسل أقدام المجذومين الملكى ومعه أمه. نحت على هذه السقيفة العديد من 
التماثيل تمثل مناظر من العهد القديم والعهد الجديد ومن الحياة اليومية؛ نحتها 
نحاتون قادرون بكل وضوح على تصوير الأشكال الإنسانية بواقعية شديدة. ومع هذاء 
لا يوجد من بين هذين الحشدين الكبيرين من النوع الإنسانى فى القرن الثالث عشر 
أى تمييز للذين يعانون من مرض هانسن, ويمثلون الرحمة المحبوية للمسيح (الذى 
يشفى المجذومين): أو يعانون اللعنة التى فرضها عليهم إله مشمئز. فى الوقت الذى 
نفذت فيه هذه البرامج بمباركة الرعاة الملكيين. قد يتوقع المرء أن عددا من الناس 
يحملون كل ملامح مرض هانسن يعيشون بالقرب من الطريق إلى جراند بيلق دى - 
شارترء ويشعرون بملل يخرجهم عن عقولهم» يرغبون بشدة فى الوقوف أمام النحاتين 
لرسمهم (*"). ومن الناحية الأخرىء لم يكن الموصومون بالجذام (كلعنة) من الناحية 
الجسمانية يشبهون أى شخص أخر محل اهتمام خاص من قبل الفنانين. 

فى اقتصاد يزداد اعتماده على النقود المعدنية, والأصول القابلة للتداول» كانت 
المسألة المهمة فى تحديد الحالة المرضية للشخص فى العصور الوسطى هى ثروة 
الشخص. لهذاء كانت معازل كثيرة للمجذومين مثل جراند بيلو دى - شارتر لديها عدد 
قليل من الأماكن للفقراء من المجذومين المعضدين بواسطة الأوقاف الخيرية: كانت 
معظم المعازل تحتاج إلى نزلاء لتجد طريقها (للعمل بالطريقة التى تعمل بها دور 
المسنين فى أوربا الغربية هذه الأيام). وبهذاء أمر الملك جون الدنماركى المعزل الذى 
يدار بطريقة فوضوية فى نشتفد ليقبلوا الذكور فقط من المجذومين المولودين محليا 


177 


ويدفعوا رسوم الدخول. يبدو أنه فى الماضى القريب كان العديد من الداخلين [ لهذه 
بدون مقابل. فى مثال قريب؛ كتبت قواعد فى عام ١744‏ لمستشفى القديس جوليان 
للمجذومين بالقرب من سان ألبان تأمر النزلاء بترك ثلثى ما يمتلكونه للمستشفى عند 
وفاتهم؛ فيما يمكنهم توجيه الباقى إلى أفراد العائلة. كان الاستشفاء هنا امتيارًا 
للأحسن حال100), 

أحيانا؛ المجذومون ذو الثروة المنقولةء كانوا يعتبرون سلعة. وقد ذكر فرانسوا 
حول أى منهم له الحق فى وضع بعض المجذومين فى المستشفى. كسب الجولة الأولى 
مجلس المدينة : الضحية قبض عليه وألقى به فى المعزل. رفع رئيس الأبرشية عندئذ 
القضية أمام المحكمة الملكية التى حكمت لصالحه. بعد تطبيق الحكم صنع تمثال 
بالحجم الطبيعى للمجذوم الذى مات خلال فترة نظر القضية(""). 

بالأخذ فى الاعتبار دور الجذام فى انتقال الأرض والوظائف وحقائب الذهب أو 
الأشياء الأخرى من الممتلكات. يجب أن يوضع فى الاعتيار أنه خلال المطاردة الكبيرة 
أدير كل إقليم بواسطة قوانينه وتقاليده غير المكتوبة. على مستوى القارة كتابة وسن 
القوانين أخذت فى الحسبان المعايير غير الدقيقة للقانون الإقليمى فقط فى القرن 
السادس عشر!"). فى بعض التقاليد (كما فى تلك التى أدخلت إلى انجلترا بواسطة 
الملوك النورمان) فقد المجذومون المتهمون الحق فى توريث الثروة. وبوضع أنفسهم على 
أرضية من العادات المحلية, يمكننا تخيل ورثة محتملين حسنوا من فرصهم فى الحياة 
عن طريق اتهام الأخ الأكبر أى ابن العم غير المرغوب فيه بالجذام» فيلفقون لهم محاكمة 
مع قاض متواطئ فيختفى من الوجود. وفى أواخر تلك الفترة» ذكّر جاى دى - 
شولياك فى [كتابه - ت] "الجراحة الكبيرة" الأطباء بأن على المُحكمين التأكد من وجود 
العلامات الطبية الموثوق بها التى قدمناها لأن "الضرر يكون كبيرا إذا أخضعنا للعرل 


من لا يجب أن يعزل 110). 


178 


مدركين لخطورة الدلائل غير المؤكدة؛ يمكن ذكر أمثلة لاتهامات متأثرة بدوافع 
سياسية بالجذام ترجع إلى المطاردة الكبرى من جنوب إنجلترا. واحدة حصلت فى 
وينشستر إبان حكم الملك إدوارد الثانى (اغتيل عام .)١5717‏ عندما بدأ جمع الأموال 
من أجل الحملة على سكوتلاندا؛ أمر التاج بطرد المجذومين من وينشستر. وأخذ 
شرنف اللذينة :هذا كخم رسال العنوة اسان يتك بع :تقل إلى :سول أذ ثان 
الظن أنه استخدم مركزه لزيادة نفوذه ومضايقة الشريف. اعتقل الشريف بيتر, 
الذى طالب بالحق بمحاكمة عادلة؛ وهى ما أمن عليه إعلان قضائى من المحكمة 
العليا. قدت الحاكمة فى حيتها وبعد النظر والتحقيق أمام مجلسنا بواسطة 
المجلس وبواسطة الخبراء الطبيين فى المعلومات حول هذا المرض” وجد بيتر سليما 
ونظيفاء وليس مصابا فى أى جزء من جسم وأصبح حرا فى أن يعيش فى أى 
مكان يختاره (:"), 

وفى الأسفل قليلا فى ترتيب السلم الاجتماعى؛ جاء فعل آخر للقانون من قرية 
برنتود فى اسكس ويعود إلى عام ١558.‏ هناء اتهم الجيران جوهانا نيتنجل 
باستمرار الاختلاط معهم رغم إصابتها 'بالعامل المعدى للجذام . قدمت نيتنجل وهى 
قلقة إعلانا قضائيا أمام المجلس القضائى للمحكمة العليا. فى وقت قصير استدعت 
المحكمة الأطباء إلى مكان نظر القضية: فأخذوا يتلون بدقة قائمة 'بأربعين أو أكشش من 
العلامات المميزة لأنواع الجذام' ورتبوها فى دليل مختصر (صنف جى. دى. شولياك 
1 فقط). ثم أعلن الأطباء أن نيتنجل “خالية تماما من المرض وليست مصابة" ,)"١(‏ 
ولولا أن هذا كلف نيتنجل نفقات كثيرة فى رسوم قانونية لربما انتهت الأشياء 
بطريقة مختلفة. مع الأخذ فى الاعتبار تاريخ الحادثة (ستينيات القرن الخامس 
عشر). كان محتملا أن يقاضيها المدعون بأعمال السحر (خيال المستقيل) أو بالجذام 
(خيال الماضى). 

تقبل معظم المؤرخين أن الجذام أمكن وضعه تحت المراقبة بحوالى عام ١66٠‏ 
ليها لتيل قوكرة الكبير 3 القرقة :والقوة تعس هذا “الاحتداء القريت كان 


179 


"النتيجة التلقائية للعزل7””). على كل حالء الدراسات التى كتبها شارلز كريجتون 
وجوناثان هيتشنسون بنهاية القرن» كملت الآن بواسطة دراسات حديثة؛ جعلت من 
الممكن تاكيد أنه, خلافا لفوكوه؛ لم تكن هناك أبدا نظرة دائمة؛ بعيدا عن كل مجذومى 
أوربا (العزل الكبير)!”"). هذا يمكن توضيحه بعدة طرق بدءا بفهم أنه فى العصور 
الوسطى الحقيقية كان الإيداع فى المعازل يعتمد على التصرفات الحسنة. على سبيل 
المثال» طبقا لقواعد سان لازار فى أندليز عام ١8؟1‏ ؛ كان الرجل المعزول والذى كان 
عنده اتصال جسدى بزوجته يطرد لسنة ويوء|*"). وعملا فى اتجاه نفس النهاية؛ تأمر 
قواعد القديس جوليان بالقرب من سان البانز عام ١544‏ بعدم السماح بزواج 
المجذومين إلا إذا أصبحت زوجاتهم الشرعيات اللاتى تزوجوهن إما راهبة (تعزل 
وتحلف على الطهارة) أو يتعهدن بالالتزام بالعفة مدى الحياة. كذلك فى سان جوليان: 
كان المرضى الذين يتذمرون فى الطريق المؤدى إلى المستشفى أو يدخل فى أى شكل 
من الربا (أعمال فظيعة ومكروهة من قبل الله طبقا لنموذج الرهبنة المصرى) ريما 
يطردون نهائيا(؟"). 

فى فرنساء ريما يكون الدخول إلى معزل للمجذومين عملاً مقصودًا. كان هذا 
الوضع فى المرتفعات الجنوبية وحول مونتالى. حيث جعلت محاكم التفتيش المثقفين 
يتقبلون أن الجذام مرض خاص. كان الشائع هنا التمسك بأن المحليين يمكن أن 
يختفوا بسببء إما أنهم كانوا مدينين [مطلوب منهم - ت]؛ أو لأنهم هراطقة كاسار 
(يعيشون فى رعب من محاكم التفتيش). أو لأنهم كانوا مجذومين. فى الحالة الأخيرة؛ 
ربما قد ينضمون فى البداية إلى المصابين بالقوياء أو الجرب!*). أى نار القديس 
أنطونيوس (مصر الحديثة مرة أخرى) فى حمامات الكبريت فى اكس-لا ثرمس. وإذا 


(») الجرب مرض معد يسببه نوع من المفصليات (من رتبة العنكبوتيات) صغيرة الحجم من نوع 581600165 
م5010 تحفر تحت طيقة الجلد بين أصابع الأيدى وتحت الإبط ويين الفخذين ويسبب حكة شديدة بالجلد. 
والقوياء مرض فطرى. 


0ظ10 


سافرون أو باميرزل"). 


حتى فى المناطق التى بها الكثير من معازل الجذام الموقوفة, لا يمكن للمجذومين 
المعوزين مطلقا توقع أن يجدوا مكانا مؤسسيا. المجذومون الذين لا يمتلكون أى شىء 
ليقدموه ما عدا (المردود الروحى) منظر أجسامهم؛ ريما يضطرون إلى طلب الإحسان 
أمام الكنائس وعلى الكبارى أو فى الأسواق. بعض المدن تعتبرهم إزعاجا غير لائق 
للراحة؛ مع أنه فى ولايات أخرى استمرت معايير النظام القديم. بنهاية القرن السادس 
عشرء ميز أمير الهايسبورج ذو القلب الكبيرء الإمبراطور شارلز الخامسء بدقة بين 
الشحاذين العاديين؛ الممنوعين من الأماكن العامة, ويين أخوية الرهبان الشحاذين 
والمجذومين (المفضلين وفقراء المسيح) الذين يسمح لهم بتذكير المسيحيين بالتزاماتهم 
بالإحسان تجاه أناس أقل حظا منهه("). 

تظهر الدراسات الأثرية القديمة للجذام أنه فى كل الولايات بين إيطاليا 
وسكوتلاندا. وضعت مراسيم ملكية ودوقية وبلدية تهدد الشحاذين المجذومين بعقاب 
شديدء وقد ظهر أن التكرار المستمر فى المنع بواسطة نفس السلطاتء يوضح أن تلك 
المراسيم لم تطبق بالقوة الكافية. والذى لم يُلتفت إليه فى الغالب هى أن مراسيم 
المجذومين كانت تفترض أن الشحاذين المصابين بالجذام يسمح لهم بدخول المدينة 
خلال الأسابيع المقدسة والاحتفالات الدينية الكبيرة الأخرى. نفس المواقف سمحت 
بحركة الحجاج المجذومين إلى المزارات الشافية؛ ويعد نهاية القرن الثاني عشر كان 
مزار القديس توماس بكاتدرائية كنتريرى بالذات مكانا مفضلا للمجذومين 
الفرنسيين. هذه المراسيم الحكومية التى تسمح [بحركة المجذومين - ت] تُظهر بوضوح 
أن الجذام اعتبر كحالة أخلاقية أكثر منه تهديدا للصحة العامة, مثل هذا التصور 


أصبح الآن مفهوما"), 


161 


عرف القليل حول ترتيبات المعيشة فى القرن الثانى والثالث عشر لمعازل الجذام. 
بعض المشافى كانت صغيرة وتحتوى على أقل من نصف دستة من المجذومين. بعض 
المعاؤل الكبيرة تمتوى على عشرين أ اكثومن التؤلاء يحضو عدد كنيز من القبنة 
والمساعدين من رجال الدين. بعض حالات القضايا من معزل فى غرب سومرتون 
بالقرب من يارموث تقدم لنا بعض الأفكار عن الطريقة التى تدار يها فعليا مؤفسسة 
فى تسعينيات القرن الثالث عشر؛ باستخدام الإجراءات القانونية التى يعود تاريخها 
لعدة عقود بعد تأسيس المعزل » وجد مؤرخ أنه بالرغم أن غرب سومرتون كانت تتسع 
لقوق هقد حتسذوناءكنافية فقظ عا شيو آفتاكة زننا عبن شتروط الول رقيل 
السماح للمجذومين بالدخولء كان عليهم أن يتعهدوا بأنهم: 

لن يغادروا المستشفى: ولن يطالعوا الجدران أى يتسلقوا 
الأاشجار للتحدث مع أصدقائهم, أو يشكون بأية حال من 
أحوالهم, سواء بحق أو بغير حق والتى بموجبها يمكن أن يقدم 
أى توسل أو شكوى ضد رئيس الدير أو مساعديه (1), 

ولإحافة أصدقاء المجذومن ؛ كان رئيس الدين يحتقظ يكلب حزاسة أماء البواية: 
ويعرضه أمام محكمة عدلية بالإضافة إلى هذه التهمة» اتهم رئيس الدير بالإبقاء على 
سكن معيشة شخصى فى مصحة الجذامء تتكون من صالة وغرفة نوم ومصلى خاص 
وغرفة استقبال والتى كان يعقد فيها مرارا حفلات كبيرة من أجل: 

رؤساء الشمامسة والمسئولين ونائب المطران والشماسين والمأمورين القضائيين 
للملك ومساعديهم ورجال ونساء مختلفين آخرين يأتون كل يوم ويسهرون حتى الليل, 
ويبددون ويدمرون أمتعة المجذومين!:"). 

هذه القضية تبعتها قضية أخرىء وهذه المرة اتهم رئيس الدير بصفته مدعيا 


كاهنا فى (ماتفورد) المجاورة بتحالفه مع النزلاء لمساعدتهم على استرداد أمتعتهم؛ 


12 


ومن الواضح أن معزل الجذام هذا لم يعد نموذجا نشطا لمؤسسة خيرية مسيحية. ومع 
ذلك: تهون مشكلات غرب سومرتون إذا قورنت بالمشكلات التى واجهها المجذومون 
عام ١77١‏ فى فرنسا. 

ربما يمكن فهم الأحداث الرهيبة عام ١؟؟١‏ على أنها حصيلة اقتران أفكار 
مجردة: الموقف من الجذام والموقف من اليهود بصفتهم أجانب والمقاتل الصليبى 
المثالى والتهديد الإسلامى الظاهر فى الأفق. ويتفسيرها بواسطة رئيس دولة مركزية 
يعانى من مرض منهك, ققد ترجمت هذه الأمور بعد ذلك إلى إجراء إدارى!'2, 

كان الملك فيليب الخامسء يقع فى مركز المؤامرة (11717١-7575؟1١).‏ كحفيد ملك 
صليبى فاشل هو القديس لويس التاسع. كان فيليب مكلفا يمهمة قيادة الجحافل 
المسيحية لاسترداد الأراضى المقدسة فى فلسطين. وياستخدام الشائعات التى تقول 
بأن المسلمين( الذين يحتلون آنذاك أراضى الشرق- إذ سقطت عكا فى عام )١591١‏ 
يخططون لجعل العالم الممسيحى كله تحت سيطرته: أقنع الملك البابا البخيل (يوحنا 
الثانى والعشرين) بمنح إيراد ضريبة عشور خاصة لإرسال حملة عسكرية فرنسية إلى 
الشرق الأوسط. ومع ذلك فقد كان الهم الملكى المباشر» هى القلاقل بتأثير الإنجليز فى 
جاسكونى إلى الجنوب وفى الفلاندرز [بلجيكا - ت] فى الشمال. ومن أجل العمل 
بشدة فى هذه المناطق؛ عرف الملك فيليب أنه بحاجة إلى تشديد القبضة الملكية على 
الإقطاعيات والموظفين داخل أراضى مملكته. 

وما كانت لا توجد ترتيبات مالية دائمة مع دافعى الضرائب فى المناطق المحلية 
( وربما لم تكن موجودة حتى بعد ثورة :)١19789‏ اتبع فيليب ممارسة معتادة فى الدعوة 
لجمعية خاصة لمقابلته فى بواتييه ( التى تبعد ثلاث مائة كيلومترا جنوب غرب باريس) 
فى يونيو ١77١‏ . وتوقع الناس الملمون ببواطن الأمور أن تكون الجلسة عاصفة. وقد 
وعد الملك فيليب بالخروج فى حملة صليبية ويالمال المطلوب . ولكن مرضه الشديد عجل 
باستخلاف ابنه ووريثه الوحيد. 


163 


غزت جماعات متمردة من النورمانديين الشبان الجزيرة الفرنسية قبل تحركها 
إلى وادى جارون. وفى طريقهم كانوا يذبحون بشكل منتظم أتباع المسيح الذين 
ينتمون لنفس المجموعة العرقية. أما اليهود الذين نجوا فانتايهم الرعب مما سيأتى 
فيما بعد؛ فقد سمح لهم حديثا فقط بالدخول إلى فرنسا بعد طردهم عام ١١١1,‏ 
ويتذكر الطريقة التى تعامل بها أبو الملك مع النظام الصليبى الغنى (فرسان الهيكل) 
فى عام ١١١4‏ (افتعال تهم ضد الفحش الجنسى والمحاكمات الوهمية والإعدام 
والمصادرة) حاول قادة اليهود الفوز بحماية الملك فيليب ؛ وتم إيجاد ترتيبات مالية فى 
مايى .١117١‏ لكن لسوء الحظء لم ينقذهم هذا عندما كان يجرى قتل المجذومين. 

فى الأسبوع السابق على الجمعة الحزينة» بعث حكام القلعة والأساقفة داخل 
وحول بامير( بالقرب من البرانس) تقارير إلى فيليب الخامس فى بواتديه أن مكيدة قد 
اكتشفت توا تتضمن مئات المجذومين. ويتمسك هذا التخيل بأن رؤوس مرضى الجذام 
بالجذام. ويمكن أن يتم ذلك عن طريق تسميم الآبار بخليط من أجزاء السحالى ويراز 
بشرى. وبمجرد أن يصيح كل واحد فى فرنسا مصايا بالجذام. سيكون مدير الخطة 

وللتعامل مع هذه المؤامرة الشريرة. دعا [ الملك فيليب ] كبار الكهنة للاجتماع 
بهة. ضم الاستشاريين والمحققين الدومنيكان وخبراء صيد الزنادقة وأسقف باميرز 
جاك فورنيرء ومن ستسمع عنهم الكثير فيما بعد. ولما كان الموقف يتطلب اتخاذ إجراء 
عاجل؛ فقد تقرر تعذيب المجذومين المشتبه فيهم. وياستخدام أساليب تحقيق لا تخطئ 
لا يستطيع أن يقاومها إلا الموتى» علمت السلطات أن المجتمع اليهودى كان الممول 
الرئيسى للمجذومين وكان ذلك التمويل الخارجى يأتى من سلطان يابل المسلم 


154 


وأا كانت دوافع فيليب الخامس فقد تصرف كما لو كان قد قبل حقيقة المؤامرة. 
وبالحاجة إليه كملك ومحارب صليبى لاتخاذ إجراء. فى مرسوم صدر فى بواتييه فى 
الحادى والعشرين من يونيى عام ,175١‏ اتهم المصابين بالجذام بالعيب فى الذات 
الملكية وأمر بأن يحاكموا جميعا من أجل حياتهم؛ وكل من وجد منهم مذنيا يعدم حرقا 
وتصادر السلطة الملكية أملاكه. وفى الثامن عشر من أغسطس تبع الملك قيليب ذلك 
بمرسوم يقضى بتنظيف الأراضى بالكامل من "عفن" المجذومين كريهى الرائحة"(”*). 
وياقتناعهم بأنه يعنى ما قاله. هرب المئات من المشتبه بإصابتهم بالجذام إلى الجبال 
نحو أراجون ٠‏ ليجدوا أن الملك هناك(جوم الثانى) يعتقد أيضا بحقيقة المؤامرة وقد أمر 
بالقبض على الهاربين الفارين إلى مملكته0”"). 

فسر المسئولون فى كافة أنحاء فرنسا المراسيم الملكية لفيليب الخامس على أنها 
تصريح بالقتل. وعلى الرغم من ندرة الأدلة فإنه من المعروف فى العديد من المدن 
الجنوبية أن المحاكمات انتهت بمذابح والإعدام حرقا للنساء المصابات بالجذام على 
الخوازيق بينما يحتضن أطفالهن إلى صدورهن. وفى بعض الأماكن. وجه المسئولون 
اللوم إلى الجماهير المهتاجة؛ ففى ريون» زعم أن المصابين بالجذام كانوا يذيحون "من 
الناس أكثر من ذيحهم بواسطة القضاء المدنى". وفى أماكن أخرى كان دور المسئولين 
أكثر وضوحا؛ ففى قلعة إسكاردء سجن آمر القلعة ثلاثة عشر مصابا بالجذام وقام 
بتعذيبهم طوال ستة عشر أسبوعا قبل تسليم خمسة منهم إلى أحد الرعاع. وفى 
مقاطعة أرتوا أخذ ضابط يعمل لدى الكونت مصايًا بالجذام من معزل بدورييه وأحاله 
إلى المحكمة ويعد ذلك حرقه حيا. وبالقرب من المدن الفلمتكية: ألقى المسئولون 
المصابين بالجذام فى السجون بينما كان الرعاع يحيطون بالسجن من الخارج. حدث 
عنف أيضا ضد المجذومين فى لوزان» من الشرق لفرنسا . وفى الجنوب» فى مملكة 
أراجون » أجريت تحقيقات محلية لتعذيب المجذومين وقتل من اعترفوا بتدبير 
المكائد؛ ومن المعروف أن دعاوى قضائية قد حدثت فى هيوسكا وتارازونا وإيجيا ومون 
بلان وبرشلونة(؛*). 


م1 


وفى فرنسا ذاتهاء لم يكن المجذومون هم الضحايا الوحيدين للارهاب؛ فقد تم 
أيضا قتل اليهود: غير الملتزمين بالأعراف الاجتماعية الذين قرنتهم السلطة الكنسية 
بالمجذومين سنة 6١ء‏ وفى حادث سيئ السمعة على وجه الخصوصء, تم إحراق 
٠‏ يهوديا فى حفرة كبيرة فى قلعة شينون فى قضاء تور. ويعد اثنى عشر شهرا 
أمر البابا يوحنا الثانى والعشرون بإبعاد اليهود من الأراضى الباباوية حول آفنيون . 
وفى فرنسا كلها ,أمر بإجراء تطهير عرقى فى عام ,١777‏ عندما طرد خليفة الملك 
تعامل بالفعل مع المجذومين. 
بحصر جميع المجذومين بشكل دائم فى معزل الجذام؛ المجذومون المحليون كان يتم 
إعاشتهم على نفقة الأبراشية. هذا المطلب المالى غير المسبوق فى تاريخ فرنساء برهن 
لأسباب مالية غير قابلة للتنفيذ بشكل واضح. 
أثناء المذابح التى حدثت بالفعل؛ أثر الموقف من الجذام بشكل مباشر على 

ضمائر الناس العاديين فى مدن فرنساء ويأتى اشتعال النيران فى المرتفعات الجنوبية 
مثالا. وكما روى بواسطة لو روى لاديورء عندما استجويه محقق من صائدى هراطقة 
كاسار ؛ اعترف رجل مشوش البال فى منتصف العمرء أرتود دى فرنيول»ء بتجارب 
جنسية عندما كان طالبا فى تولوز عام ١؟7١:‏ 

فى الوقت الذى كانوا يحرقون فيه المجنومين, فعلتها أحد الأيام 

مع عاهرة. ويعد أن ارتكيت هذا الإثم بدأ وجهى يتورم. كنت 

خائفا واعتقدت أننى أصبت بالجذام؛ ويناء عليه أقسمت ألا أنام 

مع امرأة مرة أخرى فى المستقبل؛ ولكى أحافظ على هذا القسم 

بدأت فى التحرش بالأطفال الصغار (**), 


156 


ويعد سنوات من وفاة شارل الرابع؛ رقى جاك فورنير أسقف باميرزء الكاهن الذى 
أدت جهوده الحماسية إلى استئصال المجذومين عام ,١1771١‏ إلى عرش القديس بطرس 
بوصفه البابا بندكت الثانى عشر. ويقلقه على مصير روحه عام ١75١‏ صرح البابا 
آنذاك بأن المجذومين الذين تم ذبحهم عام 175١‏ كانوا أبرياء وأن مكيدة الجذام قد 
لفقت من قبل بيروقراطيين مدبرين للمكائد. 


وفى تحرك مهم ذى صلة؛ وكجزء من برنامجه الشامل الإصلاحى؛ فإن فورنير 
بصفته حبرا أعظم أثبت أن الله يحاكم جميع الأرواح فردا فردا بمجرد رحيلها من 
الجسدء ويذلك غير الفكرة التوراتية القديمة (سفر الرؤيا ) بأن الحساب سوف يؤخر 
حتى نهاية العاله"*). نشأ النظام الجديد للدخول الفورى فى السماء أو فى المطهر فى 
سنة 1777- منتصف الطريق إلى الجحيم أو السماء - فشحذ اهتمام الناجين بقوة 
على مصير أمواتهم الجدد. اعتيادهم الطويل على تلاوة الصلوات على أفراد سلالة 
طويلة من الموتى الذين لم يقابلوهم من قبل: جعل الناس ترحب يحماس بالقتوى 
الجديدة التى ترى أن “الأفعال الخيرة' سوف تحرر الزوجة المحبوية والطفل أو زميل 
الإخوة من بؤس المطهر وترسلهم إلى السماء مباشرة. 

فى الجانب المؤفسسى, شجعت القتوى الجديدة لبندكت الثانى عشر الواهبين 
الأثزياء على إنشاء كنائس موقوفة ومذابح يستطيع الكهنة أمامها تلاوة صلوات 
القداس من أجل راحة الأموات الجدد(”*). ومن بين الأعمال التى أوجدها كان ترتيب 
عقد لكاهن وقفى لتلاوة مجموعات من ثلاثين قداسًا لشخص معين. وكان الآخر تعيين 
كاهن يخدم جمعية أخوية غير دينية من النوع الذى ينظم فى المدن الفرنسية والإيطالية 
الملتقدمة لضمان حضور الأعضاء مراسم دفن الميت فى الجنازة بشكل مناسب», 
وليساعدوا بالصلاة أرواحهم فى المطهر. كما كان ابتكار القدرة على المغفرة, التى 
تستثنى الروح من خدمة قدر معين من الزمن فى المطهر تجديدا آخر. كما أنه القدرة 
على المغفرة التى أعطيت للكهنة فى مقابل تقدمات بإرادة حرة للكنيسة العالمية» منحت 


157 


الكهنة الذين يعملون لنصف الوقت طريقة لزيادة دخولهم. وبالإجمال شكلت كنائس 
الأوقاف والغفران وما شابه ذلك تأثيرًا واضحا على الموقف من الجذام. 

منذ حوالى عام »١1>70‏ بدأ ما يقابل خبراء تسويق الكنيسة يلاحظون أن اهتمام ' 
المتبرعين فى تمويل معازل جذام جديدة بدأ يتناقص. وفى وجود معدلات قياسية لتآكل 
معازل المجذومين- والغلق بعد جيلين إلى ثلاثة أجيال - فإن أى تباطؤ فى إيجاد 
مؤسسات جديدة كان يعنى خسارة فادحة للأماكن المحتملة للكهنة. ولحسن حظهم, 
كان هذا التناقص جيدا من خلال الطلب المتزايد على الكهنة الذى أوجده المنشور 
البابوى لفورتير (المحاسبة الفورية للميت). 

جاء الزخم الآخر على إعادة التفكير فى "الجذام” عن طريق الموت الأسود؛ من 
خلال موت رجال دين عديدين فى بضعة أشهرء أجبر وياء الطاعون كنيسة فى وضع 
صعب على استبدالهم بمساعدى كهنة شبه متعلمين. وبرز من أزمة التوظيف هذه 
اطمئتان المرضى بأن المتبرعين الأثرياء لا يزالون يعتبرون الكهنة مناسبين للاحتياجات 
المجتمعية المتغيرة. شجع ذلك الكنيسة على تحديث نمطية أعداء الله الذين يعظ الكهنة 
ضدهم. استخدموا أنواعا نمطية جديدة جعلت النمط القديم من الموقف من المجذومين 
باطلاء مثل السحرة والهراطقة واليهود. تلا هذا التغير فى الهدف, ففى العقود التى 
تلت عام ١1710‏ قامت السلطات بجهود أقل فأقل لعدم تشجيع الأطباء للعمل كمحلفين 
فى محاكمات الجذاء(”"). وكما لاحظنا من قبل» فقد طبع فى البداية جاى دى شولياك 
الذى كان ذات مرة الطبيب البابوى قائمته عن العلامات المؤكدة للجذام الحقيقى 
فى عام 1١7‏ وياستخدامهاء استطاع الأطياء الإنسانيون وفعلوا بشكل ظاهرء 
منع الاتهامات الزائفة للجذام من التسبب فى التخلص من الأشخاص الأبرياء فى 
المجتمع المدنى. 

وفى كتابة تقريره عن الجذام فى العصور الوسطى عام 184١‏ ؛ افترض شارل 
كريجتون أن الفزع والاندفاع فى إنشاء معازل الجذام كان مجرد نتيجة لمعلومات 
خاطئة. فالمحلفون فى العصور الوسطى قد أخطاوا فشخصوا الجذام فى مجموعة 


155 


كاملة من أنواع الأمراض تتضمن؛ مرض ياوز7*! والبلاجرا!**) و" تورم وسرطان 
الوجه, من القرح الخنزيرية أى من طفح جلدى مهمل أكثر اشمئزارًا للعين من خطورته 
الذاتية.. ومن ذلك يستنتج أن: 

فى إنجلترا العصور الوسطىء؛ كان وجود مصاب الجذام فى 

القرية عاديا مثل وجود أحمق القرية بينما فى المدن أو 

الضواحى الكبيرة... فمن الصعب أن نجد مجذومين حقيقيين 

يواكبون كثرة عدد الرهبان أنفسهم؛ الذين يفترض أنهم وجدوا 

جزما كبيرا من عملهم فى تقديم العون إلى المحتاجين!01, 

فالحياة كما نمارسها فى نهاية القرن العشرين حيث لا يزال التطهير العرقى 

يجرى فى أوربا باسم الدين والعلاقة القريبة من العلمانية والقومية» ربما نكون أكثر 
حكمة عما كان كريجتونء فيما يتعلق بالطرق التى تظهر بها صفوة غير منضبطة, 
أنشأت صورة نمطية (الموقف من الجذام). بعد ذلك قرنتها بالمنحرفين» وتركتهم تحت 
عناية تجربة معزل الجذام والتى بالصدفة تركت بعض بقايا الهياكل(:*). 


الجدام والإمبراطورية 


ظل ريط العصور الوسطى بين المعانى السوداء الخقية والجذام يعد حملات 
التنوير ضد أعداء العقل!'*). وظهر على السطح مرة أخرى فى منتصف القرن التاسع 


(*) مرض ياوز : 015968856 0/5ا3لامرض معد يشبه مرض السيلان 0115ام/ا5 ينتشر فى المنذاطق 


الاستوائية يسببه نوع غير معروف من الكائنات الدقيقة تعرف باسم 510018165 


(*») البلاجرا 6/39,8. مرض يسيبه نقص فيتامين ب المركب. يتميز بمجموعة من الاعراض تشمل؛ 
التهاب اللسان, التهاب الجلد؛ التهاب الاعصاب الطرفية مع تغيرات فى الحبل الشوكى. 


1_9 


عشر. وفى ذلك العصر من النمى السكانى السريع فى أورباء ومن الهجرة يأعداد 
كبيرة إلى الأمريكتين والسعى المتواصل للبحث عن فرص الاستثمار بواسطة 
الرأسماليين من مدينة لندن وأمستردام وباريس ونيويورك. حدث التجديد الأول 
للاهتمام بوصمة الجذام فى هاواى""). 

تقع جزر هاواى فى منتصف المسافة ما بين سان فرانسيسكو وأسترالياء وقد 
استوطنتها الشعوب البولينيزية قبل حوالى ١6٠١‏ سنة من إعادة اكتشافها من قبل 
ربان السفينة الإنجليرّى جيمس كوك. ومنذ تلك اللحظة فى عام /ا//7١:‏ بدأت 
الأمراض التناسلية التى أدخلها البيض تؤثر على القدرات الإنجابية لنساء هاواى. 
كانت القوة الدافعة الإضافية للتناقص العددى فى هاواى هى أمراض الحصبة 
والسعال الديكى والأنفلونزا والجدرى. بحلول عام ١18517‏ كان تعداد السكان يقدر ما 
بين 7570.٠.‏ إلى 0٠٠٠‏ وفى عام ١7/71‏ انخفض العدد إلى 15075154). فى 
مؤلفه حول جزر هاواى: تقدمها وأحوالها فى ظل الجماعات التبشيرية(18114١)؛‏ يعتقد 
الأب روفوس أندرسون أن هذا الهبوط ظاهرة طبيعية؛ أشبه ما تكون "ببتر أعضاء 
الجسم المصابة"(؛"), 

بعد وصولهم الأول إلى هاواىء سجلت الإرساليات التبشيرية الأمريكية التى 
أوجدتها النهضة الكبيرة بحرصء تحول مستعمرة البيض البالغة الصغر إلى مستعمرة 
متعاظمة. ومع اكتشاف الذهب فى كاليفورنيا عام ١844‏ وظهور موجة عارمة من 
التجارة مع الصين»أصبحت هاواى فجأة محطة الإمداد للباسيفيكى. وللوفاء بهذا 
المطلب؛ أدخل ملتزمون من هاولى (البر الأصلى) تربية الماشية ومحاصيل مثل قصب 
السكر والفاكهة الاستوائية, لكنهم لم يجدوا رجالاً كافيين من هاواى لتوفير احتياجات 
العمالة الزراعية. جِرَء من المشكلة هو أن أهل البلاد الأصليين كانوا غالبا مرضى, 
ووفقا لتقرير الدكتور وليام هيلبراند من مستشفى كوينز بهونولولى, كانوا بطيئين فى 
قبول ' العمل الرزين البسيط للطريقة العلمية لعلاج المرض7**). وكانت عادتهم إبلاغ 
طبيب المستعمرة عندما لا يشعرون بتحسن ويطلبون وقتا للراحة - المطلب الذى كان 


10 


إجراء يرفض بصورة اعتيادية. وفى وقت متأخر من اليوم يعثر عليهم موتى فى 
الحقول . ولإصلاح العجز فى نقص العمالة؛ استقدمت أيد عاملة أجنبية» اشتملت فى 
البداية على قليل من النرويجيين الذين ربما عانوا من المرض. الذى قد يجده أرمور 
هانسن بين مواطنيه. وبعد عام :١1860١‏ كان الشبان المهاجرون الطموحون من هونج 
كونج والصين الأعضاء الجدد الرئيسيين للخدمة فى هاواى؛ وعندما أوقف التشريع 
هذا المصدر بدأ العمال يقدون من الفليبين('"). 


فى فترة ما بعد عام /الا/0١,‏ عندما أصبح غير واضح أن الجذام قد دخل إلى 
هاواى» (قبل سنوات قليلة قبل أن يصبح رئيس تحرير لدورية الطب الاستوائى ذات 
المكانة) يكتب جيمس كانتلى عالم الجذام فى عام /1451 مستشهدا ببعض المذكرات 
التى كتبها بعد عام 1877 الأب سى. أس. ستيوارت من مجلس الإرساليات التبشيرية 
الأمريكى. وهذه ذكرت “العلامة المتكررة والبشعة للآفة, والتى أكثر وضوحا عن أية 
إشهارات أخرى للعنة الله بسبب الطهارة ... والتى ... تدفع بمئات من الناس سنويا 
إلى المقاير". وأضاف ستيوارت قائلا إن معظم أهالى هاواى كانوا: 
مشوهى الخلقة بسبب الطفع والدمامل؛ والعديد منهم قبيحى 
المنظر بسبب الجذام. حالات الرمد وداء الخنازير وداء القيل من 
الحالات الشائعة7, 
سواء اعتبر ستيوارت بعض "القبور المتجولة' قبيحة المنظر 'كالمجذومين سواء 
كانوا مجذومين بالفعل أم كان يستخدم لغة مجازية فذلك أمر غير معروف. 
بالاستشهاد بمصدر تبشيرى بعد ذلك» يسجل كانتلى أن رجلا تعلم التعرف على 
الجذام فى مصر ذكر أنه شاهد المجذومين فى هاواى سنة 144٠‏ ريما يكون 
شاهدهم. ومع ذلك فنحن بكل ثقة نفترض أن مزارعى الفاكهة بهاولى سلّموا بأنه من 
السيئ لتجارة التصدير فى هاواى التصريح بوجود الجذام. ويحتمل أن يكون هذا هو 
السبب فى أنه لم يذكر فى المنشورات الموزعة على العامة الصادرة عندما تأسس 


1921 


مجلس الصحة بهاواى سنة ١866٠‏ (ومع ذلك فقد صرحت النشرات بالكوليرا)(4"). 
ويعد ذلك سنة 1877: ويتحد للنفوذ الكائن, فى النهاية أبلغ الدكتور هيلبراند 
السلطات (رغم أنها لم تظهر تماما فى مكان)؛ بأن الجذام قد أصبح وياء بين السكان 
المحليين!''). متناسيا بارتياح وجود مهاجرين من النرويج؛ كانت فرضية الهاولى (على 
الرغم من أنها لم تكن فى محلها) أن الجذام قد دخل عن طريق العمال الصينيين, 
هؤلاء العمال الذين ينفر البيض منهم نفورهم من الأفارقة. 
بعد توجيهات من القيادات فى فاولىء أصدر ملك فاواى الاسمى مرسوما يفصل 
مشدد لمرضى الجذام سنة 1418 وخلال شهور تم فتح معسكرات اعتقال للمدانين 
حاملى المرض. وكانت تقع فى شبه جزيرة شمال ساحل جزيرة مولوكاى المحاطة من 
ثلاث جهات بالبحر ومعزولة عن بقية الجزيرة بجرف صخرى شديد مما جعلها محصنة 
ضد الهروب. وياستخدام أساليب تعبيرية جافة لمسئول إدارة الصحة الأمريكية: 
لاستكمال هذا العزل , فقد اشترط أن يتم الإبلاغ عن الأفراد 
المشتبه فى إصابتهم بالجذام بواسطة أى شخص لديه تلك 
المعلومات إلى مجلس الصحة: والذى بدوره لابد وأن يفحص 
الفرد. ويخول للمشتبه فيه بموجب القانون بأن يجرى الفحص 
عليه عن طريق ثلاثة أطباء... ويجوز أن يختار الفرد أحد هؤلاء 
الأطباء. وهكذا يختار مجلسا طبيا منصفاء ورأى أغلبية هؤلاء 
الأطباء هى الرأى النهائى(١٠).‏ 


أبدا؛ فقد ساد الاعتقاد بأن الجذام مرض لا شفاء منه. وفى غياب الإمدادات 
الصحية والماء النقى؛ أو الحد الأدنى القليل من الطعام: تكون الوفاة السريعة من 
مرض أو آخر بعد الوصول أمرا شائعا. تحسنت الظروف بشكل هامشى بعد 
حضور الكاهن البلجيكى المبشر الكاثوليكى دميان: الذى جاء للعمل بين المجذومين فى 
سنة "/ا/١ا,‏ 


12 


وأصبحت البطولة التبشيرية فى ذلك الوقت مثالاً جيدًا يحتذى به . عندما أصبح 
الأب دميان نفسه مصابا بالجذام؛ ونشرت صحافة العالم قصته. مع عدم الاهتمام 
فعليا بغير المحليين حيث كان العديد من أهالى هاواى الذين اكتشفوا أنهم أو عائلاتهم 
وصموا بالجذام. وعلى الرغم من عدم خبرتهم بالمرض قبل عام //ا7١,‏ الآن كان من 
بيع مق أفمل يفزيمة كابتة التعاليم المسيحية حول المفاقق الشفية الستؤداء واسنتمروا 
يعتبرونه مرضا مثل غيره. واختار الضحايا الذين تركوا وحيدين من قبل السلطة: أن 
يقضوا أعمارهم بطريقة عادية بين أهاليهم. 
فى أواخر ثمانينيات القرن التاسع عشرء هرب القاضى جى. كواى المصاب 
بالجذام وبعض من أصدقائه المصابين أيضا بعيدا عن رقابة مجلس الصحة فى هاولى 
للعيش فى هدوء فى وادى كالالاوالمنعزل فى جزيرة كواىل'''). وقد انضم إليهم 
حوالى عام ١84١‏ صائع سروج وراعى بقر وبطل رماية يدعى كوولاوالذى كان يعانى 
أيضا من المرض. بعد فترة قصيرة انتهى سلام مجتمع القاضى الصغير . كان 
الحكاغ المسعمرو 16 كه «التسيله موك ر انها يكرك يخنيورية هازاى السعظلة: 
مدركين للسمعة السيئة التى سبيها موت الأب دميان» ففكروا أنه من المناسب لتصدير 
تجارتهم تعزيز قوانين العزل المتعلقة بالجذام. وفقا لذلك؛ وفى عام 1495 تم إرسال 
العمدة لويس ستولز إلى جزيرة كواى للإمساك ببطل الرماية كوولاى والمجذومين 
الآخرين؛ لكن كوولاو قتله برصاصة فى الصدر. وفى رد فعلء أعلن سانفورد دول» 
رئيس جمهورية هاواى آنذاك؛ الأحكام العرفية وجهز سفينة حربية» ومدفع هاوتزر 
وقوات عسكرية. ويهبوط الجيش فوق جزيرة كواى تحرك نحو وادى كالالاى 
القبض على .القاضى العجوز جى. كواى (وكان فى ذلك الوقت فى أواخر الستيتيات 
من عمره وطريح الفراش) وأربعة عشر مجذوما آخر. بعد ذلك قتل كوولاو بطل 
الرماية - المجذوم لم تنزع عنه الصفات الإنسانية وفق النمط المسيحى - اثنين من 
الجنود؛ وأطلق جندى ثالث الرصاص على نفسه خطئًا فلقى حتفه. شعر جيش 
الجمهورية بمصائيه الثلاث وأن لديه ما يكفى» فانسحب بعد إطلاق تسعة عشر قذيفة 


3 


هاوتزر باتجاه كوولاو. ظل البطل المجذوم حيا بعد قصف المدافع وعاش فى الوادى 
إلى أن مات هو وابنه المصاب بالجذام سنة 1841 وقد دفنت بنادق كوولاى الشهيرة 
معه فى مقيرته. 
بعد أن ضمت الولايات المتحدة هاواى سنة 1844 (جزء من الخروج من الحرب 
الإسبانية الأمريكية), استمر شعب هاواى يبجل ذكرى كوولاو بطل الرماية ويتحدى 
قوانين هاولى المتعلقة بالجذام. وفى سنة ١404‏ أنشئت إدارة الصحة العامة الأمريكية 
وحدة لأبحاث الجذام بميلغ ٠٠١‏ ألف دولار بالقرب من معسكر الجذام فى مولوكى. 
وبالعمل من خلال النموذج المسيحى بأن أى شخص مصاب بالجذام يفقد كل إدراكه 
المبكر بهويته الاجتماعية ويصبح مجرد مصاب بالجذام؛ افترض مسئولو إدارة 
الصحة الأمريكية أن بإمكانهم إقناع المجذومين فى مولوكى بالتطوع من أجل التجارب 
الحية . ومع ذلك؛ فشل النموذج فى إقناع أهالى هاواى. تسعة فقط من مجموع 
تسعمائة مجذوم فى مولوكى شعروا بدرجة كافية (بالطريقة النمطية) يرغبة للتطوع. 
واغتاظ علماء هاولى وتجمعوا وتوقفوا عن العمل وعادوا إلى وطنهمء تاركين وراء هم 
معدات معملهم غالية الثمن!"١٠),‏ 
هزه المشاعر القلبية الضعيفة - التى لوحظت بصعوية فى صحافة العالم - 

تعارضت مع السياسات المبكرة الرقيقة “الخيرة والأبوية". والتى من أجلها ستظل 
هاواى شهيرة('''). وبالكتابة عن نجاح هاولى من منظور هونج كونج المستعمرة فى 
سئة /ا14881١,‏ ادعى جيمس كانتيل أنه: 

لا يستطيع أحد أن يدرس التقارير الدقيقة والصحيحة التى 

أصدرتها حكومة هاواى ويمتنع عن الترحم بشفقة وكلمة إعجاب» 

حيث لم تبد الدولة الأوربية الأقدم حماسا وحكمة وتضحية 

بالنفس أكثر من هذه الدولة الصغيرة: التى ارتفعت حديثا من 

الحالة المتوحشة... وكانت هذه الكارثة من الفظاعة لدرجة أن 

نفقات مجلس الصحة عن السنة المنتهية فى الحادى والعشرين 


194 


من مارس ,١894‏ كانت 7١17.٠١‏ دولارء وكان الجزء الأكبر 
لبنايات للمجذومين (التى كانت تستوعب فى هذه السنة ؟6١١‏ 
مجذوماء منهم ٠١1١١‏ من أهالى هاواى!؟"). 
واختصاراء وفقا لكانتلى؛ فإن ما تم عمله من قبل حكومة هاواى كان مثالا 
مدهشا لنظام استعمارى حمل بشجاعة عبء الرجل الأبيض. 


بعد أول مؤتمر عالمى للجذام فى برلين عام /1451, صادق أعضاء الوفود ويدعم 
من علماء الجذامء كانتلى وأرموير هانسن على سياسة عزل صارمة للمجذومين فى كل 
مكان فى العالم غير الغربى!'''). خلال السنوات القليلة التالية تم إدخال ضوابط حجز 
المجذومين فى الفليبين الواقعة تحت الحكم الأمريكى» وفى الملايو وسنغافورة الواقعة 
تحت الحكم البريطانى وفى جنوب غرب أفريقيا الالمانية (حاليا ناميبيا)» وفى مستعمرة 
الكاب (بعد سنة ١55١‏ اندمجت فى اتحاد جنوب أفريقيا). وحاولت بتسوانا المجاورة 
(ليسوتو حاليا) بالتالى فرض العزل الإجبارى فى عام :١151١4‏ وجعلت إخفاء 
المجذومين من المخالفات التى يعاقب عليها القانون. وقد كان هذا القانون هى الذى 
أطلق شرارة الاستجابة القسرية الأفريقية الأولى. 

وفى أوائل عام 1514. ألقى البوليس الاستعمارى القبض على 101 مجذوما من 
باسوتو وقام بإيداعهم فى معسكر يوستاليلى. وبعد يضعة أسابيع( فى مايو) استعاد 
الضحايا إحساسهم بالهوية الاجتماعية وانطلقوا فى حركة تمرد؛ وهرب معظمهم إلى 
قراهم ليعيشوا حياتهم مختفين بين أهاليهم. وفى السنوات الخمس عشرة التالية, 
حاول الحكام البيض فى لاكلوستر (يقدر عددهم فقط ببضع مثات من الرجال أبلغوا 
كلهم) على نحو متقطع تنفيذ نظام العزل» ولكن دون أثر ملموس؛ وفى بوستاليلى ظل 
عدد المحتجزين أقل مما كان قبل تمرد عام .)١١191915‏ 

بعد مؤتمر برلين للجذام فى عام1891 الذى صوت فيه بإعمال عزل على نطاق 
العالم, كان على حكام المستعمرات فى كل مكان أن يدرسوا الأعباء المالية. ويعد 


5 


دفع المبالغ المطلوية منهم قرر البعض إهمال سكانهم المجذومين. ففى الكونجى التى 
يحكمها الملك ليويوكد- حيث كانت شركات الامتياز الدولية تجنى ثروات ضخمة من 
العمال العبيد الذين يقومون بجمع المطاط للأسواق الأمريكية والبريطانية - لم يكن 
هناك اهتمام رسمى تم اتخاذه ضد الجذام؛ أ بالفعل؛ فى الإبقاء على أى ادعاء بأن 
الرجال البيض لديهم رسالة حضارية. وبالنسبة للمجذومين» حتى عشرينيات القرن 
العشرينء كان نفس الموقف ينطبق على مستعمرات فرنسا جنوب الصحراء 
(الافريقية)!'). 

فى مصرء البلد التى غزاها البريطانيون عام ١1447‏ لضمان استعادة دفع الديون 
الأجنبية") (تشمل قدرا معتبرا من محفظة الاستثمار الشخصى لرئيس الوزراء): كان 
من الواضح أيضا أن المستعمرين المدركين للتكلفة مصممون على جعل المجذومين 
المحليين بعيدا عن النظر والبال. فى عام :.15-٠١‏ أثناء الحكم الفعلى لإيلفين بارينج - 
لورد كرومر (عضى أحد الأسر الرائدة فى البنوك البريطانية)؛ تم علاج ثلاث حالات 
فقط من الجذام فى المستشفى الحكومى بالقاهرة؛ وهذا يوحى بأن الانتشار كان ذا 
أبعاد تافهة. ومع ذلك: فأثناء نفس السنة؛ عالجت المستشفى 017١‏ حالة لمرض الزهرى. 
ولا كانت أعراض الزهرى لا تظهر عادة إلا بعد أيام قليلة بعد الاتصال الجنسىء ولا 
تظهر أعراض الجذام إلا يعد سنوات عديدة من العدوى: فقد كان من الواضح أى 
الأمراض تمثل تهديدا أكبر لأماكن ممارسة الجنس القاهرية التى يديرها البريطانيون. 


(*) لم يكن ضرب الأسطول البريطائى للإسكندرية قى يوليو ١445‏ وتدميرها تمامًا ثم احتلال مصر يسبب 
استعادة الديون الأجنيية, لكن السبب الحقيقى هو. أولا: القضاء على الثورة العرابية التى كانت تطالب 
بالحد من تدخل الأجانب السياسى والاقتصادى, حيث كان هناك وزيران أحدهما فرنسى والآخر 
إنجليزى فى مجلس الوزراء الذى يرأسه الخديوى توفيق. ثانيا: إعاقة بناء حياة نيابية سليمة تحد من 
سلطة الخديوى: فقد ألغى الإنجليز مجلس شورى النواب بعد احتلالهم لمصر. ثالثا: القضاء على الجيش 
المصرى لتسهيل امتداد النفوذ الإنجليزى فى المنطقة: حيث احتلت انجلترا السودان يعد ثلاثة أعوام من 
احتلالها لمصر. 


6م 


وفى عام ,١1477‏ بعد سنوات قليلة من ثورة وطنية بلا نتيجة!*) والتى ركزت لمدة وجيزة 
على الاهتمام العالمى بمصرءاستمرت المصادر الرسمية البريطانية فى إنكار أن الجذام 
يتطلب من الحكومة إجراء جادًا وادعت بأن انتشار الجذام أقل من ه, ٠‏ فى الألف. 
ولكن ما استشعره البريطانيون كمشكلة غير موجودة: اعترف به المصريون فى الواقع 
بعد أن رحل البريطانيون فى النهاية على أنه تهديد خطير للصحة. وكان التقدير بعد- 
الإمبريالى لانتشار المرض يقدر بحوالى ؟ فى الألف!4١١).‏ 

وفى نياسالاند [ نامبيا الآن - ت] » ميزت تناقضات إدراكية مماثلة حقبة الحكم 
البريطاتى (عندما كان ينظر إلى المستعمرة على أنها بقرة حلوب). وحقبة ما يعد 
الاستقلال. فى عام ١١6١»اعتبر‏ تقدير رسمى أنه كان يوجد 719 مجذوما فى المنطقة 
كلها؛ ويحلول عام :١971‏ صرح حكام المستعمرة بوجود ما بين ٠٠٠١٠١-64‏ حالة. ويعد 
الاستقلال. ذكر المسئولون المالاويون أن معدل الانتشار الذى بلغ ثمانية وعشرين فى 
الألف - يعد من أعلى المعدلات فى العاله(؟١).‏ 


من منظور الحد الأدنى للمحاسبة: كان الوضع مشابها إلى حد ما للوضع فى 
السودان» ذلك الإقليم الضخم الذى أجير البريطانيون المصريين على التخلى عنه فى 
ثمانينيات القرن التاسع عشر (عندما غزاها المهدى) (**) ثم استعادتها مرة أخرى 


(*) لم تكن ثورة ١515‏ فى مصر بلا نتيجة؛ فقد كانت ثورة شعبية أدت إلى إقرار أول دستور فى مصر وهو 
دستور 19595 وهو ما أدى إلى تكوين أول برلمان منتخب والحد من سلطة الملكية المطلقة. وإلى ظهور 
حركة سياسية وفكرية وأدبية وفنية وعلمية أدت إلى تغيرات كبرى فى المجتمع المصرى . 

(**) محمد أحمد المهدى (1855 - وم :)١‏ زعيم دينى وروحىء ولد يدنقلا بالقرب من الخرطوم. قاد ونظم 
مقاومة القبائل السودانية لمحارية القوات الإنجليزية بقيادة جوردون باشا؛ حيث سقطت الخرطوم فى 
فبراير 1880 قلم يكن المهدى هو الذى غزا السودان ولكن القوات الإنجليزية يعد احتلالها لمصر عام 
447 ويعكس هذا قلبًا مقصودا للحقائق التاريخية فى كتاب من المفروض أنه يؤرخ لرد فعل المجتمعات 
وتعاملها مع الأويئة. 


17 


عام 18448 فى معركة أم درمان. بعد حجب مذكرة رسمية طوال ربع قرن» فى 
منتصف عشرينيات القرن العشرين اكتشف الباحثون البريطانيون أخيرا أن معدلات 
الانتشار بين الوثنيين الذين يعيشون شمال خط العرض السادس يزيدون عن أربعين 
فى الألف. بعد مرور عدة شهورء عندئذ فى عام 19158: أمر التظام متحمسا بصحوة 
ضمير غير معتادة بعزل إجبارى. وتم جمع أكثر من 5.٠٠‏ مجذوم احتجزوا فى ثلاث 
معسكرات كبيرة» تبعا لنظام هاواى: تحت رقابة الحراس المشددة("''). 

كان الموقف فى الهند الشىء الأكثر تعقيدا ٠‏ حيث كان البريطانيون يشكلون القوة 
السائدة منذ أواخر القرن الثامن عشر. ويعد وفاة المبشر دميان من هاواى بسبب 
الجذام؛ وتأئسيس صندوق الجذام الوطنى (البريطاني) فى عام »١181-‏ تطلب الاهتمام 
العام مسحا ميدانيا بشأن الجذام باعتباره خطرا إمبرياليا ؛ وقد تم تعيين لجنة 
الوشاح الأزرق عام ,١184847‏ ومع ذلك؛ أكدت الحكومة عند اختيار الأعضاء أن 
الاعتبارات المالية لن يتم التغاضى عنها. 

وتبعا لذلك؛ قرر المفوضون فى الهندء بعد فحص اثنتين من المستشفيات البلدية 
والتى كانت تدار وفقا لحدود تقليل التكلفة التى اقترحها جوزيف شمبرلين ببرمنجهام, 
أن "عدد المجذومين كان مبالغا فى تقديرهء ٠٠٠٠١‏ (بدلا من التقدير المبدئى 
٠‏ الذى ربما كان قريبا من الحقيقة". ويتأسيس هذه النقطة, خلصوا إلى أن 
الجذام لا يمكن. نتيجة لذلك؛ أن ينظر إليه فى ضوء "خطر إمبريالى 7''). ربما كان 
المفوضون على حق أو ربما لم يرغبوا ببساطة فى الاعتراف بوجود مشكلة مرض معد 
خطير . وفيما عدا خلال أزمة كبرى مثل التمرد الهندى عام 1861: كان القانون 
المبدئى للهيمنة الإمبريالية البريطانية يقضى أن ترسل التحويلات من المستعمرة إلى 
السلطة بأرض الوطن بدلا من ذهابها عكس الاتجاه. 

وياستخدام إحصاء المفوضين للجذام؛ ورقم المائتى مليون كتعداد لسكان الهندء 
بلغ انتشار الجذام حوالى ه, ٠‏ فى الألف فى عام 897١؛‏ وهى نسبة غير مستحبة 


198 


للضحايا والأسر لكنها لا تشكل تهديدا للحكم البريطانى فى الهند. ومع ذلك, فقد كان 
من الواضح أن هذا تقدير أقل من الحقيقة. وكشفت نقاط التفتيش لنزلاء السجون 
بالهند عام ١7؟5١(بعد‏ أن أصيبت الهند بضربات متوالية طوال عشرين سنة من جراء 
الطاعون الدملى والمجاعة) أن انتشار الجذام قد بلغ عشرة فى الألف وهو تقدير 
تخمينى يجعل معدل الانتشار الكلى الهندى حوالى من 4-ه فى الألف. ويعد أريع 
وعشرين سنة من الاستقلال تم إجراء إحصاء للمجذومين عن طريق إدارة الصحة 
الهندية؛ كشف أن معدل الانتشار قد بلغ 4, ه فى الألف("''). نفس البلد ونفس 
المرض مع اختلاف الإدراك . 


بالإضافة إلى عبارة "القيود المالية' المفيدة للمستعمرين يمكن إرجاع إهمال 
المجذويين فى الناطق المسمتهسرة ان إلى مواقت الاتلياء القرينن .كفن ارس 
مويرء وهى طبيب مبشر سافر إلى فلسطين عام :.١11٠05‏ ثم إلى الهند. من مدرسة كلكتا 
الطب الاستكواتى عاخ 1553 مقررا أن معظع الألباء نتظروة إلى الجذام علن :أنه 
عاهة لا يمكن الشفاء منها' بدلا عن أن يكون مرضا... خوفا من الإصابة بالمرض 
ذاته... (والقليل منهم) كانوا يرغبون فى التعهد بعلاجه.' وبالنسبة للمختصين فى هذا 
النوع؛ كان من الأفضل عدم معرفة الأرقام الحقيقية لانتشار المرض. وبعد نصف قرن, 
قإن هناخ الراى بدا كما لى أنه لم كتفين: وكقك بلوموجودالسئة 138 هن معاملهم 
فى أوسلى ونيويورك أنه من المستحيل بالفعل تعيين أطباء أو عمال بالصحة فى مجال 
رقابة وعلاج الجذاء" ,)١١‏ 

ويبدو أن هذه التعليقات قد ثبتت صحتها من خلال الموقف الميدانى . فقى حوالى 
عام 14٠٠‏ فى مستعمرة الكاب التى يصل تعداد سكانها 4,؟ مليون نسمة (4؟/ 
منهم من البيض) رأى واحد أو اثنان فقط من مجموع سبعمائة وعشرين طبيبا 
مسجلا أنه من المناسب العمل بشكل منتظم مع المجذومين. ووصفهم إى. بى. فان 
فارتيتمن يان مسسطاسهع دن الشيسن التكون وين *الطيقة الخرسطة ٠:‏ ومولريو قن 


9 


بريطانيا وقد تلقوا تعليمهم فى أدنيره » ويعتبرون 'وكلاء الإميراطورية الطبيين» فؤلاء 
تركوا طبيبة واحدة من بينهم (جان واترسون) للقيام بزيارة بين الحين والآخر 
للأشخاص المصابين بالجذام فى جزيرة روين!؟''2. وفى الجانب الآخر من العالم فى 
مصحة الجذام التى يديرها البريطانيون فى سنغافورة, كان الأطباء أيضا مثل الطيور 
النادرة التى أدى غيابها لترك المرضى لرعاية الموظفين غير المختصين علميا. اعتاد 
مراقبى السجون الآسيويون على استخدام عصى طويلة لنخس المجذومين من مكان 
لآخر وإعطائهم الطعام فى علب قديمة من الصفيح تدفع إليهم من تحت أبواب 
زتازينهم. وفى مدينة سنفافورة: وعند مطاردة المجذومين كان المرافقون يرتدون 
الأقنعة والقفازات ويرشون منازل الضحايا وأمتعتهم بالمطهرات. وكما أشار أ. 
جوشوا- راغقار( المصاب بالجذام) بدت هذه الأساليب مفضلة بغرض تحويل 
المساعدين الطبيين الذين لم يخافوا من قبل من المجذومين إلى مصابين برهاب الجذام؛ 
فالنمط يغذى نفسه .)0١5(‏ 

كان خوف الغرييين من الجذام سلاحا ذا حدين يقطع فى اتجاهين؛ وعندما تم 
إجراء مقابلة معهم عام :١1971١‏ ادعى سكان قرية فى الأراضى المرتفعة جنوب شرق 
الهند أن الجذام كان سبيه الحقيقى الأطباء الأوربيين. وبالمثل فى شمالى نيجيريا عام 
7 فإن الناس المحليين فى مقاطعة تولا وانجوء التى لم يضطلع بإدارتها 
البريطانيون إلا حديثاء أخبروا زائرا أبيض أن المرض لم يكن معروفا من قبل. وياتباع 
نفس المنطق- فإن الجذام باعتباره مرض الرجل الاأبيض - ساد بين قبائل الزولو 
بناتال [ جنوب أفريقيا - ت] أن الجذام لم يكن معروفا حتى دخل عليهم البيض 
حوالى سنة 184٠‏ ولسوء حظ الزولى كان المستعمرون متمسكين بشدة على وجه 
الخصوص بضوابط الجذام المسيحية النموذجية('١').‏ 


وخلال توسع البوير فى الأراضى القابلة للزراعة والمراعى للأفارقة السود فى 
تسعينيات القرن التاسع عشر كان ينظر إلى الجذام بين الأفارقة السود على أنه دلالة 
لا تنكر لرواية اللاويين بالعهد القديم عن ممارسة الخطيئة. كان المجذومون السود 


200 


الذين يحملون لعنة مزدوجة من الرب(لون البشرة ومرضًا موصومًا بالعار) أهدافا 
واضحة للإبعاد الإجبارى من قيل البوليس الأبيض وكلاب تعقب الأثر لهم. وكان 
الضحايا يجرون إلى معسكرات اعتقال محروسة بشدة ومحاطة بأسلاك شائكة. كان 
أحد هذه المعسكرات فى إمجانيانا فى الترانسكى؛ وكان الآخر فى معزل الجذام فى 
بريتوريا. كلاهما كان يسمح بمعدل وفيات سنوى يصل إلى ./٠١‏ ومع ذلكء بالنسبة 
للبيض القلقين من هروب المجذومين السود الذين يحتمل أن ينشروا التلوث. كان 
أفضل كثيرا من بريتوريا أى إمجانياناء توطين [ المجذومين - ت] على جزيرة لا يمكن 
الوصول إليها مثل المستعمرة على جزيرة روين أو تلك التى أسستها السلطة 
الاستعمارية الألمانية على جزيرة لواندا فى بحيرة نياسا. وبمجرد الإلقاء بهم فى أى 
من الجزيرتين كان من المتوقع موت المجذومين بسبب الإنهاك الطبيعى: وتحاشى 
الحاجة إلى خدمات طبية مكلفة أو أى شىء آخر 9''). وفى تقرير عن جزيرة لواندا 
عام :١1505‏ وجد أن: 

هرب بعض المجذومين فى البداية » لكن الحكومة عاقيت الرؤساء 

المجاورين الذين ساعدوهم على الهرب حتى أصبح حجزهم يبدو 

حاليا مأمونا. وقد قيل إن إحدى النساء الفقيرات فى هياجها 

الشديد قامت بحرق معظم البيوت... وكانوا يشتكون من نقص 

,)١4!ءاعطلا‎ 

ومع ذلك ففى بعض أنحاء العالم الاستوائى: تيسر شكل آخر من المساعدة : 
الميشرون المسيحيون البيض. 
فى الثلث الأخير من القرن التاسع عشرء ثلاث ظواهر- أفكار البيض السلفية عن 

الجذام» وتوسع حكم البيض على العالم الاستوائى» ونمى الدافع التبشيرى بين قلة 
اختارت لنفسها - جعلت العمل غير الأسرى بين المجذومين فى العالم المستعمر شبه 
احتكار على الإرساليات التبشيرية وأعضاء المنظمات التطوعية المسيحية. ومع وجود 
ندرة فى المعلومات عن مواقف الشعوب المستعمرة؛ فمن الصعب استخلاص نتائج 


201 


كبيرة عن الطرق التى استجابوا بها لهؤلاء الناس. ومن الواضح أن كل الأفارقة 
ليسوا مثل هؤلاء الذى كانوا حول مستوطنة أوسيومو للجذام جنوبى نيجيرياء الذين 
كبيرة يدفع إليها المجذومون ويدفنون أحياء (بواسطة المبشرين) (11'. 


أصدر المبشرون أنفسهم كميات من الجرائد والمقالات عن معانى الجذام. الشىء 
الذى كان ذا أهمية أن هذه التقارير تشير على نحو متكرر إلى فكرة أن الجذام كان 
مرضا قديما يتعلق بالكتاب المقدس('١).‏ وعلى نحو مثالى: فإن المستشار الطبى 
أنه" لكى تفهم جوهر القوانين التى تحكم هذا المرض التوراتى الذى كان ذات 
يوم شائعا بين اليهود؛ يكفى أن تقرأ السفر الثالث عشر للاويين.” )١"(‏ وقد ذكرت 
نفس النقطة قبل ثلاثين سنة بواسطة المبشر الكاثوليكى الإنجليزى بوسط أفريقيا 
'أتش. دبليى" الذى كتب :” بالنظر إلى طبيعة ونتائج هذا المرضء لا يعجب المرء من 
القوانين المتشددة تجاه المجذومين بين اليهود"7'""), 


مع بعض الاختلافات: فإن هذا التفسير للجذام على أنه مرض موصوم بالعار تم 
تدريسه للمتدريين الطبيين الأفارقة, الذين أضفوا عليه صفات ذاتية ونقلوه إلى الأفارقة 
الآخرين. وعلى ذلك ؛ ففى نياسالاند فى يوليى »١1971‏ أخير مساعد طبى أفريقى يدعى 
فريد نيرندا تعلم على أيدى أعضاء بعثة الجامعات الأنجلو كاثوليكية إلى أفريقيا 
الوسطى؛ اجتماعا للجمعية الوطنية بشمال نياسا أن الإنجليز قد تخلصوا من الجذام 
فى أراضيهم خلال العصور الوسطى عن طريق عزل شديد لكل مجذوم. ومن خلال 
معدل انتشار محلى يبلغ عشرين أو ثلاثين فى الألف. قبل أن يأتى المبشرون 
المسيحيون إلى الساحة كانت استجابة نامبيا العامة هى السماح للمجذومين يتناول 
الطعام فى نفس الطبق والشرب من نفس الكوب مع الآخرين... وحمل أطفال 
الأشخاص الآخرين على أذرعهه"!'"١).‏ 


نا 
5 
نم 


وبالنظر إلى المرض من منظور تاريخى عالمى عام 191١‏ أكد كل من جاسوق 
وتراسى أن: 

أصبحت علاقة النشاط التبشيرى بعالم الجذام فصلا مشهورا 
فى .. إعادة الحياة لقصة رمزية... وعند اكتشاف (المجذومين) 
اكتشف المبشرون... اسما ارتبط بالحاضر مع بعض تعاليم 
وممارسات المسيح الأكثر إثارة للمشاعر. هذا الترابط بين 
الفكرة والمرض جعل "المجذومين"' أشخاصا مرضى بالجذام... 
وعلى ذلك بدأ الجذام يعرف بصورة أكثر وأكثر على أنه فكرة 
عن... حالة أخلاقية... كمرض ذى تشخيص أخلاقى ... 
وأصبحت حالة الجذام مختلطة بحالة القائمين بالرعاية , الدينية, 
وليس الطبيب!!؟١),‏ 


واعتمادا على حوادث الزمان والمكان» فقد اختلف النجاح الذى جاء به المبشرون 
لهذه الحقائق الشاملة عن المجذومين الحقيقيين. ففى شرق ووسط أفريقياء حيث ظهرت 
ظاهرة الاستعمار منذ حوالى ثمانين عاما تقريبا بعد أن أصيحت الهند تحت الحكم 
البريطانى . قيل أن يكون لدى الناس ال محليين الوقت لإدراك أن المبشرين كانوا 
متعهدين لتحصيل الضرائب؛ والمستعمرون سيصادرون أراضيهم: كانوا أحيانا راغبين 
فى الاستماع إلى التعاليم الغربية. إحدى النجاحات المبكرة فى تحويل مرض عادى 
إلى تصنيف أخلاقى تعود إلى عام ١184؛‏ فقد أخبر المركز الرئيسى لبعثة الجامعات 
الأنجلو كاثوليكية فى وبسط أفريقيا الذى يقابل كنيسة ويسمنستر [الأنجليكانية - ت]» 
أن المبشر كلمنت سكوت أقنع بشكل ناجح القبائل المحلية الهمجية... بأن تكون 
مرتعبة بشكل واضح من الجذام' أكبر من رعبها من ذى قبل قبل!*''). ومع ذلك, خلال 
عقدين لحق الأفارقة فى الشرق والوسط بالهنود وتوصلوا إلى إدراك أن البعثة الطبية 
كانت "عنصرا رئيسيا فى قوة البيض". تستخدم بشكل أفضل فقط لتلك الأمراض 


203 


القليلة (مثل داء الياوز) الذى أثبت البيض أن بإمكانهم شفاءه بالفعل. وفى ذلك الوقت 
لم يكن لدى المستعمرين علاج شاف للجذاه 9"). 

وداخل الهند. تأسست وكالة رئيسية للاهتمام الغربى؛ وهى إرسالية الجذام التى 
تتخذ من لندن مقرًا لهاء عام , 14174 يرجع الكثير من الإحباطات التى سببتها 
لعمالهاء إلى أنها لم تقم بأى تقدم بين الهنود من أى نوع جيد. وفى عام :117٠١‏ ذكر 
إى. كانون بفظاظة أن المجذومين الذين وصلوا إلى معازلهم "من طائفة الهندوس الأقل 
مرتبة. شديدى الجهلء مؤمنون بالخرافات: لا يفكرون إلا فى المرض الذى أصابهم... 
وهم عادة شديدى الفقر وعالة على غيرهم."'"') والمتطوع الآخر الذى أزعجه الاهتمام 
الهندوسى المستمر بالطبقة كان و.سى. إيرفن. ويتوجيه كلامه إلى اجتماع مديرى 
المعازل عام -٠؟15١,‏ اشتكى إيرفن من أن: 


فى ... الهندء بكل نظام الطبقات القوى, لا يجد المسيحى 

الحقيقى أيا أو قليلاً من صعوبة (أيا كانت طبقته) فى معاملة 

رفاقه فى المسيح (أيا كانت الطبقة التى ينتمون إليها) بروح 

حقيقية للأخوة المسيحية إذ ( وكم يتوقف الكثير على كلمة إذ) 

يرى هؤلاء الذين يعترفون بالممسيح وقد تخلصوا من عبودية 

الطبقة ليعيشوا كإخوة له. كان علينا أن نحسم الخلاف فى 

المسالة فى معزلناء وكان الخلاف الحاد لأن الثلاثة الأوائل الذين 

عمدوا كانوا من 130365 (طبقة حقيرة جدا)29, 

سهلت إرسالية المجذومين التى أسست كمنظمة تطوعية يواسطة أثرياء أنجلو 

أيرلنديين» بدون شك سنوات الألم الأخيرة للمعوقين المشوهين بالجذام. وقد أعطت 
أيضا حالة من الرضا للبروتستانت المتشوقين لأعمال الخير. وياحتمال أنه كان مدركا 
للاستخدام الكاثوليكى فى القرن الرابع عشر للمجذومين كمتوسلين لأرواح مؤسسى 
مستعمرات الجذام فى عام ١155١‏ فقد جادل إرفين بأن: 


204 


ريما سنستيقظ يوما ما على حقيقة أنه داخل معازلنا قوة رائعة 

خفية جاهزة للاستخدام؛ تتوق إلى الخدمة... عصبة من 

المجذومين المتوسلين الذين سوف يقدمون أنقسهم على الدوام 

لصلاة محددة:؛ ويذلك يصبحون قوة عظيمة فى صفوف جيش 

المسيه(؟"), 

وهذا يوحى بأن المبشرين يحتاجون إلى مرضاهم بالجذام أكثر من احتياج 
مرضى الجذام لهم. وينطبق ذلك على أفريقيا أيضا("). 
فى غرب أفريقيا البريطانية فى بداية عصر الحكم الاستعمارى؛ كان الموظفون 

والإيرادات قليلين» والنتيجة أن العمل بين المجذومين كان إلى حد ما اعتباطيا. وفى 
جنويى نيجيريا (منطقة مستولى عليها لحساب رأسماليين يتخذون لندن مقرا لهم فى 
أواخر تسعينيات القرن التاسع عشر). وصفت قرية مصاية بالجذام بدون إرسالية 
تبشيرية فى أسايا فى أبولاند عام ١10‏ من قبل المسئول الطبى الحكومى؛ إى. مور, 
قدر مور أنه فى هذه المجموعة من أكواخ البوص البرى كان هناك فى المتوسط ثلاث 
عشرة سيدة وستة عشر رجلا مصابين بالجذام يشرف عليهم مشرف 'محلى كان 
بحسب ما أشار إليه مور يكثير من الجهد, "لطيفًا للغاية مع المرضى". وفى غياب 
البوليس»؛ وكلاب الحراسة أو الأسوار الشائكة: "كان المرضى يهيمون فى الأسواق 
عندما يشعرون بالرغبة". كان مور منزعجا من عدم النظام هذا وتطلع إلى إنشاء 
مجمع يطوقه سياج لما يقل عن ٠٠٠١‏ مجذوم فى أونيتشا - إلى حين توفر 
الأموال('''). وفى أماكن أخرى فى أبولاند» بدأت الحكومة الاستعمارية الجديدة فى 
فرض النظام على المجذومين. وفى أحبوكا عام 4 :19٠0‏ 

دعا الملك إلى اجتماع بالمدينة لفرض القوانين الجديدة من 

الحكومة وفى الليل أخذ صبى يصيح بصوت عال فى كل أنحاء 

المدينة أن من كانوا مجذومين سوف يستبعدون... بينما كان 


ا 
جٍّ 
لا 


هناك عدد يل جد حنتى بين المسيهيين الذين اعقرفوا بوجتوذ 
٠. ,‏ 1 هناك9؟؟3), 


مع 'فتح ليفنجنستون وليوجارد وآخرين لأفريقيا بعد عام 21410 ظلت خدمة 

التمييز القديم سارية: فالإداريون والضباط العسكريون والأطباء والمبشرون وأنواع 
المهن الأخرى الذين اعتبرت سلطتهم الوطنية من الفئة الأولى ذهبوا إلى الهند؛ وذهب 
الباقى إلى أماكن أخرى أيضا" أى ذهبوا إلى أفريقيا ("'). وكتب صائد الحيوانات 
السير جون ويلوجوبى فى أواخر ثمانينيات القرن التاسع عشرء أن إرساليى جمعية 
مبشرى الكنيسة الذين قابلهم فى شرق أفريقيا كانوا: 

من فئات التجار والموظفين والميكانيكيين. ولم تكن العملية بالشىء 

الصعب: فالرجل الذى فى إمكانه تحسين وضعه عن طريق 

العمل التبشيرى كان عليه أن يذهب إلى مدرسة لمدة عام أو 

اثنين ويتعلم بعض الأشياء عن الطب والنجارة وقليلاً من 

اللاهوت, وبعد ذلك يتحول إلى مبشر كامل!؛""). 

لو كان الأعضاء الجدد بجمعية مبشرى الكنيسة عاقدى النية على قايلية التحرك 

الاجتماعى الصاعد مثلما افترض السير جون. لكانوا قد عرفوا عندما غادروا إنجلترا 
أنه بسبب مخاطر المرض الاستوائى فإن فرصهم فى العودة إلى وطنهم كانت على 
أحسن تقدير ٠١‏ بالمائة. ومع ذلك لم يبد أن هناك نقصًا فى الأعضاء الجدد. وبين عام 
7 وعام :19١7‏ ازداد عدد مراكز بعثة جمعية مبشرى الكنيسة فى غرب أفريقيا 
من 0١‏ إلى ”7 وازداد المتنصرون المعروقون من 5٠٠٠١‏ إلى 52٠0٠٠,‏ بالإضافة: 
جمعية مبشرى الكنيسة كانت هناك جمعيات تبشيرية أخرى - الإرسالية الداخلية 
بالسودان؛ ميثوديست (يروتستانت) وكاثوليك من أنوا ع مختلفة؛ تنافست مع بعضها 
البعض فى التنصيرا*""), 


206 


وفى أفريقيا التى لم يحدث فيها التأثير الكامل لتوسع البيض إلا فى ثمانينيات 
وتسعينيات القرن التاسع عشرء كان توقيت الاتصال الثقافى حاسما. ولمعرفة الأفكار 
حول الجذام كحالة أخلاقية أضيفت مفاهيم الداروينية الاجتماعية. التى ادعت أن العلم 
الحديث قد أثبت أن الجنس البشرى المخلوق ينقسم إلى أتواع عرقية عليا (البيض) 
ودنيا (السود والملونين) . طبقا لهذا الخطاب فى التحالف بين المسيح وهربرت سبسنرء 
كانت مقالة فى عام »١1407‏ فى دورية رسالة الجامعات إلى أفريقيا الوسطىء بعنوان ' 
الرجل الأسود كمريض” أشارت إلى : 
بأخذ وجهة نظرة بيواوجية عريضة للأجناس المختلفة للإنسان , 
والأخذ فى الاعتبار علاقتها بعالم الحيوان» فمن المستحيل ألا 
نلاحظ أنه, بدءا من الأجناس العليا الأكثر تنظيما ونزولا فى 
المستوى لأسفلء؛ فإن حدة الألم المحسوسة تيدو أنها تنمى أقل 
فأقل... والشعور الصريح بالألم... يعطينا بعض الدلالات على 
الحيوية كجنس كما يظهرها الزنجى ... إلا أن الزنجى المريض 
لديه العديد من الطرق المدفشة... عند احتضاره يزحف نحو 
الشمس, أى يختفى بعيدا فى الحشائش الطويلة, مثل بعض 
الحيوانات3"7). 
أقترحت الميول الداروينية الأخرى التى يحتمل أن يأخذها المبشرون معهم إلى 
الأرجاء الأفريقية السوداء. فى خطبة ألقاها جيمس كانتلى المتخصص فى الحذام أمام 
خريجى التبشير فى كلية لفنجستون فى مابى 11١01,‏ واعتقد كانتلى أنه: 
عندما أرسلنا مبشرنا نظرنا إليه على أنه ذلك الرجل الذى 
يعرف شيئًا عن الطبء وفى المقام الأول» من الحقيقة المؤكدة أنه 
رجل أييض؛ وفى المقام الثانى, نرى أيضا أنه رجل متعلم 
ومتدين» ويعتقد أن لديه صفات يجمع الناس المحليون على 
ربطها بالمدرسين المتدينين» أى قوة الشفاءا"""). 


207 


وإذ يكتب جمهور قراء من المبشرين؛ غير رونالد روس (مشهور من ملاريا عام 
1) قليلا فقط قليلاً التركيز. وفى الطريق أنشئ تاريخ للطب صالح للاستعمال, 
ووفقا لروس: 
أثناء بداية الحضارة فى مصر واليونان وروماء كان الكهنة أيضا 
أطباء.... وفى رأيى؛ لا يزال المبشر حاليا يحتل مكانة مشابهة 
بين الشعوب البريرية التى دعى إليها ليعلم... وغالبا ما يدعى 
للعيش فى الأصقاع البعيدة, بعيدا عن المستشفيات والبلديات 
وأقسام الصحة والرسميات, وهى الآن بالضبط فى وضع الكاهفن 
القديم» وبالنسبة له لا يزال ينتمى لمهمة مزدوجة من علاج كل من 
العقل والجسد(1؟0), 
وبالنسبة للمبشرين الذين اختاروا شفاء جرحى أفريقيا( الذين أتت بهم تجارة 
العبيد) بعلاج مرض الأرواح العليلة» يجب أن تكون كلمات روس مؤثرة. ففى عام 
5 كتبت دورية التبشير "أفريقيا الوسطى: عن العمل الذى تم فى مستعمرة جذام 
صغيرة بالقرب من زنزبار. وتساءلت: 
هل يمكن أن تكون أية حياة من الشقاء أكثر من حياة ذلك 
الرجل الأسود المبتلى بهذا الداء الرهيب» أى أية مهمة من البلادة 
مثل مهمة رجل أبيض 'متدين' يضمد قروحًا عفنة... ومع ذلك 
فإن صورة المسيح المصلوب فوق السرير... تتحدث ببلاغة عن 
الأمل والفرح والسلدم (151), 
كان لدى بعض المبشرين الذين “تأهلوا من التجار والموظفين والميكانيكيين” والذين 
ذهيوا إلى أفريقيا ما هو أكثر من معرفة بسيطة بالتدريب فى الطب. وقى عام 21894 
حاولت دورية "الطب الاستوائى تعيين خريجين جدد عن طريق اللجوء إلى استمالة 
غرائزهم المحبة للآخرين: 


208 


لقد رأينا الأطباء فى مصر وجنوب إفريقيا يبدون روح حب 

المساعدة للمجذوم وإلى ابن البلد الذى يتضور من الجوع... 

والمطلوب... هى رغبة فى استعمال مهارة مهنية كاداة للتخفيف 

من معاناة العالم الوثنى... ولن تأتى المكافأة فى شكل الثروة, 

ولكن دخل هؤلاء المبشرين يعد كافيا لاحتياجاتهم والشعور 

بالحرية من الرعاية المالية أكبر جدا من العديد من إخوانهم فى 

المهنة المقيمين فى الوطن(:؟'). 

وعلى الرغم من محاولات تجنيد مشابهة؛ ظل المبشرون المتدريون طبيا قلة فى 
إفريقيا السوداء. مثال لذلك. من بين ”5ه مبشرا يمتلون حوالى خمس مجموع 
السكان البيض فى المناطق النيجيرية عام /1951, كان ثمانية عشر فقط أطياء 
محترفين. وبالتعليق بعد بضع سنوات على العمل الرقايى للجذام فى إفريقيا الوسطى, 
أطرى خبير رَائْر على المبشرين غير المدربين طبيا “بعمل الإغاثة النبيل'”, لكنه استنتج 
أنهم أسهموا قليلا فى السيطرة القصوى على المرض(!؟'). 
فى المناطق النيجيرية خلال العشرين سنة الأولى من الحكم البريطاني. كانت 

يعض معسكرات الجذام تحت سيطرة الحكومة»: فى حين كان يدير الأخرى ميشرون 
تساعدهم فى ذلك منح صغيرة من المساعدات. ويعد ذلك عام ١9757‏ (عندما كان فقط 
ثلاثة بالمائة من المبشرين لديهم مؤهلات طبية) متحت الحكومة المبشرين سيطرة على 
مراكز الجذام فى الجنوب؛ أعقبها بعد عشر سنوات التحكم فى المناطق الشمالية فى 
زاريا وسوكوتو وكاستينا. وصرح مدير الخدمات الطبية بأن هذا قد تم "مع بعض 
التردد منذ الوهلة الأولى" مدركا أن الناس المحليين فى الشمال ذوى الأكثرية المسلمة 
ريما لا يقبلون أن يكون لديهم مبشرون مسيحيون يكونون مسئولين عن المجذومين 
لديهم. ومع ذلك؛ فبتدريبهم تحت قيادة رأسماليين مقتدرين فى لندن» اعترف مدير 
الخدمات الطبية والحاكم بأن مراكز الجذام ذات الإدارة التبشيرية كانت قيمة جيدة 
مقابل المال. وعلى الرغم من كون أعداد النيجيريين أكثر من ثلث السكان الأفارقة تحت 


209 


الصحراء الخاضعين لحكم بريطانياء فإنهم أنتجوا أقل من لمن الإيرادات الكلية 
التى تديرها بريطانيال'*'). 

كان العديد من المبشرين فى الخمسين سنة بين عامى ١89٠0‏ و1975 , - بحسب 
كلمات رونالد روس - '"يستدعون' للخدمة فى المناطق البعيدة عن التأثير المخرب 
للمستوطنين البيض والمدن والحانات وييوت الدعارة التى يديرها البيض. ويبدو أن 
معظم المبشرين البروتستانت الذين اختاروا أفريقيا فعلوا ذلك بعد أن عايشوا الإلهام 
الذى يركز على الإحساس الطاغى بالخطيئة الشخصية والغربة عن المجتمع الأوربى أو 
الأوربى- الأمريكى الذى نشأوا فيه. وكمسيحيين إنجيليين» كانوا يتمردون بسبب 
طوفان الكتب المذهبية؛ [ مثل كتب - ت] موت الإله (شتراوس ورينان ونيتشة) التى 
أبدت ارتيابها فى الحقائق الدينية الثابتة. وإذا حدث وتعلق الأمر بطقوس الكنيسة 
العليا ذات المرجعية: فقد كانوا أيضا مشوشين من قيل بلدانهم الأصلية حدينة العهد 
بالديمقراطية ويحق الناس العاديين فى حقوقهم المدنية!؟؟١),‏ 

وضع المبشرون عند “دعوتهم للعيش فى المناطق النائية" أنفسهم فى أوضاع 
تمكنهم من إنشاء مجتمعات "أصلية” على غرار النظام الهرمى (الأسطورى) لحياة 
القرية فى العصور الوسطى؛ أصلحت بنفحة من "مصر الحديثة” لرويرت أبريسل. وكما 
فى صور الماضى الخالية هذه فإن المبشر الفارس الكاهن يمكن أن يتحكم فى ولاء 
غير مشكوك به للمرضى المجذومين والمساعدين السود والأشخاص المرشحين لمناصب 
كهنوتية (9*'). ولا كان العديد من النزلاء يعتمدون على المحسنين البيض فى 
احتياجاتهم الأساسية: كان لدى مجذومى القرى إمكانية كبيرة فى إعطاء المبشرين 
الشعور بحسن أدائهم للمهمة. 

وكما صورت من قبل مستوطنات المجذومين فى يوزواكولى: بين شعب الإيبو فى 
منطقة كالابار. وفى إيتو (التى أعيد تأسيسها عام 1178 تحت إدارة الميثوديست 
الأصلى أ.ب مكدونالد. واستخدمت نموذجا لمعسكرات التحكم فى المجذومين فى 
الكونفو البلجيكية)؛ كانت قرى المجذومين موضوعة بترتيب حسب النظام البصرى 


210 


والنفسى. صفوف مرتبة من أكواخ المجذومين. معزولة حسب الجنس ومرحلة 
المرض أو بواسطة المجموعة القبلية, تواجه شوارع مستقيمة مع تقاطع طرق برَاوية 
تسعين درجة. وفى إيتى؛ كانت أخلاقيات القرية بأسرها محكومة باثنى عشر رجل 
شرطة ومحكمة شرطة. وكانت كل من إيتو ويوزواكولى معدة للاكتفاء الذاتى من 
ناحية المواد الغذائية ليس فقط كوسيلة لتخفيض التكاليف ( كانت إيتى تتقاضى من 
المرضى رسوم دخول)؛ ولكن أيضا لإعطاء المجذومين فرصة للمشاركة فى أخلاقيات 
العمل البروتستانتى الذى ادعى عالم الاجتماع الألمانى ماكس ويبر أنها تعطى الناس 
شعورا بالقيمة الاجتماعية. وفى كلا المعزلين النيجيريين» كان ينظر إلى تعرض 
المرضى إلى خطب دينية متكررة والأشكال الأخرى من الإصلاح الأخلاقى على 
أنها طريقة أخرى لاستعادة احترام الذات للأشخاص الذين استهلك مرضهم 
هويتهم الاجتماعية (:؟١),‏ 
فى منتصف ثلاثينيات القرن العشرين» ادعى المسئولون عن الجذام عند بحثهم 

عن تمويل من المحسنين فى الغرب بأنه فى مناطق أفريقيا التى يعوزها التأثير 
التقدمى والحضارى لأعداد كبيرة من المستوطنين مثلما يحدث فى جنوب أفريقيا 
ومرتفعات كينياء فإن مستعمرات الجذام التى تدار بشكل جيد استخدمت كمراكز 
لتنوير المناطق كلها. وفى منطقة يوزواكولى بنيجيريا التى يعيش بها ٠١١٠١‏ مريض 
كان يزعم أنها: 

مركز تدريب ونموذج توضيح لظروف القرية كما يجب أن 

تكون... وأداة لإعادة هيكلة القرى» وشق طرق جديدة يعطى 

الدليل العملى للطرق المحسنة فى الزراعة» وتحسين تغذية الناس 

ويكل طريقة يتم نشر التنوير والأمل!1*"). 

ولكن بصورة مقابلة فشل نزلاء مستشفيات الجذام الأفريقية أحيانا فى 

الاستجابة إلى محبة الخير الفربية بالطريقة التى توقعها القائمون على تحسينها. وفى 
إيتى المنظمة على نحى جيد عام :194٠‏ ويعد عقدين من تأسيسهاء ذكر أن أكثر من 


217 


٠٠٠١‏ نزيل لا يزالون يفتقرون إلى حمية العمل التى كان من المفترض أن يقدمها 
انتظامهم للعمل تحت إمرة البيض. ولتعليل هذا الفشل عقلانيا » فقد تبين أن معظم 
المرضى كانوا من قبائل صغيرة, "ظاهريا من جنس وضيع!*), وكانوا أصلا من العبيد 
الذين عانوا من التجارة بهم'. ومن الواضح أن هؤلاء الناس ليس من المتوقع أن 
يتحولوا إلى أثرياء حضريين طموحين بين عشية وضحاها("؟'). 

وكان الأكثر إحباطا أيضا سجل مستشفى الجذام فى يوزواكولى فى إيبولاند 
بنيجيريا. كما لاحظ أرمسترونج, المبشر الزائر عام 0؟19؛ فقد تم وضع جدول عمل- 
دراسة- صلاة لشغل أوقات المجذومين "حتى لا تكون لديهم الرغبة فى العودة إلى 
قراهم الأصلية.” وكان النموذج الذى يستشهد به هى أن جماعة الإرسالية الدينية 
يجب أن تكون المجتمع الوحيد الذى يشعر النزلاء بالانتماء إليه بشكل حقيقى. ومع 
ذلك, ففى زلة لسان لأرمسترونج بأن العلاقات بين المرضى وقراهم لم تكن فى 
الحقيقة مقطوعة, وكانت الأموال الإضافية التى تقدم إلى المجذومين لشراء الطعام من 
متجر المستوطنة تنفق غالبا "على إعاشة الأقارب الآخرين فى القرى المحيطة.” (8؟١)‏ 
وكان هذا اعترافًا بأن الأفارقة يتميزون بتعدد فى الهوية , والتى تعنى لعقلية المبشرء 
الارتداد عن الدين. 

ظهر التوتر بين الأفكار المثالية المتنافسة أيضا فى مجتمع على غرار يوزواكولى. 
فى مؤلفه عن مجتمع المجذومين فى نجوماهورى فى روديسيا الجنوبية» لاحظ مفتش 
جذام أن: " السكان الأصليين لهذا الجزء من إفريقيا يرتبطون بعلاقات أسرية حميمة 
ومغرمون جدا بأطفالهم '(141) 

اعتبر الناس المحليون هنا العمل التبشيرى 'لنبعث رمزا حديثا إلى الحياة” بقصل 
المجذومين عن أسرهم على أنه إنكار لهويتهم الثقافية. ويعد تدمير دير تقيم فيه رئيسة 


(*) يعكس هذا الخطاب 'موقف الازدراء الذى عاملت به أورويا شعوب إفريقيا التى نهيت خيراتهم. 


1 
بم 
كا 


جماعة دينية فى يوزواكولى فى الحرب الأهلية, أظهر النيجيريون بوضوح أن هذا 
المكان كان بقية يغيضة لماضى استعمارى؛ وسيتركونه باختيارهم حطاما لا يتم 
تعميره من جديدا*'). وإنه إزاء هذا الفهم يجب أن ينظر إلى دور الجذام كإعادة 
إصدار للرمز اليهودى - المسيحى. 

وكما رأيناء فقد أكد جيمس كانتلى رئيس تحرير دورية الطب الاستوائى لطلاب 
الإرسالية الدينية عام 1407 أن الشعوب البدائية فى كل مكان ريما يعترفون بأن 
المبشر يعرف بعض الشىء عن الطبء من "الحقيقة الواضحة أنه رجل أبيض”". ومع 
ذلك عندما يواجه الأوربيون- المرض التوراتى الأوربى الأساسى فى العصور الوسطى 
- لا يكون لديهم علاج عملى. وياعتراف الجميع؛ لم يكن هذا للرغبة فى المحاولة فى 
إيجاد علاج . ففى أواخر القرن التاسع عشر تعامل الأطباء الغربيون مع الشولوجرا, 
مشتق من زيت شجرة هدنوكاريوس, استخدمه المعالجون فى الهند على مدى مئات 
السنين. ومع ذلك فحسبما ذكر عام 1895 “فى الحالات التى حدث فيها الشفاء. فإن 
الشفاء لم يكن نتيجة للعلاج (بالشولموجرا)» ولكنه التطور الطبيعى للمرض: )١0١(‏ 


على نفس المنوال حدث فتح جديد فى أوائل العشرينيات من القرن العشرين 
عندما وجدت طريقة لحقن زيت الشولموجرا فى المرضى. ولتعزيز هذا الأسلوب أسس 
ليونارد روجرز(نصب فارسا فيما بعد) جمعية رفيعة المستوى لإغاثة الجذام 
بالإمبراطورية البريطانية عام 1477. إلا أن النتائج كانت محبطة؛ فقد استمر العلاج 
الذاتى أكثر شيوعا من العلاج المقترح من الطب. وكما صرح روجرز بامتعاض عام 
373 “حتى الآن لا يوجد علاج معين للجذام بشكل عاء” (؟5١)‏ 

ومع ذلك: ظل أسلوب الشولموجرا الجديد مصادفة سعيدة لأغراض تبشيرية. 
ولتلقى سلسلة مستمرة من الحقن- فى إيتى كان ثمنها يدفع عن طريق العمل خمس 
ساعات فى الحقول - كان مطلويا من المرضى أن يعيشوا فى قرية جذام حيث يساهم 
عملهم شبه التطوعى فى نجاح زراعة زيت النخيل والقطن ومنتجات التصدير الأخرى. 
ولكن الأهم من ذلك . كان يقصد بمكافأتهم فى خدمة العمل تقوية إيمانهم بأن طب 


203 


الرجل الأبيض سوف يعالج جذامهم. وبهذا المعنى اعتبر جون إيليف أن العلاج 
بالشولموجرا كان " حيلة مسموحاء بها". لا يتقق عليها الجميع. (57') 

كان على اختصاصى الجذام روبرت كوشران الذى لا يعمل بالتبشير أن يضع 
شوكة فى بالون الشولموجرا. فى مؤلفه عن الموقف فى الهند عام 1577: أعلن كوشران 
أنه فى معظم المعازلء كان اثنان من ثلاثة نزلاء مجذومين فى مرحلة المرض التى لم 
تعد بعد معدية. وعلى الرغم من أنه اعتبر توفير الموى لهؤلاء المجذومين المعدمين 
مأمونى الجانب حاليا “عملاً إنسانيًا عظيمًا". فقد فعل القليل أو لم يفعل شيئا للتقليل 
من تفشى الجذام.” توسع كوشران فى هذه الرؤية فى محاضرته فى جامعة أدنبره عام 
١‏ والتى حظيت بتغطية صحفية كبيرة. ومن السخرية؛ أنه فى أوائل عام :1911١‏ 
فُضحت مغالطة المعزل» غير أن مقالة المجلة التى تم فيها هذا تجاهلتها الصحافة؛ ومن 
المحتمل أن المؤلف (دكتور خان بابادور ن. إتش تشوكسى) لم يكن لديه لون الجلد 
المطلوب من الذين كانوا خيراء فى الطب الحديث )١54(‏ 

وفى فترة ما بين الحربين, اعترف المراقبون الطبيون غير المهتمين فى الغرب أن 
العزل الإجبارى فى المعسكرات كان دون جدوى كثيرة فى منع انتشار الجذام. وما 
كان حسنا وجيدا فى حد ذاته؛ أن هذه الحقيقة لم تأخذ فى الاعتبار مصالح المهنة 
لمحترفى المعسكرات بعيدا عن المستعمرات. كان عمال مصابون بالجذام على مستوى 
عال فى الفيليبين الأمريكية نموذجا للمغتربين» الذين قضوا عشرين أى خمسًا وعشرين 
سنة متواصلة فى الخدمة قبل أن يستطيعوا الحصول على معاش تقاعد بعد عودتهم 
لبلدانهم. وفى عام ١1594‏ تباهى ممثلوهم فى مؤتمر القاهرة للطب الاستوائى أن 
نظامهم كان ينفق ثلث ميزانية الصحة الخاصة به على ضوابط الجذام العقابية. وفى 
عام 1915., بعد الانهيار المالى فى عام 94؟15: كانت السلطات الفلبينية أكثر صراحة: 
"يجب إقامة ضوابط الجذام على حقيقة أن المرض معد وينتقل عن طريق الاتصال... 
وتجمعت الأدلة بأن (هذا الاتصال قد يكون لفترة وجيزة ).” وهذا الادعاء(غير المدعم 
بعلم موضوعى) قد تم فى مواجهة تقرير يوضح أن السجن والإعاشة ل ١١.٠١‏ 


214 


ضحية فى مستعمرة كولين للجذام بين عام ١1107‏ وعام 195١‏ لم يكن له تأثير ملموس 
على معدلات انتشار الجذام. (**') 

يمكن النظر إلى عزل الجذام بطريقة هاواىء على أنه أحد الطرق لاعتماد نظام 
استعمارى مطلوب لإثبات أنه كان فى مجرى الحضارة. ولتصوير هذا الموقف جاءعت 
[مستعمرة - ت] جوا البرتغالية (الهند). وللبحث عن توضيح دورها كنقطة أمامية 
للقيم الغربية» قدم نظام جوا خططا لمؤتمر القاهرة فى عام ١1”4‏ لنظام حازم لحجز 
جميع المجذومين لديه. (161) 

كذلك, الإحساس بموقف دفاعى فى عالم معادء كان للمليون ونصف المليون من 
البيض الذين يعيشون بين سكان سود يفوقونهم عددا بعشرين مرة. شعرت حكومة 
جنوب أفريقيا المشهود لها بأنها 'الضامن لحضارة مسيحية على قارة أفريقيا , 
بواجبها نحو الإنفاق بسخاء على الجذام. وفى منتصف عشرينيات القرن التاسع 
عشرء جعلت من المعروف أنها قد استقدمت العلاج الجديد للسير ليونارد روجرز فى 
مراكز الجذام الخمسة التابعة لها. بعد ذلك فى عام :.١154٠‏ ادعت أنها أنفقت ما بين 
1-7 ملايين جنيه إسترلينى على الجذام؛ ويتكلقة سنوية لكل مريض حوالى 6١-5٠‏ 
جنيه إسترلينىء وفى السنوات العشرين الأخيرة أطلق سراح 15.5 معالجا من 
الجذام. من الواضع. بالنسبة لنظام الأقلية البيض هذاء أن 'الخطر الإمبريالي' القديم 
الذى أعلنه رئيس أساقفة جرانثام قى عام 1880 كان لا يزال دعامة مفيدة. ومع ذلك 
ففى حقيقة الأمرء كان القاتل الرئيسى بين الريفيين والمدنيين فى جنوب أفريقيا هو 
السل؛ وبالنسبة لهذا المرض لم توفر الحكومة إلا موارد محدودة("5'). 

وفى الجانب الآخر من العالم؛ فى سنغافورة» وجد نظام إمبريالى آخر فى 
أطروحة رئيس الأساقفة رايت عن "الخطر الإمبريالى' فائدة . وحينما كان فى 
سنغفافورة فى عشرينيات القرن العشرينء أدرك اختصاصى جذام برازيلى أن 
المجذومين غير المسببين للعدوى لم يكن يطلق سراحهم من معسكر الاعتقال المحلى, 
لأن قوانين مراقبة الجذام المكتوية فى القرن السايق لم تصدر حكما بالإفراج - إلا فى 


215 


حالة الوفاة. بعد عدة سنوات, فى عام ,:147١‏ علق على هذا الموقف المستمر بطريقة 
معارضة محرر فى 'ستريت تايمز". مدركا الهاجس الفضولى للأوربيين يجذام العصور 
الوسطى؛ ذكّر القراء أن السل كان مرضا معديا أكبر بخمس مرات من الجذام.. كما 
فى جنوب أفريقياء كان النظام لا ينفق شيئًا مطلقا على السل!4؟). 
من خلال المنظور الغربى للأشياء 'متحضر” مقابل 'همجى كان هناك تناقض 

وجدانى حول القدرات الضاغطة للجذام ويكتب دكتور روس كمراقب طبى لمعزل روين 
أيلاند عام ٠184؛‏ ( ليس من المشهورين فى الملاريا): 

إن الأجناس الأصلية النقية؛ مثل الزولى والكفيرى نادرا ما 

تصاب بالجذام؛ فى حين وجدت حالات كثيرة بين الكوريين 

والمهجنين من بين النساء الأصليات والبدى اليورن... يوجد أعداد 

كبيرة من الجالات(51), 


كانت هذه طريقة أخرى للقول بأن الجذام سببه تمازج الأجناس عن طريق 
التزاوج. 
بعد بضع سنوات أخرى؛ زعم إدوارد موير العالم والطبيب فى مدرسة كلكتا 
للطب الاستوائى أن انتشار الجذام كان مؤشرا لحالة الحضارة. فبين قبائل البدائيين 
الذين يعيشون فى التلال ولم تفسدهم الأساليب الحديثة» لم يكن الجذام معروفا بقدر 
كبير . ووفقا لموير» فقد كان المرض غير معروف أيضا بين الهنود من الطبقة الوسطى 
المتعلمين فى الحضر. لكنه استمر يقول : 
عندما نجد اتصالاً بين البدائى والأكثر تقدما هناك عند نقطة 
الاتصال نجد الجذام... ولسوه الحظ فإن السمات المقبولة الأكثر 
سهولة من الحضارة غالبا ما تكون الأقل مصداقية وعرضة لأن 
تكون خطرة ماديا وأخلاقيا عندما لا تقاوم ويتم التحكم فيها 
بالإجراءات الوقائية الممكن اكتسابها بأقل سهولة!١).‏ 


216 


خلط دكتور موير الحكاية المسيحية بالحقيقة الطبية ريما كان هذا غير مضرء 
فيما عدا تأثيرها على أولويات البحث وجعل الجيل التالى من عمال الجذام يذهيون فى 
المسار الخاطئ. وبصفته مسيحياء جعل من الواضح نفوره من الرجال الأفارقة فى 
الكونجى البلجيكية الذين كانوا متعددى الزوجات؛ إلا أنه يصفته طبييًا فقد قرر أن 
مرض الزهرى لم يكن عاملا ممهدا للإصابة بالجذام. ومع ذلك فقد كانت هذه هى 
طبيعة العلاقة التعليمية التى أخذها طلاب الطب الهنود التابعون لموير على علاتها بأن 
الأمراض الجنسية هى العامل الممهد للإصابة بالجذام. هذا الفهم الخاطئ - الذى 
حاكى تعاليم القرن الثانى عشر للأب بطرس رئيس دير الرهبان فى كلونى - كان 
جزءا غير جذاب من إرث الاستعمار(177), 

كان الأساس فى تفكير الباحثين الغربيين فى الجذام قيل ,.198٠‏ فكرة أن 
الشعب المتحضر فى كل مكان يتحاشى المجذومين؛ وأية جماعة ثقافية لم تتصرف بهذه 
الطريقة كانت تعتبر همجية أو على أفضل تقدير شبه متحضرة. وياستخدام هذا 
المعيار. واعتباره تخلفا كان الكجيزى فى أوغند!. وقد عمل ستائلى سميث بين هؤلاء 
الناس فى عام »115١‏ وفى طريقته المؤازرة كان متأثرا بمعرفتهم. وقد أحضرواء بناء 
على طلبه؛ الضحايا فى المراحل الأولى من المرض التى كان يتردد سميث فى قبولها 
إلى أن كشف خدشا إيجابيا من الأنف عصوية الجذام وأثبت أن خبراء تشخيص 
المرض البدائيين هؤلاء على حق. ومع ذلك فالذى جعل هؤلاء الناس همجيين هو عادتهم 
بالاختلاط دون حرج بالمجذومين. ومما أثار اشمئزاز سميثء اكتشافه "أن من المعتاد 
أن يجد المجذومين يتزوجون زوجات غير مصابات بالمرض” .(132) 

كانت الجماعات العرقية الأخرى التى تجاهلت الخوف من المجذومين؛ ويذلك 
كانوا غير متحضرين فى نظر الغرييين» توجد فى بلد غريب وهو أثيوبيا- حتى أعوام 
1975-70, التى كانت البلد الوحيد الذى لم يغزها الأوربيون. وكما حكى ريتشارد 
بانكوفرست, قبل الغزو الإيطالى: كان الشحاذون المجذومون فى كل مكان؛ يتزاحمون 
فى الأسواق وبلاط الإمبراطورء وكانوا أحيانا يقتحمون القصور الخاصة يطلبون 


217 


الإحسان. وفى ثمانينيات القرن التاسع عشرء نصح الممثل الألمانى لإرسالية الكنيسة 
لليهود؛ هنرى آرون شتيرنء الإميراطور بوجوب حبس المتسولين المجذومين الذين 
يرقدون فى كل مكان بشغب وهرجلة. وعلى ذلك كان رد الإمبراطور الشهير ' ألا يحمل 
ضميرى قدرا كافيا من البشاعة؟"9١1),‏ 

ربما كان الأكثر إزعاجا لمبشرين يخدمون وفقا لما عرفوا أنه احتياجات المجذومين 
- باتباع الأمثولة المسيحية- أن المسلمين المتعلمين لا يضعون الذين يعانون من الجذام 
فى فئة أخلاقية خاصة. وكلما ذهب المبشرون وجدوا الإسلام - فى الهند وإندونيسيا 
الهولندية وفى السودان وغرب أفريقياء وفى شرق ووسط أفريقيا. وقد وجدوا أيضا أنه 
مقابل كل واحد ينصرونه كان المسلمون يدخلون عشرة فى الإسلام. وفى عام 2١1105‏ 
عزا فردريك شيلفولد نجاح المسلمين إلى الحقيقة البيولوجية بأن أتباع محمد ( َيه ) 
كانوا من أهالى البلاد الأصليين» بينما كان المبشرون المسيحيون أوربيين بدون مناعة 
ضد الأمراض الاستوائية وتبعا لذلك, كانوا غالبا 'فى وضع ضعيف". ويشكل نموذجى 
فى مالندى بتياسالاند؛ بعد الرحيل المفاجئ لكاهن التبشير المريض ١1١5‏ تحول 
المسيحيون المتنصرون والمرشحون لمنصب كهنوتى إلى الإسلام بالجملة (!"") 

بعد تقسيم الإمبراطورية العثمانية القديمة بواسطة اتفاق معاهدة التحالف 
(1919) والدفاع المنتصر عن الأراضى التركية ضد الغزاة من غرب أورياء ظهر 
طوفان من الكتب الشعبية عن الإسلام فى أورباء ومن بينها "العالم الإسلامى فى ثورة 
و"الإسلام الشاب على الطريق". وكانت رسائلها الأساسية أن المسلمين الأكثر التصاقا 
بالحضارة الغريية كانوا غير مضللين بدينهم المحافظ ولكنهم لم ينفتحوا بعد على 
حقائق المسيحية. وفى الإدراك التبشيرى؛ ظل أتباع محمد ( كه ) هكذا قوة سريعة 
التقلب ومقلقة )1١9(‏ 

وبالنسية للعاملين فى حقل الجذام ما كان خطرا على وجه الخصوص بشأن هذا 
الآخر المسلم هو أن الإسلام تحدى المثل المسيحية ذات المغزى الأخلاقى. بالنسبة 


218 


للمسلمين المؤمنين لا يشكل المرض أى رعب. والحديث النبوى يشهد أنه ' أخذ بيد 
مريض بالجذام ووضع هذه اليد فى الطبق الذى كان يأكل منه وقال كل معى وأنا 
أؤمن بالله ولن يصيبنى المرض إلا ما شاء الله ويذكر حديث آخر بأن ' المرض لن 
ينتقل من شخص لآخر('') ومع ذلك فالأكثر قلقاء أنه بين عامة الناس ترجمت 
الأقوال إلى ممارسة عملية. وهكذا أثناء زيارة نيجيريا فى عام ١٠157؛‏ وجد دكتور ت. 
ف. ماير أن" بين أتباع محمد فى الشمال لا يوجد خوف من المرض. ومن الصعب 
حتى منع الأصدقاء والغرياء من النوم فى معسكرات الجذام أثناء الليل."7"') هذه 
مواقف مختلقة تجاه الجذام, بالنسبة للمسيحيين مرض الروح: وبالنسبة للمسلمين 
مرض للجسدء أضافت عبئًا على مخاوف المبشرين بأنه فى المناطق الأفريقية 
والآسيوية حيث كان المرض منتشراء فريما لا يكون المستقبل لهم . 

كانت مصداقية العلم الغربى كقوة علمانية حميدة تزداد عن طريق الفتوحات 
العلمية لما بعد الحرب العالمية الثانية فى علاج الجذام, ففتحت عقاقير الكبريتيد فى 
خمسينيات القرن العشرين المجال للعلاج المتعدد بالعقاقير فى ثمانينيات القرن 
العشرين. والآن أصبح لدى الغرب أخيرا العلاج الناجع؛ ما كان مطلويا طبيا قو 
التعرف على من يعانون من المرض فى مراحله الأولى!*) وتشجيعهم على الذهاب 
طوعا إلى العيادات الخارجية لتشخيص المرض لكى يتعلموا كيف يأخذون بأنفسهم 
العقاقير بشكل منتظم . وكان من المفترض أنه إذا نجح هذا الأسلوب. فسوف 
تغلق قنوات العدوى الجديدة والقضاء على الجذام؛ فى منطقة تلو أخرى إلى أن 
ينقرض مثل الجدرى.(14") 


(*) يصف الرازى فى كتابه "الحاوى فى الطب" علاج الجذام فى مراحله الأولى ويذكر 'ابتداء الجذام: صمغ 
أبيض وبورق وكندر وكبريت أصفر بالسوية. يسحق بالخل ويقرص فى الظلء ويطلى عند الحاجة بخل, 
يتنبل يمناء قاتز : (كلة بورق كلمة معرب :تعتى ملع النطرون: والكندن فل اللبان- انظ أخراض نه 
الطب عند الرازى كما تبدو فى كتاب الحاوى - رسالة ماجستير غير منشورة - كلية دار العلوم - 1517/8 
ص .35١‏ 


وهكذاء فكما توقع جاسى وتراسى فى عام ,151.١‏ أصبح الآن العلاج العلمى 
الفعال ممكناء واعتبار الجذام ' مرضا لايعيب” بدون وصمة عار أو توييخ يهدد بتدمير 
ما اعتبره الممسيحيون ثروة روحانية فعالة. وفى مؤلف عام 11484١ء‏ وجد أنثرويولوجى 
هندى فى جامعة رانسى أنه: 

لسوء الحظء لا تزال وصمة العار والخوف من الجذام موجودة؛ بدرجة أكبر 
بين الفئة الحضرية الأكثر تعلماء بما فيها أساتذة الطب. إنه ليس أقل من خزى 
للبشرية جمعاء("07), 


220 


هوامش الفصل الثانى 


١١1, 1١4 .-137 ,)١8484 , هترى رايت. مرض الجذام وقصته: العزل وعلاجه (لندن: ياركر و شركاه‎ )١( 
أنظر أيضا: هنرى رايت, مرض الجذام خطر استعمارى (لندن؛ تشرشل؛ 1884). ذكر فى العهد الجديد‎ 
شخصان مصايان باليرص : فى إتجيل يوحنا: 1-44:!| أبرص بيت حانون الذى رفعه السيد المسيح من‎ 
الأبرص هو الشحاذ المريض على باب الرجل‎ ,1١-19 :1 الموتى هو أخ لمارى ومارثا؛ وفى إنجيل لوقا‎ 
يتضمن حكاية رمزية عن السيد المسيح والمجذومين العشرة الذى‎ 15-١7 :١1 الغنى. وفى إنجيل لوقا‎ 
أشار إلى القساوسة بأن يعالجوهم .رويرت بويث وإمكانية الاستيطان الأورويى فى الهندء "استعمار‎ 
.591 .)١191١١ (يوليى‎ 1٠١ أفريقياء "مجلة المجتمع الأفريقى الملكى 6العدد:‎ 

(') جورج ثين ؛ مرض الجذام (لندن؛ بيرسيقال, ,))١49١‏ /, 

(") ثين» مرض الجذام؛ ١,7١,‏ تأكيد موظف الصحة تأاكيدات إكورن على 'الخطر الاستعمارئ" : [ مستندات 
برلانية . 1446 ] |]الاا مرض معد 27/847 "١50؛‏ إتش . أى . أكورث. ' مرض الجذام فى الهند؛ "مجلة 
الطب الاستوائى ) اامايو ,)١499‏ 71؟, انظر أيضا السير موريل ماكينزي, "الإحياء المخيف امرض 
الجذام. 'سلسلة مقالات طبية وجراحية وود (نيويورك؛ وودء .)١69٠‏ 

(8) باتريك فينىء المعركة ضد مرض الجذام (لندن؛ كتب 616اآ, ,)١978‏ 97,16 فى يونيى 1196 ترأس 
البابا قداس تطويب على روح دميان. 

(5) مارى دوغلاس. 'السحر ومرض الجذام: استراتيجيتان للمنع . “الإنسان. سلسلة جديدة. الالالا 
ديسمبر .)1991١‏ 77/ا-537؛ تشارلز كريفتن. تاريخ الأويئة فى بريطانيا من سنة 114 ميلادية وحتى 
انقراض الطاعون (كامبردج؛ فى مطبعة الجامعة. 4١١7-75 ,)1461١‏ جوناثان هتشنسون ٠7أتانانالا‏ 
0,» عن مرض الجذام وتناول-السمك: بيان الحقائق والتفسيرات (لندن» أرشيبالد كونستايل: ,)١1905‏ 
لإا 


(1) زخارى جوسو وجورج إس . تريسى, 'الندبة وظاهرة مرض الجذام: التاريخ الاجتماعي للمرض فى القرن 
التاسع عشر والقرن العشرين", نشرة تاريخ الطب /الاا (1970), 454-470؛ ميجان فوجن؛ 'بدون 
المعسكر: المؤسسات والهويات فى التاريخ الاستعمارى مرض الجذام, "فى علاجها لأسقامها :القوة 
الاستعمارية والمرض الأفريقى (كامبردج. مطبعة حكومية, .)159١‏ 88 انظر أيضا ريتا سميث 


كيب "الاستعمالات الإيفانجيلية لمرض الجذامء "العلم الاجتماعى والطب 6(|6!! العدد:؟ )١994(‏ 


تلمكا 
(9) بى بى 1813-14174 الا - | مرض معد .١118.,581١5‏ 


(4) بارى آر . بلوم وتور جودالء "الرعاية الصحية الأساسية الانتقائية: استراتيجيات للسيطرة على المرض 
فى العالم النامى. ./ا مرض الجذام, 'مراجعات المرض المعدى لا العدد:؛ ,)١19485(‏ 80-1916 ؛ ديليى. 
سى . إس . سميثء "مرض جذام: التخلص من مرض الجذام وفرص إعادة التأهيلء ' المبضع, 
الا1 © © (1 يناير 15575), 44. 


(4) دبليى . فيلتون روسء ' السيطرة على مرض الجذام: الماضى والحاضر والمستقبل" محاضر جلسات 
ورشة العمل الدولية السيطرة على مرض الجذام فى آسيا (جمعية إغاثة مرضى الجذام بتايوان 1943), 
115-117؛ ستيفن إيل, "حمية ومرض جذام قى الغرب فى القرون الوسطئ: النبيل المصاب بداء الجذام” ؛ 
جانوس: مراجعة دولية |الاكاا (1940) 117 , ؛ إس . كارتيكيان, " البعد الثقافى الاجتماعى فى 
محاولات لقاح مرض الجذام "مراجعة مرض جذام الا االعدد:.ه (:195). 


)٠١(‏ إيرنست موير “الأفكار والممارسات المحلية بخصوص مرض الجذامء: "مراجعة مرض جذام االا 
العدد:1953(4), 194,37 


)1١(‏ أى . سانتراء 'تقارير مسح: مسح مرض جذام فى البنجاب, "مرض جذام فى الهند |||العدد: ؟ (أبريل 
70 كى . آر ٠.‏ تشاترجىء 'تقارير مسع: تقرير عن عمل مسح مرض الجذام تم فى مركز 
شرطة سالباني. مدنابور, البنفال, “الجذام فى الهند /ا! العدد: ١‏ (يناير . ”197): 457 كينيث كى . 
كيبل: العبد الكاريبى : تاريخ بيولوجى (كامبردج؛ مطابع جامعة كاميردج, 19814): 159؛ هتشنسون , 
عن مرض الجذام: طبقا لقاموس السيرة الذاتية القومية 14721١-1517‏ هتشنسون "يضيف الكثير إلى 
معرفتنا ] عن مرض الجذام [ويعرض العديد من الأفكار الخاطئة . لكن وجهات نظره لا تتفق مع القبول 
الواسع؛ على الرغم من أنه أيدها بقوة حتى النهاية. . 

)١(‏ إل . إم . إرجنزء 'الجذام فى النرويج: دراسة لعلم الأوبئة تستند على سجل المرضى القومى: مراجعة 
مرض الجذام إل آى: إضافة :150-١ ,)198.( ١‏ أكورث؛ "الجذام فى الهند, ؟؟؛ دميتريوس أل. 
زمباكو, الجذام خلال القرون والأقطار(ياريس؛ ماسون وسيى؛ 1514), ,110-18٠‏ 

(؟1) استثناء جزئى الذى حرر فيه الطبيب كتابات عن الجذام: يوشع-راغوارء الجذام فى مالييزياء الماضى 
والحاضر والمستقبل »كاتب الدكتور كيه. راجاجويالان (يوشع-راغافار سونجاى بولوه.سيلانجور: غرب 
مالايزيا: 1547). زيارة إلى أبوزعبل مجاملة للدكتور عادل أبوسيف بجامعة قناة السويس. 


)١4(‏ كيث مانشستر . 'الجذام: الأصل وتطور المرض فى العصر القديم'. بواسطة دانيال جوريفتشء كاتب: 
المرض والأمراض ., التاريغ وتكوين الافكار (جنيف, مكتبة دروز . 1555). 15-151. 


نم 
نا 
كا 


(16) إف . إف . كارترايت, التاريغ الاجتماعى للطب (لندن: نونجمان, /ا/512(151؛ عن المسلم “الآخر” : 
إدوارد سعيدء الاستشراق (لندن: روتلدج 8 كيجان بول. )١1374‏ وثقافة الإعسبريالية (لندن, شاتو 


ويندوسء 195517). 


(17) ميركو دى جرميك؛ الامراض فى العالم الإغريقى القديم ' مترجم. ميريل مولينير ولينارد موليئير 
(بالتيمورء مريلائد ؛ مطبعة جامعة جونز هويكنز, 1944), 5ه11-1؛ مانشسترء "الجذام, 4١-4."‏ 
يناقش نوتون "التأثير الحاسم على الطب. . . لمكتبة الإسكندرية» الجزء الرئيسى الذى أحرقه جوليوس 
قيصر: فيفيان نوتون, 'معالجون فى السوق الطبى: نحو تاريخ اجتماعى لطب أغريقى - رومانى, " 
بواسطة أندرو ويرء كاتب 0 الطب فى المجتمع: المقالات التاريخية (كامبردج, مطايع جامعة كامبردج, 
,)١555‏ -755 احتراق: أنظر مصطفى العبادى» حياة ومصير مكتية الإسكندرية القديمة (باريس, 
منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة / برناج الأمم المتحدة الإنمائى , 199”7) طبعة ثانية؛ 
كريستيان ميير» جوليس قيصر(لندن: هاريركولئز. 1956), .1٠١‏ 


)١1(‏ جيوفاني تاباكى. الصراع من أجل السلطة فى إيطاليا من القرون الوسطى (كامبردج؛ مطابع جامعة 
كامبردج, ,)١1949‏ 45؛ مارى دوغلاسء الطهارة والخطر: تحليل مفاهيم التلوث والحرام (لندن» روتلدج, 
1وا). 


(14) مقتبس من أر . أى . مور. تشكيل مجتمع مضطيد: القوة والانحراف فى أوربا الغربية خلال الفترة 
من عام .175600-36 (أكسفورد, باسل بلاكويل. 1541), 54. 

(19) مقتبس من ايه . موريو نئيريه, عزل الأمراض فى العصور الوسطى ومشكلة المجذوم الشارد' "اتحاد 
جمعيات التاريخ والآثار فى أسيا: تقرير ا/اا (1510), ؟؟؛ تين, الجذام, .١0/‏ 

(؟) مارك وايتوء “حكم المدينة فى أواخر العصر الروماني والييزنطى المبكر: تاريخ مستمر”»؛ الماضى 
والحاضر!011)1) (نوفمبر ,)195٠‏ 593-7؛ نوتون» 'إغريقى - روماني 387 , والصفحات التالية. ؛ 
نانسى جى . سيراسى, الطب فى القرون الوسطى عصر النهضة المبكر (شيكاغى. مطبعة جامعة 
شيكاغرى, ,)155٠‏ ٠-١1١!؛‏ بيتر براون» عالم العصر القديم المتأخر ٠6١ا-.هلا‏ ميلادية (نيويورك: .وى 
. نورتن. 4ذا), /ا11-لم غ١‏ 1 

(١؟)‏ ريتشارد هودجز وديفيد وايتهوس. محمد شارلمان وأصول أوروبا (إيثيكا. نيويورك» مطبعة جامعة 
كورئيل. 6ىةا), 64 جورجيه دوبى.» 83-7 الكائدرائيات: الفن والمجتمع لخرش-. 32815 مترجم. إلينور 


(١")ت‏ .ن . بيسون. " ثورة إقطاعية ' دورية الماضى والحاضر الاكا0) (فبراير ,))١594‏ .؟-4؟,. 


(؟1) كاثرين بارك؛ "الطب والمجتمع فى أورويا القرون الوسطى فى القترة ما بين عام "16٠١-0...‏ بواسطة 
وير , الطب فى المجتمع, .71 7/-6!: آرون جورفيتش؛ الثقافة الشعبية فى القرون الوسطى: مشاكل 


223 


الاعتقاد والفهم (كامبردج. مطابع جامعة كامبردج. ,)١199٠‏ 8-74/!! بول قوراكرء "التاريخ الميروفينجى 
(الاسرة الفرنجية التى تولت الحكم فى بلاد الغال) وكتاب عن حياة القديسين الموريقنجيين ٠‏ الالالان) 
الماضى والحاضر ,)١1990(‏ 78-1 , وجد سيراسى أن أحد المشرفين القليلين جدا للصحة المذكورين 
فى نصوص القرن السادس كان كاستراتور 0351/2310 الذى تلقى تعليمه فى بيزنطة ويعيش فى 
بواتير؛ سيراسىء القرون الوسطىء .٠١‏ 

(4؟) غودفرى جودوين, أسبانيا الإسلامية (لندن» بنجوين , ,)194٠‏ 45-47؛ لويس غارسيا- باليستر, 
التغيرات فى النظام الصحى: دور الأطباء اليهود. "ومارك زنير "القوة الشافية للسان العبرى: مثال من 
إنجلترا فى أواخر القرن الثالث عشرء" كلاهما بواسطة شيلا كامبيل بيرت هول وديفيد كلوسنرء كتاب, 
الصحة, والمرض والشفاء فى ثقافة القرون الوسطى (نيويورك. مطبعة سانت مارتن, 19937), 771-1177 . 


العربى فيى القرون الوسطىء 'مجلة تاريخ الطب /2001 (قلاةا), 6 أنظر أيضا أر. جى . 
كوشرانوت . ف :اتيفى .كتاب: مركن جذاع النظرية والممارسنة (يريسكول: جون رايت والايناء: 
,ك1 

إفة دولز. 'مرض الجذام, 5873-5667؛ دولز 0015], الجذام, "الموسوعة الإسلامية, طبعة جديدة,. ملحق 
(ليدن, إى . جى . يريل. ,)154٠‏ --7784, انظر أيضا حيدر أبو أحمد محمد 'مرض الجذام - 
موقف المسلم . مراجعة مرض الجذام ااا (1544ا), /11-اك, 


(0؟) هتشنسون, عن مرض الجذام: ٠١4‏ عن اللفة: سيث شوارتزء 'اللغة والقوة والهوية فى فلسطين 
القديمة, الماضى والحاضر || الا الا 0 أغسطس .4١-4. ,)١990‏ إتش . إم . كويلينج وأ . شتلر 
سكيرء "مرض الجذام: داء الفيل مرض الجذام فى العصر القديم, " بواسطة إتش . إم . كويلبنج» وأخرون 
(زيوريخ» جيورى. 19177). ٠١١‏ أكد دولز فى عام 1979 'بأن أدلة حفائر العظام... لم يعط أية إشارة 
عن مرض الجذام فى فلسطين التوراتية ': دولز, 'مرض الحذام. 5317 
(9؟) صموئيل أس . كوتيك؛ الطب والنظافة فى أعمال فلافيوس يوسفيوس (ليدن, إى . جى . بريل: 11554), 
دا ينا 


(باريس, طبعات إيماجو, 1444). 1-14 4؛جريمك. الأمراض, ١7١-1754‏ ,دولزء "مرض الجذام: 57؟5. 
1م مور التكوين, اميا دوغلاس,» "السشحر ومرض الجذام» ااا تلا 


(؟؟) سوزان رينولدز. ممالك ومجتمعات فى أوربا الغريية فى الفترة ما بين عام ٠.5-..؟١‏ (أكسقورد. 
مطابع كلاريدون 7:)19454١-10؛‏ جيرالد هاريسء 'المجتمع السياسى ونمو الحكومة فى إنجلترا فى 
أواخر القرون الوسطئ" الماضى والحاضر ||الالالاا© (فبراير 1997), 075-857, ل" سمعة" إتجلترا 


فى القرن السابع عشر : أنابيل جريجورى: السحرء السياسة والجوار الجيد' الماضي والحاضر 
ألكا6ا0) (نوفمير ,)1991١‏ 3-171 


(؟؟) سيراسى أ5أ518: القرون الوسطى, 58-01؛ زئير "القوة الشافية,“ ؟١١١؛‏ بارك, "الطب والمجتمعء' 
لو للم 
همذ ). اا 


(0") كارلو جنزبرج:: حالات النشوة: تفسير معني سبت الساحراتء مترجم . رايموند روزنثال اةطامع505 
نيويورك. ينجوين: ,)199١‏ 41-517, 

اله غاى دى شولياك» كاتب إى 9 نيكيز[ياريس»٠فيليكس‏ ألكان, 4)/, غء* والصقحات التالية. 

- لوقا ديمترى: ' وصف وتشخيص مرض الجذام من قيل أطباء القرن الرابع عشرء “نشرة تاريخ الطب 
ا ,)١1946(‏ /544-5517؛ بيتر ريتشاردزء المصاب بداء الجذام في القرون الوسطى وورئته الشماليون 
(لندنء دى . إس . رومان 1011/5731 وليتل فيلد؛ /ا/91١),‏ 59-94؛ موريو-ئيريه؛ 'العزل". ,584 


(4؟) مايكل آر . مكفوج, الطب قبل الطاعون: الممارسون ومرضاهم فى تاج أراجون, ١740-١786‏ 


(9؟) برياك. التاريخ .١٠٠‏ 


(١‏ ميشيل فوكوه. الجنون والحضارة: تاريخ الجنون فى عصر العقل ٠‏ مترحجم . ريتشارد هاوارد (لتدن. 
تافيستوك. 0-4(155717). 


)١(‏ يلاحظ يارك "أنه بحلول القرن الثانى عشرء فترة ظهور الصفوة المهتمين بمرض الجذام -حوالى نصف 
كل المستشفيات الجديدة كانت من هذا النوع ] مستشفيات جذام بارك, "الطب والمجتمع", ١ل.‏ 


(؟4) رويرت إس . لوييزء الثورة التجارية فى العصور الوسطى فى الفترة ما بين ٠965-.0؟١‏ (كامبردج, 
مطابع جامعة كامبردج, ١/191)؛‏ جورجى دويى , الاقتصاد الريفى وحياة البلاد فى الغرب فى القرون 
الوسطىء مترجم. سينثيا يوستان (كولومبياء مطايع جامعة كارولينا الجنويية, 1934١)؛‏ كارلو إم . 
كيبولاء قبل الثورة الصناعية (نيويورك. نورتن» 19171)؛ جانيت إل . أبو لغد. قبل الهيمنة الأورويية: 
النظام العالمى ١6١-١565.‏ ميلادية (أكسفوردء مطبعة جامعة أكسفورد, 1945), -١760‏ /ا2, 


)5غ آر . ديليو . المجتمع الغريى الجتريى والكنيسة فى العصور الوسطى (هارموندسورث, بتحوين 
(:ا5ا). مكل 


)ع مقتيس من بيسون» الثورة الاقطاعية. 2 


(2:) جاك لو جوف القرون الوسطى الخيالية: رسائل (باريس, جاليمارد )١946.‏ 404١-548١؛‏ جورجيه دوبى 
لإطناناء الفارسء. والسيدة والكاهن: إجراء الزواج الحديث فى فرئنسا القرون الوسطى» مترجم. باريرا 

)3غ) إل : كى . ليتل. الفاقة الدينية واقتصاد الريح فى أورويا القرون الوسطى (إيثيكا, تيوبورك. مطيعة 
جامعة كورتيل» 4اذ١ا),‏ -.8/؛ جايلز كونستايل» اتجديد وإصلاح الحياة الدينية: المقاهيم والحقائق» 
' بواسطة روبرت بنسن وجى . كونستابل ,كاتبان. عصر النهضة والتجديد فى القرن الثاني عشر 
(أكسفورد, مطايع كلاريدون: ,)194١‏ 1ه-رلاه 

0 ليتلء الفاقة الديتية, 9/ا-.8. 

4 مقتيس من جون لارئر » إيطاليا فى عصر دانتى وبترارك ١78.-1515‏ (لندن, لونجمان. .4ذا) 0 
جامعة كورنيل, ١١60 , ,)١51/5‏ سجن الملك فى المنصورة يعتبر حاليا متحف عام. 

)20( مقتبس من المصدر السابق؛ .١77/‏ 

)١1م‏ جاسو وتريسى» 'وصمة عان, و غ-ة ]1 

(59) مارك بج, "الجسد والسلطة: جذام ملك بلجيكا :لا! السجلات الرسمية للأحداث :الإقتصاديات. 
المجتمعات , والحضارات الا عدد:؟ (1550), مكك-/ام؟, 


(55) إى . جينزلم , ' كيف حمت أورويا نفسها فى القرون الوسطى من الجذام ” نشرة الجمعية الفرنسية 


(64) كريغتن, الأويئة, لا١٠.‏ 


(58) ماركوس بولء التقوى الفروسية والرد العامى على الحملة الصليبية الأولي: 200 5أ5ناه2نا 106 
917٠١03850011‏ تقريبا-. 1١١7‏ (أكسفورد» مطايع كلاريدون, 19517) 37-5037١25؛‏ بيسون, 'الشثورة 
الإقطاعية؛ جى . اتش . موندى, "المستشفيات والمجذومين فى القرن الثالث عشر الثاني عشر وأوائل 
القرن الثالث فى تولوز ؛ ' بواسطة جون إتش . موندىء وآر . دبليى . إيمرى وبى . إن . نيلسون ,كتاب , 
مقالات فى الحياة والفكر فى القرون الوسطى (نيوديورك؛ مطبعة جامعة كولومبيا. ,)١546‏ 191-149, 

(51) سايمون ميسمين, والرين كونت من ميلانو ومستشفى الجذام ' » إس . جلز دى بونت أود مير ٠‏ يوميات 
نورماندى 727611 (1945)/, 18؛ فرانسوا أوليقير توتاى. مدخل إلى المرض وظاهرة دخول المستشفى 
فى القرن الثاني عشر والثالك عشر :مستشفى البرص جراند-يوليو فى كارتيه' تاريخ العلوم الطبية 
/اأا العدد:١(1940١)/,‏ 852؛ بيسون, "الثورة الإقطاعية, 7 153, 


226 


(01) ألبرت بورجواء المجزومون ومستشفيات البرص فى مضيق كاليه : [ القرن العاشر إلى القرن الثامن 
عشر ] (أراس» اللجنة الإقليمية للنصب التذكارية التاريخية, ,)191/١‏ لاالا. القسم الثانى ه55-5 بيتر 
بوث 001, مستشفيات الجذام فى غرب بوميرانيا فى القرون الوسطىء 'مجلة دولية من مرض الجذام 
السابعة (158:)19559؛ برياك» التاريخ: ١/5,‏ 


(5) مقتبس من ليتل ؛ الفاقة الدينية: 0٠‏ جاك لوجوف, مثقفون فى العصور الوسطى (أكسفورد. باسل يلاك 
ويل 1537) لم يذكر بصورة عملية المساهمة اليهودية. 


(59) مورء التشكيلء ١8٠,‏ أنظر أيضا براين ستوك , نتائج الثقافة : اللغة المكتوبة ونماذج التفسير فى 
القرن الحادى عشر والثانى عشر (كاميردج: مطابع جامعة كاميردج, ؟198): .35٠‏ 

١١6,-1١5 زيرء " القوة الشافية”‎ )٠١( 

. 59 بارك ؛ “الطب والمجتمع, '7؛سيرايسي, القرون الوسطى:؛‎ )1١( 

)1١(‏ مور, التشكيل, 49؛ كوتيك ؛ الطب والنظافة, 87؛ جنزيرج؛ حالات النشوة؛ 4؟؛ ثين» مرض الجذام, ؟- 


4؛ محمد يك خليل؛ مؤلف, التقرير الخامس: المؤتمر الدولى للطب الأستوائى وعلم الصحة, القاهرة, 
مصر ؛ د سمير 010 القاهرة» مكتب مطبعة الحكومية. 13 2 و55 


(17) ساكن المدنء المجذوم ‏ 19-74؛ برياكء التاريخ, "/ا-1لا؛ جون جى أندرسونء, دراسات فى تشخيص 
67 ا :10 أألكاقة5لا, 6كؤا ), 


(14) كيث مانشستر وشارلوت رويرتسء باثولوجيا حفريات الجذام فى بريطانيا : مراجعة:. " علم الأآثار 
العالم |الاالعدد : ؟ (53119-573.)19849؛ مايكل فيرلى وكيث مانشستر ٠‏ 'مقيرة مستشقى الجذام 
للقديسة مارجريت؛ هاى ويكومب , باكنجهامشير . “علم الآثار فى القرون الوسطى) |[اغااا (1949), 
44-7؛ إييل: "الحمية ومرض الجذام, "١2١؛‏ مانشستر؛ “مرض جذام, “45. 

(15) للنتائج المفصلة لبرامج النحت؛ إتين هوفيت: دير رهبان الكاتدرائية (نانسى باريسء أبناء سبلمان , 
)انظر أيضا ديفيد ماركومب وكيث مانشسترء ' رأس الجذام ': تحقيق تاريخى وطبىء "تاريخ 
طبى /االالاا (199): 41-87: لإدعاء غير مؤكد حول كولار. أنظر : شولاميث شاهار؛ 'مجذومين 
ليسوا مثل الآخرين : نظام القديس لازار فى المملكة اللاتينية للقدس ؛ “مراجعة تاريخية |الاكا 06 
(45ؤا) 79, 


(17) هتشنسون. عن الجذام, 84!؛ . بيتر ريتشاردن؛ الجذام فى القرون الوسطى, *155-1159. 


(17) برياك, التاريخ ‏ ؟50. 


(يرنستون: مطبعة جامعة يرنستون . 1947)؛ جون لانجبين . محاكمة الجريمة فى عصر النهضة: 
إنجلتراء المانياء فرنسا (كامبردج, ماساشوتس , مطبعة جامعة هارفارد ,(19174) 


(19) دى شولياك, 404 011101016) 013006 3ا؛ روثا مارى كلاىء, المستشفيات فى إنجلترا القرون 
الوسطى (لندنء ميثيون 15.5), .31١‏ 

022( مقتيس من كلاى. المستشفيات. 0 

١١م مقتبس من كريفكن» الأويئة,‎ )١( 


(/) فوكوه, الجنون, 5 انظر أيضا أيه ٠.‏ أس . ليونز وار حى. بتروشيللى, الطب. تاريخ توضيحى 
(نيويورك. أيراهامز. 151/4) , 7164, 784. 


(؟7) كريغتن, الأويئة, 4١١7-55‏ ميتشسون؛ عن مرض الجذام, ,.5.57-14٠‏ 

(4) موريق نيريه؛ العزل" 51. 

() ريتشاردز. الجذام فى القرون الوسطى, .١55-17١‏ 

(71) إيمانويل؛ الملك لوردى مونتيلو: الأرض الموعودة بالخطاء مترجم . بى . براى (نيويورك: جى ببرازيلر, 
)717 

(7) جينزلم ؛ ' كيف كانت أوروياء "4-/0؟. 

(78) بيراك. التاريخ 7١2؛‏ موريو نيريه, العزل , 57-1517 


(9/) ريتشارد مورتيميرء ' مقدم دير بتلى والمجذموين فى غرب سوميرتون» 'نشرة معهد البحث التاريخي 
اانا العدد:؟١(.154), 30٠١‏ 


(40) مقتبس من المصدر السابق . ٠١١,‏ لسنة١157١:‏ مالكولم باربر, " المجذومون «اليهود والمسلمون: مؤامرة 
لإاسقاط الممسيحية فى عام ١57١.‏ “تاريخ الاكاا (1941) 41-١‏ حنزْنبرج, حالات التنشوة , 
11-57؛ تشارلز إتش . تايلور. 'جمعيات فرنسية وإعانة مالية فى ١77١‏ “منظار جوفى : مجلة 
دراسات القرون الوسطى !الا العدد:؟ (44-117/,)1534؛ سى . جى . تايرمان, 'قيليب الخامس 
فى فرنساء جمعيات 1770-1515 والحملة الصليبية: "نشرة معهد الأبحاث التاريخية |ا/اا العدده؟١‏ 
ينة الكن 


(41) مقتيس من باربرء ' المجذومون , .١47‏ 


(85) مكفوث, الطب, ١٠؟5,‏ 


(487) ساكن المدن , المجذوم ٠‏ 18؛ مكفوخ, الطب؛ .77١‏ 

)م) مقتيس من الملك لوردى مونتالليو, م26١‏ 
41- بيراكء التاريخ: ١١٠؛‏ جنزئبرج ٠‏ حالات النشوة, 5-49؟5؛ جون بى . فريدمان. ' كان لديه ألف 
قتيل بهذا المرض الويائى : رمزية الطاعون فى العصور الوسطى المتأخرة, ' بواسطة فرانسيز إكس . 
نيومان: كاتب. . الاضطراب الاجتماعى فى أواخر العصور الوسطى (ينجماتون , نيويورك. من القرون 

(45) يوان كاميرون؛ الإصلاح الأوروبى (أكسفورد. مطابع كلاريدون؛ ,(195١‏ 17؛ إس . جى . واتس. "عالم 
جامعة متشنسون؛ 13484) 1179-١١5؟؛‏ جون بوسى ؛ المسيحية فى الغرب (أكسفورد, مطيعة جامعة 
أكسفورد. 4,-١ ,)١1940‏ أمثلة لإنتشار الكنائس الصغيرة للمجذومين. بواسطة فيرلىي ومانشستر» 
"المقيرة, ”48. 

(41) جنزنبرج حالات النشوة ؛ نورمان كوهن؛ شياطين أورويا الداخلية (لندن, شاتو, ه191)؛ ريتشارد 
كيكيفير 786]©67)ا1)160, محاكمات السحرة الأوروبية: مؤسساتهم فى الثقافة الشعبية والمتعلمة, ا 
١6.‏ (لندن, روتلد كلاول)؛ أن هيويثئر- موران: جامعة جورج تاون» إتصال شخصى,» مارس 5 
ديمترى» أوصف وتشخيص '؛ ريتشاردز:. الجذام فى القرون الوسطى» 445-48 موريق ذيربا 3 العزل 0 


غ؟ 
,080 كريفتن. الأويئة, ع4 وليام ماكنيل, الطواعين والشعوب (جاردن سيتى: كيويورك, أنكور, للمول/, 
/لاه١ا.‏ 


(440) دوغلاس» 'الشخر ومرض الجذام, 1 وال م ستيفن آر ٠.‏ أييل, ثلانة أزمنة, ثلائة أماكن, ثلانة 
مؤّلقين ومنظور واحد على مرض الجذام فى أوروبا الحديثة فى القرون الوسطى والمبكرة. 'مجلة دولية 
عن مرضص الجذام االانا العدد:ة (ديسمبر 4), اال الى 

(49) روجر كارتيرء الأصول الثقافية للثورة الفرنسية. مترجم . ليديا جى . كوشران ) 00617806دورمام, 
تورث كارولينا » مطيعة جامعة الدوق . 1١5-117 ,)195١‏ أرليت فارج 8:08 وجاك ؛ قواعد 
التمرد: عمليات اختطاف طفل فى باريس قى عام .١75٠‏ مترجم . كلوديا ميفيل ) 8!|أنا1]/ا كاميردج, 
مطايع حكومية 1955). ْ 

)٠0(‏ بى . جى . كين وأى . جى . هويكنزء الإمبريالية البريطانية: الإبداع والتوسع, 1914-١744‏ (لندن: 
لونجمان. 1991) 18٠‏ مرارا. 

ضاق ا وق كروسبى» 'إخلاء فاواى كنموذج للتجريبة الهندية الأمريكية 4 بواسطة تيرينس رانجر وبول 
سلاك, كاتيان. الأويئة والافكار: المقالات عن الفهم التناريخى للوياء (كاميردج, مطايع جامعة كاميردج, 


229 


2١1١-١170 7‏ أدرج الإحصاء السكانى عام ,11.٠‏ 51.144 مواطن من ماواى ؛ وكان العدد 
فى عام 197٠١‏ فقط 1١١.735‏ شخص: إن . إى . وايسون 500إ3/ال/ا, 'مرض الجذام فى هاواى: 
'مراجعة مرض الجذام | |االعدد:١‏ (يناير 19157), ١7,‏ وفى عام 198٠‏ ؛ حدث تغير كامل ؛ ألهمت 
به حركة وعى عرقية هاواية. أنظر أيضاء مارشال ساهلينز 581/1055 كيف يفكر المواطنون فى الكابتن 
كوك على سييل المثال (شيكاغو, مطبعة جامعة شيكاغى, 1956). 

(45) مقتبس من ديفيد إى . ستائرد. محرقة أمريكية: كولوميوس وغزو العالم الجديد (أكسفورد, مطبعة 
جامعة أكسفورد, 1997), ١44‏ أنظر أيضا: ريتشارد هنرى داناء سنتان كضابط بحرى تحت التمرين. 
(نشر بوسطن أولاء 5خ تيويورك. كتب يتجوين» 54 كل 

(97) مقتبس من الف اس . كيكندالء المملكة الهاواوية 1468- 14174: عشرون سنة خطرة ( هونولولى, 
مطايع جامعة هاواى: 17ة١),‏ الى 

(95) رونالد تاكاكى: باو هانو: الحياة والعمل فى المزرعة فى هاواى, ١4720-١41717‏ (هونولولوء مطابع جامعة 
هاواى, 46ذا), ا جاسو وتريسى» 'وصمة عار. ::١-49‏ لماذا يتجنب الباوايون دائما "الطب 
العلمى” بالمصادفة: دانا. ضابط بحرى تحت التمرين: .11-91٠‏ 

(15) مقتبس من جيمس كانتئى, الظروف التى حدث من خلالها مرض الجذام فى الصين, الهند الصينية, 
أرخبيل الملايو ؛ ومنطقة أقيانوسية. جمع بصورة رئيسية أثناء 18414 (لندن: مكميلان , 14917), 
575-7: كانتلى كان محرر مجلة الطب والنظافة الإستوائية من عام ١894‏ إلى .١950‏ 

(17) كانتلى: تقرير؛ 7717. 

(91) مقتبس من كويكندال؛ مملكة هاواية, 'الا, 

(14) مقتبس من واسونء “مرض الجذام فى هاواى, "4١-5١؛‏ أكورث, "الجذام فى الهند, *./ا؟. 

(19) لهذه الفقرة والفقرتين التاليتين انظر إدوارد جويستنج, كواى: المماكة المنفصلة (هونواولي. مطابع جامعة 

هاواى وجمعية متحف كواى, 44ةا)/, م11 

0: 6( تشاراز إس . جوورل الاين. 2 'الجذام فى هاواى: 1١9171-18‏ 'مجلة هماواى الطيية اكلا 

(44ذا) 554 
الحديثة عن المرض ”: 'وصمة عاره 45١١.“‏ أنظر أيضا هارم يومائز شندير. مرض الجذام ومشاكل 


ها ف 


صحيهة أخرى فى هماراغىي» إشيوييا (جامعة مدينة جروتينجن..هارلم ما (؟1١)‏ 
)٠١(‏ مقتيس من كانتلى, تقرير» “ااا 


(؟١٠)‏ أكورث. "مرض جذام فى الهند.” ١/1-19؛‏ يوشع راجافر؛ مرض الجذام فى ماليزياء 57. 


230 


)6 - أر. أس. جيرموند» 1 دراسة لحملة السنوات الست الأخيرة لمرض الجذام فى باسوتولائد 0 المجلة 
الدولية لمرض الجذام )١1953( |١!/‏ , 7159-١5؛‏ جون إيليف, الفقير الأفريقي: تاريخ (كامبردج: مطابع 
جامعة كاميردج, ,/)١19417‏ /0١؟!‏ فوجنء "بدون المعسكر. /18-,م/ا 


' مارينز ليونز. 'أمرض النوم, الطب الاستعمارى والإمبريالية : بعض الإرتباطات بالكونفو البلجيكية,‎ )٠١( 
بواسطة روى مكلويد وملتون لويس . كاتبان . المرض. والطبء والإمبراطورية: رؤى حول الطب الغريى‎ 
أنظر أيضا ستيفن فيرمان وجون‎ :501-50٠0 )١1988 ٠ وتجرية التوسع الأوروبى (لندن؛ روتلدج‎ 
إم . جانزن: ' هبوط وصعود السكان الأقارقة: السياق الاجتماعى للصحة والشفاء فى أفريقيا‎ 
٠ 134؛ الدكتور ستائلى جيى . براون» تجربة خارج الجسد‎ ,)١1947 (بيركيلي: مطبعة جامعة كاليفورنيا.‎ 
'مرض الجذام, " بواسطة إى . إى . سابين كلير؛ دى . جى . برادلى وكى . كيركوود ؛ كتاب: الصحة‎ 
/8-10//؛‎ 6 ,.)١14٠ فى أفريقيا الإستوائية أثناء الفترة الاستعمارية (أكسفوردء مطابع كلاريدون:‎ 
.)1495( جوزيف كونراد, قلب الظلام‎ 


)٠١(‏ كين وهويكنزء الإمبريالية البريطاءنية, 164-١67‏ 5940-3597؛ “إحصائيات مستش فى قصر 
العينى 16٠٠.‏ “سجلات كلية الطب الحكومية المصرية (القاهرة؛ مطابع حكومية, 19 195), -9.٠‏ 
0١‏ الدكتور نجيب اسكندرء ' الجذام فى مصرء ' التقرير الخامس .( 19375), 593؛ رويرت جى 
كوشران؛ مرض جذام فى الهند: دراسة (لندن. مطابع دومنيون العالمية. /1951), 57؛ أميرة الأزفرى 
سنيل .إنشاء مهنة الطب فى مصرء 11575-١4.٠0‏ ( سيراكوزء نيويورك؛ مطيعة جامعة سيراكوز 
)0١‏ 8١٠؛‏ رونالد هيام . الإمبراطورية والجنس: التجربة البريطانية (مانشسترء مطبعة جامعة 
مانشسترء ٠157:)199١!؛‏ إتش . إتش . جونسن:, ' مصر الحديثة فى زمن اللورد كرومر . "مجلة 
المجتمع الأفريقى ( |الا أكتوير 14-01). 47؟ مع مقدمة للعلاج المخدر المتعدد فى مصر فى 2١54/8‏ 
انخفض الإنتشار إلى 8, ٠‏ لكل ..٠٠١‏ ١٠؛‏ ومع ذلك ؛ استمرت نسبة الكشف فى الإرتفاع: جبارا 
خلف الله 1313]3/|3»! 605313. "التفاؤل ربما كان مبرراء "منتدى الصحة العالمى |١/اا‏ العدد: 
؟(كووا), 151ل 


,7717 ليفل إيليفء الفقير الأفريقى,‎ )٠١7( 

, )١19؟ه(‎ | أو. إف . أتكى, “السيطرة على مرض الجذام فى جنوب السودان. "المجلة الدولية للجذام‎ )٠١4( 
كوشران»‎ ؛ه٠5‎ :.)١148948 ليفل إيليف. الفقير الأفريقى, ١٠57؛ مجلة الطب الإستوائى (سبتمبر‎ 
,706-117 مرض الجذام فى الهند,‎ 

)٠١4(‏ بيفن ريك وآخرون ؛ مرض جذام فى الهند: تقرير لجنة مرض الجذام فى الهند 1851-1845 (كلكتا, 
مدير المطابع الحكومة , الهند. 18457), , 16١‏ بعد إدراك أن مرض الجذام لم يكن خطرا إمبرياليا 
يتطلب عزل إجبارى على نفقة الحكومة, تراجع المفوضون وأوصوا بالسماح بالعزل التطوعى : خان 


231 


الهند. مراجعة مرض جذام |||العدد:؟ (أيريل ,.)١195١‏ ؟0؛ فى. إس . أوياداياء تتائج ثقافية 
إجتماعية عن مرض الجذام: مقالة فى علم الأجناس البشرية الطبى رانشىأ؛ منشورات ميتريى: 
مرض الجذام |الاالعدد: ؛ (أكتوير 1551), ,197 اليوم "١‏ بالمائة من كل المصابين بداء الجذام 
يجدون فى منطقة جنوب شرق آسيا لمنظمة الصحة العالمية" (تستبعد المنطقة باكستان): تقرير 
الصحة العالمى 1957: مكافحة المرض, الاهتمام بالتنمية (جنيف, منظمة الصحة العالمية , 
0 0 


)١١١(‏ أطرق الحملةء '50؛ بارى آر . يلوم وتور جودال 'رعاية صحية أساسية انتقائية: إستراتيجيات 
للسيطرة على المرض فى العالم النامى : لا مرض الجذام, “دورية مراجعة الأمراض المعدية /اا يوليو- 
أغسطس 1187). ؟لال!؛ آر بريمكومار» ' فهم موقف الفرق المتعددة التأديبية التى تعمل فى مرض 
الجذام: "دورية مراجعة مرض الجذام ل/اكاا :)١1994(‏ 4!-ه97؛ أى . دى . بأو ؛ ” مستشفى مرضى 
الجذام فى الإمبراطورية البريطانية , "مجلة المجتمع الأفريقى الملكى ||ا/الااا العدد:١٠6١‏ (يناير 
1176 للتعليقات المقترحة عن الصعوبة المستمرة لدمج خدمات مرض الجذام (مع تقليد 
المتطوعين المكرسين) فى الخدمات الصحية الإقليمية المنتظمة: إس . كى نورالدين, "إزالة مرض 
الجذام كمشكلة صحية عامة هل التفاؤل مبرر؟, 'منتدى الصحة العالمي: المجلة الدولية لتحسين الصحة 
(منظمة الصحة العالمية . جنيف) |الالاالعدد:؟(19/,)1993١١.‏ 


(015) إى بى. قان هايننجن, وكلاء الإميراطورية: المهنة الطبية فى مستعمرة الكاب. .مما -. 1١51‏ 
'التاريخ الطبى !)اا (15489) 45غ. 

15ل يوشع راغافار» مرض جذام فى ماليزيا» 5ه 

,)155. أى. سانتراء 'تقارير مسع مرض الجذامء "مرض الجذام فى الهند !! العدد :؟ (أكتوير‎ )١١5( 
كوشران 200611306), مرض الجذام فى الهند. ١8؛ تى . جى . ماير» 'مرض الجذام فى‎ + 
1717-1151 ,)197٠ نيجيرياء "مرض الجذام فى الهند || العدد:؛ (أكتوبر‎ 

)١١15(‏ جى . هيتون نيكولس» “مستوطنة إمبراطورية فى أفريقيا فى علاقتها بالتجارة والأجناس المحلية, "مجلة 
المجتمع الأفريقى /الاا العدد: 48 (يناير ,)١1977‏ 45١٠؛‏ إيليف, فقير أفريقى: 1517-,/5117؟ 

.5١4 )19.5( أى . جى . دى لا بى .» ' لوندىو جزيرة الجذامء "أقريقيا الوسطى [الا6اا‎ )١١1( 


)١10(‏ مقتبس من ال . لانجوير؛ 'مرض الجذام فى بنين ومناطق وارى فى نيجيرياء "مراجعة مرض الجذام 
نيجيرياء 'مجلة: مراجعة مرض الجذام الا العدد: ١(يناير‏ ٠194)؟1؛‏ مارك دوسن, "التاريخ 
الاجتماعى أفريقيا فى المستقبل: القضايا ذات العلاقة الطبية, “مجلة: مراجعة الدراسات الأفريقية 


232 


“6 (1580), 91-87! فان هايننجن, "وكلاء الإمبراطورية: '74؛! تشارلز إم . جود "المهام الطبية 
الرائدة فى أفريقيا الاستعمارية. "علم الاجتماع والطب كالالا العدد: ١‏ ( ١8.)144؛‏ جون إيليف, 
"مرض الجذام, "بين فقراء الأفريقيين, 4١9-5؟؛‏ مايجن فوجن, “الصيدلية العظيمة فى السماء: 
الإرساليات الطبية 'ى” بدون المعسكر: مؤسسات وهويات فى التاريخ الاستعمارى لمرض الجذام " وفى 
علاجها لأمراضهم. 6+ -43؛ تيرينس رانجر » 'طب إلهى : حالات غموض المهمة الطبية فى جنوب 
شرق تانزانياء. 1946-١9٠٠‏ ' بواسطة فريمان وجانزن . قاعدة اجتماعية, 5837-7807؛ كيب/, 
"استعمالات إيفانجيلية لمرض الجذام”. 

)١14(‏ م. إليزابيث دنكان, ' مرض الجذام وإنتاج الذرية ؛ 'مراجعة تاريخية للسمات الإاجتماعية والسريرية, 
"مراجعة مرض الجذام الا االعدد:؟(19880): .15٠0‏ 


. جى . ميرابء إنطباعات أثيوبية: الحبشة تحت مئليك الثاني (إمبراطور أثيوبيا) (ياريس» إتش‎ )١119( 
(ترجمتى).‎ ١1١0145١ ليبريه.‎ 

(0؟1١)‏ إتش . دبليى .. 'مصير المصاب بداء الجذام, " أفريقيا الوسطى العدد:١٠١١(قبراير‏ ؟58.)145. 

(1١؟١)‏ مقتبس من فوجنء علاج أمراضهمء , 16 


[فقنة جاسو وتريسي: 'وصمة عار, 57غ؛ فوجن» علاج أمراضهم, خخ أنظر أيضا ماريان أولريك وأخرين 
آخر. , 'مرض الجذام فى النساء: الخصائص والنتائج: " العلم الإجتماعى والطب |الالاكاا العدد:؛ 
(1955), 4146 

0195 إتنش 3 ديليق '٠‏ "مصير المصاب بداء الجذام, 8 

(4؟١)‏ رانجرء: "طب رياتى يلاحظ رانجر أنه بحلول العقد الثانى والثالث من القرن العشرين . كان 
الأفارقة يعتقدون أن المرض يتزايد بدلا من تناقصه": رانجر ' العلوم الطبية وعيد العنصرة: معضلة 
الإنجليكانية فى أفريقياء ' بواسطة دبليو . جى . شيلز» كاتب , دراسات فى تاريخ الكنيسة, : لاالا 
الكنيسة والشفاء (أكسفورد. باسل بلاكويل ٠.‏ 1947) 73748. 


)١1١5(‏ إى . كانون: "تحضير المتنصرين للمعمودية: 'تقرير عن مؤتمر لمراقبى الملاذ من الجذام وأخرين 
(كوتاك. مطابع إرسالية أوريسا 195٠‏ 775. 


» دبليو . سى . إرفين: "التعاليم االبسيحية والعمل الروحانى فى الملاجى: " المصدر السابق‎ )١11( 
10-4 


(1737) المصدر السايق, .١74‏ 


)١124(‏ فرانك أولدريفء المجذومين فى الهند: كيف تتخلص الهند من مرض الجذام (لندن؛ مارشال برزرز» 
ةا 2/1 


نا 
ون؟ 
ري" 


.31,)19.:5( 'تقارير طبية استعمارية: العدد 4؟: جنوب نيجيريا (1904), 'مجلة الطب الإستوائى‎ )1١19( 

.71١4 مقتبس من إليف,. فقير أفريقى:‎ )١1١( 

(١5؟1١)‏ رويرت بويسء 'إستعمار أفريقياء 'مجلة المجتمع الأفريقى #العدد: ,)151١( 4٠‏ 596. 

(171) مقتبس من رويرت ستراير » صنع المجتمعات الإرسالية فى شرق أفريقيا: الأنجليكانيون والأفريقيون 
فى كينيا الإستعمارية. 8 1955-1١41‏ (لندن.هينمان 5,)191/8. 

-١9.05( فريدريك شيلفورد, * التقدم فى غرب أفريقيا خلال عشر سئوات؛ 'مجلة المجتمع الأفريقى الا‎ )١77( 
مارجيرى بيرقام 0 كاتب. 2" يوميات اللورد ليوجارد الثالث (إيفانستون, الء مطيعة‎ 274 ,/)13/ 
.311-19 ,)1989 , جامعة نورثوستيرن‎ 

(4؟1١)‏ دبليى . بى ., "الرجل الأسود كمريضء 'وسط أفريقيا 6( العدد:١؟؟‏ (مارس ,)١5075‏ م8-4, 

(0؟1) جيمس كانتيل: 'كلية ليفينهستون: خطاب . مايو 14.07 ' مجلة الطب الإستوائى 16 7١يوليو‏ 
5557 (حروفى الطباعية). 

)١77(‏ رونالكد روسء ” الإرساليات والحملة ضد الملارياء "مجلة الطب والنظافة الإستوائية ||اءا ١١‏ يونيى 
)ا 

(177) 'مشهدان: وسط أفريقيا |الالالا العدد: 7١1‏ (مايو 19.9), ١14‏ للحصول على تقرير مماثل 
ل منلأان من زنجبار: جى ٠.‏ أم . دوسنء» 1 زبارة المجذومين. 'وسط أفريقيا العدد: اكم (مارس 
لاكؤا), ك2 

(174) * الإرساليات الطبية "مجلة الطب الإستوائى | (ديسمبر 1898), ,177 ١8١‏ كوشران: الجذام فى 
الهئد: 53١‏ ؛ إى مويل » 'تقارير: "مراجعة مرض الجذام اا العدد: ١‏ (يناير ٠154١),ة.‏ 

(9؟1١)‏ السير رويرت بريركليف, 'مرض الجذام فى نيجيرياء 'مراجعة مرض الجذام الا العدد:١‏ (يناير , 
5 1)/, 4 "مرض الجذام فى نيجيريا, . المصدر السايق 0 لوقه 0 ل 

0 جوستن ويليس؛ “طبيعة الجماعات الإرسالية: إرساليات الجامعات إلى وسط أفريقيا فى بوند ©800, 
' الماضى والحاضر 01 (أغسطس 19957), 04-171 , على الخلفية الأوروبية أنظر ستراير ٠‏ 
صنع جماعات الإرسالية ؛ تى. أو . بيدلمان؛ دعوة إنجيلية إستعمارية: دراسة تاريخية إجتماعية 
لإرسالية إلى شرق أفريقيا فى جراسروتس (بلومنفتن. مطبعة جامعة اندياناء 1985). 

)١81(‏ ويليس, “الجماعة الإرسالية, ,١41‏ كلمات متطابقة سلمها ضابط تعليم تبشيرى فى شرق أفريقيا فى 
,5 أدينياء ريماء كل الرجال إخوة : سياسيا سيظل الزنجى إلى الأبد طفلا ": مقتيس من 
ستراير ٠‏ صنع الجامعات الإرسالية , .٠١*‏ 


234 


(47١)أى‏ .سى . هاوارد. 'مرض الجذام فى تيجيرياء المجلة الدولية للجذام لا! ,)١957(‏ 1ل؛ براون (مدير 
أبحاث الجذام فى يوزوكالى 1977-1459), “مرض الجذام, “٠/ا‏ والصفحات التالية. 

)١4*(‏ افتتاحيات: تقرير الدكتور ديفى عن السيطرة على مرض الجذام فى إقليم أويرى بجنوب نيجيريا 
"مراجعة مرض الجذام الا العدد: ١‏ (يناير 172)1914٠‏ انظر أيضا: إيرنست موير /ألاالااء ' موقف 
مرض الجذام فى أفريقياء “مجلة المجتمع الأفريقى الملكية الا (.194): .١57‏ 


(ه4١1)‏ اتش ٠‏ سلى . أرمستروتم. - سيب الزيارة إلى مؤسسات مرضص الجذام فى نيجيريا, 'مجلة: مراجعة 
مرض الجذام الاالعدد: ١‏ (يوليق م95١ا),‏ /ام١ا-,مه‏ انظر أيضاء وبليس» "مجتمع إرسالى 9 

)١181(‏ بيرنارد موازير؛ ” وصف العمل فى مستشفى الجذام فى نجوماهورو (ا:لا١|1/901718!,‏ جنوب روديسياء 

)١147(‏ براون: “مرض الجذام. '>-, 74 انظر أيضا: إى. أى . إياندل ©|8(/3006, التاثير التبشيرى على 
نيجيريا الحديثة :4141١914-1١؛‏ تحليل سياسى واجتماعى (لندن؛ لونجمان:» 9537١29(1؟؛‏ تيم كيجان, 
'سحق الرأس الشرقي: مجلة مراجعة سويترنء القوة والمقاومة فى مجتمع أفريقي: السيسكى هووسا 

0 كوشران» الجذام فى الهند, !ا ؛ إليف؛ فقير أفريقى,‎ )١49( 

)16١(‏ ليفل إيليف, فقير أفريقى, 0؟5. 

(؟6١)‏ “تقرير عن لجنة مرض الجذام الفلبينية» "المجلة الدولية عن مرض الجذام |||العدد:؛(ه؟15), 55 
خليلء تحليل لا, '؟؛ يوشم راجهافار. الجذام قى ماليزياء 44؛ وايسون. 'الجذام قى هاواى . 
التراث المستمر للمدخل الهويسى فى أوائل القرن العشرين: مانويل جى . روكساس, 'التفاؤل فى 
الفلبين: "منتدى الصحة العالمى االاكا العدد:" (1193) ١١9‏ انظر أيضا رودنى سوليفان:» 
'الكوليرا والإاستعمرر فى القلبين. ١5, ١9-1895‏ ' بواسطة مكلويد ولويس,. المرض والطب 
والامبراطورية. 584-.59515.6, 

. خليل, التقرير الخامس» هخ‎ )١٠67( 

. راندل إم‎ ١548 نيكولس؛ 'مستوطنة إمبراطورية, '6١١-1١؛ موير, 'مرض الجذام فى أفريقيا'.‎ )١154( 
باكارد. طاعون أبيضء: عمل أسود: السل والاقتصاد السياسى للصحة والمرض فى حنوب أفريقيا‎ 
.)1545 (لندن» جيمس كيرى:‎ 


نم 
ب 
1 


0 653 يوشع راغافار, مرض الجذام فى ماليزياء‎ )18١5( 

(161) مقتبس من فوجن؛ علاج أمراضهم: .4١‏ 

,5٠١ طرق الحملة", ؟ه,‎ : )١619( 

)١٠68(‏ سانترا, 'تقارير مسح مرض الجذام, ا تشاترجي» 0 تقارير مسحية 1 سانترا, "مسح الجذام 
فى البنجاب" 14 قائمة بالأسباب المهيئة لآن يعانى 6٠‏ / من المصابين بالجذام بمرض الزمرى أو 
السيلان.” 

(4) لاحل كلا 


)١11١(‏ مقتبس من ميرابء اتطباعات, ١17,‏ ريتشارد رانكهورست , “تاريخ مرض الجذام فى إثيوييا حتى 


)١11١(‏ ف.شيلفورد, 'عشر سنواتء '5848. أنظر أيضا دخول ' الدين الإسلامى فى النشر الأمريكى: 
موسوعة الإرساليات الطيعة الأولى ,.18451١‏ الطبعة الثانية ١9-4.‏ 146-444. 


(؟17) ستراير , صنع الجماعات الإرسالية , ١-"؛‏ أنون , “تحويل عالم المسلم: اقتراح: وسط أفريقيا لاالا 
العدد: 7ه (فبراير 1971), 57؛ نيكولسء ‏ مستوطنة إمبراطورية, ” .1١‏ 

(177) شتيدر , الجذام, 1١7‏ : دولزء مدخل لمرض الجذام, “الموسوعة الإسلامية؛ محمدء موقف المسلم من 
"مرض الجذام , "19. 


)١114(‏ "الجذام فى تيجيرياء 777١؛‏ هاواردء "الجذام فى نيجيرياء /1-,8/ للتعرف على الموقف فى الشمال 
فى عام :1911-1١14٠١‏ أر . آر.كوزينيسكى, مسح سكانى لمستعمرة الإمبراطورية البريطاتية اء غرب 
أفريقيا (أكسفورد., المعهد الملكى للشؤون الدولية. مطبعة جامعة أكسفورد. ,)١1944‏ 79-174. 


(116) او. اف. روس. “السيطرة على مرض الجذام"؛ ١",‏ ؛ أس . كيه نورالدين: بى. لوبيز وت.سندارسون, * 
العدد التقديرى لحالات مرض الجذام فى العالم, "مراجعة مرض الجذام |1اكاا (585-0856)5 , 
. فى عام ,١1147‏ فى تسعين دولة , "كان هناك ؟, ؟ مليون مريض مسجل للعلاج [ إنتشار 
معروف] كان من بينهم ١.١‏ مليون حالة فقط على ]علاج دوائى متعدد. والعدد المقدر للحالات الجديدة 
حادثة ) (هو .... 4-١‏ حالة فى السنة . يميز فنسترا يعناية ما بين الانتشار ) الحالات المسجلة: 
التى تتناقص أعدادها بسرعة بسيب تصاريع العلاج المتعدد 8/101 ,سريعة التغير والحدوث - عدد 
الحالات الجديدة كل سنة - التى تبدى أنها لا تنخفض كثيرا منذ أن جاء العلاج المتعدد 8/27 إلى 
الوجود فى عام 1947: د. فنستراء "هل ستكون هناك حاجة لخدمات السيطرة على مرض الجذام فى 


236 


القرن الحادى والعشرين ؟ "مراجعة مرض الجذام. لالاا (1594). ,5958 انظر أيضا: بول سي . 
واى . تشين. “كشف أسرار مرض الجذام . "منتدى الصحة العالمى !| (194/4), 1750-1577 يسيب 
انهيار الخدمات الصحية فى بلدان العالم الثالث بسبب سياسات الضبط التنظيمية فمن المحتمل أن 
يستمر مرض الجذام على الأقل لجيل آخر: 85138 5176603 'الأزمة الاقتصادية. التعديل 
والتثثير على الصحة؛ " بواسطة ديفيد ر. فيليبس ويولا فرهاسلت, كاتبان » الصحة والتنمية (لندن, 
روتلدج. )0.,1594- 15 . فى محاولة لمقايلة هذاء تعهدت مؤسسة أسكاواه اليابانية بتقديم أدوية 
العلاج المتعدد للجذام 1/407 لكل البلدان التى يستوطن فيها مرض جذام لمدة خمس سنوات: منظمة 
الصحة العالمية. أخبار مرض الجذام لا! العدد: ١‏ (أيريل .)١1980‏ 


.١١1 يوباذياى. التأثيرات الثقافية -الاجتماعية,‎ )١117( 

















1 



























































الفصل الثالث 
الجدرى فى العالم الجديد والقديم: من المجزرة إلى الاستئصال 


١46‏ - /ا/ا19 


2 00 


مقدمةه 


يعترف معظم علماء الأويئة والمؤرخين أنه نظرا لفياب فيروس الجدرى عن العالم 
الجديدء لم يكن لدى سكانه قبل كولومبوس فرصة لبناء مناعة ضد المرض. على أية 
حالء أية رواية تنحو إلى ذلك من المحتمل أن تكون محل نزا ع(). هناء اخترت موقفا 
معتدلا. إن قبول فكرة أن /5١ - 6.١‏ من السكان المحليين فى أية أرض بكر (بدون 
مناعة) يمكن أن يلاقوا حتفهم عند بداية ظهور الجدرى ؛ يجعلنى أساأل لماذا فشل 
الناجون فى استعادة أعدادهد!'). 

هذا التساؤل له شقان. بدمًا باقتحام التاريخ الثقافى خلال فترة عصر النهضة, 
فحصت دور القدماء (من أجل موضوعنا: أرسطو والمسيح) فى تكوين فكرة الإنسانيين 
أن سكان العالم الجديد لم يكن لديهم القدرة العقلية للتطور إلى عقلانية النوع الأوربى 
البالغ. انتشرت هذه التصورات التى صيغت فى الشرائح العليا من المجتمع بسهولة 
مع الاختيار الشعبى أن المستوطنين البيض يجب أن يسودوا تمامًا على الأرض 
الأمريكية بفض النظر عن أى شىء حدث هناك يالفعل. فحصت عندئذ المواقف 
والتصرفات لسكان العالم الجديد أنفسهم كما حاولوا أن يتكيفوا مع الوجود الفعلى 
للأوربيين, والأمراض التى أدخلها الأوربيون؛ والموقف الذى يتمسك بأن الأمريكيين 
الأصليين المحليين عقبات من منزلة أدنى من البشر فى الطريق لاكتساب التروة. 


239 


فى هذا الفصلء تقبلت بصراحة موضوع "الاستثناء الأمريكى". لم يحدث فى أية 
قارة أخرى فى الأزمنة التاريخية أن أدى اقتران مرض وظاهرة "الموقف من المرض” 
إلى انهيار كامل للسكان المحليين. مختلفين فى التوقيت مع سرعة اختراق البيض 
(أخيرًا فى شمال غرب الباسفيكى؛ ومبكرا فى جزيرة هسبانيولا "هايتى وهندوراس”" 
وأمريكا الوسطى) وقبل أن يُظهر الجدرى أولى ضرياته. ريما شكل الأمريكيون 
الأصليون خمس أو سدس سكان كوكب الأرض. وقتئذ, بمجرد أن ضرب الجدرى 
أمريكا الوسطى عام 1018. بدأ الغزاة الأيبيريون [الأسبان والبرتفاليون - ت] فى 
استخدام عمالهم العبيد فى مناجم الذهب والفضة المكتشفة حديثا. كانت أولى خدعهم 
إرغام عمال المناجم الأمريكيين الأصليين على العمل فى ظروف بيئية أدت إلى الموت 
بالجملة من الجدرى وأشياء قاتلة أخرى(). ولتفادى نتيجة نقص العمالة؛ استورد 
الإسبان الأفارقة. كان العديد من هؤلاء الأفارقة قد اكتسبوا من قبل مناعة ضد 
الجدرى كما حدث خلال التشريط بالفيروس الضعيف!*) بمرحلة الطفولة. هذا يعنى 
أنهم لم يمسوا فعليا فى ذروة وياء الجدرى الذى أهلك السكان الأصليين. كان 
الجدرى وشركاؤه؛ العوامل المشتركة التى لا ترحم فى خلق وتكوين مؤسسة العالم 
الجديد لعيودية الأفارقة السود7؟), 


اختلف كل هذا بشدة مع ما يمكن حدوثه فى الهند المستعمّرة (التى تصل إلى 
خمس سكن العالم). والصين المهددة بالغرب (ربع الجنس البشرى). فى كلا هذين 
المجتمعين الشرقيينء وعلى الرغم من الجهود الحسنة للبيض فى القرنين الثامن 
والتاسع عشرء يتفوق السكان المحليون على ا محتلين الأوربيين بقدر كبير وعلى مدى 
تحكم طويل , وكان هذا هو الطريق الذى أعادت به مجتمعاتهم تكوين وتجديد 
أنفسهم. هذا على الرغم من وجود الجدرى والأنفلونزاء والحصبة, والتيفوسء والملارياء 


(*) لاحظ الصيتيون منذ القرن الحادى عشر أن الذين يتم شفاؤهم من مرض الجدرى لهم قدره كبيرة على 
مقاومة الإصابة بالمرض بعد ذلك. ولذلك مارسوا عادة عدوى الاطفال الرضع بميكروب الجدرى عن طريق 
القشور الناتجة من الحالات المتوسطة من المرض. 


2240 


والجذام: والكوليراء والطاعون الدملى وأمراض ويائية أخرى فى الصين والهند» والتى 
يتردد حتى الأخصائيين المحافظين فى تلك الأيام فى التصريح بأنها كانت غائبة عن 
العالم الجديد قبل كولومبوس!*). 


بالتحول إلى أوربا بعد كولومبوسء وعبور وإعادة عبور الأطلنطى فى العقد 
التاسع من القرن الخامس عشرء نواجه بديناميكية غير ملحوظة لقوة غير بشرية. فى 
وقت ما من منتصف إلى نهاية القرن السابع عشر غير الجدرى نفسه من مرض معتدل 
للأطفال يصاب به معظم الأوربيين - لذا كانت هناك المناعة الأولية للأوربيين فى أمريكا 
- إلى تهديد مرضى عنيف. ادعى أحد المتخصصين أنه ببداية القرن الثامن عشر مثّل 
"الجدرئى” أكبر مانع منظم الحدوث لنمو السكان أكثر مما مثله الطاعون(). 

لحسن الحظ (لأوربا). كانت هذه مرحلة مؤقتة فقط. عند نقطة معينة؛ فى القرن 
الثامن عشر حدثت ثوره ديموجرافية واسعة هبطت فيها الوفيات كثيرا عن معدل 
إحلال المواليد. ارتبط بهذه التغيرات الثورية- بطرق لم يظهر اتفاق الأخصائيين عليها 
إلى الآن - وجود حملات لإحداث مناعة للجدرى؛ خلال التلقيح والتشريط والتطعيم.(*) 
ارتبطت بهذه الحملة؛ فى القرن التاسع عشرء ويفعل المرض نفسه.؛ زيادة ضخمة فى 
الفائض الذى وجده الأوربيون فى "المجال الحيوى” على مدى المساحة الواسعة لأمريكا 
التى كانت كلها فارغة من أسلاف السكان الأصليين ما عدا أجزاء صغيرة. فى نهاية 


(*) يعد جهاز المناعة بالجسم جهارًا للرقابة 3008||أ©/000ا8 بالأساس لديه القدرة على التمييز بين ما هو 
ذاتى (أى خلايا الجسم) وما هو غير ذاتى (أى غريب). ونتيجة لهذه الخاصية تكمن وظيفته الدفاعية ضد 
ما يهاجم الجسم من كائنات غريبة عنه مثل الفيروسات والبكتريا والطفيليات. ويتكون جهاز المناعة من 
خلايا كريات الدم البيضاء مع بروتينات معينة توجد فى مصل الدم. ويعمل جهاز المناعة بطريقة مباشرة 
وسريعة جدا عن طريق مهاجمة الكائنات الفريبة وابتلاعهاء ومن ضمن الخلايا المسئولة عن هذه 
الطريقة خلايا النيتروفيل 116 ام0)أنا©0 والماكروفاج 113000266 أو البالعات. ويلى هذه الخطوة 
العمل الذى تقوم به الخلايا الليمفاوية 00/5 وهى المسئولة عن إقراز الأجسام المضادة -311 
5 والتى تستمر بتيار الدم لمدة طويلة من الزمن والتى تشكل المناعة المكتسبة ضد ميكروب 

أو طفيل معين . 


الفصل استنتجنا نقاطًا محددة بإعادة سرد وكيف تعامل الأفراد ذوى التدريب الغربى 
جزيرة الهيسبانيولا بعد ١614‏ - 1514: لاستئصاله من على وجه الأرض. 


المرض وتبعاته الأولى على سكان العالم الجديد 


فى عام »,٠‏ ظهر شكل شديد من الجدرى بين ٠٠١‏ من المقيمين فى جزيرة» 
فاولا الصغيرة؛ شمال سكوتلاندا. من الناحية الوراثية, كان أسلاف قبائل الكلت 
والنورمان يختلفون عن أهل شمال أوربا. يعيشون كما يفعلون بالصيد وعلى الزراعة 
الموجودة. كان أهالى الجزيرة معزولين لسنوات عن أى واحد يعانى من أى شكل من 
أشكال الجدرى. ونتيجة لهذا - لأنهم غير متطابقين عامة مع الأوربيين - لم تكن لديهم 
مناعة. وعندما ظهر الجدرى؛ مات /4٠‏ من شعب الفيولا؛ كان هذا مماثلا لمعدل 
الوفيات السائد خلال الوياء بين الأمريكيين الأصليين!"). 

يوحى ارتفاع عدد الوفيات فى فاولا أن الفيروس كان إما جدريًا شرسا سريع 
الانتشار بمعدل وفيات يبلغ /٠٠١‏ وإما جدريًا خبيًا مدغمًا بمعدل وفيات يبلغ 0///. 
وفى حالة الجدرى سريع الانتشار " تنتهى الحياة إما بقىء دموى شديد, ونزيف معوى 
أو رحمى أو بشكل أكثر سلاما بتسمم الدم'". ويتصف الجدرى الخبيث؛ الذى يعرف 
فى بعض الأحيان بالجدرى الأسود يما يلى: 

' تدهور مستمرء ... يبقى العديد من المرضى على قيد الحياة 
حتى اليوم الرابع عشر أو الخامس عشر عندما يصبح نزع 
خلايا نسيج السطع الخارجى للجسم منتشرا جدا لدرجة أن 
الحياة تنتهى بتسمم الدم أى كارثة نزفية" 2). 

تحدث الإصابة بالجدرى باستنشاق الهواء المحمل بالعدوى من زفير المرضى. 
ويعد حدوث العدوى؛ يظل الفيروس فى حالة كمون لمدة ١5-4‏ يوماء بعد ذلك يصاب 


202 


المريض بالصداع والغثيان وطفح على الجلد وأشياء مرعبة أخرى. والطريقة الأخرى 
للإصابة بالمرض من خلال الاتصال ببثراته الصديدية المميزة وقشوره؛ تظل القشور 
معدية لمدة أسبوعين أو أكثرل'). وتبقى لمدة أطول فى المناخ الدفىء الجاف ( مثال ذلك 
على السهل الساحلى للمحيط الهادى فى الإنديز) عن المناخ الرطب البارد. ويمكن أن 
توجد القشور المعدية فى جسم وملابس من توفى بالجدرى. ومن خلال الخلط بين الميت 
حقيقة والميت بالروح » زعم يانومامو من الأمازون المنزعج بشدة فى بداية هذا القرن 
أنه "عندما يخلع البيض ملابسهم؛ فإنهم يتركون المرض فيها (:'). 

بدءا من عام :١593‏ كانت هناك 45٠‏ سلالة من فيروس الجدرى فى مخازن 
باردة فى مراكز مراقية المرض فى أطلانطا وجورجيا فى الولايات المتحدة الأمريكية. 
كانت ثمانية أو عشرة أنواع منها مختلفة عن فاريولا الكبرى*)؛ وكان الباقى أنواعا 
مختلفة من فاريولا الصغرى أو المتوسطة. ومعظم الأشكال فى هذا النطاق الواسع 
مجهزة جينيا لتتحول إلى شكل آخرء اعتمادا على إتاحة الأجواء البيئية المناسبة. 

بالرغم من أن العالم الإسلامى الرازى قد وصف شكلا معتدلا من الجدرى حوالى 
العام ١١٠1م‏ (اعتقد أن المرض كان جزءا من العملية الطبيعية لزيادة كثافة دم 
الأطفال). لم يكن الجدرى معروفا لدى الأطباء الإغريق والرومان. لأن المهنة كانت 
كما هى عليه فى بداية الحقبة الحديثة (تعتمد على السلطة القديمة للنصوص الطبية)؛ 
ظل المرض غير ملحوظ فى النصوص الغربية السائدة. وقد عنى هذا أن المغامرين 
الأوربيون الأوائل فى العالم الجديد كانت لديهم معلومات قليلة يستقون منها 
عندما شاهدوا وياء الحدرى بين الأمريكيين الأصليين. وفى بعض الأحيان » كما فى 


(*) يصنف الجدرى البشرى 00 |5072 المعروف كذلك باسم 31013 إلى ثلاث سلالات اعتماد! على 
شدة وانتشار الأعراض. ففي سلالة 'فاريولا الكبرى' تنتشر البكور بشدة لتشمل الجسم كله. كما أن 
معدل الوفيات فى هذا التوع من الجدرى هو الأكبر. 


243 


أن ما وصفوه هو الجدرى. وفى أوقات أخرى ذكروا أعراضًا ريما كان سببها 
شكلاً ما من أشكال الجدرى أو الحصبة أو حمى التيفوس أو مرض آخر بالتعاقب. 
وعندما واجهتهم أوبئة متزامنة مثل تلك التى أصابت بقايا سكان إمبراطورية 
الإنكا فى أعوام .155١ -١046‏ لم يعرف حتى الأوربيين ذوى المعرفة الطبية ما الذى 


كان يجوئ 1 


وفى العقود التى سبقت وصول الإسبان إلى أمريكا الوسطى بخيولهم 
وخنازيرهم وأنفلونزا الخنازير والتيفوس والحصبة والجدرىء استفاد السكان فى 
العديد من نظم الحكم هناك وفى أمريكا الجنوبية من أشكال معقدة من التنظيم 
الاجتماعى - الاقتصادى. وذكرت سوزان الكون عند كتابتها عن الموقف فى الإنديز , 
أن 7/ من بقايا الحفريات قبل كولومبوس كانت لرجال ونساء عاشوا حتى تخطوا 
الأربعين. ويعد ظهور الإسبان فى المشهد (يعد غزى إمبراطورية الإنكا يواسطة 
فرانشيسكو بيزارو فى عشرينيات القرن السادس عشر) ظل أقل من ؟١١/‏ من السكان 
الأصليين على قيد الحياة حتى هذا العمر(""). 

فى الشمال أكثرء طور أربعة مجتمعات فى البر الأصلى فى أمريكا الوهسطى قبل 
عصر كولومبوس أنظمة للكتابة: المايا والمكسيك والزابوتك والأزتيك. وكانت الأزتيك هى 
أول المجتمعات المتعلمة التى عانت من صدمة الجدرى الويائى وأول دولة ذات قوة 
عسكرية عالية تقع فى أيدى الإسبان. 

فى عام »١519‏ كانت دولة الأزتيك متمركزة فى مدينة العاصمة تينوشتيتلان التى 
بنيت على أرض مستصلحة من المستنقعات فى عام ,١152١‏ قبل تفشى الطاعون 
الدملى فى أوريا والشرق الأوسط المملوكى. كان عدد سكان عاصمة الأزتيك يتراوح 
بين ..., 50٠٠.‏ و.60,..0» نسمة , حوالى نصف عدد سكان القاهرة قيل الطاعون 
ولكن أربعة أضعاف حجم سيفيل وجنوا المعروفتين لكريستوفر كولومبوس. كانت 
تنوشيتيلان مدعمة بنظام معقد للإمداد بالطعام يقوم على الزراعة المروية وعلى تجارة 
محلية ويعيدة المسافات. وكانت منازلها الحجرية العديدة ذات الطابقين والأيراج 


2144 


والمعابد الحجرية وميادينها العامة وأسواقها الكبرى وحشودها التى لا تعد ولا 
تحصىء وقنواتها وجسورهاء وقنواتها المائية المرتفعة التى تحلب الماء النقى للشرب 
والاستحمام كلها تتجمع معا لتخلق مكانا متحضرا ربما لم يضاهفه أى مكان فى أوريا 
إلا مدينة روما قبل ذلك بألف وخمسمائة عام عندما أعاد أغسطس يناءها. بطبيعة 
الحال قبحلول عام ١514‏ ؛ كانت روما الإمبراطورية القديمة أنقاضا مسكونة بكثرة 
بالخنازير والأغنام ومربى الخنازير والرعاة9"). 

فى تقريره عن زيارته الأولى لتنوشتيتلان عندما نزل ضيفا على الإميراطور 
ميتزوماء أخبر هيرنان كورتيس ملكه: 

"من أجل أن أذكر لجلالتكم الأشياء الرائعة والغريبة فى هذه المدينة العظيمة 
وسلطة وثروة ميوتزوماء حاكمهاء وطقوس وعادات الشعب ونظام الحكومة فى 
العاصمة وأيضا المدن الأخرى التى تقع تحت حكم ميوتزوما » سأحتاج.. العديد من 
الرواة المتمرسين" )١4(‏ 

بالعودة إلى القاعدة الإسبانية الرئيسية على جزيرة هسبانيولاء أدرك أحد 
الرهبان وجود مرض معد بشدة قريب من الجدرى المعروف فى مسقط رأسه ولكنه 
أكثر شدةء انتشر فى البداية بين السكان الأصليين التأينى فى نهاية عام ١614,‏ 
ويحلول يناير ,١014‏ عندما كتب الراهب للملوك الكاثوليك يخبرهم عما يحدث. كان 
الجدرى قد قضى بالفعل على حوالى ثلث عدد السكان المتناقص بشدة فعليا. )١١‏ 

ومعروف الآن أنه عندما وصل كولومبوس عام ١8497‏ كنذير بانتهاء عالمهم؛ كان 
عدد السكان التاينو مليون نسمة على الأقل؛ وريما حتى كان عددهم ه-5 ملايين 
نسمة:؛ وهى ما يعادل عدد سكان الجزر البريطانية والاسكندنافية مجتمعة. وبعد 
وصولهم بوقت قصيرء بدأ الإسبان البحث عن الذهب بين مضيفيهم, والتحكم فى 
العمل وطلب الجزية. اتبعوا ذلك ببقر بطون النساء الحوامل بسيوفهم وحث الكلاب على 
أكل رجال التاينى أحياء. وبينما كانت هذه الرياضات السادية مستمرة؛ هاجم وياء 


205 


أنفلونزا الخنازير المجلوب من جنوب غرب إسبانيا التاينى. ومع الاندحار المتسارع 
بالفعل بسبب الأنفلونزا والمذابح الإسبانية » أثبت وصول الجدرى للتاينى فى ديسمبر 
أنه أزمتهم قبل الأخيرة. ويالفعل بعام ,»١6٠١‏ انقرض شعب التاينى عند نقطة 
التحول التى ميزت عدم قدرتهم وعدم رغبتهم فى الإنجاب!''!. 

فى نفس الخطاب الذى أعلن فيه الراهب المجهول الوصول الحديث للجدرى بين 
التاينو» ذكر أيضا أن المرض قد تفشى من هسبانيولا إلى بورتوريكى وقتل ثلث 
السكان هناك. وسرعان ما تكرر ذلك فى كويا. وبعد ذلك فى ربيع عام ١6١١15‏ ؛ قاد 
هيرنان كورتيس ( كان منذ عام ١٠١4‏ سكرتيرا للحاكم الإسبانى) جيشا من الفاتحين 
الإسبان من كويا إلى الأرض الرئيسية فى أمريكا الوسطى وأرض الأزتيك. وبالرغم 
من أن الإمبراطور ميتزوما استقبلهم بترحاب؛ فإنه سرعان ما أثبت الإسبان أنهم 
ضيوف خونة. بعد أن بدعوا فى قتل الراقصين العزل من السلاح: طردهم الأزتيك 
بالقوة . وفى المعركة التى تلت ذلك. قتل الأزتيك 4.٠١‏ من الإسبان الذين بلغ عددهم 
٠‏ شخص وأرسلوا الناجين راكضين نحو الساحل. رجلاً لرجل؛ كان المحاريون 
الأزتيك جيدين مثل أى شىء إنسانى تقذفهم به أوربا القرن السادس عشر. (1) 

فى الفترة الزمنية بين زيارة كورتيس الأولى وعودته الظافرة عندما استولى على 
تينوشتيتلان بهجوم عاصف (؟١‏ أغسطس عام ١؟16١).‏ دمر الجدرى الأزتيك. 
وطبقا للتقاليد جلب المرض إلى الأرض الرئيسية من خلال حملة مضادة لبانفيلى 
نارفيز التى أرسلت لتعيد كورتيس إلى القاعدة . وعندما مر الجدرى تجاه الشمال عبر 
منطقة وادى المكسيك الوسطى عام :١16٠١‏ ترك أكثر من نصف عدد السكان 
موتى. سسجلت هذه الأحداث البشعة فى كلمات نقلت من لفة الناهوتال عن طريق 
مؤرخ فى بداية القرن السادس عشرء وهى فراى برناردينو دى ساهاجون. زعم من 
أخبروا فراى برناردينى : 

وقبل برون الإسبان أمامناء أصبح الوباء منتشرا: الجدرى. كان ذلك (شهر) 
تبيهوتيل ؛ عندما بدأ, وانتشر بين الناس كتدمير كبير. غطى أجسام البعض منهم 


246 


(ببثور) فى كل أجسامهم - وجوههم ورؤوسهم وأثدائهم, الخ. وكان هناك خراب كبير. 
ومات الكثيرون بسبب ذلك. لم يستطيعوا السير؛ كانوا يستلقون فقط فى أماكن 
جلوسهم وفراشهم. لم يستطيعوا الحركة؛ لم يستطيعوا الدوران» لم يستطيعوا أن 
يغيروا موضعهم, أو أن يستلقوا على جانبهم أو على وجوههم أو على ظهورهم, وإذا 
أداروا أنفسهم كانوا يصرخون بشدة.لقد كان تدميره رهيبا2'). 

كانت هذه هى الأزمة فى تينو تيتلان عندما وصل كورتيس وحلفاؤه من 
التلاكسان أمام المدينة. ولكن بالرغم من حالتهم العسرة؛ فقد أكد محاربى الأزتيك أن 
كورتيس لم يربح المعركة بدون مقاومة. ولأنه غضب لأن الكفار فى النهاية يجب أن 
يُقاوموا فقد طيق تقنيات الرعب. وكما قال :“لقد آذيناهم بشدة عبر كل الشوارع التى 
استطعنا الوصول إليهاء لدرجة أن عدد القتلى والأسرى وصل إلى أكثر من ثمانمائة 
شخص9١).‏ وخلال الأربع وعشرين ساعة التالية» ذبح الإسبان 4٠.٠٠١‏ رجل وامرأة 
وطفل. افتخر كورتيس بعد ذلك بأنه "فى هذه الشوارع التى كانوا فيها كنا نمر على 
أكوام من القتلى وكنا مجبرين على أن نسير فوقها.("") استمرت المقاومة الشكلية» ثم 
فى ١7‏ أغسطس ١0١5١‏ توققت كلية. فى هذا اليوم, منع تقديم القرابين إلى 
هويتزلبوشتلى (إله الحياة لدى الأزتيك) من الأرض/'). 

هاجم الجدرى مرة أخرى سكان وادى المكسيك الذين تقلصوا بشدة فى عامى 
75-0 161 واستمر بعد ذلك فى مهاجمتهم دوريا. ويحلول عام ١70‏ تناقص عدد 
الشعوب التى يدعى المتخصصون فى دراسات الناهوتال أن عددهم كان ؟, 55 مليونًا 
فى عام ١514‏ إلى مجرد ١.١‏ مليون نسمة'"). 

بعد انهيار دولة الأزتيك عام ,١‏ اتبع الجدرى شبكات التجارة ليخترق 
أراضى الأمريكيين الأصليين التى تبعد مئات الأميال عن تينوشتيتلان. وربما تحرك 
فى اتجاه الجنوب نزولاً إلى الساحلء وصل إلى ري بلات فى الأرجنتين حيث توجد 
مدينة بيونس آيرس (الهواء النقى) اليوم: ثم اتبع الطرق الأمريكية الأصلية المبنية 


227 


بالحجارة فى اتجاه الشمال إلى الإنديز العلياء قلب أراضى الإنكاء فى ذلك الوقت 
كانت إمبراطورية الإنكا هى الأكثر اتساعا فى العالم. 

بوصوله عام ,1050-1١055‏ قتل الجدرى زعيم الإنكا هينا كاباك مع ورثته 
المحتملين والآلاف من المحاربين والعامة والنساء والأطفال. جاعت بعد مجزرة المرض 
وأزمة الأسرة الحاكمة, الحروب الأهلية؛ التى كانت إعادة للأزمة المكسيكية بين عامى 
6 وفتحت الطريق أمام الفاتح الإسبانى ٠‏ فرانسيسكو بيزارى. متأثرة من 
الإصابة بالجدرى؛ لم تستطع قوات الإنكا أن تحاربء وهى التى كانت فى الأوقات 
العادية أكثر من ند للإرهابيين الإسبان.(") 

ومن المثير للسخرية» أنه فى عام ١014‏ عندما دخل الجدرى العالم الجديد وأطاح 
بالأزتيك: لم يصبح الفيروس فى أوربا يشكل تهديدا خطيرا بعد. ويدلا من ذلك 
أظهر نفسه كمشكلة صغيرة يعانى منها الأطفال كأمر عادىء: وكانت فرص النجاة 
منه ./50-5٠١‏ على كل حال, فقد تغير ذلك جزئيا: فقد أبلغ تقرير عام ١١44‏ عن 
شكل جديد قاتل من الجدرى فى نابولى الإسيانية. ويعد سنوات قليلة (فى عام 
)١1١11-‏ حصد الجدرى ٠١,٠٠٠١‏ نسمة فى البندقية ومدن البحر المتوسط 
القريبة منها. لكن لا ينبغى على المرء أن يبالغ فى حجم الكارثة. إن الإصابة المحدودة 
بأشكال شديدة العدوى فى أوربا والتى يمكن أن تقتل ٠؟/‏ من ضحاياها كانت توجد 
معها فى نفس الوقت أشكال ويائية أخف بصورة أكثر انتشارا وتحصد أعدادا أقل. 
الأطفال الذين نجوا من الصورة الخفيفة من الجدرى اكتسيوا مناعة مدى الحياة. 
وهؤلاء الذين ذهبوا بعد ذلك إلى العالم الجديد - مع الجدرى الشرس- اصطحبوا 
مناعتهم معهم. وهكذا عبر القرنين السابع عشر والثامن عشرء فإن الأوربيين الذين 
تعرضوا للمناعة الناتجة عن الجدرى المتوطن كاطفال ظهر أنهم يتلقون معاملة متميزة 
عند مقارنتهم بالأمريكيين الأصليين!؟'). 

ومن وجهة نظرناء يمكن الافتراض أن البيض الذين ذهبوا إلى العالم الجديد 
ربما رغبوا فى أن يتعلموا من المعالجين الأمريكيين الأصليين بيئة المرض الجديدة 


2468 


الغريبة التى وجدوا أنفسهم فيها. على سبيل المثال » فإن الطفيليات المعوية لم تكن 
بالضرورة هى نفسها الموجودة فى أوربا. ومع ذلكء يبدو أن الأطباء القليلين المدربين 
فى الجامعة الذين غامروا بعبور الأطلنطى فى القرن الأول قد بذلوا مجهودا ضئيلا 
للتشاور مع مقدمى الخدمة الصحية المحليين. يرجع أحد الأسباب إلى الموققف السلبى 
تجاه السكان الأصليين الذى أوجده دعاة الإنسانية الإسبان عند رجوعهم إلى الوطن, 
والإرفابيون الإسبان فى الميدان. والسبب الآخر كان خوف الأطباء المتعلمين من 
اتهامهم بالدجل. فإن أى طبيب فى العالم الجديد يجرئ على أن يجرب عقارا جديدًا 
أى ممارسة طبية جديدة تحت إرشاد متحدث بلغة الناهوتال كان يخاطر بأن يعتبره 
زملاؤه فى الوطن دجالاً قد تخلى عن وضعه الاجتماعى المحترء!*"). وعلى أية حال, 
فى هذا العالم الجديد , كانت هناك طرق عديدة لاكتساب المكانة المحترمة أكثر من 
اتباع حياة عملية متعبة فى المجال الطبى. 

بعد استيلائهم على البر الأمريكى الرئيسى . سرعان ما امتلك الفاتحون الإسبان 
مناجم الفضة. ففى عام ١044‏ اكتشفوا ما كان يعد أغتى اكتشاف فى العالم فى ذلك 
الوقت. جبلاً من الفضة يشبه قمع السكر فى أعلى بوليفيا فى بوتوسى. وخلال 
وقت قصيرء كانت هذه المناجم تعمل بالعبيد. وفى مثل هذه الأمور اتبع الإسبان 
القواعد البسيطة لفعالية التكاليف. فقد وجدوا أنه يما أن تكاليف الإحلال كانت 
لاشىء فعلياء فمن غير الضرورى الاهتمام بحاجات المخلوقات من العبيد. أدت 
هذه السياسة إلى قول واحد من المعاصرين لذلك :" إذا دخل ٠١‏ هنديا أصحاء 
(المنجم) يوم الاثنين» يمكن أن يخرج نصفهم كسيحا يوم السبت تاركين وراء هم 
النصف الميث”90). 

داخل محاور المناجم نفسهاء كان معدل توقع الحياة قصيرًا جدا دائما بما 
لا يسمح للجدرى أن يصيب ويقتل ضحايا جددا. وبالرغم من ذلك فإن الفيروسات 
التى كانت تنتشر على سطح الأرض كانت تنتقل بسهولة مئات الأميال عبر أنشطة 
تعيين العمال العبيد. وأدت متطلبات العمل التى لا تنتهى وفرق تعيين العمال من مسافات 


249 


يعيدة والأويئة التى انتشرت إلى الانهيار الديموجرافى لتعداد سكان الإندين. 
وفى عام كان عدد السكان ا/ فقط من السكان الذين كانوا موجودين 
قبل عام 91654"). 


وفى مكان آخرء كانت القصة هى نفسها , مع اختلافات بسيطة. قبل أن يضربه 
الجدرى عام »١1555-١674‏ كان الجرف الساحلى للمحيط الهادئ فى بيرى الذى يبلغ 
طوله "٠.٠٠١‏ ميل مسكونا بما يقارب 1,6 ملايين نسمة يستخدمون أراضيهم 
الخصبة ومهاراتهم فى زراعة الماكولات لكوزكو ومدن الإنديز الكبرى الأخرى التى 
كانت أكير بكثير من جنوا. ولسوء الحظ ؛ فإن هذا المدى من الأرض الغنية المنتجة 
للمحاصيل بالتبادل مع الصحراء قدم موقعا حيويا مثاليا لانتشار الجدرى. وبعد أن 
ضريته الأويئة عدة مرات» بعام 154٠‏ ؛ أصبح هذا الجرف الساحلى مهجورا. ويدأ 
الآن فقط علماء الآثار فى الكشف عن شهادات صامتة عند شعب قد أبيد كان قد جعل 
هذا المكان قبل عام ١616‏ جنة من الحقول الخصبة والحدائق على نظام المناظر 
الخلوية التوسكانية التى لونها رسامى عصر النهضة!""), 

خلال العشرينيات من القرن السادس عشرء تحرك الجدرى أبعد إلى الشمال؛ 
ولكن هناك خلافًا على مقدار هذا البعد. تقترح آن رامنوفسكى وآخرون أن العدائين 
الأمريكيين الأصليين الذين كانوا يمرون على طرق التجارة والاتصال المطروقة يمكن 
أن يكونوا قد جلبوا المرض على طوال الطريق إلى غرب تكساس. وإذا تذكرنا أن 
فيروس الجدرى يظل كامنا فى الجهاز التنفسى للضحية من ١5-8‏ يوما » فإن كل 
عداء لديه الوقت ليحرك فيروس الجدرى للأمام 5٠0-7٠٠‏ كيلومترً أى أكثر. ومع 
تجاوز معدل الوفيات فى بعض الأحيان 7805 ( كما حدث فى جزيرة فاولا عام )١7٠٠١‏ 
يمكن التخمين أن يكون الجدرى قد قلل أعداد العديد من التجمعات القبلية الأمريكية 
الأصلية إلى بقايا متناثرة قبل أن يزورهم البيض فعليا بوقت طويل!؟). 

مع ذلك فإن العديد من الأمثلة المعروفة على نقص عدد السكان من المحتمل أن 
تكون نتيجة مباشرة للبيض الذين يحتفظون بالسجلات. وهكذا فى عام 1055: كان 


230 


هيرناندو دى سوتى مسافرا عبر وادى المسيسبى الأسفل بحثًا عن الذهب؛ ومر على 
مستعمرات كبيرة من الناس الذين ينتمون إلى ما يطلق عليه الآن ثقافة المسيسبى. ولم 
تكن المدن المزدهرة والمعابد التى ادعى دى سوتو أنها مازالت موجودة عندما قدم 
المستعمرون البيض فى بدايات القرن الثامن عشر. وفى الشمال أكثرء وجد جاك 
كارتييه مدنا كثيفة السكان مكتملة بالبيوت الطويلة المشيدة من الخشب فى ستاداكونا 
وأماكن أخرى على ضفاف نهر سان لورانس. وفى شتاء عام 1675 , ذكر أنه بعد 
وصوله بفترة قصيرة إلى مستعمراتهم: بدأ السكان الأصليون يموتون من مرض غريب 
كان لدى رجاله المناعة ضده. ارتأى المؤرخون بعد ذلك أن هذا المرض كان الجدرى. لم 
يكن كارتييه معدوم الكفاءة الطبية: بالرغم من عدم قدرته على التعرف على المرض. 
فقد ذكر أن رفاقه الفرنسيين قد أصيبوا بمرض قال هو وأنه الإسقربوط*) . وذكر 
أيضا أن السكان الأصليين كانوا يعرفون كيف يعالجون هذا المرض بكفاءة: كان 
علاجهم هو شرب كميات كبيرة من لحاء وأطراف مغلية لشجر الصنوير. وبعد مرور 
سبعين عاما سافر صامويل دى تشامبلين على نفس الطريق ولكنه وجد ستاداكونا 
خالية من أية حياة بشرية . ومما قيل» يبدو من الواضح أن رجال القبائل الغائبين لم 
يموتوا بسبب الإسقربوط (0). 

فى المستعمرة الهولندية نيى أمستردام (مدينة نيويورك فى المستقبل) عام ,1565٠‏ 
زعم السكان الأصليون أن عددهم كان أكبر عشر مرات من العدد الحالى "قبل وصول 
المسيحيين وقبل انتشار الجدرى بينهم! '). وفى ماساشوستس الساحلية؛ حصد 
مرض وبائى عرفه بعض الباحثين بأنه الجدرى» شعب الباتوكست قبل وصول الحجاج 
إلى باذيمؤك فى عام 115. لقد كان ذلك مناسيا جدا. فبدلا من جماعات من 


(*) الإسقربوط حالة مرضية نتيجة لتقص فيتامين © (حمض الاسكوربيك) يصاحبه الإحساس بالتعب 
والنزيف الذى يأخذ فى النهاية شكل نزيف من اللثئة مع تجمعات دموية كبيرة تحت الجلد وبقع نزيفية 
حول بصيلات الشعر. وفى الأطفال يتميز يتحصعات دموية تحت الفشاء السحائى مصحوية بالم, 


231 


المحاربين العدائيين يتتظرون لكى يعيدوهم إلى البحر مرة أخرى؛ وجد مايلز ستاندش 
وجون الدين وبريسيلا مولنز وييض آخرون: حقولا صالحة للزراعة منظفة ومعدة 
لزراعة المحاصيل. 
فسر واحد من الحجاج ذلك قائلا : "إن يد الله الطيبة تبارك بداياتنا... من خلال 

حصد الأعداد الهائلة من السكان الأصليين عن طريق الجدرى"9""). تعجب آخرون من 
الجيل الأول من المستوطنين أيضا من الطريقة التى أمات بها الجدرى الأمريكيين 
الأصليين الوثنيين مثل الذباب تاركا أناسا مثلهم دون أن يلمسهم. فى مستعمرة 
بلايموث ذكر ويليام برادفورد عام 5؟35١‏ أن: 

"هذا الربيع أيضاء سقط هؤلاء الهنود الذين يعيشون حول 

منزلهم مرضى بالجدرى وماتوا تعساء....(وحتى الآن) لم يكن 

أى من الإنجليز مرضى بهذا الشكل أو أصيب بهذا المرض بأى 
مقياس"29, 


انتهى الحاكم جون وينثروب من هذا إلى أن:” بالنسية للسكان الأصليين» ماتوا 
كلهم تقريبا بالجدرى؛ حتى يخلى الله تعالى لنا الطريق لنحصل على ما نمتلكه"(؟). 


نظر الكتاب الكاثوليك إلى الظاهرة بنفس الطريقة. فى المستعمرة البرتغالية فى 
البرازيل خلال الشهور فى عامى 1051-1677 عندما كان ٠١.٠٠١‏ أمريكى أصلى 
يحتضرون من الجدرى فى وحول محطات البعثات التبشيرية ومعسكرات عمل العبيد 
فى المراكز التى أعطيت للملاك البرتغاليين على طول الساحلء ظل البرتغاليون أنفسهم 
غير مصابين بالمرض؛ كانوا شهودا على ما أطلق عليه ن. د. كوك :“حكم الله 
السرى”*"). وبالمثل من بين المعلقين الفرنسيين : 'فيما يتعلق بهؤلاء الهمجيين» هناك 
شىء لا أستطيع أن أتجاوز التعليق عليه, يبدو من الواضح أن الله يرغب فى أن 
يتركوا أراضيهم لشعوب جديدة". كتب ذلك مراقب لشعب الناتشيز الذى كان عظيما 
فى يوم ما واختفى ثلث أعداده فى الثلاثينيات والأربعينيات من القرن السادس عشرل "). 


252 


ولكن كما نعرف الآن؛ فإن المعدلات المختلفة من الوفيات بسبب الجدرى بين 
المجموعتين العرقيتين لم تتسبب فى حد ذاتها فى أن ينظر عامة الأوروبيين لسكان 
العالم الجديد كمخلوقات قزمية تحمل بقايا إنسانية فقط("). ويدلا من ذلك, ينبغى 
رؤية صورة الأقزام كزهرة تبزغ من الرغام الغنى بالتعاليم الدينية والفلسفية الموجودة 
فى خطاب المتعلمين فى أوربا حتى من قبل عام .١1855‏ 

رأينا قبل ذلك كيف أنه كان من الصعب على مدرسى عصر النهضة أن يتقبلوا 
أن ملاحظة الشخص التجريبية الأولى يمكن أن تلتقط جوهر العالم الواقعى أفضل من 
كتابات القدماء. وكان ذلك يسبب أن أيا من مصادر المعلومات الموثوق فيها التى كتبت 
قبل ١5495‏ قد ذكرت وجود (مازالوا لم يكتشفوا) الأمريكيين الأصليينء كان الافتراض 
السهل يعد ذلك التاريخ أن هذه المخلوقات ذات القدمين كانت موجودات أدنى درجة. 
أعقب ذلك أن سكان العالم الجديد ‏ سواء من تحول منهم للمسيحية أم من ظل منهم 
يعبد الأصنام ينبغى أن يظلوا تابعين للطبقة الأدنى من الأوربيين. وطبقا لهذا الموقف, 
فبعد ما يقارب القرن من حكم الإسبان: قال المؤرخ الأخلاقى للإنديز» جوس دى 
أكوستا : 'ينبغى تعليم كل هؤلاء الذين يعدون بالكاد رجالاء أو أنصاف رجال؛ كيف 
يصبحون رجالاء ويعطون تعليمات كما لو كانوا أطفالا.” حتى بارثلومى دى لاكازا , 
المدافع الدومنيكانى عن الهنود ضد الإبادة الإسبانية اعتبر أن عمرهم العقلى هو عمر 
الأطفال فى العاشرة أو الثانية عشرة#). 

وفى هذه الأحوالء كانت التجربة الإسبانية شديدة الأهمية. فلم يكونوا فقط 
أول شعب أوربى يتصل اتصالا دائما بسكان العالم الجديد؛ ولكنهم كانوا وقتها القوة 
الكبرى الوحيدة فى العالم. مثل الأوربيين المهيمنين والأمريكيين من أصل أوربى 
فى الماضى القريب الذين التزموا مذهبيا بحقائق التنويرء اعتقد دعاة الإنسانية 
الإسبان فى آخر القرن الخامس - السادس عشر والسابع عشر أنهم يمتلكون هم 
فقط صفات "الكائنات الملتحضرة" الكاملة. كان هذا المفهوم يتضمن فضائل من النوع 
الذى شرحه الإمبراطور الرواقى ماركوس أورليوسء وهى فيلسوف رومانى وثنى يجله 


253 


العديد من دعاة الإنسانية. مدح الإمبراطور فى كتايه "التأملات' صفات مثل 'حسن 
التدبير والشفقة والإخلاص والحذر والنظام والطاقة واليقظة والعمل الدعوب والطاعة 
والتواضع واللطف والعفو والفطنة والذاكرة القوية والاعتدال والحياء والشجاعة 
والتصميم. ومما يدعو للسخرية أن هذه الفضائل هى التى كان يزعم الناجون من 
الأزتيك من مذابح الإسبان والجدرى فى أعوام 1014١-1١5؟0١‏ أن شعبهم يقدرها حق 
قدرها(""). ولكن الراهب الإسيانى الذى أحصى هذه القائمة يدرك جيداء أنه لا الأزتيك 
ولا ماركوس كانوا يعرفون إله المسيحيين. وبالنسبة للإسبانى, فإن امتلاك هذه المعرفة 
بمفردها يفرق بين الشخص المتحضر وكل الآخرين. 

وإذ أنعم عليهم إلههم المنزه بطريقة فريدة خلال الأشهر التى كان كولومبوس يعد 
فيها للإبحار إلى الغرب عبر الأطلنطى؛ هزم الإسبان مملكة غرناطة المسلمة المتبقية 
(حيث استسلمت فى >" يناير .)١537‏ وفى نفس العام؛ فى تأييد ثان لإيمانها » طردت 
إسبانيا اليهود من أراضيها. وكان الإعداد لهذا التطهير العرقى قد اكتمل قبل ذلك 
بسنوات قليلة عندما أنهى أخيرا الملكان الكاثوليكيان إيزابيلا ملكة قشتالة (حكمت من 
)١1١١4-64‏ وزوجها فيرناند ملك آرجون (حكم من 1017-1418) قرونا من 
المشاحنات بين الملوك الضعاف والنبلاء المشاغبين . وبعد عام »١5/0‏ عززت قوة الملوك 
الكاثوليك بشدة عندما بدأت محاكم التفتيش الإسبانية عملها كلجنة للتطهير 
الإيديولوجى. وكان أكبر مظهر عام لها هو محارق الهراطقة (:؟). 

والشىء ذو الدلالة. أن نسبة مرتفعة من الجيل الأول من الإسبان الذين ذهبوا 
إلى العالم الجديد كانوا مغامرين معدمين من أكستريمادورا والأندلس. ولدوا فى 
الأقاليم الحدودية التى كانت تواجه فى وقت ميلادهم غرناطة التى كانت لا تزال 
مسلمة , ودريوا منذ نعومة أظفارهم على المعتقدات الدينية وعقلية رجال العصابات. 
كان أبطالهم المعبودون معتادين على إعداد الكمائن فى الليل؛ وتدمير مكتبات كاملة 
من الكتب؛ وحرق مخازن ومحاصيل الأعداء. وتقطيع أجساد سجنائهم بدم باردء وذبح 
كيار السن والعميان والصم والمدنيين المعاقين والأطفال. 


254 


عند الكتابة عن ما يفترض أنه مرآة لصورة هؤلاء الإرهابيين» كان من المشهور 
أن البوليس المحلى "الهيرماندادين" الذى يدعى لكى يحافظ على مظهر النظام بالنيابة 
عن الملوك الكاثوليك, قد استخدم تقنيات نادرا ما تختلف عن تلك التى تستخدمها 
العصابات. وطبقا لطبيب الملكة الخاصء كانت إجراءات الهيرمانداديز الاعتيادية: 
قاسية جدا لدرجة أنها تبدى عديمة الشفقة, ولكنها كانت 
ضرورية لأن كل الممالك لم تكن مسالمة....هناك الكثير من 
الوحشية؛ مع قطع الأقدام والأيدى والرؤوس(1؟). 
مع النصر العسكرى واستسلام غرناطة فى " يناير ١547‏ (على حساب قتل ثلث 
عدد السكان المسلمين) وانتشار جماعات البوليس المتوحشة بنية الحفاظ على 
سلام الملوك فى كل مكان ما بين قشتالة وجبل طارق. وجد الرجال المسيحيون 
المسلحون الذين يبحثون عن الثراء السريع من خلال السلب فجأة أنهم لا يستطيعون 
فعل الكثير. 
أخذت هذه الاعتيارات فى حسبان الهيدلج (أبناء صغار النبلاء) الفقراء عند 
النظر فى فرص العمل. كان شبان مدينتين فى أكستريمادورا: كاسيرس وتروجيللى 
هم الأكثر انجذابا بشكل خاص للغنائم التى يقدمها العالم الجديد. كانت تروجيللو 
مسقط رأس بيزارى» وهى ابن سيئ الظروف لأم لم تتزوج وفاتح الإنكا فيما يعد. وكما 
أظهرت أيدا التمان» فقد هاجر 92١‏ شايا من ست وخمسين أسرة من تروجيللى إلى 
العالم الجديد فى القرن السادس عشرء يمتلون 7517 من إجمالى الهجرة من 
أكستريمادورا. أتى /١5‏ إضافية من مدينة قريبة من كاسيرس. بييلى (مسقط رأس) 
ثانى حاكم لهسبانيولا0”؟). 
كان لدى بعض الهيدلج من أكستريمادورا والأندلس الذين يبحثون عن عمل, 
ويدفعهم ما يُعرفه لاكازا على أنه طموح وجشعء؛ سيب لإدراك أن الكتيسة الكاثوليكية 
أصيبحت غير متسامحة بشكل متزايد مع الأقلية اليهودية. طرد اليهود من الأندلس 
والمدن الإسبانية فى عامى 447١-141/85ء‏ قبل الطرد العام بعقد من الزمن. طبقا لهذاء 


2553 


يمكن أن يقرر رجل يهودى المولد مهتم بمستقبله فى إسبانيا أن يفكر فى التحول إلى 
اعتناق المسيحية. ومع ذلك حتى إذا تزوج رجل اعتنق المسيحية حديثًا من عائلة تبيلة 
مسيحية قديمة؛ قد لا يكون الأمر سهلا. فقد ظلت اليد القضائية للكنيسة الكاثوليكية 
- محاكم التفتيش - تشك بشدة فى كل المسيحيين الجدد وقامت خلال الأعوام قبل 
بحرق 7,٠00‏ منهم فى المحرقة. وإدراكا منها لأهمية الموقع» فقد قامت محاكم 
التفتيش بحرق 7٠١‏ ضحية فى إشبيلية , بوابة أمريكال؟"). 

حصل بعض المسيحيين الجدد مثل سانت تريزا من آفيلا على استحسان كنسى 
واسع بسبب ولائهم لتاريخ العقيدة المسيحية. وأدرك آخرون مثل إخوة سانت تريرا 
السبعة للمسيحيين الجدد أنهم لن يلبوا على الإطلاق معابير طهارة الدم المطلوية 
لاكتساب المكانة الاجتماعية العالية فى إسبانياء وبالتالى: ذهيوا إلى العالم الجديد. 
عاد واحد من الإخوة على الأقل إلى إسبانيا رجلا ثريا» اشترى ممتلكات كبيرة بالقرب 
من آفيلاء ولقب نفسه بلقب "دون" كما يليق بنبيل. كان المسيحيون الجدد الآخرون 
الذين كانت محاكم التفتيش تسجل حركاتهم من الفئة ذات السمعة التى أحضرت 
الجدرى من كويا إلى يوكتان عام 1615 . تتضمن هذه القائمة برنارديى دي سانتا 
كلاراء ابن أو ابن أخ أمين خزانة قديم فى هسبانيولاء وضابط العهدة؛ بيدرى دى 
مالينداء تاجر من أسرة مسيحية جديدة شهيرة فى بيرجوس!!؟). 

وسواء كانوا مسيحيين قدماء أم جدداء فقد كان الهدف الأكبر للمغامرين الذين 
صاحبوا كولومبوس إلى هسبانيولا عام ١495‏ هو اكتشاف الذهب ثم العودة المظفرة 
إلى إسبانيا لعيش حياة النبيل المحترم. وبالنسبة لهم؛ لم يكن من المهم كيفية تحقيق 
هذا الهدف. يفسر هذا جزئيا سلوك الإسبانى الذى بوصوله إلى البر بقليل اتجه إلى 
تانيى هسبانيولا الذين كان يعتقد أنهم يخبئون كميات كبيرة من الذهب. ويروى لنا 
بارتلومى دى لا كازا فى رواية شهيرة ماذا حدث بعد ذلك: القضاء المنظم بتوجيه من 


الأميرال كولوميوس نفسه. 


عندما أصبح الهنود فى الغابات , كانت الخطوة الثانية هى تشكيل أسراب من 
الجنود لتعقيهمء وأينما وجدهم الإسبانء كانوا يذيحون بلا رحمة مثل الاغنام فى 
الزريبة. كانت القاعدة العامة بين الإسبان أن يكونوا متوحشين؛ ليسوا مجرد 
متوحشين ولكن متوحشون بصورة غير عادية من أجل أن تمنع المعاملة القاسية 
والمريرة الهنود من التجرؤ على التفكير أنهم بشر أو أن يكون لديهم وقت للتفكير. 
ولذلك؛ كانوا يقطعون أيدى الهندى ويتركونها معلقة بقطعة من الجلد ثم يطلقونه قائلين 
' اذهب الآن وانشر الخير بين رؤسائك'(15). 

اتبع كورتيس نفس السياسات بعد أن ضرب الجدرى تينوشتيتلان» باستثناء أن 
الإبادة تبعها تدمير منظم لمكتبات ومعايد والصناعات الحرفية المقدسة للأزتيك 
ومتحدثى الناهوتال بصفة عامة. وبعد رحيل الفاتحين» استمرت الإبادة الثقافية عن 
طريق الكهنة المبشرين وأصحاب الامتياز الذين تيعوهم كحكام للأرض(*), 

ويما أن الإسبان فى العالم الجديد قد ادعوا أنهم أتباع ديانة كريستو - بولين 
التى تتقبل الوصية اليهودية القديمة 'لا تقتل", فقد كانوا يحاولون فى يعض الأحيان 
أن يفسروا لماذا كانوا يجدون السعادة الواضحة فى قتل وتعذيب واغتصاب الأمريكيين 
الأصليين ويضعونهم فى بيئة من المؤكد أنها ستؤدى إلى موتهم يسيب الأمراض. 
بعيدا عن سوابق الرومان الوثنيين العرقية والتى يعرفها كل العلماء اللاتين فى كل 
مكان» فقد كان أحد المبررات فكرة اقتراب نهاية العالم وأن واجب كل المسيحيين قتل 
الكفرة تمهيدا ليوم القيامة. 

كان ذلك هى الوضع الذى اتخذه المبشرون الفرنسيسكان والمفامر العالم ذو 
الصلات الجيدة بهم فيرنانديز دى أوفيدى. رحب أوفيدوى عند كتابته فى العقد الثانى 
من القرن السادس عشرء يموت معظم التاينى فى هسبانيولا كحدث ذى دلالة 
طهر الجزيرة من تأثير الشيطان. وكما شرح بعد ذلك فى كتابه "التاريخ الطبيعى 
العام للهنود": 


لأن الشيطان كان فلكيا منذ القدم فإنه يعرف أوقات الأشياء 

وجعلهم (الهنود) يعتقدون أنهم سيمرون طبقا لقانونه » كما لى 

كان هو الله والمحرك لكل ما هو كائن وما سوف يكون... ويسبب 

ذلك فإن الهنود.... يقدسونه فى أماكن عديدة بقرابين من الدم 

والبشر الأحياء!!؟), 

سرعان ما أسس كتاب أوفيدو "التاريخ الطبيعى' نفسه كمصدر أساسى فى 
تشكيل إدراك الأوربيين للعالم الجديد. فقد أسرع فى طباعته عمدا فى شكل موجز عام 
71 فى طليطلة وظهر فى ترجمة إيطالية عام 4 »١161‏ ويالفرنسية عام ١640‏ وفى 
ترجمة إنجليزية مصححة عام 6 . كمقاول لا يخفى سره.ء كان أوفيدى يعى 
بحدة أن عمله كان مهما ورائدا: " أنا أعلم أن كتاباتى لن تتلاشى؛ لأنها تمر من خلال 
باب الحقيقة؛ وهى صعبة وثقيلة لدرجة أنها ستصمد وستبقى بعد تهجداتى؛؛). 
بقيت الروايات المنافسة؛ المكتوبة بخط اليد والمخبأة فى المكتبات منسية حتى القرن 
التاسع عشر. وسوف نلتقى بأوفيد مرة أخرى فى الفصل الرابع كمتربح تابع للتاج 
من داء الزهرى. 
إسبان آخرونء اعتبروا الأمريكيين الأصليين شيئًا أكثر من كونهم عناصر 

فى النظام الحيوى المحلى (كما ينظر إليهم أوفيدو نظرته الناقمة), ففكروا من 
منطلق صورة المرآة» أنهم الآخر. وطبقا لرأى راهب دومنيكانى فى بداية القرن 
السادس عشر: 

على البر الرئيسى كانوا يأكلون لحوم البشر. كانوا أكثر اعتيادا 

على اللواط من أية أمة أخرى. لا توجد بينهم أية عدالة. يسيرون 

عراة.... لا توجد طاعة بينهم أو خضوع من الصغير للكبير... لا 

يمارسون أية حرفة أو صناعة بشرية. وعندما علمناهم 

معتقداتنا الدينية, قالوا إنها يمكن أن تناسب القشتاليين ولكنها 

لا تناسبهم: وهم لا يرغبون فى تغيير أعرافهه(؟"). 


256 


بالإضافة إلى أفكارهم الدينية الغريبة» فإن الصفة الثقافية الأخرى للأمريكى 
الأصلى التى رأى الإسبان ومن بعدهم الإنجليز أنها وحشية هى غياب الملكية الفردية 
طبقا للأسلوب الغربى. ففى معظم المجتمعات البدائية» خصصت المجتمعات حقوق 
الاستخدام للأرض الصالحة للزراعة بمساحات تتناسب كميا مع متطلبات كل أسرة 
فى المراحل المختلفة من دورة حياتها. لكن طبقا لدعاة الإنسانية مثل جوان جينيه دى 
سيبلفيدا (عام )١5141‏ وفرانسيسكو دى فتوريا (ولد عام )١5/87‏ ويعدهم الفلاسفة 
الاجتماعيون مثل توماس هويز (ولد )١58‏ وجون لوك؛ فإن الفيلسوف (أرسطو) 
يذكر أن الملكية الفردية كانت خاصية محددة للحضارة. وقد كان للأصالة القديمة 
الأخرى؛ والمسيح؛ اعتباران متناقضان نوعا ما عن معانى الملكية, مما مكن المؤولين 
من أن يمنحوا أرسطو الدرجات النهائية. وقد جادل سيبلفيدا ملخصا الحقيقة التى 
برت من هذه الممارسة ومستخدما الأزتيك كمثال: 
لقد أسسوا الكومنواث بطريقة لا تسمح لأى فرد أن يمتلك أى 
شىء ملكية فردية خاصة؛ لا منزل ولا حقل يمكن أن يتصرف 
فيه أو يتركه لورثته فى وصيته لأن كل شىء يتحكم فيه 
....ملوكهم. لقد كانوا يعيشون تحت رحمة ملوكهم أكثر من 
إرادتهم الحرة. تقد كانوا عبيد إرادتهم ونزوتهم وليسوا سادة 
أقدارهم... وهؤلاء الهممجيون مضطرون للعديد من الأسباب 
المتزمتة أن يتقبلوا دور الإسبان بالقانون الطبيعى(""). 
يستتبع هذا القانون الطبيعى أن أى نظام لإدارة الأرض لا يقوم على الملكية 
الفردية كان نظاما بربريا عبودياء ودعوة ثابتة للأغراب لكى يأتوا ويضعوا الأمور فى 
نصابها(", 
ظهرت مجادلات مشابهة من بين الجمهور العام فى إسبانيا وأختها الدولة 
المحارية؛ البرتفغال. ففى أى شارع فى مدينة ويجانب أى عمود» فى أى مخزنء كان 
هناك أيبيريون يقولون إن الملكية الفردية مرادفة لحرية الإنسان. ولتحقيق هذه الحرية 


239 


لأنفسهم. ذهب عشرات الآلاف من الكهنة والرهبان وأصحاب الامتياز ومربى المواشى 
ومقاولو المناجم وملاك عبيد مستعمرات قصب السكر ومساحو الأراضى وفلاحون 
وتجار» وأنواع أخرى راغبين فى تكوين ثروات شخصية!*. 
وبعيدا عن أفكار السكان الأصليين غير المقبولة عن الملكية الفردية. فإن برهانا 

أخر على أنهم كانوا محرومين هو العرف - الموجود بصفة خاصة بين سكان جزر 
الكاريبى والقبائل التى تسكن الغابات الشرقية - بالسماح لزعماء القبائل بالعديد 
من الزوجات. وبالمصادفة السيئة: فإن نظام تعدد الزوجات بين الأمريكيين الأصليين 
كان مشايها لتعدد الزوجات الذى استخدم فى وقت أكثر تبكيرا من ذلك بين 
مسلمى غرناطة. الأسوأ. أكثر منه مجرد فضول تاريخىء والذى انقرض يغزى عام 
7 .» فإن نظام تعدد الزوجات كان لا يزال يمارس فى الإمبراطورية الإسلامية 
الصغيرة العدوانية التى كانت تعارض السيطرة المسيحية على البلقان وشرق المتوسط: 
ألا وهى الإمبراطورية العثمانية التركية. كان من المستحيل مقاومة هذا التطابق. 
مدفوعين بنبضات الثنائية المانوية التى ورثوها من سانت أوجستينء لم يجد المدرسيون 
الجددء أية صعوية فى أن يدركوا أن شعوب العالم الجديد كانوا عملاء للشيطان 
يمكنهم أن يفيدوا البشرية من خلال إبادتهمل”*). ويهذا الفكر فى ذهنه؛ قال راهب فى 
إسبانيا الجديدة: 

بالنسبة للطاعون الذى رأيناه بين (الهنود) لا يمكننى إلا أن 

أشعر أن الله يخبرنا: 'إنكم تسارعون فى القضاء على هذا 

العرق» وأنا سأساعدكم بحصدهم بسرعة أكبر". (؛5) 

تمثلت فكرة من يخشون الله فى نيو انجلاتدء أن الأمريكيين الأصليين كانوا 

أدوات للشيطان, والأفضل إبادتهم؛ وفى صدامهم الثقافى مع كفار البيكوت فى وادى 
كونكتيكت فى عام 1774 أوذى البيكوت بوياء شديد من الجدرى لم يمت فيه أى 
إنجليزى. ولأنهم مقتنعون أن إبادتهم كانت مقدرة سلفاء؛ فقد قامت القوات الانجليزية 


200 


المحتلة عام ١751‏ بحملة مفاجئة على البيكوت وذيحوا معظم الرجال والنساء والأطفال 
الذيق نهوا من الوناء. وكما تذكز وااحد من المحلين يعد ذلك : 
لقد كان مشهدا مخيفا أن نراهم يحترقون فى النيران وتجرى 
أنهار من الدماء. وكانت الرائحة مرعبة ولكن بدا أن النصر كان 
قربانا (لله تعالى). (*") 
ولمحو ذكرى هؤلاء الناس: قام محتلو كونكتيكت بإعادة تسمية مدينة البيكوت 
لندن الجديدة وحظروا على القلة القليلة الباقية من الناجين أن يتسموا باسمهم 
القبلى القديم. 
ولكن مع مرور الزمنء وضعف نيران الحماسة الدينية والثقافية التى جليها 
مستعمرى بداية القرن السابع عشر من الإنجليز من العالم القديم» بدأت مواقف بديلة 
تتسلل أحيانا تجاه سكان الغابات. ففى نهاية القرن السابع عشر ويداية القرن الثامن 
عشرء فى نيى انجلاند وفى مستعمرة نيويورك وينسلفانيا العليا. كان مفهوم الأمريكيين 
الأصليين "كآخر". فى بعض العقول على الأقلء أقل احتقارا. 
شمل هؤلاء القلة عدة مئات من البيض الذين أسرهم الهنود وأجبروهم على 
الحياة يينهم. ولقد قررواء متقبلين صلاحية الملاحظة التجريبية (لم يكن أى من هؤلاء 
الناس عالمًا متخصصا قد تأسست مداركه عن طريق المؤلفات القديمة) أنهم يفضلون 
أساليب حياة الأمريكيين الأصليين كثيرا. وعند منحهم فرصة العودة إلى مستعمرات 
البيض خلال فترات الهدنة » فقد صوت المئات من هولاء الأسرى للعودة إلى مجتمعات 
الهنود» ويعد زيارة قصيرة لموطنهمء عادوا مرة أخرى للحياة الدائمة بين الهنود. 
وكما فى حالة الأسيرة اينيس ويليامز ( نظر إليها والدها القس على أنها خائنة), 
فإن هذا الرفض للطرق الأوربية عكس وعيا بأن الأشكال والمواقف والإيدولوجيات 
الخاصة بالمستعمرات الإنجليزية التى لم تعد جديدة. كانت فى طريقها لأن تصبح 
تكرارا للفوضى والوحشية التى بلا مسوغ الموجودة فى مملكة الجزيرة وتركها أسلاق 


261 


المستعمرين وراءهم متعمدين/! ”). وبالرغم من ذلك؛ فإن هذا الوعى الضئيل لدى أغلبية 
البيض الذين ولدوا فى أمريكا قد أدى غالبا إلى مواقف دفاعية نضجت مع الزمن 
وأصبحت وطنية عنيفة. ويالتأكيد؛ فى الثمانينيات من القرن الثامن عشرء لم يجعل توم 
بين» مثقف أمريكا الأولء نفسه محبويا لدى البيض المبتهجين بالنصر عندما كتب: 

بين هنود أمريكا الشمالية, لا توجد أى من مناظر السؤس 

الإنسانى التى يعرضها الفقر والحاجة لأعيننا فى كل مدن 

وشوارع أوربا (إن الفقر من خلق) ما يطلق عليه الحياة 

المتحضرة(""), 

فى غياب شهادة مكتوية بواسطة البيض الذين عادوا من أنفسهم للحياة بين 

الأمريكيين الأصليين (كان التعليم العملى واحدًا من الأشياء التى اختاروا أن 
يعيشوا بدونها)ء وقد نشر رحالة مثل جوناثان كارفر يعض ملامح حياتهم. فيعد 
المكوث لفترة قصيرة بين اوجيبواى على بحيرة المنطقة المتفوقة فى أعوام 55/ا١‏ - 
(عندما كان فى الخمسينيات من العمرء أى لم يعد شابا ساذجا يمكن التأثير 
عليه). قال كارفر: 

نراهم .... اجتماعيين ويتعاملون بإنسانية مع هولاء الذين 

يعتبرونهم أصدقاء هم وحتى تجاه من يتبنونهم كأعداء, وهم 

مستعدون أن يشاركوهم فى آخر كسرة خبز أ أن يخاطروا 

بحياتهم دفاعا عنهم.... (فى كل الأشياء) إنهم يمتلكون فضائل 

تشرف الطبيعة البشرية"), 

إن هذه الإمكانية للحياة فى العالم البديل لأمريكا الشمالية الأصلية قد انتهت مع 

انهيار حركة مقاومة الزعيم بونتياك عام 1975- عندما أمر الجنرال سير جيفرى 
امهرست , قائد الجيش البريطانى فى أمريكا الشمالية أن ترسل البطاطين المحملة 
بميكروب الجدرى إلى الأمريكيين الأصليين لتسرع فى إبادتهم|'*). كان هذا النوع من 


202 


سلوك البيض متوقعا من جانب ضحاياهم. كما ذكر زعيم فى أوتوا قبل أن يحصد 
وياء عام ١17601/‏ شعيه: 
لقد كان الجدرى الذى أحضروه من مونتريال خلال الحرب 
الفرنسية مع بريطانيا العظمى... يباع لهم مغلقا فى صندوق من 
القصدير... وعندما يصلون إلى المنزل ويفتحون الصندوق يجدون 
بداخله صندوق قصدير آخر... عندما يفتحوا الصندوق الأخير 
يجدوا مجرد أشياء متعفنة... يختبره الكثيرون منهم بدقة ليروا 
ماذا يعنى... وسرعان ما ينتشر بينهم مرض مرعب.(١')‏ 


خلال الاعوام التى تلت فتح بريطانيا لمدينة كويبك وياقى نيى فرانس ,)١715(‏ 
وتبعه رفض الأمريكيين من أصل أوربى التبعية للملوك البريطانيين(10777١)؛‏ وحصولهم 
على الاستقلال السياسى /)١785(‏ أدرك الحكام الجدد للأرض أنهم لم يعودوا فى 
حاجة لحلفائهم من الأمريكيين الأصليين لاستعادة التوازن العسكرى ضد عدو أبيض 
لم يعد موجودا. ولذلك . فقد أرسل السكان الأصليون الذين كانوا يحتلون أراضى فى 
وادى أوهايو وأقصى الجنوب التى كان الحكام الجدد ينوون أن يطوروهاء إلى 
الأراضى الحدودية فى الغرب. وفى هذه الأحوال؛ كان بطل الأمريكيين من أصل أوربى 
هو الرئيس أندروى جاكسون بقانونه لإزالة الهنود عام 187٠‏ وقد تلت هذه الإزالات 
فى عامى 148578-1/48717, محاكمات الدموع وكوارث أخرى متضمنة هجمات 
متكررة للجدرى )١١(‏ 

كانت القصة هى نفسها شمال اليحيرات العظمى حيث يعيش الأوجيبواى: خب 
الجدرى الأوجيبواى فى عامى ١785-١18١‏ وبالرغم من ذلك فقد كانت النهاية مختلفة 
نوعا ما. فحتى عام ,١78١‏ كان التجار الأوربيون والأمريكيون من أصل أوربى 
المتعاملون مع جلود الحيوانات (من أجل القبعات المصنوعة من فراء قندس الماء التى 
كانت موضة بين السادة فى لندن والقارة) يعتمدون على الأوجيبواى فى إمدادهم 
بالأطعمة والقوارب الخشبية الخفيفة والفخاخ والأدوات والتقنية» وأيضا فراء 


203 


الحيوانات المطلوب للتجارة فى مونتريال وألباتى ونيويورك. لم يسمح الأوجيبواى 
بأن يطغى اعتماد البيض عليهم واستمروا فى الاحتفاظ باقتصاد متنوع. فخلطوا 
بين الزراعة المستقرة والصيد وجمع المنتجات البرية مثل شراب شجر الإسفندان 
وكضران شنيموة النكولا,التؤت؛ والتجارة المطلية: وعسن الحفول البعيدة وكا 
المجتمعات المكونة من العديد من الأسر الممتدة تقضى الشتاء فى كبائن مبنية من 
الخشب الثقيل. 

تعرض كل ذلك للهلاك بسيب وياء الجدرى عام 178١‏ الذى تحرك شمالا وشرقا 
من مقاطعة نهر ميسورى عبر ما يعرف الآن بالداكوتاس ومينسوتا وويسكونسن 
وأونتاريو ومانيتويا وساسكتشوان: وعلى مدى الطريق حتى بحيرة أثاباسكا 
بالقرب من الدائرة القطبية. ويعد عقد من الزمان» مسافرا عبر شمال مينسوتا قال 
ديفيد تومسون: 

هذا المدى الشاسع من الريف كان عامرا بالسكان فيما مضىء ولكن (الآن) لا 
يتجاوز إجمالى قاطنيه ثلاثمائة محاربء ومن بين القليلين الذين رأيتهم بدا لى أن 
الأرامل أكثر عددا من الرجال9'"). 

وبعد أن قلص الجدرى أعداد الأوجيبواى وتعثر شفاء السكان منه انهار تنظيم 
القبيلة. والآن» وللمرة الأولى؛ اعتمادا على سخاء البيض (بدلا من العكس) كان 
الأوجيبواى شغوفين بالكحول والآلات الحديدية والحلى رخيصة الثمن. فنسوا المهارات 
الحرفية» وأصبحوا يشبهون الهنود اليائسين الكسولين الذين كانت نظرة البيض 
السلبية تزعم أنهم كذلك. ولكن بالرغم من انكسار أعدادهم ونفوسهم.ء فقد كان 
الأوجيبواى قادرين على أن يتمسكوا بقوة بأراضى أسلافهم بالقرب من مركز التجارة 
للميناء الكبيرء على ضفاف البحيرة العظمى بالقرب من الحدود الكندية - الأمريكية 
الحالية. وحتى كتابة هذه السطور , لا يزالون هناك. 


204 


كانت التجمعات القبلية فى الغرب أقل حظا. فقد كان قدرهم المشترك بعد أن 
هاجمهم الجدرى هو اقتلاعهم بواسطة قوات البيض من جذورهمء وإرسالهم إلى 
الأراضى الحدودية حيث تقل أعدادهم بسرعة. أسرع ذلك وياء الجدرى أعوام -1١451/‏ 
181.٠ -1919--‏ الذى اكتسح السهول العظمى من كانساس فى الشمال؛ إلى 
أرض الأمير رويرت على المحيط الهادى؛ وأدى إلى قتل 4١ ...٠‏ بلاكفووت وأباد 
الماندان نهائيا. ويعد عشرين عاماء ظهر الجدرى فى فيكتوريا (جزر فاتكوفر) من 
خلال مسافرين أبحروا من سان فرانسيسكيء وأدى إلى نتائج مشابهة. ويعد أن 
انتشر الفيروس بين التجار الهنود الذين كانوا يعسكرون هناك , أخلتهم 
السلطاتء وريما تأكد بعد ذلك أن المرض قد تبع كل تاجر إلى مسكن عائلته. وبمجرد 
أن بدأ الفيروس فى الانتشارء اكتسح ساحل المحيط الهادى شمالا حتى الاسكا . 
مؤديا إلى قتل )5١.٠٠١ ( 7/7٠١‏ من تعداد الأمريكيين الأصليين. ولقد اقترح أنه لو 
كانت السلطات قد احتجزت التجار المصابين بالمرض فى الحجر الصحي: لكانت 
قد تمت السيطرة على المرض. وبالطبع فلم يكن ذلك سيؤدى إلى إخلاء الأرض 
لاستغلال البيض(5). 

وصل الأمريكيون الأصليون إلى الدرك الأسفل ديموجرافيا بين أعوام -١45‏ 
٠‏ بسبب حبسهم فى المحميات ووقوعهم فريسة للجدرى وحمى التيفوس. وجلس 
حماتهم فى مكتب الشئون الهندية فى واشنطن دى. سى مستريحين يحصلون على 
رواتيهم فى أيديهم مثل السادة: ولا يقعلون أى شىء آخر. ففى عصر الداروينية 
الاجتماعية. افترض الأمريكيون العاديون من أصل أوربى أن الأمريكيين الأصليين 
سرعان مأ سينقرضون. 


الأفكار والممارسات 


كل ٠١‏ ساكنًا بالجزيرة. هذا المعدل المرتفع من الوفيات بين القوقازيين هو حقيقة 


205 


تاريخية تبطل المجادلات أن الخصائص العرقية (الوراثية) للأمريكيين الأصليين مسئولة 
عن وفيات الجدرى بنسبة /5٠‏ أو أكثر. لكن يتبغى الاعتراف أن خصالاً ثقافية معينة 
يمكن أن تكون قد ساهمت فى الخسائر. 

خلال القرن الأول لاتصالهم بالجدرى: كانت خبرة شعوب العالم الجديد أقل فى 
التكيف مع المرض من سكان بعض أجزاء الهند على سبيل المثال» حيث من المحتمل 
أن الجدرى كان متوطنا. فى واحد من هذه الأقاليم, البنجال» فى بدايات القرن الثامن 
عشرء أدرك البالغون ذووى الخبرة أنه ينيغى عزل الأطفال المصابين بالجدرى المتوسط 
الشدة - وربما قد انتقل لهم بسبب عملية التلقيح ضد الجدرى (انظر بعد ذلك)- 
ويعتنى بهم شخص قد سبق له الإصابة بالمرض» خشية أن يتحول ويشعل وياء كامل 
الانتشار!'"). ولكن فى العالم الجديدء حيث لم يكن الجدرى وأمراض الأعداد الكبيرة 
من الناس الأخرى معروفة قبل دخول البيض الغرباء. كانت قضية عزل المريض صحيًا 
مثيرة للاشمئزاز ثقافيا. عندما ظهر الجدرى للمرة الأولى فى معسكر الجونكوين فى 
الثلاثينيات من القرن السابع عشرء أحس البالغون أن الواجب يلزمهم زيارة المرضي. 
وبينما يقدمون الدعم الأخلاقى؛ كانوا يزدحمون فى مساكن المرضىء ويستنشقوز 
الهواء. وكانت أنظمة مساندة لا تزال معمولاً بها بين شعوب البويبلى فى نيو مكسيكو 
عام 1844 , وحتى بعد ما عصف بهم البيض من كل الاتجاهات؛ صمم البويبلى على 
عدم انتهاك عرف زيارة المرضى:(١')‏ 

وخلال الأيام العشرة أو الاثنى عشر التى كان ضحايا الجدرى شديد العدوى فى 
حالة شبه هذيان: بينما هم غير قادرين على الحركة بدون أن تتساقط أجزاء من 
أجسامهم التى سودها المرضء كانوا لا يزالون محتاجين للماء والطعام؛ وفى حالة عدم 
وجود مساعدة كانوا يموتون من الجوع. ويعد عام ,١156١4‏ لاحظ المراقبون الييض فى 
بعض الأحيان أنه فى مستوطنة أمريكيين أصلاء تحاصرها الأويئة, كانت مساعدة 
الأسرة والمجتمع تحدث بسرعة. وياعتبار أن الفيروس كان جديدا تماما على هؤلاء 
الأمريكيين؛ لم يكن هناك من شفى وله تجربة سابقة مع المرض تمكنه من أن يكتسب 


206 


مناعة طويلة الأمد من خلال مقاومة حالات معتدلة للمرض خلال فترة الطفولة؛ ويالتالى 
بالمريضء عندما يذهب المرض أبعد من نقطة حرجة: فإن الذين شفوا ربما يفرون 
بأرواحهم تاركين المريض لعناية الطيور الجارحة والكلاب. 
حدثت مواقف مرعية من هذا النوع فى مدينة أريكيبا فى الإنديز عام , لمَو١ا‏ 

وطبقا لأحد التقارير؛ خلال كارثة أريكيباء عندما أصاب الألم الضحايا بالجنون, كانوا 
يجرون صائحين فى الشوارع, وهرب مقدموى الخدمات الصحية وتركت زيارة الوياء 
أكثر من مليون قتيل/! '). وفى تينوشتيتلان عام ١157؛‏ لاحظ مراقب أن الكثيرين من 
الأزتيك قد 'تضوروا من الجوع حتى الموت» لأنه لم يستطع أى شخص أن يعتنى 
(بالمرضى) ولم يستطع أى شخص أن يفعل أى شىء لهم"9"). وأتى وصف أكثر 
تفصيلا لما يمكن أن يحدث من مستعمرة بلايموث عام .١1574‏ هنا الأجلونكوين: 

كانوا يتساقطون بصفة عامة بسبب هذا المرض كما لى كانوا 

غير قادرين فى النهاية على أن يساعدوا بعضهم البعضء لا 

يوقدون نارا ولا يحضرون القليل من الماء ليشربوه ولا حتى 

يدفنوا الموتى. ولكنهم كانوا يجاهدون بقدر إمكانهم لأطول وقت 

ممكنء وعندما كانوا لا يجدون أية وسيلة أخرى لإيقاد النار, 

كانوا يضرمون النار فى الأوانى الخشبية التى يأكلون اللحم 

قيها وأقواسهم وأسهمهم. بعضهم يزحف على الأربع للخارج 

لإحضار القليل من الماء, وريما مات فى الطريق وام يستطع 

العودة للداخل(2"), 

وفى المقابل؛ فإن الأمريكيين من أصل أوربى فى القرن التاسع عشر عندما 

يصيبهم الجدرىء بينما يعيشون فى مجتمعات مستقرة, كانوا يتوقعون أن يناموا فى * 
منازل دافئة جيدة التهوية: يعتنى بهم الأطباء والممرضات أو أفراد الأسرة" الذين 
يمدونهم بالغذاء والأدوية ويغيرون أغطية الأسرة و"التشجيع على تحمل الألم والحمى 


267 


والهذيان واليأس والتقيح والروائح الكريهة: والخوف من انحلال الجسد' الذى يصاحب 
الحالات الخطيرة(''). مثال لنظام البيض فى أفضل حالاته, هى استجابة السلطات فى 
ريتشموند وفيرجينيا فى ديسمبر 176١‏ عندما أصيب بالجدرى عبد زنجى يمتلكه 
مجلس ريتشموند العام أمره بأن يوضع المصاب فى منزّل معزولء ويزود بمرافقين 
للعناية به ى' كل شىء ضرورى لشقائه بالإضافة إلى حارس ليمنعه من أن يجرى 
بجنون فى الشوارع ناشرا العدوى. كل هذا كانت تدفعه صناديق البلدية(:"). 


بداية من لاكازاء كان الإسبان المحصنون ضد الجدرى من خلال التعرض له فى 
الطفولة مقتئعين أن العادات الصحية الغريبة للأمريكيين الأصليين تساهم فى موتهم 
بالجدرى. ومن خبرتهم كجيران للمسلمين فى غرناطة. عرف الإسبان كل أنواع 
الاغتسال كطقس يسبق عبادة المسلم. وبالتالى» فقد أبلغت محاكم التفتيش عن 
الأشخاص الذين يواظبون على الاغتسال. وبالإضافة إلى محظورات الاغتسال الكامل 
التى كانت قاصرة على شبه الجزيرة الأيبيرية» يؤمن الأوربيون بصفة عامة أن غمر 
الجسد كله بالماء يقتح المسام لقوى الشر التى يمكن أن تدخل وتخل بتوازن الأخلاط 
الأربعة وتسبب المرض أو الوفاة(!"). 

وخلال أويئة الجدرى التى تركت المجتمعات البيضاء سليمة ولكن قضت على 
الشعوب الأصلية كاملة» قال البيض فى كل مكان إن السكان الأصليين الذين يغسلون 
أجسادهم العفنة فى الماء الساخن أو البارد, كانوا يتوسلون للقدرات الشافية لإله 
وثنى. ولأن الرب المسيحى العادل يعاقبهم ٠‏ فينبغى على هؤلاء المغتسلين أن يتوقعوا 
الموت بأعداد هائلة. ومن بين الأمثلة الأخرى على الممارسات الشريرة» وجد أن السكان 
الأصليين فى وادى المكسيك فى أوكوييتلوكا يغتسلون فى منتصف الليل. ويالمثل فقد 
اعتبر الاغتسال مرتين يومان فى تيبوزوتلان من طقوس عبادة الشيطان. ولأنهم 
مقتنعون تماما بأن الاغتسال يمثل شراء فقد كان الإسبان عديمى الشفقة فى جهودهم 
لإخماده. من جانبهم؛ أصبح الأمريكيون الأصليون مكتئبين بشدة لأنهم واجهوا هذا 


20668 


الطوفان من التحامل القسرى. ولأنهم معتادون على أن تكون أجسادهم نظيفة, 
فقد شعروا بالمرض عندما بدأت الروائح الكريهة تصدر عن أجسادهم. وفى هذه 
الحالة, ريما اختار الأزواج والزوجات ألا يرتبطوا بعلاقات الحياة الجنسية الحميمة 
بهدف الإنجاب(؟"). 


انتسينك عكامنق تقسنية خرص أنقنا ف عد قدرة الأشريكني الإصلئن على 
تخويفن اعداد السكان التى فقدوها فى الجدرى: واحد مق هذه العتاصن يتعلق 
بالخوف الذى عاناه الناجون من المرض- الذين لم يعرفوا- أنهم قد أصبحوا محصنين 
ضد هجمات أخرى من المرض. وكان من المتعارف عليه بين رجال وودلاند الشرقية فى 
أمريكا الشمالية الذين كانوا يعيشون فى الفابات, والذين كان مبعث فخرهم فى 
مظهرهم الشخصىء أن يقضوا ساعات طويلة يزيلون الشعر غير اللائق من وجوههم 
وأجسامهم. ولذلك فإن الناجين الذين ترك الجدرى علاماته عليهم كانوا غير قادرين 
على إطالة لحاهم لتخبئ هذه الآثار. وعند كتابته عما لاحظه وراقبه خلال وباء ,١174‏ 
ذكر جيمس أدير أن عشرات من الشيروكى الناجين من الجدرى ألقوا نظرات 
مرتعبة على وجوههم التى عليها آثار الجدرى فى المرايا التى يبيعها التجارء و لأنهم 
بطبيعتهم فخورون بأنفسهم فقد انتحروا. وربما كان الأكثر شيوعا أن النساء 
قد رفضن الرجال الذين تشوهوا أو أصيحوا عميانًا بسبب الجدرى كشركاء 
مناسبين للزوا ج("), 


على الممسترى الفسيوترجن يهام الجدرى:الاجؤاء المساسة من سح الانضاق: 
بعض الرجال الناجين من الجدرى أصبحوا عقيمين بدون حيوانات منوية حية. وريما 
كان لذلك علاقة بزعم ادعاه واحد من عمالقة عصر التنوير. جورجء, كونت دى بوفون. 
فعند كتابته التعريفية عن الغطاء النباتى والحيوانى للعالم الجديدء أكد يوفون أن كل 
شىء أكبر وأفضل فى أوربا عن أمريكا. وكفئّة فرعية من ذلك, قال إن الأعضاء 
التناسلية للرجال الأمريكيين الأصليين كانت صغيرة جدا لدرجة لا تمكنهم من 
الإنجاب. ولاحظ المعلقون الأقل تحيزا أن عددا مدهشا من الأزواج الهنود ظل بدون 


269 


أطفال. وأوضح تعداد حديث أنه من بين السكان فى الإنديز فى القرن السابع عشر , 
ظل ربع إلى نصف الأزواج بدون أطفال. وفى نفس الفترة من بين العائلات الراقية فى 
نورثهامبرلاند فى إنجلترا؛ كان أقل من 1/ من كل الأزواج بدون أطفال. وأيضاء فإن 
الجدرى فى أشكاله الأمريكية شديدة العدوى غاليا ما كان محددا بالجنس والسن. من 
بين البالغين» أصيبت النساء الحوامل بشدة - وأظهرن معدلا للوفيات وصل إلى /5٠‏ » 
أى أكثر من /7١‏ كمعدل عام للوفيات بين الرجال فوق 55 عاما. ويظهر هذا أنه ليس 
كل الأزواج الأمريكيين الذين لم يرزقوا بأطفال فعلوا ذلك باختيارهه(؛"). 

فى نيى إسبانياء عوضت الحكومات الإقليمية تكلفة حكم الشعوب التى هزمتها من 
خلال تحصيل الضرائب. ومن ضمن الاشياء قليلة الشأن والتى تجاهلوها كان عدد 
السكان الذى تقلص بالجدرى والمجاعة والتيقوس الذين ريما كانوا غير قادرين على 
الدفع. مثالاً دراماتيكيًا على عدم فهم الإسبان لهذه النقطة كان فى اليوكاتان. هنا بين 
عام ١744‏ وعام ١707‏ تداخل وياء الحمى الصفراء بالجدرى. وعندما أخطرت 
السلطات أن الآلاف من شعوب المايا قد ماتواء رفضت أن تلغى المطلوب منهم. والأكثر 
تطرفا هى الموقف الذى حدث خلال فترة حكم رودريجو فلورز دى الدانا فى أعوام 
1110-64 1111-1371 كمثال صارخ على الجشع الإسبانى؛ أوضح فلورز دى 
الدانا أنه كان فى اليوكاتان لكى يستغل السكان الأصليين ويتقاعد فى إسبانيا كرجل 
ثرى. وردا على ذلك, فر شبان وينات المايا المفروض عليهم دفع الضرائب إلى 
الأراضى الخارجية بعيدا عن متناول يده. وأدى ذلك إلى أن نقص عدد السكان بسيب 
الهروب والاضطرابات والجدرى والحمى الصفراء هدد بقاء الناس(""). 

ولمعرفتهم أن الفغائيين الذين قدرت عليهم الجزية لن يدفعوا بسهولة . سهل 
الإسبان مهمة التحصيل بإجبار السكان على الحياة فى قرى مركزية أو" تجمعات” 
تشبه التجمعات الإسبانية فى الوطن. وفى مناطق مثل وادى المكسيك حيث كان الناس 
متحضرين بالفعل من قبل الغزى.ء تضمن ذلك مجرد بعض التبديل هنا أو هناك. وفى 
الأماكن الأخرى: حدث كانت "التجمعات" جديدة تماما؛ كانت مصممة لانفجار الوياء. 


200 


وكان الأشخاص الذين عاشوا فى الماضى فى أماكن شيه معزولة, لديهم فرصة ضئيلة 
للتعرض لأى شكل بسيط من الجدرى المتوطن. فى أقاليم مناجم الفضة فى بيرى 
ويوليفيا والمكسيك؛ كانت معظم التجمعات فى حقيقة الأمر معسكرات عمل للعبيد, 
وهنا يمكن أن يعادل الموتى بسيب الجدرى عدد الهالكين فى المناجم. وللمحافظة على 
استمرار هذه التجمعاتء كانت تمتلئ بعمال مجلويين من أماكن بعيدة بيواسطة 
عصابات تنقل المرض أينما ذهبت(١".‏ 

بدت بعض المجتمعات التى أنشأها الإسبان فى الإكوادور كما لو كانت 
معسكرات موت منشأة لهذا الفرض. على سبيل المثال» فى عام ١559‏ أعيد توطين 
مجموعة قرية قريبة من أناكيتى بالقوة فى جانب جبلى كثير الرياح دون إتاحة مياه 
شرب أمنة لهم. حدث ذلك فى نهاية وياء للجدرىء عندما كان العديد من الناجين منه 
مازالوا ضعفاء. مات الكثير منهم خلال وفور إتمام الانتقال. وساعدت مثل هذه 
التصرفات الإسبانية» وتصرفات مشابهة لهاء على تأكيد أن عدد السكان فى الإكوادور 
قد أصبح فى نهاية الستينيات من القرن السادس عشر ثلث عددهم عند بداية اتصالهم 
الأول بالإسبان("". 

على بعد خمسة آلاف كيلومترًا جهة الشمالء فى مقاطعة كاليفورنيا القديمة, 
بداية من التسعينيات من القرن السادس عشر.ء بدأ الرهبان الإسيان فى إنشاء 
تجمعات تبشيرية وأكرهوا من قد يعتنقون المسيحية على القدوم إليها من أجل راحة 
نفوسهم. غير مدركين أن الجدرى والأمراض الأخرى تنتقل بوسائل أخرى غير إرادة 
الله » أخفق المبشرون فى أن يريطوا بين ممارسات تجمعاتهم مع انخفاض أعداد 
السكان الأصليين. وأقر ميشر من الجزويت عندما كتب عام 1178 إنه بالرغم من أن 
الكنيسة قد كسبت .... 05.٠‏ معتنق للمسيحية منذ بدأت حركة الاستمالة» فقد بقى 
واحد فقط من كل تسعة على قيد الحياةل"). وهناء فى مقارنة وحشية إلى الموقف فى 
الشرق يُطماتون بأنهم سيدخلون الجنة على الفورء فقد كان الأمريكيون الأصليون 
الذين يموتون بسبب الجدرى يعرفون أنهم قد أصيبوا به بسبب تركهم لآلهتهم القديمة. 


271 


من بين الصفات الثقافية التى فرقت بين الملوك الكاثوليك وخلفائهم من ناحية 
وجنكيز خان التترى (قاتل الملايين) من ناحية أخرى كان هوسهم بالتصنيف 
والتعريق. ولهذا ففى الأعوام الوسطى من حكمه. ولإدراكه أن الأحوال فى 
إسبانيا الجديدة [العالم الجديد - ت] ليست كما كان ينبغى أن تكون, أمر الملك 
فيليب الثانى (ابن حفيد الملكة إيزابيلا) أن يعقد القساوسة لقاءات مع الناجين 
الذين يتحدثون الناهوتال وكان السؤال الخامس فى هذا البحث الكبير لعامى 
/ا/61 1681-١‏ يسأل : 


ما إذا كان عدد كثير أم قليل من الهنود يسكنون الحىء وما إذا 
كان عدد السكان فيه فيما مضى أكثر أم أقل؛ أسباب الزيادة أى 
النقصء وما إذا كان السكان يعيشون معا بشكل دائم فى مدن 
منتظمة أو لا. اذكر أيضا ما هى صفة وحالة ذكائهم » ميولهم 
وطرق حياتهم. 
يسال السؤال الخامس عشر ما إذا كانوا أفضل أو أقل صحة فيما مضى مما 
هم عليه الآن. وما هى الدروس التى يمكن أن تستفاد من ذلك!'"). وحلل سيرجى 
جروزنسكى مؤخرا الردود على المسح؛ وقام ببعض الاكتشافات غير المتوقعة!:*). 
زعم كبار متحدثى التاهوتال أنه فى الأيام التى سبقت وجود الإسبان عاش 
الناس حياة أطول وكانوا أقل معاناة من الأمراض من الآن. لم يكن هذا الرد. كما 
يبدو للوهلة الأولى ردا من كبار السن الذين يحتون للعصر الذهبى والماضى ولكنها 
كانت رواية من الواقع أكدها المخيرون الذين عاشوا تجربة أظهرت أن حكم الأزتيك 
القدامى كان مرغويا فيه أكثر من الناحية الجسدية والنفسية عن التظام الجديد الذى 
فرضه الإسبان. فى العصور الماضية:» تغيرت تدرجات السلطة بسرعة. لم يرث النبلاء 
الألقاب ولكن بدلا من ذلك ؛ كانوا يحصلون على المكانة الاجتماعية من خلال البسالة 
فى المعارك» وإذا فشلوا فى اختباراتهم؛ فإن منزلتهم تتخفض ليصيحوا من العامة. 
وبالمثل فى الرتب المتوسطة:؛ كانت المكانة الاجتماعية تكتسب عن طريق الجدارة. ولهذا 


272 


فبالنسبة للأزتيك الحقيقيين المتعودين على المجاهدة من أجل المكانة فإن النشاط 
الشخصى المنظم كان مطلويا: لقد كان كله" تقشفًا واقتصادًا فى النفقة وعملاً لا 
ينقطع". ولقد كان لذلك آثاره السكانية المهمة. ولأن إثبات المهارات والكفاءات كان 
يتطلب أعواما طويلة من الكفاح؛ تزوج الرجال والنساء متأخرين- الرجال فى حوالى 
الثلاثين من العمر والنساء فى منتصف العشرينيات. 

كان الموقف مختلفًا نوعا ما تحت الحكم الحالى للإسبان. لقد محيت التقسيمات 
الاجتماعية السابقة وانخفضت مراتب الجميع الاجتماعية إلى مراتب الخدم القاتمة 
المتساوية. ولم يبد أن هناك أى هدف فى أى شىء تحت هذه الحياة الغريبة "السهلة 
والمريحة". ولشدة مللهم , فقد تزوج الشباب مبكرا وطبقا لرأى مصادر المعلومات كانوا 
ببساطة أكثر كسلا من أن يحافظوا على الأطفال على قيد الحياة. يرى الكبار هذا 
سبيًا مهما لانخفاض عدد السكان. 


لم تتجرأ مصادر معلومات البحث الذين تعرضوا المحاولات التبشيرية لمدة نصف 
قرن واستجوابات الكهنة» أن يقولوا علنا إن الانخفاض فى عدد السكان يرجع أيضا 
إلى إهمال الآلهة القديمة التى عاقبت الذين تحولوا إلى دين المسيح بإرسال الجدرى. 
وكانت ردود الفعل المتكيقة مع بقايا التجمعات الثقافية مثل الزايوتك قد قوت 
هذه الحجة. إن مواطنى إقليم اوكيلوتيبك الذى كان فى السابق عامرا بالسكان 
٠٠0(‏ كيلومتر شمال شرق مدينة مكسيكو سيتى) قد استعادوا استقلالهم عن 
الأزتيك لكنهم عندئذ سقطوا تحت الاحتلال الإسبانى. خلال أعوام الدراسة أصيبوا 
بالجدرى ومات منهم ٠٠٠١,‏ ولأنهم اهتزوا بسبب هذه الكارثة. اتخذ الزابوتك 
إجراءات علاجية. تخلوا عن عبادة المسيح ووالدته» وأعادوا بناء مذابح الآلهة القديمة, 
وكرموهم بطقوس قرابينهم المعتادة. تعززت روحهم المعنوية كثيرا يهذا التحدى 
الواضح للمحظورات الإسبانية؛ وحرر الزابوتك أنفسهم من الكابة والخوف الذى طبقا 
للتعاليم الطبية يزيد من معدلات الإصابة بالمرض والوفاة(1*), 


نم 
2 
ربا 


وكما حدث؛ أجرى الاستييان الكبير خلال أخطر وباء حدث فى أمريكا الوسطى 
منذ وياء أعوام 162١ - ١6١15‏ ويالرغم من أن الآراء الطبية تختلف, فإن القاتل 
الرئيسى كان الجدرى بالإضافة إلى التيفوس والمجاعة. وكان الأكثر قسوة بالأخص 
فيليب الثانى هذا الوياء والكارثة التوعم لهاء فقدان أسطول الأرمادا الإسبانى, كدليل 
على أن الله غاضب من الشعب الإسبانى. وأصدرت محاكم التفتيش أوامرهاء 
للتخفيف من غضب الله تعالى؛ بألا يسمح بأية كتابات أخرى بلغة الناهوتال!'*). ويهذا 
المح والإجبارى للغة أمريكا الوسطى:؛ فقد تم دق مسمار كبير فى نعش الثقافة 
الأصلية. ودقت مسامير أخرى فيه أيضا. 


نظر الرعاة البيض القادمون إلى الأرض المملوكة على المشاعء والتى كانت خالية 
مؤقتا بعد هروب الأمريكيين الأصليين من الجدرى؛ على أنها أرض خالية للاستحواذ. 
ويهذه السرقة, فقد الأمريكيون الأصليون الأرض الصالحة للزراعة التى كانوا 
يحتاجونها لزراعة مصادر الطعام الرئيسية. ويعد أن فقدوا ملكيتهم وأصبحوا 
معدمين, غالبا ما كانوا ينضمون للحماية القانونية للكنيسة التبشيرية أو لمزارع لكى 
يصبحوا أسلاف الأنواع الكسولة عديمة الحيلة التى ذكرها هنرى دانا على طول 
سواحل كاليفورنيا والمكسيك فى الأربعينيات من القرن التاسع عشر(”). 
وبالرغم من أن ذلك لم يحدث فى مركز الأقاليم فى أمريكا الوسطى؛ فقد كان 
انقراض مجموعات كاملة شائعا خلال قرن واحد من الاتصال فى أمريكا الشمالية, 
جزر الكاريبى, والبرازيل. اكتسح الجدرى فى جنوب كارولينا أمة كاملة من هنود 
الساحل عام ١1199‏ مسببا فرار نصف دستة هنود نجوا منه, تاركين موتاهم الذين لم 
يدفنوهم تحت رحمة الغربان السوداء وآكلة الجيف. وفى فرجينياء اختفت 58 قبيلة من 
الوجود بحلول عام 6 من أصل ٠١‏ قبيلة ذكرها كابتن جون سميث عام ١1١1‏ 
وفى الأقاليم الساحلية للبرازيل البرتغالية» وجد ٠‏ فقط من الهنود غالبيتهم 
أطلال آدمية بلا روح» كان من المعروف رسميا وجودهم؛ بحلول هذا الوقت كان العبيد 


274 


الزنوج يفوقونهم بست مرات. واعتقد كلود أيفى شتراوس عندما كتب عن حوض نهر 
الأمازون العظيمء أنه قبل الاتصال الأول كان مسكونا بحضارات معقدة تضم حوالى 
48-١‏ ملايين شخص. ويحلول الأعوام الأولى من هذا القرن العشرين:؛ عندما بدأ 
عمل أنثرويولوجى جاد ؛ كانت هذه الحضارات قد تقلصت إلى بقايا متناثرة, يصل 
تعداد كل منها إلى عدة مئات قليلة من البشر. كان القتلة الرئيسيون الجنود 
البرتفاليون والجدرى(:8). 

لحسن حظ المحافظين على الثقافة. فى خلال القرون التى أصبح الحكم الإسبانى 
فيها منظما تدريجياء لم يعد سكان وادى المكسيك فى خطر الانقراض الفورى. 
ويالرغم من ذلك, كان هناك العديد من مصادر الخوف الشديد. ففى عام /ا9/ا١-‏ 
عاد الجدرى على شكل وباء. وكان آخر مرة ظهر فيها قبل ذلك بثمانية عشر 
عاماء مما يعنى أن كل من كان تحت سن الثامنة عشر - أكثر من نصف عدد 
السكان - كان بدون متاعة. وفى وسط المدينة. حصد الجدرى ٠..../اشخص‏ 
معظمهم من الشبان. ومن جانبهاء أدركت السلطات الإسبائية أنه خلال كارثة المرض 
يكون /28٠١‏ من السكان معوزين لدرجة أنهم لا يستطيعون العناية بأتفسهم. ويما أنهم 
اختاروا آلا يفسروا هذا على أنه اتهام ل-!” عاما من الحكم المتحضرء فقد لجاوا إلى 
فكرة أن السكان الأصليين كانوا بالطبيعة كسالى ولذلك فإنهم فقراء(:*). 

خلال كارثة عامى ١194-1١1/91‏ فى خارج المناطق الداخلية, كان السكان 
مقتنعين أن الإسيان وإلآشهم قد تسبيوا فى الجدرى. ولأنهم كانوا مقتنعين بهذا 
الاعتقاد , فقد رفضوا تقنيات الإسبان للسيطرة على المرض- التطعيم الإجبارى 
وعزل الأطفال المصابين بالعدوى. لكن الإسبان غير المتفهمين كانوا قليلى التعاطف. 
كما صاغها كاهن: "هولاء الناس هم الأكثر عنادا فى العالم, البعض يقول إن الله قد 
أرسل المرض إلى المدينة ولكنهم ان يسمحوا للإسبان أن يعطوه للمزيد من 
أطفالهم'7'*. وفى عشية الوياء الرئيسى فى مدينة تيوتيلان» قبضت السلطات 
الإسبانية على ١5‏ مصابا صغيرا وأودعتهم مستشفى العزلء وأنقذهم حشد غاضب 


275 


خاف أفراده أن يتركوا أقاربهم المحبوسين ليموتوا من الجوع. وحدثت محاولات إنقاذ 
مشابهة فى أماكن أخرى. 

ظهر وياء الجدرى على بعد ٠١‏ آلاف كيلومترًا جهة الجنوب عام ١74١‏ بين 
٠‏ شخص يعيشون وراء نهر بايو- بايى فى شيلى. حتى هذا الوقت كان ذلك 
الشعب قد قاوم الفتح, بالرغم من أن هذا الإقليم قد حمل علامة تبعيته للتاج الإسبانى 
على خرائط الحوائط فى مدريد. عرض الإسبان أن يرسلوا المبشرين والمساعدة الطبية 
عندما حدث وياء الجدرى حيث كانوا يفكرون فى الاستفادة من حيرة "هؤلاء البرابرة 
الجهلة الذين يعتقدون فى الخرافات" الذين "كانت تحركهم الخواطر الغريبة الطارئة 
وليس العقل". ناقين أية دوافع أخرىء أراد الإسبان " أن يعرف ....أن الآباء فى 
أرديتهم البنية (الفرنسيسكان) ليست لهم أية رغبة فى الحصول على أراضيكم 
وممتلكاتكم أو نسائكم". ولكن شعب البايو - بايو عرف أفضل من ذلكء ورد أنهم 
"سيستمرون فى رفض السماح للآباءء, قائلين إنهم سوف يقتلونهم بالماء المغلى» كما 


حدث مع الإسبان الآخرين”87), 


وإذ تُركوا لوسائلهم الخاصة؛ أغلق البايو - بايى أماكن العبور عبر النهر بينهم 
وبين الإسبان وإله الإسبان والرجال ذوى الأردية البنية. ولتفسير كيفية انتشار 
الجدرى؛ ادعوا أن شابا مات بالجدرى يدعى كايلانكا كان قد سرق قافلة أسقف 
كونسبيكون المسافرة قبل ذلك بأريعة أعوام (1741)» وأن الأسقف قد أخذ بثأره 
بإعلان حالة العداء وأرسل الجدرى الذى هدد كل الناس. ولأن شعب البايى - بايى قد 
وزع نفسه عبر الريفء فقد أصابهم الجدرى إصايات بسيطة فقط. ويعد ذلك بعامين, 
بالرغم من ذلك, استغل الحاكم الإسيانى الماهر؛ إمبروزيى أى هيجينز الانقسامات التى 
حدثت خلال أزمة الجدرى وكان قادرا على اللعب عليها. وفى معاهدة أبرمت فى ١797‏ 
منح الإسبان الحق فى بناء محطات تبشيرية وقلاع وطرق تربط أينما رغبوا فى بلد 
البايو- بايو على أساس أنهم ان يرسلوا الجدرى ثانية عن طريق أعمال السحرلة*). 


206 


ولكن فى نظام العالم الجديد» فإن المعاهدات بشروط من هذا النوع كان من المحتم آن 
تنتهى بخرق الرجل الأبيض لعهود.('*). 


الصلة الإفريقية 


أدرك الأوربيون الذين أتوا إلى العالم الجديد بعد عام ,١497‏ حيث وجدوا ثروات 
معدنية وحقولاً مهيأة للزراعة وأراضى عشبية وغابات: حاجتهم لآلاف العمال لتحويل 
هذه الثروات الخام المحتملة إلى بضائع عالية الجودة يمكن تسويقها فى الوطن. 
مُتبعين الفيلسوف (أرسطو) بأن العمل اليدوى كان مناسبا فقط للعبيد» فقد افترض 
البيض أن عناية الله قضت أن يُستعبد الملايين من البشر الأقل شأنا فى الأراضى 
الجديدة لإنتاج البضائع لأوربا. حينئذء وجدوا أن الأمريكيين الأصليين كانوا يموتون 
بسبب الجدرى والأمراض الأخرى بمعدل مزعج وأنه حتى لو ظلوا أحياء فإنهم لا 
يعملون بالشكل المناسبء, فأصبح واضحا أنهم يحتاجون إلى مورد بديل للرقيق وقدم 
الله ذلك أيضا(""). 

خلال منتصف القرن السادس عشر.ء بدأ التجار البرتغاليون يستخدمون حق 
الامتياز للوصول إلى مصدر من الواضح أنه لا يفرغ للعمال العبيد الأقوياء فيما يعرف 
اليوم بأنجولا. ومن المناسب بالقدر الكافى أيضا أن هذا المصدر يقع على بعد أسابيع 
قليلة فقط بالبحر من أمريكا الإسبانية والمستعمرة البرتفالية التى أنشئت بعد أن هبط 
الفاريز كابرال فى البرازيل عام .١16١١‏ وفى الحقيقة» فإن محطات غرب أفريقيا لجمع 
العبيد كانت فقط مجرد جزء من إمبراطورية تجارية برتغالية أكير من ذلك بكثير. بدءا 
من طريق صغير لسنوات قليلة خلت؛ كان البحارة اليرتغاليون قد داروا حول رأس 
الرجاء الصالح وعبروا البحر العربى ليؤفسسوا قاعدة تجارية قوية فى جاوة على 
الساحل الغربى للهند. ومن جاوة عبروا خليج البنجال وأسسوا شبكة من الاتصالات 
فى ملقة (الملايى). مكاو (فى الصين) وناجازاكى (فى اليابان) ومانيلا (فى الفليبين). 


277 


ونتيجة لنشاطهم الجم ؛ فبحلول عام :.155٠‏ كان البرتغاليون متفردين بين الدول 
الأوربية فى السيطرة على تركيبة تجارية عمت الكرة الأرضية. ومن خلال حوادث 
الأسر الأوربية والسياسة البابوية كانت البرتفال لأعوام عديدة المورد الأساسى للعبيد 
لأمريكا الإسبانية(!*). 


وحتى عندما كانت فى طور الظهور للوجود. حصنت الإمبراطورية التجارية 
البرتغالية على دعم الحكام الأفارقة لممالك السواحل الغربية الذين كانوا مستعدين لبيع 
العبيد الذين يتم أسرهم من الأجزاء الداخلية لتجار البحر البيض. وتأسيسا على 
شبكاتهم فى غرب أفريقياء ويحلول التسعينيات من القرن الخامس عشرء كان 
البرتغاليون يرسلون 26.١-١٠٠١‏ عبد سنويا إلى لشبونة وسيفيل والمدن الإيطالية. 
حينئذ مع نقل زراعة قصب السكر من العالم القديم إلى العالم الجديد, بداية 
بالبرازيل» أرسل معظم العبيد الذين كان يتم أسرهم إلى أمريكا بدلا من أوريا""). 
وأرسل حوالى ٠١‏ مليون أسير بين سبعينيات القرن السابع عشر وأواخر القرن 
التاسع عشر "عبر الممر" إلى نقاط التجميع على ساحل أفريقيا الغربى. نجا حوالى 
نصفهم بعد هذه المحنة والشحن عبر المحيط الأطلنطى (المعبر الأوسط). تم بيع 1١5‏ 
من كل ٠١‏ من الناجين إلى مشترين فى البرازيل أو إلى جزر الهند الغربية (الآن خالية 
عمليا من السكان الذين كانوا موجودين فيها قبل اتصالها بأوربا)!”*). 

مبكرا فى عام 1515» زعم الرهبان الإسبان الذين كانوا يعلقون على فتح أمريكا 
الوسطى وتدميرها بواسطة الجدرىء أن العنصر البشرى الذى جلب الجدرى للمرة 
الأولى إلى البر الرئيسى كان عبدا أفريقيا. وبالرغم من أن الإسبان كان لديهم أفكار 
مشوشة جدا حول كيفية انتقال العدوى, فقد اجمعوا بشكل يثير الفضول على أن 
الشخص الذى أحضر الجدرى من كويا إلى اليوكتان كان عبدا أفريقيا مملوكا لدى 
نارفيزء وكان يقطن مع أسرة فى سيمبوالا حيث أصيب بالمرض. من هذا المنزل انتشر 
المرض فى قرية سيمبوالا . ثم إلى القرى الأخرى ثم خلال الإقليم إلى وادى المكسيك 
شمالا إلى تينوشتيتلان حيث وصل فى أواخر أكتوير عام ١١7١‏ 57). ولكن عند هذه 


2768 


النقطة. هناك كلمة تحذير فى هذا التوجه. بأواخر عام 1895 عند تقييم قيمة 
الروايات المتشابهة حول كيفية ظهور مرض معين فى المشهد من خلال عامل معين, 
أوضحت بعثة الجيش الصحية فى الهند أن الدليل الذى قُدم كان ظرفيًا, يعتمد على 
الإشاعة ويفتقر إلى قيمته التجريبية الأوليةا*'). وبالنظر فى رواية العبد الأفريقى الذى 
يمنلكه دى نارفيزء ربما كان من الحكمة اتباع دليل بعثة الجيش الصحية. 

بدلا من ربط انتشار الجدرى من أفريقيا إلى العالم الجديد بعبيد ملونين» من 
المحتمل أكثر أن المسيبات كانت البيض الذين كانوا يقودون سفن العبيد. وكما أشار 
هيربرت كلاين وآخرون» غالبا ما كانت معدلات الوفيات من الجدرى وأمراض الزحام 
الأخرى أكثر ارتفاعا بين أفراد طاقم السفن المملوكة للبيض التى تستخدم المعبر 
الأوسط عن المعدلات فى شحنات هذه السفن من العبيد!!*). 

يعكس هذا الاختلاف فى معدل الوفياتء جزئياء نوع المعاملة التى كان من 
المحتمل أن يتلقاها المريض بالجدرى» فيلقى البيض بصفة عامة معاملة أفضل. ويدلا 
من تحزيمهم وهم أحياء والسحب إلى جاتب السفينة والإلقاء فى الماء- وهو المصير 
الشائع للشحنة السوداء المريضة - فقد كان المرضى البيض يحصلون على الطعام 
والماء عن طريق زملائهم. وطبقا لحالة المناعة لدى الذين يقدمون الرعاية» يمكن أن 
يؤدى هذا الاتصال المباشر إلى اتساع نقل الفيروس بين طاقم السفينة. 

يوحى السلوك التمييزى على البر أيضا أن العبيد السود (بلغة التجارة "القطع") 
لم يكونوا حاملين مؤثرين للعدوى بصفة خاصة عند مقارنتهم بالطاقم الأبيض. فعندما 
ترسو السفينة فى ميناء بالعالم الجديد بعد وجودها لمدة من 1-5 أسابيع على سفينة 
نقل عبيد, يكون الطاقم الأبيض يتضور جوعا لممارسة الجنس مع امرأة. وعندما 
يجدون طريقهم إلى بيت دعارة: غالبا ما تخدمهم بنات من الأمريكيين الأصليين فى 
المدينة للحصول على المال لعائلاتهن فى الأراضى الداخلية. وخلال الوقت الحميم الذى 
يلى ذلك, يمكن أن ينتقل فيروس الجدرى إلى الفتاة التى تعدى كل مجتمعها المحلى 
عندما تعود لهم. 


ومن ناحيتهمء فإن العبيد, الذين يتم إنزالهم مقيدين» ومتعبينء من غير المحتمل 
أن يأخذوا إجازة للذهاب إلى بيت الدعارة أو أن يتمتعوا بحرية التنقل التى يتمتع بها 
البحار والمال فى جيبه. بالإضافة إلى ذلك» فإن العديد من العبيد من المناطق الداخلية 
والذين يأسرهم المغيرون من القبائل الساحلية أصبحوا بالفعل محصنين ضد 
الجدرى؛ إما من خلال التشريط أو من خلال نوية المرض وهم صغار. ولن يكون هؤلاء 
العبيد حاملين للمرض(""). 

تقترح دراسات علم الأويئة أن شكل الجدرى الذى وجد فى مناطق الإصابة 
الرئيسية بالنسية للعبيد الذين بيعوا بعد ذلك للعالم الجديد كان من الجدرى 
المتوسط. بمعدلات الوفيات المعيارية له بين 4, ؟- 9 , /٠١‏ , وهو أقل قتلا من الجدرى 
الكبير (ومعدلات الوفيات فيه من 7/٠‏ قما فوق) مع أنه أكثر قتلا نوعا ما من 
الجدرى اليسيط. كان الجدرى المتوسط قادرا على أن يحافظ على نفسه لعدة أعوام 
بين أعداد قليلة من الشعوب الرعوية أى اليدوء مع وجود حالة هنا وحالة هناك, 
تاركا لمعظم الناس حرية الاهتمام بشؤونهم اليومية. وكان الجدرى المتوسط عادة 
ينتقل على مدى مسافات بعيدة من خلال الاتصال المياشر بين الضيوف الذين 
يقضون الليل ومضيفيهم؛ ولكن نادرا ما كان يُصاب به أحد من خلال الهواء القادم 
من جهة الضحية. 

وبالرغم من ذلك؛ ففى خلال فترات عدم الاستقرار الاجتماعى الذى يحدث يسبب 
قافلة إغارة على العبيد على سبيل المثال من الساحل وفرار السكان المحليين لتفادى 
الوقوع فى الأسرء يمكن أن يحول الجدرى المتوسط نفسه إلى وياء. ويبدو أن الجدرى 
المتوسط الويائى يختار أغلبية ضحاياه من الشباب من أعمار 55-١6‏ عاما. ( الأسير 
المثالى لتجار العبيد) أكثر من متوسطى العمر أو الأطفال من عمر ه-4١‏ عاما. 
واعتمادا على المكان الذى نشأ فيه الفيروس الجديد؛ يمكن أن يرتيط الجدرى المتوسط 
بالجدرى الشديد الأكثر فتكا!ة"), 


0ظ2 


حوالى عام ١٠6١‏ ( عندما كانت كثافة الرق ما زالت منخفضة المستوى) فإن 
الجزء الوحيد من القارة الذى كانت الأعداد البشرية فيه أقل بالفعل من أن تدعمها 
الأشكال التقليدية من الزراعة كان غرب أفريقيال"'). وريما كانت هذه الكشافة 
المنخفضة مرتبطة بالظهور الدورى لأوبئة الجدرى. وقيل الانطلاق الفعلى لغارات الرق 
فى التسعينيات من القرن السابع عشرء كان المصدر المحتمل للأويئة ريما كان 
حركة الأعداد الكبيرة من الناس فى اتجاه الجنوب عبر البحر الداخلى الذى كان 
الصحراء الكيرى. ومن بين مجموعات الناس الذين كانوا يربطون دوريا شبه الجزيرة 
العربية والجدرى المتوطن فيها بالسواحل الجنوبية لهذه الصحراء كانت قبائل الهوسا 
المسلمة العائدة من رحلة الحج التى تقوم بها مرة واحدة فى العمر إلى مكة('١٠).‏ 
تسببت التغيرات المناخية أيضا فى حركة السكان الكثيفة. فموسم استثنائى من المطر 
الطويل أى القصير ربما يؤدى إلى هجرة شعوب كاملة شمالا أى جنويا ردا على 
التغيرات فى الحدود بين الصحراء وإقليم السافانا. خلال هذه الهجرات يمكن أن 
ينتشر الجدرى. 

والأكثر تأكيدا معرفتنا أنه فى آخر القرن السابع عشر- عندما كان الأسر 
الكثيف للرقيق فى الأراضى الداخلية بعيدا عن الساحل بدأ يأخذ طريقه - كان الجزء 
الوحيد من أفريقيا الذى كان يعرف إلها مخصصا بالقعل للجدرى كانت يورويالاند. 
ويؤيد هذا أن الجدرى كان مستوطنًا جيدًا هناك لفترة من الوقت. وأكد دونالد هويكنز 
المعلومات التى أعطتها لى منذ أعوام قليلة راهبة الشويونا المحلية فى مزار بالقرب من 
أوشجويوء؛ وذلك عندما كتب عن تاريخ أداء الطقوس لاسترضاء هذا الإله فيما يعرف 
اليوم جنوب غرب نيجيريا وداهومى وتوجى. إن إله شويونا » والذى يعرف أيضا برب 
ما فوق الأرضء كان الأخ الأكبر لإله الحديد والمعادن النيزكية (شانجو) ويمكنه أن 
يمنح الخصوية للأرض المخصصة لزراعة الحبوب؛ ويمكنه أن يظهر غضبه من خلال 
جعل بشرة الناس متقيحة بقشور مثل الحبوب يعقبه الموت. وتشجع العطايا شويونا 
على أن يسحب الجدرى!!١٠).‏ 


وفى مكان آخر فى أفريقيا حيث لم يوجد إله مخصص للجدرى ( مقترحا وضع 
كان الجدرى غائبًا فيه بقدر كبير). ينبغى أن تمارس طقوس جديدة للتكيف معه 
عندما يصل فى النهاية. ذُكرت بعض هذه الطقوس للمرة الأولى فى القرن التاسع 
عشر ويمكن أن تكون قد نشأت فقط قبل ذلك بعقود قليلة. على سبيل المثال فى 
كيكيولى لاند ( الآن فى كينيا) تصرخ النساء اللاتى يقطن القمم العالية لإبعاد روح 
الجدرى إلى القمة التالية حيث توجد مجموعة أخرى من النساء مرتقعات الأصوات 
لإبعاده مسافة أطول حتى يُجِبر على أن يبتعد عن الأراضى التى تشترك فيها 
مجتمعات قرى!'''). 
وهناك ممارسة مختلفة سجلها التجار العرب على طول ساحل أفريقيا الشرقى, 

كانت العادة هنا هى شراء الجدرى. وصف جيمس بروس ذلك فى سبعينيات القرن 
الثامن عشر: 

منذ زمن لا يمكن تذكره ..... كانت النساء هن اللاتى يدرن هذه 

العملية وفى أفضل وأكثر مواسم العام جفافا.... عند أول سماع 

بظهور الجدرى فى أى مكانء ويلففن قطعة من القماش القطنى 

على ذراع الشخص المصاب ويتركنها عليه حتى يساومن مع الأم 

حول كيف ستبيع لهم.. ويدفع للأم قطعة أى أكثر من الفضة , 

تتم بذلك الصفقة:؛ يذهبن إلى المنزل ويربطن قطعة القماش على 

ذراع طفلهن وهن متأكدات: كما يقلن؛ من واقع الخبرة الطويلة 

أن الطفل المصاب سيشفى وإن يصاب بأى تقيح أكثر من العدد 

المتفق عليه والمدفوع ثمنه79١٠),‏ 


طبقا لعلم الأويئة» يمكن أن ينجح هذا الشراء للجدرى؛ إن فيروس الجدرى فى 
القشور التى تظل فى الملابس والفراش يظل حيا ١4‏ يوما أو أكثر. وكانت الممارسة 
المرتبطة بذلك وضع نقطة صديد من تقيح جدرى فى جرح فى بشرة شخص آخر 


262 


للتاكد من أن هذا الشخص سيصاب بحالة متوسطة من الجدرى. عرف هذا العمل 
بالتلقيح يفيروس الجدرى أو التطعيم. وقد وصفت امرأة من الهوسا كيف تم تطعيمها 
بالجدرى كطفلة حوالى عام 14957: 


اعتادوا أن يخدشوا ذراعك حتى يخرج منه الدم ثم يأتوا 

بالسائل من شخص ما مصاب بالجدرى ويضعوه فيه. يتورم 

وتغطيه أنت حتى يشفى. اعتاد بعض الأطفال أن يموتوا من هذه 

العملية(؟"). 

كما نعرف اليوم؛ فإن الطرق الأفريقية والشرق أوسطية للتطعيم ضد الجدرى 

الجلد يعمق كبير وعدم التسيب فى عدوى ثانوية. والأكثر أهمية, أنه يعتمد على الحفاظ 
على الشخص الذى أخذ اللقاح معزولا خلال الفترة التى كان يعانى فيها حالة الجدرى 
وعندما كانت القبائل الأفريقية قبل الاستعمار تواجه وياء بسبب حادث من هذا النوع 2 
كان التصرف المعتاد هى الانقسام إلى مجموعات صغيرة واللجوء للأدغال حتى يزول 
الخطر. عندئذ بعد ذلك بعدة أشهر, ريما يقوم مقدمى الرعاية الصحية المحليين بتلقيح 
بعشل الاطفال هرة اشر وبردى مخ ااتحقدل هذا :أن تعكل هذه الأجرانات كان يحهزها 
سكان المناطق الداخلية فيما يعرف الآن ببوركينا فاسى فى السبعينيات والثمانينيات 
من القرن السابع عشر(؟''). 


بعد ذلك بنصف جيلء على الجانب الآخر من ساحل الأطلنطى ؛ فى مستعمرة 
ماساشوستسء بدأت أمراض العالم القديم مثل الجدرى فى الظهور بين البيض 
المولودين فى أمريكا. ونعرف الآن أن هذا الظهور فى انتشار المرض يعكس تعديل ما 
كان معروفا بأنه نظام سكانى غير تقليدى. كان الوضع السابق الأولى: الذى اعتمده 
الآباء المهاجرون والمتطهرون مميزا بغياب الأمراض المعدية للأعداد الكبيرة من الناس 
تقريبا. وقد كان لهذه الثغرة نتائجها المهمة. بالرغم من أن المستعمرين الذين أتوا إلى 


دحا 
ع 
يه 


نيو انجلاند وغيرها من المستعمرات الشمالية بين عامى ١145-1770‏ مثلوا أقل من 
/ من كل الإنجليز الذين وصلوا إلى البر الرئيسى وجزيرة الكاريبى فى أمريكا 
الشمالية, وتركوا بدون مضايقة, فإنهم قد نجحوا فى تربية عدد كبير من الأطفال 
الذين بقوا على قيد الحياة لينتجوا جيلا كبيرا آخر. ولم يتكرر هذا فى أى مكان آخر 
من العالم الجديدء لذا قإن مآثر هذا الإنجاب تعنى أنه بحلول عام ,١7٠١‏ كان 
المنحدرون من المستعمرين الأوائل سعيدى الحظ يمثلون أكثر من نصف عدد السكان 
البيض فى أمريكا الشمالية الإنجليزية!!١').‏ 

إن ظهور نموذج مرض يشبه ذلك فى نيى انجلاند فى المستعمرات الأيعد 
تجاه الجنوب يدعو إلى التساؤل: لماذا أهمل الله شعبه المختار؟ الأب كوتون مازر من 
كنيسة يوسطن الشمالية القديمة كان واحدا من الرجال الذين سمح لهم وقت 
فراغهم أن يصلوا إلى تفسيرات مناسبة؛ وهى مؤلف معروف لكتاب يحارب السحرة. 
بجانب التضحية بالسحرة: استهدف مازر أيضا السكان الأصليين. وحيث إنه قد تذكر 
حالة النعمة التى كانت فى زمن جده عندما كان البيض محصنين ضد أمراض الأعداد 
الكبيرة من الناس,؛ فقد أكثر مازر من الفصاحة حول الأويئة الكبرى التى أودت 
بحياة 40 من كل ٠٠١‏ هندى من الالجونكوين 'لدرجة أن الغابات قد أخليت تقريبا من 
هذه المخلوقات الضارة مما وسع الطريق أمام نمو أفضل". كان مازر نفسه ممثلا لهذا 
'النمو الأقضل . وكانت الرعية فى أبرشيته تحترمها"''). وكعلامة لتقديرهم له, 
أهدوه عام 17١7‏ عبدا زنجيا أسود. بهذه الهدية أصبح المشهد معدا لحدوث إنجاز 
فكرى مهم. 

أطلق مازر على العبد اسم أونيسموس. وعندئذ أصيب بالقلق خشية أن يجلب 
الأفريقى الجدرى إلى منزله. ساله إذا كان قد سبق له الإصابة بالمرض. أجاب 
أونيسموس ينعم ولا؛ مثل كل الأطفال فى عمره فقد تم تلقيحه كطفل عندما كان فيما 
يعرف اليوم بيوركينا فاسى وأصيب بحالة متوسطة من المرض منحنه مناعة مدى 
الحياة. جعلت هذه المعلومة مازر يفكر. وعندما سال ملاك العبيد الآخرين فى بوسطن 


264 


وجد أن العديد من الزنوج من غرب أفريقيا قد تم تلقيحهم كاطفال!""'). ويهذه المعرفة, 
دخلت ممارسة سلوكية كانت شائعة لمدة طويلة بين الشعوب غير الغربية فى مدارك 
وحوار طبيقة الصفوة فى المستعمرات. 


نحو الاستئنصال 


شجع مازر الأمريكيين من أصل أوربى على أن يتقبلوا أن السيطرة على الجدرى 
من خلال التلقيح ممكنة عمليا. عموماء بسبب كون المواقف الإمبريالية كما كانت » 
رفض العنصر الأفضل فى إنجلترا أن يتعلم من المستعمرات. وبالتالى» فقد تأخر 
الإدراك الكامل فى بريطانيا أن غير الغرييين كانوا يستخدمون شكلا من أشكال 
التلقيح حتى عام ١1١5‏ وقد نشر بحث إيمانويل تيمونى حول تلك العملية فى 
إسطنيول!؟١٠).‏ 

فى أورباء ما جعل الميزان يميل أخيرا لصالح التدخل البشرى للسيطرة على 
الجدرى كان الإدراك الذى سبب صدمة أن الجدرى فى صورته الجديدة شديدة 
العدوى لم يكن يحترم تمييز الهرم الاجتماعى والرتب كما يجب؛ كان من المحتمل أن 
يقتل الأرستقراطيين الذين يمتلكون الضياع الواسعة مثلهم مثل أبناء وورثة من 
يكنسون الشوارع. ففى إنجلترا قتل الجدرى الملكة مارى الثانية ( من الزوج الملكى 
ويليام ومارى) وفى عام ١7٠٠١‏ قضى على آخر أبنائها. وأدت هذه الأحداث إلى 
التشريع البرلمانى الذى نقل الحق فى ولاية الحكم إلى حاكم هانوفر البروتستانتى. 
وفى نفس الوقت )١17١١(‏ أدى إلى التوحيد البرلمانى بين إنجلترا واسكتلندا. ويسبب 
هذا الحدث الأخير؛ وجد خريجو الطب من جامعة أدنبره أنه من الأسهل قليلا أن 
يكتسبوا خبرة من ممارسة الطب فى إنجلترا (:''). 

وبعد حدوث الوحدة بفترة قصيرة؛ قدم خطر الجدرى عام ١75١‏ فرصة لطامحة 
اجتماعيا للادعاء أنها قد أدخلت فكرة التلقيح إلى أوربا. عادت مؤخرا من إسطنبول 


2065 


حيث كان زوجها ممثلا للمصالح الإنجليزية لدى حكومة الباب العالى [تركيا - ت] 
جعلت الليدى مارى ورتلى مونتاجيو معروفا أنها قد قامت بتلقيح ابنتها باستخدام 
الطريقة التركية. وتأثرا بالليدى مارى؛ لقحت الملكة كارولين أطفالها. وجعلت رعاية 
العائلة المالكة لهذه الطريقة منها عملية محترمة. ويعد ذلك» قام حكام فرنسا والسويد 
وإسبانيا وبروسيا والأراضى الإيطالية بتلقيح أسرهم فى عرض كبير؛ ونصحوا 
تابعيهم المميزين أن يحذوا حذوهم. وقد رحب الفيلسوف فولتير بما أسماه "الإنجاز 
الطبى'. ولأنه كان معبرا عن فوران عصر التنوير فقد رأى أن الخبراء فى الطب 
سرعان ما سيهزمون كل الأمراض''''). وفى هذا , لأنه مشوش التفكير كالعادة » لم 
يكن فولتير مدركا للتيار الأساسى للفكر الطبى. 

خلال معظم القرن الثامن عشرء عارض الأطباء المتعلمون فى الجامعة التلقيح 
بقوة. ولأنهم لم يكونوا آمنين فى وضعهم الاجتماعى؛ فقد كانوا أعلى مرتبة واحدة من 
كبار التجار؛ فقد استمروا فى تبرير دعوتهم بزعم الاعتماد على نظريات القدماء. وفى 
عام :١1166‏ وجد بحث قام به الأطباء الاسكتلنديون (الذين كان ينظر لهم فى زمانهم 
على أنهم أفضل أطباء العالم وأكثرهم ابتكارا) أن الثلث فقط قد أخذ على عاتقه تلقيح 
مرضاه. فى القارة. حتى بعد مرور ٠١‏ عاما . كان معظم الأطباء ما زالوا متعلقين 
بنظرية الأخلاط الإغريقية - الهلنستية التى؛ فى المقدمة منهاء بدا أنها تستبعد 
الابتكارات فى الطب الوقائى. ومع ذلك ففى هذا العالم الطبى قبل الحديث. كان 
للزبائن الذين يدفعون الأتعاب الكلمة الأخيرة. 

ما حدث أن الأشخاص العنيدين ذوى الأهمية , الذين كانت مهنة الطب ستتراجع 
بدون رعايتهم للأطباء. قد أصروا على أن يتم تلقيح أطفالهم سرا. وطبقا لذلك: فقد 
وجد الأطباء بنهاية القرن» بعد بعض الموازنة والمراوغة . إمكان جعل عملية التلقيح 
تتوافق مع النظريات القديمة. وكما مارسه الأطباء بعد عام »١79٠١‏ فإن التلقيح قد 
أصبح عطلة لمدة 5-7 أسابيع فى المنزل يجهز المريض فيها أولا بطعام خاص النظام 
( الكلمة نفسها مستقاة من العصور الوسطى) تم يسمح له بأن يسترد صحته فى 
ظروف مشابهة مواتية ,)١‏ 


كان الموقف مختلفا بالتسبة للبشر العاديين الذين لا يستطيعون أن يوفروا هذا 
النوع من نظام التلقيح. إذا أجرى من الأساس.ء فإن تلقيح الأطفال كان يجريه الهواة 
أى المجربون. وبعكس ما كان مفترضا فى البداية » فإن فتح هذا المجال للمجربين لم 
بثر مغارضة شديدة من جاني الأطباء. ولآن الأظباء كانوا معتادين منذ فترة طويلة 
على تقبل أن تقوم الأمهات؛ القابلات: حكيمة القرية والمعالجون الآخرون غير المؤهلين 
بتقديم الخدمة الصحية للأطفال العاديين, لم يهتم الأطباء بشكل خاص بمرور هذه 
الفئة من العملاء فى طريقهم. 

فى جنوب شرق إنجلترا. من ضمن الملقحين المشهورين الذين لم يتلقوا تدريبا 
طبيا توماس ديميزديل» وعائلة ساتون ورويرت ونجله دانييل. وفى جزر شيتلاند» 
اعترف جون ويليامون الذى يحسن العمل فى كل الصناعات أنه قد نجح فى إجراء 
بضعة ألاف من عمليات التلقيح. زعم ويليامون أن تقنيته تعتمد على تجفيف قشور 
الجدرى على نار الفحم ثم دفنها لمدة /ا-4 أعوام (!) قبل استخدامها فى تلقيح 
المرضى. فى هذه المجموعة من الجزر التى تضم جزيرة فاولا التى حصد الجدرى 
فيها عام ١7٠٠١‏ كل السكان فيما عدا ١٠١‏ أفرادء ومثّل السكان المحليون زبائن 
متحمسين. ويالرغم من ذلك, ففى أجزاء عديدة أخرى من أورباء كان الناس 
العاديون أقل رغبة. فالتجارب الطويلة مع الدجالين من خارج القرى قد علمتهم أن 
التجنب هو الطريق الأضمن للبقاء. كانوا يسرعون فى تلقيح أسرهم فقط عندما يبدو 
الوباء فى الأفق بزيارة المجربين» حيث يقررون أن المخاطرة الأقل ( الوفاة بسيبب 
التلقيح) أفضل من المخاطرة الأكبر (الوفاة يسبب الجدرى شديد العدوى). فى 
الأحوال الطبيعية» فإن حملات التلقيح التى يقوم بها المجربون غير المجازين غالبا ما 
كانت تفلت من الملاحظة الرسمية. ولذلك فقد فشلوا فى أن يمدوا المؤرخين السكانيين 
بعد ذلك باحصائيات سليمة ريبما يحتاجون إليها لإعادة بناء الطبيعة المتغيرة للواقع 


الماضى بثقة .)١١‏ 


2067 


ارتقع عدد سكان أوربا بين عامى 18-١-١160‏ من حوالى ١5٠١‏ إلى180 مليون 
نسمة, ووقف عام 11٠١‏ عند 59١‏ مليون نسمة. فى محاولة تفسير هذا النمى غير 
المسبوقء بنى أريك ميرسر على عمل مجموعة كامبردج للدراسات السكانية التى 
حاولت بدورها أن تجد العلاقة بين انخفاض معدلات الوفيات وتفيير نماذج الزواج 
والخصوية!؟''). ولأنه كان مدركا لمخاطر التعميم السريع؛ بالرغم من ذلك» شعر 
ميرسر أنه قادر على أن يشير إلى أن التدخل الإنسانى ضد الجدرى فى بعض 
الأقاليم كان له أثر مهم على صحة مجموعة من البشر فى سن ما. على سبيل المثالء 
فى السويد فى نهاية القرن الثامن عشر عندما كان الجدرى مسئولا عن خمس الوفيات 
تقريباء كان 414/ من ضحايا هذا المرض بين عامى 117/47-111/9 أطفالاً تحت سن 
التاسعة. وردا على هذا التهديد الواضح لاستمرارية الشعب السويدى كمجموعة 
عرقية » شجع وكلاء النظام سكان المناطق الريفية على تلقيح أطفالهم » وبالفعل فقد 
حعلوا العملية إجبارية. امتثل أرباب الأسر لهذا الأمر من الدولة وهم مضطرونء وقد 
أدى ذلك إلى موقف أصبح فيه عدد السكان الذين ليست لديهم مناعة منخفضا , 
وأصبح انتشار الجدرى القاتل منخفضا أيضا لعدة أعوام .)١١5(‏ 


ويمجرد أن بدأ فى الزيادة - تساعده حملات التلقيح غير المنظمة- فإن النمى فى 
عدد السكان قد ساعده أيضا ابتكار آخر فى تقنيات الوقاية من الجدرى. فى عام 
7 اهتم إدوارد جينير وهى طبيب ممارس فى جلوسيسترء بوجود عملية استخدمها 
معدية من ضرع بقرة مصابة بجدرى البقر فى تلقيح زوجته وأسرته. وعندما وجد 
د. جينير أن كل أطفال عائلة جيستى ذوى الصلة ما زالوا على قيد الحياة؛ اختار 
د.جينير العملية وأطلق عليها ‏ التطعيم”". ومن خلال التطبيقات التى انتشرت جيدا 
للتقنية الجديدة. أصبح جينيرء وهى رجل ذى مكانة اجتماعية معروفة بالفعلء ثريا. 
بالإضافة إلى رموز بسيطة للتقديرء أرسلت شركة الهند الشرقية له عام ١80‏ حقيبة 
تحتوى على ٠٠١‏ جنيه استرلينيًا. كان الدخل السنوى فى هذا الوقت لصائع ماهر 
يعمل بدوام كامل ربما يصل إلى حوالى ٠٠١‏ جنيه استرلينيًا .)١1(‏ 


258 


يتقيل المؤرخون الطبيون الذين جاءا بعد بيخر رازيل أن مصل الدم الذى 
استخدمه جينير كان يحتوى على خليط مثير للفضول من الأشياء. أحد مساوئه 
كان أن العامل المعدى يخفف بالماء لكى يصبح أكثر أماناء كما أن التطعيم فى 
الصغر ينبغى أن يتبعه إعادة للتطعيم فى أوائل البلوغ .)١9‏ لكن المؤرخين الذين 
ينظرون إلى المجتمع من أعلى لأسفل يعتبرون إنجاز جينير نقطة تحول فى 
الطب الغربى. على سبيل المثال» رأت إيف مارى بيرس من فرنسا أن عمل جينير 
كان مثالا ملهما على جرأة عمالقة عصر التنوير. وحيث إنه قد أعلن عنه بعد مرور 
أشهر قليلة على صدور كتاب ماركيز كوندرسيه الرائع فى تقدم العقل البشرى 
)١7985(‏ أدى عمل جينير إلى افتراض العالم كله أن أوربا يمكن أن تحرر نفسها من 
أخطر آفاتها ,)١١9(‏ 

حدث إنجاز جينير فى وقت كانت فيه معظم أوريا تحت الاحتلال العسكرى 
الفرنسى. ولأنهم أصبحوا فى مكانة أعلى بسبب تقاؤل عصر التنوير الذى يمثله الآن 
أول ديكتاتور حديث فى أوريا - نابليون بونايرت - فإن رجال الدين والحكام والآخرين 
الذين لهم سلطة ونفوذ على حياة البشر الآخرين قد أقنعوا محكوميهم أن يطعموا 
أطفالهم مجانا. وكان الافتراض غير المعلن أن الشباب الذى سيبقى على قيد الحياة 
اليوم هى الذى سيكون طاقم المدفع فى الحرب القادمة. وفى بروسياء يعد أن سحق 
نابليون الجيوش الملكية فى معركة يينا عام :١148.7‏ أنشئت عيادات للتطعيم فى معظم 
التجمعات السكانية. وفى أرض الوطن يفرنسا العاصمة؛ شجع رجال الكنيسة 
الكاثوليكية التى تدفع لهم الدولة؛ العائلات التى تتجمع فى مراسم التعميد على أن 
يلقحوا أطفالهم بعد انتهاء القداس('''). وفى نابولى. وصف مشهد مثالى لرجل 
بريطانى حامل لدرجة علمية يقوم بالتطعيم والذى سرعان ما سيعود إلى جلوسيستر 
للعمل مع جينير. هنا: 


من العادى أن ترى فى صباح التلقيح العام فى المستشفى, 
موكبًا من الرجال والنساء والأطفال يسيرون فى الشوارع 
يقودهم كاهن يحمل الصليب قادمين للتلقيح... يعبر العامة عن 
تاكدهم من أنها هبة أرسلت من السماء. بالرغم من أنها قد 
اكتشفها ملحد ومارسها آخر("". 
لقد جرى جدالء؛ يتلخص فى أنه فى هذا الشكل الأكثر تعقيدا , فإن التدخل 
الإنسانى ضد الجدرى يساهم فى انخفاض معدل الوفيات. على أية حال؛ كنتيجة 
مباشرة لانخفاض عدد الوفيات:؛ بين الأطفال بصفة خاصة:. حدث ارتفاع هائل فى 
سكان بريطانيا والمانيا وأراضى الهابسبورج.ء وإيطاليا واسكندنافيا. ظهر من هذه 
الأراضى بعد عام ١84٠‏ شبان غير مستقرين لا يجدون أماكن فى بلادهم. وبين هذا 
العام وعام ,١14١5‏ ذهب أكثر من 5 مليون شاب أوربى إلى أمريكا الشمالية؛ واستقر 
" أى 5 ملايين آخرين فى جنوب ريى جراند. 
بمجرد وصولهم للعالم الجديدء فإن هؤلاء الناس الفائضين عن الحاجة فى أوريا 
احتلوا أكثر وأكثر الأماكن التى تركت جانيا " للأيد” للسكان الأصليين. ففى الولايات 
المتحدة, تعرضت الإدارة الحكومية للإذلال على يد سيوكس الذى هزم الكولونيل جورج 
كاستر فى "آخر مكان فى إقليم داكوتا عام 1475» الذى ثأر بقانون التخصيص. أخذ 
هذا التشريع ١7‏ مليون آكر من سيطرة السكان الأصليين. وصودرت 19 مليون آكر 
أخرى بين عامى 1974-1441 كان المستفيدون الأساسيون من ذلك المهاجرين من 
أوربا وقد تم تطعيم العديد منهم ضد الجدرى قبل سفرهم. 
بحلول التسعينيات من القرن التاسع عشرء بدأت الولايات المتحدة تدرك مصيرها 
كقوة عالمية عظمى. وكان واحد من أعمالها للتأكيد على الذات هو الاستيلاء على ما 
بقى من العالم الجديد الإسبانى والإمبراطورية الآسيوية. فى عام 1814» عند نهاية 
الحرب الإسبانية الأمريكية» وجدت الولايات المتحدة نفسها مالكة لبورتوريكو ثانى 
الجزر الكاريبية (يعد هسبانيولا) التى قضى الجدرى الإسبانى على جزء كبير من 


2120 


للعيان» فسر الأمريكيون صعويات بورتوريكو المستمرة مع الجدرى على أنها دعوة 
للعمل. كما تذكر كلمات القائد الأمريكى الجنرال جاى .ف.هنرى: 


لم يكد آخر ممثلى الحكم الإسبانى السيئ يدير ظهره للجزيرة 
وقيل أن تضع الإدارة العسكرية الأمريكية أقدامهاء سنقوم 
كإحسان للسكان الجدد التابعين لنا . بتطعيم السكان 
جميعا!", 


وفى الواقع؛ مبكرا فى عام ”.8 1. كان الملك الإسبانى قد نظم نقل طعم جينير 
لتابعيه فى جزر الكاريبى. وضع "5 طفلا يتيما على ظهر سفينة شراعية وطعم اثنين 
منهم بالتسلسل بسائل الطعم كل 5 أو 8 أيام باستخدام طريقة من ذراع إلى ذراع 
للحفاظ على الطعم طازجًا خلال الرحلة الطويلة عبر الأطلنطى. ويعد أول تطعيم فى 
بورتوريكى؛ فى ثمانينيات القرن التاسع عشر أنشأ معهدا للتطعيم: ووضع برنامج 
التطعيم الإجبارى. ومع ذلك؛ لأن سكان بورتوريكى كانوا ينظرون إلى الأطباء كممثلين 
للسلطة المركزية» كانوا يرفضون الحضور إلى العيادات الموجودة فى المدينة للتطعيم. 
ولكى يشجعوا الامتثال؛ فرض رجال الإدارة فى الحكومة الإسبانية غرامة على 
المعمارضين. كان ذلك إذن برنامج طب الدولة الذى تمسك الرجال الجدد من البر 
الرئيسى فى أمريكا الشمالية باحتقاره 157), 


فى تصضميهم على أن يضطلهوا بهذا الجزه من غبء الرجل الأبيض الذى سقط 
على أكتافهم » ولتنظيف فتحات الحشرات فى أعتاب أيوابهم, فقد أغلق الجيش 
الأمريكى معهد التطعيم فى بورتوريكو, وبدأ برنامجا مقصود منه أن يعرضوا 
اعتقادهم فى أن التطعيم الإجبارى الشاملء إذا أدير بالشكل المناسبء سيؤدى 
بالتأكيد إلى اقتلاع الجدرى من جذوره من أى إقليم أو أى شعب9"'). وبعد ثلاثة 
أعوام؛ خبا حماس رجال اليانكى وتوقفت حملة استئصال المرض. وعلى البر الرئيسى » 


291 


اعتاد الساخرون البيض أن يطلقوا على حالات الجدرى بين البحارة فى الموانئ 
الأمريكية " خدوش بورتوريكو' أو “الجديرى!") البورتوريكي' أصبح الجدرى مرض 
الشعوب المستعمرة؛ الشعوب التى لا تنتمى لهم , أى الآخراط؟""), 


خلال الأعوام التى كانت السلطات الصحية فى الجيش الأمريكى تعرض فيها ما 
الذى يمكن فعله فى الحرب ضد الجدرى فى بورتوريكو المحررةء ضرب آخر وياء 
جدرى كبير فى دولة متحضرة حديثة ثلاث عشرة من تسع عشرة من مستوطنات 
البويبلى فى نيى مكسيكى. مات ٠٠١‏ أمريكى أصلى . مع استمرار إجمالى الفقد فى 
أكثر المستوطنات تضررا حول ./١١‏ ويما أن مكتب الشئون الهندية فى واشنطن؛ دى 
سى اعتبر الأمريكيين الأصليين قابلين للضياع؛ إذ تمنع عقبات بيروقراطية بفاعلية 
إرسال متخصصين مؤهلين فى مجال الصحة. فإن المساعدة التى قدمت قام بها 
المتطوعون البيض. وذكر واحد منهم أن: 
وجدت الهنود لطفاء جدا فى تحيتهم ولكن كان يبدى عليهم أنهم 
قد بكوا كثيرا. سالت رجلا منهم أتى ليقطع الخشب.... كم عدد 
الأطفال المرضى فى منزله... أجاب 'ولا واحدء لقد دفنتهم 
جميعاء لقد كان لدينا ثلاثة أطفال: ماتوا جميعا"1"29), 
بعد انتهاء الوباء . توسل زعماء شعب البويبلو الباقين على قيد الحياة (الذين 
يعرفون أن الوياء قد حدث بسبب السحر) للمتطوعين الذين يقصدون خيرا أن يعودوا 
إلى منازلهم ويتركوهم فى سلاء('""). 
فى نهاية الخمسينيات من القرن العشرينء قدر موظفى منظمة الصحة العالمية 
الإصابة السنوية العالمية للجدرى بثلاثة عشر مليونا. وبحلول هذا الوقت كان المرض قد 
اختفى من أوريا وأمريكا الشمالية ولكنه ظل متوطنا فى البرازيل وكولومبيا والإكوادور 


(*) الجديرى - “0م 001110160 له أعراض مشابهة للجدرى العادى “00 |5008 لكنه يختلف عنه. فهو نوع 
من 5لا7ألا 6©85م167!. 


وبوليفيا ومعظم آسيا وأفريقيا. ثم بعدها بعام؛ أطلق أول قمر صناعى حول الأرض 
)١1501(‏ ؛ رعى الاتحاد السوفيتى قرارا من منظمة الصحة العالمية يدعو للقضاء على 
الجدرى من العالم. ويعد أن اتبعت أولويات الحرب الباردة» قبلت الولايات المتحدة 
التحدى بعد ذلك بثمانية أعوام. جاهدت القوتان العظميان معا لتحرير الجنس البشرى 
من خطر آفة الجدرى. 

ويحلول هذا الوقت» كانت الصحة العامة فى الدول المتحضرة بين أيدى صفوة 
الأطباء المحترفين الذين كان من البديهى بالنسبة لهم أن الاتجاهات غير الغربية 
للسيطرة على المرض كانت قائمة على الجهل والخرافة. وفى عام ,١155717‏ ومن خلال 
العمل بهذا النموذج قرر قادة منظمة الصحة العالمية العاملين ضمن هذا البرنامج أن 
اقتلاع المرض واستئصاله يمكن تحقيقهما عن طريق حملة تطعيم مكثفة. ويالرغم من 
أن ذلك لم يذكر علناء فإن هذه الحملة ستشبه الحملة التى أطلقها جنرال جاى 
.ف.هنرى عام 14414 فى بورتوريكى. ولكنها فى التأثير» ستعنى وجود علامة التطعيم 
فى أعلى الذراع ( علامة الغرب) على أذرع //٠١‏ من سكان العالم غير المتقده("""). 

ومن المثير للفضول أن المصداقية العلمية للسائل المجفف بالتبريد المستخدم فى 
طعم منظمة الصحة العالمية كانت أقل من أمنة. وكما أشار من سيصبح رئيس الرابطة 
الأمريكية لتاريخ الطب عام 191//8: 

نحن لا نعرف حتى أصل فيروس التطعيم المستخدم اليوم فى الطعم الذى ينتج 
فى المعامل بالتضحية بجلود العجول والأغنام. يعتقد اليعض أنه مستقى من فيروس 
الجدرى الذى أصبح أقل عدوى يسبب المرور المستمر فى بشرة الإنسان؛ يرى أخرون 
أنه مهجن مستقى من عدوى الإنسان بالجدرى وجدرى البقر فى نفس الوقت, ويعتقد 
آخرون أنه فيروس معملى مستقى من الجدرى البقرى الطبيعى عن طريق التكاثر 
الاصطناعى المستمر!؟""), 

إذا كان أصل المادة المستخدمة غامضا - تبقى حقيقة أن حملة منظمة الصحة 
العالمية قد برأت على الأقل خيطا واحدا من خيوط الفكر العلمى الغربى: طريقة سير 


2013 


فرانسيس بيكون التجريبية. ففى بداية القرن السابع عشرء نصح لورد شاتسلور أنه 
ينبغى التخلص من أى فرض مبدئى لا يصمد فى وجه التجربة العملية. وكان ذلك هو 
ما حدث. وجد الدكتور و.ه. فوج عندما كان يعمل فى شرق نيجيريا أن الأمصال قد 
قاربت على النفاذ منه. اتخذ حينئذ القرار المصيرى بأن يقتصر التطعيم فقط على 
هؤلاء الناس الذين أصيب واحد يتصلون به بالجدرى وأن يوضع المريض نفسه فى 
عزل صارم. أرسل فوج بعد ذلك فرق رصد ومراقبة لاكتشاف التجمعات التى كانت 
خالية من الإصابات بالجدرى ولا تحتاج إلى تطعيم. ويعد ذلك أصبح الرصدء وعزل 
المرضى واقتصار التطعيم على المخالطين المباشرين هو الاستراتيجية الإرشادية لحملة 
منظمة الصحة العا مية. 

وبالرغم من أن مستوى النظام ودقة التطبيق تختلف, ويالرغم من أن النطاق كان 
أكثر اتساعاء إقليماء فدولة» فقارة, ثم العالم - فبصفة أساسية كانت تلك هى الطريقة 
التى تعاملت بها غرب أفريقيا والقرى البنغالية والقرى التى تتحدث العربية. وسكان 
الحضر المتعاملون مع الجدرى لمات الأعوام. وفى اعتراف صامت آخر بقيمة 
الإجراءات غير الغربية السابقة, أصبحت استراتيجية منظمة الصحة العالمية المعدلة 
تتقبل وجود المعالجين المحليين التقليديين كمساعدين فى حملة الاستئصال؛ فى حملة 
الولايات المتحدة فى بورتوريكو هؤلاء الناس كان ينظر إليهم على أنهم جزء من 
المشكلة بدلا من كونهم جزْءًا من الحل. 

ومن خلال دمج التبليغ» وعزل الحالات المعروفة؛ وتطعيم هؤلاء الذين يتصلون 
اتصالا مباشرا مع المصابين المعروفين. تمت فى النهاية إبادة الجدرى فى أمريكا 
الوسطى , وأمريكا الشمالية والجنوبية. كانت هذه الأقاليم التى قضى فيها الجدرى, 
يساعده فى الإبادة الجماعية الحصبة والتيفوس والمجاعة. على سدس الجنس البشرى 
فى القرنين السادس والسابع عشر. وفى عام :١91/1‏ وجد آخر جدرى معد باقيا فى 
الميدان بين البدى فى الصومال. فى أكتوير //1417, أصبح على مالين» طباخ مستشفى 
فى مركاء آخر إنسان على وجه الأرض يصاب بهذا المرض بصورة طبيعية!؟"'), 


204 


البحوث الروسى للتحضيرات الفيروسية فى كولتسوفى فى نوفوسبريك فى جبال 
الأورال (اخرج من موسكو لأسباب أمنية) قد بقىء بدءا من 54 يناير :١197‏ طعم 
الجدرى الوحيد المعروف وجوده. وبالرغم من أن الإجراءات المضادة للإارهاب فى 
الألعاب الأوليمبية الصيفية فى أطلانطا عام ١141‏ تركت شيئًا يرغب فيه فقد أصر 
المسئولون على أن مراكز السيطرة على الأمراض فى نفس المدينة يمكن أن تؤكد 
بفاعلية أن الفيروس الموجود فى عهدتها لا يمكن تحريره بواسطة أى واحد يرغب فى 
أن يحدث قتلاً جماعيًا. وخلال اجتماع مسئولى منظمة الصحة العالمية فى يناير 1597 
تم الاتفاق على تدمير المخزون الباقى فى أطلانطا وكولتسوفى يعد ذلك بثلاثة أعوام 
ونصف فى ٠‏ ٠يونيى‏ 15:(1999). 


هوامش الفصل الثالث 


)١(‏ لوضع المؤسسة: دوقلاس إتش . يويلاكر, "أنماط التفيير السكانى فى الأمريكتين: 'البيولوجيا البشرية 
/اأكاا (يونيى 19937١)؛‏ حون و . فيرانو 80300/ ودوغلاس إتش . يويلاكر. . كاتبان . المرض والسكان 
فى الأمريكتين (واشنطن. دى سىء؛ مطايع مؤسسة سمثسونياء ”193 )؛ كلارك سيئسر لارسون 27 
0 وجورج ر . ميلنير ٠‏ كاتبان؛ فى أعقاب الاتصال: الردود الييولوجية على الفزو (نيويورك؛ ويلى- 
ليس 1594). وتهجير السكان: هنرى ف . دوبينز, عددهم أصيح قليلاً: ديناميكيات السكان الأمريكيين 
الاصليين فى شرق أمريكا الشمالية (نوكسفيل. مطابع جامعة تينيسىء 1147) ؛ و. جورج لوفيل؛ ” ظلال 
ثقيلة وليل أسود ': المرض والإخلاء فى أمريكا الأسبانية الإستعمارية؛ سجلات جمعية الجغرافيين 
الأمريكيين االالاا! العدد :3 (1995 - لموقف المؤسسة السمثسونية المجابه للأمريكيين الأصليين 
المعاصرين: دونالد جى ,أورتثر, “دراسة الحفريات الهيكلية: احتمالات, إمكانيات, واستحالات, " بواسطة 
فرنو ويويلاكيرء المرض ودراسة السكان وطريقة تفيرهم. 7١-15؛‏ ديفيد وليام كومين, تمشيط التاريخ 
(شيكاغو مطبعة جامعة شيكاغو, 1944). 4 والصفحات التالية. 


(1) عن طرح السؤال: دونالد جوراليمون: “إخلاء عالم جديد خال من السكان وحالة المرض", مجلة الأبحاث 
الأنثروبولوجيية (15485) !|1/ا007؛ لوفيل, ” ظلال ثقيلة وليل أسود ؛ رسل ثورنتن وتيم وميلير وجوناثان 
وارن؛ ” شفاء السكان الهنود- الأمريكان بعد أويئة الجدرىء " الأنشرويولوجى الأمريكى ||01ا 
(91ؤا), 41-74. 


(؟) كان الجدرى قائد الرجال إلى الموت [ فى الحرب البيولوجية فى العالم الجديد ]؛ وكانت حمى 
التيفوس الملازم الأول. والحصبة هى الملازم الثانى. . . . فقد كانوا متقدمى الحضارة: رفاق المسيحية, 
أصدقاء المحتل ُُ بى . إم. أشبورن, دكتور فى الطب (1549)/, مقتس من جوراليمون, "حالة 
المرض, *117. 

(4) يذكرنا مورين لو أنهم ظلوا سوى أحياء وفى حالة تناسل ؛ لكان السكان الأمريكيون الاصليون عام 
واحد وكل الأفارقة الذين وصلوا من قبل ريما كانت ستصل نسبتهم تسعة إلى واحد 9 جون إم مورين, 
"المستفيدون من الكارثة: الممستعمرات الإنجليزية فى أمريكاء ‏ بواسطة إيريك فونر /5006؛ كاتب, 
التاريخ الأمريكى الجديد (فيلاديلفيا. مطابع جامعة تمبل. .!/,)195٠‏ 


2526 


(5) بالنسبة للصين انظر الفصل الرايع (مرض الزهرى)؛ وبالنسبة للهند. انظر الفصل الخامس (الكوليرا). 
يؤكد يوبلاكرعلى أن سكان العالم الجديد قبل كولومبس كانوا فى الحقيقة منزعجين من مرض "السل . 
المرض التناسلىء والمرض التنفسىء والداء الطفيلى [الذى] انضم إلى الأمراض المعدية الأخرى لإحداث 
نسبة عالية فى وفيات الأطفال ومشاكل صحية خطيرة فى كافة أنحاء العالم الجديد 'ويحذر من اتباع 
روسو لعدد ضخكم من الهنود الأمريكان يعيشون فى توافق فى جنة خالية من المرض ؛ يويلاكر -©0لا 
'1316, "أنماط التغيير السكانى. "536-1534. 


(1) أليكس كارميتشيل؛ معدل وفيات سيلفر شتين والسكان فى مرحلة تغيير (ليسترء مطيعة جامعة ليستر, 
7, يؤرخ كارميشيل وسيلفر شتين للتغير فى حدة الجرثومة فى إنجلترا ومن المحتمل فى 
القارة إلى منتصف القرن السابع عشر: أن جى كارميشيل وأرثر إم. سيلفر شتينء 'الجدرى فى أورويا 
قبل القرن السابع عشر: مرض قاتل فتاك أو مرض حميد؟ '. مجلة تاريخ الطب |الالا (/1941): ١5١؛‏ 
ومع ذلك يعتقد هاردى؛ أن حدة الجرثومة المتزايدة بشكل تدريجى لم تصل ذروتها حتى منتصف القرن 
التاسع عشرء وأن الأنواع المبكرة "فى إنجلترا وربما فى أوروبا: كانت معتدلة نسبيا: أن هاردى, 
"الجدرى فى لندن؛ العوامل التى أدت إلى انخفاض حدة المرض فى القرن التاسع عشرء "التاريخ الطبى 
االاكاكا اذل 1ك 

() ديبورا برنتون» "التلقيح بالجدرى والاتجاهات السكانية فى القرن الثامن عشر بأسكتندا , “التاريخ الطبى 
الالالاكا (191945), 5١4؛‏ جى . آر . سميث؛ الوحش الأرقط : الجدرى فى إنجلترا من عام -١71٠‏ 
,: بإشارة خاصة إلى إسيكس (شيلمسفورد,؛ مكتب تسجيل إسيكس ,. 1941), 9/7 3. 


(4) سميثت. الوحش الأرقط, ١4--١15‏ ميلغ الرواية الكلاسيكية طبيا هو سى . ديليو . ديكسن. الجدرى 
(لندن» جى .وأى . تشرشل» .)١9315‏ 


(9) رسل ثورتتن. حى . وارن وتى . ميلير. 'إخلاء السكان فى المنطقة الجنوبية الشرقية بعد عام "١495.‏ 
بواسطة فرنو وأويلاكر. المرض ودراسة السكان؛ 1931. 

١١8, مقتبس من جورالمون؛ “حالة المرضء‎ )٠١( 

)١١(‏ هائز. جى. برم "حالات تفشى المرض فى وسط المكسيك خلال القرن السادس عشرء " بواسطة نويل 
ديفيد وديليى . جورج لوفيلء "الأحكام السرية لله ': المرض العالمى القديم فى أمريكا الإسبانية 
الاستعمارية (تورمان, مطايع جامعة أوكلاهوماء 1991), ١17-71؟؛‏ كوك ولوفيل. "حل شبكة المرض, 
'في' الأحكام السرية ', ١545-7؛‏ جونتر ريس الطب فى أسبانيا الجديدة: " بواسطة رونالد ل , 
نمبرز ,كاتب, الطب فى العالم الجديد: أسبائيا الجديدة, فرنسا الجديدة, ونيى إنجلند ( نوكسفيل, 
مطابع جامعة تينيسى. ,)١19417‏ 7؛ كارميتشل وسيلفر شتين. "الجدرى فى أوروياء 617١-104؛‏ 
رايموند أي. انسلمنت, "الجدرى فى الأدب الإنجليزى فى القرن السابع عشر : الحقيقة وتحول الذكاء. 
'التاريخ الطبى !|اغاا ,)١19488(‏ ,7/8 يدرج جورالمون أمراض مختلطة بالجدرى فى مراحل مختلفة: 


207 


"حالة المرض, .١7-"‏ أصبحت مشكلة تشخيص أزمات المرض متعددة الأسباب أكثر صعوبة بعد تأثير 
الطبيب البريطانى جون هنتر (17917-1758) الذى أعلن أن "الطبيعة أرسلت مرضا واحدًا كعدو واحد 
فقط فى أى زمن ولا يمكن أن يعانى أحد من مرضين فى نفس الوقت: إيفس مارى برسء, القزان 
والمبضع : العقائد الشعبية والطب الوقائى (باريس, مطابع النهضة , 15414), 546. 

)000 سوزان أوستن أالكون, المجتمع المحلى والمردض فى مستعمرة إكوادور (كاميردج. مطايع جامعة 
كاميردج. :)١913١‏ 4"؟؛ كوك ولوفيل؛ "أحكام سرية”, ؟11١75.‏ 

(؟1) مقتبس من رونالد رايت؛ قارات مسروقة: القصة الهندية (لندن: بيمليكو هءأاممأ5, 19915), 51-19 , 
,36 انظر أيضا: إنجا كليندينن, "تكلفة الشجاعة فى المجتمع الأزتى, الماضى والحاضر |١/ا‏ © 
(1545), 41-44 فى عام :15١1‏ أعطى البابا جوليوس الثانى أوامر بأن تهدم منطقة القديس بطرس 
القديمة وتنشئ منطقة أخرى من الخراب فيما كانت المنطقة المكتظة بالمبانى من المدينة فى القرون 
الوسطى. 

)١6(‏ مقتبس من ديفيد إى. ستاناراد. محرقة أمريكية: كولومبوس وغزو العالم الجديد (نيويورك؛ مطبعة 
جامعة أكسفورد, 1555), ملا 

(15) ديفيد هينيج, ' عندما وصل الجدرى إلى العالم الجديد (ولماذا تبدى مشكلة ) ؟ , " بواسطة بول إى . 
لوفجوى ٠‏ كاتب ٠‏ أفريقيون فى العبودية: دراسات فى العبودية وتجارة العبيد: مقالات تكريما لفيليب دى 
. كيرتن (ماديسن, برنامج دراسات أفريقى, مطايع جامعة ويسكونسن. كموال)ء ١1-,ه؟‏ 

)13) ديفيد هينيج ٠.‏ لماذا تبدو مشكلة؟ ا قفرانسيسكو جويرا. "الوياء الأمريكى الأسبق: إنفلونزا عام 
1١1851‏ تاريخ علم الاجتماع ا (هكهذا), واو صموئيل إم . وبلسون» أسيائيا: الزعامات 
الكاريبية فى عصير كولومبوس (توسكالوزا, مطايع جامعة الاياما, ) 1 1-6 31, ا ستاندرد. 
محرقة أمريكية, /اغ-ة4, 

(1) همينيج ؛ الماذا تيدى مشكلة؟ '؛ هيى توماسء الغزو: مونتزوما وكورتس,. وسقوط المكسيك القديمة 
(نيوبورك, سايمون وشوسدرء 155) كا ء رايت» قارات مسروقة» غ-/20. 

(14) برناردينو دى ساهجين. مخطوطة فلورنسا: التاريخ العام للأشياء فى أسبانيا الجديدة: بوك ؟١-‏ غزو 
المكسيك. مترجم. أرثر جى : أندرسن وتشارلز إى. ديبل (مدينة سالت ليك 3 مطابع جامعة يوتاه, 
ه5١),‏ الى 

(19) مقتبس من ستانارد, محرقة أمرد ية, ا 

(-؟) مقتبس من اللصدر السابق طبقا لإليوت. كورتس فى سن تقاعد الشيخوخة فى منزله البلدى فى مدريد 
الفرنسيسكان الذين كتبوا عنه 'فى تواريخ غزوهم على أنه الرجل المختار من الله لتمهيد الطريق أمام 


2928 


إقناع البشر لآن يصبحوا مسيحيين ': جى . إتش . إليوت. أسبانيا وعالمها :17..-١6..‏ المقالات 
المختارة (لندن. مطبعة جامعة يل, 4١ :)١1944‏ فى تلخيصه الرائع لنتائج المؤتمر الدولى؛ “أمريكا فى 
الوعى الأورويى 7700-1497 “فى مكتبة جون كارتر براون, القوة التى يعتقد البعض أنها تحكم حياة 
البشرء جزيرة رود الولايات المتحدة الأمريكية؛ 4 يوني ,١1441‏ استطاع السير جون تفادى ذكر 
المكاره البسيطة التى جلبها الإسبان والبرتفاليون إلى العالم الجديد؛ روجع الكلام على أنه: ' أفكار 
أخيرة: العالم القديم والمزار الجديد, ' بواسطة كارين وردهال كوبرمات: تؤلف, أمريكا فى الوعى 
الأورويى ١720-١497‏ (تشابل هيل, مطابع جامعة نورث كارولاينا , 6و193) . 
(١؟)‏ عن التضحية الدينية الأزتية: كلندنين. 'تكلفة الشجاعة".؟؛ -45. 


(15) سيرج جروزنسيكى, غزو المكسيك: اندماج المجتمعات الهندية إلى العالم الغربى ,من القرن السادس 
عشر إلى القرن الثامن عشر . مترجم. آيلين كوريجان (كامبردج؛ مطابع حكومية, 1997): ١4؛‏ جيمس 
لوكهارت؛ نابوس بعد الفزى: تاريخ اجتماعى وثقافى عن هنود وسط المكسيك, من القرن السادس عشر 
حتى القرن الثامن عشر (ستائفورد, كاليفورنيا . مطبعة جامعة ستانفورد, ؟199), ,١15-111‏ 


(9؟) لوفيل؛ ” ظلال ثقيلة وليل أسود, "177-476؛ وودرو ؛ “مقدمة” بواسطة كوك ولوفيل: "أحكام سرية, 
6 رايت»: قارات مسروقة. 7 


(14) هاردى؛ “الجدرى فى لندن, ” 75-111١1؛‏ آن جى . كارميتشلء “العدوى, الجوع الخفي. والتاريخ: “مجلة 
حقول تاريخية مختلفة ألا العدد : " (خريف ,)١1987‏ 2504”؛ ميرسرء عدد وفيات المرضء. 55؛ فرانك 
فرنر. الجدرى واستئصاله (جنيفء منظمة الصحة العالمية . 19844), 15؟!؛ انسلمتت, “تحول الذكاء. 
4-9 تشاراز كريفتن. تاريخ الأوبئة فى بريطانيا طبعة ثانية (لندن فرائك كاس, ,)١1518‏ 316. 


(٠؟)‏ كلارا سو كيدولء "طب أزتى وأوروبى فى العالم الجديد: 1٠٠١-١67١‏ ' بواسطة لولا رومانتشى 
2696١‏ 1987): 9"”؛ بورهاء "مقدمة" فى "الأحكام السرية:؛ ', ؟١‏ انظر أيضا الفريدى لوييز أوستن, 
جسم الإنسان والأيدولوجية 1 مفاهيم النابوس القديمة (المكسيك)», مترجم. تى . وبى ٠‏ أورتيز دى 
مونتلائقو (مديتة سالت ليك , مطايع جامعة مطابع يوتاة. ,)١1544‏ 0 الفصول وحكت ريس» "الطب فى 
أسبانيا الجديدة, 0١,"‏ عن الأفكار الأوروبية حول المجربين: انظر الفصل الأول , “الطاعون.* 

(1؟) مقتبس من ستانارد. محرقة أمريكية, 44, اقتباس من عمل قياسى» جون همينج ؛ غز الإنكا(1917) 
(نيويورك؛ هاركورت براث يوفانوفيتش» ,)١1910٠١‏ 9/ا7. 

)0( رايت. قارات مسروقة, معلا . 


)0 نويل دى كوك الانهيار السكائى: بيرقو الهندية .ةا (كامبردج: مطايع جامعة كامبردج, 
1مذا), ا 


(19) أن رومنفسكى, حاملات الموت: علم آثار الاتصال الأورويى (©8!01001018/0100: مطايع جامعة مطابع نيو 
مكسيكوى. 1941). 


)١(‏ هنرى إف . دوينزء "روئ أكثر منهجية عن علم السكان التاريخىء 'التاريخ العرقى الالال العدد : ؟ 
(صيف )١9489‏ 289-1784؛ رايت؛ قارات مسروقة, 171-1177 

3م مقتبس من رايت» قارات مسروقة, لاا 

0 مقتبيس من أندرو دلبانكو. المحنة البيوريتانية (كامبردج. ماساشوتس, مطيعة جامعة هارفارد. 4)/, 
عن تعريف هذا المرض انظر : تيموثى ل . براتون: "هوية وباء نيو إنجلند الهندى ١119-1717‏ 
'نشرة تاريخ الطب !كا ,)١1544(‏ 187-1/0, انظر أيضا: كائرين سى . كارلون: وجورج جى . 
ارملجوس وأن ل . ماجين؛ “تأثير المرض على الاتصال السابق وعدد السكان الأوائل فى نيى إنجلند 
والمناطق القريبة من البحر ' بواسطة فرنو وابلاكر, المرض وعلم السكان, .١5. ,١44‏ 


(١؟)‏ مقتبس من يراتون؛ "هوية... 1519-1515 587. 


(14) مقتيس من ألفريد دبليى . كروسبى؛ الإمبريالية البيئية: التوسع البيولوجى لأوروياء 194..-9.٠‏ 
(كامبردج؛ مطابع جامعة كاميردج, 19457) 42١4‏ 960 من ٠٠٠١‏ أمريكى أصلى حول هارتفورد توفوا 
بالجدرى فى نفس ذلك الشتاء : كارولين ميرشنت ٠‏ الثورات البيئية؛ الطبيعة, الجنس, والعلم فى نيو 
إنجلند (تشايل هيل. جامعة مطابع كارولاينا الشمالية, 1945): .35١‏ 


(؟) كوك ولوفيل "أحكام سرية؛ دوريل ألدن وجوزيف سى . ميليرء "خارج أفريقيا: تجارة العبيد وانتقال 
الجدرى إلى البرازيل. 161- .1611 'مجلة حقول تاريخية المختلفة ||الالا العسد: ؟ (خريف 1447), 
5 ستانارد. محرقة أمريكية, ١15-4؛‏ كلود ليفى شتراوس, "نهر الحزن, “ملحق التايمز للتعليم 
العالى ,الأول من سيتمير 19908, و١دلا١,‏ 


(11) مقتبس من كروسبى, إمبريالية بيئية؛ 5١6,‏ فى تناول مسالة سهولة تأثر الأمريكى الاصلى بأمراض 
العام القديم, مثل الجدرى؛ يرى المؤرخ الجنوبى الأمريكى كى . كيبل: "حدث ؛ قيل عام -1195, 
الاستثناء الوبائى لأن أكثر السكان الهنود لم يكتسيوا قوة كافية لتحمل العديد من الأمراض موضع 
السؤال. ومع ذلك فإن . . . السبب الرئيسى, قد نجم عن عزلة أمريكا من عالم تأسست فيه المستويات 
الأعلى والأعلى من الحضارة (ومن ثم سكان حضريون أقوياء) قد حفز على مستويات أعلى وأعلى 
بشكل غير مقصود من النشاط الطفيلى أيضا '(من توكيدى الخاص )؛ كينيث إف . كيبل؛ العيد 
الكاريبى: تاريخ حيوى (نيويورك: مطابع جامعة كامبردجء ٠١ , :)١1944‏ ساهم كيبل فى نشر 
مطبوعات مؤسسة السمثسونى المدرجة فى فى ملاحظة .١‏ 

(31) قصة الأمريكيين الأصليين كاقزام كانت موضوعا لمقالة مشهورة -7الا566 © ]هلم 060062165 
5لا" لنامث 5أ5ناج0) أأأ8 5أأ5لال 06 06أ05,5ا0, التى كتبها حوالى عام ١١47‏ العالم الدينى 


300 


جوان جينس دى سيبولفيدا, المدافع عن حق المستعمرين الإسبان حكم السكان الأصليين بأى طريقة 

حال اعتقدوها مناسبة. جوان دى ماتينزو. قاض إسبانى كان خارج بيرو فى عام ١671‏ ( حيث كان 

السكان الأصليون يموتون من المرض الويائى وعمل الرق ). اعتبر السكان الاصليين حيوانات لا تحس 
لكنها محكومة بعواطفها ": مقتبس من إتش . سى . بورتر» الوحشى المتقلب: إنجلترا وهنود أمريكا 
الشمالية ١١70-١6٠٠‏ (لندن, دوكورث 1915): ١717‏ انظر أيضا: إليوت: أسبانيا وعالمها. 145. 


(نيوهافن . كونيككت «مطبعة جامعة يل؛ 1591), 

(9؟) مقتبس من توماس, الغزى .أأكا ,تأملات ماركوس أورليوس ظهرت لأول مرة منشورة فى عام ,١6868‏ 
والتى عرضتها على جمهور أوسع, 

(40) أنجس ماكاى, أسبانيا فى المصور الوسطيى: من الحدود إلى الإميراطورية؛: -٠٠٠١‏ ١٠16م‏ (بازينج 
-ستوك ؛ مكميلان, 191/17 ) 4191-1751 هنرى كامن: محكمة التفتيش والمجتمع فى أسبانيا فى القرن 
السادس عشر والقرئ السايع عشر ( بلومنجتون مطبعة جامعة انديانا. 1944), 91-151, 

)4١(‏ مقتبس من هنرى كامن. أسبانيا :١9١4-14714‏ مجتمع النزاع؛ الطبعة الثانية (لندن» لونجمان, 
)1991١‏ 8 1. 

5غ) إيدا التمان " عالم جديد قى القديم : المجتمع المحلى والهجرة الإسبانية إلى الإنديز, " بواسطة إيدا 
التمان وجيمس هورن, كاتبان * لصنع أمريكا": الهجرة الأوروبية فى الفترة الحديثة المبكرة (بيركيلى, 
مطبعة جامعة كاليفورنيا, .7١ ,)199١‏ 

(؟4) بورتر؛ الوحشى المتقلب. ١٠١؛‏ كامن, أسبانيا :1114-1١579‏ 41-174! جوناثان أى . إسرائيل؛ اليهود 
الأوروييون فى عصر نظام المركنتلية الاقتصادى وى طبعة منقحة (أكسفوردء مطابع 
كلاريدون, )199١‏ 1-15. 

(42) توماس, الغزنى, ”7 

(50) بارتلميو دى لازكازان» تاريخ الإنديز. مترجم ٠‏ جى . كولاد (نيويورك. هارير 2 روو: الاوا) 4 كما 
هو معروقف فى خلق "الأسطورة السوداء" التى أكدت على سادية وطمع أسيانيا, لأسياب تعليمية 
لازكازاز أهملت ذكر تأثير المرض تقريبا فى إخلاء سكان الأمريكتين: كوك ولوفيلء "أحكام 
سسرية”, ١1؟.‏ 

(47) كامن. أسيانيا 1714-١579‏ 18, الدراسة الكلاسيكية ل _تزفتان تودورف. غزى أمريكاء مترجم. 


ريتشارد فاوارد (نيويورك, شارير توركبوك ,/)١555‏ تشر أولا فى باريس عام ,١5485‏ وأفدى 'لذكرى 


501 


٠. 


(49) مقتبس من بورترء الوحشى المتقلب, ١38-1١75‏ 

(44) مقتبس من أنتونى باجدن, مناوشات أوروبية فى العالم الجديد: من عصر النهضة إلى الرومانتيكية 
(نيوهافن » كونكتكت , مطبعة جامعة يل. ؟145). 17؛ يبدو أن باجدن يقبل الصورة 5 لأوفيدو المحسن 
بمعناها الظاهرى. لقراءة أوفيدو كإرهابى مثقف انظر يورترء الوحشى المتقلب, ١11-17؛‏ تاريخ طباعة 
بورتر (طليطلة, )١١7‏ يوافق تاريخ طباعة فرانسيسكو جويراء "النزاع على مرض الزهرى: أوروبا 
مقايل أمريكا, 'كليى مديكا الك العدد: ١‏ (4لاذا)؛ 44 45, 


(49) مقتبس من تودورفه, الغزو,. ,161-١6٠‏ 

)0( مقتبس من ديفيد انجلاندر وآخرين ؛ الثقافة والاعتقاد فى أورويا 110١--146٠0‏ (أكسفوردء باسل 
بلاكويل : ,)١194٠‏ ,521 لم يسافر سيبولفيدا إلى أمريكا لدراسة العادات الأزتية بنفسه , ومع ذلك 
وصل إلى نتائج لا تختلف كثيرا عن نتائج أوفيديو 8 التى وفقا لياجدن:؛ أنه أيحر ذهابا وايابا أريع 
مرات عبر الأطلنطى؛ باجدن: مناوشات أورويية. 8ه. 

(01) بورتره الوحشى المتقلب؛ ١٠1!؛‏ أنتونى باجدنء 'طرد البريرين: لغة التومية الإسبانية والنقاش على حقوق 
ملكية الهنود الأمريكان, ' بواسطة باجدن, كاتب لغات النظرية السياسية فى أورويا الحديثة مبكرا. 
(كاميردج:, مطايع جامعة كاميردج, /الىمة١),‏ 9 عن هوين. لوك والإانجليزى, انظر سى . بى . 

(؟ه) التمان وهورن “لصنع أمريكا", 3 

(؟5) ” الشيطان يطارد أمريكا القرن السادس عشر': إليوت, أسبانيا وعالمهاء ,61 إحدى خصائص الشعب 
التى يعتقد فى المصطلحات الثنائية - ' نحن" و الآخر - بأن كل الفرباء متكتلون معا كواحد" آخر 
غير متميز” ضيق الأفق هذا يحجب بالضرورة التنوع الثقافى فى العالم الحقيقى: على هذا انظر 
إدوارد ستعيد » الثقافة والإمبريالية (لندن, تشاتو :8 وندوس 'وذا), زتفكدق وقى كل مكان 3 

)6( جيرميودى منديتا, فرانسيسكاتى, مقتيس من ستانارد» محرقة أمريكية, 011 

(00) مقتبس من المصدر السابق. 114 
مطيعة جامعة أكسفورد, احذل)ء جون ديموس . الأسير غير المفتدى(نيويورك. الفريد أى ٠‏ نوف» 
4) جاك بى . جرين؛ أولويات؛ سلوكيات. وهويات: مقالات فى التاريخ الثقافى الأمريكى المبكر 
(تشارلوتسفيل ٠‏ مطبعة جامعة فرجيئياء >5وا)/, 1١1١-1‏ 

(01) مقتبس من جون كين توماس بين: حياة سياسية (لندن: بلومزبرى. 1٠١ .)١19968‏ يذكرنا كين بأنه فى 
إعلان الاستقلال» شجب الأمريكيون الأصليون على أنهم هتود همجح قساة" الذى جعل جورج الثالثك 


302 


(24) نورمان جلب. كاتب ٠‏ رحلات جوناثان جرافر فى أمريكا :17754-1١17757‏ رواية مستكشف القرن الثامن 
عشر لأمريكا المجهولة (نيويورك. جون ويلى والأبناء. 509:)1344- 5٠١‏ انظر أيضاء فرانك شيفلتون. 
'توماس جيفيرسن: الجنس. الثقافة وفشل الطريقة الأنثروبولوجيية:؛ ' بواسطة فرانك شيفلتون, 
مؤلف؛ جنس مختلط: الانتماء العرقى فى أمريكا المبكرة (نيويورك. مطبعة جامعة أكسفورد؛ 1997), 
متنا 


(03) يستشهد فنر بالتبادل بالتتبادل المكتوب بين امهرست والقائد المحلى: ' هل تستطيع الاحتيال على 
إرسال الجدرى بين هذه القبائل الساخطة للهنود؟ يجب أن نستخدم فى هذه المناسبة كل حيلة فى قوتنا 
لتخفيض أعدادهم . القائد المحلى: ' سوف أحاول إحداث العدوى ببعض البطانيات التى قد تسقط من 
أيديهم: وأعتم بالا أصاب بالمرض ': فرانك فرئر, تاريخ الجدرى وانتشاره حول العالم (جنيفء منظمة 
الصحة العالمية, ,)١544‏ 179؟. 


)٠١(‏ مقتبس من دى . بيتر ماك لون, 'جراثيم وبنادق: الجدرى ومشاركة حلفاء أميريكان هنود من فرنسا 
الجديدة فى حرب السنوات السبع . التاريخ العرقى |0006 العدد: ١(شتاء‏ ؟95١).‏ 144- .5. 


)1١1(‏ رايت قارات مسروقة, ١١؟5-١5؟؛‏ جون سى . هوسون» صنع حزام الذرة: تاريخ جفرافى للزراعة فى 
الوسط الغربى ( بلومنجتون , مطابع جامعة إندياناء .)١1994‏ شيى بروجان: تاريخ بلكان للولايات المتحدة 
الأمريكية (لندن» بجع, ,)١1945‏ 36-.لا. 


(15) مقتبس من كارولين جيلمان: القصة الكبيرة لنقل السكان (سان بول مطبعة مستشفى مينسقتا 
للدراسات الاجتماعية. ؟99١),‏ 75 - 140. 


(17) ميخائيل ك. ترمبل. برنامج التلقيح عام ؟147 على نهر ميسورى, بواسطة فيرائو وأويلاكر المرض 
والسكان,510-1501؛ ريتشسارد ه. فروست” وباء الجدرى يصيب الهنود الحمر فى نييومكسيكو, 
١899-4‏ نشرة تاريخ الطب /ااكاا (414-4119/,)199؛ رويرت بويد تدنى تعداد السكان من 
وبائين فى الساحل الشمالى الغربى.” بواسطة فيرانو وأوبلاكر, المرض والسكان. ١50؟.‏ 

(14) رالف و. نيكولاس, الإلافة سيتالا والجدرى الوبائى فى رنجال.” مجلة الدراسة الآسيوية الا 
العدد : ١‏ (1941١),5؟,‏ 57-58 , ممارسات الهنود الأصليين فى القرن الثامن عشر يمكن مقارنتها 
بالأفكار الأخيرة لقوة الاحتلال البريطانية. وقى سبعينيات القرن التاسع عشرء اعتيرت اللجنة العسكرية 
للصحة عزل المرضى بأنه مجرد 'إجراء نظرى”". وأبقت على "الحكمة العملية' بتوفير الهواء النقى والماء 
النقى لمرضى الجدرئ' للتقليل من خطورة أمراضهم . أوراق برلمانية لعام )١4175(‏ 2 الالا مرض خطير 
6 5 مستندات برلمانية ( 141/4) !ألا مرض خطير؟ 25١14‏ 179, 

(16) فروست” الهنود الحمر". .4460-41١‏ 


(17) جوراليمون؛ ' حالة المرض". 


23103 


١١4 )11(‏ ساهاجون,. المخطوطة الفلورنسية, .4١‏ 

(14) مقتبس من كروسبى: الإمبريالية البيئية, 1., 

(19) فروست. 'الهنود الحمر”؛ 4553. 

)0( تود ل. سافت, الطب والرقيق: الأمراض والعناية بالصحة للسود فى أنتيبليوم فيرجينيا(أويارناء مطابع 
جامعة الينوى.7751-117.,)1510/8. 
من التكريس الطقوسى ومن ثم جزء مكمل لنظام معتقدات غريب وعدائى”: باجدين, المواجهات الأوربية, 
1: ويقال إن جماعة المعارضين البارزين لمسلمى غرناطة, الملكة إيزابيللاء استحمت فى ثلاث 
متاسبات فقط:مرة بعد مولدها مباشرة: ومرة فى ليلة زواجها بفرديناند. ومرة بعد أن توفت وكانت 
تنظف من أجل الدفن. من حينئذ يكون "غريبا' ولن؟ 

)7١(‏ جروزنسكى, غزى المكسيك,؛484؛ جيمس أكستيلء بعد عام :١495‏ مواجهات فى أمريكا الشمالية 
الاستعمارية (أكسفورد, مطابع جامعة أكسفورد.؟6,)195٠1511؛‏ دوينز, عددهم أصبح قليلاً. 11. 

(؟/ا) مقتيس من أكستيل, ما يعد عام 141457 40١؛انظر‏ أيضا كارفر, كاتب. رحلات جليب,٠18؛‏ 
سافاجون. مخطوطة فلورنسية. اى4 

(74) "حالة المرض”. .١١5‏ سوزان أوستين ألكون, ” المرض"تعداد السكان: والصحة فى القرن الثامن عشرء 
كيتو(عاصمة الإكرادور) بواسطة كوك ولوقيل: أحكام سسرية".151165, ا اس .جى ٠.‏ واتس مع 
سوزان جى واتسمن الحدود إلى المقاطعة الإدارية الوسطىن:نورثمبرلاند 1175-1847 (ليكسترء مطابع 
جامعة ليكسترء 151/4), 354. 

)06 نانسى مم فاريس» مجتمع المايا تحت الحكم الاستعمارى: المشروع الجماعى للبقاء (برئنستون, 
تيوجرسى, مطابع جامعة برنستون؛ 1544): 40-194؛ عن ثورات دافعى الضرائب فى أسياتيا: 
كامينءأسبانيا ,11/11-١14579‏ 551-1197 , 

(1) لوكهارت,ناهواس 5-44!!؛ مارك أ. بوركهولدر وليمان ل. جونسون, أمريكا اللاتينية الاستعمارية 

(نيويورك. مطابع جامعة أكسفورد. )1959٠‏ 7١١-5١٠؛‏ جوراليمون؛ حالة المرض”, .1٠١‏ 

(/0/) ألكون, إكوادور, ٠0-؟6.‏ 

(4) دانيال ت. ريف.” صدمة الاتصال فى شمال غرب أسيانيا الجديدة, 114-1614 ,” بواسطة فيرانو 
وأوبلاكر. المرض والسكان.,.534؟ انظر أيضا رويرت أتش. حاكسون. انخفاض عدد السكان الهينود: 
إرساليات شمال غرب أسيانيا الجديدة, -1١141/‏ .1841(األبوكوريك, مطابع جامعة نيومكسيكو, 
55). 


304 


(14) طبعت بواسطة أتش كلين فى المراجعة التاريخية لأسيانيا الأمريكية عام 15714 وأعاد طبعيا إنجلاندر 
الثقافة,غ 4:؟- 5147, 551, 


(0) جروزنسكي؛ غزو المكسيك, 45-4.0. 

)4١(‏ فى الموضع نفسه المشار المشار إليه آنفاء81؛كلندنينء ” تكلفة الشجاعة,".5؛ رايت؛ قارات مسروقة. 
44" عن الدور العام ل" الاسباب المهيئة” أنظر الفصل الخامس, “الكوليرا". عن التعود على الحكم 
الأسبانى فى بيرو:أنظر كينيث ميلن.” حدود الإجبار الدينى فى بيرو نصف المستعمرة" الماضى 
والحاضر /اا6ا0 (نوفمير .15١-484 ,)١1594‏ 


(89) بريم. 'تفشى الأمراض فى المكسيك الوسطى. 55-58: رايت «قارات مسروقة, -١65‏ 1617, 


(كم) فاريس, مجتمع الماياء 1-4 ريتشارد فترى دانا, سنتان قبل المحاكمة( نيويورك» ينجوين:15148, 
41١-14‏ 


(64) تورنتون وأخرون؛ ' استعادة تعداد السكان الهنود الأمريكان,” ١-174‏ 4؛ ريف. صدمة الاتصال,” 19؟؛ 
انظر أيضا ليفى- شتراوسء نهر الأحزان", 7-6١؛‏ دين ر. سنوء” المرض وانحدار عدد السكان فى 
الشمال الشرقى» بواسطة فيرانو وأوبلاكر. المرض والسكانء, 160 أنظر أيضا بوركهولدر وجونسون, 
أمريكا اللاتينية. ,1١7 1١١‏ /1١٠؛‏ أكستيل, ما بعد عام 1495, /551. 

(46) روبين برايث, 'المؤسسة الخيرية للكنيسة الرسمية والجدرى: أزمة وبائية فى مدينة المكسيك 91/ا١-‏ 
4 ,» مجلة الجمعية الملكية للطب /اغاغا (مايو 576.)1945- 33م 


)41) مقتبس من س.ف. كوك وياء الجدرى عام 1797 فى المكسيكء نشرة تاريخ الطب 11/ا العدد:+ 
(يونيو.9477,)157553 


00( مقتبس من فرناندو كازانوفاء” الجدرى والحرب فى جنوب شيلى فى أواخر القرن الثامن عشر," 
بواسطة كوك ولوفيل, "أحكام سرية", /ا/19, 315/8 .75١8‏ 


(44) كازانوفاء "الجدرى والحربء” /1.؟5.08-5؟. 


(44) يعبر باجدين عن وجهة نظر مضادة التى يعتقد البعض أنها من الأفكار الدينية الجديدة:” الافتمام 
الأخلاقى الأوربى بجماعات استغلتها الثقافة الأوربية,أو قمعتها,أو دمرتهاء تبدو غالبا أنها تعتمد على 
آراء متعاطفة مناظرة ل الآخر . ويبدو أننا جميعا بحاجة إلى إنقاذ بعض الأفكار من أنفسنا كوسائل 
محسنة محتملة لإقناع أنفسنا بأن الحضارة الاوربية ليست بذلك الجشع والدمار بالنسبة لهؤلاء الذين لا 
يخدمون أغراضها كما يظهر بشكل واضح أنها كذلك. ولتحقيق هذا الهدفء فإن منتقدى الاستعمار قد 
مالوا إلى تكوين أفكار عن “الآخرين” بطريقة زائفة تماما مثل الأفكار التى ابتكرها خصومهم': 
باجدين: مواجهات أوربية. 1481- 147, عن صورة الغرب التى ابتدعها باجدين عن 'الآخرين” انظر 


103 


رودا إى هواردء “الغرب, حقوق الإنسان, وواجبات العلماء القربيين.: المجلة الكندية للدراسات الأفريقية 
26 العدد: (١‏ 1598)-1531-11, 


(40) يؤكد هينج على أنه حتى لاس كاساس الذى نصب نفسه مدافعا غن الهنود دافع فى مهنته الأمريكية 
المبكرة عن جلب الرق الأسود من أفريقيا" للقيام بالعمل الذى كان يقوم به الهنود:: هل فى الأمر 
أهمية 75" فيما يتعلق ب: مشكلة إيجاد عمال لمقاطعة لويزيانا الشاسعة التى أشتراها الرئيس توماس 
جيفرسون, اقترح توماس بين على توماس جيفرسون أنه ابتكر نثلاما من الهجرة المساعدة من الأفارقة 
الذين سيصلون كمزارعين مستاجرين أحرار؛ كين 63068!. بين ©0أ58, 3 . و- 605 

(11) جيمس سى. بوياجيان, التجارة البرتغالية فى آسيا فى ظل الأسرة الحاكمة هابسبورج ١14--168..‏ 
(بالتيمور.مريلائد ٠‏ مطابع جامعة جون هويكنن,؟159). خلال ستينيات - ثمانينيات القرن السابع 
عشرء أحرق مائة مسيحى جديد وأسر أعداد كبيرة فى جوا عن طريق محاكم التفتيش:من نفس 
المصدر.,77؛ فى الموضع نفسه المشار إليه آنفا أ. حى ر. رسل - وود» عالم ينتقل من مكان لآخر: 
البرتغاليون فى أفريقياء آسيا وأمريكاء 1808-1416 (لندن.كاركانت:؟159): ٠١9-1١91‏ ؛ للهجوم 
الأسكتلندى الأدبى العنيف على" الآخر". وفى هذه الحالة الإمبراطورية العالمية البرتغالية والمستوطنين 
البرتفاليين 'الحقراء يرسلون إلى العالم الجديد فى القرن السادس عشر:اآرثر أتش وليامسون, 
"الأسكتئنديون, البنود والإمبراطورية: السياسات الأاسكتلندية للحضارة 21105-1919 الماضى 
والحاضر 01 ( قبراير 1995), 5/ا41-1. 


(91) جوزيف سل]. ميللر. طريق الموت: رأسمالية التجار وتجارة العبيد الأنجولية 187.-١1/7١‏ (لندن؛ 
جيمس كيورى/114/8), 71/7- 174؛ فيليب د. كورتين. صعود وأفول مجمع المستعمرة؛ مقالات فى 
تاريخ الأطلنطى (نيويورك؛ مطابع جامعة كميردج؛ 1997) 1/4- 8. 

(55) جوزيف أى. أنيكورى وستائلى ل. إنجرمان, كاتبان, تجارة الرقيق الاطلنطية: تأثيرات على 
الاقتصاديات, والمجتمعات والشعوب فى أفريقياء الأمريكتين وأوربا (دورهام؛ نورث كاروليناء مطابع 
جامعة الدوق,؟155) 3. 


):1) يضع بريم قائمة بالمصادر المماصرة وشي» المعاصرة لهذه القصة. التى تنضمن روايات ل لويز دى 
جوماراء دياز دل كاستيللى (رفيق كورتيز عام )١51١7‏ موتولينيا( المعمد القرنسيسكانى للوثنيين بدءا من 
عنام ه؟ة١)‏ .منديترا (المتوفى سنة 05" منوز كاماراجو, ويرناردو دى ساهاجون: المؤلف 
الفرنسيسكانى للتاريخ العام للأشياء قى أسيانيا الجديدة: بريم؟* , تفشى الأمراضش فى وسط 
(ويستبيورت كونيكتكت» مطايع جرينوود.ء55,)151/7! ألدين وميللر» خارج أفريقيا” 51 


)3( أوراق برلمانية 1495. !|!ألالا [ مرض خطير 8445ل ] ,1115 1557. 


5206 


(41) قريرت كلين: المسار الأوسط (يرنستون. مطابع جامعة برنستون:8,/)19782 أنظر أيضا: لارى 
ستيوارت؛ حافة المنفعة: الرقيق والجدرى فى أوائل القرن الثامن عشرء" التاريخ الطبى 216اا )١1945(‏ , 
جيمس والفين, العاج الأسودء تاريخ الرق البريطاني(لندن, فونتانا,؟1955): 61. 

(1) أوجينيا و. مريرت؛ تطعيم الجدرى فى أفريقياء مجلة التاريخ الأفريقى الالا, العدد:؛ 
(0052,)1915-,005 من أجل تقييم مختلف لسلوك السود على الشاطئ انظر: ألدين وميللر” خارج 
أفريقيا'” 96١-0714؟,‏ 


(14) مارك أتش داوسون. ' التفير الاجتماعى الاقتصادى والمرض: الجدرى فى المستعمرة الكينية, -١4/.‏ 
٠‏ , بواسطة س. فيرمان و جى جانزن: كاتبان؛ الأساس الاجتماعى للصحة والشفاء فى أفريقيا 
(بيركلى: مطابع جامعة كاليفورتيا.؟95١), .957-9٠‏ 


(19) جيرالد هارتويج وك. باترسون. 'مقدمة" بواسطة جى. هارتويج وك. دافيد باترسون, كاتبان, المرض 
فى التاريخ الأفريقى: مقدمة وحالات دراسية (دورهام. 7لا مطابع جامعة الدوق.ه/ا9١),‏ 4 05 


0 6( دونالد ن. هويكنز, أمراء وقلاحون: الجدرى فى التاريخ (شيكاغرى, مطابع جامعة شيكاغر, 
4ذا), اا 

)٠١1(‏ المصدر السابقء 2١2-7٠١‏ للاضرحة اليوربية فى عام 1407 أنظر : ر. ر.كوكزينسكي, التقدير 
السكانى للإمبراطورية الاستعمارية البريطانية. :اغرب أفريقيا(أكسفورد, مطابع جامعة أكسفورد. 
545ا) .الال 

(١ .5)‏ داوسون, 'الجدرى," اا 


(؟١٠)‏ مقتبس من أحمد بيومى' تاريخ المعالجة الطبيعية للجدرى فى السودان.“ مجلة أيحاث شرق أفريقيا 
والتئمية ا/ا العدد: الكلاةا), مم عن التعلق الأوربى فى القرن الثامن عشر والتاسع عشر ب“الزمن 
السحيق كتفسير للتخلف بين الشعوب غير الفربية» أنظر رالف و. نيكولاس" الإلاهة سيتالا والجدرى 
الويائى فى البتجال. مجلة الدراسات الآسيوية أاكا العدد: ١‏ (نوفمير )138١‏ والأسانيد التى لا 
تحصى فى تقارير حماية الصحة العامة السنوية المقدمة إلى البرلمان: اختيار أحد هذه التقارير 
بصورة عشوائية.' العادات التى كانت سارية من الوقت السحيق"؛ مستندات برلمانية 141/4 لاا 
[مرض خطير .١١7  ]5١47‏ 


)٠١4(‏ مقتيس من هربرت, ' تطعيم الجدرى”, عّه. 


)0 6( هويكنز:. الأمراء والفلاحون, 00000 جيرالد ل. هارتويج. 5 الجدرى فى السودان"* المجلة الدولية 
للدراسات التاريخية الأفريقية /ااا العدد: .16-1١15 ,)194-(١‏ 


الدونة مورين» 'المستفيدون؛١١؛‏ جون جى. مكوسشر ورسل ر. مينارد» اقتصاد أمريكا البريطانية /ا11- 
5 ( تشابل هيل. مطابع جامعة نورث كاروليناءه194), 01, ,٠١*‏ 


307 


)٠١0(‏ مقتبس من ستانردء الهولوكست الأمريكية, 74 كراسة القس البيوريتانى الأمريكى كوتون ماثر 
وإئما يوجد رجال طيبون ( وكذلك آخرون) من المحتمل أن تقصر حيواتهم بمثل هذه الوسائل الشريرة 
للشيطان (لندن. .)1791١‏ 


اليدلة هوبكنزء أمراء وفلاحون, 174: يصحح الفكرة القديمة بأن الاونوسيزم قد جاءا من جنوب غرب ليبيا. 

)٠١9(‏ جينيفيف ميللر "وضع الليدى مارى فى مكانها: مناقشة السبب التاريخى؛ “نشرة التاريخ الطبى لأ“ 
(4.)1141؛ جون ت.باريت.” الخلاف على التلقيح فى نيوإنجلند البيوريتانية,” نشرة التاريغ الطبى ااكإ 
.)191٠(‏ 171 وعن التشوش فى القرن الثامن عشر المتعلق بالهواء الوبائى الراكد لوقع الحياة 
السريع لليدى مونتاجيو فى تركياء انظر: ستيوارتث” حافة المنفعة'” 05-.1 

)٠٠١(‏ سي. جى لورانس»' الطب كشقافة: التنوير فى أدنبرة وأسكتلندة, أطروحة الدكتوراه. يونيقرستى 
كوايدج» جامعة لندن, , 1544 أحد أفراد العائئة المالكة الآخرين الذى قتل بالجدرى كان لويس الخامس 
عشر, الحاكم المكروه الذى اتهمته رويترز عام 170٠‏ باختطاف الاطفال العذارى من الشوارع بحيث 
يمكنه الاستحمام فى دمائهم لعلاج مرضه الجذام. . 

(111) جين - فرانسوا دى ريموند, الخلاف على التلقيح أو قبل تاريخ التطعيم (باريس, المكتبة النلسفية جى 
فرين88-46.)15852؛ ميلتلر "وضع الليدى مارى”" ١ك‏ مرسر»" أويئة الحجدرى فى القرن الثامن 
عشر: تأثير إجراءات المتاعة:” فى مرضه: معدل الوفيات. 47- ال. 


)11) يرنتون» أسكطندة* 4.57]:؛ جويتكر رايس" الطب فى عصر التثوير," بواسطة أ. ويرء كاتب: الطب فى 
المجتمع (كمبردج: مطايع جامعة كمبردج:؟155), ١؛‏ تشارلز روزتيرج" الثورة العلاجية," فى 
)1١7(‏ برنتون» 'أسكظندة" 5-5154١4؛‏ باريت؛ “الخلاف حول التلقيح,' .١70-١1/4‏ 


)١1١4(‏ مرسرء عدد وفيات المرضء ,4١‏ كالا, 54؛ إى أ. ريجلى و ر.سكوفيلد؛ تاريخ تعداد السكان فى إنجلترا 
1 الام ا؛ إعادة البناء ( لندن: إدوارد أرنولد.4107:)1541: 101؛ انظر أيضا وليام مكنيل, 
الطواعين والشعوب ( لندنء ديلداى, 55١.,)151/1‏ لمراجعة مفيدة لما كتب مبكرا عن الموضوع: إيريك 
مرش "الجدرى والتغير السكانى - الوبائي فى أورويا: دور التطعيم.” دراسات تعداد السكان 

6 (80ة١).‏ 117-7417؛ مايكل أندرسون» تفير أعداد السكان فى شمال غرب أوروياء 
186١ -76‏ (لندن: مكميلان إيدوكاشن: 19584, 01-08. 


56 ميرسر: عدد وفيات المرض» 0 أواه, 0 صما حاشية‎ )١1١١( 


)1١(‏ دورثى بورتر وروى بورتره” السياسات والوقاية:التطعيم المضاد والصحة العامة فى إنجلترا القرن 
التاسع عشرء التاريخ الطبى االاكاكا (1544), 7137", 3171 اقتياس تشارلس كريجتون جينر 


5308 


وتطعيمه (1484) الذى يرى أن جينر كان أفضل قليلا من مجرم ومنترّع المال الذى خضدع 
المجتمع العلمى والطبى بالاعتقاد فى طرقه الأسطورية.” انظر أيضا س.أ.ك ستارهان, الزواج 
والمرض: دراسة الوراثة والأكثر أهمية صور انحطاط الأسرة (لندن. كيجان بول تيرنشء تروينر» 
“حم ا), ىوا 


)١١1(‏ بطرس رازل» لقاح جدرى البقر لادوارد جيششر: تاريخ أسطورة طبية (فيرلء. سسكسء؛ كتب 
جاليبان,//191), -1١6‏ /1١٠؛‏ بطرس رازل: هل ينيقى تدمير المخزون المتبقى من فيروس الجدرى؟* 
التاريخ الاجتماعى للطب |لالا ,)١994(‏ 5.؟- 5.17. 


,5.15 539,154 -١176 بيرسء القزان والمبضع.‎ )1١14( 


.159 -١176 المصدر السابق,‎ )١19( 


)٠٠١(‏ مقتبس من جون ز. بورنء" الرحلة الطويلة للتطعيم ضد الجدرى» نشرة تاريخ الطب لأا 
(19,/)141 فى أواخر القرن التاسع عشرء مقاومة الفلاحين الفرنسيين لمركزية الدولة المتمتلة فى 
حملات التطعيم: إيفلين بيرنيت أكرمان؛ الرعاية الصحية فى الريف الباريسي 1114-18-١‏ (نيو 


برنزويك: نيوجرسى, مطايع جامعة روتجرن:٠195),‏ كلا, وككد- يكل 


(051) مقتيس من جوزى ج. ربجو-بيريز»: الاستراتيجيات التى أدت إلى استتئصال الجدرى فى بورتوريكو. 
1521-14 نشرة تاريخ الطب غاأنا (596١ا)‏ 45, 


(؟1١)‏ جوزى ج. ريجو - بيريز» ويائيات الجدرى فى بورتو ريكو خلال الحقبة السابقة على اللقاح -١614(‏ 
*18). نشرة تاريخ الطب |االاغا»اا العدد: 4 ,)١1985(‏ 458-4729؛ ريجوى - بيريزه ' استراتيجيات” 
دلا- 4لا؛ بورنء الرحلة الطويلة المليئة بالمغامرات” 1؟5- 58, 

(1؟١1١)‏ مقئيس من ريجى - بيريزء 'استراتيجيات 86 (حروف طباعية أصلية): جاء الشعار بطبيعة الحال من 
قصيدة روديارد كبلئج 'واجب الرجل الأبيض التى جاء فى البيت الأول من الشعر ما يلى: اقبل تحدى 
واجب الرجل الأبيض- "أخرج أفضل ما عندك أيها الإنسان- اذهب وضمم أبناءك فى المنفى لتخدم حاجة 
أسراك؛ وتنتظر فى روتين العمل الثقيل: فى قوم شديد الحماسة ومهتاجا - استعدادك الجديد؛ الشعوب 
الفاضبة,التى نصفها شياطين ونصفها أطفال . 

)١١4(‏ ريجو- بيرين: 3 استراتيجيات": الى - الى 

.54٠ . مقتبس من فروست, "الهنود الحمر‎ )١26( 

)١23(‏ المصدر السايق, 44- ,4464 لمناقشة الهنود الحمرء الهوبى والنافاجى من منظور المجتمع والطب 

الوقائى, انظر ستيفن جى. كونتزء المرض والتنوع الاجتماعيى: التأثير الأوروبى على صحة غمير 
الأوربيين (نيويورك. مطايع جامعة أكسفورد, 4 )/, ا- كخ8ا, 


2109 


(11) دونالك أ. هندرسون, تاريخ استئصال الجدرئ" الأزمنة: الأماكن, والأشخاص: سمات تاريخ دراسة 
توزيع وأسباب المرض (يلتيمور.ماريلائد: مطايع جامعة جوئزن هويكنزه 5/4 ا), 38 ١.‏ شويكنز, 
الأمراء والفلاحون, ا 74 


(4؟١)‏ حِينيفيف ميللر' مناقشة" بواسطة ليلينفيلد: الأزمنة. الأماكن والأشخاص» ,١١١‏ 
)١174(‏ هندرسون,“استئصال الجدرى”؛ -1١١5‏ /ا١١3,‏ 


)0 نيويورك تايمز, ه” يناير كول من |-ثظ, 8-5 عمود ©: تقرير أرسله لى بالقاكس دونالد هويكنز. 
عن المناكشات المبكرة عالية المستوى أنظلر : مجلة نيتشر 2 (ديسمبر 551ا). 


210 


الفصل الرابع 


الطاعون السرى : الزهرى فى غرب 


أوربا وشرق آاسيا ١118-1491‏ 


مقدمة 

وضع رائد علم السكان “جون جرانت” أصابعه؛ أثناء تصنيفه لقوائم لندن للوفيات 
عام ؟111١,‏ على مسألة محورية فى دراسة الزهرى خلال معظم السنوات الأولى من 
بداية القرن السادس عشر فى أوربا وكما وضح: 

سق أن خؤط تدرا من الذكورء حسب الأحاديث العادية على مستوى العالم, 
أصيبوا فى وقت أو آخر ببعض الأنواع من هذا المرض. أتعجب لماذا القليل جدا ماتوا 
منه» خاصة بسبب أننى لا أستطيع أن أعتبره غير مؤذ بالمرة» بينما هناك العديد قد 
شكوا منه بقسوة. اعتمادا على الاستقصاء وجدت أن هؤلاء الذين ماتوا منه خارج 
المستشفيات كان عندهم قروح وخراريج. من الآن قصاعدا استنتجت أن الأشخاص 
المكروهين فقط والمجردين من الإمكانيات والمهارات ذكر الياحثون أنهم ماتوا بهذا 
المرض الذى يحدث كثيرا!١).‏ 

فى عالم جرانت الذى أصبح فيه الزهرى الأكثر خجلاً من كل الأمراض إذ حل 
محل الإصابة بالجذام - يبدو أنه كان من الشائع للأصدقاء الذين بقوا على قيد 
الحياة والعائلات أن يرشوا أو يهددوا الباحثين لكى لا تسبب التقارير الرسمية التى 
تتعلق بسبب الوفاة أى ضرر لسمعتهم 'الطيبة". 


3/1 


أحد الإدراكات المفيدة لشبه '"التوارى' وعدم الظهور للزهرى يمكن أن نجده على 
الحدود غير الواضحة بين "الحقيقة" الطبية الموضوعية والذاتية؛ والتأثيرات الثقافية, 
والمواقف. أحد هذه المفاصل (التى تقع فى منطقة الحدود هذه) هو أن الزهرى يظهر 
نفسه فى 'المرحلة الأولى' من الإصابة فى شكل قروح مفتوحة على القضيب أو فى 
المهبل , بعدئذ وفى المرحلة الثانية (بعد شفاء هذه القروح) يبقى كامئاء مسبيًا هزالاً 
عاما. فى هذه المرحلة يختلط الزهرى من ناحية الأعراض بداء النقرس (التهاب 
المفاصل).؛ والسل؛ أو ببعض الأمراض الأخرى المقبولة اجتماعيا. فى العديد من 
الحالات, ريما هذا الخلط سيبه عدم فهم طبى خالص. 

تبقى فى منطقة الحدود إدراكات العالم الحقيقى "الموضوعى" وتلك الذاتية تماماء 
فمن المعروف أنه بخلاف "الجدرى الذى يقتل فى مدى أيام» يبقى الزهرى كامنا فى 
أى مكان بين ؟ إلى ١؟‏ سنة. بتطبيق ذلك فى أوربا حتى فترة القرن التاسع عشر»: 
كانت فترة الحياة المتوقعة من الولادة بين 0" و٠5‏ سنة؛ كان الزهرى المكتسب بعد 
فترة البلوغ الجنسى (عند الثالثة أو الرابعة عشرة) الذى يقرر ليبقى كامنا لفترة طويلة 
عنده فرصة جيدة لتغيير قصير مثل قائمة الأمراض التى تسبب الموت السريع. هذا 
التفسير الذى يمكن أن يكون صحيحا تماما من ناحية الفهم النمطى. يحجب حقيقة 
أن الشخص المصاب مريض بالزهرى!"). 

حَجب تأثير الزهرى على المجتمعات السابقة أيضا بواسطة طبيعة مواد المصادر 
التى بقيت. والأغراض التى أرادت خدمتها. على سبيل المثال. ذكرت سجلات 
الإبراشيات بصفة عامة الولادات الحية فقط (الذين سجلوا أنهم أنجزوا التعميد) 
والأموات (المدفونين) للناس المعروفين. وحذفت من سجلات الإبراشيات قوائم الأجنة 
التى أجهضت فى مرحلة مبكرة من الحمل. كما حذفت كذلك تبعات المرض التى أدت 
إلى إصاية النساء بالعقم فلا يستطعن أن يحملن أطفالا(). 

لتوضيح كيف ارتبط هذا الحذف بالزهرىء دعونا نتحرى ذلك من خلال سلسلة 
من الأحداث. بعد بضعة أشهر من حمل المرأة بالحيوان المنوى للرجل (ليس من 


3112 


الضرورى أن يكون زوجها). العامل المسبب للزهفرى 68/110059 716000613 اللولبية 
الشاحبة (الذى أخذته من خلال القروح الصغيرة للزهرى الموجود على قضيب الرجل ) 
يخترق جدار الرحم وإما أن يموت أو يبقى فى الجنين الذى تحمله. تجهض حوالى 
نصف النساء المصابات»ء بينما تضع العديد من الأخريات حملهن لأطفال يحملون 
زهريًا وراثيًا. معظم الأمهات اللاتى تعرضن إلى كلتا الحالتين سوف يجدن أنفسهن 
بعد ذلك عقيمات مدى الحياة. 


كان مقبولا فى أوربا. كجزء أساسى من الزواج لغاية فقرة قريبة جداء 
سلطة الزوج فى أن يصر أن تنضم زوجته إليه فى عملية جنسية؛ حتى لو كان عنده 
قرح بعضوه الذكرى. كان الداعم لهذا هو “"المعيار المزدوج الذى فحواه أن الرجل 
الحقيقى الذى يدخل زواجه الأول يجب أن يكون له خبرة جنسية سابقة مع امرأة. 
عنصر آخر للمعيار المزدوج فحواه ان الرجل الذى يرتيط يزوجة غير قادرة على أن 
تفظيه الإشباع الجتسى يمكن أن يلجة إلى عاهزة» أو يأحَد أبة امراة يستلطفها؛ على 
أن لا يسبب أى إزعاج عام بطبيعة الحال. ومن الناحية الأخرى, يتمسك عرف المعيار 
المزدوج بأنه ليس هناك رجل ذو وعى بالشرف يمكن أن يتنازل ويتزوج امرأة لها 
تجرية جنسية سابقة. ينتج عن ذلك قاعدة أنه بمجرد الزواج تكون الزوجة مخلصة 


دائما لزوجها 9). 
لغاية فترة قريبة جدا فى الغربء كان من المعتاد التفكير يعبارات ديكارت 


الثنائية. شمل ازدواج المعايير: الحقيقة فى مقابل القيمة؛ الموضوعية فى مقابل 
الذاتية؛ العصور الوسطى المظلمة فى مقابل حقيقة التنوير؛ الاعتبارات الأخلاقية 
فى مقايل العلم الخالص. على كل حال عندما نتعامل مع الزهرى التناسلى والطاعون 
الذى اختار المجتمع أن لا يناقشه, سوف ندخل منطقة لم تعد فيها التمايزات الثنائية 
القديمة مفيدة. 

استخدم المؤرخ الفيلسوف “"ميشيل فوكوه فى عمله فى الجنسية عيارة 
"القوة/المعرفة" التى أخذها من فرانسيس بيكون|*). يذكر فوكوه: 


213 


لا تمارس القوة بدون استخلاص وامتلاك ونشر أو الاحتفاظ 
بالمعرفة. على هذا المستوى, لا نملك معرفة فى إحدى اليدين 
والمجتمع فى اليد الأخرى, أو العلم فى مقابل الدولة, نحن نملك 
الشكل الأساسى ل 'القوة / المعرفة". 
هناء عند التعامل مع فترة الخمسة قرون يعد أول ظهور لمرض الزهرى للعيان 
(عام 457) فإنى أقبل فكرة أن المعرفة تعنى القوة» وأن أرى السيطرة على الحالة 
الجنسية للآخرين كقوة محددة فى تكوين أوربا. لكن لدى خلافا لمن ينتتسبون إلى 
فوكوه فإن كلمة "المعرفة” تكون عادة مرادفًا “للمعرفة الزائفة"' بأن "الأرض مسطحة" 
وما شابه. أحيانا عند الاقتباس من نبع الحكمة القديمة (أفلاطون وأرسطو 
وجالينوس) فإن هذه المعرفة المزيفة الخاصة بسطحية الأرض شكلت جهلا متعمدا ). 
وفى أحوال أخرى كانت فعلاً مزدوجًا يمارس بصورة متعمدة لتقوية السلطة. 
وفى هذا الفصلء ذاهبا فيما وراء التفسيرات التقليدية للعلاقات الجنسية, سوف 
أناقش الزهرى وكبت العادة السرية» وقناعتى أنه فى هذه المنطقة حيث كان مرتيطا 
بوعى الذكور بأنه من الأفضل الاستفادة من خدمات المرأة البغى بدلاً من تفريغ 
الرغبة الجنسية للشبان بنفسهم, قد ازدادت كشيراً فرص بقاء اللولبية الشاحبة 
!221 1160016323. وسوف أستك شف يفنا الطرق المناهفضة لممارسة 
العادة السرية؛ التى زادت من حدة المهارات المنظمة للآباء والمريين داخل البيوت, 
ومهارات المدرسين داخل المدارسء ومهارات الرقباء والضباط داخل الخدمات 
العسكرية؛ ومهارات رواد الطب الذين اقتحموا ما اعتبروه العالم "الخفى” 
للحياة الجنسية. 
فى العالم الفعلى للحقيقة الموضوعية؛ فإن التسلط الجنسى الذى بدأ يزدهر فى 
منتصف القرن الثامن عشر (الذى ساعده كثيرا الهلع المضاد لفكرة الاستمناء) قد 
أدى فى القرن التالى تقريبًا إلى اختفاء الكتايات عن عمليات التكاثر البشرى الفعلية. 


314 


حتى لى اتسمت ينوعية أفكار تسطح الأرض التافهة المشتقة من الكتاب القدامى: فإن 
هذه الكتابات ربما مكنت العوام من تجنب الوقوع ضحية لمرض الزهري. ولسوء الحظء 
تحت تأثير عصر التنوير الحامل لفكرة "التطور البشرئ” فإن الظلال القاتمة قد 
ازدادت قتامتها عندئذ!"). ومع تطور "المجتمع الكمى' خلال القرن التاسع عشرء 
وإدارته المتعمدة من قبل السلطات التى احتقرته وأخافته., فإن الغطاء الكثيف من 
الكبت أعاق تقريبا العقل الأوربى. 

شكل الازدهار ما بين عامى ١497‏ و970١‏ معينا خصبا للكبت والسرية 
والخجل والعلم الزائف مثل سطحية الأرض- لرجال الأعمال الذين صنعوا حياتهم 
اعتمادا على بؤس الآخرين. ورؤية هذا من منظور عصرنا المسمى ما بعد الحداثة, 
وعند تفحص سلطة كثير من المستشارين المشهورين فى السنوات السابقة (سيجموند 
فرويد وكارل يونج) فلن يكون مدهشا أن كثيرا من المعالجين المغامرين الذين سموا 
أنفسهم أطباء كانوا مزيقين. 

بنهاية الفصل الأول فحصت كيف أنه فى منتصف القرن التاسع عشر أدخل 
الأطباء الأوربيون ورجال الإرساليات العالميون فكرة المغامرة الأخلاقية الغربية إلى 
دولة الصين. وهم ممتلئون بالخوف مما هو صينى وقوة المعرفة الزائفة» وجدوا مرض 
الزهرى التناسلى على مستوى غير معروف فى أى مكان آخر. ما واجهوه فى الحقيقة 
كان مرض الموقف من الزهرى". وكان يتكون من عنصرين : 

(أ) وهم الخوف مما هى صينى . و (ب) الخلط الطبى الخالص بين مرض الزهرى 
التناسلى الذى ينتقل جنسيا من ناحية: وداء الياوز 05هلا والزهرى المتوطن (اللذين 
ينتقلان بصورة غير جنسية) من ناحية أخرى. وكما سنرى بعد قليل من التردد 
المبدئى: فإن النخب الصينية الذين اعتبروا بالفعل أن الناس فى الغرب متوحشون - 
استطاعوا أن يجدوا رد فعل ملائم على ما فهموه أنه المرض الغربى : مغامرة ظهور 


مرض الزهرى. 


215 


الإدراك المبدئى: 


بداية من تسعينيات القرن الخامس عشر انتشر مرض جنسى معد بصورة كبيرة 
(فنسب إلى مرض الزهرى إن لم يكن الزهرى ذاته) داخل المدن والبلدات البحرية فى 
إسبائيا وجنوب فرنسا وإيطاليا وانتشر عندئذ على جبهة عريضة انتقلت شرقا وراء 
فيينا وشمالاً متخطية منطقة لايبزج وبيرجن وأبردين. وفى عام ١4917‏ كتب طبيب 
متخصص إلى البابا الكسندر السادس - الكسندر بينديتى من فينسيا - وأبلغه أنه 
شاهد الضحايا الذين فقدوا أعينهم وأنوفهم وأقدامهم. وطبقا للبابا بينديتى فإن "كل 
الجسد معاناته كبيرة جدا وخصوصا فى الليل؛ وأن هذا المرض كان أكثر رعبا من 
مرض الجذام الذى لا علاج له أو مرض الفيل!*) ويمكن أن يكون مميتا”7). وبعد عدة 
عقود (عام )١1659‏ ادعى روى دياز دى أسلا - الجراح الإسبانى بمستشفى كل 
القديسين فى لشبونة, أن المرض الجديد سبب كثيرًا من الخسائر بحيث إنه لم توجد 
قرية فى أوربا الموجود بها مائة فرد متجاورين إلا ووجد بينهم عشرة أفراد ماتوا 
بسبب هذا المرض (''). على الرغم من تضخيم هذا الادعاء بالذات بدون شكء فإنه 
على الأقل عكس اهتمام رجل طبى يظاهرة المرضء بالرغم من أنه لم يجرئ على 
الاعتراف على الملأ» أنه بعيد عن تخصصه. 

فى محاولاتهم المبدئية لمواجهة الوياء فإن الأطباء المتخصصين رجعوا إلى كدبهم 
لمعرفة ماذا كتبت المصادر القديمة, فوجدوا أنها خالية. وقد دفع هذا الطبيب نيكولى 
ليونيشينى أحد المتخصصين فى اللغة اليونانية وآدابها - وأحد الأساتذة البارزين فى 
الطب فى مدينة فيرارا لتأكيد أنه: 


(*) مرض الفيل: 1601310113515 يحدث نتيجة للإاصابة بالديدان الأسطوانية أأأ0عمةط قأءعءء اع نللالا 
ومن أعراضه تورم الأرجل نتيجة لانسداد الأوعية الليمفاوية, وكذلك غلظة الجلد. تنتقل يرقات هذه 
الديدان عن طريق اليعوض من جنس 6!85©أم0صقم, زإعانا0), 6085م 


316 


عندما أعتبر أن الإنسانية لديها نفس الطبيعة, ولدت تحت نفس 
السماءء ونمت تحت نفس النجوم: فيجب أن أستخلص أننا كنا 
دائما خاضعين لنفس الأمراض ولا أستطيع أن أعتقد مطلقا أن 
هذا المرض ظهر فجأة الآن وأصاب فقط عصرنا أو لم يصب 
أحدا من السابقين .)١١(‏ 


بدون قصدء وضع الطبيب ليونيشينى حقيقة أساسية سببت صدمة:؛ وهى أن 
الزهرى التناسلى كان فى الحقيقة مرضًا جديدا. وهذا يقودنا إلى منطقة نزاع حول 
أنوا ع ومصدر المرض. 

كان اكتشاف سلالة جديدة تماما من الكوليرا فى "مدراس” فى أواخر عام 1195 
والتى تقاوم جميع أنواع اللقاحات المعروفة (الكوليرا الواوية )١74‏ هو تذكير للسرعة 
المخيفة التى تستطيع بها الفيروسات تغيير طبيعتهاء بعد المبادئ التى أعلن عنها 
"شارلز داروين” فى عام 018490''). جلبت طفرة مشابهة إلى حيز الوجود المرض 
المعقد الذى خلص المعاصرون على مضض إلى أنه جديد بالنسبة إلى غرب أوريا فى 
عامى ١1591‏ و ١545‏ فقط فى قرننا استطاع العلماء فى النهاية فك تعقيداتها. 

فى عام 1105., اكتشف “فريتز شاودن" وزملاؤه فى برلين أن العامل المسسبب 
للزهرى الحديث والتطملزة م5006 هى 3اناك1!اة6 3معمدم1:2 اللولبية الشاحية 
"اللولبية إس"» هذا الاختراق تبعه تعرف "ألدى كاستيلانى” على اللولبية المسببة لداء 
الياون” 305/ اللولبية واى" وبعد ذلك اكتشاف 'إف. ليون بلانكى اللولبية المسببة 
للبقع الجلدية " 818]8 اللولبية س". وقد وجد "المختصون أيضا أن الزهرى المنقول 
بطريق غير حجنسى 5 أطملاة ءأمولمع (الزهرى المستوطن) تسببه "اللوليية إم". وهكذا 
تم التعرف على أربعة أمراض أخرى تسببها اللولبية, كل ذلك حوالى عام ١11٠5١‏ واحد 
فقط من بينهم؛ وهى الزهرى المنقول جنسيا كانت العدوى به تتم عن طرق الاتصال 
الجنسى. أما الثلاثة الآخرون وهم داء الياوز والزهرى المتوطن والبقع الجلدية فقد 
كانت العيوي ينا تتم عن غير الوسائل الجنسية. ومع ذلك. حسب المقالة التى وردت 


317 


عام 19957 لا يزال الخبراء غير متأكدين من كيفية العديد من مسببات الأمراض التى 
يمكن أن توجدء فتحت الميكروسكويات ذات القوة العالية تظهر جميع اللولبيات بنفس 
الشكل. تفصح هذه الميكرويات عن اختلافاتها فقط عندما تسبب مرضًا محددًا 
للإنسان بطريقة خاصة. وقد أربكت العلماء أيضا قدرة نقس المسيبات على إحداث 
أمراض مختلفة فى المناطق الاستوائية مضادة للمناطق المعتدلة ,)١9(‏ 


تقريبا من بداية العام الأول من القرن السادس عشر فى أورباء فهم الزهرى على 
أساس أنه مرض يحمله "الآخرون” المذنبون ويعد ذلك ابتلى به جمهور الأبرياء. 
وبالتوازى مع ذلك ومرتبط به؛ وفى بداية عام 101: تم التأكد أن المرض قد اكتشف 
بين أشالى شعب "هسبانيولا": والتى أتى منها المرض لأول مرة إلى أوربا عن طريق 
طاقم سفينة تعمل تحت إمرة 'كريستوفر كولومبوس". ويحلول القرن الثامن عشر, 
أصبح المصدر الأمريكى للزهرى التناسلى جزءا من المسلمات الأوربية. وهكذا فى روح 
القوانين عام »١744‏ فإن رمز التنوير مونتسكيى أخذ على مسئوليته القول بأن الزهرى 
جاء من العالم الجديدء وأنه قد محا معظم العائلات الكبيرة فى جنوب أوريا. وبالمثل» 
فى عام /الا/١‏ وكان حبر إعلان استقلال أمريكا عن ملك بريطانيا العظمى بالكاد قد 
جفء فإن المؤرخين الإسكتلنديين ذوى الاحترام الكبيرء والبريطانى الوطنى وليام 
روبرتسون” أكدوا أنه بإصابة أوريا بعدوى الزهرى؛ فإن أمريكا قد صادرت جميع 
الفوائد الناتجة عن اكتشافها بواسطة الأورييين(05). 


على الرغم من أن القراءات المتحيزة عن معانى الزهرى مستمرة حتى يومنا هذاء 
فإن بعضا من الأشياء التافهة من الماضى على الأقل تم وضعها على رفوف 
المتاحف '). واحد منها هو الرأى القديم بأن السكان الأصليين فى "هسبانيولا" 
عام ١1557‏ - التاينو - أصابوا الدخلاء من أوريا بالعدوى بالزهرى. بديلا عن ذلك 
الذى يبدو أنه قد حدث هو أن داء الياوز الذى لا ينتقل عن طريق الاتصال الجنسى 
كان منتشرا فى السابق بين فتيات وفتيان "التاينى" بينما كانوا يلعبون معا. ويعد ذلك 
بسنوات: بعض الفتيات الصغيرات اللاتى نضجن وأصبحن نساء كن لا يزلن يحملن 


315 


داء الياوز. ويعد ذلك تم اغتصابهن بواسطة الذكور الإسبان. وبينما كان كل اغتصاب 
فى طريقه؛ فإن الجلد الطرى غير المغتسل منذ مدة طويلة؛ بين حنايا الأفخاذ والبطون 
والصدور وأعضاء الذكورة كانت ملوئة بواسطة اللولبية المسببة لمرض الياوز. وعندما 
تجد هذه اللولبية نفسها داخل عائل آدمى جديد ونظام مناخى جديد - أوربا المعتدلة 
التى عاد إليها الإسبان المغتربون فى عام -١53*‏ بدا أنها تعرضت لطفرة حولتها إلى 
شكل جديد, اللولبية المسببة للزهرى التناسلى/""). 

هذا الزهرى التناسلى كان مرضا حديدا تماما وكان مرضا جديدا لأوربا مدعما 
بسلوكه الأولى - وكانت إصابته الظاهرة للجلد معدية بشكل كبير وسريعة القتل. 
وللمعلومة الطبية يعتقد بعض الكتاب العارفين بالطب أن هذا الوياء الجديد كان ملازما 
لمرض متعدد يضم داء الياوز والزهرى التناسلى والسيلان (وهى مرض مختلف تماما 
ويسبب عند الرجل خروج السائل المنوى من عضو الذكورة غير المنتتصب). ثم مع 
الوقت, ما عرف" بغلظة الجلد النمطى والشقوق النازفة والكسر التلقائى للعظام 
والجادوع!*) (تقرح الأنف والحلق الجادع) والأعراض المرضية ذات الدلالة فى 
تشخيص داء الياوزن"' استبعدت, تاركة الزهفرى الجنسى المنقول جنسيا تحت 
السيطرة الكاملة للدراسات البيئية الملتخصصة التى أوجدها الأوربيون فى 
أوطانهه2'). 

وكما رأينا فى الفصول السابقة: فالأوربيون قبل الطب الحديث (قبل أن يبدأ 
"رويرت كوخ قفزاته الكبيرة فى عام 1847) كانوا فى بعض الأحيان يشرحون أسباب 
مرض بطرق نجد الآن صعوية فى فهمها. ففى جامعات القرن التاسع عشر الإيطالية 
حيث كان علم الفلك من المواضيع العلمية الجادة, كان أحد الافتراضات هو أن 
الزهرى نتيجة اقتران كوكبى المشترى وزحل فى نوفمبر 2.١585‏ وبين المتعلمين. كان 


(*) الجادوع: يعرف بمرض ال 0309058) فى الإنجليزية. 


219 


هناك افتراض آخر وهو شيوع بعض أشكال الجذام بين قدماء العبرانيين. ثم أيضاء 
رأى الكثير من المعلقين علاقة واضحة بين الزهرى و"الفجور والإشباع الجنسى 
الداعر. مثقلا بهذا التحيزء مضى وقت طويل قبل الإدراك التام أن الأزواج المشتركين 
فى جماع (نشاط برىء) يمكنهم أيضا إصابة زوجاتهم فى حالة الزواج. وعلى 
المستوى الشعبى. كان يظن فى بعض الأحيان أن سبب الزهرى هو أكل الختازير 
(يتضمن المجذومين واليهود)؛ أو شرب النساء لدم الحيض("'). 

الأول بين العديد من (آخرين) يخافون من الزهرى ريما يبدأ التأريخ من عام 
٠‏ .ء ويعد جيل أو نحو ذلك بدأ الريف الأوربى المبكر فى التعاقى من نزيف 
الطاعون الدملى: والذى نتج عنه وجود شبان صغار فائضين عن حاجة العمالة المحلية. 
فى مواجهة وضع غير مسبوق فى الماضى القريب - كثافة سكانية - وكيار سن فى 
المجتمع يرفضون الأولاد غير الشرعيين. إذا استطاع هؤلاء الذكور غير المرغوب فيهم 
أن ينجوا حتى سن البلوغ؛ كانوا غالبا ما يتم تشجيعهم للالتحاق بجماعات الجنود 
المرتزقة على أمل أن يختفوا إلى الأبد. وفى سويسرا الجبلية (والتى بعد عام ١16٠‏ 
لعبت دورا كبيرا لا يتناسب مع حجمها فى خلق هستريا عن النشاط الجنسى بعيدا 
عن الزواج)؛ مكنت هذه التقنية جميع الأقاليم أن تحتفظ بتعداد سكانها فى حدود 

وفقا للمعلقين الذين احتقروا الجنود المرتزقة. فإن المرض التناسلى الجديد قد 
نشط فى عام ١544‏ بين المرتزقة البالغ عددهم خمسين ألف الذين رافقوا الملك 
الفرنسى شارلز الثامن فى غزوه الخطير لإيطاليا. ويخصوص اللولبية فإن تقدم 
القوة العسكرية الفرنسية كان بالنسبة لها فرصة ثمينة, بالتقدم جنويا ناحية 'ميلان, 
تسكع الجيش النظامى غير المنضبط لبضعة أسابيع فى روما البابوية». حيث قيل إن 
عدد العاهرات فاق عدد الكهنة. ويعد ذلك تحركوا إلى 'تابولى': واحدة من أكبر المدن 
الأوربية. ويعد هزيمة نابولى بدون قتال, كان هناك تالف كبير بين الغزاة والزاد 
الجنسى المتاح. تحركت بعد ذلك القوات الفرنسية شمالا إلى 'فورنوفو” (غير بعيد عن 


2320 


'ميلانى ) حيث قاتلت فى معركة غير حاسمة مع جيوش 'هابسبرج والبندقية . بعد 
ذلك؛ سرح الفرنسيون المرتزقة. وقد وجد البعض منهم أعمالاً جديدة كمرتزقة؛ وعاد 
الآخرون إلى الحياة المدنية فى المدن الواقعة فى الجانب الشمالى من حبال "الألب". 

وبالدوائر المتسعة على الدوام تزامن هجوم المرض الفرنسى ذ5نء11اة6 5ناط:0! 
فى تسعينيات القرن الخامس عشرء مع المراسيم الحكومية والتصريحات العلمية فى 
باريس وأدنبره وليبزج. وأصبح معظم باقى العالم أيضا فى خطر. بالسقر مع البحارة 
والتجار والمبشرين والوكلاء الآخرين فى عصر الكشوف الأوربية» أسس المرض قواعد 
على الساحل الإفريقى للبحر المتوسطء؛ ويعد ذلك تحرك إلى الهند وجزيرة سيلان وشيه 
جزيرة الملايى. وينهاية عام ١١١١‏ اكتشف فى متجر كبير فى 'كانتون” والذى عرف 
فيما بعد باسم “قرح شجرة البرقوق”(:'). 

بمجرد تحور المرض الابتدائى ليصبح اللولبية الشاحبة؛ استقر وضع المرض 
التناسلى فى أوربا. ويذكرنا تاريخ الطب التقليدى بكتاب طبع فى "مينز” فى عام 
4 ادعى فيه 'إيلريش فون هوتين". وهو مصاب بالزهرىء أنه عند الظهور الأول 
للمرض سبب رائحة مقززة أكثر من الآن» كما لو أن المرض الذى أصيب به كان 
مختلفا كلية٠').‏ ومع ذلك فإن هذه التحورات فى الأعراض الظاهرة أمام الخبير لا 
تعنى أن حجم الخطر المعرض له الأهالى قد اتخفضء بل على العكس فقد ازداد إلى 


هوة سحيقة. 


وفى خلال القرن السادس عشرء شجعت زيادة السكان فى المناطق الريفية 
والضجر العام الشبان غير المستحقين لميراث أبويهم للذهاب إلى المدينة للبحث عن 
عمل؛ حتى لو عنى هذا المخاطرة بالاحتكاك مع الزهفرى. فى كتابات ويليام كلاوس” 
وهى طبيب عمل لمدة عشر سنوات فى مستشفى "سانت بارتولميى" فى 'لندن", ادعى أن 
واحدا من كل اثنين يدخلون المستشفى كان مصابا بالزفرىء وأنه فى خلال خمس 
سنوات قد عالج أكثر من ألف مريض. مما نعرفه عن موقف الأشخاص العاديين فى 
المناطق الحضرية تجاه المستشفيات والأطباء المتعلمين - النفور الصريح - فإن 


321 


الأرقام المجازية لآلاف المرضى التى ذكرها “كلاوس' ما هى إلا نسبة صغيرة من الرقم 
الحقيقى لسكان لندن المصابين بالزهرى9"). 

لكن طالما أن الريفيين (الذين يمثلون /28٠١‏ أو أكثر من التعداد العام) بقوا بعيدا 
عن المدن, فإنه من المستبعد أن يكونوا قد أضيروا كثيرا من المرض. ويخلاف جموع 
المدن أو الجنود المرتزقة, فإن الريفيين الذين قضوا فى حياتهم يوما أو يومين بعيدًا عن 
موطنهم الأصلى , بعدوا عن خطر الزهفرى. 

وتحت قيادة كبار السن القرويين الذين كانوا غير راغبين فى أن تصل إلى قريتهم 
فوضى الأفواه الجائعة التى تنتظر إطعامهاء كان الشبان والفتيات الريفيون ينتظرون 
بشكل عام حتى يجدوا الشريك الذى يعتزمون الزواج منه قبل أن يقيموا علاقات 
جسدية مع شخص آخرء وحسب علماء تعداد السكان» فإن الشريكين كانوا فى سن 
منتصف إلى آخر العشرينيات. كانت معدلات أبناء الزنا فى الريف التى تقل بصفة 
عامة عن 5/ وفى بعض الأحيان أقل من /١,0‏ تدعم التأكيدات بأن الجنس لدى 
الريفيين كان مثل جبل التلج('). ويوحى بهذا حقيقة أنه حوالى عام ,.165١‏ كان 
حوالى /١١ - /٠١‏ من السكان البالغين من العمر أربعين عاما أو أكثر لا يزالون غير 
متزوجين» ويقدر ما عرف العالم» عفيفين. 


التجارة بالزهرى : 


فى ملاحظاته الموزعة باليد عن الزهرى الأمريكى وهديته إلى أورباء ذكر 
مونتسكيى "أن الجشع نحو الذهب هو الذى أبقى هذا المرض. فقد كان الناس يذهبون 
باستمرار إلى أمريكاء وفى كل مرة يحضرون عند عودتهم بذورا جديدة7؟') وهذا 
يمكن تفسيره بمعنى أنه فى عصر الرأسمالية الناشئة فى أورباء كان بعض الرجال 
والنساء يتكسبون بشكل كبير من الزهرى. ومن بين هؤلاء المفغامرين الأوائل كان 
مرتكب الإبادة الجماعية الإرهابى جونزالو فرناديز دى أى فيديو (/1410-//101) 


322 


ومعاونوه فى إدارة الأعمال “الفوجارز!") من أوسبرج, الممولين الرئيسيين لشارلز 
الخامس إمبراطور الهابسبورج!*"). وهذا يجرنا لافتراء كبير. 

من المهم أن نذكّر أنفسنا هنا أن التقارير التى أعدها كولومبوس والأطباء الذين 
رافقوه فى رحلاته فى عامى ؟551١-8497١‏ لم يذكروا أى شى مهلك بصورة خاصة فى 
البيئة المرضية لهسبانيولا. وبالمثل لم يرد تذكر رجال من الذين تمتلئ بهم السفن 
يعانون من نوع معين من الزهرى النشط جدا أثناء رحلة العودة إلى الوطن. وأيضا فى 
كتاباته المنشورة فى عام 7؟57١؛‏ فى ملخصه المشهور عن التاريخ الطبيعى للهنود؛ أكد 
أوفيدو بوقاحة "يا صاحب الجلالة تاكد من أن هذا المرض أتى من الهنود"(") وكانت 
هذه أول مرة يذكر فيها الزهرى الأمريكى الأصل فى المطبوعات كتابة. ويعد ذلك 
أصبح هذا الادعاء شيئا مألوفا فى وثائق التعلم. 

كان أوفيدى ينتمى إلى عائلة إسبانية أرستقراطية قوية ويعد عامى ١6١5-١011‏ 
كان فى الأمريكتين المراقب المعين من قيل الإمبراطور بخصوص مناجم الذهب 
والفضة. بينما فى هسبانيولا فقد خدم كحاكم لقلعة سانتى دمينجوء وعلى ما يبدو 
فقد كان لديه ممتلكات فيما أصبح بعد ذلك مدينة أوفيدو والتى تقع على بعد ١6١‏ 
كيلومترا ناحية الفرب. وفى وقت ما بعد عام ١١١17‏ عرف بسمعته الطيبة فى علاج 
الزهرى - من خشب الجواياك - الذى ينمى فى هسيانيولا. مهتما بالصلات بالعقائد 
القديمة. عرف أن العامة يعتقدون أن لكل سمء وضع الله له شفاء فى مكان قريب. 
وكمقاول ذى خبرة جيدة؛ ادعى أوفيدو تبعا لذلك أن شعب هسبانيولا قد أصيب منذ 
وقت طويل بالزهرىء وأنهم قد عالجوا المرض بخشب الجواياك الموجود فى متناول اليد 


بطريقة مريحة. 
(»*) الفوجارز: 0996/5 أسرة المانية كانت مشيورة بالأعمال التجارية والبنكية بين القرن ١6‏ - 1ام. 


323 


كانت الدعامة لحملة أوفيدى الدعائية فصلاً فى مقالة بعنوان” من البالو سانتا 
الذى أسماه الهنود جواياكان" (خشب الجواياك). خشية أن يفقد المصابون بالزهرى 
من الأغنياء المغزى: فقد سمى الجواياك "الخشب المقدس” للتلميح برغبة الرب فى 
إسقاط العقاب عن الذنب الناتج عن الجنس. وبينما كانت الكتابة تتقدم؛ رتب أوفيدو 
لشركائه الفوجارز أن يحصلوا من شارلز الخامس على حق احتكار استيراد وقتسويق 
العلاج المدهش فى جميع أنحاء الإمبراطورية. ومن هذا حصل أوفيدو وأصدقاؤه على 
أرباح كبيرة. ولكن على المدى الطويل؛ فإن التبعات الكبرى أن هذه المقالة الضارة 
الباطلة قد أصابت سمعة هسيانيولا 59), 


كان المقاواون الآخرون الذين جنوا أرباحا من الزهرى التناسلى هم بائعى الكت 
والمطبوعات. وكما عرف مراقبو الإعلام فى القرن السادس عشرء أنه حالما وضعت 
إفادة فى ورقة مطبوعة فإنها تكتسب مستوى أعلى من الثقة أكثر من التى تملكها 
إفادة تم إيصالها بالكاد بواسطة كلمة من الفم (والشاهد تأثير ما فعله ادعاء أوفيدى 
فى أمريكا). لم يكن الشكل الأوربى للطباعة كسبيل للمعيشة قد تم اختراعه حتى 
خمسينيات القرن الخامس عشرء ولا يزال لحد ما غير مؤكد. بالرغم من أن عدد 
العمالة المطلوية كان صغيرا مقارنة بالأعداد الكبيرة من الناسخين اللازمين لإنتاج 
كميات من الكتب المنسوخة باليد » كانت تكاليف رأس المال أعلى بكثير. كان عائق 
عاك الاستكمان ه ىالتتخير الطؤيل الذى لا مناص منه بين طباعة نض تمود هن - 
إنجيل أو تعليق - وييعه إلى الغميل. 

وفى بداية تسعينيات القرن الخامس عشرء انفجر أول وباء للزهرى فى هذا الجى 
الخائق. وعلى الفورء اندفع الطلب على الكتب الجديدة المطبوعة. وقد زاد من المبيعات 
الإدراك المتردد أن المرض الجتديد لم يذكن لا فى التضوص القديمة ولا فى التصوض 
الطبية العربية التى كتبت سابقاء والتى غطتها الأتربة على رفوف التجار. كرد فعل 
للطلبات على المعلومات عن كيفية العلاج من المرض (أو عن الأماكن الهادئة التى يمكن 
للمرء أن يجد فيها شريكا للجنس)؛ اخترعت المطابع الجديدة طرقًا حديثة للإنتاج. 


324 


وبدون الذهاب من خلال الوسطاء. فإن المؤلفين يقومون الآن بتسليم مؤلفاتهم مباشرة 
إلى الطايع/, مصفف الحروف :(8) 

أحد هذه النصوص الناجحة تجاريا عن الزهرى كتبه جوزيف جرونبيك وهى 
طالب شاب طموح مهتم بالموضوع من جامعة أوجسبرج:ء وكان جرونبيك قد سافر إلى 
روما الآثمة حيث أصبح السكرتير الخاص للامبراطور الألمانى ماكسميليان. وفى مكان 
ما ضلت قدم جرونبيك إلى بيت للدعارة؛ ووجد نفسه ضحية لداء الزهرى المرعب. وفى 
اعترافاته المطبوعة عام ,»١16١*‏ يصف بلوى الجنود: 


البعض كان مغطى من الرأس إلى الركبة بجرب خشن منقط 
بنتوءات سوداء قبيحة؛ والبعض كانوا يتأوهون ويبكون ويطلقون 
صرخات تمزق القلب من التقرح فى أعضائهم الذكرية.(1") 
مثل هذه الكتب سواء كانت للإثارة أو للتحقيق الصحفىء كانت تلقى ترحيبا من 
عامة المثقفين. وعلى الرغم من صغر هذا الجمهورء ففى خلال سنوات قليلة من طباعته 
الأولى؛ فإن كتاب ليبلاس جوزبى جروسيكى دى منتالاجرا "مرض الغال" تمت طباعته 
خمس مرات باللغة اللاتينية» ويعد ذلك تمت ترجمته إلى اللغة الألمانية حيث جرى 
طباعته مرتين. ولكن ريما كان أكثر ما يستسيغه التجار الألمان المسافرون فو قصيدة 
جوهائز هاسلبيرجك (على داء الزهرى الجنويى)؛ والتى طبعت فى ميتز عام , ١677‏ 
تحت ستار من المواعظ عن أخطار النساء الخليعات والزهرى: أعطت القصيدة قائمة 
تفصيلية بمأوى العاهرات فى الأراضى الألمانية. ويهذا الدليل فى اليد» فإن أى مسافر 
ذكر سوف يضمن المتعة فى ليلته.(") 
وكان الأكثر مكافاأة لمؤلفه هى كتاب كناء1ااه6 5ناط:هك! 506 وذاأاملا5: الذى نشر 
عام ١6٠١‏ بواسطة جيرولامى فراكاسترى من فيرونا .)1005-١51/8(‏ وهى طالب 
قلسفة وطب (فى مقررات الجامعة يعتبر الطب جزءًا من الفلسفة الطبيعية)؛ وكان 
فراكاسترى يقضى الكثير من وقته فى العمل قوادا للطبقة العليا. وكان مراسلاً منتظما 


322 


الفرنانديز دى أفيديى ذى الدعاية الذاتية كبللينى!*) أمريكا الهمجية. ولكنه أهدى كتابه 
"فى الزهرى” بكثير من الخضوع لأصحاب المكانة. وكان زوا المكانة العالية الحبر 
الرومانى البابا ليى العاشر (جيوفانى ميدتشى)» والكاردينال بتري بمبى. وقد أعطى 
يميو الذى كان قوة صاعدة فى البلاط البابوى ومن أدياء فينسيا المشهورين , 
فراكاسترو إرشادا فى التحرير واقترح تعديلات ربما قد عكست حالة القلق الشخصى 
لديه. وكان الكاردينال معروفًا جيدا بعشقه للنساء وكان على صلة حميمة مع لوكريزيا 
بورجياء ابنة البابا الكسندر السادس!١").‏ كان “فراكاسترو" مدركا بلا شك حساسية 
بمبو. واحتمال معرفته كذلك باتهامات مارتن لوثر المدمرة عن الفساد الأخلاقى فى 
الكنيسة الرومانية» وفى كتابه عن الزهرى تدبر فراكاسترو أمره بتجنب ذكر أن المرض 
ينشأ عن اتصال جنسى. كان هذا ببساطة تدريبًا على التهرب من الواقع بدلا من لغز 
طبى تم حله أى دراسة الرغبة المحرمة والفساد الأخلاقى. لهذا وللخدمات الأخرى إلى 
الإنسانية الكاثوليكية المتحررة, ويعد عام ١055‏ تم تعيين فراكاسترى طبيبا صحيا فى 
مقر إقامة آباء الكنيسة فى مجلس ترينت. واستمرت طباعة كتابه عن الزهرى خلال 
بقية القرن السادس عشر. وفى تلك الأثناء كانت مقالته عن العدوى 1508أو013ه© ©0) 
(0ه1!ةءدات أء وأطءهاة 5أ5و15أو0713© 66 فى عام ١١51‏ قد سقطت فى النسيان. وهناك 
استمرت حتى أواخر القرن التاسع عشر عندما رآها فجأة كتاب من ويج كرائدة 
لأفكارهم الحديثة عن الجراثيم كعوامل مسببة للمرض؟9'"). 

بخلاف بائع الكتبء كان الزهرى التناسلى بالنسبة للمؤلفين الملهمين والمحتكرين 
لخشب الجواياك أيضا هو استنزاف مالى لبعض شرائح الطبقات الدنيا الذين 
يمارسون الرعاية الصحية. ومن المحتمل أن الأطباء الحقيقيين كانوا قلقين من 
أن علاجاتهم كانت غير فعالة, وفى بعض الأحيان مهلكة؛ فاتجهوا لإرسال المرضى 
الذين فحصوهم إلى حلاقى الصحة. وفى لندن تشكلت شركة من حلاقى الصحة فى 
عام .١]٠‏ 


(*) جايوس بللينى: كاتب رومانى 7١‏ - ذلام مؤلف دائرة المعارف التاريخ الطبيعى . 


326 


داخل العاصمة الإنجليزية وفى معظم المدن القارية الكبيرة. كانت محلات 
حلاقى الصحة مراكز للنزعة الاجتماعية الذكرية. عرف كل واحد على درجة من 
الأفمية أن كل معاق ذى وجه أجرب كان عفنئًا يجب تجنبه؛, بينما الرجل الحسن المظهر 
والمهندم جيدا وذو الجلد النظيف واللحية المنسقة حديثا يمكن الوثوق به بوضوح. 
ويمجرد أن يجد رجل صغير نفسه قريبا من المدينة فى موقف غير ملائم؛ يأخذ نفسه 
إلى الحلاق. وبينما هى هناك ربما يعطى لمحة بأن عنده قرحة زهرى ويسأل عن علاج. 
وتؤكد الأدلة الإنجليزية الباقية بأن معظم حلاقى الصحة كانوا يوصون بدواء يحتوى 
على زئبق.!"") 
عرف القليل جدا عن ترتيبات قامت بها النساءء ولكن على ما يبدى أن الزوجات 
اللاتى أصين بالزهرى عن طريق أزواجهن (أو من الخادم الصبى) لجأن فى البداية 
إلى شخص ف الكوارجنكن الوفق ةمكل إحري الفابلوت الحليات من الحتمل 
غالبا أن القابلة الواعية توصى بإجهاض المرأة الحامل فى أسرع وقت ممكنء عالمة 
بأنه إذا حدث ذلك قبل التقدم فى الحمل؛ فإنها تكون قادرة على إنجاب الأطفال فى 
المستقبل. لكن كان توافر القابلات الموثوق بهن يختلف كثيرا من مجتمع إلى آخر. وفى 
كثير من الأراضى الألمانية» شجعتهن سلطة الرجل على الاستمرارء بينما فى انجلترا 
وفرنسا ابتهجت السلطة بتدمير استقلالهن. أحد الأسباب» هو أن أباء المدينة كان 
يحدوهم الأمل فى تحويل مركز القابلة إلى حرفة مناسبة للذكور(؛'). وهكذا فقد كان 
من غير المستحب كثيرا أن يقع أى مولّد ذكر فرنسى فى صعوبات من النوع الذى 
يهدم حرفة القابلة فى دوردوجون عام 14174. وقد اتهمت واحدة منهن بتمرير مرض 
الزهرى المصابة به عن عمد إلى عشر من مريضاتها اللاتى بدورهن أصبن بالعدوى 
تسعة أزواج وعشرة أطفالء وقد قررت المحكمة أنها مذئبة وحكم عليها بالسجن 
فين 


حتى عام 65 عندما ابتكر باول إيرليش دواء السلفرسان (علاج ليس له تاثير 
قوى ولكنه خال من الزئبق)؛ كان الرجال المهذبون المصابون بالزهرى على استعداد 


327 


للدفع بسخاء. مدركين فى الغالب أن العلاجات التى يقدمها حلاقى الصحة كانت 
عديمة الجدوى. ورغبة منهم فى عدم التخلى عن الأملء ريما اتجهوا إلى الممارسين غير 
المنتظمين. الذين زعموا أنهم قادرون على علاج المرض دون أن يسيبوا أعراضا 
يمكن أن تنبه قرينة المريض أو المستخدم أو الأصدقاء أو الأحباء أنه كان يتلقى دورة 
علاجية بالرئيق. 

واحدة من هؤلاء المتاجرين فى الخوف هى لا دام ليسادر من نانس. مثل الآلاف 
من نوعها فى بداية القرن التاسع عشر فى فرنساء وضعت إعلانا زعمت فيه "أنها قد 
اكتسبت أعلى شهرة فى علاج الأمراض التناسلية؛ وتعتقد أنها قد تخذل الإنسانية إذا 
لم تبلغ قاطنى الحى بنجاحها فى الطب.' وزعمت ليسادر أن علاجها لم يحتو على 
زئيق» وأعراضه المعروفة هى سيلان فى اللعاب, وخلخلة فى الأسنان: وسقوط الشعر, 
وعلى هذا فإنه يمكن أن تتناوله المرضعات والحوامل أو أى شخص أخر فى أى وقت 
وفى أى مكان. وقد نصحت زيائنها المحتملين بأنهم يمكن أن يجدوها فى الدور الأول 
مقابل الدرج بمتزل بيسون فى منطقة آليه دى بولانجرء وكانت تقول بثقة ' إن السرية 
المطلقة مكفولة"9 '). وفى لندن؛ خلال نفس الفترة. كان هناك مشعوذ يطلق على نفسه 
الدكتور ريفرز ادعى أنه يملك علاجا أكيدا لداء الزهرى. وكان ريفرز, ولنسمه هكذاء 
قد أذاع أنه يمكن العثور عليه فى جولدن بول عند محكمة الملوك الثلائة فى لادجيت 
هل؛ حيث كان يضع ضوءًا أمام باب منزله فى المساء.("؟) 

أخذ الزئبق اسمه؛ لمحاسن الصدفء من اسم إلهة الرومان للتجارة. وكعلاج 
للزهرى يجب حكه كمرهم أو ابتلاعه. وفى هذا الوقتء يوضع المريض فى حمام بخار 
أى يغطى بيطانيات ثقيلة. هذه الطريقة وضعت على أساس نظرية الأخلاط التى مفادها 
أن المرض السام يمكن طرده خارج الجسم بالبخار. وأضيف لهذه النظرية الهلينستية 
- العربية ملحقا مسيحيا بأن العذاب الموجع الذى يسببه العلاج, مع تكاليفه العالية, 
هى كفارة جزئية للخطيئة. وتعتبر الدورة العلاجية بالزئيق فعالة إذا تأكلت اللثة 
وسقطت الأسنان. كان سقوط رموش العين والشعر واللحية يلاحظ بشكل شائع: 


326 


والذى ريما يقسر لماذا كان الرجال الأقوياء فى القرن السابع عشر يلجاون لارتداء 
اللحى والشعر الطويل لإظهار خلوهم من الزهرى» حتى تطلبت موضة التنكر لحقيقة 
المرض استعمال الشعر المستعار المغبر. يناسب ذلككء أن المرايا التى يهندم أمامها 
رجال القرن الثامن عشر ذوو الشعر المستعار أنفسهم؛ كانت تصنع من زجاجٍ مغطى 
بالزئبق. (54) 


التغيرات فى النزعة الاجتماعية من عام ١48٠‏ م إلى عام ١16١م‏ 


تزامن اكتشاف الشاحبة اللولبية لأوريا مصادفة, مع تقلص الحالة الاجتماعية 
غير التقليدية. مثل الغياب المؤقت للإجبار الدينى الضخم الذى كان يمارس فى معظم 
القرون قبل القرن العشرين. وخلال هذه الحقبة القصيرة من الانفتاح (والتى 
استمرت فقط من عام ١50١‏ إلى عام .)١54٠‏ كان حكام المدن مثل ديجون 
وأوجسبرج ومئات عديدة من الأماكن الحضرية قادرين على احترام حرمة مجتمعاتهم 
الصغيرة كوحدات عضوية كاملة. بطريقة شبيهة بالجسم البشرى, افترضوا أن كل 
شقمن مقيم له فون يعتاننت مع خط متلالثة,:وحالتة الأجتدا عبة ومجسومته الفطرية: 
وتأثير النجوم عليه. وكجزء من خطتهم من أجل حياة منظمة جداء أنشأوا أماكن 
خاصة للمتعة الحسية.(3') 

يأتى إلينا المسح المختصر عن التقاليد الأخلاقية حول عام 111١‏ فى المقدمة 
بوجود حمامات البخار العامة. خلال هذا العصر الذهبى جذبت الحمامات التى تدار 
عن طريق البلديات: رعايا الجامعة من الباحثين والطلبة؛ والحرفيين المحترمين 
وزوجاتهم والأطفال. وفى جنيفء أو آنتويرب» أو ليون» كان يجتمع هناك بعد الظهر 
شبكة من الأصدقاء المتزوجين وغير المتزوجين الذكور والإناث. وهم عراة للاغتسال 
والنقاش والمرح. وحيث إن هذه الحمامات لم تكن مسورة بالكامل, فإن العامة فى 
الخارج كانوا يستطيعون رؤية ما يحدث. ويعد عام ١591‏ كان الإغراء الذى تقدمه 


329 


مزايا هذا النظام للأزواج واضحا؛ فرجل يرى أنه مصاب فى أجزاء خاصة من جسمه 
ليس مناسبا بصراحة للزواج. ولا أن يزور بيوت الدعارة. 

فى عشية كارثئة الزهرى المنتظر حدوثهاء فى عشرات من المدن التى يتعدى 
سكانها ٠‏ ..4-...5 نسمة:؛ كانت العاهرات يشبعن رغبة نزلاء بيوت الدعارة المحلية. 
وطبقا للنظرية الاجتماعية السائدة فى القرن الخامس عشرء فإن هؤلاء النسوة قد 
أبقين فى متناول اليد لتوفير متنفس مشروع للطاقات الجنسية للذكور المبتدئين 
الوافدين الجدد إلى المدينة, والرجال المسافرين الذين جاءوا لإنهاء تدريبهم المهنى. 
وفى داجون ومدن أخرىء وفى بورجاندى القديمة كانت العاهرات يجندن الفتيات من 
العائلات الفقيرة- وفى بعض الأحيان اللاتى اغتصين بواسطة العصابات فى منازل 
آبائهن لتضعهن فى حرفتهن - المعروفة لدى الجميع وليست تهديدا لأحد. وفى مكان 
آخر؛ كما فى أوجسبيرج وسيفلء كانت العاهرات فى العادة من فتيات الريف اللاتى 
عرف مجندوهن أنه ليست لديهن قوة لعداء عائلى لحمايتهن. ولضمان أن يعرف 
الرجال أن العاهرات هن ملكية عامة متاحة لأى أحد حسب الطلبء كان يطلب من 
الفتيات ارتداء شريط أصفرء أو قلنسوة حمراءء أو أية علامات أخرى مميزة عندما 
يسرن فى المدينة. وأية فتاة تحاول الاستحواذ على الأولوية على أخرى بالنسية لأى 
عميل فإنها تغرم من قبل القيّم على بيت الدعارة. وبمرور الوقت فإن خصومات من هذا 
النوع ربما قاقت ما تكسبه الفتاة من خدمة أربعة أى خمسة رجال يوميا (:؟) 

اعتبرت العاهرات حتى هذا الوقت من الموارد المدنية للمدينة. ويالكتابة عن 
الأراضى الألمانية, فقد لاحظ ليندال روير أن حاكما عظيما - مثل الإمبراطور 
ماكسميليان - وحاشيته كانوا يمارسون عادة دعوة أعضاء مجلس المدينة لقضاء 
أمسية فى بيت الدعارة. خلال أغسطس فى ورمز عام ١590‏ أبلغ ماكسميليان مجلس 
البرلمان أن داء الزهرى الجديد هى عقاب من الرب بسبب لعنة الكفرء ولم يؤكد أية 
علاقة بين المرض والعاهرات. ويالمثل, فى لندن كان هناك الكثير من بيوت الدعارة 
الراقية على أراضى ساوثوورك يملكها أسقف وينشيستر. فى هذه الأماكن الممتعة كان 


2330 


من المتوقع تسلية السفراء الأجانب والزائرين المهمين الآخرين على حساب كبار 
المتودديت (11). 

فى داخل الطائفة, كانت التساء الخليعات اللاتى ترعاهن المحليات لهن دور 
معروف فى مناسيات خاصة أخرىء مثل احتفالات الزواج لأعضاء نقابات الصناعة. 
وقد جرت العادة أن تمسك العاهرات بالعريس ثم يسمحن لعروسه بتحريره كتعبير 
رمزى على مروره من حالة الشياب الطائش وقضاء الليالى فى الخارج فى بيوت 
الدعارة إلى الزواج المحتر.!"'). 
الضخم من ناحية تأثير الرجل على المرأة. يسيب ثروات الأرستقراطيين الكهول التى 
شكن. أنءترثها أراطهم حقوة امال أو الوجال فى سن متقدمة الذين يختارون أن 
أدرك ذوى اللحى الرمادية الذين يبلغون من العمر ما بين الأريعين والخمسين الذين قد 
يفطسون مرتين أو ثلانًا فى حوض النساء الصالحات للزواج أن من مصلحتهم أن 
يتيحوا للشباب الفتى مراكز للاختلاط الاجتماعى الجنسى حتى يمكن استنفاد 
انفعالاتهم وأيضا تحييدها. وطيقا لهذه الحسايات الحذرة: فقد كان ينظر إليه كعمل 
يو مناسين إذا وحد الرتجال المتزؤحؤق أو الكهنة يزورون يطو الدغارة أكان من هر 
النساء وشين بالرجال المنحرفين إلى مجلس المدينة. 

وفى العقد السابق مباشرة لظهور المرض التناسلى الجديد حوالى عام 2١555‏ 
كان المد قد انقلب ضد بيوت الدعارة التى ترعاها المحليات وحمامات البخار. ومن بين 
الضغوط الجديدة غير المباشرة المتصلة بالأمراض التذاسلية, كان النمى السريع 
للسكان فى المناطق القروية التى تتعافى من التفشى السايق للطاعون الدملى. وقد 


33/ 


اتجه الأبناء الصغار إلى الخروج من قراهم الأصلية يسبب تصميم الآباء على تسليم 
مزرعة العائلة إلى الابن الأكبرء واتجهوا إلى المدينة للبحث عن عمل. وعندما أصبحوا 
هناك: على الرغم من استعدادهم المبدئى للعمل بأجور منخفضة:؛ فغاليا ما كانوا 
يواجهون صعوية فى إنهاء مقابلاتهم وإخراج إحباطهم فى بيوت الدعارة. وبدأت 
المشاجرات بالسكاكين بين القادمين الجدد ذوى الأجور المنخفضة وبين شبان المدينة 
المقيمين تجعل الأمسيات أقل بهجة. 

وقد قادت الهجرة المنفلتة أيضا لزيادة التصرفات الخشنة ضد الأصحاء الذين 
يتسولون الصدقات. وبالعمل جنبا إلى جنب مع العوامل الأخرى؛ فقد مكنت هذه 
التصرفات من إعادة تكوين الرهيان والكهان لتحرير أنفسهم من نظرة العالم الحيادية 
للمساعدة الذاتية عن طريق العمل الصالح التى فرضها عليهم العلمانيون فى السابق. 
ويتصميم على إعادة تأكيد سلطتهمء فقد أصبحوا أكثر صخبا فى استنكار الشهوة, 
والجشع, والرذيلة9*). 

ويتبنى نبرة انتقاد تختلف قليلا فقط. كثف الإنسانيون: أصوات النهضة 
العلمانية» من حملتهم فى تثقيف نوع جديد من الحكام من النوع الذى اعتقدوه بالخطأ 
أنه كان نموذجيا فى عهد الإمبراطورية الرومانية القديمة - المتعلمين المطلعين 
تاريخيا الورعين والمهذبين المتعفقين والمتحضرين. بالرغم من تقليدهم غير الواضح, لم 
يستطع الإنسانيون إلا أن يلاحظوا أن العديد من الحاشية الذين كانوا فى التدريب قد 
ماتوا بسبب ما اعتبر مرضا جنسيًا. كان أحد المتوفين الشبان لورانزى» دوق أربينى. 
وياتباع العادة قفز لورانزى على سرير الزوجية فى حضور أصدقائه وقد لوحظ أن 
على أرجله دمامل غريبة ويثورًا . وقد توفيت زوجته مادالينا بعد ذلك أثناء الولادة 
لطفلهما الوحيدء بعد إصابتها بالعدوى عن جهلء؛ وهكذا ذهبت الشائعة عن إصابة 
لورائزى بالمرض الفرنسىء وقد توفى لورانزو نفسه فى عام ١619‏ عن عمر يناهز 
السابعة والعشرين (8*). 


زف 
ريا 
نا 


وهكذا بعد يوليى ١44٠‏ عندما تفرق جيش المرتزقة التابع لهنرى الثامن أخذين 
أجزاءهم المصابة إلى أركان أوريا الأربعة» واجه أصحاب حمامات البخار وحراس 
بيوت الدعارة إدراكا عاما متناميا عن أشكال المرض الجديدة؛ الجسدية والغيبية. وعلى 
المستوى الجسدى كان ما أطلق عليه ديزيديرياس إيراسموس من روتردام وأصدقائه 
من الإنسانيين "الطاعون الجديد". وهى يكتب فى عام ١017‏ عن التدهور الشديد فى 
حمامات البخار فى الجزء الذى يعيش فيه من أورباء لاحظ إيراسموس (وهى فى بداية 
الستينيات من عمره) "فى خلال الخمسة وعشرين عاما الماضية: لم يكن هناك أكثر من 
الشائع (أى الزهرى) فى برابانت» واليوم لا يوجد شىء فقد علمنا الطاعون الجديد 
كيف نتفاداه'4*9). على المستوى الغيبى؛ واجه أصحاب حمامات اليخار المزعجون 
الفكرة التى نشرها الأطباء والتى تأثرت بتعاليم الإسبان المسيطرين أن السباحة فى 
الماء تفتح مسامًا فى الجلد لأخطار الأشياء التى تنتقل عن طريق الهواء التى 
(أى محتمل أنها) يمكن أن تسيب الموت أى المرض. وفى الريف. كان الفلاحون 
المتسخون يعرفون هذا دائما. 
تزامن إغلاق حمامات البخار ما بين عام ١6٠١‏ وعام ١6٠١‏ على أساس صحى 
(هكذا فسر) مع إغلاق بيوت الدعارة المنظمة التى تديرها المحليات. ولكن فى هذا 
الموضوع, فالنظر إلى الصحة الجسدية يبدو أنه جاء تاليا لاعتبارات المواطنين 
الروحية. بداية فى الأراضى الألمانية مع مارتن لوثر فى عام ١١2١‏ ويعد ذلك فى 
فرنسا وسويسرا مع جون كالفن» تحول الإصلاح الدينى البروتستانتى والكاثوليكى 
إلى فيضان. 
والحط من قدر الكنيسة القديمة فى النظام الإقليمى فقد استخدم المصلحون 
البروتستانت ذوو التعليم الجامعى الصور الجنسية الخيالية الخام. وبالمقارنة الصريحة 
بين بابا روما وعاهرة كبرى مصابة بالزهرى فى بابليون (كما طردها مارتن لوثر قى 
الإنجيل الألمانى) فقد تم تمثيل الدين القديم على أنه بغيض وفاسد وغير أخلاقى. 
ولتوضيح النقطة بأمثلة محلية: فقد ندد الخطاب بالكهنة الذين كان شائُعا توجههم إلى 


333 


بيوت الدعارة فى المدينة على الرغم من تعهدهم بالعفة. وقد استغل المصلحون الفرصة 
بذكر أن توماس أكويناس (المتوفى عام 77/5١))؛‏ أعظم علماء الدين فى الكنسية القديمة 
بالعصور الوسطىء قد وافق على الدعارة العامة. وقد شبهها القديس توماس ببئر 
مرحاض فى قصرء كجزء أساسى من التكوينات9 ؟). 

وهكذا أغلقت بيوت الدعارة؛ من ناحية؛ لأنهم لم يتقبلوا الأفكار الإصلاحية لما 
يمكن أن يجاز فى مجتمع منظم سليم؛ ومن ناحية أخرى؛ كما فى زويكاى فى مارس 
العاهرات"9'*). وحالما يغلقون بيوت الدعارة فى المدينة فإن الحكام يصرون على إبقائها 
مغلقة حتى يثبتوا استقامتهم. وفى زويكاو فى عام :١505١‏ أفاد الحكام أن الوعاظ 
كانوا يتهمونهم غالبا بأنهم السيب فى جلد الفقراء للمخالفات الأخلاقية ولكنهم 
يحكمون بالغرامة البسيطة على الرجال الأغنياء الذين ارتكبوا نفس المخالفة. إذا علموا 
أن أرستقراطيا غنيا كان يدير بيت دعارة مربحا بطريقة ماكرة. كانوا يتهربون 
من العقوية المثالية. وجلد السيد جورج فيرمان وأجبر على الكشف عن شركائه 
فى امتلاك بيت الدعارة المتدنى - أيا كانت اعتبارات وضهه - ويعد ذلك تم إرسالهم 
إلى المنف (4؟), 

فى لندنء الجزء الأول من شاطيئ؛ الجزيرة التى تعرضت تماما لإعادة تفسير جون 
كالفن لكلمة الله, لاحظ المصلحون فى بداية عام ١06١‏ أن بيوت الدعارة الوحيدة 
المجازة كانت تدار بواسطة مكتب إدارة الملكية التابع لأسقف وينشسترء ستيفين 
جاردنار. وبين عامى ٠و١‏ ولكمهه١‏ ساعد تفس الأسقف ملكته الكاثوليكية مارى 
تودرء فى حرق أكثر من ٠٠١‏ شهيد بروتستانتى. وبعد موت مارى وبعد تولى أختها 
غير الشقيقة الداهية اليزابيث, فإن المصلحين البروتستانتيين الحاقدين ضاعفوا من 
جهودهم لإصلاح اليشر. ويدأوا بحراس بيوت الدعارة والعاهرات. غير مرتدعين 
بمناصرى الدعارة من رجال الحاشية الكبار الذين هددوا بالانتقام؛ وفى عام ١١74‏ 
قامت السلطات فى لندن بإغلاق بيوت الدعارة فى ممتلكات أسقف وينشيستر فى 


334 


الضفة الجنوبية للشاطئ ويعد سنوات قليلة وضعت محكمة أخلاق خاصة؛ محكمة 
بريدول؛ بخطى سريعة فى العمل. 

ويربط نفسها بالموجة الأخلاقية, فقد ساعد هذا فى ظهورها إلى حيز الوجود؛ 
وبعد عام ١١17‏ ضربت الكنيسة الكاثوليكية بقوة على الجنس خارج الزواج. وفى 
إسبانياء تم تشجيع الجيران للإدلاء بالمعلومات لعملاء محاكم التفتيش حتى يمكن 
تعقب المجرمين وإصلاحهم. وفى طليطلة جرت حملات معارضة شرسة ضد الدعارة 
ما بين عامى 5لاواو .ا6٠1,‏ وما بين عامى ١168١‏ و ١58868‏ وما بين عامى ١١١١اى‏ 
٠6‏ . وفى خلال هذه السنوات, تمت حملات مماثلة فى سيفيلء بوابة الدخول إلى 
أمريكا (:8). 

بتلخيص القيم الأخلاقية الجديدة التى تناولت الفروق بين الجنسين وعالم "اللولبية 
الشاحبة "؛ فلنبدأ بأفكار المصلحين عن الذكور. إذاء كما أشار مبدئيا رجال دين ذوو 
تعليم جامعى؛ فإن الأشخاص العاديين يستطيعونء من خلال مراقبة النقفس» وقراءة 
الكتاب المقدس والصلاة أن يحوزوا كل الفضائل التى تفتقدها النساء (النساء طبيعيا 
حمقى). ومن الواضح أنهم لن يكونوا فى حاجة إلى العاهرات أو لأى أشكال بديلة من 
الجنس. ومن الواضح أنه تبعا لذلك : ففى العشرة أو الخمسة عشر عاما قبل أن 
يصبح الرجل فى مركز مالى يؤهله للزواج: يجب أن يظل أعزب مثل ما كان المسيح. 
أعاد الجيل الأول من المصلحين تفسير النصوص المقدسة لإثبات أن الله قصد أن 
جميع الرجال يقبلون حالة الزواج كقاعدة سلوك. وبالإشارة إلى الوصية التى قيل إنها 
نزلت فى سيناء. "أطع أباك” » تم تنبيه الأبناء إلى نصيحة الأبوين بالحفاظ على 
النظافة الأخلاقية؛ وعند اختيار زوجاتهم (01). 

لم تكن الكنيسة الكاثوليكية قد هزمت من الهراطقة البروتستانت والتى اعتزمت 
على استعادة أوربا كلها منهم. فشرعت فى الإبحار فى الرياح . فقد مال المجمع 
الكنسى فى ترينت ناحية تدعيم سلطة أبوية أكبر فى مواضيع الزواج. لفرض 


300 


سيطرتها على الآباء. استعملت الكنيسة ما كان أساسيا أداة جديدة: الاعترافات وجها 
لوجه بين من يعترف بالندم والكاهن ('*). 

وبالنسبة للنساءء لم يكن هناك الكثير فى الإصلاح الدينى لمن أردن الحفاظ على 
مجال منقصل خاص بهن. فى الأراضى البروتستانتية ألغيت الوظائف المهمة للراهيات 
غير المتزوجات. ومعها الاعتقاد بان المرأة تستطيع خدمة المسيح بشكل نافع 
بانسحابها من مرافقة الرجال: أو فى الحقيقة بالخدمة بأية قدرة مستقلة أيا كانت. 
وفى الأراضى الكاثوليكية, باتباع نصائح القديس شاراز بوروميو من ميلانى. قام 
الإصلاحيون بجعل الأوامر الدينية للنساء تحت سيطرة الأساقفة. وامتدت سيطرة 
الأساقفة لتتحكم فى نشاط القابلات. 


بالبناء على الأفكار الأرسطوطاليسية والأفلاطونية والتى تتخلص فى أن التساء 
أدنى أخلاقيا وعقليا وجسديا من الرجالء فقد اعتبر المذهبيون فى الكنيستين 
الكاثوليكية والبروتستانتية (مشاركين خلفاءهم العلماتيين فى القرن التاسع عشر) أن 
جميع بنات أكلة التفاحة 'حواء' هن عاهرات محتملات:؛ ويهذا فاللاتى ينجن هذا 
الاستعداد هن قوى مسئولة أساسيا عن انتشار الزهرىل0”*). وقد ضبط مارتن لوثر 
الإيقاع عندما اندفع ضد 'المميت والرث والعفن والكريه والمصابين بداء الزهرى 
(العاهرات) .... اللاتى يستطعن إعطاء مرضهن إلى عشرة أو عشرين أو ثلاثين أو 
أكثر من الناس الطيبين"7**). وفكرة أن الرجال كانوا مستضيفين لداء الزهرى بنفس 
القدر يبدى أنها لم تدخل أيبدا فى عقل هذا المصلح. 

تبعا للنماذج الجديدة للجنسء لم تعد العاهرات ينظر إليهن كتابعات للتاج فى 
المدينة المحكومة على نحو لائق كما حدث مبكرا فى تسعينيات القرن الخامس عشرء 
بدلا من ذلك اعتيرن كمجرمات حقيرات. والآن استمرت الدعارة فى الوجودء لسبب 
واحد وهو احتياج الفتيات الفقيرات إلى المال. وفى المدن الكبرى» فالعاهرة العادية 
التى تستطيع أن تبعد عن ظهرها القوادين الطفيليين يمكن أن تكسب فى الليلة قدر ما 
تكسبه فى العمل الشاق كخادمة عند عائلة محترمة من المواطنين (**). وليس أقل 


336 


أهمية, فقد استمرت أيضا الدعارة الحضرية لأن الزبائن كانوا دائما فى متناول اليد. 
وقد عرفت السلطات المدنية والعسكرية منذ وقت طويلء أنه عندما يستقر الجنود فى 
مكان» فإن بيوت الدعارة هى أسهل الطرق لإيقائهم بعيدا عن ضرر أسوأ. مثل حرق 
قرى ريفية لمجرد الاستمتاع بعد الظهر وقد خدمت بيوت الدعارة أيضا احتياجات 
الرجال الريفيين الشبان الذين أتوا حديثا إلى المدينة» لإثبات استقلاليتهم التى وجدوها 
حديثاء وليس لأنهم فضلوا أن يفعلوا شيئًا سوف يعتيره آباؤهم ورجال الدين عند 
عودتهم قذرًا ونسشيةا: 

بعد أن أكلت نيران بركان الإصلاحات الدينية نفسها بانتهاء حرب الثلاثين عاما 
فى عام 1448١؛‏ استمرت أفكار متقدمة عن الإصلاح الأخلاقى والحاجة إلى اليقظة 
على الدوام ضد "الشهوة الجنسية الشديدة'» ويالأخص فى المدن. وفى الريف قإن 
كبار اسن من الفلاحين استمروا فى الاختيار الانتقائى بين ما يجب امتصاصه مما 
تعلمه المدينة وما يتم تجاهله. والآن» يبدى أنهم إلى حد بعيد أحبوا العقائد الجديدة 
الواردة » وهى أن الوالدين يجب أن يختارا من ومتى يتزوج ذريتهم؛ خاصة أنها كانت 
فى الواقع نفس الفكرة التى كان الرجال الريفيون يعملون بها!'*). ومع هذه المرحلة 
الحاسمة الحضرية الإصلاحية الجديدة وأفكار الريفيين الأكبر سناء انفتح الطريق 
لظهور شكل جديد من التسلط الجنسى. 


المنافسة على السيطرة 


بدءا من البدايات الصغيرة فى سويسرا بين عام ١119٠‏ إلى عام ,17٠٠١‏ والتى 
نمت فى عام ١7٠١‏ إلى النضج الكامل فى كتابات طبيب سويسرى اعتبر أحد 
المؤيدين للتنويرء أدت المعلومة الزائفة عن سطحية الأرض للقلة المتعلمة إلى فكرة 
أنه من الأفضل أن يتجه الرجل إلى عاهرة بدلا من الارتياح بمفرده بمزاولة 
العادة السرية. 


337 


مازالت المعلومات التفصيلية حول تبعات هذا الكشف عن مرض الزهرى؛ متناثرة 
نوعًا ماء بالإضافة إلى ذلك ربما يكون هذا مما أعطى اكتشاف جون جرانت عن إنه 
تقريبا تخف لمرض شائع ومنتشر. ومع ذلك, فالتقصى فى الماضى يثبت أن هناك آلاقًا 
من الشبان يصابون بالياس من التفريج الجنسىء لكن يفزعون من حيرتهم مما يقوله 
العلماء غير المؤيدين لفكرة العادة السرية من النتائج الرهيبة لهذا الفعل الفردى؛ مما 
قد يسوقهم مجبرين إلى أحضان العاهرات. ويما أن بكتيريا هذا المرض لا تستطيع 
أن تعيش أكثر من دقائق خارج الجسم البشرى - سواء كان جسم امرأة عاهرة 
أى رجل زان - ويتبع ذلك سيل من العوائل الآخرينء إن الحملة ضد العادة السرية قد 
ساهمت فى الحفاظ على “تكاثر" اللولبية الشاحبة؛ فدعنا نتحقق كيف ظهر هذا الموقف 
إلى حيز الوجود. 

فى تسعينيات القرن السايع عشرء ادعى رجل دين سويسرى يدعى جان فردريك 
اوستروالد. وهى يكتب عن تقاليد التقوى فى كتابه "اعتبار طبيعة عدم الطهارة” أنه 
بدون تنظيم ذاتى فى الأمور الجنسية؛ من المحتمل أن الشخص الصغير سوف ينمو 
ليصبح مسرفا عديم النفع لله والإنسان. وانتقده فى عام ١٠7١م‏ معارض مجهول 
للعادة السرية لأنه لم يسم صراحة “عدم الطهارة" فى عنوانه. كان أوستروالد واحدا 
من كثير من الرجال الصالحين المهتمين بمستقبل سويسرا بعدما قطع الاتحاد 
السويسرى علاقته مع الإمبراطورية الألمانية . مع هذا التطور السياسى » أصبحت 
فرص العمل فى مهنة الجنود المرتزقة (الأبناء غير المرغوب فيهم فى القرى) متضائلة. 
وطبقا لهذاء بالنسبة إلى رجل الدين أوستروالدء فإن الطريق الوحيد المشبقى هو 
الانضباط الشديد والسيطرة على النفس. بتفسير ذلك من وجهة نظر المصطلحات 
الجنسية: هذا يعنى أنه حتى يحين وقت الزواج للرجل البالغ لا ينبغى له أن يمارس 
العادة السرية أى أى نوع من النشاط الجنسى الآخر("”0). 

من بين المؤيدين المتعلمين للتقاليد العظيمة » أوستروالد» وما يقوله كان جديدا 
بالضرورة. طبقا للنص الكلاسيكى لجالينوسء فى العالم الإغريقى البسيط القديم؛ فقد 


338 


تعلم الشباب الصغير البرىء كيف يمارسون العادة السرية بواسطة هرمس (وهو 
الإله الإغريقى المشابه للاله الرومانى عطارد) متأثرين جِرئيا بهذه السابقة؛ اعتيرت 
الكنيسة المسيحية فى العصور الوسطى العادة السرية مجرد خطية صغيرة. حتى 
القرن السادس عهر كان الكثيرمن:الآباء لا يرون هذا الفمل بهة» الصورة. كين 
جابريل فاللوييو» كمتخصص فى علم التشريح والجنس» (اشتقت من اسمه أنابيب 
فالوب) (*) فنصح الآباء بأن يعدوا أبناء هم لمسئوليات مرحلة النضج ليكون أيا لأطفال 
بأن يسحبوا بأيديهم على العضى الذكرى للأطفال حتى يصبح قويا وطويلا. وفى بلاط 
الملك الفرتسبى هترى الخاسن كان أصدقاء الملك يسلون أنفسهم بتقؤية ولس العضبو 
الذكرى للطفل دوفين بهذه الطريقة. وفى عام ١197‏ مثل الدكتور نيكولاس فانتى من لا 
روشيلء وهو مؤلف كتاب "المرشد العام للجنس' الفروق الجنسية بالادعاء بأن الرجل 
الأغزب يمكنه تفريغ كيس الحيوانات المنونة لديه فى الوقت الذى يختارة: بينما المرأة 
تثقل بالعصائر الجنسية القديمة المتعبة والتى لا تستطيع تفريغها بنفسها**). 
ولتأسيس كيفية ظهور الحملة ضد العادة السرية إلى حيز الوجود (من أجل 
النصر العظيم للولبية الشاحية) يجب ألا يتغاضى القرد عن الضغوط التى تبدأ على 
مسكوى القن د وحعموهها فد التاطق التى ارحققها كالم الكالكدة فالاطلياء عير 
المنتظمين الذين يستطيعون التحدث مع الأفراد المحليين يلهجتهم المحلية كانوا يعرفون 
بسرعة أن كبار القرويين راغبون فى إظهار تقديرهم الأخلاقى بالبحث علانية فى 
الفشل الجنسى للشبان . ومع بيع هذه النشرات التى توزع باليد والموجهة ضد سوء 
الاستخدام الذاتئ (غادة تلضق على رَْجَاجَة تهتوى على عقار سريع): كان الأطباء 
غير المنتظمين يعانون سلبيا بالمقارنة مع المشرفين الصحيين. كيفما كتب الأطباء غير 
المنتظمين قبل تحركهم كانت مساألة ضربة واحدة ليس من المحتمل أن يتقبلها الأطباء 
المتعلمون المحليون كمعلومات لها قيمة يجب تمريرها لزيائنهم. على كل الأحوال؛ هذا 


(») أنابيب فالوب: تصل ما بين غدة المبيض والرحم فى التجويف البطنى. 


539 


الموقف كان سيتغير تماما لى أن المؤلف المعارض للعادة السرية أظهر بطريقة شرعية 


ورسمية أنه فرد مؤهل طبيا وذو سمعة حسنة (51). 


فى عام ١7٠١٠١‏ نشر ( د. بكرز) وهو ألمانى أى من أصل هولندى والذى كان 
فيما يبدو جراحًا من سويسرا - منشورًا غير موقع عرف بالإنجليزية (02018ه) 
أ "الخطيئة الشنيعة للتلوث الذاتى وجميع عواقيها المخيفة ‏ فى كلا الجنسين آخذا 
بالاعتبار النصيحة الروحية والطبيعية إلى هؤلاء , الذين هم بالفعل قد آذو أنقسهم 
بهذه الممارسات البغيضة. والنصيحة الملائمة لشباب الأمة (من كل من الجنسين) , 
ولهؤلاء الذين كان تعليمهم تحت سلطة الآباء, الأوصياء. السادة أو السيدات فى 
المجتمع'. ('') ويستشهد الكاتب 'بطبيعة عدم الطهارة" ( لاوستروالد) لكى ينقده 
لفشله فى تسمية العادة السرية بالاسم. 

ويشير العنوان (0883813) إلى سقفر التكوين فى العهد القديم الإاصحاح 58 فى 
الآية رقم 4 والذى فيه أونان إما يمارس العادة السرية وإما ينسحب قبل حدوث 
القذف. فى أثناء تجهيز وإعداد الشرق الأوسط القديم عندما كان شعب الله المختار 
قليلا فى العدد ومحاطا من كل جهة بقبائل وثنية سريعة التوالدء فإن ممارسة الرجل 
برمى السائل المنوى على الأرض بدون أن يستخدمه فى تخصيب رحم يهودية كان 
يعتير تمردا على الله. 

لهذا كان "د. بكرن" مترددا فى تعريف نفسه بالاسم ( ربما لأنه كان خائفا من 
أن يعتبره زبائنه شخصا خليعا ويذهبون لأخذ التصائح من مكان آخر)» وفى النسخة 
الإنجليزية أراد أن يكون معروفا أنه ربما قد يتعاقد مع دار مستر كروش فى لندن 
لبيع الكتب . بجنيه إنجليزى: يرسل للنادمين من ممارسة العادة السرية دواء بهذه 
القيمة عن طريق البريد, وهؤلاء الذين كانوا يحتاجون إلى مشورة شخصية حول 
مشكلاتهم ينصحون بإفادة أقرب جراح لهم وشرح قضيتهم, الذى إذا كان رجلا ذكيا 
(مثل ما كان حلاقى الصحة الحقيقيون) ربما يفعل هذا بتلميحات قليلة جدا .(") أثبت 


2140 


98 نجاحا شعبياء وطيع منه تسع عشرة طبعة؛ كل منها يحتوى على خطايات 
أكثر تفيد أنها من ممارسين نادمين للعادة السرية. 

فى عام ١757‏ بعد أربعين سنة من إدخال د. بكرز موضوع العادة السرية فى 
المناقشات الطبية, ظهر س. أ. أ. د. تيسوت؛ وهى طبيب مدرب جيدا وعضى فى جمعية 
الطب الفيزيائى فى بازلء كان قد أعلن فى رسالة علمية عرفت كذلك باسم 088818 أن 
هنالك رجالاً من طبقته هم الآن راضون تماما عن إعلان أمور خاصة بالحالة الجنسية 
للرجل. واعيا بالمؤهفلات الدراسية؛ نشر تيسوت فى اليداية عمله باللغة اللاتينية . وقد 
ظهرت ترجمة ياللغة الفرنسية فى عام ١11١‏ (مرت بصعويات كثيرة مع مراقب القصر 
الملكى الفرنسى).؛ وقد تبع ذلك ترجمات باللغات الألمانية والإيطالية. وبعد ذلك, ظهرت 
إصدارات جديدة باللفة الإنجليزية (بعنوان: الأونانمية :08388158) أو بحث عن الخلل 
الذى يحدث بواسطة العادة السرية؛ أو الأخطار الجانبية فى سرية وكثرة الانغفماس 
فى الملذات الجنسية؛ وهذه صدرت فى تتابع سريع . وريما إلى وقتنا هذا سيظل أهم 
وأغزر كتاب فى الحملة الطبية الاجتماعية ضد العادة السرية. ومازالت طبعة فرنسية 
وافية من هذا الكتاب توجه إلى الآباء نشرت فى عام )1(.1991١‏ 


ولفهم لماذا هاجم الدكتور تيسوت ما أعتبره ممارسة "غير طبيعية" والذى أثيت 
أنه مقنع حتى للبالغين المتعلمين فى البحث عن سلطة على الآخرين. يتجه المؤرخ أولا 
إلى الوسط أو الظرف الذى أنتج فيه. ففى فرنساء كان أحد عناصر هذه الظروف هو 
مذهب المركانتيليه (التجارية) وما يتضمنه من ثبات عدد السكان. فهنا حيث ينمو 
رعايا الملك ببطء أكثر من الممالك المنافسة, فإن ممارسة الجنس بطريقة فردية والذى 
لن يؤدى إلى زدادة عدد السكان ينظر إليه بأنه قعل ضد المجتمع. وبيدون شك ما أسهم 
فى شعبية هذا الكتاب هى التغيرات الأخيرة التى قد حدثت فى هيكل العائلات 
البرجوازى. ومع نمى الملكية الفردية وتنامى النظرة الداخلية للإنسان, احتاج الهيكل 
السائد للأسرة الممتدة إلى تعضيد. وفى مهاجمة ممارسة العادة السرية من قبل 
أبنائهم استخدم الآباء من الطبقة البرجوازية أداة منظمة جديدة باهرة "). وعندما 


5341 


أصبحت هذه الأداة شاحذة تماما (فى العصر الفيكتورى): فإن الآباء الذين كانوا 
يؤمئنون بالطب نصحوا بأن يظهروا للولد الصبى الذى يمارس العادة السرية سكينة 
حامية جدا لكى يظهر له واضحا أن حِرْءًا من عضوه الذكرى المسىء ممكن أن يقطع 
عند رغبة أبيه(؟"). 

يعتبر تيسوت, هو مبتكر الضرية القوية للسلطة الطبية فى العادة السرية » فقد 
ربط بين نظرتينء النظرة اللافوتية الدينية التى لم تكن قد ماتت بعد والنظرة الطبية 
العلمانية الصاعدة والتى تشكلت جزئيا فقط. وقد ولد بخليج دى فى الذى يتكلم 
الفرنسية عام 2١178‏ وقد كان ابنًا لقس من أتباع الكلفينية وزوجته المولودة فى 
جنيف. بعد ما درس الفلسفة فى جنيفء اختار تيسوت الصغير عن عمد مهنة الطب - 
وقد تدرب فى مونبيلييه - مفضلا ذلك على الدراسة الدينية» مدعيا أنه يرى فى دراسة 
الطب الطريق لمساعدة الفقراء لكى يعيشوا عيشة أفضل . وقد كانت أول وظيفة 
مدفوعة الأجر له كطبيب لجماعة فقيرة ومحترمة فى لوزان . ويعد ذلك درس فى جامعة 
بافيا حيث كان الأداة هنالك لتجهيز واحدة من أضخم العيادات التى تم تسليط الضوء 
عليها بواسطة ميشيل فوكوه والتى فيها تمت ولادة الطب الحديث!؟'). 

يرى كاتب محدث لسيرة تيسوت, أنه محسن أبوى فى أحسن تقاليد عصر 
التنوير"". وكان مقبولاً جدا له؛ أن يرى مهمته هى تحدى الناس 'لكى يحسنوا 
صحتهم بالفهم الصحيح لعلم الصحة تحت إرشاد الطبيب"'). وإلى هذه النهاية, 
نشر كتايه "نصيحة إلى الناس عامة بالأخذ بعين الاعتبار الاهتمام بصحتهه". 
وسرعان ما ترجم هذا الكتاب إلى اثنتى عشرة لغة أوربية . وفيها عرف تيسوت نفسه 
كطبيب تقدمى يكتب لمصلحة جميع ممارسى الطب فى البلد والعلمانيين المثقفين الذين 
يطلبون نصيحة مهنية عندما يهاجمهم المرض» عن الأدوية القديمة المكروهة التى كانت 
تأخذ من الدجالين ). ويبدو من المحتمل جدا أن الأطباء وثقوا بالنصيحة الطبية 
واعتبروها دليلاً عمليًا عصرياء وقد كانوا أيضا مقتنعين بقبول الصحة والحكمة لكل ما 
يقوله تيسوت عن العواقب الرهيبة للعادة السرية. 


2142 


بعض من الأفكار المنافسة التى قد واجهت مفهوم الأونانمية لتيسوت فى وطنه 
سويسرا يمكن معرفتها فى الثبذة الدينية المنافسة "ضد العادة السرية" والتى نشرت 
فى لوزان عام ١7٠١‏ بواسطة شخص ذى دافع دينى والذى لقب نفسه بى. دى تيوت 
دى مامبرينى . وقد استشهد ماميرينى بما جاء فى الكناب المقدس عن مدينتى سدوم 
وعمورة وقام بتحذير الرجال الصغار: “لا تفرطوا فى السر المخفى فى قوة شبابكم. 
وأنصتوا ليسوع المسيح مخلصكم: من أجل مسيحكم قاوموا الغواية . مستخدما 
الآيات الإنجيلية المماثلة التى تدعم رأيه ناشد الآباء لكى يضبطوا أيناءهم من جهة 
العادة السرية, "هذا الوياء اللعين الذى يفوق فى الفسق الزنا فى البساطة والفعل 
الطبيعى19). 

من جانبه, تجاهل “تيسوت” كطبيب مدرب فى كتابه "الأونانمية” التداعيات الدينية 
لمسألة العادة السرية. و بدلا من ذلك, عندما عرض ما ادعى أنه تداعيات ممارسة 
الجنس المنفرد, فقد ركز بشدة على ما كتبه د. بكرز منذ أربعين عاما مضت. وطبقا 
للنشرة المبكرة. تعوق العادة السرية النمى عند الشباب وقد تسبب مرض السيلان» 
وتقود إلى نويات من الغثيان والصرعء: وتضعف السائل المنوى للرجل الذى يحتاجه 
من أجل الإنجابء فإذا كان هنالك رجل متزوج مارس فى شبايه العادة السرية 
ويستطيع أن يهيج عضوه الذكرى للوصول إلى حالة الانتصاب؛ فمن المحتمل أن يكون 
الأطفال المولودون نتيجة لهذه الممارسة ضعفاء جدا بحيث “يكونون بائسين بالنسبة 
لأنفسهم . وعارا على الجنس البشرى؛ وفضيحة بالنسبة لوالديهم"(:"). 

وفى قدرته كطبيب تعلم فى الجامعة . وحول الشيىء الوحيد الواقعى الجديد الذى 
أسهم به الدكتور تيسوت فى مجال البحث فى موضوع العادة السرية كان داعما 
للفكرة القديمة؛ المشتقة من هيبوقراط التى تقول بما إنه هنالك اتصال مباشر بين 
إمداد الدم وإمداد السائل المنوى» فربما قد تضعف العادة السرية غزارة الدم مما 
يؤدى إلى "نقص ملحوظ فى القوة وفى الذاكرة وحتى فى الفهم... أعضاء التناسل 
تصبح ضعيفة (وقد يتضمن هذا أعراضا كثيرة أخرى) مثل حدوث دم فى البول» 


2103 


وفقدان للشهية, وصداع فى الرأس". ومن هنا تحدث فظائع أخرى'"). وكثير من 
الأمراض الأخرى الرهيبة قد تتبع ذلك. 
بمجرد ظهور الطبعة الأولى لكتاب "الأونانمية” لتيسوت ألقى كاتب بارز آخر بكل 

ثقله وانضم للحملة ضد العادة السرية » وقد كان هذا الكاتب هو جان جاك روسو, 
وهى من أعظم الفلاسقة تأثيرا. ولقد كان من نشاطاته الكثيرة الأخرى (إيجاد آباء 
للأطفال؛ الذين تم حبسهم ونسيانهم فى الملاجئ). وقد كان روسى مهتما بتعريف ما 
يعتبر بالجنس غير الطبيعى . فى عمله (إيمل عام :)١7567‏ وهى بحث فى تنشئة 
الأطفال قرأه كل واحد فى العالم المعاصرء حذر روسو المعلمين الذين يتولون مسئولية 
المراهقين بالحاجة إلى : 

الرقابة بعناية على الشاب الصغير حتى يستطيع أن يحمى نفسه 

من جميع الخطايا الأخرى» واكن يجب عليك أن تحميه من نفسه. 

لا تتركه بمفرده ليلا أو نهاراء أو على الأقل شاركه فى غرفته » 

لا تتركه يذهب إلى فراشه إلا إذا كان يغلبه النعاس الشديد. 

واجعله يقوم من فراشه بمجرد أن يستيقظ من النوم ... فريما 

يكون من الأمر الخطير لى تعلم بالغريزة أن يسىء استعمال 

أحاسيسه , فلى حتى لمرة واحدة اكتسب هذه العادة سوف 

يُدمر. من هذا الوقت فصاعدا سوف يصيب الوهن النفس 

والجسد: فسوف يحمل إلى القبر التأثيرات الحزينة لهذه العادة : 

وهى أكثر عادة مميتة ممكن أن يتعلمها ويفعلها ويكتسبها 

شاب09, 

فى الطبعة المبكرة باللغة الإنجليزية لكتاب الأونانمية. اقتبس تيسوت تحذيرات 

روسو كلمة كلمة. ولكن فى سياق اجتماعى عندما بدأ التخصص المهنى فى الظهور, 
فقد كان هناك فرق عظيم بين ملاحظات النشرة المجانية حول العادة السرية بواسطة 


244 


شخص متعلم مشهورء ويين الأحكام المدروسة لأحد أهم الأطباء الملتخصصين فى 
عصر التنويرا"", 

لهؤلاء الذين أعدوا لقبول نموذج العلم الزائف الذى من خلاله يعملون. أثيت 
تيسوت أن هناك فرقًا رئيسيًا بين الجنس المنفرد وبين فعل الزنى مع الجنس الآخر. 
ففى حالة الزنى ٠‏ فإن النشوة المتبادلة ( اللذة) هى فعل سام من المشاركة الاجتماعية, 
يعطى للطرفين الفرصة فى استعادة ما قد يدمر فى نظام الدورة الدموية . كما علق 
بذكاء, 'فواحد يأخذ ما ينفثه الآخر". ومن الناحية الأخرى, فإن اليد المنفردة فى 
الجنس تقلل من مخزون سوائل الجسم ولا تعيد أى شىء بدلا منه. وياتباع هذا المنطق - 
فإن هناك طريقًا مشكوكا فيه لن يسلكه أى خبير فى عصرنا هذا - فقد نصح 
تيسوت يأن "العادة السرية مؤذية أكثر من الإفراط فى ممارسة الجنس مع 
النساء9*"). وفى عجالة؛ ريما يبدو أنه عند هذا العضو فى الحركة الطبية التنويرية , 
ليس أقل من معاصره فى كوزان مشغول البال يالكتاب المقدس (بى. دى تيوت دى 
مامبرينى)؛ من الأفضل جدا المخاطرة بالإصابة بمرض الالتهاب البولى (الزهرى ) عن 
ممارسة العادة السرية(""). 


بعد مرور قرن من الزمان بعد وفاة تيسوت فى عام 1741 » فإن تفضيل الجنس 
مع عاهرة أكثر من الاستمتاع المنفرد تم قبوله من قبل العاملين المتخصصين فى مجال 
الصحة كقاعدة طبية صحيحة. يتذكر أحد الرجال الذين أصيبوا بالزهرى؛ حول 
النصيحة التى أعطيت له فى ستينيات القرن التاسع عشر أنه: 
نصحنى الطبيب بشدة بضرورة التوقف عن العادة السرية. وقد 
اقترح على منازل معينة ريما قد ألتقى فيها بسيدات من الطبقة 
الراقية... كشر أقل من مخاطر الأمراض التى تجلبها العادة 
السرية. 
بتلخيص القليل عن الموقف الذى عرف فى انتجلترا فى العصر الفيكتورىء فقد 
استنتج مايكل ماسون أن المعتقد المعروف تقريبا فى كل العالم أن العادة السرية شر 


2305 


وغير صحية "يبدو من المحتمل أن هناك الكثير من أماكن الاستشارات التى كان ينظر 
فيها إلى العلاقات مع العاهرات والغوانى بطيبة نفس", ومؤخرا فى عام ١؟19؛‏ ادعى 
الطبيب جى شارسلى ماكوود أن حركة الطهارة الأخلاقية (والتى وجهت ضد الجنس 
قبل الزواج) وارتكبت “"جرائم شنيعة فى حق الإنسانية بواسطة إخافة الشبان 
الصغار من مخاطر مرض الزهرى فجعلتهم يتجهون إلى رياضة أكثر بشاعة وهى 
ممارسة العادة السرية!/"), 

فى خلال المد الأول لقيم العصر القيكتورى ؛ شن نظار المدارس بإنجلترا » وهم 
جماعة أخرى من المهنيين من ذوى الاتجاهات السلطوية؛ حملات مناهضة للعادة 
السرية فى المدارس العامة (والمدارس الخاصة) . بعد مرور عشرين عاما - وتزامنا 
مع تأسيس أول تخصص لعلم الأمراض الجلدية وعلم الزهرى بواسطة الفرنسيين فى 
عام 1414 - تصاعدت حركة البحث عن ممارسى العادة السرية فى المدارس إلى 
درجة كبيرة. وبعد هذاء فى غرف تغيير الملايس لحكام الإمبراطورية المحتملين» دارت 
الشائعات بحرية حول معاقبة ممارسى العادة السرية؛ وذلك بإخصائهم أى بختانهم أو 
حجزهم فى ملاجئ المجانين. بعد عام 1417٠‏ ويعد إنشاء المدارس الداخلية الإجبارية 
على مستوى المرحلة الابتدائية للتلاميذ البريطانيين» بدأت أيضا إشاعة خصى الأولاد 
تنتشر بين تلاميذ المدارس. وبعد الفشل التقريبى لحركة مناصرة الرجولة فى إنجلترا 
بين عامى 1107-1899 فى أثناء حرب البوير. وسعت كثيرا من الشخصيات ذات 
النفوذ فى إنجلترا جبهة حملتها ضد العادة السرية. وعلى هذا وفى كتب الجيب 
النموذجية للكشافة الأطفال المستخدمة فى بداية الربع الأول من القرن العشرين: ادعى 
رويرت بادن باول أن العادة السرية "تجلب معها ضعف الرأس والقلب والبلاهة 
والجنون إذا استمرت". لا يحتاج الطفل كثيرا من التخيل ليضيف, تبعا لتعاليم رئيس 
الكلية الملكية للأطباء. جوناثان هيتشسون. 'والحذر من مشرط الجراح"') [قطع 
العضو الذكرى للطفل: ت]. 


3246 


فى مصر المحتلة عام 1847:, كان الأطباء العاملون فى قوة الاحتلال البريطانى 
قد صرحوا أن العادة السرية قد تسبب التراكوماء وهو مرض خطير فى العيون 
الذى يمكن أن يؤدى إلى العمى . ففى أثناء وجود روبرت كوخ فى الإسكندرية عام 
1847 لدراسة وياء الكوليراء سرعان ما اهتم بهذا الخيال. بوضع صديد عينة 
عشوائية من عيون مرضى بالتراكوما تحت الميكروسكوبء اكتشف عصويات كوخ 
- ويكس كهعامل مسبب لهذا المرض. ولكن لا يبدو أن مكتشف العلم الحديث قد بذل 
أى مجهود لتغيير هذه التصورات الفضولية حول العادة السرية الموروثة من حركة 
التنوير. ففى أواخر عام 1499 ردد طبيب متخصص فى وطنه ألمانيا وهو هريمان 
ريهودلر برهانا علميا ليثبيت أن العادة السرية لها تأثيرات طبية خطيرة على الجهاز 
العصبى المركزى!؟"). 

فى تقييمه لهذه الأشياء. كتب ميشيل فوكوه عن استخدام المعرفة المتخصصة 
كجزء من أليات القوة 'والنقطة التى تصل عندها القوة إلى عمق كل فردء تلامس 
أجسادهم, وتثبت نفسها فى أعمالهم وتوجهاتهم ومناقشاتهم وعملية التعلم لديهم, 
وحياة كل يوم"7:*). هذا الوصول إلى عمق كل فردء لا يحدث كله مرة واحدة, ولكن 
بوضوح تم هذا بين خمسينيات وستينيات القرن التاسع عشر . 

فى مقالة حديثة بعنوان "حرم بواسطة الربء مكروه بواسطة الرجال: ممارسة 
العادة السرية وتحذيرات طبية؛ وذعر أخلاقى ورجولى فى بريطانيا العظمى -١186٠‏ 
-'” ناقشت ليسلى هول الأساليب التى بها تؤثر مباشرة أعمال هذه الحملة على 
الرجال العاديين. كقاعدة لبياناتهاء استخدمت هول المراسلات المرسلة بين عامى 
1908-4من ممارسى العادة السرية المستهجنين المرعويين إلى مارى ستويس, 
وهى محررة للكتب الجنسية ذات المبيعات الأعلى؛ ولهذا كانت هذه المراسلات اختيارا 
ذاتيا وليس بالضرورة عينة عشوائية نموذجية للطبقة الوسطى والعاملة من الذكور فى 
المجتمع البريطاني, ويستطيع الفرد أن يزعم أن هذه المراسلات كانت تشكل موقفا 
عاما. وقد لخص خطاب واحد المعضلة التى واجهت العديد من الرجال الذين كانوا 


247 


مصابين باللولبية الشاحبة: "قبل ما أتزوج كنت متعودا على ممارسة جماع جنسى 
ثلاث أو أربع مرات فى ليلة واحدة, مرتين أو ثلاث مرات أسبوعيا مع بنات مخنلفات 
بأمل أن أشفى نفسى من العادة السرية ولكن كان كل هذا بلا فائدة(1*), فى أثناء 
هذه العقود اتتشرت اللولبية الشاحبة بشكل واسع لم يحدث من قبل. ومشبعين 
بالعدوى: أخذ ممارسو العادة السرية المذعورون من بين آخرين يبحثون عن علاج. 
فى بريطانيا وقبل الحرب العالمية الأولى: تم تلخيص فكر طبى للطبيب إيوان 

بلوش فى نشرة بعنوان: الحياة الجنسية فى وقتنا وعلاقتها بالحضارة الحديثة؛ والتى 
ترجمت حديثًا عن الألمانية. وهنا دعا بلوش إلى الانفتاح فى الفهم لحياة الإنسان 
الجنسية لكى لا يجد الشبان أنفسهم مرضى بسبب جهلهم. ولم يكن عند الأطباء 
الإنجليز الملتخصصين أى من هذا. فقد كانوا يكتيون بأسماء غير معروفة فى 
الدورية المحترمة: طب المناطق الحارة وعلم الصحة وذلك فى عام »15١4‏ وقد استنتج 
صاحب العرض: 

هذه النوعية من الكتب لا تفعل أى شىء حسن عندما تقع فى 

أيدى الناس وهى محل تساؤل. والمشكلة التى يجب أن تُبحث هى 

فى الحقيقة كيف نمنع العادة السرية خلال السنوات التى تلى 

البلوغ, والسبل التى تمنع الشبان من التعايش مع العاهرات. 

وهذه فعلا مشاكل صحية واقعية ذات أهمية قومية وعنصرية. 

ففى بريطانيا (فى تناقض مفترض مع ألمانيا القيصرية) نحن 

نحاول أن نتعامل مع المشكلة الأولى بتشجيع الرياضيين 

والرياضة فى المدرسة وفى الحياة الجامعية .... لتعليم الشاب 

الصغير كيف يفتخر بهيئته وبإنجازاته البدنية وذلك بتحويل 

انتباهه من انشغاله بوظائفه الجنسية لكى يقضل الحالة البدنية 

الرافضة لهيمنة الجنس.... المؤلفات المتصلة بالأمور الجنسية 

بالطبع لها سوق كبير , وإكننا منعناها مؤخرا حتى فى 

المراحيض العامة. 


20468 


الخلاصة:؛ استنتج الناقد ان كتاب بلوش (الحياة الجنسية فى وقتنا هذا ...” هو 
مؤلف خبيث)9'*). الإسهامات الأخرى فى هذا الخطاب والتى فضلت اللولبية الشاحبة 
كانت محاضرات مثل تلك التى تم إلقاؤها فى مدرسة لندن للطب الاستوائى فى ربيع 
عام 1901 وقد ذكرت الآتي: 
إن الاقتراح الذى يجب محادثة الشبان الصغار حوله هى معنى 
وخطورة الجماع المختلط والتاثير الشنيع لاكتساب الزفرى تم 
رادع6, 


المتخصصين. أصيحوا شركاء لعدة سئوات أخرى. 


اللولبية الشاحبة وصعود مجتمع الجماهير 


تمكبره نا بيدأت الكملة الأورتة حافضة العادة الستزية فى العمل فى مظحنة 
مرض اللولبية الشاحبة؛ كذلك أيضا كانت فورة القرن التاسع عشر فى عدد البشر. 
وحتى هذا الوقت لم يكن العالم معتادا على الانفجار السكاتى, ويدأ انفجار بعض 
مناظق فى الغالم كجرسن إنذار قنوى:.مشل ما 'حدت فى إتحلترا وفى الأراضتى 


تضاعف لمرة ثانية عام ١٠4١إلى‏ عدد 8, ١‏ مليونًا: أربع مرات عما كان موجودًا 
عام 18٠٠١,‏ كان الوضع فى الأراضى الألمانية الأكثر تمثيلاً لغرب أوريا بصفة عامة, 
فبين عام ١18.٠١‏ والحرب العالمية الأولى تزايد عدد السكان إلى /55٠‏ بزيادة 
عامة و,مه مليوئا. فى السويد بعدد سكان ه6.,ه مليوئًا فى عام 116١‏ زادت على 
مدى السنوات التسعين السابقة بنسبة تمائل تلك التى حدثت فى الأراضى الألمانية 
فى الجنوب (4*). ٠‏ 


5349 


كان ملازما لانتشار اللولبية الشاحبة خلال قرن امتد من ١8١6‏ - 1515, كون 
الحروب بين الدول الأوربية على فترات قصيرة: وكان الجنود المهاجمون نادرين 
نسبياء ونسبة من عدد السكان قد قطعت روابطها مع الشبكة المستقرة من كيار السن 
وأولاد الأعمام فى المجتمعات القروية لتصبح من سكان المدن. فى الإمبراطورية 
الألمانية لم يكن حتى عام ٠184؛‏ عندما زاد عدد سكان المدن على سكان القرى. حتى 
الآن. بمجرد أن اختل التوازن؛ أصبح التغيير سريعا. بحلول عام ١514‏ كانت 
برلين بعدد ».,١‏ مليون من القاطنينء, وهاميورج بعدد ١.١‏ مليونء ومليون آخر 
بمجموع مدن وادى الرور. بحلول عام ,١5٠١‏ كان هناك ”5 مكانًا حضريا بكل 
أورباء كل واحد يزيد على أكثر من نصف مليون. إذا خمنا أن بحدود 7/2٠١‏ من هذا 
العدد يوون البكتريا اللولبية (لوجود الوصمة المرتبطة بالزفرىء استمر المرض قليل 
التبليغ عنه بدرجة كبيرة) يصل العدد إلى ؟,١‏ مليون حالة. مستودع كبير الحجم 
جدًا للمرض (0*). 

فى بريطانيا التى توقعت خلال نصف قرن انهيار تمدن ألمانيا (مبكرا بعام ١801‏ 
عاش أكثر من نصف عدد السكان البريطانيين فى المدن)؛ كان الثمن الاجتماعى 
للاتجاه نحو المدن مرتفعا بالأخص يسبب الأفكار (المشاريع) الحرةء حول المياه 
النظيفة؛ والتخلص من النفايات»؛ والمميزات الأساسية المشايهة للمدن: كانت فرص 
الحياة لصغار الريفيين غير المؤهلين الذين نزحوا إلى المدينة فقيرة أكثر من تلك 
الموجودة فى المناطق الريفية. ففى أحسن الأماكن 'للأراضى الخضراء الجميلة' فى 
ريف الجنوب الغربى» وفى الجنوب ووسط البلاد: التى تم مسحها فى منتصف القرن 
أظهر توقع الحياة منذ وقت الميلاد حوالى خمسين سنة. فى المقابل» فى مدن على درجة 
كبيرة من التحضر مثل مانشستر ونيوكاسل ويرمنجهام وليفريول وبريستول وداخل 
لندن. كان عمر الفرد أقل من 5٠6‏ سنة. من ناحية مصطلحات الفهم الإنسانى 
والاستجابة لتهديد المرض الجنسى ربما يعنى هذا أن شبان الطبقة العاملة الذين 


افترض أنهم قد يموتون فى عمر مبكر من مرض السل أو أى مرض حضرى آخر. 


23530 


قبل الزواج أى خارجه(!*). 


بين الطبقة الراقية البريطانية التى أيدت تعاليم هريرت سبنسرء ومن يعده علماء 
الاجتماع الدارويني؛ كانت أرقام توقع عمر الأشخاص بين الجموع الغفيرة للعامة فى 
المدن أقل تأثيرا فى الأهمية من التقارير الدورية عن التجنيد فى الجيش. ففى أثناء 
الحرب الكريمية!*) من عام ١804‏ إلى عام 18607: رفض الخبراء الطبيون "4/ من 
مجندى سكان المدن باعتبارهم غير لائقين طبياءبينما قد رفضوا /1١‏ من سكان 
الريف فقطء وفى أثناء نصف القرن التالى؛ بتسارع خطى الحياة المدنية و تأثير 
أصحاب رؤوس الأموال والفكر الرأسمالى وانتشار هذا الفكر بسرعة شديدة» تدهورت 
بشدة التقارير الطبية عن حالة الرجال فى إنجلترا. 

فبين عامى ١107-١497‏ أظهرت إحضائيات الجيش أن نسبة 57,5/ من 
العدد الإجمالى القومى للمتطوعين قد أصبحوا غير لائقين طبيا. ما كان نذيرًا يخافه 
الكثيرون أصبح معيارا للمستقبل. وجدت نسب رفض عالية جدا فى المراكز الصناعية 
الرئيسية أكثر من سكان الريف. ففى مانشستر (وكان ينظر لها على إنها نموذج 
لحياة المدينة الصناعية) فى بداية حرب البوير فى عام ١895‏ كان 757/ من المتطوعين 
( تم استبعادهم من )١١٠٠١‏ قد تم اعتبارهم غير لائقين طبيا تماما للخدمة 
العسكرية. مما أعطى المراقبين ذوى المستوى العالى سببا لدق جرس الإنذار أن 
المجندين» الذين ربما يتوقع المرء أن يكون لديهم فكرة عن كيف تبدى الحالة الصحية 
للرجال البريطانيين قد قبلوا بالفعل كعينات نموذجية للرجولة؛ مثل شيان مانشستر 
الذين رقضهم الأطباء فيما بعد “غير صالحين للمشى”". أكدت أيضا توقعات قائمة على 
الإحصائيات أن الأمة فى تدهور. فى عام ١48465‏ كان ٠١١6‏ من كل ٠٠٠١‏ رجل 


(*) نشبت الحرب فى كريميا ١48605(‏ -1801) بين روسيا من جانب وفرنسا وبريطانيا وتركيا وسردينيا من 
جانب آخر. 


353/ 


لا يستطيعون أن يصلوا إلى القامة المطلوية للطول للدخول للجيشء. خمسة أقدام وست 
بوصات . وقد كان هذا رديئا إلى درجة كافية . ومع ذلك فى عام 11٠١‏ كان هناك 
زيادة فى عدد الرجال الذين قد توقفوا عن النمى إلى خمسة أضعاف , مع 10 من 
كل ٠٠٠١‏ فشلوا فى احتياجات الجيش. ففى الوقت الذى كان فيه السياسيون 
والرأسماليون فى لندن مؤسسى الإمبراطورية البيضاء الحاكمة التى لا تغرب عنها 
الشمسء كان واضحا أن عدد السكان فى أراضى البلد الأم يتجه إلى نوع ما من 
التدهور العرقى. 

وما هى أسوأ من هذا كان التدهور العرقى الذى لم يكن سرا معروفا فقط 
للأعضاء فى اللجنة الخاصة لمجلس شورى الملك التى شكلت لدراسة الحالة الصحية 
العرقية؛ ويدلا من هذا كانت هذه الدراسة جرءًا من الحقيقة الواقعية الظاهرة جدا 
والتى كان يراها كل العالم. ففى أثناء حرب اليوير عندما كان صحفيون ممثلون 
لصحافة العالم موجودين مع القوة. كان رجال ضخام وطوال من مزارعى البوير 
يواجهون المجندين البريطانيين والذين كان طولهم أقل من خمسة أقدام فى الطول 
ويزنون أقل من ٠٠١‏ رطل. مواجهين بهذا العرض المحرج لقواتهم من الأقزام؛ تحدث 
بصراحة أكثر وأكثر علماء الاجتماع الداروينى: وعلماء تحسين النسلء والمعنيون 
بالقضايا العامة حول الكفاءة والرجولة وحاجة المراهقين البريطانيين إلى الحفاظ على 
إمكانياتهم العرقية نظيفة ("*), 

فى العقود الستة التالية لعام »1466٠‏ التى ابتدع فيها المفكرون ومعلمى المدارس 
والصحفيون العاملون فى الصحف الصقراء أسطورة القومية لكى تحل محل الولاء 
المحلى؛ كانت الطبقات السياسية لكل دولة عاقدة النية على مواجهة مرض الزهرى 
بطريقتها الخاصة. حتى الآن» خوفا من احتمال تقصيرها فى مواجهة المرض الذى 
مازال الأطباء الملتخصصون فى حيرة من أمره؛ وكل بلد كانت تنظر باهتمام بالغ إلى 
إجراءات السيطرة على الأمراض التناسلية التى تم تبينها فى البلاد المجاورة. من أهم 


352 


هذه التبادلات كانت التطورات التى حدثت فى فرنساء وهى البلد التى كانت منذ عصر 
الملك لويس السادس عشر واضعة خطى التقدم لأوريا. 
ومع ذلك كان يوجد تناقض. فقرنسا التى أظهرت للعالم كله كيفية الإطاحة بنظام 
حكم سياسى قديمء كانت فى عام 1410 مازال يسودها مجتمع زراعى. على الرغم 
من أن البلاط والعاصمة كانا يتألقان ببهرحة مبتذلة؛ كانت فرنسا تتباهى بالعدد القليل 
من المدن ذات النموذج الصناعى الحديث (كما فى ألمانيا). كانت فرنسا تحتوى على 
قليل من المدن الكبيرة الضخمة - باريس كانت تحتوى على ما يقرب من " ملايين 
نسمة؛ وكان فى كل من ليون ومرسيليا نصف مليون نسمة - ولكن ليس قبل عام 
١‏ أصبح أكثر من نصف عدد السكان فى فرنسا يعيشون فى المدن. 
على المستوى القومى؛ وزيادة على ذلكء كان المخططون الفرنسيون منزعجين من 
عدم رغبة - وعدم استطاعة السكان العاديين إقامة نسل بنسبة تقارن بأمم البلاد 
المنافسة. ففى عام ١494‏ اشتكى خبين قائلا: 
ضاعفت البلاد الأخرى عدد سكانها بنسبة جيدة: فقد ضاعفت 
ألمانيا عدد سكانها فى 94 عاماء السويد فى 87 عاماء 
الداتمراك فى #الاعاماء إنجلترا فى ؟ عاماء النمسا فى ؟1" 
عاماء النرويج فى 0١‏ عاماء ولكن فى فرنسا لمضاعفة عدد 
السكان يجب علينا انتظار 5 عام (لة), 
أظهرت المصادر الأخرى أن بين عامى ١911١-١4841١‏ (حينما كان معظم 
الفلاحين القرويين قد تحولوا فى النهاية من سكان محليين إلى سكان قوميين 
فرنسيين) كان معدل متوسط النمو السكانى هو /٠ ,١‏ فقط فى العام, بالمقارنة ١7‏ 
فى ألمانيا ١.١‏ فى إنجلترا و ويلز. ويعبارات أخرى كانت فرنسا تتوسع بأقل من عشر 
معدل منافسيها. ولهذا ريما لعبت اللولبية الشاحبة دورا فى هذا كله (الأطفال الذين 
قد تم إجهاضهم أو الذين ولدوا ميتين ؛ والأمهات العقيمات بسبب المرض)» وعلى 


3533 


المستوى البشرى كان يبدى أن البالغين الفرنسيين لم يكن لديهم الرغبة فى خدمة بلدهم 
بتكوين أسر كبيرة ليخدموا كعمالة رخيصة فى مصانع الغزل والنسيج: أى يعد عام 
فى الجزائرء أى كمشغلين للمدافع فى صراعات الأسر الحاكمة كما حدث فى 
الحرب الألمانية الفرنسية . 

على أية حالء كان النمى السكانى القليل فى فرنسا الذى لا يتماشى مع النمو 
السكانى للمنافسين هو الذى أدى إلى ظهور هستريا التفرقة بين العلم والعلم الزائف 
حول الزهرى لأول مرة يعد عامى ١486.‏ - .187. خلال فاعلية المؤتمر الدولى الذى 
عقد فى باريس فى عام 1844» وفى بروكسل فى عام ١8494‏ وقفى عام 5١15؛‏ وفى 
باريس مرة أخرى فى عام ,١1519‏ هذا الجدل الذى أطلقته فرنسا تخلل التفكير الطبى 
فى العالم الغريى(8"). 

كما قد ذكرنا المؤرخ إليان كورين, إنه حتى منتصف خمسينيات القرن التاسع 
عشرء كان المحترمون من البرجوازيين فى فرنسا يمكنهم الادعاء أن ممارسة اليغاء 
(والتى يصحبها الزهرى) كانت مشكلة تواجه جماعات اجتماعية تختلف عنهم (). 
ويهذا المفهوم؛ فإن نوعية الرجال التى تقتضى حاجاتهم الجنسية ممارسة الدعارة 
كانوا عابرين: إما من الجنود من سكان المدن الذين يمارسون خدمة السبع سنوات, 
أى العمال من غير المتزوجين من المناطق الخارجية الذين يأتون كل مووسم إلى باريس 
للعمل ويعودون إلى قراهم. 

وللاستجابة إلى حاجات القوات المدافعة عن البلاد (كان البرجوازيون سيئو 
السمعة مشهورين بتجاهل احتياجات القرويين) قامت مؤسسة تعرف 'بالتسجيل فى 
عام 18.7 مقرها فى المدن التى بها ثكنات الجنود . وسمح هذا المشروع لأطباء 
البوليس (عادة الرجال) بالدولة يفحص أجسام العاهرات باستخدام منظار كان يعرف 
شعبيا بالعضى الذكرى للولاية, لتحديد ما إذا كن مصايات بالزهرى أم لا. وأرضى 
المشروع كبار الساسة خلال النصف الأول من القرن. 


304 


ثم بعدئذ, نتيجة لرخاء الإميراطورية الثانية» تحول الكثير والكثير من القرويين 
لكى يصبحوا باريسيين وأحضروا عشيقاتهم القرويات وزوجاتهم معهم. والذين جعلوا 
أنفسهم باريسيين يتبعون أسلوب حياة أصحاب المهن أو الطبقة البرجوازية الصغيرة؛ 
مؤلاء القاطنون الجدد فى الديتة قصيووا تصداتهم المسبية خلن الزواع) مسككوسة 
الاتصال الجنسى الخارجى المتقطع والإجهاضء والمشرويات التى تصنعها القابلات 
ليتستطروا علق الأوضاع :لم بعط هذا التمودع السلوكن المعافظ الى سين للهسثريا 
حول الزهرى. 

كنتيجة لذلك ولحركة إعادة تصميم مدينة باريس بواسطة المهندس الفرنسى 
هاوسمان ومراكز المدينة الأخرى فى الستينيات من القرن التاسع عشرء فقدت البغايا 
المسجلات الكثير من زيائنهن فى الطبقة الاجتماعية الدنيا. حلت المبانى والأماكن 
العامة مكل الممرات'المتكبابكة الخنيقة من العصدون الوسطئ والأزقة التى لس لها 
نهاية والمنازل والمبانى السكنية ذات الحجرات الرخيصة التى كان يعيش فيها 
المجاكوو والعجال ثيل ذلك ورذا عل هذا الفكول إلى الطيفة التريكواننة هرات 
البغايا المخادعات تقنياتهن التسويقية لكى يجتذبن أرياب الأسر البرجوازية. وأثبت 
الرجال البرجوازيون أنهم راغبون فى ذلك. فقد حطموا عادة الاحتفاظ يزوجة 
واحدة لقرسة الأطفال وعشيقة واحدة أ اكتين من اهل المنتن: يؤيادة العدد الذئ 
يتعاملون معه للحصول على المتعة من خلال الابتهاج مع البغايا صغيرات السن من 
الطبقة العاملة. 

أثبنتت نقاط المراجعة فى بوت الدعارة أن هولاء الزياتن الجدد نادرا'نَا 
يستخدمون الواقى الذكرى المطاطى ذا التصميم الإنجليزى الذى اخترع فى 
الأربعينيات من القرن التاسع عشرء وكذلك أيضا لم يفعل ذلك رجال الطبقة العاملة. 
ويدلا من ذلك؛ استمر كلاهما فى الاعتقاد أن الاستحمام بالماء بعد الاتصال الجنسى 
مباشرة يقتل أى ميكروب للزهرى7'"). ولم يدرك المتخصصون عبث الاعتقاد فى 
الاستحمام بالماء بعد الاتصال حتى اكتشف العلماء الألمان فى أكاديمية برلين العامل 


355 


البكتيرى المسبب للمرض عام 1500. ولكن بسبب المؤامرة الطبية بالصمت حول 
الأمراض التناسلية المقززةء ظلت هذه المعلومة مخفية بعيدا عن العامة لمدة طويلة. 
فى منتصف السبعينيات من القرن التاسع عشرء بعد أن دمر الجيش الألمانى 

الإمبراطورية الفرنسية الثانية وجلس على الخطوط الجانبية بينما كان برجوازى 
فرساى يمزقون باريس الطبقة العاملة (وصفها إميل زولا), بدأ دعاة الأخلاق 
البرجوازيون فى الربط بين البغاء والزهرى فى إيديولوجية متماسكة من الكرب 
والضيق والحسرة. فى هذاء كان القائد هو الفريد فورنييه؛ الذى سرعان ما 
اعتلى الكرسى الأول لعلم علاج الزهرى فى مستشفى سان لويس. مستخدما 
المصطلحات المهنية للعيادة - تمسك فوكوه - مواطن القرن التاسع عشرء فى وقتنا 
الحالى: بجعل فرنسا المركز الطبى للعالم - ادعى فورنييه أن المرحلة الثالثة من 
الزهرى تسبب انهيارا كاملا فى الجهاز العصبى ومعه الجنون. واندفع بفخر علم 
الأرض المسطحة ليؤكد: 

لقد ظهر من البحث الحديث أن الزهرىء بسبب عواقبه الوراثية, 

يحط و يفسد الأنواع من خلال إنتاج كائنات منحطة؛ متدهورة, 

مصابة بسوء التغذية و ناقصة. نعم ناقصة؛ يمكن أن تكون 

ناقصة جسديا أو عقلياء حسب درجة تدهورها العقلى؛ متخلفين» 

ضعيفى العقل, غير متوازنين» مجانين» ضعاف العقل أو 

05 

عبر القناة الإنجليزية قبل خبراء مثل د. س. أ.ك. ستراهان (الذى كان يعمل 

أيضا محاميا) "القريد فورنييه كواحد من أعظم المرجعيات التى يمتلكها العالم فى 
مجال الزهرى اليوم” 


وأخذ عنه أنه قد أثيت أن:- 


35 


الزهرى مسئول بشكل كبير يساعده الشرب والفقر والقذارة عن 

رواسب الإنسانية التى توجد فى الأماكن المظلمة من مراكرنا 

الكبرى للسكان, التى نجد منهاء المصاب بالسل والمصاب بداء 

التهاب العقد الليمفاوية المصاحب للسل والمصاب بالصرع 

والبغى والأحمق والسكير والمجرم بالفطرة؛ والمختل عقليا. 

بعام 11٠١‏ ادعى نجل فورنييه وخليفته فى الإعلان عن المعرفة أن كل الأمراض 
المميتة التى تعرض لها الأطفال والبالغون مثل الميل المزمن للعادة السرية والهذيان 
والسل يمكن أن تكون نتيجة الوراثة من سلف أصيب بالزهرى منذ أجيال عديدة. ويما 
أن فكرة فورنييه تقول إن الزهرى يحمل فى الحيوانات المنوية للرجل. فإن العرف 
الطبى ينصح الآن بأن تقوم المرأة قبل الزواج بدراسة صور عائلة زوجها المنتظر 
وزيارة أفراد أسرته الباقين على قيد الحياة. وهدفها هو اكتشاف ما إذا كان أى منهم 
لديه الأسنان القاطعة المجوفة التى عرفها جوناثان هيتشنسون كمؤشر مؤكد على 
وجود الزهرى؛ بالإضافة إلى الصمم والتشوهات الخلقية أى المشكلات العقلية. إذا 
أظهر أى عضو متوفى أو حى فى الأسرة دليلا على هذه الأشياءء؛ تقول الحكمة الطبية 
إنها بسبب الزهرى المتوارث. إن الأسرة التى تحمل ذلك تكون ملوثة وإذا سمح لها 
بالتوالد. فقد تعمل على انحلال السلالة العرقية الفرنسية: (؟*) 
فى الوقت الذى كان فيه الفوضويون ورجال اتحادات العمال ينظمون إضرابات 

عامة (عام 148419).؛ ويلقون قنابل على مجلس التواب (عام ”189) ويغتالون رئيس 
الجمهورية (سادى كارنوت؛ عام )١4154‏ اعتبر واضعى الإيدلوجيات الطبية أن كل 
البغايا كن منحدرات حاقدات من الخدم والعبيد السابقينء؛ وأصين البرجوازيين 
والأرستقراطيين متعمدات بالزهرىء للانتقام من الإساءات التى وجهت إلى نوعهن منذ 
عصر كلوفيس (١15؛‏ ميلادية). وأخذ المشرعون الطبيون الأخلاقيون الأفكار التى 
تولدت فى الجانب الآخر من جبال الألب على يد اليروفيسور سيزار لومبروزوء الذى 
شغل فى ثمانينيات القرن التاسع عشر كرسى الطب الشرعى فى جامعة تورين, 


357 


وتمسكوا بأن العاهرة كانت بطبيعة الحال نتاج عرق منحط - عودة لورائة الأجداد, 
للأنواع البشرية البدائية الأولى. تسببت وراثتها فى أن تصبح عاهرة ولم تكن 
بطبيعتها راغبة فى أن تعمل أى عمل شريفء كانت ذراعاها وكتفاها أقوى من ذراعى 
وكتفى المرأة العادية وصوتها عميق؛ وقدماها متكيفة للإمساك بالأشياء. ويؤدى وضع 
رجل يرجوازى وعاهرة منحطة معا فى فعل جنسى غير محمى إلى خلق عرق من 
ممارسى العادة السرية المنحطين, المصابين بالزهرى ومدمنى الكحوليات الذين يؤذنون 
بنهاية الحضارة (15). 

أصر الأطباء الفرنسيون بحسم. لمحاصرة القلق وأيضا لأمان وضسعهم؛ على 
الحفاظ على سرية الاستشارات مع العملاء. فقد تمسك عرفهم بأته لا ينيغى على طبيب 
زوج منتظر أن يخطر والد عروسه.؛ أو شقيقها أى الوصى عليها على الإطلاق بأن 
الرجل مصاب بالزهرى. وبالرغم من ذلك فقد كان مسموحا للطبيب أن يحذر الشاب - 
من أجل مصلحة عروسه - من أنه ينبغى عليه أن يؤجل الزواج لأربعة أعوام التى من 
المفترض أن يستغرقها العلاج بالزئيق ليكون له فاعلية كاملة و رفضت المهنة أن 
تسعى لاتخاذ إجراءات قانونية لمنع الشبان من أن يتسيبوا فى عدوى الشابات. 

ومما جعل الأمور أكثر سوءا أيضا كان العرف البرجوازى بأن الإنسان لا ينبغى 
عليه أن يتحدث عن المسائل الجنسية أمام سيدة على الإطلاق. ووجدت دراسة 
ل١٠٠.١١‏ خطاب تم تبادلها بين أفراد عائلة بوليى بين عامى 19720-١14177‏ عدم ذكر 
الحياة الجنسية ولا مرة واحدة علنا. يقود ذلك الواحد إلى الانتهاء إلى أنه لى كان 
الزهرى هو الطاعون الصامت بين ١497‏ -1970 , فإن عرف عدم مناقشته فى 
المجتمعات المهذبة كان المكيدة الكبرى. وكان المستفيد الوحيد من ذلك البكتريا اللولبية 
المسببة للزهرى(!"). 

وفى تحد لاحترام الطبقة البرجوازية» قام بعض المفكرين الفرنسيين متعمدين 
بنشر قدرتهم الجنسية المريضة فى الخارج. ففى عام 2141١‏ متقبلاً فتوى فورنييه بأن 
جنون المرحلة الثالثة من الزهرى يمكن أن يؤدى إلى ازدهار عبقرية كاتب مبدع, تفاخر 


336 


مؤلف القصص القصيرة النورماندى جاى دى موياسان عايثا بأنه قد نجح أخيرا فى 
أن يصاب بمرض الزهرى بدلا من مجرد السيلان. ولذلك فقد طارد العاهرات بقوة 
متجددة؛ وكان يضحك فى وجوههن وهو يخطرهن بعد انتهاء الاتصال الجنسى أنه قد 
حكم عليهن بحياة تعسة لإصابتهن بالزهرى. ومات موياسان فى مصحة عقلية عام 
١86‏ . الكاتب الآخر المصاب بالزهرى هو جوستاف دى قلوبير ( ولد عام ١؟8١)‏ 
مؤلف 'مدام دى بوفارئى' و'إغواء القديس أنطونيوس” أو "إلهام الروح". بدأ فلوبير, 
الذى كان وسيما على الطريقة النورماندية» مغامراته الجنسية فى حانة فى شارع 
خلفى خلف فندق الشرق فى القاهرة؛ على بعد ميل تقريبا من موقع كتابة هذا الكتاب. 
ويينما كان يجرى بحثا ميدانيا لوظيفته حول أبى الرهيانية الغربية (القديس 
أنطونيوس): أصاب فلويير بوقاحة عددا غير معروف من شبان الشرق الأوسط 
بالزفرى. و قد مكن المفكرين مثل فلوبيرء الذين يعملون فى تحالف غير معلن مع 
الأطباء دعاة المعرفة الزائفة / السلطة فى مستشفى سانت لويس فى باريس, اللولبية 
الشاحبة من الازدهار بشكل غير مسبوق. 

اقترح د. باينفيل من مدينة روان (المدينة الرئيسية فى الإقليم الذى أنتج موياسان 
و فلويير) تعليقا على هذا الموقف المفجع من منظور مؤتمر القاهرة لطب المناطق 
الحارة عام ,© أن تشعل النار فى أفكار فورنييه المسرحية وابنه . فطبقا لد. 
باينفيل؛ نتيجة لحملاتهما التى هنا فيها نفسيهماء تراجعت الحكومة الفرنسية عن 
إنفناء وكالة شرفتؤية مشكولة عن المتتطرة على الزفرع”أقياف الطبين أن 
استجاية الناس العاديين لما يعتقدون أته سلطة رجال طب المعرفة الزائفة كان 
تضاف أيقبا إلى إحمالى النؤين الإشناتى. قدلا ”من التو المينيين المحترفين الذين 
يدعون أنهم يعرفون كل شئ فإن الناس من كل الطبقات الذين يعانون من الزهرى 
قد لجئوا بشكل عام إلى الدجالين؛'). ومن خلال إحضار هذه الحقائق الاجتماعية إلى 
العلن» ساعد د. باينفيل أخيرا فى وضع أساس تطوير سياسات إيجابية للسيطرة 
على الزهرى. 


5359 


كان الطريق الآخر من خلال التشريع. ويالرغم من أن القوى العالمية الرئيسية قد 
رأته غير نافذ فقد استخدم أحيانا فى بعض السياسات الطرفية. على سبيل المثال» فى 
النرويج وهى ترزح تحت تبعيتها للسويد ومصممة على تنشئة أفراد وطنيين» سمحت 
السلطة التشريعية فى الستينيات من القرن التاسع عشر للحكام بسجن الناس من أى 
من الجنسين لمدة ثلاث سنوات إذا أصابوا متعمدين شريكا بالزهرى. وفى الولاية 
الأمريكية الشمالية على الجانب الآخر من المحيط الأطلنطى التى كان المهاجرون 
النرويجيون يمثلون عددا من سكانها فى الثمانينيات والتسعينيات من القرن 
التاسعء؛ كان الرجال أو النساء الذين ينقلون الزفرى متعمدين يغرمون ١٠.,؟‏ دولار 
ويسجنون لمدة سنة. كان هذا التقدير فى مينسوتا هو الأعلى المعروف فى الاتحاد 
الفيدرالى وإذا حصلء كان سيصبح أكثر من المكاسب السنوية لنجار عام مثل جدى 
النرويجى الذى هاجر لمنيسوتا (1120-18054). وفى إقليمين طرفيين آخرين» فى 
الأقاليم السويسرية الصغيرة (الكانتون) تيسين وشافهوسء خُول للحكام سلطة إلقاء 
الناس فى السجن لمدة ثلاثة شهور إذا أصابوا شريكا يريئا متعمدين بالزهري!؟"). 
وكانت السلطة تعمل فى هذه الأقاليم السويسرية الصغيرة. كما فى النرويج ومينسوتا, 
على افتراض أنه سيكون من الممكن أن يحظر الجنس قيل الزواج والزنا بعده من 
خلال التشريع وأن يؤبسس “عصر البراءة الذهبى" الذى قال عنه فورنييه فى باريس 
"أيام الزفرى أصبحت معدودة ويالرغم من نكهة المدينة الفاضلة, فقد أضعف هذا 
الجدال على الأقل من قبضة المعيار المزدوج القديم» من خلال الإصرار على معاقبة 
الرجال المخطئين والنساء المخطئات بنقس الطريقة ,)٠١١(‏ 

وعند احتفالها بالبريطانيين الذين كانوا يعيشون فى القرن الثامن عشر ويداية 
القرن التاسع عشرء اعترفت ليندا كولى أن قيود بريطانيا العظمى على النساء كانت 
أقسى من الموجودة فى معظم أجزاء العالم الأخرى. “كانت المرأة مقيدة بالزواج من 
كيان منفصل وملكية واحدة: لا يمكن أن تُعرّف المرأة على أنها مواطن ولا يمكنها على 
الإطلاق أن تنظر فى الحصول على حقوق سياسية. ٠‏ '') ولكن لم يمكن تحمل هذا 


300 


الوضع لفترة أطول. ففى ستينيات القرن التاسع عشرء أصرت مجموعة من تايعات 
الملكة فكتوريا المهذيات على فعل شىء ما نحو فرض إجراءات السيطرة على الأمراض 
التناسلية بين البفاباء فقد قذفن أنفسهن بعنف على الساحة السياسية. 


فى هذا الوقت؛: كان من الواضح للفكر اليريطانى الرسمى (الذكورى) أن السيب 
القعال فى الزهرى الوبائى يكمن فى البغايا من النساء. ولم يكن أحد يعرف عددهن. 
وكانت التقديرات فى لندن وحدها بين .٠.5,ه-,....١٠8‏ وكانت التقديرات 
المنخفضة تحسب فقط من يعملن كل الوقت ومعروفات للبولس بينما التقديرات 
المرتفعة تتضمن من يعملن بعض الوقت (اليفايا فى الخفاء). ومع ذلك فإن عدم التأكد 
من الأرقام لم يكن يمنع أى رجل نبيل يسير حول كاتدرائية سان بول أى عبر أى 
شارع رئيسى فى ويسمنيستر ذات مساء أن تجذيه جسديا أى بغى. وفى عام 218764 
سنت الحكومة البريطانية أول قانون من قانونيها المتعلقين بالأمراض التى تنتقل 
بالعدوى!"''), بسيب قلقها من التهديد الذى تمثله النساء اللاتى فى الشوارع على قوة 
الجيش البريطانى (حيث كان معدل الإصابة بالأمراض التناسلية 7م١١٠٠‏ بين 
الرجال فى الخدمة!) 


وطبقا لهذا القانون, اتباعا للفرنسيين والبلجيكيين؛ كان مطلويًا من البغايا فى 
المدن التى توجد فيها مواقع تكنات عسكرية بأن يسجلن أنفسهن لدى البوليس. كانت 
المدن المنصوص عليها تتضمن بورتسماوث (بحرية)ء وولويتش والدرشوت (جيش).» 
ويعد إصدار القانون الثانى عام 1819, فى مدن كانتريرى ووينشستر. وغابت لندن 
عن هذين القانونين» بنبلائها ورجال الدولة الذين لا يعدون ولا يحصون ويتسكعون 
ويحومون حول الثكنات والقصر. خول لدوريات شرطة الآداب فى دائرة قطرها ٠١‏ 
أميال من مراكز المدن المذكورة سلطة إلقاء القبض على أية امرأة تتسكع بشكل يثير 
الشبهات وأن يقحصصوفا بالعضو الذكرى الرسمى. وفى بريطانيا التى تحكمها 
الطبقات الاجتماعية» كانت هؤلاء النسوة المتسكعات غالبا من الطبقات الدنيا. وكانت 
النساء اللاتى يرقضن هذا الفحص المهين- وبالرغم من عدم معرفة أى شخص 


530/ 


بالجرائيم - وغير الصحى بالمرة يعتبرن مريضات وينقلن بالقوة إلى مستشفيات 
معزولة (محطات حجر صحى لأغراض معينة) وكن يعملن هناك فى غسل أغطية 
الفراش للآخرين. و فى لندن التى لا يسرى فيها نظام الإغلاق والعزل؛ كانت البغايا 
اللاتى يتمتعن بالجمال فى خطر أن يحضرن إلى نزل التبشير التى أنشاها المثاليون 
السذج المؤيدون للإصلاحات البشرية مثل ويليام إدوارد جلادستونء رئيس الوزراء 
الليبرالى الذى رأس حملة الاعتداء على مصر عام 597184485"'). 

سرعان ما فطنت النبيلات اللاتى كن يبحثن عن قضية إلى وجود قانون التسجيل 
لعام 1819-1875 الذى يعتمد على طبيعة الطبقات. واقتباسا من خبرات أمهاتهن فى 
الحملات المضادة للعبودية بين الثمانينيات من القرن الثامن عشر وعام 1877؛ ورابطة 
مكافحة قانون الذرة لأعوام 16435-1/74» فقد نظمن حملة لإجبار البرلمان على إلغاء 
التسجيل. ومنذ استهلالها عام 1479/ وقعت زعامة هذه الحملة على جوزيفين باتلر» 
امرأة موسرة ولدت عام 14858 فى ديلستون, نورثها مبرلاند. كان من الواضح لباتلر 
وجماعتها أنه لى تركت النساء على حريتهن, فلن يحتجن الجنس على الإطلاق» وأن 
البغاء كان يحدث كلية بسبب شهوة الرجال. ويما أن الزيائن المصابين بجنون الجنس 
موجودون على الدوام؛ يمكن أن تنزلق النساء إلى العمل بالبفاء عندما لا يجدن أية 
طريقة أخرى لكسب عيشهن. قدمت باتلر حلا بسيطا: خلق عالم يمكن أن تجد النساء 
من الطيقة العاملة فيه أعمالا شريفة برواتب معقولة. وكانت مبادئ باتلر الأخرى أنه 
بمجرد أن تتزوج المرأة وتفكر فى الأمومة؛ فإنها تنظر إلى الاتصال الجنسى مع 
زوجها على أنه عبء عليها أن تتحمله وليس على أنه تجرية ممتعة. ويعد إنهاء 
محاضرتها النموذجية؛ جعلت باتلر المجتمعين فى القاعات الممتلئة والعالم كله يعرفون 
أن السيب الوحيد لاستمرار وجود اليغاء هى أن أعضاء البرلمان» والقضاءء؛ وبوليس 
الآداب والأطباء كانوا شركاء فى المكيدة الكبرى ضد فتيات الطبقة العاملة و جنس 
النساء ككل. ويكمن إثبات هذه المكيدة فى قانون الأمراض المعدية. 


5362 


وحيث إن باتلر قد ورثت الحقائق الكونية لعصر التنويرء فقد حشدت جيوشها من 
الجنسين من خلال اختلاق قضية "إعلان العالم مكانا خاليا من جرح البغاء المصرح 
به7*') وفى نطاق الحملة التى قاتلت فيها بضراوة: والتى قادت فى النهاية عام 
6 إلى إبطال البقاء المنظم, ولدت القضية النسائية البريطانية. وكانت الرسالة 
الرئيسية لهذه القضية عام 1915 هى كما لخصتها كريستابل بانكهرست: 'حق 
التصويت للنساءء. والعفاف للرجال" وفكرة بانكهرست الأخرى 'إن الزهرى يرجع 
مباشرة إلى انحراف الرجال عن قوانين الطبيعة"(*''). 

احتوى مشروع القانون الذى أبطل التسجيل عام 1880 أيضا على بنود أنهت 
نافدًا. كان أثره الفورى هى تشجيع ظهور حركات الطهارة الاجتماعية. وتضمنت 
الجماعات المشاركة جمعيات الصليب الأبيضء والمجلس الوطنى للآداب العامة, 
واتحاد إصلاح الأخلاق: وجماعة شرف الكشافة وجمعيات المراقبة المحلية. وتولى 
مجلس الكنيسة الحر القضية بعد عام ١40١,‏ وفى الشكل الذى نشره مجلس الكنيسة 

8 ك1 
مامبرينى عام 2١1/11/5٠‏ 


وجدت أيضا العديد من خيوط الفكر الطبى الموضوعى العلمانى التى تتغذى على 
إيديولوجية الطهارة الاجتماعية. و داخل قطاع الصحة العامة. قال الليبراليون مثل 
آرثر نيوشولم؛ المسئول الطبى عن الصحة فى برايتون بين عامى ١84/‏ و8١150,‏ 
إن الزهرى قد انتشر حصريا تقريبا 'بسبب الأشخاص غير المهذبين جنسيا... 
أعداء المجتمع الذين لا يمكن مسامحتهم". ومثل الآخرين الذين على تقاليد جلادستون, 
اعتقد نيوشولم ( الذى حصل على رتبة فارس و أصبح عضوا رئيسيا فى وزارة 
الصحة) أن الطريقة الوحيدة المضادة للزهرى كانت تشجيع "الثورة الأخلاقية ' من 
"البريرية” إلى "الحضارة '). من الواضح أن هذه العواطف كانت تيعد سنوات عن 


303 


الملاحظة العلمية الموضوعية الحقيقية للأطباء مثل د.باينفيل المشارك فى مؤتمر 


كما علم شارلز داروين» من أجل استمرار عمليات "التطور' بين أى نوع من 
المخلوقات بما فى ذلك البشرء ظل الاتصال الجنسى بين الأجناس المختلفة أساسيا .)١8‏ 
وفى ضوء المعرفة الحالية حول كيفية انتشار الزهرى؛ نعرف الآن أن المانع الفعال 
الوحيد لنقل البكتريا اللولبية خلال اختراق العضو الذكرى للرجل هو واقى مطاطى 
سليم. ولكى يكون الواقى المطاطى عاملا فعالا فى السيطرة على المرض» ينبغى أن يتم 
التوسع فى إتاحته؛ ويعنى ذلك بمصطلحات عملية أن يكون رخيصا ومقبولا اجتماعياء 
وأن يشجع الأطباء والحكومة استخدامه بقوة. ولسوء الحظ؛ لم تتم تلبية أى من هذه 
المعايير خلال الأعوام التى سبقت الحرب العالمية الأولى. 

ينقلنا ذلك للطرف الثالث الذى نحتاج لاشتراكه فى أية فكرة لاستخدام الواقى 
الذكرى: المنتجين/الموردوين. وبالرغم من أن هذه القضية لم تبحث بالتفصيل؛ سيبدو 
أن المواقف السلبية قد ريحت مرة أخرى. فباستخدام التشابهات الحديثة, يمكن أن 
يفترض الإنسان أنه عند ترتيب تسويق نطاق منتجاتهم الكامل . وجدت ب.ف. 
جوودريتش ودنلوب وشركات المطاط الأخرى أن مكاسبها من زوج واحد من إطارات 
الدراجات أو من زوجين من إطارات السيارات كان أكبر بكثير من فوائدها من 
عشرات العبوات من الواقى الذكرى. ويما أن مبدأ حساب الخط الأدنى للتكلفة كان فى 
مثل أهميته الآن ( يواجه جامعو المطاط الكنفوليون فى قلب أفريقيا المظلم الانقراض ), 
يبدو أن شركات المطاط قد قررت أن محاولة تعليم العامة والمؤسسات الطبية دور 
الواقى الذكرى فى منع الأمراض لا تستحق العناء. وأداروا حملات التسويق بين 
المدنيين طبقا للطريق الأقل مقاومة و الأكثر أرباحا(!؟'١).‏ 

كانت إطارات السيارات ذات العلامات التجارية جزءا من السياق الحديث المميز 
الذى أعطى فرصة لانتشار البكتريا اللولبية المسببة للزهرى. فبينما كانوا يركبون 
دراجاتهم (فى التسعينيات من القرن التاسع عشر) أو فى سيارة (فى السنوات الأولى 


304 


يجهلون تقنيات الحفاظ على أنفسهم., المفيدة فى المواقف الصعبة. وفى هذه الأحوال: 
ما زال الأطباء لم يقدموا النصح. 
ومن جانبهاء تجاهلت مارى ستويس وهى مؤلفة لم تتزوج ألفت عام 1516 كتاب 
زواج الحب: مساهمة جديدة فى حل الصعويات الجنسية, وجود الواقى الذكرى. كانت 
إيديولوجية ستويس عن المتعة تتمثل فى : إن الناس المحترمين سيقصرون قدرتهم 
الجنسية على الزواج. وإن الزوج المحب لن يفعل أى شىء ليعوق تدقق سائله المنوى 
إلى رحم زوجته. وكانت الممارسة الوحيدة لتنظيم أسرة إنجاب "الطفل الواحد" التى 
ذكرتها ستويس لتهك الناس على عدم اتناعها عى عدم إتمام الجماع وبالطيع فإن 
هذه التقنية ليس لها أى أثر على المعدلات المرتفعة المستمرة من الإصابة بعدوى 
الزهرى. حيث إن السوائل الملوثة التى تخرج من القرح على العضو الذكرى للرجل هى 
الى اتقسن الاركن :الس التائل اللثوئ الذي مقدفه من فقبهة معموة الذكري ركانت 
لا ينبغى أن ننسى أبدا أنه بدون نظام السيطرة لن يكون هناك 
أية متعة فى الإحساس بالشبق.إن المتعة الكاملة: وحتى على 
المستوى الحسى الصرفء يمكن أن يحصل عليها فقط هؤلاء 
الذين يكبحون ويوجهون شهواتهم الطبيعية... إن هذه التصرفات 
تستحق أن تقود السباق إلى أعلى وأكمل إنجاز وإلى تصحيح 
قواها(١٠0,‏ 
فى العشرينيات من القرن العشرينء فى السنوات التى تلت مباشرة محرقة 
كان ينظر إلى كتاب مارى ستويس على أنه المطبوعة الجنسية الوحيدة الصالحة للناس 
المحترمين. ومع مدى إتاحته وتأثيره على طبقة القراء» من المؤسف أن ستويس لم تذكر 
الواقى الذكرى أو الحاجة لمنع انتقال الزهرى. وكان دعاة حملات الأخلاق الأقل تنويرا 


23053 


من ستويس (مقارنة بالوقت) معادين علنا “للواقى الذكرى" حيث كانوا يرون أنه 
تحريض مجانى على الفسق. ويدا أن المواطنين الذين منحوا حق الاقتراعء والذين 
يعتمد عليهم مصير الوزراء المنتخبين, يوافقون على ذلك. ويحلول عام »١1577‏ تدخلت 
الحكومة البريطانية على أساس التصرفات البذيئة لتمنع الناشطات من النساء من 
توزيع النشرات التى تتضمن معلومات عن وسائل منع الحمل متضمنة الواقى الذكرى 
الذى ريما كان قد منع انتشار الزهرى. 

وعند استعادة الماضىء من المعروف الآن أن الحكومة كانت تتراجع فى الواقع 
عن تقدم حقيقى كان قد أحرز فى وقت مبكر جدا. فخلال الحرب العالمية الأولى 
: عندما كان من الواضح أن مصير بريطانيا يعتمد على النقطة الحاسمة بالإبقاء على 
القوات البريطانية المحارية مستعدة, ضم الجيش الواقى الذكرى إلى حقيبة 
المهمات الأساسية لكل مجند. ولكن مع عودة إمكانيات السلامء و لمعرفتها أنها 
ستواجه الناخب البريطانى كل خمسة أعوام (أو أقل) فقد تبنت الحكومة مرة أخرى 
الموقف الآمن سياسيا بالطهارة الاجتماعية. وكانت هذه الحركة قد ظهرت للوجود قبل 
ذلك يجيلين. 

فى بريطانياء تطابق انتصار ما سماه رونالد هيام 'التطهر الموسوس مع 
الازدهار الكامل لوعى الطبقة العاملة فى التسعينيات من القرن الثامن عشر(١١١),‏ 
فكانت الرجولة هنا تتكون من الحصول على وظيفة بأجر جيد يكفى لإعالة زوجة فى 
المنزل تعمل فى 'نطاق مهام منفصلة كزوجة وربة منزل. وجد معظم رجال الطبقة 
العاملة فى بريطانيا الذين كانوا مرعويين من دعاية الطبقة الوسطى المضادة لممارسة 
العادة السرية التى تشريوها فى حجرات تغيير الملايس فى المدارس والملاعب خلال 
فترات مراهقتهم المبكرة بعد عام :١141٠١‏ ومع كونهم بطيئين فى تبنى أفكار الطبقة 
الوسطى الخاصة بتحديد حجم الأسرة, فقد وجدوا الرفقة مع أصدقائهم فى الحانة. 
ومال الانهماك هناك لأن يتحول إلى علاقات ليلية خلال حمل زوجاتهم المتكرر أى عندما 
كانت زوجاتهم يتعافين من الإجهاض- الذى كان نوعا من تنظيم الأسرة تفضله الطبقة 


306 


العاملة. وبعد العمل لمدة خمسة أيام ونصف فى الأسبوع, وأخذ راحة بعد ظهر أيام 
السيت؛ كان الأب ورفاقه يذهبون لمشاهدة كرة القدم أو أية رياضة أخرى يمكن 
مشاهدتها. ويعد ذلك؛ ويينما يكونون مخمورين, كان الأمر ينتهى بهم فى بيوت 
الدعارة لكى تطحنهم طاحونة البكتريا اللولبية .)١١‏ 

وأينما كانت الأم تدير منزلا إنجليزياء كان الأبناء ذوى الجسارة لا يوجدون على 
الإطلاق فى المنزل. لا يتعلمون فى المدرسة أى شىء عن حماية أنفسهم ضد الزهرى 
وعندما يتركون المدرسة يكونون لا يزالون جاهلين بالحقائق الأساسية للحياة, 
ومرشحين جيدين لنوية من الزفرى. وعندما تبدو عليهم الأعراض الأولية, كان 
من المحتمل أن يتحوولواء مثل آبائهم, إلى 'النسور الجاهلة التى تتغذى وتسمن 
على الضعف والجهل وتصديق أى شىء وهم تجار الدواء والدجالون والأطباء 
المستغلمت ,)١7‏ 

اتخذ إدراك النساء للأنوثة على الأراضى الألمانية أشكالا مختلفة نوعا عن تلك 
الموجودة فى بريطانيا. هنا حيث كانت الأسر التى تعمل فى وظيفتين شائعة؛ كانت 
ناشطات الحركة النسائية الألمانية مهتمات بإمداد الأمهات العاملات بحضانات للأولاد 
الصغار. وأيضا فى فييناء كانت /5٠‏ من النساء يعملن بدوام كامل و٠5/‏ أخرى 
يعملن لنصف الوقت. ويالرغم أنه من الصعب إثبات ذلك - فقد كان الزهرى فى كل 
مكان مرضا سيِئ السمعة لا يعهترف أى شخص به بإرادته - ريما بدا أن الأزواج 
والأولاد والبنات المراهقات أقل احتمالا من نظرائهم الإنجليز: لأن يخرجهم من المنزل 
زوجات وأمهات مضجرات لأيدى شركاء فى جنس عرضى يحمل البكتريا اللولبية. هذا 
الافتراض يتماشى مع الربط الذى وضعه رائد علم الاجتماع "ماكس فيير" بين العمل 
المثمر وتقدير الذات9؟١),‏ 

ربما يبدو أيضا أن الدولة الالمانية الموحدة الآن عندما تنظر إلى الوراء إلى 
الجهود العاطفية لفرنسا فى بداية هزيمتها العسكرية عام :181١‏ تدرك أن بلاء 


الزهرى كان تحديا ينيفى أن تواجهه مباشرة أية ثقافة تعتبر نفسها ثقافة متحضرة 


2307 


من خلال التخلى عن اتجاه دفن الرأس فى الرمال كالنعامة. وعلى أية حال؛ فقد كان 
الخبيرون الألمانيون - فريتز شاودين وأريك هوفمان- هما من اكتشف عام ١95.0‏ 
العامل المسبب للزهرى. وفى العام التالى؛ طبق عالم ألمانى آخرء أوجست بول فون 
وازرمان» العلم التطبيقى على حاجة اجتماعية ضاغطة من خلال وضع اختبار للزهفرى 
غير المرئى. تلى اختراع “اختبار وازرمان” عام 11١5‏ اكتشاف بول أهليرك (المانى 
آخر) للسالفرسان الفعال أحيانا ولا يسبب الأعراض الجانبية التى يسببها العلاج 
بالزئيق الذى استخدمه كل من الدجالين والأطباء منذ عام 49 .)١١9(١‏ 


وخلال الحرب العالمية الأولى وفور انتهائهاء قررت الحكومات الأوربية أن تستخدم 
السالفرسان واختبار وازرمان لمنع ما حذر الخبراء الفرنسيون من أنه سيكون تدهوى 
إضافيًا للجنس الأبيض من خلال الزهرى الوراثى. ومع حلول السلام عام 15148, 
كانت هناك بعض المناقشات على مستوى الحكومة حول ما الذى يفعلوته بعد ذلك. 
وكانت البدائل كما يلى: 

١‏ - إطلاق حملات تعليم موسعة حول الواقى الذكرى ( فكرة من الواضح أنها 
ستغضب دعاة الطهارة الاجتماعية) . 

و5 - تينى برنامج شفائى من المرض - أدرك القليل أنه لم يعد ضروريا أن تتم 
الإصابة فى المكان الأول. وكان البديل الثانى هو الذى ربح. 

وطبقا للنظرية» كانت هذه العيادات الجديدة تزود كل القادمين لها بعناية مجانية, 
سرية. وقى الممارسة؛ كان الاختبار الحقيقى هو نوع العلاج الذى يتلقاه “كل القادمين" 
فعليا الاستجابة الطبية. وفى هذه الأحوال كان منظم الخطوات الإيجابية هو مملكة 
بلجيكا (التى سوت آلات الحرب الألمانية نصف مدنها). أنشأت الحكومة قبل عام 
67 حوالى .٠١‏ عيادة لخدمة ما يقل عن 8 ملايين نسمة هم عدد السكان؛ أى 
بمعدل عيادة لكل حوالى 0٠‏ نسمة. طلب من العيادات اليلجيكية أن تعمل فى 
أوقات من الأسبوع و بطريقة تناسب الاحتياجات العملية للعملاء أكثر من راحة 


23068 


الأطباء الذين كانوا معتادين على جداول عمل فى العيادة من 4 صباحا - ه مساء. 
بحلول الثلاثينيات من القرن العشرينء كانت سياسة بلجيكا المستئيرة تساهم بصورة 
مهمة فى الانخفاض المحلى الواضح لحدوث الزهرى ,)١١١(‏ 

حدث تقدم ظاهرى فى هذا الاتجاه فى إنجلترا. وهنا قبل عام 1511. لم يقدم 
أى علاج طبى رسمى للأمراض التناسلية للأعداد الغفيرة من السكان. وهؤلاء المدنيين 
الذين يعتمدون على السلطات الصحية المحلية أو قانون الفقراء. ومع ذلك؛ فيعد التحول 
فى السياسة الحكومية التى كان المقصود منها أن تجعل انجلترا 'وطنا مناسيا 
للأبطال" أنشئت شبكة لعيادات معالجة الأمراض التناسلية بحلول عام :١19٠١‏ وعملت 
٠‏ عيادة تشرف عليها الدولة» واحدة لكل ٠٠١.٠٠‏ نسمة تقريبا. لكن ظلت 
الصعويات موجودة. و كما أظهر ديفيد إيفانز مؤخراء بالإضافة إلى عدم كفاية الرعاية 
المقدمة للنساء (فاق عدد الرجال عدد النساء بنسبة ه,؟ إلى )١‏ كان أطباء الأمراض 
التناسلية والممرضات وأطقم العيادات ينظرون إلى مرضاهم على أنهم معتدون 
جنسيون فاسدون. أدى هذا الموقف من العاملين بالإضافة إلى المكان الردىء الرث فى 
معظم العيادات» إلى إيعاد المرضى. ويالرغم من أن سلسلة العلاج بالسالفارسان 
تتطلب ثمانى زيارات منفصلة . فإن أقل من 7/8 من المرضى الذين سجلوا للعلاج 
المبدئى تضايقوا من المجىء. و من ”25 الذين بقوا بعيداء يمكن أن يتمتع بعضهم 
بضعف أعراض المرض بدون سيب طبى معروف ولكن استمر معظمهم مصايا 
بالعدوى. وهكذا فى انجلتراء مع أقل من عشر العيادات فى بلجيكا لكل فردء ومع 
سيادة أخلاق الطهارة الاجتماعية فى هولاء القلة الذين يوجدون بالفعل . استمر موقف 
الزهرى متفجرا(""). 

شمال الحدود فى اسكتلنداء حيث أنشئت بعض العياداتء كان الموقف فور انتهاء 
الحرب مختلفا بشكل هامشى. فقد أقنع مجموعة من الجراحين والأطباء الشغوفين أن 
يكونوا رواد العلاج بالطرق الحديثة أعضاء فى البرلمان الإنجليزى (فى ويستمنستر) 
بتقديم مشروع قانون بالإخطار الإجبارى للأمراض التناسلية. وداخل سكتلندا أتت 


069 


معارضة مشروع القانون من جماعات الطهارة الاجتماعية» على أساس أنه لم يذكر 
الإصلاح الأخلاقىء ومن الأطباء الخصوصيين القلقين من تسلل سيطرة الحكومة 
المركزية. وفى النهاية وأد القانون خلال قراعته الثانية فى مجلس العموم بمبادرة رجل 
لم تعرف عنه مهارته فى إدراك الكارثة المحتملة عندما حدق فى وجه؛ رئيس الوزراء 
نيفيل تشامبرلين (14'). 

إذا كان العلاج الطبى يتقدم ببطء فى مملكتى إنجلترا اسكتلندا . كان التقدم 
أبطأ من ذلك فى الجمهورية الفرنسية. ففى وقت كان فيه معدل المواليد منخفضا, 
أعيق التحكم الفعال فى الزهرى بسبب انعدام الثقة المشتركة بين شبان الطبقة 
العاملة والشيوخ الذين يحكمون البلاد. لقد كان هولاء الناس هم من جعلوا 
فرنسا تقترب من الهزيمة فى الحرب العالمية. بسبب إصرارهم على تأديب المواطن. 
وبالرغم من أن الجمهورية الثالثة قد أمسست بعض عيادات الزهرى المجانية, 
بمعدل عبادة لكل ٠١.٠...‏ مواطن:ء فقد كان ذلك أقل بكثير من العدد المطلوب لجعل 
البلاد على خط واحد مع بلجيكا النموذجية (1''). ولكن كما هو متوقع؛ هناك طريقة 
فرنسية خاصة, 

فى غياب الالتزام الكامل للرعاية الطبية للجماهير, لجأت السلطة الفرنسية خلال 
الحرب إلى حملات الترهيب متسعة النطاق التى ركزت على فضائل البعد عن 
الجنس أكثر من حجم المتعة التى يحصل عليها الإنسان إذا استخدم الواقى الذكرى. 
خصصتد لهذه الحملات النشطة للطهارة الاجتماعية ميزانيات ضخمة ولكن ريما 
فعلت القليل لاحتواء الزهرى. اقتبس كيوتل أرقاما مزعجة وضعتها وزارة الصحة 
عام 1970 تزعم أن فرنسيًا واحدًا من كل عشرة مصاب بالزهرى وأن 8٠١,0٠١‏ 
يموتون سئويا بسب الزهرى. ٠١.٠.٠.٠‏ من هولاء الضحايا المعروفين أطفال أبرياء. 
دعمت الحكومة الصحافة الشعبية ومذيعى الإذاعة ونجوم السينما والممثلين 
والشركات التى تضع الملصقات على الحوائط لإقرار رسالة الوعى بمكافحة الزهرى 
فى ذهن المخاطب. 


200 


بالرغم من أن ذلك كله كان مربحا ماليا للإعلام ومؤسسات الترفيه. لم يحسب أنه 
شجع الشبان والشابات على التلامس والتقبيل وممارسة الحب والزواج أو إنجاب 
الأطفال. و أيضا لم يساعدهم على الوثوق بالسلطة. بدلا من ذلك؛ بعد الغسقء يأخذ 
الشبان المصابون بالملل فى باريس والمستاء من الامتناع عن ممارسة العادة السرية 
قن المنزل (نغشية أن يتضم إلى فكة المجانين ممازسى العادة السرية): نفسية إلى 
النقاط المظلمة فى بوا دى بولونيا للحصول على الجنس من أشخاص لا يضطر للالتقاء 
بهم مرة أخرى. و كانت هناك أماكن معتادة مشابهة فى كل المدن الإقليمية. كان ذلك 
كله مؤنة مستمرة لطاحونة البكتريا اللولبية .)١١٠١(‏ 

أسس أدولف هتلر عام ١975‏ تحت حكم النازيين إحدى السياسات البديلة» التى 
كانت عرضة للأنظمة الشمولية؛ فى المانيا » طلب من الطرفين اللذين يستعدان للزواج 
أن يخضعا لفحص وازرمان. ويتم تعقيم أى من الطرفين إذا وجد مصابا بالزهرى. 
أرسل الأشخاص الذين يحملون صفات الزهرى الموروثة التى عرفها فورنييه الأب و الابن 
إلى معسكرات موت الرحمة. وأرسل أى شخص يصيب شخصا أخر متعمدا بالزهرى 
إلى نفس المصير. وللصلحة إصلاح أخلاقى أطولء أغلقت بيوت الدعارة فى برلين 
وهامبورج التى أعطت للجمهورية بريقها بلا رحمة. وفى تحركات أكثر تعزيرًا للحياة 
نوعا ما . شجعت الزوجات على التخلى عن أعمالهن المهنية والبقاء فى المنزل لإنجاب 
طفلين للوطن الأم. و تحديثا لإيديولوجية جين فريد ريك أوستروالد بتدريب النفس, 
شجع الشبان على القيام بنزهات طويلة سيرا على الأقدام والاستحمام بالماء البارد 
إذا لم يستطيعوا السيطرة على نزعاتهم الحيوانية بقراءة إيمانويل كانط والرواقيين. 
فى نفس الوقت فقد قل عدد الناس الذين يحملون صفات هتشينسون للسن القاطعة 
المجوفة والأنوف المنهارة والصفات الأخرى المميزة للزهرى ,)"١(‏ 

فى أوربا الغربية التى ابتليت بحلول الحرب العالمية الثانية» تغيرت توقعات بقاء 
البكتريا اللوليية حتى منتصف الأريعينيات من القرن العشرين. ثم أصبحت جرعة 


371 


الحقنة الواحدة من البنسلين متاحة بتوسع. و أيضا الواقى الذكرى المطاطى بعد 
تقديمه واستخدامه بتوسع بين الجنود فى الحرب العالمية الثانية. و بحلول الخمسينيات 
من القرن العشرينء شجع تدخل الشيئين اللذين كانا يعملان مترادفين - الواقى 
الذكرى للوقاية والبنسلين للعلاج العمل الطبى العلمى» تماما على التفكير فى أن 
الزهرى يمكن القضاء عليه. ولسوء حظ الجنس البشرىء فإن المرض الذى بدل نفسه 
إلى كائن يعيش بين الشعرب الأوربية لم ينهزم بهذه السهولة. ويعد عام 1904, تغير 
الانحدار فى معدل المرضء و بدأت نسبة الإصابة تزداد مرة أخرى. وحتى تاريخ كتابة 
هذا الكتابء ما زالت البكتريا اللولبية موجودة فى موطنها فى أوريا 9'), 


الزهرى والموقف منه فى الصين من ١956-185٠‏ 


تستند الروايات التاريخية للزهرى والموقف منه فى الصين حتى عام 1930 إلى 
متغيرين. يهتم المتغير الأول بإدراك حدوث الزهرى التناسلى من جهة؛ ومرض الياوز 
والزفرى المتوطن من جهة أخرى. وبالطبع فإن نسبة الإصابة الفعلية بأى من هذه 
الأمراض غير معروف ولا يمكن أن يعرف. وبالرغم من ذلك » فهناك معلومات أكثر 
صحة عن المتغير الثانى. وذلك هو الذى اعتبرته أنا نشأة مصدر وذروة مواقف غريبة 
سلبية حول الصين. باختصارء الخوف من الصين0""). 

فى تقارير اللغة الأوريبة - التى لا يكون أى شىء فيها كما يبدو فى الواقع - بدأ 
الافتمام بالزهرى فى الصين بعد أن تركت ثورة تايبيه!*) من 18314-1486-٠‏ أكثر من 
٠‏ مليوئا صينيًا قتيلا. أقام المبشرون الذين تحفزهم الإيديولوجيات والأطباء الذين 


ع تاببيه: هى عاصمة الصين الوطنية (فورموزا) وهى جزيرة صغيرة تابعة للوطن الأم؛ الصين الشعبية أو 
جمهورية الصين حاليا وعاصمتها بكين. 


172 


الأسلحة الصينية. معسكرات فى الموانئ المفتوحة للتجارة الأجنبية على طول السواحل 
والأتهار الداخلية. وظلت العديد من هذه المناطق فى أيدى الغربيين حتى تولى 
الشيوعيون الحكم عام .)'!(!١955‏ 

كان الزهرى التناسلى الموجود فى كل مكان فى الصين بالنسبة إلى الأوربيين فى 
الصين بعد 1810 (لا يحسب فى هذا البحارة الذين تركوا سفنهم وأصبحوا مواطنين) 
علامة مميزة على الصينى "الآخر". ومع الضعف الواضح للنظام القديم» وسيادة قادة 
الحرب فى الإقليم وغياب سلطة مركزية تتمتع يتفويض السماء. لا يمكن أن تؤثر 
المواقف الأوربية إلا على الطريقة التى تنظر بها العمالة الطبية الصينية ذات التوجه 
المستقبلى إلى مجتمعهم وتقاليدهم. 

ومن المثير للسخرية أنه حتى حوالى عام 186٠‏ أثارت البكتريا اللولبية القليل 
جدا من التوترات فى الصين عنه فى أوربا. وصلت البكتريا إلى الصين فى أجسام 
الأوربيين الذين وصلوا إلى كانتون عام ١6١5‏ عن طريق البحر. وحجدت نفسها فى دولة 
عمرها ٠٠٠١‏ عام تقريبا تضم ربع الجنس البشرى. واستمرت المملكة المقدسة فى 
صحة معقولة لقرن أو نحو ذلك بعد ظهور ‏ "سم شجرة البرقوق" فى المشهد. كانت 
الحكومة على المستويات المركزية والمحلية بين أيدى الماندرين والبيروقراطية الذكورية 
غير الوراثية التى تدربت على التقليد الأخلاقى الكونفوشى. يمنح هذا التقليد أولوية 
عالية للاستقرار والنظام والتماسك والاحترام للأجداد ولرب الأسرة الحى (الذكر). 
ومع ذلك فقد كان واحد فقط من ثلاثة أنظمة أخلاقية؛ الثانى: البوذية» لا نحتاج لأن 
تحتجزنا هنا. والثالث الطاوية, كان ذا أهمية كبيرة حيث إن معظم ممارسى الطب 
الصينيين كان ملتزمًا بها كليا أى جزئيا(*""). 

كانت الطاوية مهتمة بتعزيز سيطرة الإنسان على الطبيعة فى كل أشكالها 
المتعددة. يشمل معتنقيها بناة الجسور والفنانون وأصحاب الحرف والمهنيون المبدعون, 
كذلك الأطباء. كان أتباع الطاوية فخورين بقدرتهم على العمل بأيديهم وعلى مستوى 
التقدير الاجتماعى: كانوا ينتمون الطبقة الوسطى. وفوقهم يرتبة كان الماندرين (الطبقة 


رمك 
3 
رن 


المثقفة الذين يعملون فى وظائفهم مرتفعة المكانة الاجتماعية باجتياز اختبارات قاسية 
ودقيقة جدا) ومنتجو الأطعمة وطبقة الفلاحين. وتحتهم الجنود ذوو المرتبة المنخفضة. 
وكان التجار الصينيون (الذين يتمركزون بقدر كبير فى الجنوب) ينظر إليهم على أنهم 
مخلوقات منخفضة المكانة الاجتماعية لا ينتجون شيئا للنفع العام و لكن يبيعون فقط 
ما ينتجه رجال أفضل منهم لمنفعتهم الشخصية. ويما أن معظم الأوربيين فى الموانى 
المفتوحة للتجارة الأجنبية بعد عام 187٠‏ كانوا إما جنودًا وإما تجارًا شيئا ماء فإن 
الكره القوى بالفعل لديهم "لجون الصينى” كان بسبب انخفاض المكانة الاجتماعية 
لنظرائهم الصينيين. 

كان صفار الشبان الصينيين الذكور الذين يريدون أن يصبحوا مقدمين للخدمة 
الصحية من المذهب الطاوى يتدربون على أيدى ممارس كبير وكثيرا ما كانوا يعيشون 
معه فى منزله. وتعلم المتدربون أنه إذا نجح العديد من الأدوية المختلفة فى علاج نفس 
المرضء ينبغى استخدام أكثرها تناسبا مع الظروف المحلية. كان الاهتمام الطاوى 
بصحة الجسم والخلايا الجنسية وصفة مكتوية تتمثل فى أنه ينيغى على الأولاد من 
سن الرابعة عشر فما قوق أن يقوموا بالقذف مرتين يوميا (لم تحدث مشكلات حول 
العادة السرية هنا).!''') ويعد أن وصلت البكتريا اللولبية إلى كانتون ويدأت فى 
الانتشار بين سكان المدينة» تحدث الطاويون بمصطلحات عسكرية عن دفاعات الجسم 
والتحصينات والطلقات. لم يكن لديهم هم أنفسهم أية طلقة سحرية؛ فتضمن علاجهم 
الزئبق وربما الأرسفينامينات وكانت فعالة مثل أى علاج يقوم به الأطباء المبشرون. 

ومع عاداتهم المتأصلة للتجريب التطبيقى: كان الممارسون الطاويون أحرارا من 
أى فكر خاص بالحقيقة الحتمية الموحدة ("''). ولو كان الطاويون فى كوكب آخر أكثر 
عدالة من كوكب الأرضء لتواصل الطاويون العمليون أصحاب مذهب التعددية» مباشرة 
مع السير فرانسيس بيكون عندما كان ينشئ نظامه التجريبى (التجديد الكبير)»؛ ويما 
أنه كان القرن السابع عشرء فإن اللورد قاضى القضاة لم يعرف شيئًا عن الطاويين 
ولا هم عرفوا شيئًا عنه. 


074 


فى العقود التى تلت عام ,١7٠١‏ ولأسباب لها علاقة بالسياسات الأخلاقية أكثر 
من الطبء ابتلى المعالجون الطاويون الرئيسيون بالتعاليم الكونفوشية العقيمة ين- يانج 
المتعارضة. استخدم بول أنشولد تشابها قوى الأثر بالشجرة العظيمة التى اجتثت 
جذورها. وبالرغم من أن احتمالية الحياة الجديدة قد انتهت» فإن الأخشاب فى الجذع 
والأغصان مستمرة فى البقاء. تخدم أهدافا نافعة2""). 
اجتذب فرانك ديكوتو الاهتمام إلى المساهمة الخاصة التى قدمها سياق العرق 
فى الطب الصينى. وطبقا للسياق كان البيان الذى أرسل من هونج كونج عام ١841/‏ 
بواسطة باتريك مانسونء الرجل الذى أصبح المؤفسس الرئيسى لمدرسة طب المناطق 
الحارة فى عاصمة الإمبراطورية الإنجليزية. وطبقا له: 
إن الذين ذهبوا للبلد ى لى لفترة قصيرة يدركون كيف أن 
ممارسة الطب المحلى شىء مقيت. و لا عجب. لا يوجد أى نظام 
تعليمى. ويتم اختياره أكثر كتجارة. يشترى الرجل كتابين أو 
ثلاثة ى يبدأ فى الممارسة. من الممكن أن يوجد هنا وهناك رجل 
ذى موهبة طبيعية يمكن أن يعرف شيئا أو يفعل شيئا حسنا 
أحيانا. و لكن معظم أصحاب المهنة, إذا جاز لنا أن نعرفهم 
بذلك» جاهلون كما أنهم غير صادقين؟"1). 
ويعد أربعة عقود من كتابة مانسون لهذا الاتهام المرير و القاسى للطب الصينى ٠‏ 
كان لسير دونالد ماك اليستر وهو طبيب ورئيس المجلس العام للتعليم الطبى فى 
المملكة المتحدة ما يقوله: 
منذ مائة عام مضت, لم يبد أى مشروع بشرى ميئوس منه أكثر 
من التحول الروحى والجسدى فى الصين. كان الملايين مرضى 
الروح وى الجسد حتى الموت. لم يكن علم الشفاء معروفاء بينما 
كانت ممارسته المحلية فاقدة المصداقية وبالفعل شائنة 
ومعبية(""3), 


ولكن عندما كتب ماك اليستر عام ,195١‏ تشجع عندما وجد الأشياء تتحسن 
حيث بدأ الطلاب الصينيون يتقدمون لحضور مدارس الطب الغربى من النوع الذى 
أنشأه باتريك مانسون فى هونج كونج. 

وبالرغم من ذلك؛ عندما وصل الأمر إلى الزهرىء وجد الأطباء الصينيون المقيمون 
والمتدربون أن معلميهم الغربيين مصدر للإاحراج. عرفت أطقم الأطياء الغربيين الذين 
اختاروا الذهاب إلى الصينء الذين لم يتأثروا يفكرة التعددية الثقافية (التى ولدت فى 
بروسيا فى نهاية القرن الثامن عشر)ء قبل الذهاب إلى هناك أن مرض الزهرى كان 
يتغذى على دماء حياة الشعب الصينى. وفى الواقع , ما كانوا يدركونه من خلال 
مرشحاتهم الثقافية الغربية كان الموقف من الزهرى!'""). 

نصح الطبيب و.و. بيترز الذى كان يعيش فى الصين عام ١‏ تحت حكم 
الثورة الصينية التى خلفت المملكة المقدسة؛ قراء دورية رائدة أن الدراسات الإحصائية 
قد أثبتت أن مرض الزهرى كان السبب الرئيسى للوفاة فى الصين. وزعمت 
دراسات أخرى أجريت فى الثلاثينيات من القرن العشرين أن هناك .55-5 مليونًا 
مريضا بالزهرى فى الصين فى الريف و الحضرء أى حوالى /٠١‏ من السكان. ويمكن 
أن يزعم كاتب حديث يأخذ بهذه الأرقام بقيمتها الشكلية أن "الأمراض التناسلية 
فى الصين تمثل مشكلة أكشر خطورة من الغرب فى نفس الفترة"7"'') ولكن كما 
تعرفء فى أى مسح إحصائى. تعد الدوافع الإيديولوجية وراء جمع البيانات ذات 

وكما أشار جوزيف نيدهام منذ أعوام عديدة مضت,. فإن المفاهيم الغربية عن 
الخطيئة والذنب كانت غائية بوضوح عن الأنظمة الأخلاقية الكبرى فى الصين. وبالعمل 
طبقا للقواعد التى تقدمها هذه الأنظمة, كانت /٠١‏ من الأسر يرأسها رجال يجمعون 
بين أكثر من زوجة ("'"). و عندما وجد المبشرون هذا الجمع بين عدم الاعتراف 
بالخطيئة والجمع بين الزوجات مزعجاء قرروا أن يضريوا مباشرة عند النقطة حيث 
توجد قوى الحياة للصينيين (الجماع الجنسى) التى تخلق الصينيين فى المستقبل. 


3/70 


المبشرون الغربيون بعد أن تحمسوا بأخبار أن حركات الطهارة الاجتماعية فى الوطن 
الأم فى بريطانيا وأمريكا الشمالية قد حققت نجاحا مهما فى منع كل أشكال الحياة 
الجنسية خارج إطار الزواج الأحادى؛ قرروا أن يعالجوا ما رأوا أنه عنصر أساسى 
فى العالم الصينىء ألا وهو بغاء الإناث ,)١9(‏ 

ففى الصين. كما فى أوربا فى منتصف القرن الخامس عشر. كان ينظر إلى 
البغاء على أنه طريقة مقبولة للفتاة الفقيرة لتكسب عيشها. يرسلها أبواها الفلاحان 
إلى المدينة بأمل أن تعيلهم من النقود التى ترسلها لهماء يمكن أن تصبح الفتاة محظية 
ماهرة فى الغناء والرقص والمناورات الجنسية و تظهر فى حاشية رجل من وجهاء 
الدولة. ويمكن أن تنتهى الفتيات الأقل موهبة كبغايا عاديات تحت سيطرة مدير. ومع 
ذلك فحتى هولاء العاهرات الوضيعات يعرفن أنهن سيحصلن على تقاعد محترم. فى 
الصين: لم ترتبط أية وصمة عار بالمهنة. 

طبقا للاستجابة الأوربية إلى ما كان يرى بالعين الغريية على أنه "عبودية اليفاء' 
كان التفاين أرسلته السنيدة دن ين ]| لّبهاسلوون زوجة ختائط يخرى تريطاتن يعمل 
فى هونج كونج , إلى مكتب الكولونيل عام 1999, كُتب تنديدها فى وقت كان فيه "١‏ 
مليون فلاح صينى فى شمال الصين يتضورون جوعا. بعد حدوث الجقاف وعدم وجود 
قانون فى الريف. وتحت هذه الظروف, كما يمكن أن يشير أى شخص صينى راجح 
العقل ظهر أن الفلاحين سعداء الحظ هم من لديهم بنات يمكن أن يرسلوهن كبغايا فى 
المدن الصينية الجنوبية حتى يستطيعوا اليقاء على قيد الحياة من النقود التى يرسلنها 
لعائلاتهن» فيما يتضور الآخرون جوعا حتى الموت. وريما كان موظفى مكتب الكولونيل 
فى لندن مدركين لتعقيدات الوضع.ء فقد قاموا بضوضاء لتهدئة السيدة هاسلوود لكن 
لم يفعلوا شيئًا. ومن المحتمل أنهم كانوا يأخذون فى الحسبيان أيضا أن الحكومة 
المركزية الصينية قد انضمت لجهود الحلفاء ضد القيصر الألمانى وكانت بالمصطلحات 
الرسمية, حليفا (9"'). 


3177 


فى شنفهاى فى السنوات الأولى التى تلت الحرب العالمية الأولى» حدد الأطباء 
الغربيون زوو النوايا الطيبة الذين يعملون تحت رعاية الامتياز الإنجليزى والأمريكى 
والفرنسى لأنفسهم مهمة تحديد نسبة الإصابة بالزهرى بين المجموعات الاجتماعية 
الصينية, باستخدام اختبار وازرمان الجديد. وفى ذلك الوقت» حتى فى الدول الأوربية 
المتقدمة, كان هناك ارتباك كبير حول ما يمكن أن يحققه اختبار وازرمان. واشتكى 
مسئول وهو يكتب عن اسكتلندا عام 1951 “عدم الكفاءة الفنية وطرق الثرثرة التافهة 
والأفكار القديمة ودرجة الجهل" لمعظم الأطباء فيما يتعلق بالزهرى و(الاختبار) 1"). 
وبالفعل فمؤخرا عام 1997: اتفق خبراء منظمة الصحة العالمية أن مرض الياونء 
الزهرى المستوطن والداء المبقع يتميز باختبار مصلى إيجابى لا يمكن التفريق بينه 
وبين الاختبار الإيجابى الذى يسببه مرض الزهرى التناسلى. وبالطبع فى بداية 
العشرينيات من القرن العشرين: هذا القصور فى التفرقة بين هذه الأنوا ع المختلفة لم 
يكن يمكن الاعتراف به بصفة عامة أو علناء لأن ذلك سيؤدى إلى التساؤل حول خيلاء 
العلم, الصفة المميزة للطب الغريى؛ وبالطبع على صورة الفرب أمام نقسه. وهناك 
صعوية أخرى غير معترف بها واجهت شنغهاى فى زمن ما بين الحروب هى أن معظم 
العمل فى اختبارات وازرمان كان يقوم به الأطباء المقيمون الصينيون الحمساسون 
تجاه ثقافتهم. 

كانت النتائج مثيرة لأسباب ليس لها علاقة “بالطب العلمى" و لكنها تظهر بشكل 
دقيق أهمية أخذ الموقف من المرض فى الاعتبار. فى اختبار شنغهاى؛ وجدت معدلات 
مرتفعة من مرض الزهرى التناسلى بين الجنود والتجارء معدلات متوسطة بين أصحاب 
الحرف والبائعين المتجولين والفنانين» والمعدلات المنخفضة بين المدرسين والموظفين 
والمهنيين والطلاب. ولم تكن مصادفقة أن هذا الترتيب كان مطابقا للتسلسل الهرمى 
للرتبة والاحترام والتقدير فى المجتمع الصينى التقليدى. لأن معدل حدوث ما علمه 
الغربيون على أنه مرض مخز للناس فى أكثر الطبقات احتراما وشرفاء المهنيين 
المتعلمين و الطلاب بالضرورة (كما أدارها الأطباء الصينيون المقيمون) كان منخفضا 


3276 


جدا عن أفراد أدنى الأنظمة الاجتماعية : التجار والجنود. ويما أن أطباء بعثة مهمة 
شنفهاى لا يدركون الأعراف الاجتماعية الأساسية للدولة التى يعيشون فيهاء فلم 
يقطنوا أبدا لما كان يحدث!5"), 

وفى الوقت الذى كانت فيه الأمة الصينية السياسية على حافة التفكك والتحلل 
واجتثاث الجذر الرئيسى لثقافتهاء فإن الأطباء الصينيين الشبان مثل صن يات - صن 
(ساعد فى عام 1915-151١‏ فى الإطاحة بالعائلة الملكية الحاكمة واستبدالها 
بجمهورية) قد أدركوا الحاجة الملحة لجذور وفروع للتحديث لوقاية الصين من أن 
تستولى عليها أوربا وأمريكا أو اليابان كلية. ومن بين مناطق الفكر الأخرى التى 
قرر المفكرون أنها تحتاج إلى اهتمام عاجل كانت المواقف تجاه المرض. ولذلك ففى 
الثلاثينيات من القرن العشرينء تقبل الشيوعيون (موجة المستقبل بعد ذلك) 
الزهفرى على أنه المرض الذى يرمز إلى التدهور والانحطاط الأخلاقى والتبعية 
الصينية للغرب. 


وبمجرد استيلائهم على الحكم عام 1544 اتبع الشيوعيون هذه الحجة إلى 
نتائجها المنطقية وأخذوا على عاتقهم التخلص من الزهرى. بدأوا بمديرى بيوت 
الدعارة فى المناطق الحضرية الذين وصموا بالأوغاد ومهربى المخدرات: أو رجال 
العصابات: وتم التعامل معهم بطريقة مباشرة عن طريق الجماهير الغاضبة (الشعب 
الصينى الناهض)7'''). بعد مضى هذا التطهيرء كانت كوادر من مفتشى الحكومة 
ومعهم نماذج مطبوعة؛ يسألون كل واحد بطريقة مهذبة ليجيب عن أسئلة حول 
الإصابات الجلدية الحديثة» قرح الزهرى والدمامل وما شابه. كان غير المتعلمين الذين 
ربما كانوا يواجهون مشاكل مع بعض هذه الإصاباتء يتم إبلاغهم بسؤال جيرانهم 
المتعلمين لمساعدتهم فى كيفية التخلص منها . 

وهكذاء تحت غطاء التعرف على المصابين بالزهرىء فإن النزاع الذى كان قد نشأ 
بين الجيران لأجيال أخمد بشكل ما لمصلحة المتعلمين. ما قد حدث فى منغوليا 
والمناطق الداخلية الأخرى؛ أن تم بالخطأ تعريف الزهرى المتوطن (الذى لا ينتقل عن 


5309 


طريق الجنس)» ومرض "الياون” فى المناطق الساحلية على الأرجح (أيضا: لا ينتقل عن 
طريق الجنس) على أنه الزهرى الجنسى. خلال حملة التنظيف الكبير ما كان فى 
الحقيقة هو "الموقف من الزهرى' على الأكثر. كان اتجاه الرسميين فى الحزب 
الشيوعى هو استعمال كميات كبيرة من البنسلين فى علاج وشفاء المرضى. بالتقدم 
أكثر, ادعى الحزب أن إنتاج البنسلين كان ناجحا لدرجة أن الصين كانت قادرة على 
تصدير الفائض إلى المناطق التى كانت تحتاجه فى آسيا. يبحلول عام 1534١؛‏ ومع 
مخزون ضخم من فائض البنسلين, كانت الحكومة الشيوعية قادرة على التباهى بأن 
"الأمراض التناسلية النشطة قد تم استتئصالها فى معظم المناطق وتمت السيطرة عليها 
تماما فى الصين"(1١).‏ 

كبير واحدء يبدو من المحتمل أنه من أجل أن تموت بالزهرى التناسلى ليس من 
الضرورى أبدا أن تكون مصابا باللولبية الشاحبة. بدلاً من ذلك, كان من الكافى 
تماما أن تكون قد اكتسبت سمعة بين كوادر الحزب يأنك صانع مشاكل ضند 
المجتمع, ويمعنى آخر مصابيًا يمرض 'الموقف من الزمفرى. بعد 50 عبامًا بعد 
انتهاء حملة الشفاءء. عرف الناس من العالم الخارجى بالمقابر على حافة الطريق بين 
بكين والمطار. 


فى التفسير الرسمى الصينى:؛ عما حدث فى عام 1944 “تم استئصال الزهرى 
تماماء ما كان مهما أن "سم شهرة البرقوق” التى دخلت الصين لأول مرة بواسطة 
الغربيين واستخدمت بعد ذلك بواسطة الغرب كرمز على الجنسية الحيواتية للصينيين 
قد منعت بواسطة الصينيين أنفسهم من أرض الصين. بعد استئصاله - بأية طريقة 
كانت- أزيل كل ذكر للزهرى التناسلى من كتب الدراسة الطبية. مع جمهورية الصين, 
أصبحت دراسة الزهرى غير لائقة ("؟'). بحلول عام 1936: فقط وراء حدود الحضارة 
حيث يسكن الآخرون فى أوربا وأمريكاء أو أفريقياء استمر الزهرى سيئ السمعة فى 
عصره التدميري('1١),‏ 


360 


هوامش الفصل الرابع 


)١(‏ مقتبس من لوكندا مكراى بيير المرضى والمعالجون: تجرية المرض فى إنجلترا القرن السابع عشر(لندن, 
روتلدج وكيجان بول.14417١),‏ .1517 يعتقد جرونت أن 797 متوفى من مجموع 57976٠‏ متوفى (نسبة 
)١ ١٠‏ قد سجل أنهم ماتوا بسبب مرض الزهرى. 


(؟) الرواية المقبولة هى رواية كلود كوتيل. تاريخ مرض الزهرىء, مترجم. جوديث برادوك ويراين بايك 
(كمبردج؛ مطبعة حكومية.1190). انظر أيضا: أندريه باسيه؛ علم أويئة العصويات الدقيقة الممرضة: 
الحقائق وشبه الأكاذيب فى مرض الزهرى» بواسطة جين - بيير بارديت وآخرينء, الخوف والفزع فى 
مواجهة العدوى (باريسءفايارد, 1344), 535 الال 4159-8915 


(؟) أليكس ميرسرء المرضء معدل الوفيات: وتعداد السكان فى حالة تغير: التغير الويائى - السكانى فى 
إنجلترا منذ القرن الثامن عشر كجزء من ظاهرة عالمية ( ليسيسترء مطابع جامعة ليسيستر, 1550), 
-٠‏ 5]؛ مايكل أندرسون: تغير تعداد السكان فى شمال - غرب أوروبا 1860-176٠‏ (لندن,مكميلان 
إديركيشن:475:)151882: أنتونى س. وول. نفوس معرضة للخطر: الصحة العامة فى بريطانيا فى عهد 
الملكة فيكتوريا(لندن. ميثوين. :)١1947‏ وول.بعد أن درس عادات العصر,ء يبدو أنه تجاهل مرض الزهرى. 

(4) س. جى. واتسء تاريخ اجتماعى لأوروبا الفربية :١77--١56٠‏ توترات وتضامنات بين الناس القرويين 
(لندن» مكتبة جامعة هفتشتسون: 198414), 04- 5ه, و5- 33., 

(0) مايكل فوكولت, تاريخ الجنسية, المجلد الأول:إرادة المعرفة( ياريس, طبعات حليمارد, 191/5), 31071, 
5, السير فرنسيس بيكون: "المعرفة ذاتها قوة.“ فى ' من الهرطقات" فى تأملاته الدينية .)١991/(‏ 

(1) مقتبس من دافيد ماكى» نفوس ميشيل فوكوه ( لندن» فنتاج, 1955): 478. 

(19) لقد كان من رأى جالينوس أنه طالما كانت الأعضاء التناسلية الذكر والأنثى متماظة فى جوهرهاء فلا 
تستطيع أن تصبح امرأة حاملا مالم تقذف هى وشريكها الذكر البريضة والحيوان المنوى. وبتبئى موقتف 
مختلف تماماء اعتقد أرسطو والعديد من أتباعه أن دور المرأة كان سلبيا فى الأساس وأن المنى الذى 
يقذفه الذكر يصبح جنينا بشريا حيا. ويأخذ أفكاره من كتاب تيمه طيماوس لأفلاطون. يعتقد رابيلياس 
بنظرية رحم المرأة المنتشر” حيوان,العضى غير موجود فى الرجال, [ذلك العضو الذى من خلاله] يهتز كل 
جسدقم» وتنتقل كل أحاسيسهم,. وتتغمس كل عواطفهم وتضطرب كل أفكارهم.” مونيكا أتش. حرين: ١‏ 


53561 


الجنس وطبيب العصور الوسطى تاريخ وفلسفة علوم الحياة ١|اكا‏ العدد:؟ (1551), 585-588 ف, 
رابيلياس. الكتب الخمسة لجارانتوا 0209301003 وبنتاجرويل فى الترجمة الحديثة لجاك لاكلرج 
(نيويورك. المكتبة الحديثة, 1991), 517/4. 


(4) لاقتراح رائد بأن مواقف التنوير القمعية تجاه أشكال معينة من الجنسية كانت مجرد أشكال معلمنة من 
التفنيد الدينى المبكر: تيودور تاركزيلو؛ من استئصال الفسق إلى تاريخ العقليات,' جى. س روسو وردى 
بورتر. كاتبان, عوالم الجريمة الجنسية فى عصر التنوير(مانشستر. مطابع جامعة مانشستر, 1941), 
8٠‏ -١ش5.‏ 


(9) مقتبس من كويتل, مرض الزهرى,؛ .٠١‏ 


)٠١(‏ مقتبس من فراتسيسكو جويراء” الخلاف على مرض الزهرى: أورويا مقابل أمريكاء كليو ميديكا ||الا 
العدد: ١‏ (4لا9١),‏ 014. 


)١١(‏ مقتبس من آنا فواء الجديد والقديم: انتشار مرض الزهرى ,)١550-1١4914(‏ مترجم. كارلق سى. 
جالوكى. بواسطة إدوارد موير وجويدو روجيريى, كاتبان» الجنس والذكر والأنثى فى المنظور التاريخى 
(بالتيمور؛ مريلاندء مطابع جامعة جونز هويكنز».116): 59 انظر أيضا: روجر فرنش: وصول 
المرض الفرنسى إلى ليبزج» بواسطة نيزارد بولست ورويرت ديئرو, كاتبان» أعمال كلوك دى بيلفيلد, 
المرض والمجتمع ( القرن الثانى عشر - القرن الثامن عشر) (باريسء طبعات سى إن أر أسء: 1185), 
181-17 

(16) تقرير الصحة العالمى لعام 1491 يسجل ثلائين مرضا معديا جديداء تم التعرف عليها منذ عام 191/5: 
تقرير الصحة العالمى لعام 1941: مقاومة المرض, تبنى التنمية (جنيف, منظمة الصحة العالمية, 
31و ١17‏ 


(؟1١)‏ باسيه؛: الوباء". 577- 859؛ ميركو د. جريمك,” أصل مرض الزهرى وانتشارهء“ فى أمراضه فى عالم 
اليونان القديم. مترجم. ميريل مولينر و ليونارد مولينر(بالتيمورء مريلائد. مطايع جامعة جون 
هويكنز.1985)., 154- . 154 للوعى بتفير المرض ما قبل داروين انظر: جيمس واى. سيميبسون,” 
ملاحظة أثرية عن الجذام ومستشفيات المجذومين فى أسكتاندة وإنجلتراء" المجلة الطبية والجراحية 
بأدنيره االاا )١441(‏ 3.05 

)١4(‏ ميجان فوجان الزهرى والجنسية: حدود القوة الاستعمارية الطبية.” فى علاجها لأمراضهم: القوة 
الاستعمارية والمرض الأفريقى (كمبردج, مطبعة حكومية.17.)1591؛ جون أورلي» المفاهيم 
الطبيعية للمرض وتفاعلها مع الطب العلمى. بواسطة إى. إى سابين - كلار د. جى. برادلى وك. 
كيركوود. كاتبان, الصحة فى أفريقيا الاستوائية خلال الحقبة الاستعمارية (أكسفورد. مطابع 
كلاردين,198), .17٠١‏ 


3062 


)1١(‏ كويتل. الزهرى. 55؛ آن مارى مولينء القديم والجديد: الاستجابة الطبية لوياء عام 21437 بواسطة 
بولست وديلرى, المرض والمجتمع,0؟١!؛‏ للقبول الساذج لفولتير للاصول الأمريكية: ساندر ل. جيلمان: 
الجنسية: تاريخ مصور(نيويورك: جون ويلى؛ 195/5), 457- /41. 

)١١(‏ للقراءات التى تتجاهل نيشفيلنج وداروين أنظر دونالد جى. أورتر ن. توروس و أ. ستيكس؛ المرض 
فى سكان العالم الجديد الآثارى," البيولوجيا البشرية /ااعا | العدد: ؟ (1995), 559-- 5410؟؛ جريمك,” 
الأصل والانتشارء” ”87١؛‏ دانيال جاكور وكلود توماسرت. الجنسية والطب فى العصور الوسطى» 
مترجم. ماثيو أدمسون ( كمبردجء مطابع حكومية:1944١):‏ 178: جيلمان: الجنسية, ١7؟؛‏ ستانسلاف 
أندرويسكي, الزهرىء البيوريتانية ومطاردات الساحرة: تفسيرات تاريخية فى ضوء الطب والتحليل 
النفسى مع تنبؤ بالأيدز(لندن. مكميلان, 1585), .5٠١‏ 

(17) فرانك ب. ليفينجستون؛ عن أصل الزهرى: فرضية بديلة.' أنثرويوجيا حالية |الالاا العدد: ه 

(ديسمير ,)١155١‏ 060-0417 ليفينجستون والمصادر التى يقتبس منها تتأثر بالهجوم المفاجئ للزهرى 
فى أمريكا بعد وصول الاوربيون. يقترح مرة أخرى أنه كان فى أمريكا مرضا جديدا تماما. انظر 
أيضا: يرندا جى. باكر وجورج جى. أرميلاجوس. الاصل وقدم مرض الزهرى: التشخيص البائولوجى 
القديم والتفسيرء أنثرويوجيا حالية لاالاا العدد:ة (ديسمير ,)١944‏ "الا لاالا. 


(14) جويراء "الخلاف حول الزهرئ'., 00 باراكيلسيوس ( توفى عام ,)١١4١‏ خصم الطب الجالينى؛ وعلى 
ذلك ربما لم يكن غير متأكد تماما عندما تعرف على "الزهرى والسيلان فى عام ١4957‏ تقريبا على 
أنهما مرض واحد. 

(19) مولين,” القدديم والجديدء” ١٠7١؛‏ دليل أوغست ميرسك للباثولوجيا الجغرافية والتاريخية, الطبعة الثانية, 
مترجم. تشارلز كريجتو نْ(لندن, جمعية نيو سيدنهام, ادن (مهخكح), 0 فرنش "الوصول". لل 

)٠١(‏ جويراء” الخلاف حول الزهرى., 45؛ فرئسى:: وصول المرض الفرنسى,” :١185١ -١77‏ كيوتل, الزهرى» 
6 

(١؟)‏ مقتبس من كيوتل؛ الزهرى: 4؟؛ للمدخل الاصطلاحى: إدوارد شورتر أجساد النساء: تاريخ اجتماعى 
لصدام النساء بالصحة. المرض والطب ( نيو برنزويك؛ نيوجرسى. ناشرو صفقة, ,)199١‏ 15517 776. 

(5؟؟) مرجريت بيلنج»” الظهور والحقيقة: باربر-سيرجيوئز. الجسد والمرض" بواسطة أ.ل بيير وروجر فينالى, 
كاتيان: لندن :١.٠١0 -١6.٠‏ صنع العاصمة(لندن؛ لوتجمان1545,2) , /ا9 -54, 

(؟1) جون م. ريدل؛ منع الحمل والإجهاض من العالم القديم إلى عصر النهضة (كمبردج» ماساشوتس, 

مطابع جامعة مارفارد. 1947١)؛‏ أنجوس مكميلان؛ تاريخ منع الحمل منذ القدم وحتى الوقت الحاضر 

(أكسفورد, باسيل بلاكويل, /)١55‏ واتس» التاريخ الاجتماعى, اه 05 


(1؟) مقتيس من كيوتل: الزمرى: 83 


5303 


(15) بالنسبة لأوفيديو. انظر الفصل الثالث عن الجدرى. مناقشة أوفيديو. يرى بارتولومو دى لا كساس: كان 
واحدا من الأعداء العظام لدى الهنود وأحدث لهم أنسوأ الأذى لأنه كان أعمى من الآخرين فى عدم 
معرفته الحقيقة. ريما بسبب طمعه المتعاظم وطموحه. الصفات والعادات التى دمرت الإنديز:” مقتيس 
من أتش سى. بورتر. الوحشى المتقلب:إنجلترا وهنود أمريكا الشمالية, -١6٠١‏ ١7١١(لندن؛‏ دوكورث. 
ؤ/ا9ا), ١دا‏ 


(11) مقتبس من جويراء “الخلاف حول الزهرى”". 41؛ أيضا طبعها كيوتل فى الزهرى؛ 8*. 

(9؟) كيوتل؛ الزهرى, 77-55, 4؟-/1؟؛ مولين, ” القديم والجديد." 4؟1؛ و.ف. باينوم» "التعامل مع عواقب 
الخطيئة: المرض التناسلى والتخصصية فى بريطانيا القرن الثامن عشرء بواسطة و.ف.باينوم وروى 
بورترء كاتبان,الحافة الطبية والأرثوذكسية الطبية 182٠ -١9/8٠‏ ( لندن؛ جروم هيلم, /15410), 0-15١؛‏ 
جويراء ‏ الخلاف حول الزهرى . 48؛ بروث توماس بوهرر» الزهرى الحديث المبكرء بواسطة جون 
سى. فوت, كاتب؛ تاريخ ممنوع: الدولة والمجتمع وتنظيم الجنسية فى أوروبا الحديثة (شيكاغو, مطابع 
جامعة شيكاغو: 1997), /ا2. 

(4؟) بوهررالزهرى".5١؛‏ كارل سذوفء كاتب, الأعمال الأدبية المبكرة المطبوعة عن الزهرى؛ لكونها عشر 
مقالات من سنوات ١158-1450‏ (فلورنساء ليير.5؟15)؛ ناتالى زيمون دافيد» الطباعة والثاس: 
فرنسا الحديثة مبكراء' بواسطة هارفى جراف, كاتب, الثقافة والتنمية الاجتماعية فى الغرب ( كمبردج, 
مطابع جامعة كمبردج, 1541), 19- 56. 


(19) مقتبس من كيوتل, الزهرى؛ 13؛ يذكرنا كيوتل بأن جرونبك قد عاش إلى سن الحادى والثمانين. أنظر 
أيضا: بوهررء "الزهرى” 6١-لاق,‏ 19, 

(0) ليندال رويرء' الانضباط والاحتراح: الدعارة والإصلاح فى أوبجس برج مجلة ورشة التاريخ اا 
(مهذاح) على 


المطبوعة فى إيطاليا عصر النهضة: المحرر والنص العامى, ١10-151١‏ ( كمبردج, مطابع جامعة 
كميردج. .)١556‏ 


(51) بومررء ' الزهرى , ١٠-55؛‏ جيوفرى إيتاوف. زهرى فراكسفورو: مقدمة, النص. ترجمة وملاحظات مع 
فهرس بالكلمات مستحدث بالكمبيوتر (ليفريول: فرانسيس كيرنز.19844): 70-١‏ رسمى لمنظمة الصحة 
العالمية. تقييم ن. هوارد - جونز لفراسكاتورو أنظر صفحة 584 حاشية ١١‏ انظر أيضا: فيفيان نوتون, 
'بذر المرض: تفسير العدوى والإصابة من عصر الإغريق إلى عصر النيضة: التاريخ الطبى !الالالا 
(كهذا), 54-55؛ بول و. إدوارد. نشيو المرض المعدى (نيويورك. مطابع جامعة 


أكسفورد,18414,)1594 


304 


)1١(‏ بيلنجء الظهور والحقيقةء: ١١5-85‏ جاء فى كتابه تاجر لندن فى عام ,١741‏ أدعى ر. كاميل أن 
جراحى المدينة لا يزالون يحتكرون بصورة عملية علاج : المرض التناسلى ... وثلاثة أجزاء من أربع من 
ممارستهم تعتمد على جهلهم بهذا الاعتلال المزاجى ذاته الذين يتظاهرون بعلاجه .' مقتبس من باينوم. 
' عاقبة الخطيئة". 9. 

(4؟) ماكلارن؛ تاريخ منع الحمل. لنظر أيضا هيلارى مارلاند. "مقدمة", ومارلاند. قابلة'برجرلجك": هولندا 
القرن الثامن عشر" وميرى ويزنره ' قابلات جنوب المانيا والانقسام ما بين الخاص والعام' بواسطة 
هيلارى مارلاند, كاتبة.' فن التوليد: القابلات المحدثات مبكرا فى أوروبا (لندن. روتلدج. :198), ,8-١‏ 
,5١7--1975 ,944-37‏ انظر أيضا: أ. ماريام جريلسامر»' القابلة. الكاهن, والطبيب: إخضاع القايلات 


فى المقاطعات المنخفضة فى نهاية العصور الوسطى"" مجلة دراسات العصور الوسطى وعصر النهضة 
اكالا (1951), 219, 


(5؟) ألين كوربين.” الفزع الأكير من الزهرى بواسطة بارديت وآخرون, الخوف والفزع., 5757 أنظر أيضا 
روى بورتر: الحب؛ الجنس والجنون فى إنجلترا القرن الثامن عشرء دورية الأبحاث الاجتماعية |الا 
العدد:؟( 1945), 775-150 

(11) مقتبس من ماثيى رامزى, الطب الاحترافى والشعبى فى فرنساء ٠/1/7١1-.857١(كميردج:‏ مطابع جامعة 
كميردجء ,)١1944‏ 189 انظر أيضا: كيوتل؛ الزهفرى, 45- 37. 

(9؟) مقتبس من روى بورتر.' الدجالون والجنس: ريادة أم إحداث قلق؟ فى كتابه الصحة للبيع: الدجل فى 
إنجلترا (1860-117٠‏ مانشستر. مطابع جامعة مانشستر, 1548), 161. 


)4») كيوتل, الزفرى» الكل وكات لاار كا 15 ا10, 
[لكرة جاك روسقوء الدعارة فى العصور الوسطىء» مترجم. ليديا ع كوشران (أكسفور .2 يباسيل 


مؤسسة حضرية فى لانجودوك (شيكاغو. مطابع جامعة شيكاغى. 1948). 


أريز وأندريه بيجن كاتبان: الجنسية الغريية: الممارسة والنصيحة فى العمصور الماضية 
والحاضرة(أكسقورد, باسيل بلاكويل.5/80١),‏ كوخ 


(41) رويرء الانضباط والاحترامء 5-4؛ بوهررء الزهري", 19-14؛ أيان و. أرشر. مسعى الاستقرار: 
العلاقات الاجتماعية فى العصر الإليزابيثى فى لندن (كمبردج؛ مطايع جامعة كميردج, 1991): .51١‏ 


(5) روس» الانضباط والاحترام.'ه. 


31065 


(؟4) روسوء الدعارة فى العصور الوسطى. ١78.176 -١110‏ ؛أوتيسء الدعارة... فى لانجودوك.. "5 
للمراجعات أنظر بطرس بورك, الثقافة الشعبية فى أورويا الحديثة مبكرا( لندن, تمبل سميث.151728) 
وواتسء التاريخ الاجتماعى. 

(44) آن ج. كارميتشلء: حالة الصحة للفلورنسيين فى القرن الخامس عشر» بواسطة مارسيل تيتل؛ ر. وت و 
ر.جوفن. كاتبان. الحياة والموت فى فلورنسا القرن الخامس عشر(دورهامء نورث كاروليناء مطابع جامعة 
الدوق, 1949), 731-59 
جين بيريل (كمبردج: مطابع جامعة كمبردج.544١),‏ الى 


(41) جيفرى ريتشاردس, الجنسء الانشقاق والإدانة: جماعات الأقلية فى العصور الوسطى (لندن, 
روتلدج:.195), 1195-114. 1 


(41) مقتبس من سوزان سى. كارائت- نون" الاستمرارية والتفير: يعض تأثيرات الإصلاح على نساء" 
مجلة القرن السادس عشر ااا العدد:؟ (77,)1985-, 58 انظر أيضا روير» الانضباط والاحترام» 
8--9١؛‏ أوتيس, الدعارة... فى لانجودوك .4١‏ 

(44) كارانت - نون,” الاستمرارية والتغير.” 8”. 

(59) آرشسر. مسعى الاستقرارء -95١١‏ 516 15151 53775, 7549 ,304 عن أهمية الهجوم على الجنس 
المحظور فى صنع الإصلاحات البروتستنتية فى الأراضى الألمانية؛ هولندا. وإنجلتراء انظر أولوين 
هفتون. الأمل أمامها: تاريخ النساء فى أورويا الفربية,١: -١6٠.٠‏ ٠-6١(نيويورك.هاريركوليتز.ة115).‏ 

(50) هترى كيمان؛ محاكم التفتيش والمجتمع فى أسبانيا فى القرن السادس عشر والقرن السابع عشر 
(بلومنجتون.مطابع جامعة أنديانا, 1946): 140 .5١0‏ انظر أيضا: مارى إليزابيث بيرى» المطلعون 
المنحرفون: الدعارة المشروعة ووعى النساء فى سيفل الحديثة مبكراء' دراسات مقارنة فى المجتمع 
والتاريخ الكفي١‏ العدد : ,)١195486(١‏ 148 4م1١‏ 

)0١(‏ سياسة الكنيسة؛ أكدت منذ البداية على أن الرجل والمرأة لديهما الحرية فى أن يوافقوا على الاتحاد 

(؟ه) إيوان كاميرون, الإصلاح الأوروبى (أكسفورد, مطابع جامعة أكسفورد؛١1991)‏ كككد باك مك 
.غ4 مءغ8؛ واتس التاريخ الاجتماعى» .-1١84‏ .7 ليندال روبر» العائلة المقدسة: الدين,الأخلاق,» 
والنظام فى الحركة الإصلاحية فى أوجسبرج (أكسفورد.مطابع جامعة أكسفورد/1145). 

)5م( كارانت - نون الاستمرارية والتغير". 714-177؛ سوزان أمسين, الجنس, الأسرة والنظام الاجتماعى, 
7978-6“ بواسطة أنتونى فلتشر وجون ستيفنسون, كاتبان , النظام والفوضي فى إنجلترا 
الحديئة مبكرا (كمبردج.مطايع جامعة كميردج.11486), اك 


3656 


(24) مقتبس من رويرء الانضباط والاحترام,: ؟١-5١1؛‏ انظر أيضا كيوتل, الزهرى. ؟1١7.‏ 


(54) ناتالى زيمون دافيد النساء فى الأخوية الماسونية فى ليون القرن السادس عشرء بواسطة باربرا إيه. 


)61) 


000) 


هاناوالت. مؤلفه. النساء والعمل فى أورويا قبل عصر الصناعة (بلومنجتون. مطابع 'جامعة 
إنديانا.1147)../ا١‏ انظر أيضا جوديث والكوتز. الدعارة والمجتمع الفيكتوري (كمبردج:ء مطابع 
جامعة كميردج..194). 

توماس رويشو» الفلاحون والقساوسة: السيطرة على شباب الريف والإصلاح في 016امعط0!!, 
,1١18.-‏ التاريخ الاجتماعى الا العدد: " (أكتوير 1941), 0-741 50؛ دافيد وارين سابين, 
الملكية., الإنتاج والأسرة فى /060618)08058!, 1487.-11.٠‏ ( كمبردج. مطايع جامعة 
كمبردج:15481/,)199.0- 71048 75359 5144؛ شيلاج سى. أوجليف»” مرحلة النضج فى مجتمع متحد: 
الرأسمالية, التقوى وسلطة الأسرة فى ووتمبرج الريفية,290١-‏ .171, الاستمرارية والتغير ١‏ 
العدد:(194871١),‏ 17179 5531؛ جين - لويس فلاندرين, الاأسر فى المصور السابقة: القرابة والعائلة 
والجنسء مترجم. ريتشارد سوثرن (كمبردج. مطابع جامعة كميردج. 1514)؛ جيوفانى ليفى. " التبادل 
وأرض السوقء فى قوته الموروثة: قصة تعويذية؛ مترجم, ليديا ج. كوشران (شيكاغى. مطابع جامعة 
شيكاغى, 19544), 359-577 

جين فردريك أوستروالد. طبيعة عدم النظافة فى الاعتبار (لندن. ,)١704‏ التفنيدات الأخلاقية 
لأوستروالد عن الممارسة الجنسية للفتاة - الشاب الفلاح تم السيطرة عليها بنفس الكلمات بالضبط 
واستخدمت فى نقد الأمريكيين الاصليين فى الكويبك بواسطة أنطوان دنيس رادو فى عام ١709‏ وهذا 
إيحائي لدور أوستروالد فى خلق الصورة الذاتية للأوربيين. وخصوصا هؤلاء الذين يغامرون فى أراض 
غير أوربية:أنطوان دنيس رادو" مذكرات تتعلق بالأمم الهندية المختلفة فى أمريكا الشمالية.” ملحق ل و. 
فيرنونكينيتزء هنود البحيرات الكبرى الفربية..1710-156(آن أربور» مطابع جامعة ميتشجان, 
)لال 


؛:: جين ستنجرز وآن فان نيك؛ تاريخ الفزع الأكبر: الاستمناء (بروكسل, مطبوعات جامعة 
بروكسل,19814), 47-47, ,4444-4448 روسايد, الدعارة فى القرون الوسطى, 6١5-1١٠؛‏ روى 
يورتر» الحب, الجنس والطب: نيكولاس فينيت ووصقه للعشق الزواجى»: بواسطة بطرس واجنرء كاتب, 
الكتابة الجنسية والتنوير (فرانكفورت أم مينءلاند..195)-75-3١؛‏ رويرت ماكوبين, كاتب, إنها غلطة 
الطبيعة: الجنس غير المسموح به خلال عصر التنوير(كمبردج؛ مطابع جامعة كميردج:/1941), 47. 


(59) روى بورترء” لغة الدجل فى إتجلتراء ,18..-1١7٠.٠١‏ بواسطة بطرس بورك وروى بورتر. كاتيان, 


التاريخ الاجتماعى للغة (كمبردج. مطابع جامعة كمبردج:/1541), 98-15 انظر أيضا بورترء الصحة 
للبيع؛ رامزى. الطب الشعبى. 


307 


)٠١(‏ لتاريخ نشر 073013 انظر ستانجرز وفان نيكء القزع الأكبر..4؛ انظر أيضا: رويرت أتش. 
مكدولاندء النتائج المخيفة للجماع الناقص (الاستنماء) :0311510 ملاحظات على تاريخ الوهم,' 
مجلة تاريخ الأفكار ||ا/ااا (977١)؛‏ أتش. ترس ترام إنجلهارت: الابن” مرض الاستمناء: قيم 
ومقاميم المرض” يواسطة أرثر كابلان. أتش إنجلبارت الاين, و جى. مكارتنى» مقاميم الصحة 
والمرض: منظورات فى حقول دراسة مختلفة (قراءة» ماساشوتس. أديسون - ويسلى, )1١154١‏ 534؛ 
جى. سول» العشق فى الغرب فى العصر الحديث(باريس, مكتبة هاشيت» كلاود)؛ أد هارفي, الجتس 
فى إنجلترا الجورجية: مواقف وإجحافات من عشرينيات القرن الثامن عشر وحتى عشرينيات القرن 
التاسع عشر (لندن سوكوورث؛ ,)١1994‏ 737-114 3. 


(11) مقتبس من مكدونالدء النتائج المخيفة," , 55 ربما كان السيد جروتش نفس الموزع الذى سجله روى 
بورترء فى اتصال خاص كناشر /موزع لكتاب النصيحة الجنسية لجون مارتينء أو النظام الجديد لكل 
صور الوهن والأمراض السرية: الطبيعية. التصادفية, التناسلية فى الرجال والنساء الطبعة السادسة 
(لندن. ,)١ 22١5‏ 


(15) أنطوانيت إمش-ديرياز.تيسو: طبيب من عصر التنوير(برن» بطرس لانج:497١)؛‏ س.أ.أ.د. تيسو, 
الجماع الناقص,أو أطروحة عن الاضطراب الناتج من الاستمناء أو التأثيرات الخطيرة للجماع المفرط 
والسرى. مترجم. هيوم.طبيب الطب(لندن: جى»؛ بريدن:1767,. 1537 انظر أيضا: جيفرى ر. وات.” 
التحكم فى الزواج فى سويسرا فى عهد الإصلاح..6 ١8٠0-1١‏ بواسطة و. فرد جراهامء كاتب, 
الكلفانية المتأخرة: منظورات دولية(كيركسفيلء ميسورى ٠‏ مقالات ودراسات من القرن السادس عشر 
كلكا 1 ), 015-59 


(17) ستانجرز وفان نيك, القزع الأكير. 19-1١4‏ 507١!؛‏ ر. ب. نيومان, الاستمناء, الجنون والمفاهيم الحديثة 
للطفولة والمراهقة,” مجلة التاريخ الاجتماعى !|الا العدد: ,50-١ ,)191/5( ١‏ الأساس قى المناقشة, 
لورانس ستون, الأسرة؛ الجنس والزواج فى إنجلترا 18٠٠-1١6٠.٠‏ (لندنءوايدنفيلد ونيكلسون,: /1917)؛ 
إدوارد شورترء صنع العائلة الحديثة (لندن» كولينز.1977). وقد أكملها حاليا أنتونى فلتشرء 
الذكر/الأنثى, الجنس والتبعية فى إنجلترا ١8٠٠-165٠‏ (لتدنسمطابع جامعة ييل.1990). انظر أيضا 
مايكل راى.” نشأة وأتماط حياة الباريسيين الشواذ جنسياء. :17/0٠ -1١/.‏ أرشيفات الشرطة,' 
بواسطة ماكوبين. إنها غلطة الطبيعة. 9/ا١-‏ 151. 


(14) جوناثان همتشنسون: عن الختان كوقاية من الاستمناء.” أرشيفات الجراحة. !| ١85.(‏ - 
100 


(16) ميشيل فوكوه., مولد العيادة الصحية: الآثار القديمة للفهم الطبى (أول طبعة 7 ). مترجم. أم. 
شيردان (لندن» روتلدج» :)١9485‏ عيادة بافيا مذكورة فى صفحات لاه. 5ه, 1٠١‏ 17 و, ١١0‏ 


(11) إمتش - ديرياز: تيسوء أنظر أيضا: جوينتر ب. رايس الطب فى عصر التنوير»" بواسطة أندرو وير» 
كاتب» الطب فى المجتمع: مقالات تاريخية (كمبردجء مطابع جامعة كميردج.  )1995‏ 147- 141؛ 


3665 


مائيو رامزى * ترويج الطب فى قرنساء ,11.0.-1١16٠‏ بواسطة روى بورتر. كاتب, ترويج الطب 
-16-:.185 ( لندن: روتلدج:؟195), 77-105 ١‏ 


(110) إمتش - ديريان: تيسى 715501 2737 , 

(18) إمتش- ديريازء تيسو؛ رامزى, الترويج” .١1٠١‏ 

(19) ب. دو توا دى مامبرينى؛ عن الجماع الناقص: أى محاضرة فلسفية وأخلاقية عن الشهوة المصطنعة 
وعلى كل الجرائم المتعلقة بها (لويزانا,أنتوني تشابيوس:10760), 7, 309/1. 

.١67 مقتيس من مكدونالد, النتائج المخيفة'. 0؟5؛ تيسوء الجماع الناقص,‎ )7٠١( 

)١(‏ تيسوت, الجماع الناقص . . 87 انظر أيضا بورتر»"الحب والجنس والجنون,”29؟؟. 

(1) جان جاك روسوء إميل أو التعليم ( طبع لأول مرة سنة ). مترجم. باربرا فوكسلي (لندن؛ جى. م. 
دنت وأبناؤه. ,)151١‏ 5294 ,299 لسرعة تلقن الإنجليزية" لإميل 10318 انظر ليندا كوللى: 
البريطانيون: صياغة الأمة 1670-1١11.‏ (لندن, بيمليكو, 19915), 15179 .731 1/7 9/0 

[لقفف تيسوء الجماع الناقص» ١1‏ السين أشعيا برلين أوضح التنوير لما كان فى "الغصين المائل” ومقالات 
أخرى فى كتابه الخشب المعقوف للإانسانية (نيويورك» الفرد. أ نوف/19912). الكتابة يعد سقوط الشبح 
كريستوفر لاسك لخص الإجماع الجديد:” السبب والمبادئ الأخلاقية للتنوير ترى بشكل متزايد على أنها 
غطاء للقوة": سبى لانبكء ثورة النخبة وخيانة الديمقراطية(نيويورك: نورتون,. 1558), 5و 

(4) تيسو, الجماع الناقص؛ 45. 

(5) تيسو. الجماع الناقص 35,835,1/5؛ انظر أيضا إمتش - ديريان؛ . تيسو, 01- 00: لورانس ستون, 
ما الذى أخطأه فوكوه' 10 115 مارس 19956, 4- ©6. 

(1) مقتبس من ليسلى أ. هول,” ممنوع من الرب؛ محتقر من الناس: الاستمناءء تحذيرات طبية؛ الفزع 
الأخلاقى والرجولة فى بريطانيا العظمىء ,١52--1485٠‏ مجلة تاريخ الجنسية ||العدد:؟(؟1..,)1955؟ 
أنظر أيضا ليسلى أ. مولء القلق الخفى: جنسية الذكر...15-.145(كمبردجء مطبعة 


١١6 حكرمية.؟1951),‎ 


(/) مقتبس من هول» ممنوع' . 77٠‏ انظر أيضنا: مايكل ماسونء صنع الجنسية الفيكتورية (أكسفورد, 
مطابع جامعة أكسفورد.1954١)),‏ الا, 

(4) هثرى مودسلى, ' إيضاحات تشكيلة من الجنون,: مجلة العلوم العقلية يوليو. ,١1874‏ مقتبس من فيدا 
سكوتائزء الجنون والأخلاق: أفكار عن الجئون فى القرن التاسع عشر(لندن, روتلدج وكيجان 
بول.15170), 1١-4٠‏ ؛ هتشنسون, عن الختان» 514؛ نيومان,' الاستمناءء," ١٠؛‏ يورتر, 'الحب 


509 


والجنس والجنون", /51؟-598؛ بورترء” الدجالون والجنس.' 74١؛‏ هول؛ قلق خفى, "ا" ؛رونالد هيام, 
الإمبراطورية والجنسية: التجربة البريطانية(مانشسترء مطابع جامعة مانشستر.11-11)1550, 
"“/- كلا؛ فرانك مادين؛ ثلاثون سنة من الجراحة فى مستشفى قصر العينى: ,/١3178-14894‏ بواسطة 
محمد بك خليل؛ كاتبء تقرير ثالث(القاهرة.مطابع أهلية.١1951), 15-41١‏ أنظر أيضا أتش. و. هارت, 
كاتب, دليل الصبيان: الكشافة فى أمريكا( لا يوجد مكان أو تاريخ للطباعة, غير أن أتش هوفر كان 
رئيسا 197١(‏ -1975) : محادثة: فى جسم كل صبى الذى يصل سن المراهقة.بذر خالق الكون فيه 
سائلا مهما... بعض الأجزاء منه تجد طريقها إلى الدم؛ ومن خلال الدم تعطى نغمة للعضلات: والقوة 
للدما غ. والشدة للأعصاب. هذا السائل هو السائل الجنسى... وأية عادة تجهل الصبى يقذف السائل 
خارج الجسم تميل إلى إضهاف قوته. وتجعله أقل مقاومة للمرض.ولسوء الحظ فإنه غالبا ما يقرر بسرعة 
عادات لا يستطيع أن يقلع عنها فيما بعد إلا بصعوية بالغة... ولكى يصبح المره قويا... يجب أن يكون 
نقيا فى فكره ونظيفا فى عاداته. هذه القوة التى تحدثت عنها يجب أن يحتفظ بها... ولكن تذكر أنه لكى 
تجنى وبسائل للتضحية بالقوة والشدة والرجولة. مصدر سابق, 819- .65٠١‏ 
(/) أتش كومن: أمراض العين من الاستمناء: أرشيفات طب العيون اا (1945), 441-478: مقتبس من 
ساندرا ديان لين "دراسة ثقافية حيوية للتراكوما فى قرية صغيرة مصرية" (أطروحة دكتوراه فى طب 
العيونء. جامعة كاليفورنياء سان فرانسيسكو,588!!؛ أن أربور. ميكروفيلم جامعة 
ميتشجان:19,/)15148١71١1؛‏ ستائجرز وفان نيكء الفزع الأكير, ١44,‏ 


(4) ميشيل فوكوه. القوة/ المعرفة: مقابلات مختارة وكتابات أخرى: 191/7-//11( نيويورك: بانتثيون, 
٠١8‏ !؛ نيومان” الاستمناءء” 7١-5١؛‏ ستانجرز وفان نيك الفزع الأكبر, لا168-16؛ 

إمتش - دريانء تيسق "0١‏ 

.588 مقتيس من هولء: ممتوع»‎ )48١1( 

(45)' مراجعة”؛ مجلة الطب الاستوائى والنظافة اا (نوفمير ,)١1104‏ 74-177 (حروفى الطباعية). 

١م‏ تدابير النظافة ضد الزهرى: محاضرة هاربين رقم !|||: مجلة الطب الاستوائى 2 الا (يوليى ,)١5105‏ 
07 (حروفى الطباعية). 

)م مايكل أندرسين, تغير تعداد السكان قى شمال - غرب أقروبا ثول/ا١-‏ .مم١‏ ) موندسميل,بيسنجستون, 
مكميلان إديوكاشن. 1944). ١57-171؛‏ أندريه أرمنجودء” تعداد السكان فى أورويا 001914-١1/.٠‏ 
51-0 


(860) هذا تقدير متحفظ: فى عام 1907, قدر مدير معهد باستير رفيع المستوى فى باريس أنه توجد مليون 
حالة معدية بالزهرى فى فرنسا وحدها: أليان كوربين, بنات العرس: تعاسة جنسية ودعارة القرن 
التاسع عشر والقرن العشرين ( باريس .402181996 /وأتاناثظ: 8//ا5١),‏ 584. 


23140 


زكم) رودريك فلود. ك. واتشر وأ جورجى: القمة. والصحة والتاريخ: الوضع الغذائى فى المملكة المتحدة: 
١‏ - 4( كمبردج» مطايع جامعة كمبردج:1549), غ9 م595 ميرسر: المرض... فى مرحلة 
انتقال 17؟-هغ. 


(49) وهلء نفوس فى خطرء. ١177-77؛‏ هيام؛ الإمبراطورية والجنسية؛ 75-, 75 الرأسسماليون النبلاء أنظر 
ب. جى. كين وأ. جى. هويكنزء الإمبريالية البريطانية: التجديد والتوسع (١914-1544‏ لندن, لونجمان, 
١51‏ ), خاصة -1١١6‏ 130. 


(44) مقتبس من جين تشاراز سورنيا؛ تاريخ شرب الخمر(باريس؛ فلاماريون:1547), ١6١‏ عن التأثير بأن 
المخاوف الفرنسية حول تعداد السكان المنخفض فى الأراضى الأم بأنه له تأثير على الأراضى التى 
تحكمها فرنسا فى شمال أفريقيا وغرب أفريقيا (فرضت الخدمة العسكرية الإجبارية على كل الذكور 
الطبيعيين سليمى البنية التى تتراوح أعمارهم ما بين العشرين وما بعدها)» أنظر مايرون إتشنبرج, 
"عمل الرجل الأسود": السمات العسكرية للتخطيط للسكان فى غرب أفريقيا الفرنسية, .٠؟95١1-.1984”‏ 
بواسطة دئيسن ل. كورديل وجويل و. جورجى» كاتيان: تعداد السكان الأفارقة والرأسمالية: رئى 
تاريخية(بولدر.كولورادو, مطايع ويستقيو.193417١),‏ مقحخل١١,‏ 

(49) كيوتل: الزهرى, ,١715‏ 144., /ال0١,‏ 151764 753537, 1358؛ أرمنجودء "تعداد السكان”, ١٠؟,‏ 75, لاه-غة؛ 
أوجين ويبرء من الفلاحين إلى الرجال الفرنسيين: تحديث فرنسا الريفية (ستانفورد؛ كاليفورنياء مطابع 
1814 (كميردج, مطابع جامفة كميردج» 4ذ١),‏ 

(60) كوربين؛ "الفزع الأكبر»” 4/1517 7, 


(41) كوربين؛ بئات العرس, 546- ٠٠١.‏ عن التحول فى ستينيات القرن التاسع عشر: كوربين» الفزع 
الأكير'؛ كيوتل: الزهرى: .741-١١5‏ 


(4) مقتبس من كيوتل, الزفرى: 1717. 

(95) س.أ.ك. ستراهان, الزواج والمرض: دراسة الوراثة والأكثر أهمية مظاهر تدهورالأسرة (اندن؛ كيجان 
بول ترئشاترويشس» 45 ا), ,١6‏ 

(44) كوريين. بنات العرس, 74817- 84؟؛ كيوتل, الزهرى. 75١-115؛‏ إليزابيث لوماكس, زهرى طفولى 
كمثال لاعتقاد القرن التاسع عشر بورائة الصفات المكتسبة.” مجلة تاريخ الطب 706617 (19109), 
كس وار 

(40) كوربين. بنات العرس. ه447-44, الذعر العصرى الذى يعكس الانحطاط الوشيك للجنس البشرى: 


32 


(كة) ميشيل ببيروت» السيدات والخلافات المعتادة,” بواسيطة فيليب أريز وجورجيه دوبي» تاريخ الحياة 
الخاصة (باريس سويل؛ .)١1985‏ ١٠/؟؛‏ جيل هاريسون” الزهرى. الزوجات والأطباء: الأخلاقيات الطبية 
والأسرة فى أواخر القرن التاسع عشر بفرنساء دراسات تاريخية فرنسية الالاالعدد:١(‏ ربيع 1145), 
الا 46 


(19) كيوتل, الزهرى. ,17٠ -١58‏ 170-174؛! جوستاف فلوبير» رحلة إلى مصر. كاتب. بطرس -مارك دى 
بييز (باريس» برنارد جراسيه؛١1131),‏ 118-1953؛ ترجمة بنجوين الإنجليزى روجعت تحت عنوان بق 
الفراش كانت الجزء الأفضل,” 4 115 أكتوبر 7,2١11957‏ انظر أيضا هيام؛ الإمبراطورية والجنسية, 
بدأ فلوبير بحثا عن القديس أنتونى فى عام (١854‏ قبل زيارته للقاهرة) وإعادة كتابة الكتاب 
وأسهب فيه فى عام 18327 وأعاد كتابته مرة أخرى للطبعة الأخيرة فى عام ,181754 بالنسبة للقديس 
أنتونى الموضوع فى استخدامات أخرى؛ انظر الفصل الثالث عن الجذام: للموقف الساخر لفلويير تجاه 
الدكاترة الطبيين (أى السيد بوفارى) انظر مدام يوفارى, فقرة ختامية. انظر أيضا: رويرت أ. ناى,” 
الاختلافات الجنسية والشواذ جنسيا من الذكور فى الحديث الطبى الفرنسيء: -١487٠‏ 19170 نشرة 
تاريخ الطبء ||اكلا (1949) ,58.:15؛ رويرت أ. ناىء الجريمة, الجنون والسياسة فى فرنسا الحديثة: 
المفهوم الطبى للانحطاط القومى (يرنستون؛ نيوجرسىء مطابع جامعة نيوجرسى:؛ ,)١15185‏ 


(44) دكتور بينيفيل» يرد على المنظمة المنافسة لمحارية الزهرى فى فرنساء” بواسطة محمد عبد الجليل. 
المطابع الأهلية,1955١),‏ لاءلا. 


(99) جريج س. ماير العقاب الإجرامى على نقل الأمراض الجنسية المنقولة: دروس من الزهرى.” نشرة 
تاريخ الطب لاكا| العدد: ؛ ( شتاء ,061/)115١‏ ١55؛‏ جاى كاسيل: الطاعون السرى: المرش 
التناسلى فى كندا 1395-1474( ترنتوء مطابع جامعة ترنتو.84,,/)19417 لأعمال الطهارة فإن البطل 
الصليبى الأمير موروء مترجم إلى الإنجليزية الأمريكية الزهرى والزواج لالفرد فورنير- عادة ما يوافق 
مترجم على الرسالة الرئيسية التى يعمل عليها- أنظر ألان براندت. ليست رصاصة سحرية: تاريخ 
اجتماعى للمرض التناسلى منذ (١188٠0‏ نيويورك: مطابع جامعة أكسفورد. 1140). لاستمرار المضايقة 
الطبية للمرضى الذين ادعوا أنهم أصيبوا بالزهرى فى الولايات المتحدة فى أريعينيات القرن العشرين, 
أنظر وليام ستايرون تاريخ شخصي: حالة داء الزمرى العظيم» نيويورك ١8‏ سبتمينر 19956, 
؟الدولا, 


.585 مقتبس من كوريينء بنات العرس,‎ )٠٠١( 


)٠١١(‏ كولى؛ البريطانيون: صياغة الأمة:, 298 ولتقييم لماذا شعرت العديد من النساء الإنجليزيات اللاتى 
سافرن إلى الشرق الأوسط بالضرر بالمقارنة بالنساء المسلمات أنظر بيلى ميلمان: نساء الشرق: 
النساء الإنجليزيات والشرق الأوسط. (١918 -117١148‏ لندن, ميكميلان, 19917):١57-1؟.,‏ 


2242 


)٠١1(‏ إيريك ترودجيل. الدعارة ورب الأسرة» بواسطة أتش جى. دايوس وم. وولف. كاتبان, المدينة 
الفيكتورية: صور وحقائق(لندن, روتلدج وكيجان بول:1917), سمل هيام, الاميراطورية 
والجنسية.., 35. 


)665 حوديث ر. وولكوتز. الدعارة والمجتمع الفيكتورى: النساء. الطيقة والدولة (كمبردج. مطايع جامفة 
كمبردج:..198١),‏ اللا اماس الوا ا 37 ؛ ريتشارد دافينيورتهاينس: الجنسء الموت 
والعقاب: مواقف عن الجنس والجنسية فى بريطانيا منذ عصر النهيض:ة(لندن, كولينز..07,)155؛ 
ويلفرد سن بلنت, التاريخ السرى لاحتلال مصر(لندن57١),‏ 


):66) مقتبس من كيوتل, الزهرى, . 755 لمناقشة 'النداء السحري لبتلر أنظر وولوتز. المجتمع الفيكتورى, 
١١18-4‏ ومدينتها الأكثر حداثة للبهجة المخيفة: قصص الخطر الجنسى فى أواخر العصر 
الفيكتورى بلندن ( شيكاغو. مطابع جامعة شيكاغو,؟45-41,)199؛ بطرس جاى, التجربة 
البرجوازية: فيكتوريا إلى فرويد»: تربية الحواس (أكسفورد. مطابع جامعة أكسفورد,1944). انظر 
أيضا جورج برنارد شوء مهنة السيدة وارين ( مسرحية) (1854). لجولة بتلر فى الهند؛ أنطوانيت 
يورتونء أعباء التاريخ: الحركة النسائية البريطانية» النساء الهنديات, والثقافة الإمبريالية. -١472‏ 
(٠٠‏ تشابل ميل مطابع جامعة نورث كارولينا15914١)؛‏ شيام, الإميراطورية والجنسية, 19-119 


)66 مقنيس من وولكوتز. المجتمع الفيكتورى كوك دأفيد إيقانس” معالجة السوط القبيع ؛ /1 1 : مراكز 
خلق المرض التناسلى فى بريطانيا فى أوائل القرن العشرين, التاريخ الاجتماعى للطب /| العدد: ؟ 
(5كذا), ,اا 


03) إدوارد جى. بريسدو» الرزيلة والبقظة: حركات النقاء فى بريطانيا منذ عام 3 ٠٠(ديلن,‏ جيل 
ومكميلان؛لانهام طبيب الطب. رومان وليتلفيلد,/176:)1911-, ١27‏ عن القوة/ المعرفة السادية فى 
قراءة الهدف: أوسكار وايلد. خطايان إلى السجل اليومىء فى أعمال كاملة (لندن» كولينن:1933), 
ككل 


)٠١1(‏ مقتبس من جون م. إيلر» الفقر. المرض. المسئولية: أرثر نيوزهولم ومعضلات الصحة العامة لليبرالية 
البريطانية,“ ميلبانك الريع سنوية |الاكاا (سبتمير 01149 4157-171١‏ ماسون الجنسية الفيكتورية؛ 
بريستوء الرزيلة واليقظة. ثلاث سنوات بعد إبطال المحكمين الإنجليز وجد ناشر الترجمة الإنجليزية 
لإميل زولا الأرض (1881) لأنه لمح إلى أن الأبقار تتزاوج؛ لم يظهر بديل للترجمة الإنجليزية لهذه 
القطعة النادرة منذ 16 سنة (حتى عام 1504). 

)٠١4(‏ وعلى الرغم من أنه فى هذه الأيام فإن عددا قليلا من النساء - مثل اللاتى تقمن فى مناطق سكنية 
بالقرب من نورثمبرلاند مسقط رأس جى. بتلرء اللاتى ترغبن فى طفل ولكن بدون أن يتحملن أعباء 
زوج؛ يستخدمن التقليح الصناعي: نورمان دينئيس وجورج إردوسء عائلات بدون أبوة ( لندن» معهد 
الشئون الاقتصادية.؟199), 71,-١‏ طريقة مستقبلية للتناسل قد تكون عن طريق الاستنساخ. 


303 


)٠١4(‏ أنجوس مكلارن: " السياسة الجنسية للتناسل فى بريطانياء' بواسطة جون ر. جيليس؛ ل. تيلى ود. 


)660) 


ليفن, التجربة الأوربية لانحدار الخصوية, -14-.1917: الثورة الهادئة (أكسفورد, ياسيل 
بلاكويل:؟113) يجادل بأن الطبقة العاملة من النساء استمرت فى استخدام الإجهاض كأسلوب 
لضبط النسل حتى القرن الحالى حيث كان قرار استخدام الواقى الذكرى قرار الرجل. يكتب مايكل 
ماسون من منظور طبقة متوسطة إلى حد كبيربيعتبر تعميم استعمال الواقيات الذكرية قبل عشرين أو 
ثلاثين سنة؛ طريقة يدعى أنها غير عصرية؛ ماسون, الجنسية الفيكتورية, /184-61. 

مارى كارميتشل ستوبسء زواج الحب: إسهام جديد فى حل الصعوبات الجنسية (لندن. أ.سى. فيفلد. 
1١٠١.05 64‏ بعد فترة قصيرة من زواجها بزوجبا الثالك( فقد تركها زوجاها الأولان فى حالة 
عذرية عندما كتبت زواج الحب) فقد مولت ستوبس عيادات ضبط النسل التى كانت مشهورة بها بحق. 
ولجعل العمل حدثا مهما فى تحسين حياة أجيال النساء. أعاد فيكتور جولانسز نشر زواج الحب فى 
ديسمبر ,1192 انظر أيضا: مكلارن, "السياسة الجنسية".972؛ ستويس. مارى شارلوت كارميشل,* 
معجم السيرة الذاتية الوطنية, 195٠. -1561١‏ .9159- 371, 


١)هيام.‏ الامبراطورية والجتنسية, 68؛ شتيرن: الطبقة العاملة من النساء فى بريطانيا. -١848٠‏ 
يام ومين د و تعمد بفطرس ستيرن : من فى يريعنا ند 


4 , بواسطة مارئا فيكنوس. كاتية, عان وكن هادنا: النساء فى العصر الفيكتورى (بلومنجتون, 
مطابع جامعة إنديانا مةا)ء باتريك جويث,” العمل" بواسطة بى. أم. ال. تومسون:؛ مؤلف, كاميردج, 
التاريخ الاجتماعى لبريطاتيا ( ااكميردج.. مطايع جامعة كميردج..159), 


0 جوانا بورك" ربات البيوت فى الطبقة العاملة بإنجلترا 1815:1914 الماضى والحاضر !الا‎ )١1١5( 


015 


11 


(مايى 1954), /151- /131 . 


ستارهان, الزواج والمرضء, ١548,‏ شهادة على الأهمية المستمرة للدجالين والعلاجات الشاذة الأخرى 
فى بريطانياء قى عام /1911, منع قانون المرض التناسلى فى النباية الأفراد غير المؤفلين طبيا من 
علاج أو وصف العلاج للمرضى بأمراض تناسلية؛ روجر دافيدسون, ' يجب أن يمسك السوط بحزم': 
الحملة ضد ضوابط المرض التناسلى فى أسكتندا بين حربين» التاريخ الاجتماعى للطب الا العدد : 
؟(555١), ,5١65‏ 


يوتى فريفيت” الاتجاه المتحضر نحو النظافة: نساء الطبقة العاملة فى ظل التحكم الطبى فى ألمانيا 
الإمبريالية” بواسطة جون سى. فوتء كاتبء النساء الألمانيات فى القرن التاسع عشر: تاريخ اجتماعى 
(نيويورك؛ هولز وميير.1944): 7377- 7:7؛ ر. ب. نيومان, ضبط النسل للطبقة العاملة فى ويلهيماين 
بالمانياء دراسات مقارنة فى المجتمع والتاريخ 776 العدد:“ ( يوليى ,)١91/5‏ 455؛ ر.ب. نيومان” 
المسالة الجنسية والديمقراطية الاجتماعية فى المانيا الإمبريالية.' مجلة التاريخ الاجتماعى االا 
(1515), ٠548-,83؟5‏ انظر أيضا ريتشاردج إيفانز, الدعارة, الدولة والمجتمع فى المانيا الإميريالية,” 
الماضى والحاضر 1606| ,)١91/5(‏ 59-115 1, 


394 


)١١5(‏ لودفيج فليك, تكوين ونمو حقيقة علمية (برلين 1978) أهملت فى الغرب حتى بعد الحرب العالمية 
الثانية. ومن بين الأفكار الأخرى المهمة لفليك الطبيعة المائعة للأفكار السابقة للزهرى على أنه الشبوة 
6 طاعون جسدى. الذى أدى إلى غضب أخلاقى بدلا من بحث ذى مفغزىئ؛ وعن هذا 
انظر: جيريت ك. كيمسماء" أطر إسناد ونمو المعرفة الطبية: ال. فليك وأم. فوكوه.' بواسطة هنك تن 
هاف. ج. كمسمان وس. سبايكر. كاتيان؛ نمو المعرفة الطبية (دوردرشت. الناشرون الأكاديميون . 
كنوير.1590١),‏ 51-45؛ مارى دوجلاس, كيف تفكر المعاهد (سيراكوزء نيويورك» مطابع جامعة 
سيراكونء 1947), 14-17 للمقابلة ما بين أبحاث الزهرى قبل عهد هتلر والابحاث التى تمت فى 
أمريكا بعد الحرب انظر جيمس أتش. جونز الدم الضار: تجربة الزهرى (نيويورك المطابع الحرة, 
لحكل) 1. 


."07 كيوتل, الزهرى,‎ )١١17( 

,11317 -417 إيفائزء” السوط القبيع",‎ )١10( 

,5738 - 5١7 دافيدسون. 'ضوابط المرض التناسلى فى أسكطندا بين حريين:'‎ )١14( 

)١١(‏ باينفيل' تقرير' ٠؛‏ كيوتل, الزهرى: 5/ا1-.18. 

.5:01 -145 كيوتل؛ الزهرى:‎ )١٠2١( 

(١؟١)‏ عندما كتب أدولف هتلر كتابه 1م800»! 1/0615 (كفاحى) فى عام 15217, ذكر أن أخصوصا فيما 
يتعلق بالزهشرى. موقف الأمة والدولة يمكن إدراكه أو تصسوره فقط كتسليم كامل... يكمن السيب» 
أساسا فى دعارتنا للحب... هذا التهويد لحياتنا الروحية وحب الجاه والثروة لغريزة تؤواجنا سوف 
تقضى إن آحلا أو عاجلا على كل نسلنا ": مقتبس من جيلمان؛ الجنسية. 559؟. 

(؟1١)‏ هنرى بيكوينوت:” كسوف الأمراض التناسلية فى فرنسا(1170-1544١),‏ بواسطة بارديه وآخرين» 
الخوف والفزع. 577,-757١‏ كيوتلء الزهرى, -58١‏ 550, قدر أنه فى عام ١981‏ كاتت هناك 31٠١‏ 
مليون حالة زهرى على مستوى العالم. 

)١29(‏ لقائمة بأنشطة التبشيرء رويرت كوشرانء الجذام فى الشرق الأقصى (لندن» مطابع وورلد 
دومنيون.57,)19593- , 1١‏ بدأت العلاقات الصينية البريطانية الحديثة عندما واجبت شركة الهند 
الشرقية ميزان مدفوعات سلبى (مع الغرب) عن طريق تسويق الأفيون الهندى فى الصين برغم عدم 
موافقة الحكومة الصينية : حرب الأفيون الأولى (١9475 -١4595‏ للسماح بالتجارة الحرة فى الرزيلة) 
تبعتها حرب الأفيون الثانية لعامى 1875٠0 -1١4548‏ عندما دمر الجنرال جوردون وأحرق القصر 
الصيفى: كين وهويكننء الإمبريالية البريطانية, ©؟5؟, 350 4, 


-١48(ةثيدحلا فرانك ديكوتير,” محاضرة عن العرق وتطبيب الحرية الخاصة والعامة فى الصين‎ )١124( 
470-411؛ ر.أتش فان‎ 1498١ تاريخ العلوم ااا الجزء الرابع العدد:18 (ديسمير‎ 64 
511-711 جوليك, الحياة الجنسية فى الصين القديمة(ليدن. إى. جى. بريل1571),‎ 


(12) جوزيف نيدهام» الطب والثقافة الصينية,” فى كتابه الموظفين والحرفيين فى الصين والغرب: محاضرات 
وخطايات عن تاريخ العلوم والتكنولوجيا (كميردج». مطايع جامعة كميردج../15117,)151- ارا كيوتل, 
الزغرى. كم 


(121) بول يو.أنسكولد, 'موضوعات معرفية وتشريع متغير: الطب الصينى التقليدى فى القرن الثانى عشر," 
بواسطة تشارلز ليسلى وآلان يونج» كاتبان. مسارات إلى المعرفة الطبية الآسيوية (بيركلى. مطايع 
جامعة كاليفورنيا.08.58:)119؛ هيام الإمبراطورية والجنسية, 59؛ كريستيان هينرويت:” الدعارة 
وبوليس الآداب فى شنغهاى فى القرنين التاسع عشر- العشرين,” بواسطة كريستيان هينرويت, كاتب. 
المرأة فى شرقى أسيا (ليون» جامعة جِين مولين ليون ااا ,)١984‏ 56- 317, 

.51-414 * أنسكولدء موضوعات معرفية‎ )١27( 

)١124(‏ فى نفس الموضع السابق المشار إليه أنفا , 43, ,5ه فى عام ,194١‏ كتب دكتور جورج ثين بشكل 
واثق أن الصينين بحاجة ماسة لأن تنقذهم الإرساليات الطبية: جورج ثين الجذام( لندنبيرسيفال. 
5٠١ 4١‏ وعندما كتب فردريك و. فارار فى منتصف القرن شن هجوما على الصينيين لأنهم 
اختزلوا كل شىء إلى " مستوى منخفض من الميزة العملية.* فقد كانت فنونهم مويوءة 'بالقدرة 
المتوسطة النفعية( أى متعلق يفراتسيس بيكون ): مقتبس من مايكل أداس, الماكينات كمقياس 
للرجال: العلم؛ التكنولوجياء وأيدولوجيات الهيمنة الغربية (إيتاشاء نيويورك, مطابع جامعة كورنيل, 
)كما .15 


الشهدة مقتيس من كيرى ل. مكفيرسون, برية المستنقعات: أصول الصحة العامة فى شنفهاى, 1417- 
865 (هونج كونجء مطابع جامعة أكسفورد, 1541), 35. 

)0( مقتبس من هارولد بالم, الصين والطب الحديث: دراسة لتطور الإرسالية الطبية (لندن. المجلس المتحد 
للتعليم الإرسالى:١195١),‏ و- 1 

(1؟1) لتصورات متشابهة إلى حد ما للبريطانيين واستعماريين الإمبراطورية البريطانية فى شمالى نيجيريا. 
كينياء أوغنداء ومصرء انظر راندال م. باكارد ويول أبستين.” الملتخصصون فى الأمراض الويائية. 
علماء الاجتماع, وينية الأبحاث الطبية عن الإيدز فى أفريقياء العلوم الاجتماعية والطب ||الالا/ا 
العدد:ل/ا (.154), الالا؛ مادن," ثلاثون عاما من الجراحة,“ ١1-١8‏ عندما أعاد كتابة مقالة (فى عام 
كنم قام بنشرها عام 5١15؛‏ ادعى مادن: ' كلما اتجهنا جنويا نحو الإكوادورء والمرض يؤثر على 
غالبية الجنس الأسود غير المتمدين, فقد أصبح دماره أسوأ فأسوأء وقوة المقاومة, التى لم تظهر فى 
هذه الشعوبء يبدو أنها تحطمت تماما بفيروس الزهرى”": فرانك كول مادن, طبيب طب (ملبورن) 
الجراحة فى مصر (القاهرة؛ مطابع إرسالية النيل.؟195١)‏ 00. 


5350 


الفصل الخامس 


الكوليرا والتمدن: بريطانيا العظمى والهند 


١547.6 - 11م‎ 


بالتعبير السليم: لم يمتلك الجزء الاكبر من العالم تاريخاء لأن 
استبداد العرف كان كاملا. وهذه هى حالة كل الشرق. 


جون ستيوارت ملء» فى الحرية: 1١889‏ 


2 - 


مغدمه 


ظهرت الكوليرا فى شكل ويائى فى الهند عام ,14١1!‏ ويعد ظهورفا الكاذب فى 
البداية. وصلت الى بريطانيا فى عام .١1415١‏ فى تزامن مع هذه الأحداث» أخذت شركة 
خاصة للتجارة عرفت باسم شركة الهند الشرقية (التى غزت البنغال عام ل1ه/١)؛‏ على 
عاتقها مناورات دبلوماسية وحربية إضافية لتضع المقاطعات المتبقية لشبه القارة 
الهندية تحت سيطرتها. وفى هذا كانت ناجحة بشكل غير عادى. بهذا ظهر إلى الوجود 
وضع كانت فيه لندن والمجالس المحلية القائمة على النخب الحاكمة مسئولة عن 
مجتمعين مختلفين جدا مضروبين بالكوليرا . 


على مدى القرن التاسع عشرء فقدت بريطانيا ما قدر ب ١١ ...٠.‏ من قاطنيهاء 
فقد تعرض الناس فيها لخمسة أويئة من الكوليراء أودى كل وياء منها يعد عام 
بحياة عدد أقل فاقل من الضحايا. وفقدت الهند خلال نفس القرن والربع الأول 


20077 


من الذى يليه. ما يزيد على 5؟ مليوئًا من شعبها بنفس المرض. ما هو أكثر إثارة 
كانت حقيقة أنه بينما اتجهت نسبة وفيات الكوليرا فى بريطانيا إلى الانخفاض 
بثبات» زادت نسبتها بطريقة دراماتيكية فى الهند فى القرن التاسع عشر. فى عام 
٠‏ الأكثر كارثية فى كل السنين التى احتفظت بها الإحصائيات, أودت الكوليرا 
بحياة 6.0...٠.‏ تفسء منهم 177,844 فى منطقة واحدة وهى بومباى!'). هذا 
الاختلاف الإجمالى الواسع لوفيات الكوليراء القليل نسبيا فى بريطانياء والهائل تماما 
فى الهند. يمكن فى جزء منه أن يرجع إلى حوادث الصدف. على الرغم من ذلك» فإن 
المسالة كلها ("). 


وكما يعرف كل خريجى المدارس أن عالم البكتريولوجيا الألمانى روبرت كوخ أتم 
فحوصاته فى طبيعة العامل البكتيرى المسبب للكوليرا (العصويات الواوية) فى خزانات 
المياه فى كلكتا. مع اكتشاف الدور الذى تقوم به الأمعاء البشرية فى دورة حياة 
البكتريا الواوية 5016:86© 15:طالاء وتأكيد الدور الحيوى للماء فى نقل انتشار الكوليرا 
خلال المخلفات البشرية المعدية, كان الطريق واضحا - نظريا - لاحتواء المرض 
والتحكم فيه. على المستوى المصغرء يجب عزل المرضى المصابين وكل ما ينتج عنهم 
من البراز والقيئ والبول أو العرق الذين يفرزونه. وهذه المهمات يمكن إنجازها بسهولة 
بواسطة مشرفى الصحة ال محليين غير المتعلمين» تحت الإشراف العام للسلطات الطبية 
المؤهلة. بافتراض الثقة المتبادلة بطبيعة الحال. لسوء الحظ؛ كما سنرىء لم توجد فى 
الهند البريطانية. حتى ما بعد العقد الثالث للقرن العشرين, أى من الشروط الضرورية 
لاحتواء الكوليرا . سواء فى الأفراد أو المفاهيم. 

فى عام ١514‏ أكد توماس ميتكالف وهو يكتب حول دور الإيديولوجيا فى صنع 
الحكم البريطانى فى الهند قبل عام /19417» "كبشر ... دائما ما ابتعد البريطانيون عن 
النظريات الكبيرة لصالح تلك التى استخلصت من الملاحظات التجريبية؛ ومن جون 


398 


لوك!*) فصاعدًا. صمموا على قيمة الطرق التجريبية فى الفهم . لم يكن التسليم بهذا 
جديدًا تمامًا. ففى عام 1845, قبل أسوأ أزمة للكوليرا فى الهند بعقد, رثى دخيل 
متميز ذى تعليم إنجليزى ومقيم بالمملكة عبادتنا الوحشية للحقائق("). 

خلال عصر الكوليراء استمرت عبادة الحقائق بإصرار من قبل هؤلاء السياسيين 
وعرائسهم المتحركة من الرأسماليين فى لندن الذين يهتمون مباشرة بتطور الهند. من 
أجل موضوعنا يجب توضيح أن هؤلاء المولعين بالحقائق ضموا كذلك العديد من - 
ربما معظم - موظفى الشريحة العليا فى الخدمة الطبية بالهند. خلال أية أزمة 
تهدد أو تشمل فى الحقيقة الكوليراء كان رد فعلهم الثابت يعتمد على "الحقائق” 
و"الثوابت العلمية" التى كما أراهاء تناسب مطالب التطور أكثر من التحكم البشرى فى 
بيئة المرض!؛). 

سواء تم الاعتراف بهذا بصراحة أم لاء فقد كان التطور فى ذاته يطلب وحده 
كوسيلة لإمداد لندن بتيار لا ينقطع من ربح العائد على الاستثمار الرأسمالى. كان 
الرأسماليون: يستثمرون أساسا فى الرّى وخطوط السكك الحديدية وتسهيلات الموانى» 
مما يؤثر بقوة كبيرة على قدرة الكوليرا للقضاء على الملايين» ويقابل هذا وينفس 
الحماسء الغياب شبه التام فى الاستثمار فى الصحة العامة (2). 

اقترح شارلز روزنبرج منذ جيل مضى. أن الكوليرا كانت "أداه للتحليل 
الاقتصادى والاجتماعى"لأوربا القرن التاسع عشر. وكتب بيل ليكين فى أونة حديثة, 
عن الحاجة لإيجاد قرائن دقيقة لتأسيس "علم ماضى الأويئة” لأزمات الأمراض 
السابقة. وعلى علاقة وثيقة بنفس الموضوع تأتى الرواية التى كتبها جورج أورويل» 
الموظف السايق بالإدارة البريطانية للمستعمرات فى أسيا. فى روايته "719/15 يضع 


(») جون لوك: فيلسوف إنجليزى )17١7- ١777(‏ من أنصار مذهب التجريبية كما شرحها فى دراسته عن 
"العقل البشرئ” أثر فى التفكير السياسى خاصة فى كل من فرنسا وأمريكا عن طريق كتابه 'رسالتين 
فى الحكومة” والتى أجاز فيه الحق فى الثورة. 


309 


أورويل نقطة مهمة للغاية؛ أيا كان من يتحكم فى الحاضرء يتحكم أيضا فى كتابة 
تاريخ ما حدث فى السابق» ويهذا يعيد بناء "الماضى" التاريخى الذى يعطى الشرعية 
للحكام الموجودين حاليا فى السلطة .)١(‏ 

فى هذا الفصلء تتجه نيتى إلى التعامل مع الكوليرا كظاهرة فى ذاتها وأن 
أوضح التراكمات الثقافية التى اكتسبتها على مدار السنين منذ عام .18117 بعد نظرة 
مختصرة على خصوصية هذا المرض؛ سوف يكون منهجى فحص سنواتها الأولى فى 
الهند وعندئذ أتابعها عبر انجلترا. خلال المحتوى الذى تغير بسرعة لمجتمع تلك 
الجزيرة. سوف أناقش بعضا من ردود الأفعال العلمانية التى ولدتها الكوليرا خلال 
هذه الفترة - انتهت حوالى عام -١1800‏ عندما شوهدت آخر مرة كتهديد قائم 
وواضح. من ضمن ردود هذه الأفعال كانت نظرية التوالد المائى التى وصلت بواسطة 
جون سنى فى توضيحه المشهور فى طلمبة (- مضخة) الشوارع الكبيرة. 

فى عام 1845: أجرى سنوء طبيب التخدير الذى ولد بمدينة يورك والذى عمل مع 
ضحايا الكوليرا فى مناجم الفحم خارج نيوكاسل خلال الطاعون الأول لبريطانيا 
العظمى ,)١1875- 1١85١(‏ أجرى دراسات تجريبية أدت يه إلى الاعتقاد أن الكوليرا 
انتشرت خلال المياه الملوثة. كتب سنى عام .١1805‏ يسخر من قناعة "مجلس الخدمات 
الصحية بالهند' بأن الكوليرا عامة تستهدف فقط هؤلاء الذين لهم استعداد لأن يصايوا 
بها. كما وضح أن "ادعاء الاستعداد لم يكن شيئًا مرئيا أى مؤكدًا: مثل الفيل الذى 
يحمى العالم طبقا للأسطورة الهندوسية؛ كانت فكرة مختلقة تمامًا لإزالة صعوية 
ما"("). لم يكن كل الأطباء الملتخصصينء حتى فى إنجلتراء مستعدين لقبول نظرية 
سنوى. ربما كان التردد بسبب حادثة اجتماعية: بعكس السادة من النوع المميز» لم يكن 
سنى من منتجات المدارس العامة. بالإضافة إلى ذلك. كانت درجته الطبية من كلية 
جامعة لندن (المؤسسة غير المميزة التى أسست بواسطة جيرمى بنتام) بدلا من جامعة 
حقيقية. على الرغم من ذلك؛ بعد منتصف خمسينيات القرن التاسع عشرء كان معظم 


2100 


الأطياء فى بريطانيا على الأقل قد أعدوا لتقبل اعتبار نظرية سنو كواحدة من عدة 
نظريات ربما يمكن إثبات منفعتها فى السيطرة على الكوليرا. 

فى هذا السياق. لم ير الرأسماليون ومؤيدوهم من الأطباء فى الهند أن شرح 
الأخير من هذا الفصل. هناك؛ أعدنا دخول الهند فى أعقاب إخماد بريطانيا للعصيان 
عام 1١841/‏ - 1808 (أطلق عليه رسميا تمردا). سريعا بعد هذه الأحداث قرر 
فى الماضى. تبع هذا ارتفاع وفيات الكوليرا. 


الكوليرا كمرض 


اليوم؛ والكوليرا غير معروفة بالمرة فى أوربا الغربية» كثيرا ما يرتد مسئولى 
الصحة من البلاد المتقدمة اقتصاديا إلى توجهات متأصلة فيهم ويفترضون أن وجودها 
فى الدول غير الغربية تشير إلى فقر غير ضرورى قد تعالجه جرعة مناسبة من رقع 
المستوى الأخلاقى. وما هو أكثر مساعدة بكثيرء الموقف المحايد أخلاقيا لتسعينيات 
القرن العشرين الذى أسس إطاره الرئيسى رويرت كوخ قى 18417 (عندما درس 
الكوليرا فى الإسكندرية) و1484 (عندما أكمل دراساته فى كلكتا). هذا الفهم الحديث 
يشير إلى أن الكوليرا تنشأ عن بكتريا من النوع الواوى تعيش فى الماء وتوجد عادة 
فى الأمعاء البشرية عند ابتلاع ماء يحتوى على مادة برازية بشرية ملوثة بالكوليرا. إن 
تناول سرطان البحر والاستاكوزا والمحار والبطيخ والفراولة والخضروات وغيرها من 
الأطعمة التى تحتوى على كميات من الماء الملوث باليرازء أى أى طعام يكون الذباب قد 
حط عليه ببراز آدمى مصاب بالعدوىء يمكن أيضا أن يصيب بالبكتريا الواوية جسد 
ضحية محتملة. وهناك سلسلة أخرى للانتقال يمكن أن تحدث خلال ابتلاع عَرَّق 
المصاب بارتداء ملابسه غير النظيفة. بوصول طرف الكُم مثلا إلى الفم. وهناك وسيلة 


آ1)م4 


أخرى بابتلاع قطرات من الماء المستخدم فى غسيل أغطية وملاءات فراش ملوثة 
بالكوليرا بدون قصدا"). 

إن فهمنا للأسباب المرضية الحديثة يحدده عدد من المتفيرات. أحدها أن الكوليرا 
مرض انتقائى من حيث السن: فعدد غير متناسب من ضحاياه كائوا رجالا ونساء 
بالفين فى ريعان الشباب الكثير منهم يحصلون على مرتبات ويعولون أطفالا صغارا . 
من المثير كذلك» الاختلافات فى معدلات الوفاة بين المجموعات الاقتصادية الاجتماعية 
المتنوعة. ويمعرفة أن الإنسان ليست لديه مناعة طويلة المدى مماثلة لتلك التى توفرها 
حالة خفيفة من الجدرى (والتى تعطى حماية مدى الحياة ضد عودة الإصابة مرة 
أخرى).؛ بالنسبة للكوليرا يتوقف الفرق على الحالة العامة لصحة الشخص. ظهر أن 
الجهاز الهضمى للأشخاص الأصحاء الأشداء - على سبيل المثال الجنود فى وقت 
التجنيد- تفرز أحماضا وقلويات تقاوم بكتيريا الكوليرا الواوية» وتمنع الشخص 
المعرض لها من الإصابة بالمرض. وتتناقص القدرة على إفراز هذه المواد الواقية إذا 
كان الشخص ال معرض لها يعانى من جوع كما هى فى زمن المجاعات؛ أو مصابا 
بالديدان المعوية؛ أو مريضا ومنهكا بوجه عامء أى يعانى اكتثابًا ذهنيا شديدا!"). 

فى مسالة"الحالة الذهنية" والحالة البدنية هذه من المهم أن نكون واضحين 
بخصوص منهج التناول الذى أتبعه. إن أساس فهمى يقوم على مبدأ بسيط يتمثل فى 
أن نموذج الكوليرا الحديث - يفترض سببا بكتريولوجيا مؤديا لرد فعل بدنى طبيعى - 
يعتبر وحدة شاملة. بمعرفة هذه الحقيقة الأولية - النموذج ككل مترابط منطقيا - لم 
يعد ساريا اتباع ممارسة "الويج"!*) المائزة على الاحترام حتى هذا الوقت فى 





(») الويجع وأثلالا: أعضاء الحزب الإنجليزى الذين عارضوا اعتلاء جيمس؛ دوك يورك ١51/9(‏ - .114) 
المرش على قاعدة أنه كاثوليكى. مثّل الويج الارستقراطية العليا والطبقة الوسطى الثرية للثمانين عاما 
التالية. فى نهاية القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر قبل الويج المطاليين بالتصنيع والمعارضين 
للإصلاح السياسى والاجتماعى. مثل الويج نواة حب الأحرار خاصة أعضاءه المحافظين. فى أمريكا 
مثل الويج المؤيدين لحرب الاستقلال.. 


2002 


استخراج قطع وأجزاء من الفهم السابق لرويرت كوخ - ومن ثم اكتشاف أن بعضا 
منها تبدو مماثلة ليعض عناصر نموذج كوخ الجديد» حتى نقولء إن هؤلاء الرواد 
الطبيين كانوا على الطريق الصحيح رغم كل شىء! وسوف يذكر لهم أن مخطط 
"الويج' قد طرح النمو التراكمى للمعرفة الطبية» حيث إن كل جيل يضيف إسهامه 
لإسهامات السابقين الذين بدورهم قد بنوا على 5 القدماء. ومع ذلك. فكما بين 
مايكل نيف وفيفيان نوتون وآخرون مؤخراء فإن هذا المنهج القديم لم يعد ينظر إليه 
كأداة نافعة للتقدم للأمام ببعث الماضى الطبى كما كان حقا('"'). 

والأكثر نفعا هو إدراك النقطة الواضحة بأن اللططاء ومورف من المهنيين 
الصحيين يعملون بالضرورة بالتوافق مع ما تعلموه أثناء دراستهم الرسمية أكثر منهم 
على أساس معلومات اكتشفت بعد ذلك يعشرة أعوام أى خمسة عشر عاما. ويعيارة 
عملية؛ فهذا يعنى بأن أغلب أفكار القرن التاسع عشر حول الكوليرا كانت مبنية على 
مفاهيم القرن التاسع عشر المشوشة لجالينوس والتى تكونت من عنصرين: مدى كبير 
من التفسيرات الأخلاقية مبنية على أفكار من جالينوس. بالاعتماد على موقف كاتب 
بعينه, غالبا ما تكون نقطة النقاش المجردة هى إذا كانت المعانى الأخلاقية - من هذا 
التوع الموجود فى التقرير السنوى المقدم إلى البرلمان البريطانى عن "التقدم الأخلاقى 
والمادى للهند - نتقوق على العناصر التى قال يها جالينوس 

واحد من المفاهيم المركزية التى قال بها جالينوس وعرفناها فى البداية (الفصل 
الأول) كانت الحالة العقلية غير الطبيعية المعروفة بالميلانخوليا أو بالكابة. والكابة 
والأنماط السلوكية المصاحبة لها كان ينظر إليها إما كعامل مساعد يُعرْض الضحية 
لمرض مهلكء أ بأنها السبب الفعال له .)١١(‏ وهكذا فى ١8417‏ فى ذكر العوامل التى 
أدت للوفيات أثتاء وياء الكوليرا. شهد المستشار العلمى الخاص بالمفوض الصحى 
لحكومة الهند بأن"التجرية اليومية" قد أظهرت "التأثير القاتل' للخوف والحزن. ويالمثل» 
قام دكتور فير بكتابة تقريره لسنة ١6948‏ (بعد أربعة عشر عامًا من كوخ) وكان 


103 


المسئول الصحى لدينة بومباى. ليظهر إيمانه الثابت بالفكرة القديمة: بادعاء أن"النزعة 
المتفائلة" كانت “غير مواتية نهائيا” لنمو المرض فى البشر 9"). 

وغير الطبيعى الآخر كان فكرةالبيئة". بعبارات مادية؛ هذه الطبيعة اللامتناهية 
المرونة المكونة من الظواهر الجوية التى تحكم كمية سقوط المطرء واتجاه الريح 
وغيرهاء إضافة إلى حالة الهواء وكمية التراب العالق به, ونوعية التربة المحلية» ونوعية 
المياه المحلية. ومستوى المياه الجوفية. تبعا لتعاليم نيوتن ويدرجة اختلاف بسيطة 
تعاليم الفيلسوف أرسطوء كان يعتقد أن كل هذه العوامل البيئية غير الطبيعية تقع فى 
نمط متكرر دورياء والذى يكشفه فى النهاية فقط تحليل مضن لسلسلة طويلة من 
التسجيلات الإحصائية المفصلة. كما كان يعتقد أيضا أن النتائج النهائية لهذا التحليل 
"العلمي' وتحديد النمط ريما يسمح بإجراء ما يتخذ قبل أن تفرض تهديدات المرض 
نفسها كأوبثة. فى الهند, هذا الخط من التفكير المنطقى عمل بالاتفاق مع أوامر عضو 
ذى سلطة بالمجلس العام الإنجليزى للصحة (ادوين تشادويك) الذى كان لا يزال 
يعطى محاضرات عامة فى 14177 فى تقديم الأساس النظرى لمعتقدات الخدمة الطبية 
بالهند التى ظلت باقية طويلا. ويإيجاز». تمسكت هذه المعتقدات بأن كل إقليم بالهند له 
بيئته المرضية الخاصة. لقد كانت هذه "الأسباب المحلية” التى أعطت وحدها الأويئة 
الرهيية لأمراض قاتلة بدت شيه القارة الهندية معرضة لها('"). 


ومن المعروف الآن أن 650168 وأءطالا (اليكتريا الواوية المسببة للكوليرا) يمكنها 
العيش لعدة أيام فى خزانات الماء مثل تلك التى تحمل على السفن أو عربات السكك 
المثال. حمل السلع المتجهة من أفغانستان شمالا إلى روسيا أو غريا إلى إيران 
والعراق. لقد كان هذا هو المسار التى سلكته الكوليرا عندما تركت الهند إلى نقاط 
بالشمال فى عشرينيات القرن التاسع عشر. ولفترات متغيرة من الزمن يمكن للبكتريا 
الواوية أن تعيش أيضا فى أمعاء الحامل البشرى لها والذى لا تظهر عليه أية أعراض 


404 


كوليرا ويائية بأنه حتى عدد صغير من حاملى المرض لمدد طويلة وتبدى عليهم كل 
تظاهر الصبحة: عون كافنا للابقاء على هذا المرقن موهونا: 


لبيان انتشار الكوليراء فإن الفهم الحديث يتمثل فى أنها تتبع خطوطا برية 
لحركة الإنسان (الطرق والدروب). وهى أيضا تتبع المجارى المائية التى قد تستخدم 
كمصادر لماء الشرب والتى تحتوى على براز بشرى. هذه المصادر المشبوهة تشمل 
الترع وحفر تصريف المجارى والأنهار والموانئ» وأنابيب المياه والمضخات العامة, 
والبرك والآبار. وفى أيامنا هذه يمكن للبكتريا الواوية أن تنتقل بالطائرات كما حدث 
على سبيل المثال فى 114١‏ عندما انتقلت من قاعدتها فى بيرو إلى الولايات المتحدة 
على إحدى طائرات الخطوط الجوية الأرجنتينية (''). وقبل افتراض العلاقة بين 
الكوليرا والماء بواسطة جون سنو التى تأكدت فعلا عن طريق اختبارات كوخ 
الميكروسكوبية فى 1884, كان الشكل المخالف المنطق الذى ينتشر به الوياء فو 
جزء من التأثير الفظيع له. فى شمال انجلترا بأواخر ».185١‏ وفى فرنسا فى ربيع 
87 وفى كاستيل فى عام 1855., لاحظ المراقبون نمطا ترتيبيا غريباء يصيب كل 
ثالث أو رابع منزل بطول شارع ماء ثم قافرًا حوالى تصف ميل ليصيب شارعا آخر, 
ثم يحط على قرى عادة ما اعتبرت خارج نطاقه و بعيدة:» وآمنة فى الأيام القديمة 
للطاعون الدمل (5'). 
أجريت بعض الدراسات على إعادة بناء الأنماط المحلية للانتشار. بالنسبة 
لفرنساء أثناء أويئة 1817 أو 1844- 1844؛ وجد أن المرضعات اللاتى يرضعن 
أطفال باريس حملن الكوليرا إلى قراهن فى حدود نصف قطر من ٠١‏ أو ثلاثين 
كيسلومترا من العاصمة. ويعد ذلك بنصف قرن: كان اللاجئون الهاريون من 
انتشار الكوليرا فى إقليم بروفنس هم الذين أتوا بالبلاء إلى نابولى. ولقد أظهر 
إعادة تركيب آخر لسيناريى الأحداث أنه أثناء العمليات الاستعمارية فى أوائل 
ثلاثينيات القرن التاسع عشرء حمل الجنود الفرنسيون الكوليرا إلى الجزائر. 
ويالمثل فى -١1407‏ 1804» حملت القوات المجندة فى شمال فرنسا لواجب الحرب 


د10 


الكريمية ") ضد قيصر روسياء المرض معهم إلى مرسيليا؛ ثم إلى أراضى مواجهة 
للبحر الأسود. ومن سخريات القدر أن هذه الهدية المميتة من الغرب عبرت عن نفسها 
فى شكل موت المدنيين الذين يعيشون ليس بعيدا عن المكان الذى صعدت فيه البكتيريا 
العصوية للطاعون الدملى فى عام 1١141‏ إلى السفن التجارية لإقليم جنوا والتى 
أخذتها فيما بعد إلى أرض الماليك!'"). 

على الرغم من أن الأوربيين المتعلمين قى العصر يعد النابوليونى كانوا شديدى 
الوعى بأهمية الإحصائيات. فإن الأنماط التفصيلية لوفيات الكوليرا تبقى مجهولة. وبما 
يعكس العار الاجتماعى؛ كان الإبلاغ عن المصابين إما بالنقص أو بالزيادة!'). وفى 
عصر كان تعريف المرض بدقة مازال فى المهدء وكان يعتقد أن الكوليرا تستهدف 
بشكل خاص الأشخاص الخشنين والمتهورين من الطبقات الاجتماعية الدنياء فإن كل 
من ينطبق عليهم هذا الوصف ممن ماتوا لأسباب ليست واضحة تمامًا أثناء الوياء 
ربما يدخلون بكل ثقة فى زمرة من ماتوا بالكوليرا. ويدون الفحص الميكروسكوبى 
للمادة البرازية للمتوفى لرؤية إذا ما كانت تحتوى على البكتيريا الواوية (قبل كوخ فى 
4 كانت هذه التقنية غير معروفة عمليًا) فى الحالات المشتبه فيها لم يكن هناك 
أسلوب مؤكد لمعرفة السبب الفعلى للوفاة. 

كان تحريف الأرقام لأجل الحفاظ على سمعة المتوفى نسبيا إذا كان قد سمح 
للمريض أن يموت فى المنزل بدلا من حمله إلى مستشفى كوليرا خاص» حيث كان 
الموت من الكوليرا أو من الالتهاب الرئوى أو التيفوس أو من الجوع تقريبا مؤكدا. 
وتحت نظام من الرعاية المنزلية: ربما كانت معدلات الوفاة أقل بدرجة طفيفة كنتيجة 
للتمريض المتعاطف باستعمال كمادات باردة على الجبهة وتدليك الجسم بالزيت 
والطباشير. لقد كان من يرعون المريض منزليا يعرفون بوعى أن أى طبيب يصر على 


(*) كريميا: شبه جزيرة جنوب أوكرانيا بين البحر الأسود وبحر أزوف. 


21/06 


استنزاف دم ضحايا الكوليرا ليخلص الجسم مما يتصوره هو بالأسباب المثيرة 
للحمى- التقنية النمطية المتفق عليها - يجب إبعاده تماما عن المريضء حيث إن هذا 
العلاج كان مميتا أكثر حتى من المرض نفسه. كانت هناك ميزة أخرى للرعاية المنزلية 
التى قللت يدرجة كبيرة من احتمال الخلط بين غيبوية عميقة والموت. ومعه دفن الأحباب 
قبل الأوان» أو التشريح أيضا قبل الأوان فى إحدى مدارس التشريح (الطب) الجديدة 
فى بريطانيا التى أقيمت لإعطاء المتدربين الطبيين من الطبقات المحترمة دفعة فى 
حياتهم العملية (14), 

فى عام ,١857‏ سجلت حالات لعائلات هارية أمام الموت تاركة ضحايا الكوليرا 
لرحمة أطقم النظافة؛ فى بيلستون بالقرب من فولفرهامبتون وفى المدينة الحدودية 
الاسكتلندية دومفريز. وعلى أساس التعداد كانت هاتان القريتان ضمن أسوأ 
الإصابات فى بريطانيا. فى القارة, فى القرى والبلدات المتناثرة للوكسمبورج المقاطعة 
البلجيكية فى ,١1477‏ رقدت جيف موتى الكوليرا أيضا دون عناية: فى انتظار اهتمام 
فرق النظافة المستاجرة بشكل خاص, أو الكلاب (''). وبيعد عقد من الزمان: وهو 
يكتب عن الوضع فى مقر الرئاسة بمدراس (بالهند) أثناء وياء الكوليرا والمجاعة فى 
/ا/18978-141: أفاد مأمور الصحة العامة بأته 'لم يكن من غير المعتاد لمسئولى الأحياء 
فى جولاتهم عبر أنحاء البلاد أن يجدوا أعدادا كبيرة من الجثث والهياكل العظمية 
أثناء الجولة الصباحية". وهنا كان واضحا أن الكلاب وغيرها من أكلات الجيف كانت 
تملأ بطونها("'). 

كان الموت بالكوليرا أو ميتة الكلبء أى الرعب الأزرق- أحد أبشع التجارب التى 
يمكن لمرض أن يبتلى بها الإنسان. فقد كان الأشخاص الأصحاء بشكل أو بآخر 
يمارسون شئونهم العادية: وفجأة يصابون؛ كما لى كان بضرية مطرقة على الرأس. 
كانت الصدمة الأولية يتبعها قىء مصحوب بإسهال دون ضابط لبراز يشبه ماء الأرز 
والذى يصفى الجسم من السوائل ويتركه جافا. وعندما يصل الجفاف إلى مرحلة 
حرجة, تهز التشنجات كل عضلة فى الجسم بما يجعل الضحايا يتلوون ويصرخون 


207 


من الألم. قد يكونون صغارا وذوى سحر وجاذبية فى الصباح, وليلا يصبحون حطاما 
ذابلا بجلد أزرق داكن. وعيون غائرة وأسنان ناتئة» والأسوأ, أن الضحايا تقريبا حتى 
النهاية ربما يكونون مدركين للأشياء الرهيبة الحادئة لأجسادهم الجافة الملوثة بالبراز. 
ومع ذلك فإن الانهيار الجسدى لا يتوقف مع الموت. فحتى بعد ساعة أو أكثر بعد أن 
تكون روح الحياة قد انطفات؛ تستمر الساقان والذراعان فى الجثة بالركل والنطرء مما 
يدفع أولئك المتجمعين قريبا أن يأملوا بأن الجثة لم تمت يعد حقا. أحيانا تكون هذه 
الشكوك مبررة. كان الخوف بين الناس العاديين فى إنجلترا من أن فرق رفع الجيف 
قد كسصي جسم لم تزل نيا يعآدل:ققط يلغ القلى ممن سيكون القالى الذي متشميذ 
عليه الكوليرا. بين المصابين تراوحت معدلات الوفاة حول ./5٠‏ وبين من نجوا من 
المصلين كانت الندوب الدائمة أو العرج أو الإعاقة فى الكلام شائعة. 


الكوليرا فى الهند حتى 1١861‏ : 


فى أغسطس ,١84١‏ صرح كبير الجراحين طومسون بالخدمة الطبية البنغالية 

وبى ريك؛ وجى . بوكماسترء وأعضاء أخرون يلجنة حكومية فى تقرير لهم أنه بتقييم 
الحالة الصحية لشعب الهند وجدوا أنه من الملائى ملاحظة حجم الضحايا المحليين من 
الكوليرا. و بينوا أن: 

يمكن افتراض أنه حيث تكون الكوليرا فى أسوأهاء تكون 

العادات الصحية والقدرات البدنية للناس فى أدناها.... ويمكن 

افتراض أن الكوليرا هى اختبار لصحة وثروة منطقة ما بشكل 

أفضل من النسبة العشرية للوفيات والتى على أحسن تقدير لابد 

وأن تكون كما غير مؤكد بالنسية لبلاد شاسعة مثل الهند. ولذلك 

تكون غير مناسبة تماما كمعيار للحالة الصحية!""), 


100 


هذا الاستخدام لإحصاءات الكوليرا كمقياس للصحة العامة عكس الإدراك طويل 
الأمد لدى البريطانيين المتعلمين للهند كموطن لمرض يهدد بشكل مباشر رفاهية 
السكان فى الغرب. ويإحياء هذا فى 14177», قام إحصائى معروف وقتها وفيما بعد 
يدعى ديليو. ديليى. هانتر بتذكير قرائه بأن: أحد أخطر أعداء الإنسان المميتة (يظل 
مرض الكوليرا) جاهزا أبدا لمهاجمة العالم وتدمير الأسر وتخريب المدن وترك خطلًا 
أسودًا عريضًا وراءه عبر ثلاث قارات ..... ضاربا الآلاف من أكثر الموهوبين وأجملهم 
فى عصرنا فى فيينا ولندن أو واشنطن9"). 

كما كان على هانتر أن يدركء: أن ادعاءات من هذا النوع لها مضامين سياسية 
خطيرة. وهكذا فى مؤتمر دولى عن الصحة العامة عقد فى فيينا فى 18/1: كان 
أغلب المندويين غير البريطانيين مقتنعين تماما بأن الكوليرا المتمركزة فى الهند 
كانت تهديدا قائما للغرب. ومع ذلك: لما كانت بريطانيا هى أعظم قوة بحرية فى 
العالم» لم يكن المؤتمر فى وضع يمكنه من إرغام بريطانيا على تبنى حجر صحى 
صارم على كل السقن المغادرة ليومباى وكلكنا وغيرها من الموانى الهندية الموبوءة 
سيئة السمعة ©"). 


حتى يعد الحرب العالمية الأولى كانت الهندء المستترة جزئيا خلف النمو 
السكانى السريع لكلكتا (فى عام 18٠١‏ كانت ثانى أضخم مكان حضرى فى 
الإمبراطورية ب 55١‏ ألف نسمة) تتميز بتعداد سكانى قريب من الثبات. فى المناطق 
الوسطى والغربية (يما فيها يومبياى) فى العقدين -149١‏ ١١91١او١91١1-١1955,‏ 
كان هناك بالفعل تراجع فى السكان. وفى المنطقة الشمالية يما فيها البنجاب, 
المقاطعة التى كانت بريطانيا تجند منها أَغلب القوات الهندية لديها بعد ثورة /ا1ه8١,‏ 
وفى العقد ١91١-١49١‏ كان معدل متوسط العمر عند الميلاد للأولاد 6ه.,/0١‏ عاما 
وللبنات ,١‏ ؟؟ عاما. وفى العقد ,1953١-١911١‏ اتخفض متوسط العمر للإناث إلى 
,90 وفى 1841 كان سكان الهند يبلغون حوالى ١٠١‏ مليون نسمة. وطبقا لتقدير 


409 


حديث عندما وصل تشارلزء الماركيز الأول لكورنواليز فى ١7481‏ ليتولى منصب الحاكم 
العام كانت شبه القارة تحتوى على عدة ملايين من السكان أكثر مما كان بها بعد ذلك 
بمائة عام 2"). 


بملاحظة كيف مر هذاء يمكن للمرء أن يبدأ بالتصورات: وبوجه خاص التصور 
الذى أتى به للوجود الشاب الماكر ذو اللسان السليط جيمس ميل التابع لجيريمى 
بنتام, (107175-14857). لقد ولد فى قرية استكلندية وتعلم فى جامعة أدنبره. اقتنع 
جيمس ميل بفكرة كتابة تاريخ فلسفى دقيق للهند. وعندما اكتمل تاريخ الهند ضمن 
له منصبًا مدى الحياة كسكرتير لشركة الهند الشرقية (©/8). وهى منصب خلفه فيه 
ابنه الشهير جون ستيوارت ميل. كان أحد الموضوعات الرئيسية لكتاب "تاريخ الهند' 
هو أن المجتمع الهندى لم يتغير منذ العصور القديمة البعيدة. كانت قراءة هذا الكتاب 
تخدم حسب الحاجة كل موظفى شركة الهند الشرقية؛ وفيما بعد كل موظفى الحكومة 
البريطانية الذاهيين للهندء كان بلا شك السبب وراء الاستعمال المتكرر لعبارة "عادات 
تعود إلى زمن سحيق التى تظهر فى التقارير الرسمية الخارجة من الهند. هذه 
العبارة الكودية, بترجمتها إلى سياسة عامة, كانت تعنى أن الهنود أنفسهم كانوا 
منومين فكرياء ومتدهورين» وفى حاجة ملحة لمساعدة معنوية يستطيع البريطانيون 
الغازون وحدهم أن يقدموهالا'). 

فيما يتعلق بنوع الإجراء البريطانى الذى ربما كان مطلوبا فى وقت الكوليراء فقد 
عمل موقف جيمس ميل على إعطاء المسحة الشرعية لعدم اتخاذ إجراء على الإطلاق. 
كانت المقدمة المنطقية فيما يتصل بالأمر أن القرويين الهنود كانوا قذرين» ويفضلون أن 
يكونوا قذرينء ولقد كانوا قذرين لزمن لا يمكن تقديره. وكما عبر عن ذلك د. جيه. ام. 
كوتس المسئول الصحى عن البنغال فى ١417/‏ بقوله إن “الكتلة العامة للشعب لا تؤمن 
بقيمة الهواء والماء النقيين ... وهم .. راضون بالامتثال لعادات أجدادهم., وإذا ما 
عانوا وماتوا فإنهم يرجعون هذا الطارئ للقدر(""). 


2410 


وللوصول إلى فهم موضوعى لدور البريطانيين فى حرمان الهند من تاريخها 
(فيما بعد جيمس وابنه جون ستيوارت ميل) وعملية تحويل ما يبدو أنه كان مجرد 
مرض محلى مستوطن فى البنغال إلى مشكلة مزمنة على اتساع الهندء من المفيد 
الإحاطة بالتاريخ الفعلى للهند قبل وأوائل أيام الغزو. كما أعيد مراجعة التاريخ فى 
السنوات الخمس عشرة الماضية بواسطة المؤرخين الهنود والانجليز الجدد. كانت الهند 
فى القرن السابع عشر والثامن عشرء لما قبل البريطانيين فى طريقها لتصبح مجتمعا 
تجاريا بالكامل الذى لا يدين بشىء لعمليات التطور التى كانت تجرى فى أوريا!”"). 
بوقوعها فى مركز شبكات تجارية ضخمة تمتد من شمال الصين من الشرق وإلى 
البحر الأحمر ومصر فى الغرب» قامت شركات التجارة الهندية عبر البحار بيناء 
وامتلاك سفنها العايرة للمحيطات. واستخدمت أساليب تمويل معقدة مثل الصكوك 
التعهدية للابقاء على عجلات التجارة فى حركة إمداد التجارة الخارجية بكل نوع من 
المنتتجات المعروقة فى الغرب بالإضافة إلى مئات أخرى لقد كانت شبكة دقيقة من 
التبادل الداخلى للسلع اشتملت على نقل البضائع الأساسية والترفيه إلى كل أركان 
شبه القارة فى قوافل ضخمة من ثيران الحمل. وعلى الساحل الغربى» كانت هناك 
آلاف الورشء التى تغذى هذه الشبكة, وتنتج الأقمشة الرائعة وغيرها من المنسوجات 
لجميع الأغراضء فجعلت من هذه المنطقة واحدة من أعظم المصانع بالعالهل؟"), 

مركزيا للترتيب الطبقى الهندى: والحصانة الواضحة للتغيرات التى يأتى بها 
التحول التجارى السريع» حوالى عام ١74٠‏ ؛ كان التصور بأن السبب الجوهرى وراء 
قيام صاحب الأرض أو التاجر الهندى الذى يجمع ثروة هو إعادة تدويرها فى 
أغراض اجتماعية ذات قيمة. أسهم التجار ورجال البنوك وموظفو الحكومة» وأخرون, 
أولئك الذين نعتبرهم تقدميين متأثرين بدافع حب الغيرء فى صيانة مرافق الخدمات 
الاجتماعية. وهذه شملت مجمعات المعابد التى استثمرت أموالا فى معاهد التدريب, 
والمكتبات المدرسية؛, وصنابير مياه الشرب على الأرصفة: وبيوت الضيافة للمسافرين؛ 
وفى الجنوب حول "مدراس", مئات من أبار الخزانات للرى أثناء موسم الجفاف. علاوة 


4211 


على ذلك. فى وقت المجاعات. اشتمل الميثاق على أن كبار ملاك الأراضى يجب أن 
يكبحوا دوافع الجشع للتجار بالنسبة للمواد الغذائية الأساسية واتخاذ خطوات 
لضمان توزيع الطعام على الفقراء بأسعار ما قبل المجاعة. لقد كان تأثير هذا هو 
تشجيع الفقراء على البقاء فى أو قريبا من قرى مولدهم, بدلا من الاندفاع نحو المدن 
الكبرى فى بحث بلا طائل عن الطعام. وستكون أمامنا فرصة فيما بعد لتقييم آثار 
إلغاء هذه السياسة بواسطة البريطانيين على الصحة العامة (:5) 

فى أزمنة ما قبل البريطانيين» قبل أن تترسخ التصورات حول الطبقات: كان 
هناك تنوع كبير فى طبقات المجتمع. فقد عملت قابلية الحركة الجغرافية والاجتماعية 
ضد أية تصورات جامدة وسريعة للواقع الموروث؛ وواجهت الميل نحو انتقال المكانة من 
الآباء إلى الأبناء. فى البنغال وجنوب الهندء بين أناس يدركون أنفسهم كهندوس, كان 
هناك عدة آلاف من العلماء الأكبر سنا (اليراهميون) الذين, بعد زهدهم فى العواطف 
الشبابية» قضوا وقتهم ينسخون ويدرسون النصوص السنسكريتية القديمة. وموازيا 
لهم فى العالم الإسلامى كان العلماء الطاعنون فى السن الذين قضوا أيامهم يدرسون 
الكتابات العربية المقدسة. كان لدى كل من النخبتين الفكريتين أفكار راسخة حول أى 
المفاهيم حول الطهارة والتلوث التى أقامت آداب السلوك. ومن سوء حظ المستشرقين 
البريطانيين (الدارسين للثقافة الشرقية) افتراضهم خطأ بأن هذه المثاليات غير المتسقة 
والمقصورة على فئة قليلة كانت معيارية للمجتمع ككل( ). 

فى الواقع؛ فى أيام ما قبل البريطانيين كانت هذه الأفكار النخبوية غير معروفة 
فعليا للقرويين العاديين شبه المستقرينء وأهل القبائل شبه الرحل فى الغرب وفى 
أقصى الشمال. بدلاً من ذلك, ما كان يحكم الأنشطة اليومية لهؤلاء الناس هو العادات 
المحلية لكل من هذه المجموعات. ففى وقت الأزمات ريما تتطلب الأعراف غير المكتوية 
أن يتقارب المجتمع معا ككل معنوى باستعطاف معبودات محلية بأشكال خاصة من 
الطقوس والقرابين. ومع ذلك بسبب التنوع الكبير للجماعات الاجتماعية الهندية - التى 
يمكن إحصاؤها بالمئات - فإن أية محاولة شبه أنثروبولوجية للتعميم من واحد أو اثنين 


2012 


من الأمثلة المحلية تقع فى مخاطرة تشويه حقيقة الهند. وفى الأيدى الاحتلالية فى زمن 
الكوليراء كانت عادة افتراض أن كل الهنود يقعون فى قالب واحد, "الآخر" المرؤوس أو 


ما قبل البريطاتيين كان يحكم الهند أباطرة المغول (من سلالة بابور, توفى ١617١‏ 
ميلادية). هؤلاء الحكام اعتيروا التحار الغريدين مصدرا لإبزعاج ومتطفلين وليس لديهم 
فيما يبيعونه ما يحتاجه أى هندى غير مخازن الفضة المفيدة التى تركها الغربيون 
وراءهم. ومع ذلك» مع انهيار سلطة المغول بداية من أواخر القرن السابع عشر وظهور 
أمراء يتنافسون مع بعضهم البعض لبناء ولايات صغيرة محلية منظمة يكفاءة عالية - 
مثل اتحاد الماراذاس وميسور بقيادة حيدر على وكيبو سلطان - تأمى الفضة الغربية 
(أغلبها أمريكية الأصل) لتلعب دورا متزايد الأهمية فى تحديد التوازنات المحلية 
للقوى. كانت الفضة مطلوية للدفع للجنود المرتزقة إلى جانب الحرفيين الهنود أو الفرس 
أو الأتراك الذين صنعوا قطع المدفعية ومتطلبات أخرى للحرب الحديثة. كما كانت 
الفضة أيضا مطلوية للدفع لمالكى ثيران الجر المستخدمة فى النقل العامل فى نظام 
التموين الذى يغطى شبه القارة كلهاء إلى جائب مديرى عشرات الألوف من القيلة التى 
خدمت فى المعارك بشكل يعادل الديابات الحديثة. 

أما عن الإنجليز. فقبل 6 فقد اعتمدوا كليا تقرييا على عملات العالم الجديد 
لشراء طريقهم إلى الهند (لهذا كان عمال المناجم المحليين فى المكسيك وييرى 
اللتين يجتاحهما الجدرى» يعملون ويمرضون ويموتون). كانت الفضة المستوردة 
تستخدم لدعم التجار الإنجليز يحيث يمكنهم تخفيض الأسعار عن الأسعار التى 
يطلدها حتافستوفة اليذودا أن من الريك الأوسظفن امنذاء«العسكم فى يشورات قن 
تبادل الشلع مع التجار الثين يعيروق البحان إلى الصيك: أو الئ جنوي كترقى أسياء 
أى إلى مصر. وعندما استتب الأمر لهم تقدمت هذه العملية سريعا. بعام ١/5٠‏ 
كانت قد أزيحت تماما بالمركز التجارى الواقع تحت السيطرة البريطانية فى بومباى, 
على الساحل. 


413 


استعملت عملة العالم الجديد أيضا لإنشاء القوات الهندية العسكرية 
يضباطها الإنجليز والتى أصبحت فى ١798‏ واحدة من أكبر الجيوش فى العالم. كان 
خاص بالدفع لهم بانتظام ويمبالغ أعلى قليلا مما قد يحصلون عليه من أمير هندى 
صاحب عملا"). 

أسهم فرسان ماراثا من غريى وسط الهند فى انهيار سلطة المغول المركزية بين 
عامى 101 أو ١701‏ عندما أغارت فى عمق أراضى البنغال المغولية. مجبرة أهالى 
القرى على الهروب وتمزيق حركة النقل تماما لحبوب وأرز البنفال من الوصول 
الفرقة ورت كلديق ليسيف الن القوكي العانة توعد انتضتارة فرح بلاسىيئل 
أى إمبراطور رومانى غاز: أجبر كلايف حباة الضرائب المحليين بإحضار العوائد إليه. 
وفى ١710‏ تولت شركة الهند الشرقية رسميا الإدارة المالية لمقاطعات البنغال وبيهار 
وأرويسا(”). 


كان هذا هو الوضع العام فى ١114‏ عندما لم تسقط الأمطار مما أدى إلى 
المجاعة الكبرى ١770-1114‏ والتى مات بها ما يقدر ب ٠١‏ ملايين شخصاء أى ربع 
سكان البنفال. بالكتاية عن هذه الأزمة يقول قائد بحرى هولندى, تصادف 
وجوده بالمنطقة: 


نشبت هذه المجاعة جزئيا عن محصول الأرز السيئ للعام 
السايق؛ إلا أنه لابد من إرجاعها أساسا إلى الاحتكار الذى 
كان للإنجليز على المحصول الأخير لهذه السلعة والذى حافظوا 
على سعره العالى الذى ترك أغلب السكان سيئى الحظ بلا حول 
ولا قوة لشراء واحد على عشرة مما يحتاجونه للعيش: أضيف 
لهذه الكارثة الجدرىء؛ والذى تفشى بين أشخاص من كل الأعمار 
وماتوا به بأعداد كبيرة 4"), 


414 


وهكذا من أوائل أيامهم التى بلغت ١4٠.‏ عاما فى الهندء أقام البريطانيون 
نمطا للحكم من خلال العنق والترهيب والإكراه والذى سوف يتبعونه حتى نهاية 
بقائهم هناك (*"). 
يبدو أن الكوليرا الويائية كظاهرة باتساع شبه القارة بدأت فى الظهور فى عام 
87 فئ شكل تفشيات فى جيسور بالبتغال: وفيما بعد بنفس العام؛ فى وسط الهند 
فى جيش شركة الهند الشرقية تحت قيادة لورد مويراء ماركيز هاستينجزء ضد 
تحالف من قوات الماراذاس والبنداريين (عصابات جوالة من جنود المرتزقة غير 
المستخدمين). ") وفى ١١‏ نوفمبر كتب هاستينجز فى مذكراته: 
معسكر تالجونج. الخلل الويائى البشع الذى كان يتسبب فى مثل 
هذه الخسائر فى كلكتا وفى المقاطعات الجنوبية» قد تفشى فى 
المعسكر. إنه نوع من مرض الكوليراء الذى يظهر وقد أمسك 
بالفرد بدون أن تكون قد ظهرت عليه أية أعراض سابقة للمرض. 
وإذا لم يكن علاجا فوريا فى متناول اليدء يموت الشخص بكل 
تأكيد فى خلال أربع إلى خمس ساعات. 
وتحتوى مذكرات هاستينجز بعد ذلك بيومين على: “لقد كانت المسيرة (عير نهر 
بوهوج) رهيبة بالنسبة لتلك المخلوقات المسكينة المتساقطة تحت الهجمات المفاجئة 
لهذه الإصابة المرعبة... لقد مات 0.٠‏ منذ غروب الأمس." 7" وبالكتابة عن وياء الهند 
كلها هذهء لاحظ مؤرخ لمنظمة الصحة العالمية أنه كان مسبوقًا بمجاعة: "عام ١41١‏ 
وجزء كبير من 14811 قد تميزت بأمطار يالغة الشدة تيعتها فيضانات مدمرة 
وإخفاقات فى الحصاد (8"). 
فى 1670 (أربع سنوات قبل أن تنتقل الكوليرا خارج الهند إلى روسيا القيصرية 
وأراضى الهابسبيرج. قبل أن تنتقل إلى مملكتى انجلترا وفرنسا). كتب دكتور 
أنيسلىء: وهى طبيب انجليزى كان قد خدم لخمس وعشرين سنة فى الهندء لأصدقائه 


0415 


فى لندن حول ما اكتشفه عن تاريخ الكوليرا من "أولئك المطلعين على كتابات 
الهندوس". لقد قادت هذه التحقيقات أنيسلى إلى استنتاج: أننا لا نملك دليلا على 
تفشى الكوليرا فى الهندء كوياء واسع الانتشار فى مرات سابقة." وعلى الرغم من أنه 
كان يعرف أن تفشيات متمركزة لمرض مثل الكوليرا قد أبلغ عنها التجار البرتغاليون 
والقرنسيون والاتجليز فى الموانئ الهندية فى سنوات مختلفة قبل 1411»/ فقد كان 
آنيسلى يشير إلى معنى أن وباء الكوليرا الذى يجتاح حاليا أغلب قارة آسيا كان 
ظاهرة جديدة(3). 


ومع ذلك؛ هناك فى انجلترا فى معهد شركة الهند الشرقية المقام حديثا فى هيلى 
بورى» تعلم الجيل الأصغر لموظفي شركة جون, كونهم تدربوا على “تاريخ الهند” الذى 
ألفه جيمس ميل (نشر فى 1817) أن الهند كانت ماديا ومعنويا فاسدة منذ زمن أبعد 
مما يصدقه العقل. ويمواجهة هذه الفكرة» وضع جانبا استنتاج آنيسلى المعقول بأن 
'الوباء واسع الانتشار' للكوليرا كان ظاهرة جديدة. وما حل محله كان الافتراض بأن 
وباء الكوليرا كان دائما شائعا خلال الهند كلها حتى على الرغم من أنه قبل 18117 لم 
يكن هناك رجال بيض ليسجلوء!"؟). 

وكما قد رأيناء فى فهم "كوخ" للكوليرا أنها كمرض يحقق بالفعل أسوأ تتائجه 
بين الناس الذين يكونون فى حالة اكتئاب ذهنى بسبب انهيار حياتهمء أى لأنهم يعانون 
بدنيا من سوء التفذية أى يعانون مباشرة من المجاعة. هذه الشروط كلها كانت 
متوفرة فى التطور السريع للوياء الكبير عام ١411‏ كان ضمن أوائل من تسيبوا فى 
الاكتئاب الذهنى أول حاكم عام الجترال تشارلزء ماركيز كورنويلزء ورفاقه وخلفاؤهم 
المباشرون. هؤلاء البريطانيون الحقيقيون كلهم جاوا من عائلات إنجليزية 
وأيرلندية وسكوتلاندية كانت فى الوطن تستخدم التقنيات الوطنية الزراعية لتحقير 
الريفيين فى الطبقات الاجتماعية الدنيا من خلال تدمير حقوقهم العرفية 
بالتطويق والإيجار الباهظ والطرد الجماعى. وعندما ووجهوا بهذه الأرض الغريبة 
البعيدة, التى كانت الهندء لم يكن لدى هؤلاء البريطانيين وخز ضمير لتدميرهم أنماطا 
مجتيعية هناك أيضا (41). 


416 


عمل تشارلز كورنويلز. خريج كلية إيتون!*) القديمء الحاكم العام للهند بعد 
7 والذى وصفه كاتب سيرته الذاتية فى قاموس السير الوطنى بأنه لم يكن رجلاً 
ذا عبقرية ساحقة . بشكل كبير على المضى فى تدمير نسيج المجتمع الهندى. بعد 
وصوله مباشرة. سرعان ما فرض أفكارا غربية للاخلاقيات بحظر التوظيف فى 
الشركة للمهجنين الناتجين عن الحياة الجنسية الغير منضيطة لرفاق روبيرت كلايف. 
وهكذا قبل أن تشجع زوجات العاملين بالشركة من طبقة الموظفين للحضور واللحاق 
بأزواجهم فى عشرينيات القرن التاسع عشرء تميزت العلاقة بين البريطانيين الحقيقيين 
والرعايا على الجانب البريطانى بفصل عنصرى مقحم عمدا. وبالنسبة للهنود ذوى 
المنزلة الرفيعة الذين كانوا مستعدين للتعاون مع الغزاة البريطانيين» وأن يتعلموا 
أسالييهم, كانت هذه السياسة محبطة للمعنويات9؟؟). 
وحيث إن الضباط البريطانيين الحقيقيين قد اعتبروا جنود الشركة البريطانيين 

أفضل قليلا من نفايات الوصول للأهداق (فى 14817 أشار إليهم هاستينجز 
بمخلوقات') فإن رجالا من هذا النوع كان لا يزال يسمح لهم بإشباع رغباتهم 
الجنسية مع اليفايا الهنديات. وكلما خرج جيش بريطانى: كان يصاحب بحشود من 
تابعى المعسكرات, الذين بعودتهم إلى قراهم هاربين من الموت بالكوليرا كانوا يأتون 
بمرض الكوليرا معهم. وفى تعليق على هذا الوضع أثناء الوياء الواسع يطول وعرض 
الهند للفترة بين /18715-1411, ادعى أن: 

لقد كان البنداريون (من طائفة السيخ) المتنقلون من مكان لآخر, 

والقوات البريطانية وحشودها الضخمة من تابعى المعسكرات 

الملاحقين لهم, هم من ساعدوا فعليا فى نشر واستمرار الوياء, 

الذى استمر بقدر ما استمرت هذه التحركات 9؛), 


(*) كلية إيتون 01698 1007 مدرسة عامة لأطفال الطبقة العلياء أسست عام ١44٠‏ بمدينة إيتون فى 
بركشير يالقرب من نهر التيمز. 


417 


كان مما أصاب نسيج البنيات الاجتماعية الهندية بشروخ عميقة استيطان 
الأرض الدائم لكورنويلزء والإصلاحات القانونية المصاحبة لعام .١797‏ فقد نشأ عنها 
نوع جديد من 'الزاميندار"' الذين كانوا مسئولين عن دفع ضرائب عن أملاكهم من 
الأراضى خوفا من مصادرتها. لم يكن "الزاميندار' ما قبل كورنويلز لهم حقوق ملكية 
وإنما كانوا فقط يخدمون المغول, كجباة عوائد لأقاليم معهودة إليهم. ويخلق هذا النوع 
الجديد من ال ' 23001003:5 أتى كورنويلز بذلك للوجود بفئة من الناس آمن أنها 
ستخدم تماما بنفس قدرة طبقة الأعيان المحلية فى سفولك “اهاأن5 وكنت ]2هكا 
بالاندفاع إلى تدمير حقوق الاستخدام العرفية وإقامة طبقة من العمالة المأجورة مثل 
النمط القروى الطبيعى. فى هذا السياق؛ أدت هذه الممارسة لخلق حقوق مفروضة 
قانونا فى الأرض التى لم يوجد بها قوانين ممائلة من قبل» إلى انقلاب ضخم فى طبقة 
الرجال المؤثرين من الهندوس» حيث تم استبدال أولئك الذين اضطروا أن يبيعوا, 
بآخرين من المتعاونين من الهنود (البهادرالوك). نشاً عن هذه الفئة فى عشرينيات 
القرن التاسع عشر مستاجرو البهادرالوك المتغيبون» مدفوعين بالإيديولوجية البريطانية 
المفاجئة الحديثة النشأة للفردية المتملكة. وفى أغلب الأحيان نسى هؤلاء "الرجال 
الجدد' أن الغرض الحقيقى من الثروة كان لمزيد من مشروعات الإصلاح الاجتماعى: 
مستشفيات ومدارس وصنابير لماء الشرب على جانب الطريق. فى وقت المجاعة. لم 
يكن رجال من هذا النوع ليعترضوا على رفض البريطانيين للسيطرة على تصدير 
الحبوب - السلعة التى اعتمدت عليها الحياة نفسها - من مناطق فيها شح بالحبوب 
نحو مناطق أخرى سوف تدفع أسعارًا أعلىا؟؟). 

كانت سياسات كورنويلز لعوائد الأرض والزاميندار مجرد إسهام واحد فى 
التحول الهائل للتركيب الاجتماعى والبيئة بالهند. فباتباع أحكام الدستور الذى أدخله 
فى ١79”‏ تم وضع كل النساجين والحرفيين تحت التعاقد مع شركة الهند الشرقية 
وحظر عليهم التوريد إلى موزعين تجاريين مستقلين. كان هناك مئات من الفزالين 
والنساجين ممن استفزوا من قبل جباة الضرائب الإنجليز بتقاضيهم أجورا لا تفى إلا 


416 


بالسقوط تحت وطأة المجاعة من قبل شركة الهند الشرقية الاحتكارية» بأن تخلوا عن 
العمل وفروا إلى قراهم حيث ذابوا ضمن بقية الفقراء اليائسين هناك. وطبقا للمؤرخ 
جيه. إى. ويلز فى أواخر تسعينيات القرن الثامن عشر فإن تدهور جودة وكمية 
الأقمشة القطنية الهندية الممتازة قد أصبح جليا بشكل عاء (**). 
وبالكتابة عن الوضع بعد ذلك بربع قرنء يدعى المستشرق الفرنسى آبى دوبوا أن 

أوربا د اعتمدت على الهند فى الملابس الراقية "منذ زمن سحيق إلا أنهم الآن قد 
أصبحوا فائضين عن الحاجة؛ وضحايا لتكنولوجيا صناعة الأقمشة البريطانية 
المتقدمة؛ ثم واصل قائلا: 

هذا الانهيار فى صناعة القطن قد أوقف بشكل غير مباشر 

تدوير المال» ولم يعد بمقدرة المزارعين أن يعتمدوا على الصانعين 

لشراء الفائض من حبويهم. لقد أدى ذلك بالمزارعين إلى 

الضرورة الصعبة بالتنازل لهم عن حبوبهم وبالتالى أصبحوا 

فريسة للمرابين عديمى الرحمة (1!). 

كان خليفة كورنويلز خريج كلية إيتون القديم ريتشارد ماركيز ويلزلى. لقد ترك 

الماركيز وأخواه هنرى وآرثر (الذى أصبح دوق ويلجبتون) أنفسهم ليقتنعوا 
بدعاوى ويليام جونز وأتش. تى. كولبروك ومستشرقين آخرين بأن محاربة جهود 
الأمراء الهنود لبناء دويلات وراثية صغيرة الحجم لتحل محل إمبراطورية المغول 
المترامية الأطراف كان مروقا على النظام القديم للهند وبأن هذا النظام القديم كان 
يناما أسطوريًا جمع معا بواسطة السلطة اللامركزية لرجال الدين الهندوس لم يكن 
بأية حال قد انتقص من تأثيره كأساس منطقى للفزو البريطانى7'') بالنسبة 
للمستشرقين الغربيين. شن الأخوان ويازلى الحرب؛ معتمدين على النظام القديم للهند 
وعلى ما كان يدرس فى المدارس العامة حول سوابق الأياطرة الرومان يخصوص 
'رعب التحضر". على الأمراء الانفصاليين الهنود؛ ويعد استسلامهم ذبحوا قوادهم من 
الضباط بدم بارد(2؟). 


409 


أزداد إحساس الأخوين بهذه الضرورة من خوفهم بأن عملاء من الثورة الفرنسية 
عام 1789 قد يتسللون للهند وفى تحالف مع المتمردين (الذين نظر إليهم كعصايات 
من المجرمين) قد يسقطون النظام المالى العسكرى البريطانى. و بدون قدر كاف من 
الحكمة؛ لعب تيبو سلطان ميزورى بالمقابل لهذا بالدعوة لشعار الحرية ومناداة 
أصدقائه المواطنين من هنا وهناك. وقد جلب عليه هذا الموقف انقضاض القوة الكاملة 
لجيش ويلزلىء ومعها هزيمة نكراء فى المعركة وموت مخز .)١759(‏ ومع ذلك, وى قيل 
هذه النتيجة؛ كان حكام ميزورى قد أقاموا سوابيق سياسية - لدولتهم الإقليمية - 
والتى توقعت الكثير مما سرعان ما سيفعله البريطانيون فى الهند كلها. وبصورة 
مبسطة كانت سياسة الحكم فى ميزورى بوضع الثقل الكامل للدولة على كاهل كل 
المزارعين لتجبرهم على الاستقرار بحيث يمكنها فرض الضرائب عليهم ومحاكمتهم 
وأن يوضعوا تحت إشراف بيروقراطى7' *). فشلت خطط التحديث التى لم تتم بدرجة 
كبيرة لحيدرعلى و تيبوسلطان بسبب القيود الزمنية التى فرضتها الغزوات البريطانية, 
وخطط التحديث التى وفرت للبريطانيين فرصة أكيدة لتحقيق الأرباح: والتى قدمت, 
للمصادفة القاسية, المجد العظيم لمرض الكوليرا. 

تحت النظام القروى القديم الخالى من الكوليرا بشكل عبام والذى وُجد عندما 
ظهر كل من كلايف وحيدر على فى الصورة؛ كان كل تجمع قروى كمجتمع متحرك 
تحت إمرة محارب إضافة لكونه زعيماء وقاضى منازعات وموزعًا لحقوق الانتفاع فى 
الأراضى المشتركة على المشاع التى لم يدع ملكيتها. حقا فى معظم الهند قامت حياة 
القرية على افتراض منطقى بأن القرية تكوثت من أناس وعادات أكثر منها من مكان 
ثابت ومجموعة من المبانى. 

وما زاد فى تعقيد الواقع القروى أن حوالى ,١18١1‏ كانت شبه القارة لا تزال 
قليلة السكان بالنسبة لقاعدة مواردها الكامنة, والتى كان أغلبها مغطى بالغايات. 
وبوجه خاص فى الهضبة الوسطى للدكنء كانت هناك بقع سكانية خفيفة متناثرة حيث 
يتجول الناس على سجيتهم. تحت هذا النوع من نظام استغلال الأرضء كانت الأرض 


2000 1 


الخصبة تستزرع حتى تبدى أنها قد أنهكت, حينئذ تتحرك القرية إلى مكان آخرء لتعود 
بعد جيلين أو ثلاثة لإعادة استغلال الأرض. والقرية» وهى مزودة بهذا التوجه تحو 
المكان» إذا ما شحت الأمطارء أو إذا ظهر تهديد لمرض ماء تتحرك إلى موقع أكثر 
ملاء مة وأكثر صحةا*). هذه المرونة لا شك تفسر بشكل كبير لماذا أنه فى أيام ما قبل 
البريطانيين لم يكن وياء الكوليرا والجدرى من الظواهر على اتساع القارة. 


بالإضافة إلى سكانها الزراعيين شبه المتحركين؛ اشتملت الهند على عدد ضخم 
من الرعاة الجوالين والشعوب القبلية. وعلى مدى حياته يقوم الفرد القبلى هذا بالعديد 
من الحرف» فهو يخدم كجندى مرتزقة وإسكافى وتاجر ومعالج:؛ أو فى أية فرصة لائقة 
أخرى متاحة. وكانت القبائل» وهى متمركزة أثناء الشهور الأكثر حرارة فى تلال غرب 
الهند (الغاتس) أو فى الأراضى المرتفعة والجبال شمالا نحو أفغانستان والهيمالاياء 
تهبط إلى الأراضى المنخفضة أثناء الشهور الأكثر برداء لمقايضة البضائع من كل 
الأنواع (بعضها جاء عن طريق شريفء وبعضها الآخر مسروق) وسط أناس عاديين 
قد يتعاملون بالنقود. وكان القبليون يهتمون أيضا بالرعى وتربية الخيول والمواشى 
التى وفرت للقرويين المستقرين فى شتى أنحاء شبه القارة القطعان التى كانت الشكل 
الرئيسى للثروة المطلوبة لممارسة طقوسهه!'"). 

فى هذه العوالم المعقدة التى كانت فيها للشعوب المستقرة وشبه المستقرة 
والجوالة أدوارها المعتادة فى بيئة طبيعية قاسية استطاعوا مجاراتهاء برت آلة الحرب 
والدولة المالية الإنجليزية. وبناء على سوايق قام بها حيدر على و تيبو سلطان» أجبر 
الناس على الاستقرار الدائم على مواقع قرى ثابتة حتى يمكن قرض الضرائب عليهم 
بانتظام وأن يحكموا بانتظام. وكنتيجة مباشرة للسياسات البريطانية للاستيطان 
والتعامل النقدى الإجبارى: أصبح عشرات الآلاف من البشر حطامًا هده الجوع 
منخفضى المعنويات, وعلى ما يبدو فإن أعضاءهم الداخلية أصبحت عاجزة عن إفراز 
الأحماض والقلويات المطلوية فى وقت الطوارئ لمحاربة بكتيريا الكوليرا. 


421 


ما فشل مستعمرو أوائل ومنتصف القرن التاسع عشر من البريطانيين أن 
يأخذوه فى الحسبان» على سبيل المثال» خلق ملكيات صغيرة للإايجار قائمة على نظام 
الريوتوارى 5]6لا5 0/31أ0ل9؟ فى جنوب الهند؛ هذه السياسات سرعان ما أدت إلى 
زيادة هائلة فى كم الأراضى منخفضة الجودة التى أدخلت للزراعة. ويدلا من الاهتمام 
بالعواقب الناتجة عن هذاء اعتقد إحصائى الحكومة ديليو. دبليى. هانتر وأخرون ممن 
على شاكلته أن الزيادة فى المساحة المنزرعة - فى الأعوام الخمسة والعشرين بعد 
807 كانت الزيادة 17/- تعلن عن الوجود التحضرى البريطانى9'*). إلا أن الواقع 
كان مختتلفا تماما. مع الاعتماد الأكبر للريوتس 70015 على الأرض التخومية والذين 
أصبحوا أيضا أكثر اعتمادا على المرابين ليعينوهم على التغلب على الضرائُب عندما 
كانت مستحقة الدفع. وعندما كانت الأمطار إما شحيحة وإما سيولا تدمر المحاصيلء 
أدت الترتيبات مع المرابين إلى العجز والمصادرة:, مع النتائج المتوقعة, وهى المجاعة و- 
إذا ما تصادف وجود البكتيريا الواوية فى الجوار- وياء الكوليرا. 
كان يمكن رؤية أهالى القرى الهندية: فى إدراكهم لأصول الكوليرا (ليست هناك 

قرية واحدة تتطابق مع الأخرى) بافتراضهم علاقة بين مجىء البريطانيين والمرض 
القاتل المأساوى. يشير الموظف الحكومى السابق إى.إى إنثوفن وهى يكتب عن المنطقة 
المحيطة ببومباى إلى: 

هناك تقليد شائع بأنه فى الأوقات القديمة تمكن الملك فيكراما 

من إخضاع الكوليراء ودفنت تحت الأرض. وفى يوم من الأيام» 

حفر البريطانيون فى مكان الدفن على اعتقاد بأن هناك كنرًا 

مدفونًا هناك, وهكذا تم إطلاق الكوليرا. ويعد أن سقط الكثير 

من الجنود ضحايا تم استرضاء إلهة المرض أخيرًا بقربان» وتم 

تسليمه إلى البهانجيز (المنبوذين)7”*). 


تطلق كلمات إنثوفن العنان لأربعة أفكار: 


402 


أولا- الارتباط فى العقلية الشعبية بين طمع البريطانيين للذهب ومجىء الكوليرا. 

ثانيًا - إن الجنود كانوا عرضة للمرض بشكل خاص. فقى عام التمرد العظيم 
بين عامى 1808-1401 (وهى حدث ذو دلالة كونية من المؤكد تذكره فى التقاليد 
الشفاهية)؛ وفى مقاطعات الثورة» كان يموت واحد من كل عشرة من الجنود الهنود أو 
البريطانيين (5, ٠٠١‏ لكل ألف). يرجع ".4 لكل ألف من هذه الوفيات فقط إلى 
العمليات العسكرية, وتقريبا مات الباقى من الأمراضء وفى مقدمتها الكوليرا(؟*). 

تختص الفكرة الثالثة لكلمات إنثوفن بالافتراض الغالب الإشارة إليه فى القرية 
الهندية أن المرض قد أرسل من قوة متحكمة: إلهة المرضء التى كانت راغبة فى 
الدخول فى مفاوضات مع الجنس البشرىء وإنها عندما ترضى عن القرابين 
الاستراضائية المقدمة لها سوف تسحب المرض. لقد كان البريطانيون الحقيقيون 
يهزأون من هذاء ويرون أنها خرافة أخرى للسكان الهنود الجهلة(**). ومع ذلك. ففى 
ضوء المفاهيم الحديثة. ما يسميه الناس المتعصبون خرافة والناس التقدميون يدركونه 
كشكل صحى من تصريف التوتر لم يكن مقصورا على الهند. ففى يوليو 1877؛ أثناء 
أسوأ أويئة الكوليرا فى أورياء دخل "عامة: بروكسل (الآن هى عاصمة أوريا) فى 
مفاوضات مع العذراء المقدسة مريم غير مميزين عن أولئك الذين اعتقدوا بإلهة أخرى 
فى قرى الهند('*). 

فى الهند, تثير ملاحظات إنثوفن عن العادات الشائعة نقطة رابعة» وى هى 
انتقال المرض إلى البهانجيز 'المنبوذين"؛ وهم أدنى طبقة فى المجتمع الهندى. ففى 
بومباى قد يبدى أن هؤلاء الناس كانوا يعتبرون أن بهم لمسة سحر من حولهم: مما 
يمكنهم من التعامل مع أمراض كارثية من قبلء والتى كان محترفى الصحة المحليون 
يقفون أمامها عاجزين. 

بالانتقال الآن إلى ردود الفعل الطبية للكوليرا فى الهندء سوف نرى أنه تقريبا من 
بداية أوبئة الكوليرا التى اجتاحت أرجاء القارة فى 18117/ اتخذ مقدمى الخدمات 


013 


الصحية البريطانيون قرارا يعدم الاتصال مع أمثالهم من الهنود. وكان هذا توجها 
جديدا. فمن عقود سابقة؛ فى ستينيات وسبعينيات القرن السابع عشر كان الطبيب 
الأوربى الذى ارتحل فى شبه القارة - أطباء مثل فرانسوا بيرنيير وجراحون مثل جون 
فراير- يقبل بأن محترفى الطب من الهنود كانوا تقريبا على نفس المستوى مثلهم على 
الرغم من عدم رغبتهم بممارسة القصدء وهى العلاج الغربى المتيع للحمى. 

وجد بيرنيير وفراير أن هناك نظامين طبيين رئيسيين فى شبه القارة. الأقدم: 
الآيورفيدا 5383 كان قائما على نصوص مكتوية باللفة السنسكريتية فى 
الألف سنة قبل الميلاد» وكان ممارسوه يعرفون بالفيدز 3105. والنظام الثانى» الطب 
اليونانى (طب اليونان الهيلينية)» والذى أتى ببطء بعد القرن الثامن مع التجار 
المسلمين ويشكل ضخم مع القتوحات التركية العربية فى أوائل القرن الخامس 
عشر. لقد كان ابن عم وثيق الصلة بطب الأخلاط الأربعة المستخدم فى غرب أوريا 
حتى ميلاد الطب السريرى فى القرن الثامن عشر. ولقد كان ممارسو هذا الطب 
اليوناني يلقبون بالحكماء. 

عند الشروع ليكون فيد (طبييا) فى التقاليد السنسكريتية, كان المتدربون 
يعيشون بشكل عام فى منزل أستاذهم, والذى غالبا ما كان أيوهم أو عمهم أو خالهم. 
كان نظام التدريب المهنى الداخلى هذاء أحيانا ما يستخدم أيضا فى نظام الطب 
اليونانى» مع أن الكثير من الحكماء كانوا ملحقين بمدارسء أو معابدء أى مجمعات 
لمكتبات كبرى حيث كانوا يساعدون فى تعليم المتدربين. وكان برنامج تدريب الطب 
اليونانى قد تعرض للخطر عندما ادعى البريطانيون» باستخدام سوابق قانونية زائفة, 
بأن سندات الملكية كانت خاطئة وصادروا أراضى الأوقاف المطلوية للحفاظ على 
المؤفسسات المسلمة كى تظل قائمة(*). 


ومع ذلك. فإن الصعويات التى واجهها ممارسى الطب اليوناتى و تقاليد آيورفيدا 
تحت قواعد الشركة (شركة الهند الشرقية) لم يكن له إلا تأثير هامشى على نوعية 
تقديم العلاج المتاح للقرويين العاديين. ففى أيام ما قبل الاحتلال كان الفيدز (أطباء 


1424 


النظام الأول) والحكماء (أطباء النظام الثانى) يقصرون يشكل عام ممارستهم على 
الزيائن الأغنياء فى قصور الأمراء. وكان فقط عندما بدأت هذه الطبقة فى الاضمحلال 
إما بالقتل وإما بالاعتزال الإجبارى للأمراء المعارضين فى الرأى: واستبدالهم 
بالمتعاونين مع البريطانيين (الذين استخدموا أطباء بريطانيين) أن الفيدز والحكماء قد 
وسعوا من قاعدة ممارستهم لتشمل الطبقة المتوسطة الهندية الجديدة فى مدن مثل 
كلكتا ويومباى والتى كانت ضمن السيطرة البريطانية بالكامل. هذه التطورات تركت 
عالم الأقاليم الريفى - حيث يعيش 50/ من كل الهنود- لا يمس فعليا من قبل أى 


نظام علاجى 00 


إن القش الذى يلقى فى الهواء مبكرًا يظهر أى اتجاه لهبوب الرياح بالنسبة 
لتعلم الطب المحلى. فى عام 4١18١؛‏ اقترح مديرى شركة الهند الشرقية بأن الأطباء 
الواقدين عليهم استشارة الممارسين الهنود حول أنوا ع العلاج التى يستخدمونها 
للأمراض الخاصة بالمكان. وكان الأطباءء مع ذلك» فى هذا الوقت على دراية بأن 
الهنود كانوا يستخدمون كلوريد الزئبق (كالومل) كعلاج للحمى وأحسوا بأته ليس 
هناك شىء آخر ليعلموه. ويعد ١4١4‏ وصلوا إلى قناعة بازدراء كل نظم الطب الهندية 
والممارسين الهنود(؟"). 


كان هذا التوجه الذى عكس التأثير الذى وصفه الكود الفلسفى لسلوك الرجل 
النبيل (الجنتلمان) والمعروف 'بالاستقلالية” يسيطر على العقلية الاحتلالية. وكما أعاد 
صياغتها آدم سميث فى كتابه “نظرية العواطف الأخلاقية" (المنشور فى 705 1مع عدة 
طبعات تالية) بناء على كتاب جون لوك "أفكار عن التعليم” والكتابات الرواقية لماركوس 
أوريليوس وإيكتيتوسء مجدت استقلالية العقل على المادة؛ والمنطق على العاطفة. لقد 
كان هدفه هو القيادة الذاتية" والشعور 'بالاستقلالية على الثروة" وازدراء كل الأعراض 
الظاهرية للألم والفقر والاغتراب والموت . وبالاقتياس عن لوك وإبكتيتوس قام سميث 
بالتفسير الأخلاقى بأن” الموت كما نقولء هو ملك الأهوال" إلا أن "الإنسان الذى قهر 


405 


خوفه من الموت يظهر سيطرته الكاملة على عواطفه.؛ بذلك يكون قادرا على تنفس 
الهواء النقى للحرية والاستقلالية("'). 

هذه الدفعة الأخلاقية وجدت تعبيرا فى ردود الأفعال الطبية عندما اندلعت 
الكوليرا أول مرة. ففى ١6١7‏ عرف فى كلكتا أن الكوليرا قريبة فى جيسور. و بالطلب 
من مجلس كلكتا الطبى إصدار توصيات» أصدر تأنيبا للقاضى الإنجليزى فى جيسور 
الذنى نسى أن يقهر خوفه من الموت إنما أغلق المحكمة وأرسل بالناس إلى بيوتهم. وقد 
ادعى المجلس الطبى وقتها أن الكوليرا كانت الوياء المعتاد لهذه الفترة من العام" 
ويانحناءة لكهنة كنيسة انجلتراء أشار رجل الدين توماس مالثوس, إلى أنه "ريما أن 
العواقب. فى الوقت الحالى قد تكون مفيدة, بتصحيح تأثير تعداد سكانى مكتظ”". وكما 
رأينا من قبل فإن أعداد الهنود كانت فعليا فى تراجع!'"). 

فى عام 148717 عندما كان ثانى وباء يشمل الهند كلها يشتد فى التمهيد للتقدم 
تجاه أورباء رأى آر. اتش. كنيدى وهو أيرلندى إنجليزى يكتب من بومباى» بأن الوياء 
قد فشل فى تقديم "صورة أكثر ألما وكآبة عما كنا نتبناه بالهدوء الفلسفى والثقافى بين 
الضحايا العاديين لأرواح الهنود"(''). حينئذ كان هنا على ساحل مالابار شخصية 
طبية يستحضر إبكتيتوس وعبارته الرومانية الرواقية “قاعة محاضرات الفيلسوف هى 
المستشفئ فى تأمله فى "عواطف أخلاقية" لآدم سميث('"'). يتعجب المرء إذا عرف 
كنيدى عذابات الموت الأخيرة لأعلى موظف بريطانى على الجانب الآخر لشبه الجزيره» 
على ساحل كوروماندل. وهى يحتضر بالكوليرا فى :١851‏ منشئ نظام الريوتوارى» 
سير توماس مونرى من المفترض مروره بالمراحل النمطية للمرض: تقيؤ بدون 
ضابط؛ براز كماء الأرزء جفافء صراخ من الألم» موت غير ظاهر يتبعه تقلصات ما 
بعد الوفاة. 

انغلاق عقليات الأطباء الفربيين تجاه النظم الطبية للأيوريفدا والطب اليونانى بعد 
عام 1814 تبعه نكسة أخرى للطب فى , 1874 ففى ذلك العام؛ كرد فعل لطلب الحاكم 


416 


العام لورد ويليام بنتنك. أصدر توماس بابنجتون ماكولاى 'مذكرة عن التعليم . تتمسك 
هذه المذكرة بأن أى معهد تعليمى يمول بأموال مدفوعة كجزية من الهنود (ضرائب) 
لابد وأن يستخدم اللغة الإنجليزية كوسيلة وحيدة للتعليم. انتزع المؤرخون الجدد 
الهنود مؤخرا المبادرة من رومانتيكيى مدرسة "الهند الخالدة الذين اعتبروا دائما 
"مذكرة عن التعليم” إهانة. ودلا من ذلك. فقد سلطوا الضوء على إسهامات راموهون 
روى (1017-1877) وكهنة البنفال الهندوس الآخرين. وقد قبل راموهون تماماء 
عكس دعاة الهند الخالدة: بأن الهنود قد تخلفوا فى صياغة المفاهيم وإنتاج 
"الاختراعات العبقرية والاكتشافات النافعة التى أدت لمثل هذه الخطوات العملاقة فى 
أوربا فى السنوات الأخيرة". ولوضع الأمور فى نصابها طالب (فى )١187”7‏ يأن يسمح 
الإنجليز بتدوير التمويلات لدعم معاهد التعليم باللغة الإنجليزية التى كانت ستمكن 
الهنود من اللحاق بالغرب. وكنتيجة لقوة الاندفا ع تلك بنى راموهون روى كلية كلكتا 
الطبية التى أنشئت فى .)١19186١‏ 
كون هذه البداية الواعدة لم تؤد لتقدم ملموس فى التعليم الطبى يمكن إرجاعه 
إلى توجهات موجودة قبلا وأخرى جديدة فيما يختص بطبيعة الهنود". وكما سرت من 
قبل مؤرخ حديث بأن "الهنود كانوا واحدا تجسد فى آخر(2"). 
كان هذا الاعتقاد جزْءًا من رد الفعل البريطانى لثورة /:180/4-1١461/‏ عندما 
بدا فى وقت ما أن بريطانيا قد يكون عليها أن تتخلى عن شبه القارة. ومع ذلك 
عند مستوى أكثر عمقاء كان الفشل فى عمل أى تقدم ملموس فى الصحة العامة 
بالهند مرتبطا بالتطورات التوجهية والسياسية فى انجلترا. وهذا هو ما سوف نتحول 


الكوليرا فى بريطانيا 


يكتب دكتور جيمس كاى (المعروف مؤخرا بكاى شاتلوورث) اتطباعاته عن 
الكوليرا فى مانشستر أثناء أول وباء يصيب بريطانيا مؤكدا: 


24127 


"إن غزى هذا الطاعون - يعرى بشاعة الشرور التى افترست 

طاقات المجتمع. وهذا الذى من واجبه أن يتبع خطوات رسول 

الموت هذاء لابد وأن يهبط إلى مستقر الفقر...حيث القحط 

الشديد والمرض يجتمعان حول مصدر السخط الاجتماعى 

والخلل السياسى فى مراكز مدننا الكبيرة» ويلاحظ فى ذعرء فى 

الفراش الساخن للطاعون؛ محنا تتقيح سراء فى قلب 

,)١1("عمتجملا‎ 

كان بيان دكتور كاى شاتلوورث- المشحون بهوس الخوف من السخط والتحلل 
الاجتماعيين, عن الكوليرا- جزءا من ماض ويائى يمكن فهمه فقط داخل سياق 
الظروف غير العادية التى وجدت بريطانيا نفسها فيها فى أوائل ثلاثينيات القرن 
التاسع عشر. 
فبدءا بجدليات القرائن التى أثرت بشكل مباشر على صانعى القرار فى الطبقات 

العليا من المجتمعء علينا أن نذكر أنفسنا بأنه فى 1871١-1١85٠‏ كانت الصفوة 
الحاكمة ببريطانيا العظمى قد أعادت اختراع نفسها مؤخرا فقط. قررت العائلات 
الإنجليزية الألف أو ما إليها فى مدار لندن الذين كانوا يحكمون السيطرة على 
الجزيرتين» وقد خرجوا من مهانة الهزيمة على أيدى سكان المستعمرة الأمريكية فى 
يوركتاون عام ,١78١‏ توسيع قاعدة تجنيد الصفوة لتشمل الطبقات المالكة للأراضى 
فى سكوتلاندا وأيرلندا وويلز وشمال انجلترا. لقد عرضت عدة حوافزء من ضمتها 
وعود بحق الأولوية للأولاد الأصاغر بمناصب رفيعة فى الهند وفى البحرية الملكية. كما 
كان من ضمنها أيضًا دعم حكومى للظاهرة المعروفة بالوطنية الزراعية. شجعت هذه 
السياسة على الانقراض المتسارع للحقوق المألوفة لسكان الريف العاديين» واحتواء 
الأرض المشاع وتحقير الفلاحين. وهجرة أهل الريف المطرودين من الأرض إلى 
المدن!'"). وفى بعض المناطقء كان التأثير دراماتيكيًا بوجه خاص. ففى شمال وغرب 
جلاسجو وأبردين» فى تطهير عرقى عرف “بتصفيات الهضاب". قام ملاك الأراضى 


416 


القصترنوة) اخذين المأل من القوير الأسقوتلاتدئ" فى انتوم يزيادة مخمة فى 
أرباحهم باستحضار أقوام ضعاف ليحلوا محل السكان الموجودين المتحدثين باللفة 
الغالية!") الذين كانوا فى الأرض منذ رمن سحية(ة). 

على سلم المكانة الاجتماعية. وأسفل بعدة درجات عن ملاك الأرض الكبار: كانت 
تكتلات عريضة من البشر التى لازالت تعرف بالنوع المتوسط؛ أو بالطبقات المتوسطة 
(فى صيغة الجمع). ضمن هذا المدى المتنوع كان مقاولو الأعمال من الصناع غير 
التقليديين الذين لم يعودوا يشعرون بالارتياح فى صحبة الحرقيين مرتفعى المستوى, 
حتى وإن كان أغلب الصناع لا يزالون يشعرون هكذا . اشتملت الطبقات المتوسطة 
أيضا على محامين: وتجار ورجال بنوك من ذوى الدخول المتواضعة: وموظفى المدن 
وغيرهم من طبقة الكتبة ومستخدمى الحكومة: والمهندسين والمعماريين, 
والأرستقراطيين الزائفين المقيمين بالمدن (الأرامل وأعضاء عائلات طبقة ملاك الأرض 
الحقيقيين المعتمدين على معاشات), وثلاثية محترفى الطب من الصيادلة والجراحين 
وأطباء الدرجة الثانية. كان ما يجمع بين كل رجال الطبقة المتوسطة العريضة من 
المجتمع هى أنهم قد أبقوا نساءهم فى المنزل. ففيما وراء المجال العائلى: كانت عامة 
خبرتهم هى عدم حضورهم المدارس العامة ولم تكن لهم علاقة قائمة على المساواة مع 
أى من أهل طبقة ملاك الأرض والأرستقراطيين (البريطانيين الحقيقيين) الذين أداروا 
انجلتراء وقادوا جيوشها ويحرياتها وحددوا سياستها الخارجية. وكان على الشباب 
(من الرجال) من الطبقات الاجتماعية المتوسطة؛ بافتقارهم لدخول الأراضى والفدادين 
الواسعة الموروثة للبريطانيين الحقيقيين. كان عليهم البحث عن أساليب محترمة لكسب 
العيش, وأيضا مربحة!""). 

بزغت من صفوف هذه الطيقات الاجتماعية المتوسطة. مجموعة من أصحاب 
المذاهب الفكرية أو من المنظرين النظريين. رأى الكثير منهمء, وقد عقدوا العزم على 


(») أرض الغال: هى فرنسا. 


09أذ* 


عمل شىء ما من أنفسهم بشكل مثيرء مستقبلا فى عقيدة جيريمى بنتام عن استقامة 
الرأئى الأخلاقى المعروفة “بمذهب المنفعة". كان شعار هذا المذهب الفكرى الكلمات 
الجذابة رغم أنها مضللة "أكبر قدر من السعادة لأكبر عدد". بطريقة ما أخذت عقيدة 
المنفعة, المفهوم المشهور لجان جاك رورسو "الإرادة العامة”, على فرض أن مناصريها 
وحدهم هم من يعرفون الطريق الحقيقى 'للتقدم”" الذى وعد به التنوير. ولجعل أصواتهم 
مسموعة وسط الثرثرة العامة فى تلك الأوقات» فقد اتجهوا للحديث والكتابة بنفمات 
فظة متغطرسة. ويعناد عنيفء تركوا العالم يعرف أنهم كانوا متحدثين رسميين لفئة 
اجتماعية جديدة: الطبقة المتوسطة: وأنها كانت حجر الأساس فى العقد التى اعتمد 
عليها استقرار النسيج الاجتماعى كله. ولقد حققوا من النجاح فى هذا الادعاء حتى 
إنه فقط فى أزمنة حديثة جدا أن المؤرخين (هم أنفسهم عادة ما كانوا من الطبقة 
المتوسطة) قد اكتشفوا أن حجر الأساس الفعلى - مؤخرا حتى -151١4‏ تكون من 
الرأسماليين» وخليط من الأرستقراطيين العصريين, والفئة العالية من رجال البنوك, 
والتجار؛ والصيارفة(""). 

وبالنسبة لما يتعلق بموضوعنا, خلافا لجيريمى بنتام المتقدم فى السن نفسه., 
والمهم بشكل خاص بين أصحاب المذاهب بالطبقة المتوسطة, كان سكرتير بنتام أدوين 
تشادويك, وصديقه الطبيب توماس ساوثوود سميثء وربيب بنتام الصغير جيمس ميل 
مؤلف تاريخ الهند سىء السمعة. من بين الجيل التالى للنفعيين - حتى أصيب بانهيار 
عصبى من أثره - كان جون ستيوارت ميل: ابن وخليفة جيمس ميل فى مكتب الهند. 
وقد نظر إليه فى استعادة للأحداث الماضية كمؤسس رائد لعقيدة التحررية الإنجليزية, 
فى كتابه “عن الحرية” 21405 ولقد أوضح جيه.اس. ميل أن امتياز أن تكون فردًا حرا 
لا ينطيق على أى من المقيمين فى الهند('"). 

كان خافيا بالكامل عن أعين المؤرخين المحدثين بواسطة طعنات الإيديولوجيين 
ضد طبقات ملاك الأرضء تبنيهم لأحد العناصر الرئيسية فى الكود الوطنى الزراعى: 
موقف آدم سميث الرواقى المجددء "الاستقلالية". فباستعمال هذا الجوهر المفافيمى, 


4130 


أثناء الحروب الفرنسية ورد الفعل الأنجلو اسكتلندى من عام ١717‏ إلى زمن أول 
وباء كوليرا )1857-١1471(‏ وقانون الإصلاح لعام 1477.؛ بنى المنظرون البريطانيون 
دستورهم الأخلاقى غير المميز. ولقد شدد هذا على الفردية الصارمة والعمل 
الشاقء والاستقامة الأخلاقية؛ و"الرجولة" والتفانى فى الحياة الأسرية وإحيائهاء 
والحديث المهذبء وتجنب إظهار الأحاسيس المباشرة والإفراط فى الانفعالات والسكر 
فى الأماكن العامة؛ والأشكال الأخرى من التصرفات غير اللائقة. وحيث إن انجلترا 
وسكتلندا بلاد بروتستانتية؛ فقد أشارت أيضا إلى تملق ظاهرى نحو ارتياد 
الكنيسة. كانت أشكالاً مختلفة من المسيحية الإنجليكانية فى تألف حميم مع هذا 


المذهب الدنيوى 9"), 


كانت التجمعات فى تدرجات المجتمع من الحرفيين تقف فى تباين صارخ مع ما 
كان يشير إليه آر. جيه. موريس 'بالاندفاع المتغطرس الواثق نحو السيطرة الثقافية 
للعالم' بواسطة المذهبيين الإنجليز والاسكتلانديين. لقد كان لأجل أناس من هذا 
الصنف (غير متأثرين» طبيعيين ومخلصين) أن كتب “توماس بين كتاباته عن حقوق 
الإفسان. كانت هذه الفئة الاجتماعية العريضة المكونة مما يقرب من ثلثى السكان 
البالغين. مركبة من رجال ونساء استخدموا أيديهم ومهاراتهم لإنتاج سلع نتراوح بين 
مواد غذائية مصنعة إلى أثاثات منزلية عالية الجودة للبيع فى أسواق العالم. ومجرد 
عدة سنوات قبلهاء فى أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشرء خلق 
أناسا مثل أولئك ثورة فى عادات المستهلك والتى يعتمد عليها الاقتصاد العالمى الحديث 
الآن. ولكونهم غير مستيصرينء فقد كانوا غير مدركين بأن غول الاستهلاكية الذى 
ساعدوا على خلقه سوف يدمر عالم حياة الأجيال التالية لهم(", 

فى أوائل القرن التاسع عشرء قبل أن تمر النتيجة الأخيرة إلى نهايتها (التى 
ساعدت عليها الكوليرا)» فكر الحرفيون الإنجليز والاسكتلنديون فى تسلسلات هرمية 
قائمة على المهارة والشرف والاستقامة والعمر. على الرغم من أن وقتها لم تعد 
تدرجات المنزلة ذات الطابع القديم- المتدرب (الصبى) والعامل الماهر والأسطى- تابتة 


431 


الرسوخ مثلما كانت فى الأراضى الألمانية فى ذلك الوقت, استمر الأسطوات الإنجلين 
فى اعتبار أى ممن يستغل الفائض لديه من المال فى استئجار خدمات أسطى آخر 
للمساعدة على الوفاء بالحدود الزمنية للإنتاج على أنه مجرد حرفى آخر مثلهم أكثر من 
كونه عضوا بطبقة أخرى (حرفيًا يجتاز تحركا اجتماعيا لأعلى). وكانوا عنيدين فى 
عدم رؤيتهم لما كان يجرىء عندما وضع الحرفيون قيمة كبيرة للاستقلال الشخصى 
ولقدرتهم على تأجير مهاراتهم إلى من يختارونه وقتما يختارونه. لقد نظروا بازدراء 
إلى أى أسطى يقترض مالا يلا مبالاة لشراء مواد خام من مقاول أعمال. وعجز عن 
السداد؛ فيسقط فى فخ الاستمرار فى وضع الخبز على مائدة الأسرة بالعمل كعبد 
أجير كامل لدى دائنه. 

وضع العاملون المستقلون كذلك قيمة عالية على التبادليات القائمة فى العوالم 
المتداخلة للورشة ومصنع الخمور وقاعة البيرة أو الحانة» وفى خوض رياضات أوقات 
القراغ واحتفالات الشوارع والحوارى. لقد استمتعوا بمباريات المصارعة, 
وتحريض الثيران ودفع الكلاب على مهاجمة الديبة» والمراهنة على مصارعة الديوك, 
واستعمال موسيقى خشنة لفرض معايير الجيرة السلوكية بين الرجال والنساء. 
وعندما يأتى الوقت لتوديع زميل عمل أو فرد بالعائلة أو جار متوفى إلى مثواه الأخير, 
كانوا يحرصون على آداب جنازة مناسية ودفن فى أرض مخصصة. وعلى الرغم من 
ندرة احتمال ذهابهم لقداسات الكنيسة؛ فإنهم كانوا يؤمنون بأنه فى الآخرة (يوم 
القيامة) سيقوم الموتى من قبورهم ليسعدوا بصحبة أفراد العائلة والزملاء العمال 
النامضين من قبوره(؟"). 

بدا للبعض أن طابع حياة الحرفيين هذاء برؤيته من منظور ١8١9‏ (العام الذى 
كان فيه توماس بين بين حى وميت)؛ كان آمنا وخالدا للأيد. على الرغم من أنه كان 
محكوما عليه بالفناء. أما الناس العاديون الذين لم يكونوا مجهزين قانوئًا كما ينبغى 
لحماية الطرق التى ودعوا بها موتاهم» ومارسوا بها تسليتهم؛ وعملوا بهاء فقد كانوا 
غير قادرين على مواجهة الهجمات العنيفة المنظرين المثاليين الذين سعوا لتدمير 


0312 


عالمهم. باستعادة وتأمل الماضى ربما يبدو أن أفعال المذهبيين من نصب واحتيال 
(الكثير منها شوهد أثناء شهور الكوليرا فى 75-147١‏ 147) كانت رد فعل لإحساسهم 
بالحاجة لتمييز أنفسهم - القلة الأخلاقية - عن الغالبية من الطبقة الدنيا غير المنظمة, 
وهكذا يفوزون باستحسان الحكام الفعليين لبريطانيا؛ ملاك الأراضى الكبار. 


وحتى قبل هجمة الكوليرا فى :١147١‏ زودت الراديكالية اليعقويية الفرنسية فى 
مراحلها الأخيرة من النوع الذى تدفق إلى المذهب الجمهورى المتطرف لتوماس بين, 
المذهبيين يحس من الإلحاح فى تعاملهم مع الغوغاء (لفظهم العام للناس العاديين 
أى الجماهير). وبالإضافة لهذا التهديد السياسىء وبنفس دواعى القلقء كانت الفورة 
الهائلة فى التعداد السكانى البريطانى: فمن حوالى ه ملايين فى :١7.١‏ ازداد إلى 
ما يقرب من ٠١‏ ملايين نسمة بعام , 18٠١‏ وياكتسابه قوة دفع بعد ,١78-‏ تضاعف 
بعام 186٠١‏ بالتحديد مرة أخرى. ومبكرا فى :١79/‏ حذر توماس مالثوسء القس 
المخيف فى كنيسة إنجلترا (مات فى 1874) بأن كل هذا الفائض البشرى ليس له 
الحق فى الوجود. كان مالثوس يعتقد أيضا بأن الطبيعة بحكمتها ستخفض 
أعدادهم من خلال مجاعة؛ أى حرب أو طاعون. وفى الطبعة الأولى من مقالته المعنونة 
"مقالة عن السكان” فى ,١798‏ لم يكن مدركا بأن الكوليرا قد تكون عامل التطهير 
الذى تنيا يه(0"). 

كان العامل الذى أضاق الوقود إلى شبح مالثوسء هو الشك يأنه فيما بين 
الطبقات العاملة كان متوسط العمر الذى كانت المرأة عنده فى أول حمل لها من رجل 
يتناقص يثبات من السادسة أو الخامسة والعشرين الذى أمكن الوصول إليه قيل 
انهيار الضوابط المنزلية المعروفة تحت الإجماع الجماعى الريفى إلى سن العشرين أو 
الواحد والعشرين الحالى. فى غياب وسائل منع الحمل والتركيبة الفكرية الملائمة» كان 
سن الزواج الأقل يعنى معدلات ولادة أعلى ومزيدا من الأفواه التى تحتاج للطعام. 
وفى عشية الكوليرا فى ,١185١‏ كان واضحا تماما أن أقل قليلا من نصف أفراد 
الطبقات العاملة كانوا تحت سن العشرين وأن ما يقرب من ثلاثة من كل أربعة كانوا 


4233 


تحت الثلاثين. (سن الرشد الكامل). ومضيفا إلى ما تصوره المذهبيون بأنه تهديد 
بعصيان مدنىء كانت الأعداد الضخمة للكاثوليك المحبطين الذين كانوا قد جاعوا من 
أيرلندا بحثا عن عمل فى المدن البريطانية1"). 

فى مواجهة الانشقاق الاجتماعى كان رد فعل الرجل البريطانى من الطيقة 
المتوسطة بالالتحاق بإحدى المنظمات التطوعية للناشطين الاجتماعيين التى تأسست 
حديثا للرقى بالنهضة الاجتماعية والأخلاقية. كانت إحدى هذه الجماعات "جمعية 
البلاغ. التى أقامت تحت إرشاد ويليام ويلبرفورس - المولود فى مقاطعة هول - 
دعاوى قانونية ضد رجل نشر مقتطفات كتبها توماس بين. وعندما ألقى بالمطبعجى فى 
السجن وطردت زوجته وأطفاله من شقتهم بلندن» أعلن ويلبرفورس كبطل أخلاقى. 
وبالعمل من قواعد أخرى بلندن بعد ١1805‏ كانت جمعية محاربة الرذيلة ومنظمة نشر 
القيم الغربية فى شتى أنحاء العالم المعروفة بجمعية إلغاء الرق. فى شمال بريطانياء 
ضمن الاسكتلنديين الذين يقومون بحملات نشر الأخلاقيات: كان الواعظ توماس 
تشالمرز من جلاسجو الذى خصص له دكتور جيمس فيلبس كاى (أحد خريجى جامعة 
أدتبره) إهداء فى دراسة عن كوليرا مانشستر عام ,”185 واسكتلندى آخر هو 
الواعظ الأرسطى لضيط النفس القس الجوال جون دنلوب. كانت وصفة دنلوب الخاصة 
للأخلاقيات إقناع العمال بالتخلى عن الكحوليات كلياء على الرغم من سماحه للصفوة 
بتعاطى الخمور الجيدة!""), 


فى الوقت الذى عرف فيه أن ميكروب الكوليرا قد انطلق من الهند وكان يتقدم 
عبر أراضى روسيا والهابيسيورج (مما تسبب فى ثورات وعصيان بين الناس الذين 
اعتبروا أنه مخطط أرستقراطى طبى التخلص من الزيادة السكانية)» كان حافز آخر 
للتوتر الاجتماعى فى انجلترا ناتجًا عن التقدم البرلمانى بمشروع قانون يحظى 
بيتشجيع زمرة أصحاب مذهب المنقعة. كان مشروع قانون التشريح المقدم فى عام 
. ويمكن رؤية مشروع القانون كرد فعل أنجلو - اسكتلندى على التنوير 
الفرنسى الشهير 'ميلاد العيادة" الذى يعتبر أن طريق التقدم فى الطب كان من خلال 
مزيد من الفهم التفصيلى لتشريح الجسم البشرى. 


434 


فى بريطانياء كانت أول عيادة تنشا- لتكون عاملة فى ثمانينيات القرن الثامن 
عشر فى أدنبره. وفى أوائل القرن التالى: افتتح أصحاب المشاريع الطبية؛ عندما رأوا 
أنهم بصدد شئ جيدء مدارس تشريح فى عدد من المدن الريفية. ويدورهم تسابق 
طلاب الطبقة الوسطى الطموحون للعمل؛ متبعين طلب السوقء والذين رأوا الطب 
السريرى كخيار واعد لمستقيلهم العملى: تسابقوا إلى الالتحاق بهذه المدارس. ولقد 
كان هذا يعنى أنه كان هناك طلب متنام على الجثث البشرية("), 


وحتى يمكن تزويد أخصائى التشريح بجثث طازجة:؛ فى أواخر عشرينيات القرن 
التاسع عشرء اتجه مديرى المدارس الطموحون - بما فيهم الطبيب الخاص للملك 
جورج الرابع - إلى اشتتجار لضوصن المقابروأحيائاء كما فى أدنبره كثيرا 
ما اختصر الوقت التابعون معدومو الضمير مثل بيورك وهير بقتل حصيلتهم من 
المقبوض عليهم لإحضار جثث لاتزال دافئة. وعلى الرغم من شائعات عن سلوكيات غير 
شريفة . فى 18748- أكد 595" من مناصرى مذهب المنقعة صراحة أن مجرد الجهل 
والخرافات منعت الطبقات العاملة من التبرع بموتاهم طواعية لأخصائيى التشريح من 
الطبقة المتوسطة المحلية(؟"). 

قدم مشروع قانون التشريح؛ الذى واجه عدائية شديدة من العمال (الذين لم 
يكونوا قد منحوا حق الاقتراع حتى بعد ذلك بست وخمسين سنة لاحقة)؛ إلى البرلمان 
فى 1878. وعندما منح التصديق الملكى فى ,١147١‏ فرض أن الفقراء الذين يموتون 
فى المشاغل وأماكن العمل ممن ليس لهم من يطالب بجثثهم يسقطون قانونا فى برائن 
المدرسة المحلية [للطب: ت]. ولقد أصدر جيريمى بنتام ذى الثمانين عاما من العمر, 
والذى سر كثيرا بهذا الانتصار ذى الطابع التنويرى والذى لعب فيه ربيبه توماس 
بابينجتون ماكولى (صاحب المذكرة الشهيرة سابقة الذكر عن التعليم الهندى) دورا 
مهماء أصدر أوامره بأنه عند وفاته فإن صديقه العزيز د.توماس ساوثوود سميث 
يستطيع أن يشرح جسده لصالح العلم. وهكذا كان عند وفاته فى ,١8177‏ حيث 
وضعت رفات نصير النفعية العظيم على منضدة التشريح؛ وعرضت فى مؤسسة بنتام 
للتعليم العالى؛ الكلية الجامعية» فى شارع جاور بلندن!:*). 


40135 


مع انتتصار مشروع قانون التشريح تضاعف رعب الناس العاديين من 
الكوليرا(التى كانت موجودة بالفعل فى موانئ البلطيق الألمانية فى صيف )185١‏ خوقًا 
من أن يصبحوا جزءا من "حساء التشريح”. وعندما هبطت الكوليرا فى نهاية المطاف 
عام 187١‏ فى انجلترا فى مدينة سندرلاند الساحلية فى إقليم دورهام؛ قتلت بين 
آخرين العجوز سبروت البالغ من العمر ستين عاما وولده ويليام سبروت" وهى بحار 
شاب رياضى متميز كان يرعى والده'. فى لهفتهم لتشريح جثث ضحايا الكوليرا مثل 
الشاب سبروت نزل الأطباء من أدنيره ولندن على ساندرلائد(81). 

فى الأسابيع المخيفة التالية. سن البريطانيون العاديون (من النوع الذى عرفه توم 
بين) أسنانهم فى معارضة للأطباء ومديرى مدارس التشريح الربحية. وقد حدثت 
إحدى أكثر اضطرابات الكوليرا شهرة فى مستشفى شارع سوان فى مانشستر. فى 
مارسء أخبر العامل جون هيزء من قبل مسئولى المستشفى أن حفيده ذا الثلاثة 
أعوام الذى فقد كلا من والديه نتيجة الكوليراء والذى كان يعانى المرض هى نفسه, 
كان فى طريقه للشفاء. فى اليوم التالى» عندما ذهب جون هيز إلى المستشفى ليأخذ 
حفيده إلى المنزل أخذ يبحث من مكان إلى آخر حتى قيل له إن الطفل مات. ارتاب 
الجد هيز فى وجود تصرفات غير أخلاقية. فجمع أصدقاءه وقام. مصحويا بجمهرة من 
النساء العاملات باجتياح مدفن المستشفى واستخرج كفن الطفل. وعند فتح غطاء 
التابوت وجدوا أن شالب طوب قد وضع مكان رأس الطفل. فى ثورة الغضب اجتاح 
الجد هيز وأصدقاؤه المستشفى وحرروا مرضى آخرين بالكوليرا كانوا يعتقدون بأنهم 
فى خطر القتل من قبل الأطباء. وعندئذ. حاملين كقن الصبى عاليا فى موكب 
المنتصرين» تقدموا فى مسيرة حتى مركز مدينة مانشستر. وفى النهاية لاذوا بالفرار 
أمام فرقة من الجنود. غطت صحيفة التايمز اللندنية الكثير من الموضوع واصفة هيز 
ورفاقه "بغوغاء بلغوا عدة آلاف” و"رعاع جهلة". وهكذا لعبت اللغة الفظة التى كانت قد 
بدأت فى الانتشار بواسطة جيمس ميل كاأداة للحديث- ضمن الطابع المعتدل- فى 
شهور الكوليرا المضطرية0""). 


436 


بمواجهة الكوليرا فى وطنهمء, كان المجتمع الطبى البريطانى (والأوربى) لا يزال 
يضرب أخماسا فى أسداس. على الرغم من أن بعضا منهم كانوا فى الهند وشهدوا 
أويئة الكوليرا هناكء لم يكن هناك اتفاق حول ما إذا كان هذا المرض الشبيه بالحمى 
بشكل خاص معديا (هنا عرف بأنه ينتشر مباشرة من شخص لآخر) أم أنه لم يكن 
معديا وينتج عن عوامل مساعدة يمكن تحديدها. فإذا كانت الكوليرا الجديدة حقا 
معدية. فإن المنطق الطبى والإدارى - بالعمل بالتناظر مع الأسلوب الذى تم احتواء 
الطاعون الدملى به فى القرن السابع عشر- سيتطلب محاجر صحية ومصحات للعزل 
على شكل نطاقات(”*). ومع ذلك كما يعرف كل بريطاني, منذ عهد الحصار الأوربى 
الذى فرضه نابليون» فإن ازدهار بريطانيا قد اعتمد على أسطولها التجارى وحرية 
التجارة فى شتى أنحاء العالم. من حسن حظ التجارة المستمرة لبريطانياء كان هناك 
تفسير بديل غير معدء متاح فى المتناول. 

فى /1411- 1815ء قبل عقد من الزمان من اجتياح الكوليرا لانجلتراء كانت 
مجادلات جالينوس حول الأسباب المهيئة والأسباب غير الطبيعية قد تجددت للتطبيق 
على'المرض الأيرلندى” الذى كان يجتاح حينئذ أقدم مستعمرة بريطانية. ريما كان 
المرض هو التيفوسء, مرض القذارة. فى ذلك الوقتء كان قد لوحظ أن الأعضاء الأثرياء 
من أعضاء السلطة البروتستانتية الأنجلى - أيرلندية قد نجت بشكل واسع من الوياء 
بسلام» على الرغم من هلاك عشرات الآلاف من الفقراء الكاثوليك الأيرلنديين. بالريط 
بين المذهب الكاثوليكى المؤمن بالخرافات والفقر والموت من المرضء؛ ثم مضاهاتها 
بالمذهب البروتستانتى التنويرى والثروة والصحة السليمة؛ فإن مصداقية "الأسباب 
المهيئة' تكون قد دعمت بشدة!؛*). ومع ذلك؛ وكما سنرى, هناك فى الهند فإن الفكرة 
التفسيرية للأسباب المهيئة مع تاكيدها على كل شعب على حدة - سادت دوافع 
السلامة السياسة؛ لصالح تفسير يؤكد على أهمية "المكان". 

مع وصول الكوليرا إلى سندرلاند فى أواخر 185١‏ وفيما بعد إلى نيويورن 
القريبة منها ونيوكاسل على نهر التاين» كانت التصورات والمواقف والأفكار المتضاربة 


2437 


عن ماهية المرض فى الواقع واضحة جلية. كان هناك انحراف واحد عن هذه الخلاصة 
وجد فى تقارير حفظت بواسطة دكتور ديفيد كريجى الذى كان قد نزل خصيصا من 
أدنيره للتحقيق فى موقف الكوليرا فى مدينة نيوييرن» بنورثهمبرلاند. وطبقا لكريجى؛ 
فإنه أثناء الهجمة الأولية التى مات فيها ثلاثة وعشرون شخصا (من ستة وأربعين 
أصيبوا بها) كان أحد المصابين هى القس المبجل لنيوبيرن. وقد وجد كريجى أنه أثناء 
قكمة كاضة للوناءعندها يفط 285 ضبان بالمركنى كا :هناك يهنا مزيج واضني 
من الفئات الاجتماعية. و فى تقديرهء كان أغلب أهالى نيوبيرن 'أنواعا جيدة من 
الجنس البشرىء؛ فى كل من الحجم والشكل والقوة". ولقد اشتملت وظائقهم على 
تشغيل الزجاج وتجارة الفحم والزراعة. وبالشهادة بأنه "قد رأى الكثير من الشبان 
ضخام الجسم من كلا الجنسين وقد سقطوا صرعى للمرض. والمتوفين ليسوا 
بالقليلين", وقد نفى كريجى بعنف أن الكوليرا استهدقت بشكل خاص الضعيف 
والمحطم والغارق فى الملذات” أو أن ضحاياها كانوا مميزين بأية "عادة أى استعداد” 
خاص للمرض(25). 

ومع ذلك فى تصريح آخر متضمن فى نفس المجلة الطبية التى كان كريجى قد 
نشر فيها تقريره» أشار مراسل أن ملاك الفحم وتجار الفحم وتجارا آخرين محليين 
فى درهام ونورثهامبرلند ونيوكاسل كانوا قد حذروا المحررين الطبيين بأن ادعاءهم 
بأن الكوليرا كان مرضًا جديدًا وربما كان معديا جاءت به سفينة من الهند هو رأى 
متهور وجاهل وخاطئ. ويمتابعة هذا الجلد بالألسن بواسطة أصحاب الأعمال المؤثرين 
هؤلاء, فإن لجنة من ثمانية عشر طبيبا قد" قدمت رأيها المتفق عليه فى اجتماع عام 
بأن المرض كان فى الحقيقة ليس الوياء الهندى؛ وإنما كان حمى انجليزية نمطية لا 
تتطلب رد فعل إدارى بقطع التجارة والشحن. أصيب الصحفى الطبى بالدهشة من 
هذا التذلل الخنوع للرأسماليين المحليين» فلم يستطع إلا أن ينصح أعضاء هذه المهنة 
فى الأماكن الأخرى "الذين لم تكن مشاعرهم ولا مصالحهم الخاصة ذات أهمية فى 
هزه المسألة" بأن يحيطوا علما يما قد حدث وأن يعملوا تبعا له200). 


436 


ولقد فعلوا ذلك بالفعل. فقد رأت الحكومة بتوجيه من الأطباء الذين بدورهم كانوا 
تحت توجيه التجار ورجال البنوك فيما بين الأقاليم الداخلية, بعد نوفمير ١85١‏ أن 
الكوليرا "غير معدية". لقد كانت نوعا من حمى انجليزية يمكن توقع أن تستهدف من 
كانوا مهيئين لها من حياتهم غير الأخلاقية ويفقرهم وإهمالهم للقيم الأسرية؛ واعتناقهم 
الآراء حول المسائل السياسية؛ وتعاطيهم الشراب بكثرة. 

لقد كان ضد هذه الأسباب المهيئة يما لا يقل عن المرض نفسه؛ توجيه المجالس 
الصحية المحلية اهتمامها عند قيامها بحملات وقائية ونظافة فيما بين الطبقات العاملة 
أثناء شهور الكوليرا الفعلية. شملت حملة ضبط النفس لجون دنلوب وأمثاله. رجالا من 
الطبقة المتوسطة يعملون فى المجالس الصحية المحلية أرسلوا إنذارات تحذر الطبقات 
العاملة أن أول ضحايا الكوليرا كانوا دائما ممن تعاطوا كحوليات قوية('*). وبالمثل فى 
أكسفورد قبل وصول الكوليرا بعدة أيام أعلن المجلس الصحى تحذيرات: 


"إلى كل السكارى والفارقين فى الملذات.... لقد قيل لكم الآن 
للمرة الثالثة» إن الموت والسكر متصاحبان يدا فى يد....الموت 
يضرب بأسرع سهامه وأكثرها ثقة وثباتا الفاسق والمدمن'[18). 
ويالكتابة عن شرق لندن» ادعى رجل طب ذو تأثير» وهى دكتور توماس ساوثوود 
سميث صديق بنتام» أن الحمى (بالنسبة له كانت الكوليرا نوعا من الحمى) كانت 
نتيجة للتفسخ الخلقى (الجنس وزجاجة الخمر) ونتيجة للنقص العام فى الاعتماد على 
النفس والعادات الجيدة للضحايا. 
وهكذا سارت الأمور خلال المملكتين. وقد انتهز الإيديولوجيون والتحرريون 
الفرصة التى لاحت بسبب الكوليراء فجاهدوا لتحطيم العالم الأخلاقى لطبقات 
الحرفيين. ولصالح "الاحترام' حسب تعريف الطبقة المتوسطة: ألفيت الأحداث 
الرياضية نهائيا وأغلقت المنشآت الذميمة التى يتناول العمال فيها الشراب (48). 


439 


فى التعليقات التمهيدية لهذا الفصل. قمت بالتركيز على أهمية تحاشى تعامل 
"الويج' مع التاريخ الطبى. وهناء كحالة فى اليد انتقام الطبقة الوسطى ضد تعاطى 
الطبقة الدنيا للشراب. فى الفهم الطبى الحديث؛ يعتقد أن أى شكل من الإفراط فى 
الشراب أى الطعام قد يؤدى إلى اضطراب بالمعدة والذى قد يمنع مؤقتا هذا العمضو 
من إفراز مضاد لسم بكتيريا الكوليرا. ومع ذلك فبالنسبة لأطقم الاستقامة الأخلاقية 
فى 1855-1851 الذين بالطبع لم يعرفوا شيئا عن ردود الفعل البيولوجية للتهديدات 
البيولوجية - كان أى تعاط للشراب على الإطلاق من قبل الطبقة العاملة هو تصرف لا 
أخلاقى يعرضهم بالضرورة للإصابة والموت من الكوليرا. 

تحالفت مع هجمات الإيديولوجيين على تعاطى الشراب. هجماتهم على عادات 
العمال ونواحهم واحترامهم لوناهم. فى ثقافة مجتمعية منتشرة:ء كان ينظر لهذه 
التصرفات على أنها ذات أهمية قصوى فى وجه الموت: الرقدة الأخيرة للميت والتغسيل 
والملاحظة طوال الليل. وحضور الجنازة» والسير فى الموكب إلى المقابر كإدراك 
للإنسانية المشتركة للميت والحى. ويسبب برامج العمل والحاجة الماسة لإحضار أقرب 
قريب من أماكن بعيدة, كانت المسألة كلها تأخذ أكثر من أسبوع كامل. ومع ذلك 
تطلبت اللوائح الإدارية المدعومة من قلة ذات استقامة أخلاقية ويحرصون على تحطيم 
عالم حياة الحرفيين(اعتبروا كمخلفات من العصور المظلمة) أن جثث موتى الكوليرا 
تسلم للتخلص منها بالطريقة المناسبة. ويكتب راهب أبرشية القديس ستيفن بشارع 
كولمان عن الأشياء المرعبة التى شاهدها فى ”1877» أن لندن استرجعت الجحِثث التى 
وضعت فى الجير فى أكفان سالت منها بعد دقائق قليلة فقط سوائل مرعبة بينما 
الحضور بالجنازة- مدعومين بشراب قوى - حملوها إلى عريات تنتظر فى الشارع. 
ومن هناك كانت تنقل للتخلص منها قى أرض غير معدة للدفن الشرعى فى أماكن 
مجهولة بالنسبة لمن تبقى من الأسرة وأصدقائها(""). 

تفيد الأرقام المتاحة أمام المؤرخين (لم يكن مكتب السجل العام قد أنشئ حتى 
٠8117‏ ) بأنه فى ,١8955-1١485١‏ مات 5١,414‏ شخصا بالكوليرا فى انجلترا وويلز 


4140 


واسكتلندا. ومع ذلك فما نعرفه عن التوجهات الشائعة تجاه الأجساد البشرية وتجاه 
البيروقراطية يفيد بأن الكثيرين من المتوفين بالكوليرا قد أبعدوا عن براتنهم وتم 
التصرف فى جتثهم بشكل مشرف. فقى شفيليد فى ,١1810‏ بعد شهور من نسيان 
المذهبيين بدرجة مناسبة من أن الكوليرا كانت قد وجدت هناك على الإطلاق: تم تأكيد 
الطبقة العاملة بأن موتاهم من ضحايا الكوليرا لن يغيبوا عن الأذهان. ويالعمل من 
خلال منظماتهم التطوعية أقاموا نصيا خاصا تذكارا ل 9؟؟ من ضحايا الكوليراء 
"أهالينا وجيراننا...أصدقائنا” الذين دفنوا بفظاظة فى أرض غير شرعية "يدون 
شعائر” فى .)1071/415-١1411‏ 
ألقت المناقشات بين الفئات المحترمة خلال وياء الطاعون الأول التى أدت إلى 

مشروع تعديل قانون الفقراء, بظلالها الكئيبة على الشعب الإنجليزى العادى. فقد 
ادعى جيريمى بنتام بحمق» بتجميعه لتفسيرات المذهبيين لنوع النص الذى كان قد 
حصل عليه قبلاً بأن: 

فى هذا البلدء وبموجب قوانين الفقرء من حق كل إنسان أن 

يبقى, إذا كان معوزا تحت الرعاية العامة: وهى بموجب هذا 

الحق, مع استثناءات قليلة جدا يبقى عاطلاً؟"). 

وقيد البحث كان السؤال المشحون عن من يجب أن يدفع تكاليف الاحتفاظ بأناس 

عاطلين أحياء - أصحاب الأملاك دافعو الضرائب أم أفراد عائلة العاطل نفسه. والحل 
القديم القائم على تعديلات قانون الفقر الاليزابيثى لعام ١7١0١‏ ينص على أن كل 
أبرشية مسئولة عن تقديم مساعدة خارجية أو مأوى لهؤلاء الذين يحتاجونه. فى الوقت 
الذى كان فيه متوسط العمر عند الولادة نادرا ما يزيد عن الأريعين (متناقصا إلى 
الخامسة والثلاثين بعد منتصف القرن السابع عشر)» وفى العصر الإليزابيثي» بدا 
كشىء معقول توقع تلقى المسنين أو المعاقين أى العجزة أو اليتامى أى غير القادرين, 
نجدة الأبرشية كحق لهم. ومع ذلك؛ فإن قدرات الوفاء بهذه المطالب ترنحت تحت 


441 


الضغوط الثنائية لزيادة التعداد السكانى الهائل بعد ١78٠‏ والتساقط (حشود من 
الناس المستغنى عنهم) الناتج عن قانون الوطنية الزراعية الذى رعته الحكومة!""). 

أثناء هذه الأحداث؛ كان السكرتير الخاص لجيريمى بنتام ‏ أدوين تشادويك 
(محام من مانشستر رأى مستقبله المهنى فى الحكومة المركزية) هو الذى أخذ على 
عاتقه مهمة خلق نظام جديد لنجدة الفقراء والذنى سوف يحافظ فى نفس الوقت على 
تخيل أن انجلترا كانت دولة مسيحية ويحقق مطالب الإيديولوجيين من الطبقات المالكة. 
وعلى الرغم من أن جلسة استماع تحضيرية كانت قد عقدت قبل اندلاع وياء الكوليرا- 
مما سيب قلقا سوداويا بين المعرضين للإصابة أثناء الوباء - فإنه لم يكن قبل توسيع 
حجم الأمة السياسية الإنجليزية هامشيا بإعطاء حق الامتياز لبعض الأحسن حالاً من 
الفئات المتوسطة بالمدن (بلائحة الإصلاح لعام 1857) أن استمرت جلسات الاستماع 
البرلمانية الكاملة فى طريقها. 

والنتيجة النهائية, أن اللائحة المعدلة لقانون الفقراء لعام 4 ؟6١:‏ أوجدت نظاما 
قوميا (سيوضع نظام اسكتلندى فى 1840) قائمًا على تجميع الأبراشيات فى 
اتحادات قانون الفقراء. وقد ذهبت الإدارة إلى حراس قانون الفقراء: الذين انتخبوا 
بواسطة أصحاب الامتياز من ذوى الأهمية من دافعى الضرائب ال محليين. كان 
أصحاب الأملاك الذين يدفعون ضرائب عالية قد يكون لهم حتى ستة أصوات؛ 
ولأصحاب الأملاك الهامشيين صوت واحد فقط. ويينما سارت الأمور هكذاء كان 
أوصياء قانون الفقراء هؤلاء (أتت التسمية من طبقة الحراس المسيطرة لأفلاطون) 
سيستولون على كل الوظائف الجديدة التى تختارها الحكومة المركزية لوصولها إلى 
المحليات. ولكن حيث إنهم كانوا منتخبين على إدراك أن وظيفتهم الرئيسية كانت 
للإبقاء على الضرائب منخفضة: فقد كان الحراس المحليون مشمئزين من تولى أى 
مشروع يستلزم مالا. وفى أغسطس ,١1877‏ كانت الحكومة المركزية قد أعلنت بالفعل 
أن أية حالة كوليرا مستقبلية يجب أن تترك لحكمة وطيبة مشاعر تلك الجماعات التى 
قد تظهر بين الحين والآخر(؛*). 


ولأجل زيائنه المحتملين؛ فوض قانون الفقراء بناء دور فقراء اتحادية تكون الحياة 
فيها من القسوة بحيث لا يمكن لشخص قادر بدنيًا أن يختار العيش فيها. وتبعا لمبدأ 
تشادويك “للأقل استحقاقا' كان الأشخاص المتطوعون للحجز بلبسون ريا تمطيا 
ويغذون بغذاء قليل» وحظر عليهم الكحول أو الطباق: كما حظر عليهم أية مادة مقروءة 
عدا الكتاب المقدسء وكانوا يضايقون من قبل كهنة عاديين مهووسين دينيا. يل والأسوأ 
(فى الوقت الذى كانت الطبقات الوسطى تضع قيمة عالية للتجمع العائلى فى بيوت 
جيدة التجهيز)؛ أن النزلاء كانوا يعزلون حسب الجنس لصالح استئصال أية زيادة 
سكانية إضافية. عملياء كان هذا يعنى أن المسنين الذين كانوا متزوجين طوال عمرهم 
يجبرون على العيش هناك منفصلين, ويناء على هوى شماس بيت الققراء ريما لا 
يسمح لهم برؤية أحدهما الآخر ثانية. 

كان رد فعل الرجال والنساء العاديين أن يتجاهلوا نزلاء بيوت الفقراء الاتحادية 
ويتجنبوهم. فى خلال جيل واحد؛ كانت فكرة أن من المهين» والمشين, والفاسد أن 
يسمح المرء لنفسه بأن يؤخذ إلى أحد بيوت الفقراءء» قد أصبحت رئيسية ضمن قيم 
نظام الطبقة العاملة. والبديل- الجوع أو الانتحار فى المنزل- كان ينظر إليه تفصيليا. 
وبالكتابة عن الوضع فى بيوت الفقراء أثناء وياء الكوليرا فى 845-١444‏ 1/ اعتبر 
ويليام فار (هى نفسه كان من أسرة عاملة ريقية ويعد /1471 أصبح مسجلاً عامًا) أن 
معدلات وفيات الكوليرا هناك كانت عادة ضعفين أو ثلاثة أضعاف ما كانت عليه بين 
السكان ككل. بعد أن ووجهت جهود الطبقات العاملة فى الإصلاح البرلمانى (التماس 
رسامى الخرائط )١14591-1454‏ بضككات البرلمانيين؛ فُقد كل أمل فى احتمال 
استعادة العدالة الاجتماعية للفقراء. 

وبدأ آلاف الإنجليز الذين خابت آمالهم بمرارة فى الهجرة الجماعية إلى أمريكا 
الشمالة(*"). 

ومباشرة قيل كارثة رسامى الخرائط فى ويستمنسترء أثيت أخيرا لسان أدوين 
تشادويك اللاذع صاحب قانون الفقراءء, الكثير لحماته من الأرستوقراط. ويدلا من 


043 


إرساله إلى غياهب النسيان؛ وعد بأعلى منصب فى إدارة الصحة العامة. مستخدما 
منصبه فى قانون الفقراء ليريح نفسه فى وظيفته الجديدة» أشرف تشادويك على إنشاء 
لجنة ملكية لدراسة صحة المدن الإنجليزية. ويسيق معرفته بهذاء فتح محاضر جلسات 
أراد منها إثيات أن قانون الفقراء قد حل يقعالية مشكلة الفقر بدفع العاطلين بمشيئتهم 
للعمل لأجل رزقهم: وقد استخدم تشادويك مهاراته العملية فى جمع الشهود التى تقوم 
شهادتهم على إثبات وجهة نظره. تقيد الدلائل التى بقيت من جلسات الاستماع 
بأنه لم يكن هناك شاهد يجرؤ بالفعل على الادعاء بأن الفقر كان لا يال موجودا؛ أو 
أن عشرات الآلاف من الناس فى حاجة للضرورات العادية يتساقطون موتى من 
الأمراض المرتبطة بسوء التغذية. ولم يكن تشادويك يستطيع إخفاء حقيقة المرض بين 
الجماهير- كانت تقارير المحققين فى أسباب الوفاة لا تزال محفوظة - ولكن لإثيات 
أنه كان فوق قمة هذه المشكلة, فقد ادعى بأن كل الأمراض قد نتجت عن أبخرة عفنة. 
مع هذاء يكون قد قطع جزءا كبيرا من الطريق لإعطاء المنصب الصحى القبول 
الرسمى للحكومة!"). 

فى تنظيمه لتقريره عن الأحوال الصحية المدنية (عند نشره فى ١447‏ أصبح نوع 
ما من أفضل المبيعات بين الطبقة المتوسطة)؛ رأى تشادويك من المناسب اتخاذ مشورة 
اثنين من الأطباء المتدربين فى أدنيره. أحدهما كان جيمس فيليس كاى (كاى 
شاتلوورث) الذى اصطدمت مخاوفه الوسواسية من الأشخاص من هذا النوع المصاب 
بالكوليرا فى مانشستر فى ١857‏ (تشوه الشرور) التى اقتبستها قى مقدمة هذا 
القسم. كان الصديق الطبى الحميم الآخر لتشادويك هو توماس ساوثوود سميث, 
أخصائى التشريح الخاص لبنتام وخبير المعرفة الزائف الذى أصر على أن كل 
الحميات بما فيها “الكوليرا” كانت ببساطة مظاهر مختلقة لنفس المرض الناتج عن 
الأبخرة العفنة. وتعتبر مارجريت بلينج أن ساوثوود سميث كان هو المسئكول 
الرئيسى عن تكوين حزمة متماسكة من الأفكار المختلطة والتى عرفت فيما بعد 
بالنموذج الصحى(""). 


444 


وسريعا بعد نشر تقرير صحة المدن (تقرير عن الحالة الصحية للطبقة 
العاملة فى بريطانيا العظمى) فى .١1847‏ هجر تشادويك تحالفه مع الأطباء واتجه 
بدلا من ذلك نحى مهندس صحى لديه مكتب استشارى فى هولبورن وفينزبورى. 
فيما بعد كان للمهندس جون رو وصول استثتائى لأذن تشادويك حول أفضل - 
ويالطبع من وجهة نظر تشادويك الاحتمال الوحيد- طريق لمواصلة تحسين الصحة فى 
المدن البريطانية. 

فى مخطط رو - تشادويك الذى نشأ كان طريق التقدم قى الصحة العامة يكمن 
فى توفير شبكة من مواسير الصرف الصحى والماء تمد تحت الشوارع العامة. 
بالنسبة لهذا كان لدى تشادويك أساسان منطقيان معلنان. الأول كان حيث إن كل 
الأمراض ناتجة أساسا عن أبخرة عفنة متصاعدة عن الحيوانات والخضروات 
المتحللة؛ فإنه بإزالة سبب الرائحة النتنة. ستكون العبقرية الهندسية (ى ليست 
العبقرية الطبية) قد أزالت أحد الأسياب الأساسية للمرض. بالإضافة: يإزالة سبب 
المرض (الأبخرة العفنة)؛ سوف تزيل العبقرية الهندسية أحد الأسباب الأساسية للفقر 
ومعها كذلك انحلال الأسرة, والآباء والأمهات الكحوليينء واتجاه الأطفال المراهقين 
المصابين بسوء التغذية لحياة الجريمة. والأساس المنطقى الثانى لتشادويك كان 
أنه ما دام دواؤه الهندسى لجميع الأمراض اشتمل على حفر خنادق ووضع مواسير 
بها فى الشوارع العامة, فإنه سيكون هناك حد أدنى من التصادم مع الحقوق القانونية 
للملاك بإحياء الفقراء والأرستقراطيين (مثل عائلة راسل) الذين ملكوا حى ويست إند 
الأنيق بلندن!؟'). 

على المدى الطويل؛ كان يمكن افتراض أن مخططات تشادويك لصرف الفضلات 
البشرية بعيدا عن المناطق المبنية ويعيدا عن مصادر مياه الشرب لها أثر إلى حد ماء 
على الأقل فى المدن القليلة التى كانت شبكة المواسير قد مدت بالفعل. ومع ذلك فلان 
تشادويك لم يعر الكوليرا أى اهتمام خاص فى أى وقت خلاف إنها حشو لماكينة 
دعايته (بعد كل شىء فهو لم يكن طبيبا). ولا يمكن منحه إلا رصيدا رمزيا عن أى 


45 


تحسن قد يكون حدث فى الصحة البريطانية إجمالا. بالنسبة له تماماء مثلما كان 
الحال مع لجنة الأمراض فى الهند عام 1441 (تومسون, ريك: بوكماستر) - كانت 
الكوليرا مجرد مؤشر اجتماعىء أكثر منها ظاهرة مرضية مما كان مثيرا علميا فى 
حد ذاته. 

وفيما عدا شخصيته التصادمية: والتى أخرجته من منصبه فى ١804‏ (فى 
هذه المرة نهائياء على الرغم من أنه قد عاش حتى )٠‏ كانت مشكلة تشادويك فى 
أنه لا هوولا مناصروه الأرستقراطيون ولا أصدقاؤه الخبراء من الطبقة المتوسطة 
كانوا مهتمين بخلق مناخ الرئى المطلوب لمساندة الفكر الطبى الابتكارى أو حقيقةٌ 
للابتكارات فى الهندسة المدنية (الماء والمجارى). كان رجال الطب والمهندسون 
ببريطانيا يتخبطون:؛ بينما تنقصهم النماذج الإرشادية المشتركة لما يراه أنصار ما بعد. 
الحدائثة كمعرفة وتطبيق معقول علميا. بيئما استمرت الكوليرا فى هذه الأثناء في 
طريقها القاتل('١٠).‏ 

فى لندن» صدق جون سنو من يوركء على إعادة نشر لدراسات مفيدة عن شرب 
الماء والمواد البرازية كعوامل مسببة للكوليرا فى ١14645‏ و1805؛ ولم يبال بمساندة 
فرضية التحليل الميكروسكويى. ففى ذلك الوقت, كانت الميكروسكويات موجودة فى 
جامعة جوتنجن. وهكذا ظلت الفرصة للرجل الذى كانت لديه الخبرة بطابع جوتنجن؛ 
روبرت كوخ من بروسياء ليقوم بالتجارب العلمية الضرورية القائمة على الفحص 
المعملى لمساندة الشكوك المبدئية(١١').‏ 


إذا كان المدخل غير العلمى لسنى يمكن اعتباره كفضول أليس فى بلاد العجائب؛ 
فإنه يمكن أيضا اعتبار تصرفات جوزيف تشامبرلن فى برمنجهام فضولا. 
فتشامبرلين الذى ذا ع صيته بأنه الصوت المنسق لبشارة التجديد المدنى» سمح لمجلس 
المدينة بحظر تركيب دورات المياه (مراحيضنا الحديثة). وقد اتخذ هذا القرار بناء على 
ادعاء أنه إذا كانت دورات المياه تتطلب توصيلها ينظام صرف صحى تحت الشارع؛ 
فإنها كانت بكل تأكيد أكثر تكلفة من المراحيض المحمولة التى كانت وقتها نمطية. 


446 


وكانت محتويات هذه الأوعية القديمة توضع فى صناديق لتنتظر جمعها الدورى فى 
غنات النقل؟١),‏ 
فى 1845-1848 عادت الكوليرا إلى يريطانيا. لمواجهتهاء كان على رأس 
الحكومة المجلس العام للصحة برئاسة مؤثرة لعضوه التنفيذى الوحيدء ذى اللسان 
اللاذع أدوين تشادويك. كان هناك على استعداد لمواجهة الأزمة فى المحليات» حيث 
المناصرون لقانون الفقراء المنتخيون محليا والذين كانوا لا يزالون مخلصين لالتزامهم 
بالإبقاء على الضرائب منخفضة بعدم إنفاق المال. وفى مواجهة هذا الدفاع غير 
الموجود أخذت الكوليرا تتقدم فى انجلتراء لتصيب المسنين فى بيوت الفقراء بقسوة 
على وجه الخصوص. وطبقا لإحصاءات رسمية: ترك هذا الوياء 15,٠٠٠‏ حالة وفاة, 
تقريبا ضعف حصيلة الكوليرا فى .)'91475-1417١‏ وقد زعم أحد النبلاء ويدعى 
توماس فروست بينما يكتب عن آثارها على أحاسيس الرجال من بيئته وطبقته: 
إلا أننا كنا قد اعتدنا على هذه الشرور منذ أيام البلانتاجنت!*) 
وعلى الرغم من أنها قد أصبحت أشد مع الزيادة السكانية ونمو 
المدن الكبرى, لى لم يكن مالثوس قد علمنا بأن أويئة الأمراض 
كانت إحدى الوسائل التى تستعملها العناية الإلهية لمنع أعداد 
الجنس البشرى من تجاوز موارد الرزق(!"'). 
ولم يكن جيمس ميل الفظ الصفات يستطيع أن يعبر بأحسن من ذلك. 
فى 1804-148615 عادت الكوليرا بقوة لتضرب نيوكاسل على نهر التاين؛ ليس 
بعيدا عن مكان الكوليرا السابقة حيث أشاعت الفوضى قبل ذلك باثنتين وثلاثين سنة. 
كان المناصرون لقانون الفقراء فى المقدمة يدافعون عن حياة ٠0...٠.‏ من أهالى 


(»*) حكم الملكية الإنجليزية منذ عصر الملك هنرى الثاني (64١١م).‏ 


017 


نيوكاسل وعشرات الألوف الآخرين فى الأقاليم المحيطة, والذين ظل موقفهم لا يتغير. 
بينما جثمت الكوليرا بثقلها على نيوكاسل فى أغسطس :١1807‏ 

كان الأثر على المدينة مدمرا. أفادت التقارير أن الأعمال كانت 

فى كساد كامل وابتعد الناس من الأرياف المحيطة عن المدينة 

وكانت الأسواق المهمة قليلة الحضور للغاية. والبعض ممن 

استطاع. أغلقوا منازلهم وفروا إلى أماكن أخرى هريًا من 

الكوليرا. كان الأطباء يعملون ليلا ونهاراء يغلبهم فى الغالب ليس 

فقط الإرهاق وإنما أيضا الغثيان» وخاصة ليلا يعد أن يكون 

الناس قد أفرغوا نفاياتهم فى أخاديد الشوارع... كان الناس 

فى الأحياء الأكثر فقرا مرعوبين طبيعيا.... والمقابر لم تستطع 

أن تجارى عدد الموتىء والذى بلغ فى النهاية ١61/‏ حالة(١١),‏ 

وفى عام 18173 عادت الكوليرا ثانية» حريصة فى هذه المرة أن تضرب السكان 

فى أغلب الأقاليم الإنجليزية. وكما قى ١1801‏ - 1805» منتظرين لمقاومة المرض - كان 
التأثير لاشىء. ومع ذلك كنتيجة للطوارئ المتولدة عن الوصول المتوقع للبلاء. استطاع 
البرلمان أخيرا الموافقة على مشروع قانون يسمح (لا يطالب) للسلطات المحلية أن 
تشترى شركات المياه الربحية وأن تقيم موظفين طبيين على الصحة. ومع ذلك بعد 
تمرير تشريع إجبارى أخيرا (قانون الصحة العامة لعام 14177) ويمنحه بعض 
الصلاحيات بقانون الصحة العامة لبنجامين دزرائيلى لعام 214176 وجد أعضاء 
المجالس المحلية أن هناك من الأسباب التى تدعوهم للقلق من أن مدخراتهم الشخصية 
قد تتم مصادرتها لتسديد مكافآت منحتها المحاكم للمدّعين الذين كانت مصالح 
أملاكهم تتناقض مع السياسات الصحية لأعضاء المجالس المحلية! .)١‏ 


فى هذا الخصوص. كانت المؤسسة القانونية, التجمع المهنى الثالث المشترك فى 
الكفاح ضد الكوليرا (رجال الطب والمهندسون كانوا هم الآخرين) تجعل صوتها 


448 


مسموعا. كان المحامون والقضاة. وكلهم فى حالة مالية متميزة» يعملون ويعيشون فى 
مناطق حيث يمكنهم تجنب أية مخاطرة شخصية مع المرضء قد اعتبروا كشىء مفروخخ 
ننه أن مترك لكيراء الطب والهندسنة الذثية حل مشكة الكولدرا: وكما راوفاء كانت 
مسئوليتهم الخاصة تكمن فى حماية حقوق القانون العمومى لملكية الأراضى. ويدفاعهم 
الصلب عن مبادئ القرن الثانى عشر. جعل المحامون والقضاة الأمر فى غاية الصعوبة 
لمجالس المدن لإحراز أى تقدم ملموس فى توفير مياه شرب نظيفة ونظم فعالة من 
الصرف الصحى لسكان المدن العاديين. فى هذه الأثناء. فى وندسور عام 21851 
كانت الأخبار بأن الأمير ألبرت الألمانى المولد قد مات من مرض القذارة الذى تنقله 
المياه (التيفود) .)٠١1‏ 


فى النهاية, كان هذا سببًا للعجب أن الإنجليز لم يهلكوا بشكل منتظم من وياء 
الكوليرا فى العقود التى تلت ما كان فى الواقع آخر زيارة رئيسية- عام 1471-1477 
والذى ترك خلفه ١4...‏ وفاة 3''). بعيدا عن احتمالات الفرص (الكوليرا مقامر 
عنيد).؛ ريما ما أتقذ الإنجليز كان فرض ضوابط حجر صحى شديدة بين الهند 
والغرب!'''). بعد الاجتماع الدولى للجنة الممسيطرة على الكوليرا فى إسطنبول 
71 ويعد تأسيس إجراءات حجر صحى صارمة من قبل المصريين القائمين 
على محطة قناة السويس بعد افتتاحها عام 1879- أجبرت السفن البريطانية أن تبقى 
فى البحر بينما كان أى من أطقمها أو ركابها يموتون بالكوليرا. مع ذلك فقد جعل 
وزراء دولة بريطانيون خبثاء مثل لورد جرانفيل الأمر واضحا فى أن الإذعان 
للوائح الحجر الصحى كان انتهاكا صارخا لمبادئ التجارة الحرة كما نظمت ووضعت 
بالتشريح البرلمانى فى 91847'''). بأذهان مليئة بهذا التجاهل البريطانى الجرىء لما 
اعتبرته الأمم الأخرى معايير السلوك المتحضرء نعود إلى الهند البريطانية فى 
أعقاب تمردها. 


49 


الكوليرا فى الهند بعد 1١/861‏ 


يعلق المفكر الهندى جامبهيكارء وهو يكتب فى العام الذى اجتاحت الكوليرا فيه 
انجلترا أول مرة )14155-1451١(‏ على إنجازات العلم الفربى. وكما أعيدت صيافة 
النص من قبل تى. راى تشودرىء يرى جامبهيكا: ْ 
لقد حقق قاطنو أوريا تفوقا بارزا على باقى العالم؛ تقريبا فى 
كل قسم من أقسام العلم.... من خلال التفانى المتناهى لأفراد 
جريئين لملاحقة المعرفة لأجل المعرفة؛ ولقد أضافت جهودهم 
النزيهة إلى مخزون المعرفة الإنسانية وارتقت بصالح الإنسان 
باكتشافات واختراعات ضخمت من قدراته أو نمت من وسائل 
منفعته نحو المخلوقات ال "11 
لسوء الحظء أنه من بين أكثر البريطانيين الذين لهم يد فى حكم الهند قبل ١17٠١‏ 
كانت الحقيقة مختلفة بشكل ما. ففى العمق كان فشلهم راجعا لتقسيم شديد التصلب 
لفئات المعرفة. وبعد أن أعطت إصلاحات ما بعد التمرد )١1809(‏ سيطرة مباشرة على 
الشئون الهندية لحكومة المملكة المتحدة, منهية بذلك عدم احترافية شركة الهند 
الشرقية» ظهر المتخصصون ذوو المرتبات ليؤدوا مهمة معينة لتنجر بشكل صارم؛ بدون 
الالتفات إلى ما يفعله أى من الآخرين. ويسبب هذه العقلية فإن أى فهم كلى لمشاكل 
الهند (10مليون وفاة بالكوليرا) كان بكل وضوح مستحيلاً. وفى انتظار لحظة حلول 
دور الرأسماليين المهذبين (البريطانيين الحقيقيين بالوطن)؛ يمكن للمرء أن يحدد 
مجموعتين مهنيتين قد أسهمتا أكثر من أية مجموعات أخرى فى نجاحات الكوليرا فى 
جنى محصولها من الحياة البشرية. هاتان المجموعتان كانتا المهندسين (كل من 
مهندسى الجيش الملكى والمدنيين) وأصحاب المهن الطبية"؟'), 
فأينما كانت الكوليرا متوطنة - كما كانت فى الأراضى الواطئة لنهر الجانجز - 
يحدث تفاعل يومى تقريبا بين الأشغال التى يقوم بها المهندسون وميكروب الكوليرا؛ 


030 


تاركة خلفها عددًا من الوفيات. ومع ذلك ففى أية منطقة تكون قد اجتاحتها إحدى 
مجاعات الهند الدورية الضخمة:؛ يمكن لوفيات الكوليرا أن تكون عالية للغاية. ولقد 
قطع ديفيد أرنولد شوطا كبيرا لتوضيح الارتباطات عندما أشار إلى: 

أن أحد أفضل التوضيحات الموثقة للعلاقة بين الكوليرا والمجاعة 

تأتى من رئاسة مديئة مدراس فى سبعينيات القرن التاسع 

عشر. فمن نقطة إبلاغ منخفضة عن 44٠‏ حالة وفاة فى 21415 

ارتفع إجمالى وفيات المقاطعة بشكل حاد فى 1870 إلى 

, مع بداية دورة وبائية جديدة. فى 141756 بلغت الوفيات 

118,177 ويلغ الوياء ذروته فى /ا417١‏ عند 417١‏ ,/01ه؟ حالة 

وفاة (بمعدل 4؟.؟١‏ فى الألف من السكان) قبل أن يتراجع إلى 

١61/‏ ,لاغ فى 141748... فى 1417/7 كان معدل الوفيات بالكوليرا 

فى العشر مقاطعات الرئيسية التى ضريت بالمجاعة 18 فى 

الألف بينما تراوحت النسبة حول ١,١١فى‏ الألف فى المقاطعات 

الخمس التى تكونت فيها المجاعة متأخرة. 

ولكن ما لم يسترسل آرنولد فى قوله كان أنه فى زمن مأساة المجاعة كانت 

مؤسسة الهندسة المعروفة بإدارة الأشفال العامة عادة ما تتحمل مسئولية أعمال 
الإغاثة. وطبقا لمبادئ وضعتها الحكومة؛ كان يتوقع للرجال والنساء والأطفال 
المحرومين أن يتركوا قراهم ويأتوا إلى معسكرات مركزية ليكلفوا بمهام تشتمل على 
مجهود عضلى قاس. عمليا كان هذا يعنى أنه أثناء أزمة مجاعة, قد يجتمع عشرات 
الألوف من البشر فى موقع واحد. وكل تسع وتسعين مرة من كل مائة فى معسكرات 
العمل هذه تنقص الإمدادات المناسبة من مياه شرب آمنة. هذا الوضع كان من 
الواضح أنه مفصل تفصيلا للكوليرا. وأثناء المجاعة الرهيبة عام 1491 فى مقاطعات 
الشمال الفربى وفى أودا وضع مليون ونصف المليون من البشر ليعملوا فى مشروعات 
الإغاثة لإدارة الاشغال العامة. ويعد ثلاث سنوات» صرح المسئول الصحى للمقاطعات 


451 


المركزية» وهو يكتب عن كارثة المجاعة عام 110٠‏ عندما كانت مجموعات كبيرة من 
البشر يوظفون فى مشروعات إدارة الأشفال العامة صرح بحقيقة عامة قائلاً: "إن 
الكوليرا كانت مرضا يجد فى المجاعة حليفه الرئيسى!9١).‏ 
فى معسكر مجاعة يدار بإدارة الأشغال العامة والذى يتبع إملاءات تشادويك عن 
"قبول أقل للتأهيل” لاستلام طعام لكل شخص.ء مع ذلك؛ كان على الناس المصابين 
بسوء تغذية أن يحفروا فى أنوا ع قاسية من التربة لأعمال الطرق أو قنوات الرى. فإذا 
رفضواء كانوا يميزون بعلامة تدل على فشلهم فى "اختبار العمل" وكانوا يشطيون من 
كشوف المؤهلين للطعام. وأثناء مجاعة مدراس فى أواسط سبعينيات القرن التاسع 
عشرء أشار الضابط الصحى المحلى؛ رائد جراح كورنيشء إلى أن كمية الطعام 
الموزعة على العمال كانت غير ملائمة لأناس "يخضعون لمجهودات بدنية عنيفة" . كرد 
فعل أرجع المحقق الحكومى الخاص فى المجاعة؛ سير ريتشادر تمبل, لكورنيش القضل 
فى الاستشهاد 'بنظريات علمية مجردة" حول كمية الطعام المطلوية للأوربيين 
الطبيعيين» ولكن أشار إلى أن الهنود كانوا يؤدون نفس الأعمال بغذاء أقل كثيرا منذ 
زمن سحيق. لقد ريحت سياسات تمبل الشحيحة فى المعركة فتمت ترقيته حالاً ليصبح 
وكيل حاكم البنجال(!؟٠').‏ ومع ذلك إحقاقا للحق بالنسبة له ربما يمكن ملاحظة أن 
التحقيق فى احتياجات الطعام المطلوبة للحفاظ على البشر فى صحة جيدة لم يكن ذا 
أهمية بالنسبة لأى من علماء أوريا (فى هذه الحالة. الالمان) حتى ثمانينيات القرن 
التاسع عشر. وفى بريطانيا نشرت أول دراسة عن الاحتياجات الفذائية للإنسان 
حديثًا عام 1995. 
فى عام 191765, بينما كان لا يزال أمام حكومة الهند البريطانية اثنتا عشرة سنة 

من الحكم؛ وجدت لجنة معينة ملكيا عن الغذاء أن: 

هناك من الأدلة المتوفرة حقا بأن حِرْءا كبيرا جدا من السكان 

يعانون من سوء التغذية وأن هذا....لا يؤثر فقط فى الطاقة 

الذهنية والبدنية للفرد» ولكن يزيد من الحالة المرضية والوفيات 


432 


من الإصابات المتعددة العدوى التى يتعرض لها. وعلاوة على ذلك 

فكلما بحثت المسألة أكثر كلما أدركنا مزيدا من الذين يعانون 

من أمراض راجعة إلى نقص غذائى معين. ومن ناحية أخرى 

لدينا الواقع الاقتصادى للسكان المتدنى للغاية كعامل ذى أهمية 

,)0١9ةيئانثتسا‎ 

منذ أواسط ثمانينيات القرن العشرين وأوكسفاء!*) ومنظمات إغاثة أخرى قبلت 
أن سوء التغذية (الذى يسهم فى استعداد شخص ما للكوليرا) والمجاعة (المؤدية للموت 
من الجوع) هى كوارث من صنع الإنسان أكثر منها ظاهرة طبيعية!4!'). 
فى عام 1841» استخرج الكسندر فرازرء وهى مهندس ملكى على وشك التقاعد 

من منصبه فى المقاطعات الشمالية الغريية وأوداء تقييما لعمل نجدة إدارة الأشغال 
العامة فى زمن المجاعة. رأى فرازر أنها جناية» وبالأحرى إجرام بإحضار أناس جياع 
إلى موقع عمل مركز ضخم - حيث يكونون معرضين لأمراض قائلة - على زعم أنهم 
سيؤدون مجهودًا يدويًا شافًا بشكل غير معتاد. وقد أوصى بأنه من الأفضل إلى حد 
بعيد توصيل إغاثة للناس فى قراهم الأصلية. ويالاستطرادء فقد اعتبر أنه من الأكثر 
إنسانية والأفضل مهنية تحديد القيام بمتطلبات العمل على أرباب الأسر من الذكور 
ويالسماح للحرفيين المتخصصين بالاستمرار فى المهام التى اعتادوها- فالنساجون 
ينسجون والنجارون يعملون بالنجارة؛ وصانعى الطوب يصنعون الطوب - بدلاً من 
الدفع بكل رجل وامرأة وطفل إلى حفر الخنادق أى الجوع. وكما عبر عنها المهندس 
الملكى المتقاعد "إن النقطة الرئيسية التى أعتقدها فى التنظيم كله بالنسبة لتخفيف 
المجاعة ليست باتخاذ إجراءات من شأتها تحطيم الحياة المنزلية للناس؛ وإذا كان هذا 
صحيحا. فإن نظامنا العظيم لدور العمل المركزية العظيمة والمراكز العظيمة للأعمال 
لابد وأن تفقد قيمتها"١).‏ 


(») منظمة دولية للإغاثة مقرها لندن. 


ك4 


وكرد فعل لهذا الانتقاد القاسى لعقيدة تشادويكك؛ قال الرائد كولين سكوت مونكرييف, 
وقد كان مهندسا ملكيا عالى المكانة والذى كان سينقل بعد قليل إلى مصر ليصب 
هوسه بالرى على أناس يعيشون بمحاذاة النيل» قال بفظاظة "كلام فارغ: كلام فارغ . 
ويبدى أن حسابات سكوت مونكرييف أن المصالح المهنية كانت ستخدم على الوجه 
الأفضل باستغلال الفرص التى سنحت يواسطة المجاعة لبناء حجم وكفايات إدارة 
الأشغال العامة مهما كان الثمن المدفوع من حياة الناس الأقل من العاديين!:''). وفى 
نفس العام لاحظ المسئول أمام البرلمان عن الإشراف على تمويلات الهند, إيفلين بيرينج 
(فيما بعد لورد كرومر بمصر). "أن كل محاولة خيرة قد قمنا بها للتخفيف من آثار 
المجاعة والقصور الصحى إنما تؤدى بزيادة تقوية الشرور الناتجة عن الزيادة 
السكانية" (١؟١)‏ 

فى فصل بعنوان”الوفاء بالتزاماتها تجاه دائتيها الإنجلين: الهند ١515-١464‏ 
'وجد كين وهويكنز آن رد الديون والفائدة والمعاشات وخلافه قد استلزم نقل عدة 
ملايين من الجنيهات الاسترلينية سنويا من دافعى الضرائب الهنود إلى انجلترا. 
ويإدراكه الكامل لهذاء ولكن ربما قلقا من أن يتورط ضمناء فى 188١‏ , سير توماس 
سيكونب, وهى موظف مالى متقاعد له خمسون عاما من الخبرة بالهندء قال للجنة 
بمجلس العموم إن “الفكرة الخاطئة بأن ١١‏ أى ١7‏ مليون جنيه إسترلينى تدفع سنويا 
كإتاوة من قبل شعب الهند إلى هذا البلد. هو فى رأيى: سوء استخدام للألفاظ". فالمرء 
يمكن أن يسمى الجاروف جاروفا. والجواريف الأخرى تحتاج أيضا لعرضها بوضوح. 
إن جوانب العجز التجارى التى تعمل خلال الهند كانت قد أصلحت بشكل عام 
بالموازنة فى الأرباح من الكميات الضخمة من الأفيون المزروع فى الهند الذى احتاجه 
البريطانيون لتشتريه الصين. وحسب تقدير إيفلين بيرينج؛ بلغت أرباح الأفيون واحد 
على عشرة من إجمالى عائدات الهند(؟""). 

ولأنهم خشوا من أن قصورا بالهند ريبما يتتسبب فى أزمة فى عالم المال 
البريطانى؛ كان الرجال فى السلطة بعد التمرد يميلون للعصبية. وفى كتابته فى 
14/5-6 حذر لود مايو الحاكم العام من: 


1/34 


إننا نمسك بالهند بواسطة خيط. ففى أية لحظة قد ينشأ حظر 
حقيقى. إننا ندين الآن ب0٠16‏ مليون جنيه إسترلينى؛ أكثر من 
0 فى المائة مما نحتفظ به فى انجلترا. أضف إلى هذا ٠٠١‏ 
مليون جنيه إسترلينى أخرى وسوف تنشأ كارثة هندية تستتبعها 
عواقب مساوية لضياع نصف الدين القومى. إن فقدان الهند أو 
جزءا منها لا يمثل شيئا بالمقارنة يالدمار الذى سيحدث فى 
الوطن1"9), 
بافتراض أن مبلغ ١٠٠١‏ مليون جنيه إسترلينى من هذا"المحتفظ به فى انجلترا” قد 
أعطى الرأسماليين عائدًا صافيًا قدره ه إلى /ا/ز سنوياء فإن المرء يستطيع أن يرى 
بسهولة لماذا كانت الهند تعتبير جوهرة التاج. والكثير من هذه الأموال فى الديون 
المستحقة فى شكل قروض إنشاء البنية التحتية. 
من بين مهام البنية التحتية الأكثر أهمية التى أعطيت لعمل المهندسين فى الهند 
كان بناء شبكة السكك الحديدية؛ ومعها التدمير الشامل للفغابات. بداية من قاعدة بعدة 
أميال فقط فى وقت التمرد :08-١401‏ ويعام 44-١441‏ : كانت ١4,747‏ ميلاً من 
القضبان قد مدت. وفى عام 94-1497 زادت الشبكة إلى رقم يشير الإبهار وشو 
٠‏ ميل. ولكن كما يشير ديفيد هارديمان حديثاء فى وقت المجاعة, لم يكن 
الوصول إلى نهاية الخط الحديدى المحلى يعنى بالضرورة أن الحكومة كانت ستحضر 
طعاما لإطعام الجياع. على العكسء لم تكن الحكومة فى العادة تفعل شيئًا متحصنة 
بمبدئها بحرية التجارة وعدم التدخلء لمنع المتعهدين المحليين - الذين غرسوا أسنانهم 
عميقا فى التفاحة الأوربية للفردية التملكية - من استغلال السكك الحديدية فى نقل 
احتياطات الغذاء الموجودة فى أماكن مصابة بالمجاعة لأجزاء أخرى من البلاد حيث 
يقبضون أسعارا أعلء(!"١),‏ 
صاحبت هذه السياسات القاتلة أنه فى أغلب الأحيان كان المسئولون الحكوميون 
يدعون أن عددا يسيراء إن كان هناك أحدء من الهنود الذين ماتوا من الجوع بالفعل. 


455 


ما كانوا يموتون منه كانت أمراض القذارة مثل الكوليرا التى صاحبت المجاعة. كما 
ادعت السلطات مرارا وتكرارا لم تكن هناك "أدلة عملية بأن العوامل المسببة 
للكوليرا(أيا ما كانت) كانت تنتقل بالسكك الحديدية. وكما رأوهاء كانت “حقيقة الأمر” 
أنه فى زمن البخار لم تتقدم الأويئة أسرع مما كانت تتقدم به فى أى عصر سابق. فى 
هذا الخيال دعمت السلطات الأنجلو - هندية من وضعها أخيرا بعام 1847 بكتابات 
خبير الكوليرا التى هى سم التربة؛ الألمانى الجنوبى ماكس فون بتنكوفر. ومع ذلك فى 
ذلك العامء أثبتت الأحداث المرتبطة بالسكك الحديدية والمؤدية إلى وباء كوليرا هامبورج 
الكبير (؟١‏ حالة وفاة فى الألف) أن بتنكوفر كان مخطئا بشكل كارثر(""١),‏ 

بالإضافة إلى إنشاء السكك الحديدية الهندية» أشرف مهندسون ملكيون ومدنيون 
أيضا على إنشاء شيكات هائلة من قنوات الرى. بدءا ببعض المشروعات العملاقة فى 
الشمال والشرق الساحلى فى ثلاثينيات القرن الثامن عشرء انطلق مشروع رى الهند 
إلى الأمام بعد ١815‏ عندما تم تعيين سير ريتشارد ستراشى على رأس إدارة 
الأشفال العامة (التى أنشئت فى عام 18404). لا يوقد أحد مصباحا ويضعه تحت 
المكيال. كان ستراشى شخصا مبياشرا لا يخفى نواياه. فكان واضحا تماما فى 
التصريح بأنه لن تشق ترعة واحدة إلا إذا كان هناك ضمان بعائد مبكر ومرض للمال 
المستثمر. كانت العوائد ستأاتى فى شكل مباشر من دفعات القوائد على القروض وعلى 
تعظيم تحصيلات دخل الأرض» ويشكل غير مباشر من عوائد على المحاصيل المروية 
مثل القطن المزروع خصيصا للتصدير إلى مصانع مانشستر!!""), 


ويفيد جون شقيق سير ريتشارد ستراشىء وهو يكتب فى 1448؛ أن حوالى 
ميل مريع من الهند كانت تروى ب 58.٠٠٠١‏ ميل من الترع. ويعدها بسيع 
سنوات فى الحساب السنوى 'للتقدم المادى والأخلاقى للهند” صرح يأنه الآن كان 
هناك حوالى ١5,١١5‏ ميلا من الترع الرئيسية, ملحقا يها ”1,١١4‏ ميلا من القنوات 
الصغرىء كلها شقت تحت إشراف إدارة الأشفال العامة بأموال اقترضت من 
رأسماليين بالوطن. ويالكتابة عن مئئّات الأميال من القنوات فى البتجاب قى 84 ,١5١‏ 


436 


فقد تبين أن كل القنوات الرئيسية. باستثناء واحدء قد أعطت ١١,لا/‏ عائدا صافيا 
مقارنة بالإنفاق. والكثير من هذا أنجز بالتمزيق الكامل لبيئة الإقليم!""١),‏ 

متباهيا بأعمال أخيه. عبر سير جون ستراشى عن ذلك: 'لم تجر أشفال غامة 
ذات نفعية أنبل منها على الإطلاق". وكان هذا حقيقياء فالهند كانت قد قطعت 
الشوط الأكبر لتصبح الإقليم الأكثر ريا على الكرة الأرضية تحت الحكم الإمبراطورى. 
بعام ,140١‏ كان /٠١‏ من أراضيها تروى بقنوات الرى. لقد كانت هى أيضا ركن 
العالم الذى حققت فيه الكوليرا أعلى حصيلة لها. والعلاقة هنا تحتاج لمزيد من 
الاستكشاف الكامل. 


قبل حوالى :١1845‏ كان كل مكتب صحى إقليمى يشتبه فى وجود علاقة بين رى 
الترع وانتشار الكوليرا- متبعا خطوات جون سنى فى 1805- يعلم جيدا أن أى شىء 
يقوله علنًا سوف يرتد سلبيا على مستقبله العملى. ولم تفت على انتباه أحد أن الرجال 
المهتمين على قمة لجنة الجيش الصحية مع حكومة الهند قد أصرت بعناد على أن 
الكوليرا قد نتجت فقط عن عيوب صحية محلية متمركزة فى هواء ملوث وماء ملوث 
وصيانة سيئة وكل العادات القذرة الأخرى للناس المحليين. 

فى ,١41/7/‏ تأكدت صحة هذه الفكرة من قبل العجوز أدوين تشادويك نفسه فى 
خطبته الافتتاحية اللاذعة لقسم الصحة لمؤتمر العلوم الاجتماعية. وهكذا وقد قويت2 
كررت السلطات المرة تلو الأخرى أنه من الهرطقة أدعاء أن العامل الممسبب للكوليرا 
(أيا ما كان) يمكن بالفعل استيرادهء أى حقيقة أن النوع المعين للكوليرا الذى وجد فى 
أوربا كان هو النوع نفسه الموجود فى الهند. وفى ,١848١‏ قال دكتور جى. ام. 
كاننجهام (من أدنبره) كبير المفوضين الصحيين منذ ,١874‏ يصراحة: “ريما يمكن 
القول أيضا إن أى موظف يشعر بضرورة صياغة إجراءاته حول العدوى تحت تأثير 
ضميره الحى يجب أن يتجنب العمل الصحى. وكما كان يفهم فى ذلك الوقت 
أن "العدوى" كانت بالطبع الكلمة الكودية لسياسات الحجر الصحى والمصحات تحت 


37 


العزل التى كان يمكن أن تقطع التجارة الهندية. موضحا الأغراض الحقيقية 
(اقتصاديات البقرة الحلوب) التى كان البريطانيون فى الهند لأجلها (19). 

ماذا كانت إذن”العادات القذرة” بشكل خاص لشعب الهند. وكيف كانت تتصل 
بالترع؟ بطبيعة الأشياءء إن أغلب الناس وقتهاء كما هو الآن, كاذوا يميلون لاعتبار 
جوانب الحياة هذه شئونا خاصة تماما. وبالتبعية» فإننا نعرف القليل جدا حول أين 
يختار الناس ليتبرزواء وكيف كانوا يتخلصون من فضلاتهم الجسدية؛ وكيف كاذوا 
ينظفون أجزاء هم الخاصة:, وأسنانهم: وأوانى طهيهم وأكلهم. الخ... كمؤرخين غير 
قادرين على التحقيق من خلال الملاحظات الشخصية لعادات أناس هم الآن فى عداد 
الأموات. لابد للمرء أن يعود إلى القياس!"'"). 

كانت هناك دراسة مفيدة بشكل خاص أجريت فى 19517 بواسطة الخواجة!*) 
عارف حسن فى قرية بشمال الهند أسماها “تشينورا". هنا اكتشف الباحث أن الرجال 
المسلمين؛ والرجال والنساء الهندوس بشكل عام كانوا يخرجون مبكرا صباحا للحقول 
بالقرب من بيوتهم لقضاء حاجاتهم. وحيثما يكون هناك ترعة أو بركة أى مصدر آخر 
للماء متاحاء فإنهم كانوا يميلون للجلوس القرفصاء قريبا من هذا المصدرء بعد أن 
يكونوا قد حصلوا على الماء لغسل أجزائهم فى وعاء صغير حملوه معهم. وعندما 
ينتهون من قضاء حاجتهم وغسل أجزائهم فإنهم يلقون بالماء» وأحيانا ما يلقون به فى 
الترعة أى البركة التى كانوا سيأخذون منها الماء للشرب: وتنظيف أسنانهم والاغتسال 
والوعاء نفسه كان ينظف بالطين» بحيث يمكن أن يستعمل فيما بعد لأغراض أخرى, 
التى بعضا منها يتضمن ماء ربما يؤخذ فى الفم. وكما قد يكون روبرت كوخ قد لاحظ؛ 
فإن هذه السلوكيات كانت مفصلة تفصيلا لانتشار وياء الكوليرا!'""). 


(*) خواجة لفظ فارسى معناه السيد أو الرئيس. 


456 


استكمالا لبيان حسن بخصوص عادات القرويين. كان تقرير عن عادات سكان 
المدن من الهندوس كتب فى 1881١ -14848٠‏ بواسطة سريناث غوزء وهو طبيب بنغالى 
مدرب على أفكار طبية غربية فى كلكتا. فطبقا لدكتور غوزء كان لأغلب الأسر "آبار 
خاصة داخل منازلهمء كانوا يفرغونها فى مزاريب بالشوارع أثناء المطر الغزير» لقد 
اعتبر غوز هذه الممارسة بأنها على النقيض من الأفكار الحديثة للصرف 
الصحىء ولكنه استطرد ليشرح أن أطفال السكان فى المدارس المدنية كانوا يدرسون 
شكسبير وميلتون ويحفظون أجزاء لبنتام وجون ستيوارت ميل؛ ومع ذلك لم يدرسوا 
أبدا المبادئ الأولية للنظافة الشخصية. كان هذا الوضع مستمرا بدون تغيير حتى 
إصلاحات مونتاجى - كيلمسفورد لعام 147١‏ التى فوضت مسئولية التعليم المحلى 
بقوة إلى أيدى الهنود!"'"). 

يذكر التعليم أى فى حالة كيفية التعامل مع النظافة الشخصية والترع- ليأخذنا 
غيابه إلى موضوع نوعية التدريب المقدم للمهندسين البريطانيين خاصة فى مدرستى 
الهندسة اللتين أقيمتا بعد أن قررت بريطانيا رى الهند. إحداها كانت كلية تومسون 
القريبة من روركى (فى يومنا الحاضر هيماشيل براديش) المقامة فى ,1801 والأخرى 
كانت كلية كوير هيل فى انجلترا المقامة فى 141١‏ على تصور احتذاب صبية المدارس 
العامة إلى ما اعتبرته الطبقة المتوسطة كمهنة الهندسة الغاية فى الاحترام. ويدون 
التعليق على ملاءمة المقررات لأولئك الذين ينوون شق الترع والقنوات فى انجلترا أو 
أورباء فإن المرء ليصدم بنقص اهتمام برنامج كوير هيل البادى نحو الأحوال 
الجيولوجية والجغرافية والمناخية للهندل"". 

وما كان مأساويًا بشكل خاصء فى ضوء أخذ الضرر الهائل الذى ألحقته بالناس 
والتضاريس فى الهندء كان الفشل فى التأكيد على أن كل شبكة من الترع لابد وأن 
يلحق بها خنادق للصرف. وحيث إنه لم تكن كل المياه التى تدخل من الترعة إلى الحقل 
سوف تمتص فى الترية على الفور؛ فإن المصارف القريبة كانت مطلوية دائما لصرف 
المياه الزائدة بها حتى لا تدمر المحاصيل. كما أن الماء الراكد سوف يترك أيضا 


439 


لاس ملعية علق الدزية,هم) يكشي مع الوقت يفتصويل الفقول المسحة إلى أرامن 
عمل ترتيب لإزالتها من خلال نظام مصارف!؟""). 

وبعلاقة مباشرة بالكوليرا كانت الحقيقة الجلية أنه فى غياب شبكة من خنادق 
الصرفء. كانت مياه الترع تغمر مساحات واسعة من الأرض المحيطة. فإذا كانت هذه 
المياء الفائضة ملوئة يعدو على أ شواظنها من خراء قيرز اعد كام الكولينا: 
فإنه سرعان ما تنشر العدوى بفعل الرياح والأمواج فوق مساحة واسعة. ولابد أن 
يلاحظ أيضا بأن هذه المياه أيضا قد وفرت أماكن تفريخ مثالية للبعوض. كانت الملاريا 
فى أشكالها المتعددة, فى الواقع المرض القاتل الرئيسى فى القرن التاسع عشر 
والعشرين فى الهند(*''). 

كانت خنادق الصرف؛ حسيما يفترض المرء. مشكلة هندسية بحتة. وهى جزء من 
فقزفة متتخصصة: والذى عدت ام كبامقتي] عقول البريطانين الغالن عليه تميق 
الربح. بعد ذلك كانت المشكلة الكبرى الناتجة عن غياب المدخل الكلى. فى هذا السياق, 
ما كان مفتقدا بشدة هو المعرفة الهندسية بالأساليب المحددة ثقافيا التى يختارها 
المزارعون المحليون لزراعة أو رى أق حصاد أى تسويق أو استهلاك محاصيلهم. بل وما 
هو مأساوى أكثر, فى أرض اعترتها مرارا وتكرارا المجاعات» كان غياب كليات تدريب 
والأفضليات الغذائية المحلية. وكما أشار معلق فى 5 »١6١‏ فى غياب دراسات تجريبية 
قائمة محلياء فإن معظم المعلومات المتاحة لمهندس الرى كان مأخوذا من مجلات زراعية 
نشرتها إدارة الزراعة الأمريكية فى واشنطن دى سى. ويكل احترام مستحق, لا 
يستطيع المرء تصديق أن الكثير من هذه المعلومات كان مناسبا للأحوال المناخية 
الخاصة(الأعاصير الموسمية) بالهندلا'). 


2400 


فى ”.15؛ بينما كانت الهند لاتزال واقعة تماما فى قبضة حكومة الهند 
البريطانية, كان الوضع بها قد لخص بواسطة جون هويسون. وبدلا من التحدث 
بعبارات المنتتصرين فى "طفيان العادات" فى الشرق مثلما فعل ستيورات ميل فى 
6 كان هفويسون مقتنعا بان: 


فكرة أننا نقوم بإدخال الحضارة إلى الهند بمعنى مساعدتهم 

على التقدم الصناعى؛ والسياسى والأخلاقى سواء على طول 

خطوط حضارتنا نحن أى خطوط حضارتهم هى خدعة كاملة, 

بناء على تقدير خاطئ لتأثير التفيرات السطحية التى تدخلها 

الحكومة ونشاط مجموعة ضئيلة من الأجانب. يدعم الخداع فقط 

سفسطة الاستعمار الذى ينسج هذه الأكاذيب ليستر عريه 

والمزايا التى تمتصها مصالح معينة من الإمبراطورية("""), 

سفسطة وخداع وتجرد وامتيازات ومجموعات مصالح خاصه. كلها كلمات 
قاسية؛ ومع ذلك أضيفت إليها الكوليراء المرض الذى حافظ الاستعمار على وجوده ل 
٠‏ سنة بتكلقه حوالى 0 مليون هندى متوفى. 
وحتى عندما كان هويسون يكتبء أنكرت سلطات طبية كبيرة بإصرار أن كل هذا 

الدمار الناتج عن الكوليرا كان يمكن إيقافه بتطبيق نموذج سبب المرض الذى قدمه 
روييرت كوخ كنتيجة لدراساته لكوليرا مياه كلكنا. وفى ١4699‏ (خمس عشرة سنة 
بعد كوخ) وهى يكتب من مقر الرئاسة فى مدراس - حيث بلغت وفيات الكوليرا هتاك 
4 0 حالة فى الاثنى عشر شهرا السابقة - اقترح المسئول الصحى بشجاعة بأن 
ميكروب الكوليرا قد يكون انتقل من قرية إلى أخرى 'بواسطة قنوات طويلة 
معرضة للتلوث بسبب العادات الصحية للناس". وتعليقا على هذاء لاحظت اللجنة 
الضحية للجيش :يجفا أن تقرير *مدراس" كان:سيحمل وزنا أكين إذا كان مدغومًا 
بإحصاءات (حقائق لا تقبل الدحض) مبينا أن شق (وغلق) هذه القنوات قد صاحبه 
وصول وانحسار الكوليرا. وحيث إن كل واحد ممن كانوا مهتمين بتامين وظائفهم 


46 


كانوا يعلمون أن الكوليرا قد تولدت عن أوجه قصور صحية محلية: فهى لم تكن قادمة 
من الخار -152). 
هذه التعليقات الرافضة كررت تلك الصادرة بانتظام عن مكتب المفوضية الصحية 

لحكومة الهند أثناء عهد جيه.أم. كاننجهام الطويل (1885-14574).: وهو اسكتلندى 
ولد فى ١874‏ فى رأس الرجاء الصالح (مركز لعلاقات عنصرية متوترة بشكل أو 
بآخر) وتعلم فى جامعة أدنيره. كان كاننجهام من النوع المتصلب الذى كانت سلطات 
الحكومة البريطانية تحب إبقاءه ممسكا بدفة الشئون الطبية الهنديةل'). وقد سقط 
تحت سوطه اثنان من الموظفين الصحيين المتعاقبين فى البنجاب: إيه. سى. سى. 
ديرينزى - الذى أبعد فى 14175 - وإتش دبليى بيليى - استبعد فى ه/8١.‏ بصورة 
مبسطة, تبنى كلاهما الفكرة الثورية حينئذ بأنه كان من الممكن تصميم برامج وقائية 
لتحسين الصحة العامة فى كل الهند. ففى تقديرهماء كانت نظرية جون سنو عن 
الشكل الذى تغطى به الكوليرا بلدا صحيحة. وكان هذا يعنى أن الاحتياجات القروية 
يمكن تقديمها بأفضل ما يمكن إذا ما تم توفير مصادر أمنة من مياه الشرب للقرويين 
ونظم صرف قروية؛ وإعطاء تعليم أولى فى الصحة الشخصية. وفى البنجاب ذات 
الأغلبية المسلمة هذا التعليم الأولى يمكن توفيره يوساطة حكماء القرى. وقد اعتقد 
بيليى أيضا أن الحالة البدنية للقرويين سوف تتحسن كثيرا إذا ما سمح لهم بالاحتفاظ 
بما يكفى مما يزرعونه فى حقولهم لتزويد أسرهم بمستوى مقبول من المعاش. وتلقى 
كاننجهام,؛ الذى كان مقتنعا بأن نظريات بيليى حول الكوليرا والاقتصاديات "غير 
سليمة ردا من الحكومة: 

إنه ليتعدى موارد الحكومة زيادة 'أسباب الراحة لهذا الجزه 

الضخم من السكان...ومن المؤكد أن المحاولة لعمل ذلك سوف 

تؤدى لزيادة ضخمة جدا فى عدد (البشر) الذين يجرى التعامل 

معهم' وطالما أن الفقر كان موجودا فإن تبعاته لابد وأن تُقبل 

كأمور حتمية "مهما كان التأمل فيها مؤما"(:؟'). 


002 


بعد أن جرى تجاوز بيليو فى الترقية عام 1880 تقاعد عائدا لإنجلترا؛ دون أن 
يترك لأحد فى الهند تسلم قياد الرعاية الصحية الوقائية. 

فى عام 844 :١‏ ظهرت مقالة مثيرة فى دورية “تقارير علمية" لموظفين طبيين 
بجيش الهند» حررها دكتور دى. دى. كننجهام عن معمل الأبحاث الذى أنشئ حديثا 
لتقديم المشورة للمفوضية الصحية فى كلكتاء تضمنت أن الأبحاث الميكروسكوبية طويلة 
المدى والتفصيلية أظهرت أن هناك سلالات مختلفة عديدة للبكتريا العصوية العادية, 
"ولهذا فإن نظرية كوخ بوجود بكتيريا كوليرا واوية معينة وحيدة يجب أن تهجر فى 
النهاية". كان كننجهام راغبا فى الإقرار بأن عصويات كوخ الواوية ريما فى بعض 
الحالات. كانت نتيجة للكوليرا؛ ولكنه أنكر أنها كانت العوامل المسببة الفعلية. ويدلاً من 
ذلك. فقد تراجع هو ورؤساؤه عن التفسير القديم الممل. لقد نتجت الكوليرا عن عيوب 
صحية محلية؛ لقد كانت مرضا طارئا على المكان أكثر منه على الأفراد('؟'). 


حذر مفوضو الجيشء وهم يكتبون مذكراتهم فى تغطية لتقرير كننجهام فى 
14 ربعد كوخ بعشر سنوات) أنه "لتعليم الناس أن السلامة تكمن فى تجنب 
الآخرين" (أى براز ماء الأرز وتقيؤ مرضى الكوليرا) ستنطوى على ضرر أكبر لآنه 
يحول انتباههم من (تحسين صحى نمطئ)". بهذا كان قادة الجيش يخلطون بين 
اهتماماتهم الخاصة (أى بمعنى أصح اهتمامات الرأسماليين فى الوطن) مع نوعين 
مختلفين تماما من التصرف. فلو كانوا قد أعطوا المسألة دراسة عقلانية لكانوا قد 
أدركوا أن التجنب الشخصى للمرضى (وهو تصرف كان كوخ قد وافق عليه بشدة) لم 
يكن بالضرورة على نفس الدرجة للحجر الصحى والمصحات المعزولة (وهى تقنيات 
حتى كوخ كانت لديه بعض الشكوك بخصوصها). تمادت مفوضية الجيش لتطالب بأته 
فى "الوضع الراهن لعدم التأكد لأسباب هذا المرض الغامض”, فإن الاندلاع المفاجئ 
لوباء الكوليرا متبوعا باختفائه المفاجئ لابد وأن يكون معتمدا على "قوانين طبيعية 
عظمى" (ربما أرسطية) التى لا تزال غير معروفة!"؟'). 


463 


قبل ذلك بعام أو عامين (فى )١1514‏ كتب سكرتير الحاكم العام للهند سى. جيه. 
لايال منشورا محذرا مسئولى الحكومة بعدم نشر الشائعات بأن الكوليرا يمكن أن 
تنتقل من مكان لآخر. ما أشعل غيظ السكرتير العام كانت حادثة ادعى فيها أحد 
الأشخاص فى خطاب مرسل إلى الوطن أن القوات البريطانية كانت هى العوامل التى 
أتت بالكوليرا إلى معسكرات وأحياء معينة. بعد هذا الادعاء سئلت أسئلة فى البرلمان 
ونشرت مقالات انتقادية شديدة والتى طبقا للايال "ليس لها أساس أيا كان ضمن 
حقائق القضية". كان المسئولون ممنوعين حينئذ ألا يعطوا على الإطلاق تعبيرا عن آراء 
غير مدعومة بحقائق قائمة على أدلة. كما قد حذورا أيضا بأن "المناقشة النظرية يجب 
تجنبها قدر الإمكان". وانتهت مذكرة مستشار الحاكم العام بالتذكرة الصارمة "إنه 
بالكاد ضروريا أن نضيف أن التصريحات العامة التى تصدر عن القرويين والموظفين 
المرؤوسين يجب أن تقبل فقط بعد تمحيص دقيق"29*"). 


بعد ذلك بعدة سنوات استمتع قراء دورية "الطب الاستوائى” بمقال غير موقع 


بدعى بان: 


عندما سجل موظفون حريصون وعلميون حقائق تميل لإثيات 

قابلية التداول كانوا يتهمون بالكلام النظرى وكانوا يؤمرون عمدا 

بمحو الحقائق من تقاريرهم الرسمية؛ بحيث إن سمعة ضعف 

البحث كانت أسوأ ما يحققه رجل كان يتوق للنجاح فى 

,)١؟!؛هتمدخ‎ 

ولقد اعترف الحاكم العام ويليام بنتيك وهو يكتب سريعا بعد 1858 بأن: 

الأوربيين يعلمون القليل أولا يعلمون شيئًا عن عادات وطبائع الهندوس... إننا نقهم 
بشكل معيب جدا لغتهم» ونحن لا نندمجء ولا نستطيع أن نندمج مع الوطنيين. إننا لا 
نستطيع أن نراهم فى بيوتهم وبين أسرهم. إننا بالضرورة مقتصرون جدا داخل بيوتنا 
بسبب الحرارة وكل حاجاتنا وأعمالنا التى قد تخلق اختلاطا أكبر مع المواطنين 
لمصلحتنا تعمل من أجلناء ونحن فى الحقيقة غرباء على الأرض(:4١),‏ 


464 


بعد ذلك بنصف قرن جاء تصريعح المعلق الطبى العسكرى على التقرير الصحى 
السنوى الصادر من الرئاسة فى مدراس مطايقا تقريبا فى هذه النقطة وهو يشير 
إلى أن: 

هناك حاجة ملحة للمعلومات الدقيقة فيما بين المسئولين الأوربيين 

فى الهند بخصوص العادات الاجتماعية وأسلوب حياة الفقراء 

الوطنيين. فالطعام الذى يأكلونه وكميته وتنوعه وعدد الوجبات 

اليومية» فى الحقيقة, كل المسائل المتعلقة بالحياة المنزلية لالشعب 

خافية عن نظر المسئولين الأوربيين الذين قد يقضون طوال 

حياتهم فى هذا البلد دون الحصول على معلومات دقيقة حول 

هذه الموضوعات(011). 

أحد أسباب الشعبية بين القارئين الإنجليز من الطبقة المتوسطة لرواية "كيم" 
تأليف روديارد كيبلينج؛ المنتشورة فى :15١١‏ أنها سردت من جديد قصة صبى 
إنجليرى بدا قادرا على أن يؤخذ كهندى وطنى» أى صبى غير غريب عن الأرض. ومع 
ذلك نشأت عن تجربة كيبلينج الشخصية (فقد ولد فى شبه القارة الهندية فى ١876‏ 
وظل هناك حتى قرب اليلوغ) تقييمه الناضج للهنودء فقد كتب فى ١444‏ مصورا إياهم 
على أنهم 'أناس متأججون وحشيون ... أناس عايسون حديثى الأسر. نصف شيطان 
و 0 
فى نهاية القرن التاسع عشر تم التسليم عن كره بأن يتدرب الشبان الهنود 

كمساعدى مستشفيات فى معاهد طبية ثانوية مقامة خصيصا. وفى ١105‏ ذكرت 
مقالة عن مشكلة المعاون الطبى فى الدول شبه المتحضرة” أن 5٠١‏ طالبا فى معهد 
البنجاب الجديد قد أودعوا شكوى ضد كليتهم المشتملة على الهنود فقط. وكان أحد 
جوانب الشكوى أن المحاضرين رجال مسنون متخلفون عن العصر بثلاثين عاما 
ويرفضون أن يدرسوا بالإنجليزية. ولقد وجد المعلق نفسه ملزما أن يذكر أن: 


3ج0] 


الشاب الهندى المتعلم يكون بطبعه ميالا للتنديد بحكامه كفزاة 
ظالمين؛ ولكن حيث تكون اهتماماته الشخصية على المحك فإنه 
يفضل بشكل عام الأساتذة والقضاة الإنجليز على مواطنيه(/!'), 


فى الواقع» مبكرا فى ديسمبر 1877» داقع الإصلاحى البتغالى راموهون روى 
عن التعليم فى المدارس بالإنجليزية بمساواة كاملة بالمعابير الإنجليزية. ويالنسبة 
للكتب؛ فطبقا لتقرير 1507 "تلك الكتب المتوفرة هى فى الحقيقة لمامات مهجورة من 
الكتب الدراسية الإنجليزية» مصممة لتفى بمتطلبات الطلاب الأوربيين من جيل سابق . 
وإنه ليبدو أن هذه الكتب الدراسية لم تتعرض بالذكر لتقدم رويرت كوخ فى فهم 
الكوليرا الناشئة فى خزانات كلكتا فى , ١844‏ فى العام الذى نشر فيه هذا النقد 
,)١1603(‏ كان معدل الوفاة بالكوليرا فى كل الهند (ثلاث حالات وفاة بالكوليرا للألف) 
هو الأعلى فى أى وقت فى القرن العشرين!'*'. 

وأثناء الحرب العالمية الأولى؛ تعاطف أدوين مونتاجوء. سكرتير الدولة لشئون 
الهند. وهو جنتلمان يهودى؛ يعتبر غريبًا دائمًا عن المجتمع الإنجليزى»؛ تعاطف 
مع صحبة الظلم؛ ودفع بمشروع قانون خلال البرلمان أصبح فيما بعد إصلاحات 
مونتاجو - كيلمسفورد. طبقا لمواده. آلت قرارات السياسة الصحية العامة - 
بخلاف تلك القرارات التى قد تشمل تخفيض الضرائب فى زمن المجاعة أو المأسى 
الشخصية - إلى السلطلت ال محلية المنتخبة بالهند. لقد أصبحت الإصلاحات سارية 
فى 1970., بعد عدة أشهر من قيام الحاكم داير يذبح 514 معارضا هنديًا مسالا 
فى أمريستارء محطما بذلك القليل مما تبقى من الغموض الذى استند إليه الحكم 
البريطانى(:5"). 

بالمصادفة. وفى العقدين الذين تليا افتراض شىء ممائل لسيطرة هندية على 
الصحة العامة, فقدت الظاهرة المعروفة بالمجاعة والتى هى من صنع الإنسان, 
قبضتها. وعلى الرغم من أن عدة قرى هندية فقط كانت حتى ذلك الوقت يجرى 


466 


أرقام منظمة الصحة العالمية 9كالالا تناقص إجمالى الوفيات من الكوليرا من 8, ؟ 
ملايين فى عقد 1119-19١١‏ إلى ١,‏ مليون فى العقد -1١95.‏ 2.1159 إلى 
٠‏ 0 فى فترة خمس سنوات 0901-1900*'). ومع ذلك ففى كتاب نشر فى 
وكان محظورا تداوله فى الهندء ريما لم يكن الزعيم الوطنى آر بالمى دوت» 
بعيدا عن الحقيقة عندما ادعى بأن الإمدادات لأغلب الاحتياجات الأولية للصحة العامة 
أو النظافة منخفضة جدا فيما يتعلق بالطبقات العاملة فى المدن أو بالقرى لدرجة أنها 


عمليا غير موجورة(؟*'). 


وفى النهاية فقد بقى لفرق الأبحاث الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية أن تبتكر 
محلول الجلوكوز المتأين الذى يماثل السوائل الحيوية التى يفقدها الجسم: عند تناوله 
عن طريق الفم. فإن هذا يمكن أن يقلل من وفيات الكوليرا لأقل من ١‏ فى المائة. إلا أنه 
من الضرورى حضور الناس للعلاج. وهذا ليس ممكنا دائما فى المناطق البعيدة التى 
لا يخدمها مقدمى رعاية طبية حديثة مجهزين بتسهيلات حديثة أو بمحاليل مقاومة 
الجفاف التى تؤخذ عن طريق الفم(؟5). 

تستمر الكوليرا تتحرك إلى ما لا نهاية ويمكن أن تذهب إلى ما بعد آحاعً 
والفييريى كوليرا 0139: فى تحول إلى شكل جديد لا يستجيب إلى العلاج بواسطة 
الخبرة الأوربية. حتى لحظة هذه الكتابة تبقى الكوليرا درسا... فى حاجة إلى 
التواضع. 


2407 


هوامش الفصل الخنامس 


)١(‏ أوراق برلمانية ١9.5‏ 6(1ا16.!, 15741, 7٠١8.‏ شخصيات هندية من ديفيد أرنولدء "معدل وفيات 
الكوليرا فى الهند البريطانية, 01141-141١/‏ فى تيم دايسون, طبعة؛ ديموغرافيا الهند التاريخية: 
دراسات فى المجاعة, المرض والمجتمع (لندن. مطبعة كورزون. 1545), 577-,187 ديفيد أرنولد, 
الكوليرا والنزعة الاستعمارية فى الهند البريطانية.' مجلة الماضى والحاضر (1986) |االا, 2,١١١‏ 
يشير إلى أن الإجمالى من عصر ما قبل الإحصاء 1816-1411 كان بين ٠١‏ إلى ١5‏ مليونا. ويإضافة 
تقديرات تخمينية. وكذلك تعطى إحصاءات تالية. إجماليا ما بين ه/. 70 مليونا كحد أدنى وه/ا, ٠١‏ كحد 
أقصى. لإنجلترا: مايكل دورى؛ عودة الوياء: المجتمع البريطانى والكوليرا ١4677-1417١‏ (دبلن؛ مكتبة 
انسانيات جيل وماكميلان؛ 1417/4), الأوبئة والشعوب لوليام ماكنيل (جاردن سيتى؛ نيويورك؛ أنكور, 
,581-776١ 1‏ أر. جيه. موريس, الكوليرا ؟1857: رد الفعل الاجتماعى الوياء (لندن» كروم فلم, 
ام الرواية القياسية المعروفة طبيا هى للدكتور طبيب آر. بوليتزرء الكوليرا (جنيفء, منظمة الصحة 
العالمية. .)١904‏ انظر أيضا: أندريا دودين» " فى جان ببير بارديت وأخرين. 


*) دور الوكالات الإنسانية والمؤامرات الحكومية بالمعت هو موضوع أساسى ل فرانك إم. سنودن, نا 
فد لإنسانية والمؤامر ية ب هو موضوع أساسى ل فرانك إم بو 


جامعة كاميريدج, ة), إكس» جيه. بى. فورمان» طبعة, الأعمال الكاملة لأوسكار وايلد (لندن» كولينز. 
لحوا). 


(4) هاريسون يحلل الإصول الاجتماعية لمجندى آى إم إسء ويجدهم فى الأغلب من أسفل الطبقة الوسطى, 
وهو عامل "الذى ربما قد نعزى إليه بعضا من حالة القلق والتحفظ المميزة للموظفين الصحيين فى هذه 
الفترة”: مارك فاريسون. الصحة العامة فى الهند البريطانية: الطب الوقائى الآنجلى - هندى 18409- 
64 (كامبريدج؛ مطبعة جامعة كامبريدج, 19944). , 14 للطبقات العلياء "البريطانيين الحقيقيين:” انظر 
ليندا كولى: البريطانيين: صياغة الأمة 1811-1117 (لندن, مطبعة جامعة ييل, ؟149). 


(ه) كتابة كيبلينج» الذى كتب “الصورة الآدبية الوحيدة التى لدينا عن الهند البريطانية فى القرن التاسع 
الاستعمارى....... ويبدو أنه لم يدرك, بأكشر مما كان يدرك الجندى العادى أو الموظف الإدارى. بأن 


46 


الإمبراطورية هى مبدئيا اهتمام اساسى بصنع المال' جورج اورويلء “روديارد كيبلينج: فى المقالات 
المختارة ل أورويل (لندن. سيكر وواريورج: 1975), 185-181 ولك "الرأسمالية المهذبة” انظر بى. سى. 
كاين وإيه. جى. هويكينز .6 .8 الاستعمار البريطانى: ابتكار وتوسع 1914-١348‏ (لندن: لونجمان, 
)1 551 


(1) تشارلز إى. روزنبرجء "الكوليرا فى أوريا القرن التاسع عشر: أداة للتحليل الاجتماعى والاقتصادى, 
' دراسات مقارنة فى المجتمع والتاريخ (1966) ||الا, ه١75-1١,‏ بيل لوكين, “دول وتهديدات الوباء,” 
جمعية التاريخ الاجتماعى للطب |7766 (يونيو 19414). 31؟, جورج اورويل [/©08/6 360106 


44 , رواية (أول ما نشرت فى .6ة١)‏ (نيويورك» سيجنر. كوؤا), 5 


() مقتبسة فى تشارلز إى. روزنيرج. شرح الأوبئة ودراسات أخرى فى تاريخ الطب (كامبريدجء: مطيعة 
جامعة كاميريدج. *وذا), 1١)‏ انظر ايضا: بى. إى. براون. اجون ستو - متسكمع الخريف” نشرة 
تاريخ الطب (1961) /ا)ا»(؟ا, 19م-2058. 


(4) بول دبليو. إيوالد, نشأة الأمراض المعدية (اوكسفورد, مطيعة جامعة اوكسفورد, 1494), 57-/5, 0/4 
87 » باتريس بورديليز» جيه. واى. راولوت وإم. ديمونيه؛ 'مسيرة الكوليرا فى فرنسا: ”187 إلى 
14 .دا دورية الاقتصاديات والمجتمعات والحضارة" رقم ١‏ (19174) ,, 1472-11717, سنودن, تابولى, 
4 جيه. إي. نيكولسون, “الذباب والكوليرا.” مجلة الطب الاستوائى 1) لافبراير 1907)/ 45-41 
انظر أيضا ريتشارد جيه. إيفائز. “الذعر الأزرق والخطر الأصفر: الكوليرا والمجتمع فى فرئسا القرن 
التاسع عشرء مجلة التاريخ الأوربى الربع سنوية, العدد (1990) 6ا, 111- 115, ريتشارد جيه. 
إيفانز. "الأوبئة والثورات: الكوليرا فى اوربا القرن التاسع عشر. مجلة مجلة الماضى والحاضر العدد 
1١13-1117 266 )1988(‏ 


(4) دودينء “المثابرات” ؟5١.‏ سنودن, نابولى, 45-47 ,1١7-١١7‏ أيفانزء ‏ الذعر الأزرق” ١١7‏ ديفيد 
أرنولد. الأزمة الاجتماعية والمرض الويائى فى مجاعات هند القرن التاسع عشرء: مجلة التاريخ 
الاجتماعى للطب (/ العدد الثالث (ديسمير ,.)١1995‏ 594, أوسكار فيلسنفيد, ‏ بعض الملاحظات عن 
وياء الكوليرا (الطور) ,١9375-193١‏ نشرة منظمة الصحة العالمية رقم (1963) ||الالاكا, 54, 291, 
أيه. إم. كمال “الكوليرا فى مصرء” مجلة جمعية الصحة العامة المصرية؛ (1948) |ال. 187. 

)٠١(‏ لورنس آى. كونراد؛ مايكل نيف, فيفيان نوتون؛ روى بورتر وآندرى ويرء التقاليد الطبية الغربية: من عام 
قبل الميلاد إلى 18٠٠١‏ بعد الميلاد (كامبريدج. مطبعة جامعة كاميريدج. ه159), ,1-١‏ لالا4-, 814 
وعن الطب كبناء اجتماعى, انظر أيضا: روجر كوترء "مضادات العدوى وسجل التاريخ الطبي.' فى بيتر 
رايت وأندرو تريتشر. طبعات. مشكلة المعرفة الطبية (أدنيرة. مطبعة جامعة أدنيرة 1945), لالمس4١١.‏ 


(11) كريستوفر هاملين. العوامل المهيئة والصحة العامة فى الفكر الطبى بأوائل القرن التاسع عشرء" مجلة 
التاريخ الاجتماعى للطب / العدد الأول (ابريل 1537): 13, إيفانز؛ "الذعر الأزرق” 110-114: مايكل 


09أ10 


أوريس 015 |1106, “الكوليرا والنظافة العامة فى يلجيكا: ردود أفعال مرض اجتماعى فى وجه 
نظام اجتماعى» فى الخوف والأموال ل بارديه وآخرين, 44-47/ فرانك إم. سنودن ؛ “الكوليرا فى 
بارليتا 2١65٠١‏ مجلة الماضى والحاضر 07061 (أغسطس :3١ ,.)199١‏ ] فرائسوا ديلابورت, 
المرض والحضارة: الكوليرا فى باريس, ؟185؛ آرثر جولدهامر (مطبعة كامبريدج إم إيه إم آى ىي: 
7 4 تشارلز كريفتون, تاريخ الأويئة فى بريطانياء :!امنذ القضاء على الطاعون حتى وقتنا 
الحالى (كامبريدج. مطبعة الجامعة. ٠. ,)١894‏ 451-47. 

|| الاكلا جزء .257 (09549ه)‎ ,١1499 أوراق برلمانية /ا1484 ( .170 (5209 0تأوراق برلمانية‎ )١١( 


(؟١)‏ أوراق برمانية : 39 (2142 00) 1878 لاا أمثلة عشوائية لما بعد كوخ: أوراق برلماتية ١85٠٠‏ (0© 
7 (6124, 1 االسككر ككل 


1١9957 السجل الويائى الأسبوعى ( |الالا (10/الارقم 54, (؟1955), 7015--30, 9317 حالة كوليرا فى‎ )١4( 
.1997 سيتمير‎ ١١ هى الأعلى منذ بدأت الولايات المتحدة فى المتابعة" النيويورك تايمز.‎ 


)١١(‏ دودين: "المثابرات.' ؟16١.:‏ إيه. كيو. خان: “دور حاملى المرض فى الانتشار بين الأسر للكوليراء' مجلة 
ذى لانسيت (4 فبراير /19717), 47-7148» إم. أى. ناركيفيتش وأخرين وأخرينء “الوياء العالمى السابع 
للكوليرا فى الآتحاد السوفييتى ,81-1571١‏ نشرة منظمة الصحة العالمية اكاكلا 011/0 رقم ؟ 
,315-1١51)159(‏ خطابء 'الكرليرا والبيئة." ) 00002161616116 |2206 ا 156 مايو 19957), /1171- 
4ت إف. فاى (من مكتب الحجر المسحى فى السويس)» أحاملى الميكرويات العصوية ودورهم فى 
انتقال الأمراض المعدية,“ مجلة الطب الاستوائى وعلم الصحة الا ١(‏ أغسطس ,)١108‏ 58-0177, 
إيه. إيه. ماكلارين؛ “المذهب الايديولوجى والخيرية الفيكتورية: تناقضات الكوليراء" فى مؤلفه الطبقات 
فينسنت, "الكوليرا فى أسيانيا فى القرن التاسع عشر' فى الخوف والأهوال ل بارديه ومعاونوه, 66-014. 


)١1(‏ باتريس بورديليزء 'الكوليرا: انتصار طبى؟ فى 'تراجع معدل الوفيات فى أوربا' ل آر. شوفيلد. طبعة 
(أوكسفورد. مطبعة كلاريندون, ,/)١193١‏ ,178 إيفانز, 'الأوبئة والثورات,777١-4؟,‏ فيليب دى. 
كورتين؛ الموت بالهجرة: مواجهة أوريا مع العالم الاستوائى فى القرن التاسع عشر (كامبريدج, مطبعة 
جامعة كامبريدج, 19844), الاب ول/ا. 

(10) فى الواقع أن الكوليرا قد طالت بعضًا من الضحايا من أصحاب المنزلة العالية. بمن فيهم؛ فى 1877, 
كازيمير بيريير. رئيس مجلس الدولة الفرنسى. فى اشارة عرضية لطبعة 1865 لكتاب بيورك عن طبقة 
النبلاء. يقترح بيرك بيراج أن الأبناء الاصغر للأسر الإنجليزية المميزة فى الهند لم يكونوا يتعرضون 
بشكل متكرر للموت بالكوليرا: مصدر المعلومات دكتور هيو فيرنون-- جاكسون. كانت الضحية البيضاء 
الأعلى مرتبة بشبه القارة الهندية هو الحاكم سير توماس مونرو الذى لاقى حتفه فى فى 214151 


,؟ا/-١١6 مرض ديلابورت والحضارة؛‎ :8-171١ تحت العلاج: سنودن, نايولى:‎ )١14( 


1400 


)19) موريس» الكوليراء 1-1 تييرى إيجريك وصايكل بولاين. "وباء ككم : حالة بلجيكا, فى الخوف 
والأهوال ل بارديه وآخرين» 45-56, 


١١١ أوراق برلمانية ( -21 .712 الالا (2415 60 سنودن, نابولى‎ )٠١( 


القة) سسدودن» 'الكوليرا فى بيرليتا :خخ -اة, حونائان ليوتارد: أحياة كارلورس فيتلاى وموت الحمى 
الصفراء.” نشرة منظمة بان آميريكان الصحية !|الالاعدد 4 (1143). 44٠‏ لتفسيرات مكتوية انظر: 
توماس مانء الموت فى فينيسيا (1101). 


(19) بيفن ريك ومعاونوه؛ تقرير لجنة الجذام فى الهند. 41-145 (كلكتاء طبعت بواسطة مراقبة الطباعة 
الحكومية, 4٠ ,)١18357‏ و, 415 


[لققة دبليق. دبليق. هانتر, أوريساء أو إقليم هندى تحت تعاقب الحكم الوطنى والبريطائي: ١‏ لندن» سميث» 
إلدر وشركاه. “لالم ا), و 


)4؟) أرراق برلمانية ١845‏ [205851] !||الاماء ١١70.6١9‏ 167, مارك هاريسون, 'الحجر الصحى؛ الحج, 
والتجارة الاستعمارية: الهند ”01..-١1477‏ استعراض للتاريخ الاقتصادى والاجتماعى الهندى 
ااا عدد ؟ (1551), 3384. 


(10) لتقرير إحصائى ليس غير نموذجى عن زيادة معدلات الموت الإقليمية عن معدلات المواليد: أوراق برلمانية 
(201843] الالااء , ١4٠١‏ سى. إيه. بايلى, المجتمع الهندى وإقامة الهند البريطانية (كامبريدج. 
مطبعة جامعة كامبريدج: ,)١115٠‏ 79, 77, ميتشيل بى. ماكالباين» 'المجاعات, والأويئة» والنمو 
السكانى: حالة الهند.“ مجلة التاريخ متعدد الاتجاهات /اكا عدد ؟ )١985(‏ ن ,5١5‏ إل. فيساريا وبى 
فيسارياء "السكان /اه1١-/21541‏ فى طبعة دى. كومارء تاريخ كامبريدج الاقتصادى للهند؛ :!! 
1757-0 (كاميريدج. مطبعة جامعة كامبريدج, ,)١9/17‏ 6717-177. 


(1؟) جيه. مجيدء “تاريخ الهند البريطانية والمنفعة كخطاب للإصلاح, ل جيمس ميل مجلة دراسات أسيوية 
حديثة /االالا عدد » (-199), 55-709 مايكل أداسء مجلة الآلات كمقياس للبشر: مجلة علم 
وتكنولوجيا وإيديولوجيات السيطرة الغربية (إيثاكا؛ نيويورك: مطبعة جامعة كورنل: 015145 1!7-111/ 
جون ستراتشى. الهند (لندن, كيجان بول؛ ترئنش وشركاه. :)١1884‏ 194, ويليام جيه. باربر» الفكر 
الاقتصادى البريطانى والهند 1808-١٠.٠‏ (أوكسفوردء مطبعة كلاريندون. 1512 71-1153. 

(0؟) أوراق برلمانية ١41/4‏ [202142] لاا ١58‏ . 


)4 تفسيرات التتقيحيين مقدمة بواسطة دى. إيه. ووشروكء, 'التقدم والمشكلات: التاريخ الاقتصادى 
والاجتماعى الجنوب أسيوى 17520-.187. مجلة دراسات آسيوية حديئة ااكالا عدد ,)١19144( ١‏ 
لات 


471 


(9؟) أشين داس جوبتاء التجار الهنود وسقوط السورات أ8]ناق, ../19-.115 (فييزيادن. فرائز شتايثر, 
كلاذا), ؟-319 أشين داس جويتا وإم. إن. بيرسسون.». مؤلفين الهبند والهنود ...ما (كلكتا, 
مطيعة جامعة اوكسفورد. /ا4ة١ا),‏ بايلى, المجتمع الهندى, كا 

.58-77 واشبروكء "التقدم والمشكلات”‎ )٠١( 

(١؟)‏ روميلا ثايار, 'مجتمعات دينية متخيلة؟ التاريخ القديم والبحث الحديث عن الهوية الهندية:” مجلة دراسات 
آسيوية حديكة ||اكالاعدد ؟ (19-2.9,)191483, .5-17؟, سوزان بايلى: قديسين, إلاهات, وملوك: 


المسلمون والمسيحيون فى مجتمع هندى جنوبى, 110١-11٠١‏ (كامبريدج, مطبعة جامعة كامبريدج» 
ىوا). 


(1؟) أشين داس جويتا. التجار الهنود. .١5-7‏ جون إى. ويلز الأبن, “الاستهلاك الأوريى والإنتاج الآسيوى 
فى القرنين السابع عشر والثامن عشر.. فى مؤلف جون بريور وروى بورتر. الاستبلاك وعالم البضائع 
(لندن. روظدج. 19917), .43-1١10‏ 

(1) بايلى؛ المجتمع الهندى. ه15-1, 05-49, 

(4؟) مقتبس فى "الإلاهة سيتالا والجدرى الوبائى فى البنجال ل رالف دبليى نيكولاس؛ بمجلة دراسات 
أسيوية أالا عدد ١‏ (نوقمبر :)194١‏ انظر ايضا ل جون أآر ماكلاين, "الأرض والملكية المحلية فى 

)5 قابيل راج 'المعرفة, والقدرة والعلم الحديث: البراهمان يردون الهجوم” فى طبعة العلم والإمبراطورية: 
مقالات فى السياق الهندى من ١7٠١‏ الى 1947 ل ديباك كومار(أناميكاء يراكاشان, ,)199١‏ 2,119 
رودرانجشى موكهيرجى, "الشيطان يطلق حرا على الأرض: مذابح كاميور فى الهند فى ثورة لال" 
مجلة الماضى والحاضر ) ||ا/اكا))اغسطس .199,) .١15-919‏ 

(11) إيوالد. التطور. /8٠١‏ أيدن كوكبيرن: التطور والقضاء على الأمراض المعدية (بلتيمورء مطبعة جامعة جونز 
مويكنز, 1137), 100, انظر ايضا: بى. جيه. تيرويل, "الكوليرا الأسيوية فى سيام: حدوثها الأول فى 
وياء 2١46٠١‏ فى طبعة نورمان جى. أووين, الموت والمرض فى جنوب شرقى أسيا: استكشافات فى 
التاريخ الاجتماعى؛ والطيى والديموغرافى (سنغافورة. مطبعة جامعة أوكسفورد, 1941 ) ,١147‏ 

[فظة مقتيس من أو. بى. جاجى, الأويئة وامراض استوائية أخرى (دلهبى» أرما رام واولاده. ؤل/اذ١),‏ 16 

(54) أر بوليتزر. الكوليرا (جنيقء منظمة الصحة العالمية. 1985), /إ١.‏ 

(9؟) مقتبس من جيه. سيميلنك, تاريغ الكوليرا فى جنوب الهند منذ 1811 (أوتريخت»؛ سى. إتش. إى. 
برايجر). 597, انظر أيضاء آنون, 'تقرير أنيسلى" مجلة إدنبرة للطب والجراحة (1826) الالاا, .307, 
أنون “كوليرا الهند الزرقاءء” (1)1831-2 أ38668| ع1, موكادذه, 


4272 


, 77 مقتبس من جاجى الأويئة.‎ )٠0( 

)4١(‏ كيه. دى. إم. سنل. سجلات التاريغ للفقراء الكادحين: التغير الاجتماعى وإنجلترا الزراعية, 
١1.٠. -‏ (كامبريدج. مطبعة جامعة كامبريدج؛ /1941), ,51501/-1١74‏ سى. إيه. بايلى؛ أوج 
الإمبراطورية: الامبراطورية البريطانية والعالم ١1850-1١1/8٠.‏ (لندن, لونجمان؛ 15468). 41-4 
لساك ووايا. 


(5) كورنواليس. بايلى, المجتمع الهسندى, 8:17-10/. فى. جى. كييرنان: سادة الجنس البشرى: 
الزجل الآسود: الرجل الاصتر: والرجل الابيطن فى عصيز الإمبراظورية (تيونوزك: مطبعة جافعة 
كولومييا. كىذا), حون هويسون:. الاستعمار: دراسة (اأول ما نشرت فى .3) (لندن, ألن وأونوبن:» 
4 ) رونالد هيام, الإمبراطورية والجنس: التجربة البريطائية (مانشستر. مطبعة جامعة مانشستر, 
5 اك 


(؟5) اقتباسا عن جاجى. الأويئة, .١4‏ 


(4؛) بايلى, المجتممع اليندى.؛ الا-قلا, 6١-1١84‏ راج» البراممان يردون الهجوم" كر جى: 
فيسوانانًا, أقنعة الغزو: دراسة أدبية حول الحكم البريطانى فى الهند (نيويورك, مطيعة جامعة 
كولومييا. كىذا), 1-1 ة, 


(45) ويلزء “الاستهلاك الأوربى والإنتاج الآسيوى,” ١4٠,‏ انظر أيضا: فيرناند برودل, الحضارة والرأسمالية: 
القرن الخامس عشر- الثامن عشر !|| رؤية العالم. ترجمة زيان رينولدزء (لندن كولينز/فونتاناء 
.7-5 أرنولد باكى, التكنولوجيا فى الحضارة العالمية (أوكسفوردء بازل بلاكويل, ,)155٠‏ 
١51١-1١ ٠‏ 


(أوكسفورد. مطبفة كلاريندون, ال وأعيد طبع» فى 66)/, 3560-5 
0غ) بايلى» أوج الإمبراطورية. 18-١7‏ بايلى» المجستمع البندى. ولاحاتكلل, أداس, مجلة ماكينات 2 
,٠١4-‏ أجونز ؛ "كوليروك”. 


(44) بايلى: أوج الإمبراطورية,65-107١,‏ -11-17, بول زائكرء أوجوستوس وقوة الصور (ميونيخ: بكس. 
17 )) إليزابيث راوسونء 'توسع روماء فى العالم الرومائى ل جون بوردمان: جيه. جريفين: وأو. 
موراى (أوكسقورد » مطبعة جامعة اوكسقورد. ١984‏ ) 40. 

(45) بايلى: أوج الامبراطورية. *ه-, 0 انظر أيذسا. ستيوارد جوردون: النهابين وتشكيل الدولة فى هند 
القرن الثامن عشر (دلهى. مدل.هة جامعة اوكسفوردء, 1994 ). الذى يذكر أن البريطانيين قد احتفظوا 
بملفات بونا مقفلا عليها لمنع الباحثين من تهديد موقف أهل ميلانو من الهند الغير متغيرة. 


3 


)0 ( ووشبروك, 'التقدم والمشكلات” ض-؛لى, بايلى» المجتمع الامبراطيررى, 4-؟7, مفالا؟ة, 

)01) بايلى, المجتمع الامبراطورى, ال لاغ. 

(؟ه) بايلى. أوج الاميراطورية. غ١‏ -7ام1, دبليى. ديليى. هانتر. الامبراطورية اليندية, تاريخها. وشعيها 
ومنتجاتها (لندن» ترونيار وشركاه, بحيية ا 5" 

(5) أن. إى. أنتهوفن, فولكلور بومباى (اوكسفورد ,2 مطبعة كلارندون, 1ك ( ىه ؟, 

(04) جون دبليى. سيلء "النظرية الطبية الأنجلى - مندية وأصول العزل فى غرب أفريقيا.'مجلة مراجعات 
التاريخ الأمريكى !)ا عدد ؟ ,52١)1945(‏ 

(55) أرنولد "الكوليرا والنزعة الاستعمارية,” ١7١-55؛‏ ديفيد أر. نالين وزاهد الحق, “الاعتقاد الشعبى حول 
الكوليرا فيما بين المسلمن البتفال والنوتيق المشول فى ديكا طون يبنجا لاش منجلة الطب 
الأنثرويولوجى كن (صيف /ل11١ا),‏ ملكا جى. أق. أودى» اتأرجح الخطاف والديانة الشائعة فى 
جنوب الهند أثناء القرن التاسع عشر." مجلة مراجعة التاريخ الاقتصادى والاجتماعى الهندى !|ا4ا 
عدد :٠١5-53 )1943( ١‏ أى. جيه. كاتاناش, “الوباء والقرية الهندية, ,1514-١1445‏ فى طبعة الهند 
الريفية: الأرضء والسلطة والمجتمع تحت الحكم البريطانى (لندن؛ مطبعة كورزون, 1985 ), 54١,‏ 


(51) إيجيريك ويولاين: "الوياء 3455,” 39-51 


(51) مارجريت تراويك. “الموت والتغذية فى نظم الشفاء الهندية.' فى مؤلف طرق إلى المعرفة الطبية الآسيوية 
ل تشارلز ليزلي وآلان يودج مؤلفى (بيركلى مطبعة جامعة كاليفورنياًء 15), ١‏ روجر جيفرى: 
السياسات الصحية فى الهند (بيركلى مطبعة جامعة كاليفورنيا, 1995), 044-47/ أداس؛ مجلة 
ماكينات , وه -لاة . 


(54) جيه. سى. كالدويل ويبى. إتش. ريدى وبات كالدويل: 'المكون الاجتماعى لتراجع نسبة الوفيات: تحقيق 
فى جنوب الهند مع توظيف منهجيات بديلة, مجلة دراسات سكانية (1983) |الاكاغا)ا, 151١‏ 


(059) آداسء ماكنيات . 51/9-.8. 


)٠١(‏ أدم سميثء نظرية الأراء الأخلاقية, طبعة, دى. دى. رافاييل وإيه. إل. ماكفى (اوكسفورد , مطبعة 
كلاريندون, 19157 ) 759, جون لوك. بعض الأفكار المتصلة بالتعليم (اول نشر لها فى )١7917‏ 


(17) اقتباسا عن أرنولدء "الكوليرا والنزعة الاستعمارية.” .١77‏ 


(7) سميث؛ نظرية الأراء الأخلاقية, 9؟7. 


414 


(8") راج ٠‏ البراهمان يردون الهجوم: 9١1--؟5.‏ تابان رايتشاودهمورىء "أوربا فى الأدب الهندى: سجل 


القرن التاسع عشرء: مجلة الماضى والحاضر (1992) |الاكا6ا)01, .75-15, 185ا, 


(18) آرنولد, "الكوليرا والنزعة الاستعمارية,” .١6١‏ 


(17) اقتباسا من فرانك مورت, الجنس الخطر: سياسات طبية اخلاقية فى إنجلترا منذ 1874 (لندن: روتطلدج 


00 


)1( 


وكيجان بول. 013417 ,5١‏ مأخوذة عن جيمس فيليبس كاى., الأخلاق والحالة البدنية للطبقات العاملة 
المستخدمة فى صناعة القطن بمانشستر.ء الطبعة الثانية (لندن: .)١1877‏ انظر أيضا: ريتشارد 
جونسون, 'سياسة التعليم والسيطرة الاجتماعية فى اوائل العصر الفيكتورى بإنجلتراء: مجلة الملاضى 
والحاضر (1970) ,1١9 10-1٠٠١ ,943-94 ,)1)1)10٠6‏ جون فى. بيكستون, "حمى فيريار الى كوليرا 
كاى: المرض والتركيبة الاجتماعية فى قطنبوليس,” مجلة تاريخ العلم (1984) ||6اا, ١8‏ 1. 


بايلى؛ أوج الامبراطورية, 75-٠١٠‏ 353-1171 1175-1173, سنلء, السجلات التاريخية للفقراء الكادحين, 
4--7؟7. انظر أيضا: إريك هويسباوم وجورج رودىء تأرجح الكابتن (لندن. بيمليكى. ))١997‏ جيه. 
ال. هاموند ويى هاموند. قرية العمال ) أ|الندن: البنجوين, ,)1956١‏ 178-41. كولىء البريطانيون, 
55-4, بات ثين؛ 'الحكومة والمجتمع فى انجاترا وويلزء :0514-١15٠-‏ فى طبعة تاريخ كامبريدج 
الاجتماعى لبريطانيا 1960-١15٠‏ | !ال إف. إم. إل. طومسون,ء (كاميريدجء: مطبعة جامعة كاميريدج» 
)اسل 11-9 


إيه. جيه. يونجسونء بعد الخمسة والاربعين: التأثير الاقتصادى على المرتفعات الاسكوتلائدية (إدنيرة, 
مطبعة جامعة إدنيرة,. :1917), 17/3-/91, روزاليند ميتشيسون, "سكوتلاندا .186.176 فى طبعة 
تاريخ كامبريدج الاجتماعى لبريطانيا /.136.-١76٠‏ أل إف. إم. إل. طومسون,؛ (كامبريدج: مطبعة 
جامعة كامبريدج, .135). 97-191, سى. جيه. لورنس. “الطب كثقافة: أدنيرة والتنوير 
الاسكوتلاندى,' رسالة دكتوراه. جامعة كوليدج. لندن. .١19844‏ 


إف. إم. إل. طومسون. نشأة المجتمع المحترم: تاريخ اجتماعى لبريطانيا الفيكتورية 19.0.-١417٠‏ 
(كامبريدج» مطبعة جامعة هارفارد, 1944), 0-79 7, 77-0/8, 10-77, آر. جيه. موريسء الطبقة, 
والطائفة, والحزب: صناعة الطبقة المتوسطة البريطانية: ليدز 1800-187٠‏ (مانشسترء مطيعة جامعة 
مانشستر , .)١19640‏ هارولد بيركنز؛ صناعة المجتمع الإنجليزى الحديث (لندن. روتلدج وكيجان بول 
15-8--106/ 250207 ليونور دافيدوفء, "الأسرة فى بريطانياء” فى تاريخ كامبريدج 
الاجتماعى لبريطانيا ,156.-١15٠‏ ال إف. إم. إل. طومسون:ء (كامبريدج. مطبعة جامعة كاميريدج, 
/الا-80, إتش. كاننجهام؛ ' وقت الفراغ والثقافة,' نفسه,15-5514, سبنسر إتش. براون» 
"جراحى الجيش البريطانى النظاميين 1109-184٠‏ من ذوى الخدمة فى غرب الهند وغرب افريقيا: 
تقييم ذاتى مجلةء" التاريخ الطبى (1993) الل/اا2اا, 414: فى صناعة اقسام الطبقة "الحديثة"؛ جيه. 
إس. ميل (فى الحرية؛ )١18604‏ كان مهتماً بميوعة التعبير واستخدام صيفة الجمع؛ الطبقات الوسطى 


2405 


(على سبيل المثال: الخميرة القوية المستمرة لعدم التسامح... والتى تسكن كل الأوقات فى الطبقات 
الوسطى لهذا البلد)؛ وأيضاً اصطلاح "الطبقة الوسطى". التى فى قوة تصاعد فى الظروف الاجتماعية, 
والسياسية للمملكة , جه إس. ميلء فى الحرية وكتابات أخرىء تاليف. ستيفان كونللى (كمبردج؛ مطبعة 
جامعة كميردج, 45ةا), ؟؟, , /الم 


)١(‏ دبليى. دى. روينشتاين, 'الطبقات المتوسطة الفيكتورية: الثروة. والاحتلال. والجغرافياء' فى مقالات فى 
التاريخ الاجتماعى ل بات ثاين وآنتونى سوتكليف, (اوكسفورد, مطبعة كلاريندون, 1947), 144- 
© بيركين. صناعة المجتمع الإنجليزى الحديث, 517-, ١١‏ ممثلاً للغة جيمس مل المتطرفة جيمس 
ميل؛ عناصر الاقتصاد السياسى؛ الطبعة الثالثة (لندن. هنرى جى. بون. ,)١184144‏ 55-, 00 عن دين 
جون ستيوارت ميل الى ماركوس أوريليوسء الذى قال العبارة 'المنتج الأعلى أخلاقا للعقل القديم: فى 
الحرية ”59 05: بايلى» أوج الإمبراطورية, 1١,-1١56 187 7٠١7‏ أوصاف ينيامين دزرائيلى 
لالمجتمع البريطانى وأركانه الأاساسية - كما فى كوننجسبى 1845- كانت دقيقة على الهدف تماماء 
ولكنها كانت حديثة الطراز فيما بين المؤرخين المحترفين لتقليل أهمية كتابات دزرائيلي الخيالية. 

(1) إريك ستروكس. “القرن الأول لحكم الاحتلال البريطاني فى الهند: ثورة اجتماعية أم كساد اجتماعى؟,* 
مجلة الماضى والحاضر (1973) ||الالا؛ /161: وكلمات جيه. إس ميل مناسية: "الحكم الاستبدادى هو 
حالة شرعية الحكم فى التعامل مع الهمجيين: على أساس أن النهاية تكون فى تحسنهم...... الحرية. 
كمبدأ ليس لها استخدام لأى حالة من الأشياء قيل الوقت عندما أصيح الجنس البشرى قادرا على أن 
يكون متقدما بواسطة المناقشات الحرة والمتساوية. عندئذ. ليس هناك شىء لهم ما عدا الطاعة المضمرة 
(للإمبراطور) أكبر إلى شارلمان. إذا كانوا محظوظين ليجدوا واحدا. جيه. اس ميل: فى الحرية: -١7‏ 
.١4‏ محب للاستطلاع يدرجة كافيه؛ فى مفارقة ظاهرة لتجربة الامبريالية الأسبانية فى القرن السادس 
عشر والتى كان لها نقد فكرى حاد غالبًا من البداية المبكرة (بارثلميو دى لاس كاساس))؛ فى مجرى 
الفزى الإنجليزى وحكم الهند, يبدو أنه لم يكن هناك نقد يعتريه حتى بداية القرن العشرين (هويسون) 
ادوارد تومسيون. ليوتارد وولف). 

(5) بويد هيلتون. عبد التكفير: تأثير الإنجيليين على الفكر الاجتماعى والاقتصادى. 6ؤ/ا1810-1 
(اوكسفورد ٠‏ مطبعة كلاريندون. 1984 ):9/4, ,:٠٠١‏ أآر. جيه. موريس “النوادى. والمجتمعات 
والاتحاداتء" فى طومسون, تاريخ كامبريدج الاجتماعى !|!, 19-4.5. 

(72) موريسء "النوادى. :5٠١‏ جوان تيرسكء السياسة الاقتصادية والمشروعات: تطوير مجتمع استهلاكى 
فى أوائل أيام إنجلترا الحديثة (اوكسفورد . مطبعة جامعة اوكسفورد, 11178 ), بريور ويورتر, 
الاستهلاك. جونسونء “سياسة التعليم والسيطرة الاجتماعية,” 5 .٠١‏ 

(4") باتريك جويسء 'العمل, فى طبعة تاريخ كاميريدج الاجتماعى | ,8.-١45‏ 44-1875 01-9431, جيه. 
زايتلين وسى. سابلء بدائل تاريخية للانتاج بالجملة,” مجة الماضى والحاضر (1985) ||ال01: روث 
ريتشاردسون, الموت, والتشريح والفاقة (لندن روتلدج /1941), ه/ا”, 


240 


(5) إى بى. طومسون:؛ “صيد التعلب الجاكوبى." مجلة الماضى والحاضر !!ا)ا0) (فبراير؛ة155) ١1.-94‏ 
مالثوس. فى طبعته الأولى (175/4)) ذكر فقط 'الضوابط الإيجابية"- وباء. مجاعة » حرب- عبد ذلك فى 
الطيعات التالية (بوضوح بعد اعتراض القراء ضد قسوته) أدخل الضوابط المانعة مثل ضيط النسل: 
باتريشيا جيمس مالثوس ٠‏ مقالة عن السكان ط١‏ (أول ما نشرت فى 1754 ) (كامبريدج» مطبعة 
جامعة كاميريدج. ,)١1545‏ /8-15.1. 


زلشة دافيدوف. "الأسرة” فى تاريخ كامبريدج الاجتماعى |الطومسون, 45 ماريلن إى. بولى وكولين جى 
بولى. "الصحة, المجتمع والبيئة فى مانشستر الفيكتورية:” فى الامراض الحضرية والوفيات فى إنجلترا 


(ا/ا) هيلتين: سق التكفير. خملاو 3.١‏ موربس» "النوادى” 15-467 إيفائز: "الأويئة والثورات” 
1 


(4) ميشيل فوكوه. مولد العيادة: حفريات فى الإدراك الطبى: ترجمة. إيه. إم. شريدان (لندن؛ روطلدج 
)191 , ديلابورت, المرض والحضارة. 6١57-1؛‏ لندساى جرانشاوء 'نشأة الستشفى الحديث 
كامبريدج» ؟55١),‏ كولكل 

(9) ريتشاردسونء الموت: والتشريح. .46 دورىء عودة الوياء. ,/9-١1١‏ فرانك مكلين, الجريمة والعقاب 
فى إنجلترا القرن الثامن عشر (أوكسفورد ؛ مطبعة جامعة اوكسفورد, )1191١‏ 724-5171 بيتر لاينيوه, 
'تمرد تايبيرن ضد الجراحين»' فى شجرة البيون القاتلة ل دوجلاس هاىء وإى. بى. طومسون وأخرين, 
شجرة الألبينى القاظة: الجريمة والمجتمع فى انجلترا القرن الثامن عشر (نيويورك» يانثيون» و/51١),‏ 
مكللاال, إى: بى. طومسون الويج والصيادين (لندن» آلن لين, و/ا5ا), 

(40) أنتونى برونديج؛ الوزير البروسى لإنجلترا: إدوين تشادويك وسياسة نمو الحكومة, 1864-1415 
(مطبعة جامعة ولاية بنسيلفانيا 1944 ), ,5-١‏ ريتشاردسون, اموت والتشريع؛ مجلة المراقب 
أ ديمسير 21951 ؟1؟, 

(41) كرايتونء الأويئة, /ا3لا: دورى» عودة الوياء ,1940-11/٠‏ 

(كم) ريتشاردسون» الموت والتشريح, ويا ”7 كرايتون» الأريئة, 2 موربس» الكوليرا 1١0‏ 

(435) أنون: 'الكوليراء' مجلة (1831-32) | ١35661‏ 116 ,: 5314, كووتر: أضد العبوى” 01557 ,1١‏ ونادل 
إم. بيلتج. الكوليرا. الحمى والطب الانجليزى» وخا -واك4١ا‏ (أوكسفورد 3 مطيعة جامعة اوكسقور . 


اكوكلاة, 


(44) هاملين, "الأسياب المهيئة,” 10-04 هيلتون, عصر التكفير» .1١50‏ 


477 


(45) ديفيد كريجىء 'تقرير وياء الكوليرا فى نيو-بيرن فى يناير وفبراير 21855 مجلة ادنيرة الطبية 
والجراحية (1832) |الا()(!, ,701 وعن عمال المناجم المعرضين للكوليرا فى بلجيكا انظر إجيريك 
ويولاين: “وباء عام 1471 91-84. 


(487) آنون, ' الكوليرا فى سائدرلندء مجلة ادنيرة الطبية والجراحية (1832) |ا/ا)ا)(2, ,"١6‏ 


(410) ماكلارين. "عقيدة البرجوازية؛' /ا؛: جونسون. 'سياسة التعليم والسيطرة الاجتماعية" 20١1-١١٠6‏ 
موريسء الكوليرا. 4؟, .١74‏ كرايتون:؛ الاويئة, - ,5١-47‏ شاملين, "الأسباب المهيئة.'14. دورى؛ عودة 
الوياء» ١16١‏ بريان فاريسون. المشروب والفيكتوريين, سؤال الاعتدال فى انجلترا 6١5-14لا,‏ مطبعة 
جامعة كيلى؛ 1994. 


(4) مقتبس فى ريتشاردسون, الموت والتشريح,, 71 دكتور هنرى جولتر فى مؤلفه الكوليرا الخبيثة فى 
مانشستر (14877) اعترض بشدة على حملة إعلانات الحوائط التى ب (دون) أى معادل مناسي للريح... 
التزم بأذيه رأس المال فى الوجود والاستمرار عندالعمل؛ خلال كل المجتع. الذى يهيج ويخيف كما 
رأيناه, يجعل الشكل الإنسانى معرضًا فى الفالب لأسياب الكوليرا". مقتبس فى موريس, الكوليرا, 
211 


(85) بيلنجء الكوليراء الحمى, 2١-19 6١-١‏ بالنسبة للتاثير على المدى القصير لقائون "بير لعام ١8٠١‏ 
وحكمه “سادة الناس فى الدولة الوحشية" انظر توميسون., المجتمع المحترم, .5١1‏ 

ل( موز نس : الكوليراء ٠١6‏ 

(41) مقتبس فى ريتشاردسون, الموت والتشريح, 1-7 بالنسبة لفقدان الذاكرة الرسمى فى الأدله عام 
187- المشابه لأنكار الحكومة الإيطالية للكوليرا فى نابولى. انظر موريسء الكوليرا /151- 18., الموت, 
سياسات الأخلاقيات الطبية, ١4‏ 73795 , 

(41) مقبس من هانك تن ايفء 'المعرفة والممارسة فى الطب الأوربى: حالة الأمراض المعدية.'فى نمو المعرفة 
الطبية, هانك تن هيف وجى. كيمسما وإس, سبايكر (دوردريخت, كلرور, )5 


(47) سئلء "علاقات اجتماعية- قانون الفقراء.'فى مؤلفة سجلات الفقراء الكادحين. 4 -١١‏ /ا7. 
(94) موريس. الكوليرا؛ /9/8-191. 


(45) ستلء قانون الفقراء. ريتشاردسون, الموت والتشريح, 1248/اك, ١٠1؟:‏ ديفيدوفء "الأسرةء' ,5١‏ مايكل 
اندرسون, "مضامين اجتماعية للتفير الديموغرافى” فى تاريخ كاميريدج الاجتماعى |! لطومسون, 
١١-5‏ , كرايتون, الأويئة, 847,84١‏ الحزن والضيق كعامل مهيئ أو مسبب للكوليرا: جون بيرنت» 
الأيدى الكسولة: تجرية العاطلين, .104-.1314 (لندن: روتلدج ,1994) لاحظ أنه بين الرجال الذين 
ضريوا بعدم العمل فى أريعيئيات القرن التاسع عشرء الضيق النفسيى؛ أكثر من المرض الجسمانى, 


478 


الكو 


9ة) 


)4ة) 


(كة) 


يبدو أحد أوجه الوفيات الذى يرتبط دائما بعدم العمل : 20 177616امننات 6:20 1نا 115068 يناير 
م153 51 


جيه. اس. مل رأى مسودات بركانية من التقرير ونصح تشادويك أن يعطيه أكثر أهمية ممكنة: أخذ 
تشادويك هذه النصيحة بوضوح برونديج: وزير انجلترا البروسى. :8٠١‏ انظر ايضا: هاملين, ' الأسياب 
المهيئة ' 77-.ل, آنتونى هول؛ أرواح فى خطر: الصحة العامة فى بريطانيا الفيكتورية (لندن, ميثوين» 
14-١17 9417‏ بيلنجء الكوليراء الحمى: ١149-١‏ كولى: البريطانيون؛ .56-١64‏ 


بيلنج, الكوليراء الحمى: ١-؟5.‏ 

الموت. سياسات الطب الأخلاقية. ٠٠‏ . مهندس استشارى منافس فى عام ؟184. أخذ هذا ليقوله 
لجون روشادويك. "الحقيقة واضحة أن (شادويك) كان مقتنعًا ليخبر نفسه بشأن نظام صرف المدن 
بواسطة اختلاف خاص لفكرة فرد واحد: من حيث إن اعتراضه سوف يعطى لشخصين أهمية التفاخر 
باعتراضاته ومدح عمله؛ والمفالاة فى نجاحه الخاصء مع شجاعة فى غير محلها تغطى تعبيرات غير 
عادلة حول عملهما المشترك: ونميمة لمنافس أخيه مساح الأراضى فى المناطق المجاورة": مقتيس فى 
جرى كيرن الملكية الخاصة واصلاح والصحة العامة فى إنجلترا 720-147١‏ مجلة علم الاجتماع 
والطب الاكاكا عدد ١‏ (19848),؟51١.‏ 


كيرنزء "الملكية الخاصة,” 47-194 جيه. إيه. حسن, "نمو وتأثير صناعة المياه البريطانية فى القرن 
التاسع عشر؛ مجلة مراجعة التاريخ الاقتصادى السلسلة الثانية (1985) ||الالالا, ؟05 وللمقابلات 
فى الفرنسية: ويليام كولمان, الموت مرض اجتماعي: الصحة العامة والاقتصاد السياسى فى أوائل عهد 
فرنسا الصناعية (ماديسون, مطبعة جامعة ويسكنسون, 1587), ,778-11/١‏ آن إف. لا بيرج؛ الرسالة 
والاسلوب: حركة الصحة العامة الفرنسية فى اوائل القرن التاسع عشر (كامبريدج؛ مطبعة جامعة 
كامبريدج؛ 1594), 56-181, ١-954‏ 1. 


)٠٠١(‏ كريستوفر هاملين, "الخرض فى بمبيلدون: عن ضخامة التحسن الواسع للصرف الصحى فى أربع 


مدن بريطائية, ه480١-1880"‏ دراسات فيكتورية االااا عدد ١‏ (خريف 1944), 487-064 , كورتين, 
الموت بالهجرة:, ١١1‏ 


)٠١١(‏ 'جون سنو فى طبعة قاموس السيرة؛ براون» ل جيليسبى, 'جون سن دبليو. آر. وينترتون: وياء 


كوليرا سوهو 18514 تاريخ الطب !ألا عدد؟ ,20-1١,)1940(‏ مايكل دوباكواير وفريد لويس, 
"الكوايرا فى إنجلترا من القرن التاسع عشر: الطب فى الإحصاء الاختبارى؛ " سجلات التاريخ 
الديموجرافي: 1984 /11؟-, 51 


)٠١1(‏ هاملين. 'الخوض فى بمبيلدون 69-,. 8١‏ فى مانشسترء لوحظ فى عام 1817 أن الشركات قد 


فرضت رسوما إضافية على كميات المياه لمنع الاستخدام الواسع فى مياه المراحيض. وينهاية 15.17, 
لم تكن 77/ من مراحيض المدن تستخدم المياهء مع ترك البراز يتجمع حول المراحيض حتى تزال 
بواسطة عمال تتظيف المداخن. مانشستر فى العهد الفيكتورى” ,١1/4‏ 5514 


1479 


.5( 


0 


.3( 
٠1) 


١ءىز‎ 


.5( 


(١‏ موريس» الكوليراء الى دورى» عودة الوباء. .15ل ستل: قانون الفقراء” ل 
ريتشاردسون. الموت, التشريح.78؟: كرايتون, الأويئة, ,84١‏ 8417, كيرنز, الملكية الخاصة,” 194, 


برونديج, “الوزير البروسى لإنجلتر! . مقتبس فى 84. 


)١‏ اقتباسا عن دورى. فى عودة الوياء, ٠١‏ بسرعة بعد وياء الكوليرا 44-١454‏ رأى الدكتور الهولندى 
جيه. دى بوش كمبر أن الغرض من "استنارة' القلة الطبية الذين عرفوا الاحسن لكل واحد من 
السكان كان "الابتكار” من خلال الرقابة الاجتماعية... الرجل الذى يمكن أن يكون سيداً لجسده, الذى 
يمكن أن يتحكم فى عواطفه وعاداته", كما فى نظرية العاطفة الأخلاقية لسميث: مقتبس فى تين هاف. 
المعرفة الطبية, 17 


)٠‏ إم. كالكوت, "تحدى الكوليرا: آخر الأويئة فى نيوكاسل على نهر التاين," التاريخ الشمالى كالا 


١1/6 ,)1984(‏ 
)١‏ فوهل. الحياة المهددة, ,.1١1١‏ هاملينء بيميلدون .1١‏ 


)١‏ كيرنزء "الملكية الخاصة", جيرى كيرنزء "الإدارة البيئية فى آيسلنجتون ,250-187٠0‏ فى ديليى. أف. 
بينم وروى بورتر مؤلفين . العيش والموت فى لندنء التاريخ الطبى: ملحق (1991) الا, ,50-1١175‏ 
ل ديليى. إف. باينوم وروى بورتر. كريستوفر هاملين, "العناية والتعفن: المصحات الفيكتورية والنظام 
اللافوتى الطبيعى للصحة والمرض دراسات فيكتورية |!|الالاا عدد ؟ (ربيع 1940), 5915 تشارلز 
ديكنز وضح المساوئ الغير مباشرة للمكتب (المحكمة العليا) فى البيت الكئيب .)05-١865(‏ 


)١‏ إم. جيه. دونتون, الصحة والإسكان فى لندن الفيكتورية: ل دبليو. إف. باينوم وروى بورتر فى 
التاريخ الطبى: ملحق (1991) الا, ..45-١77‏ أن هاردىء "المضخة الأبرشية للمواسير الخاصة: 
امداد لندن يالماء فى القرن التاسع عشرء ل دبليو. إف. باينوم وروى بورتر فى التاريخ الطبى: ملحق 
(1991) الاء 45-13.. أن هاردىء “الصحة العامة والخبير: موظفى صحة لندن الطبيين -1١401‏ 
فى روى ماكلويد وميلتون لويس مؤلفين. الحكومة والخيراء: الأخصائيين, الاداريين: 
والمحترفين فى 1915-187٠‏ (كامبريدج؛ مطبعة جامعة كاميريدج, /194), 15-1154 


)١‏ بيلتج؛ الكوليراء الحمى,157: انظر ايضا فووارد ميركل, "الكوليرا والحجر الصحى وقيود الهجرة: 
مشهد من جون مويكنز, 748357 نشرة تاريخ الطب (1993) |الاكاا 


)٠٠١(‏ هاريسون, "الحجر الصحى." 117. نورمان لونجمايت. كوليرا الملك: السيرة الذاتية للمرض (لندن, 


هاميش هاميلتون. ,)١5377‏ ,107" انظر ايضا: 18) ||الاعا»())0)0) |©200.! ©11 سيتمير 
470١‏ منظمة الصحة العالمية. جنيف, السجل الويائى الأسبوعى الالاءا عدد ٠١‏ (8 مارس 
1), 15. 


.١56 مقتبس من رايتشودهمورىء "أورويا فى بوذيه الهند‎ )١١1١( 


0خ 


)11 


عن إعادة تنظيم المنشات الحلبية انظر: مارك هاريسون. المنشأت الصحية العامة فى الهند: 
أزمة وإكراهء” فى مؤلفه الصحة العامة؛ 58.-7٠‏ عن تاريخ الأشغال العامة: أوراق برلمانية ١41/4‏ 
-79 16 تقرير من لجنة الاختيار لشرق الهند (الأشغفال العامة): إيان ستونء قنوات الرى فى الهند 
البريطانية: روئ عن التغير التكنولوجى فى اقتصاد الفلاح (كامبريدع؛ مطبعة جامعة كامبريدج, 
54 )الا 


,318-151/ أرئولد؛ 'وفيات الكوليرا.”‎ )١١7( 


)114( 


(1ككل) 


زككلم) 


)17 


)110( 


(19ا) 


أوراق برلانية ١835‏ الالال اجزء [9594 20] ||. 14" أوراق برلمانية ١9.”‏ 93 لاالالانا عن 
المؤشرات الاقتصادية والسكانية فى وقت المجاعة, لكن يتجاهل سياسات الحكومة وقسم الاشفال 
العامة؛ انظر تيم ديسون فى ديموجرافيا مجاعات جنوب أسيا: جزء١:‏ دراسات عدد السكان لأنالا 
5 .1991) 


تشارلز بلير. المجاعات الهندية: محتوية على ملاحظات عن إدارتها (إدنيرة: ويليام بلاكوود أولادهء 
ىا ), اما دوم ديفيد أرنولد, المجاعة: ازمة اجتماعية وتفيير تاريخى (اوكسفورد باسل 
بلاكريل. ١944‏ )., 


أوراق برلمانية /ا/41١‏ [1707 (00] /اخلاء 48-5517 تقرير اللجنة عن التغذية (لندن. الجمعية الطبية 
البريطانية, 751/,)1957, 


مقتبس من إيرا كلاين» "النمو السكانى والوفيات فى الهند البريطانية: الجزء :||الثورة الديموغرافية," 
نظرة عامة على التاريخ الاقتصادى والاجتماعى الهندى |الالالا عدد ”0:)199٠0( ١‏ أنظر أيضا: 
مايكل ووربويزء ' اكتشاف سوء التفذية الاستعمارى فيما بين الحربين.' ديفيد أرنولد. مؤلف. الطب 
الإمبراطورى والمجتمعات المحلية (مانشستر. مطبعة جامعة مانشستر»: 19848 ) 50-504, لينور 
ماندرسون,ء "الخدمات الطبية وشرعية الدولة البريطانية: الملايو البريطانية 19514-119/85, المجلة 
الدولية للخدمات الصحية االاكا عدد .,١٠١8 ,)1١541/( ١‏ 


إيه. كيه. سن., الفقر والمجاعات: مقالة عن الاستحقاق والحرمان (اوكسفورد . مطبعة جامعة 
اوكسفورد. 48,-١ ) ١114١‏ انظر أيضا: إن. طووزء من وراء الجو: لماذا يعانى الفقراء أكثر: الجفاف 
والساحل (أوكسفورد. أوكسقام, ,/)١4‏ جون أبراهام, “أسياب المجاعة" فى مؤلفه عن الطعام 
والنمو: الاقتصاد السياسى للجوع والنظام الغذائى الحديث (لندن. كوجان بيج» .,١١4-9 ,)195١‏ 
أوراق برلمانية ١184١‏ اعا05اء الجزء || "لجنة المجاعات:', ؟9 قبل ذلك بست سنوات أفاد ديليو. 
تورنتون؛ سكرتير الأشغال العامة فى مكتب الهند, فى بيان واضع أن “الأشغال العامة تتكون دائمًا 
بجانب إدارة الهند- البريطاتية بحوالى أسبوع" :وليم توماس تورنتون, الأشفال العامة الهندية 
والمواضيع الهندية المشتركة (لتدن؛ ماكميلان. .3١١)141/‏ 


451 





51١,535 151 دلال,‎ ,١614 3282.٠١3 أوراق برلمانية 1841 أ)0)(اء الجزء اال "لجنة المجاعات؛',‎ )١6٠١( 
عن المنافسة بين المبندسين (يدعون معرفة مد متخصصه) وموتلفى المالية فى المقاطعات, لأى من‎ 
.571 11١ 141/٠. المجموعتين من الخبراء تعمل ماذا: أوراق برلمانية,‎ 

.3097 !!!ع6 !, “بيان مالى',‎ 1841١ أوراق برلمانية‎ )١١١( 


)١170(‏ أوراق برلمانية 84-1419 الأشفال العامة بشرق الهند, 84 . 188١‏ ||الالاداء "بيان مالى", ,١١‏ كين 
وهويكنز, الأمبريالية البريطانية. 50-717 انظر أيضاء باتريك كيه. أو بربان» "السواحل وفوائد 
الأمبريالية البريطانية ١845‏ -1914” مجلة الماضى والحاضر 0706 (أغسطس 1588), 
3٠١١-15‏ خاصة /141. 


,1/4137 مايوة اغتيل فى‎ :14١ » اقتباسا من كين وهويكنزن؛ الأمبريالية البريطانية‎ )١1172( 
أوراق برلمانية ه144 " ||الاكاا التقدم الأدبي والمادىء” ااكالا, [2102142] . كالا 1878 .هص ل,‎ )١؟:(‎ 


ديفيد هارديمان, "الريا والندرة والمجاعة فى الهند الغريين,' مجلة الماضى والحاضر ١اا0‏ أغسطس 
55ل 15ل 55ل 15ل 1144115 


)١6(‏ مؤشر على تباطؤ الزمن؛ فى عام ١447‏ (أشهر بعد أزمة هامبورج) كبير الجراحين جيه. لوتاس. فى 
مكتب لجنة الصحة الهندية. نشر مقالة تدعى أنه لم يكن فى الهند ولا فى أورويا لخطوط السكك 
الحديدية تأثير واضح على انتشار الكوليرا: أوراق برلمانية, ١4856‏ (102 .7846 ||اكالاءا ) 0ا0, 
46 من أجل ادعاءات سابقة انظر ماكس فون يتنكوفرء " .840 الكرليرا' 1 11 .820861ا 2166 
نوفمبر 1!94,)18484؛ أوراق برلمانية (أ.ب) ,١41/‏ (201843) ل/اكلا. 187؛ أوراق برلمائية /-1١4‏ 
(0© 2142 ) لاأماء ؟51؛ أوراق برلمانية /9-1١41/4‏ 62 (0© 2415) الاءا؛ أوراق برلمانية -١49٠‏ 
١‏ (00 6501) أكلاء ؟15؛ أوراق برلمانية؟89١‏ .102 (0© 6735) | !الا ا حول هاميورج: 
بولتيزر, الكوليرا. 79: ريتشارد إيفانز, الموت فى هامبورج. المجتمع والسياسات فى سنوات الكوليرا 
191١-‏ (كمبردج. مطبعة جامعة كميردج: 1541), 

,1)1)106 1856 ال: (أ.ب)‎ ,١١ اغاا!؛ الرى كحماية ضد المجاعة جزء‎ 1841١ أوراق برلمانية (أ.ب)‎ )١120( 
الالاء ؟؛ بيتر هارنتي؛ "تصدير القطن والزراعة الهندية”‎ )2737 00( 1848٠ "الرى” 549؛ (أ.ب)‎ 
,55-4114 )191/1١( ١ مجلة مراجعات التاريخ الاقتصادى _سلسلة ,؟' 17أكالا عدد‎ ,.147/0-0 


)١1*>1(‏ سيرجون ستارشىء الهند (لندن,. كيجان يول ترنش وشركاه؛ ,)١184١‏ 74١؛‏ (آلب) 14346 |الكاكاا, 
"التقدم المادى والأخلاقى” |اكالا؛ (أ.ب) 1500 " |االااالتقدم المادى والأخلاقى". ١4١؛‏ منتر, 
الإمبراطورية الهندية. ,-4١4‏ 51 انظر كذلك: "ريتشارد ستارشى'. من أجل تاريخ رسمى ممتد» 
(أ.ب) 15١4‏ " (000 1851) الاكلاتقرير عن لجنة الرى الهندية” ,19.05-15.5١‏ جِنء .١‏ 


.1 ١7 ستارشىء الهند. 77١-؟؟؛ كلين, "نمو عدد السكان والوقيات',‎ )١17>8( 


2402 


)١59(‏ (أعب) ,لاوا (00 2142) كاااء 55 (لاب) لامحسكلا (0© 2415) الأاء 55 (أءب) كحمها 
(0© 2981) لااكااء 436١‏ (ألب) دمحما (نان) 7846) الأكاكالاء 1كك, 


(170) من أجل دراسة حديثة انظر أنا تسيلا مونر وألان فنويل؛ 'السلوك البشرى فى التبرز فى منطقة 
الجزيرة الموبؤة بالبليارسيا". السودان” مجلة الطب الاستوائى وعلم الصحة (1981) لاالالالاا. 
ا 


)15١(‏ خواجا أريف حسن "الحرور الثقافية للصحة فى قرية هندية: دراسة حاله لقرية فى شمال الهند 
(يومباى؛ منكاتالز, ,))١1951/‏ لالاحكلا, 


(175) حول تأمين وضع الطبقة الوسطى المتمتعة بالمهندسين فى بريطانيا. انظر أر. آيه. بروكنان "المهندسين 
والحكومة فى بريطائيا القرن التاسع عشر", فى ماكلون ولويسء الحكومة والخبراء. .58-4١‏ 


(؟١1)‏ اليزايت ويتكم؛ 'مشروعات التنمية وتفكيك البيئة": حالة أوتاربراديش؛ الهند”. مجلة معلومات علم 
الاجتماع ١‏ لا عدد ١‏ (1917/5), (59-59). من أجل نظر عامة؛ انظر لها 'الرى وخطوط السكك 
الحديدية. فى كومارء تاريخ كميردج الاقتصادى, الهند ,١١‏ /ا/ا1 حول مصر والأردن الذى ترك 
بواسطة المهندسين الذين استقدموا من الهند: ثيرى روفء “تاريغ الرى والزراعة ومكافحة ملوحة دلتا 
نهر النثيل” مجلة البحوث ١لا ,)١550(‏ 7.1-ل/ا١ا.‏ 


(4؟١1)‏ أرسلت تقارير صحية مختصة بالولايات إلى رئيس المكتب فى كلكتا بدون تغيرء فى اليداية وضعت 
الوفيات السنوية من الكوليراء تعكس مخاوف الأوروبيين من المرض.وفى مكان ما فى أسفل القائمة 
كانت "الحميات” عنوان واسع من الأمراض أخذت كلها على أنها بسبب المياسما. عند فتح التقرير 
بطريقة عشوائية وجدت أنه فى النبعال فى ١1844‏ كان إجمالى نسبة الوفيات 55,174 لكل ألف مع 
٠١0‏ لكل ألف صنفت على أنها 'حميات" هذا يعنى ١47.1١47١ ٠‏ بنغالى ماتوا بالحمى فى هذا 
العام لوحده: (أ.ب) ,341 ) |أاكلا 5.5ه (0ن), 1-146 15, 


444 (ألب) لخدا اكاكلا, جزء " "المجاعة",‎ ؛ذ١55‎ 1١3 . 00( )١8م١( (أ.ب) 9.4 ) الاكاا‎ )١١١( 


(1؟1) هبيسون - الإمبريالية؛ , 5٠"‏ فى كتابه حول هذه الأشياء. يتحدث ايسيا برلين عن 'المزاج , "الذى فيه 
يفضل الرجال لأن يأمرواء حتى إذا كان هذا يعقبه المعالجة السيئة. بواسطة أعضاء من ملتهم أو 
دولتهم أو طبقتهم. كيفما كان الإحسان. عن الجزء الذى يحمى تماماً المسيطرين من أرض غربية 
أوطبقة غربية: برلين, "الفصن المنحنى'؛ فى المزاج الملتوى للبشرية؛ (نيويورك؛ ألفرد أيه. نوب 
.50١‏ 

(؟١)‏ (1.ب) 15.١‏ )||01الا5" (0]0 . 50-515 عن أسبقية الاتفاقات السياسية على النظريات العلمية 
الخالصة (الجرائيم) انظر كذلك: كريستوفر هاملين: "السياسة ونظرية الجراثيم فى بريطانيا 
الفيكتورية" لجان مياه المدن لعام 19-1471 و45-18337: فى ما كلويد ولويسء الدكومة والخبراء, 
اللا 


3ظ]| 


(174) هذا يعكس حجة أرنولد بأن "حكومة الهند, تأثرت بشدة بكنجهام, الوكيل الصحى لمدة طويلة, المؤيد 
ل (وضع عفى عليه الزمن): أرنولد "الكوليرا والاستعمار” 1547١؛,‏ كتجهام نفسه أخذه الفضب عندما 
شنت ضده حملة من النقد فى المجلات المتخصصة فى الولايات المتحدة (أ.ي) 141/5 ١318(‏ (6©0, 
6 


(1615) شرحت بواسطة جون ستاندلر هيوم "الاستعمار والطب الصحى: نمو سياسة الطب الوقائي فى 
الينجاب. -147٠.‏ 19.00) مجلة دراسات أسيوية حديثة لالاعدد ؛ (1947)؛ 7٠١.‏ انظر كذلك: 
هاريسونء الصحة العامة, 5-١١7‏ ١١؛‏ (أ.ب) لال141 الاكا (1845)( 60 ١١١؛‏ (أنب) ,اذا 
“اكلا (لهذ) (00 , غك مف كح, 114ل لم1 . 


)١180(‏ (أب) ٠خوادكد‏ ) لكالا  00( )56.١(‏ يححرمه. 


)١83(‏ (لبب) كخدا) لاأالاكا 1/56 (010 اغالا 145,5 .9ل .55 (ألب) مخهظ لالكاا (دمتم 
)18١5( 2)‏ (أب) 5كذا ) الاكاا 1545 (610 ,5١8.‏ لالا", , 14" مبالفة, روس (مع محمد 
بكس مكتشف أن البعوض ناقل للملاريا فى 1847) ادعى "أن ستة عشر عام مرت منذ أن اكتشف 
رويرت كوخ سبب الكوليرا' قبل معرفة العلماء فى الهند للاكتشاف ,1847 (فى الحقيقة اثنى عشر 
عامًا بعد كون) رونالد روس, مذكرات: مع تقدير كامل للشكلة الملاريا الكبيرقوحلها (لندن. جون 
ميرى. 19577), 05-14814. 

)١55(‏ (أب) مكذا ) االاكلا (حنه/) (00 ,كل 


)١157(‏ أنون؛ 'الحط من قدر جاذبية الخدمة الطبية الهندية وعلاجاتها". مجلة الطب الاستوائى 1) | مارس 
4 


١16 00( )؟4١١( مقتبس من دييوس: عادات الهنود, ./ا6ا-85١) ( أ.ب) 95-1414/ ) الأعا‎ )١48( 
ديسمبر‎ ١7( انظر كذلك: آنون "إدارة الطاعون فى الهند” مجلة الطب الاستوائى وعلم الصحة.‎ 
غ4., سسى. أيه. باليىء "معرقة البلد: الإمبراطورية والمعلومات فى الهند” مجلة دراسات‎ ٠١ 
.514 أسيوية حديثة |ا/اكاكا (؟1955),‎ 

,)19917 'عين الرجل الأبيض': انظر كذلك: ادوارد سعيد., الثقافة والإمبريالية (لندن, شاتوه ويندز,‎ )١55( 
31-8 

,)١9.5 أنون» 'تدريب مساعدى الخدمات الطبية الهنود" مجلة لطب الاستوائى 1" (يوليى‎ )١51( 
انظر كذلك: مكاندرسون "الخدمة الصحية وتشريعها". , 46 حول طبيعة العلم الذى أدخل مع‎ 4-27 
الهنود الذين تدربوا فى إنجلترا “نهايته وغلبة الطابع الرياضى عليه. طبيعته الخاصة:؛ استبعد منه‎ 
كثيرا تجريبية... العلم فى دول الأطراف, مثال 'آخر ل 'عيادة الحقيقة الفظيعة": راج: "البراهمة‎ 
.١7؟ يبحثون فى الماضى”',‎ 


494 


١5( أنونء “التدريب" ؟4١2. أنون 'رقابة الحكومة على الطب" مجلة الطب الاستوائى وعلم الصحة ا‎ )١49( 
ديسمبرى 190317 1-594 1! يونام بالاء الإمبرايالية والطب فى البنفال: رؤية تاريخية - اجتماعية‎ 
(نيودلهبى. مطبوعات ساج ١1595)١8/؛ بوليتزر, الكوليرا 4؛ أرنولد.  وفيات الكوليرا' 777؟؛ سميث‎ 
جوهاء. 'انخفاض الوفيات فى بداية القرن العشرين فى الهند : استفهام ميدئى", مجلة مراجعات‎ 
508 )1١93١( )4( التاريخ الاجتماعية والاقتصادية |لالالاا‎ 

01)()()| ديرك سايرء "رد فعل البريطانيين لمذبحة أمريستار 1320-1919 مجلة الماضى والحاضر‎ )١48( 
-١؟4‎ ,)1551١ (مايو‎ 


7534-07 , راجئارات شندافاركاى “ذعر الطاعون وسياسات الأوبئة فى اليند, 1514-1493 فى 
رانجر وسلاك, مجلة الأويئة والأفكار. 5؟5. 


)٠٠١(‏ مقتبس فى هاريسون, الصحة العامة. , 55 لمخلص حكومة الهند 'تقرير عن مسح صحى ولجنة 
التنمية' (لجنة بوهر) ,١15457‏ انظر دافيد أرنولد, "صعود الطب الغربى فى الهند. /ع20©6 | 186, 
ا الااغا 000 ١9(‏ أكتوير 1955)), 6ل/ا١١.‏ 


(161) ©الا! جنيفء “الكوليرا” ؛ تقارير السجلات الوبائية الأسبوعية الالاا عدد ٠١‏ (4 مارس ١99١1)؛‏ 
دبليى» أى. فان هينجن وجون أر. سيلء الكوليرا: مجلة التجرية العلمية الأمريكية 19419- 6١‏ (بولدر, 
كوء مطبعة وست فيوء (19487؛ ) /أ-ا0)00)016 |2006 ا 116 ١١‏ آفبراير ,31١ 509 ,)١996‏ 


013 


الفصل السادس 


الحمى الصغراء. والملاريا والتنمية 
غرب إفريقيا والعالم الجديد ١918-1141‏ 


حارس الجحيم الذى يحرس قارة أفريقيا» أسرارهاء غموضهاء 
وكنوزها هو المرض (الذى أرغب فى تشبيهه بحشرة). ولكن من 
أجل هذه... الأمراض الخطيرة العديدة والمثيرة للفضول... 
أفريقيا... بدلاً من تتبعها كنهاية سيئة للكدح فى سباق 
الحضارة؛ ريما كانت على الأرجح فى المقدمة. كلنا نعرف ما هى 
مصرء وكيف كانت. لماذا تكون أفريقيا 'أخير سيئ جدا'؟ 

سيرباتريك مانسون 19017() 


«« « 


مقدمه 


الحمى الصفراء "إعصار من النوع الإنسانى... مظلم وغامض فى سبيه". يبدو 
أنها جاءت إلى العالم الجديد على سطح السفن التى حملت العبيد من أفريقياء كان 
أول ظهور موثق لها فى بربادوس عام 11741'). اعتبرت لوقت طويل واحدة من أعنف 
الحميات التى حملت بواسطة زوابع الهواء والتراب لمكان محددء قيل عنها بصفة عامة 
فى السئوات الأولى إن هدفها المفضل القادمون الجدد على غير ميعاد من أوريا 
الشمالية. بمعدل وفيات يتراوح بين ٠١‏ إلى 658/: كان المروجون المحليون المهتمون 
بجذب المستوطنين يضيقون بشدة على الأطباء الذين يدعون وجود المرض(). 


7ؤظ24 


فى وصف مختصر كتب بواسطة د. جورج بينكارد فى إنجلترا الذى وصل حديثا 
إلى الهند الغربية فى عام 1807 يؤكد فيه تجربته مع الحمى الصفراء التى أصابته 
فجأة. وجد أن: 
الضوء غير محتمل ونبض الدماغ والعين كان مؤما... يرسل 
إحساسا كما لو أن ثلاثة أى أريع خطاطيف قد ثبتت فى كرة كل 
عين؛ وشخص ما يقف خلفى؛ يسحبها بعنف من مكانها إلى 
خلف الرأس. فى سمانة قدمى (شعرت) كما لى أن كلابا تنهش 


فيها حتى العظم..... ليس هناك مكان, ولا وضع يعطينى لحظة 
من الراحة.!؟) 


ملاريا الفالسيبارم: المرض الثانى الذى سوف يناقش فى هذا القصلء يبدو 
أيضا أنه أحضر إلى الأمريكتين بواسطة سفن العبيد من أفريقيا. ولو أثنا لا نعرف 
بالدقة متى. بأواخر عام 1975: ذكر الرحالة الأوربيون فى حوض نهر الأمازون (الآن 
مصابة بالطاعون) العديد من الأشياء المميتة» ولكن ليس ملاريا الفالسيبارم. ومع ذلك» 
بعد عام 116٠‏ مباشرة, وجد على طول الساحل الشمالى الشرقى والشرقى للأقاليم 
اليرتفالية والإسبانية. بتمانينيات القرن السابع عشرء وجد بعيدا إلى الشمال بين 
المستوطنين البيض فى الجانب الشرقى من مناطق الأبلانشى (*). ينتقل المرض عن 
طريق لدغ البعوض المصاب يبلازموديوم فالسيبارم (*) وممممماعها؟ مستومدمهوام , 


(*) توجد أربعة أنواع من البلازموديم والتى تسيب مرض الملاريا فى الإنسان وهى -0أ12/6 0117اأ135100م 
71 وهى أخطرهاء ويلازموديم فيفاكس “ةلاالا.”! ويلازموديم ملارى 112136136 .0 و بلازموديم 
أوفال © .م والبلازموديم من الأوليات 20010208 وتوجد هذه الأنواع داخل كرات الدم الحمراء 
للإنسان ويؤدى تكائرها وتطورها إلى إفراز سموم تؤدى إلى أعراض شديدة تشمل الحمى والعرق 
الغزير ثم الشعور بالبرودة الشديدة. 


4068 


وتتراوح فترة الحضانة فى الإنسان المصاب بين عشرة أيام إلى ١4‏ يومًا. ومعدل 
الوفاة بين البالفين يمكن أن يرتفع إلى واحد لكل أربعة!") (1). 

المسألة ذات الأهمية فى هذا الفصل هى أن العملية المعقدة التى تعرف "بالتنمية" 
1 والتى تشمل حركة أعداد غفيرة من البشر والسفن ساعدت بشدة 
العامل المسيب لملاريا الفالسيبارم والحمى الصفراء فى أن يسبب كارثة من المرض فى 
كل من أفريقيا وأمريكا على جانبى الأطلنطى. كما وضح فى المقدمة كانت التنمية 
متعددة الطبقات». مسألة ذات شكل هرمىء فيها عدد ضثئيل من رجال القمة المنظمين 
فى أورباء حيث أزيلت عدة مراحل من الذى كان يجرى فى أفريقياء وفى الأمريكتين 
وفى السفن التى تجرى فى المحيط تربط بين القارات الأربع. مع بعض الاستثناءات 
كان المستثمرون القابعون فى منازلهم؛ غير مهتمين بالثمن البشرى للتنمية!"). 

حتى تحريم العبودية فى 18310 فى الولايات المتحدة الأمريكية, وفى ١8/7‏ فى 
كوياء وفى 1884 فى البرازيلء أحضرت عملية التنمية إلى الأراضى الخصبة فى 
الأمريكتين عمالة من العبيد جلبوا من أفريقيا. وبيمجرد أن أصبحوا هناكء؛ أنتجوا 
السكر والدخان والنيلة والقطن, ومنتجات زراعية أخرى عليها طلب كبير فى أوريا. فى 
الأمريكتين سهلت العملية بواسطة امتداد القروض البنكية بواسطة وكلاء يمثلون رجال 
البنوك التجارية فى لندن؛ وأمستردام» ولشبونة. 

وجدت أيضا القروض والائتمانات البنكية وعلاقات القروض على طول سواحل 
غرب أفريقيا (امتدت فى اتجاه الشمال من أنجولا إلى السنفال) وحدود مناطق غارات 
العبيد» ولو بشكل غير معقد. هناء يتم إلزام المقصر بالمصادرة الاستباقية أى من خلال 
تلطيخ سمعة المدين لقطع أى مصدر للقروض التى يحتاج إليها للحفاظ على 
استمرارية الدائن فى التمويل. يبقى الرجل العاجز عن الدفع أمام خيار الانتحار أو 


(») هذا فى حالة الإصابة بنوع بلازموديم فالسيبارم. 


49 


الذهاب إلى داخل البلاد مع فرقة للإاغارة على العبيد وييعهم فى مراكز تجميع على 
الساحل. إذا نجا المحتال من هذا المصيرء ريما يستخدم الدخل لتسديد ديونه لإعادة 
تأسيس مركزه المالى ثم الاستدانة مرة أخرى. من خلال هذه النشاطات التى يضعها 
هؤلاء الأنذال بمشاركة المصاباتء دفعت جيهة الرقيق أيعد وأبعد إلى داخل البلاد, 
جالبة معها البيئة المرضية للسواحل(). 

خلال أواخر القرن الثامن عشر والتاسع عشر استمر الهدف الأساسى للتنمية 
هو نفسه. تحويل الأموال إلى الوطن فى أوريا التى تم الحصول عليها خلال 
المضاربات فى إقراض الأموال. على كل حال على مدى السنوات بعض أدوات 
تكوين الأرباح إما تغيرت وإما تبعثرت. هذا ينقلنا إلى عدم الاستمرارية الأكبر 
فى تاريخ جنوب الأطلنطى بعد عام :١597‏ تحريم تجارة العبيد. تكفلت بهذا أولاً 
الثورة الفرنسية فى عام ١789‏ (ألغى عام 16.07) بعدئذ, بتأثير أكثر استمرارية 
وواشطة الأتجلية: 

فى إنجلتراء تُفذ التحريم بواسطة الأفراد المتوسطين, البين بين فى طريقهم 
لتحويل انفسهم إلى الطبقة المتوسطة الجديدة!'). الذين كانوا ممزقين لفصل 
اعتمادهم المذهبى على الأرستقراطية الإقليمية القديمة بينما يضعون الفوارق 
بين أنفسهم وبين ثورية "الحرية والمساواة والإخاء' للبرجوازية الفرنسية فى نفس 
الوقت . رأى أصحاب النظريات الإنجليز الذين مازالوا طبقة متوسطة غير محددة 
تحريم تجارة الرقيق كعامل مفيد للتوحد. نجح المؤيدون للتحريم من خلال العمل مع 
رجال البرلان فى منع تجارة الرقيق فى الإمبراطورية البريطانية فى عام ١4601,‏ حدد 
التحريم بطبيعة الحال بأملاك الحكومة الإنجليزية. تبع ذلك تحريم تجارة الرقيق فى 
عام 1855. 

يبقى فى هذه الأمورء التوازن بين ما التزم به المؤيدون للتحريم وكان ادعاء 
أخلاقيًا تمامًا وما عرفه وكلاء "التنمية” وكان سليما اقتصاديا . اعتبر هذا التوازن 
دائعها صحيحًا من قبل أصحاب المصالح الذين يعملون خلف المسرح فى الأدميرالية, 


410 


المكتب الخارجى فى المدينة''). هكذاء عندما نتعامل مع شحنات العبيد القادمة من 
أفريقياء فإن خفر السواحل الذين يمنعون تجارة العبيد دائما ما يأخذون تعليمات 
بعدم التعرض للمصالح العالمية البريطانية. تورط فى هذا القائد البحرى البريطانى 
سىء الحظ الذى قدم تقريرا فى عام 1845: "خلال 57> سنة تم تحرير ٠١7,0٠٠‏ عبد 
(بواسطة خفر السواحل الذين يمنعون تجارة الرقيق) بينما فى نفس الفترة وصل 
عبد فى الحقيقة إلى أمريكا. كان هذا إفلانًا بنسبة 98/.('). باستمرار 
اتباع منطق أهل القمة, فى المناطق الجديدة للإمبراطورية فى تسعينيات القرن التاسع 
عشر التى سماها البريطانيون يغرب أفريقياء فإن إنهاء العبودية ظاهريا سمح بالعمل 
بها حتى ثلاثينيات القرن العشرين!""). 

فى المستعمرات الإسبانية المستقلة حديثا فى وسط وجنوب أمريكاء وفى البرازيل 
البرتفالية» وفى شمال أمريكا الإنجليزية - الحركة التى بدأت فى ثلاثينيات القرن 
التاسع عشر لتقليل استيراد العبيد» تحولت مع الطوفان الكبير للمهاجرين البيض 
الأوربيين. تبدو العلاقة بين تدفق العمالة الجديدة والقديمة مختلفة فى كل منطقة ثقافية, 
وفى جنوب وادى ريودى جانيرو الكبير درست دراسة ضعيفة نسبيا. مع ذلك» بالنسبة 
لشمال أمريكا تظهر كميات كبيرة من الدراسات الموثقة أن الييض شعروا أن العبيد 
وأسلافهم الأحرار يجب عليهم إما العودة إلى بلاد أجدادهم أفريقياء وإما قبولهم 
بحيث يقومون فقط بالأعمال الحقيرة. هذا ربما يوفر المكان ذا المرتب الأحسن 
للأوربيين القادمين أو الأوربيين الأمريكيين. حتى عام ١874‏ أكد القانون الفيدرالى: 
ويعد ذلك قانون جيم كرو لتفويض الولايات» ,أن الأقارقة الأمريكيين ربما لا يعتبرون 
أنفسهم محررين تماما ومواطنين أمريكيين بما يترتب عليه من حق التصويت أو 
الحصول على منصب عام. 

كان سقوط حجة العامة بأن السود فى منزلة أدنى من البيضء مخلب المثقفين 
لأفكار عرفت بالعنصرية العلمية(''). فى عالم الطب ولدت العنصرية العلمية مما 
أسميته "الموقف من الحمى الصفراء' و"الموقف من الملاريا". من بين أشياء أخرى,: 


401 


تتمسك هذه المواقف” يأن السود محصنون ضد الحمى الصفراء ومحصنون تقريبا 
ضد الملاريا. استخدمت 'المواقف", التى انتشرت بواسطة أطباء مؤيدين تماماء لتبرير 
استمرار الخضوع الاقتصادى والاجتماعى للسود بواسطة البيض. ظلت "المواقف" 
نشطة تحت السطح فى الضمير الطبى حتى القرن العشرين. ومع ذلك فقد عانت من 
تراجع كبير فى القاهرة عام 15978: فى المؤتمر الدولى لطب المناطق الحارة» عندما 
نصح دبليوء اتش. هوفمان من معهد فينالى بهافاناء كوياء العالم 'بعدم وجود مناعة 
عنصرية ضد الحمى الصفراء"(4'). 

فى هذا الفصل سوف أحدد التغيرات فى "المواقف” تجاه الحمى الصفراء 
والملاريا وأبين كيف عرفت الأفعال الطبية والمجتمعية. سوف أبدأ بفهم هوفمان لحقيقة 
المرض كما تبدى فى مؤتمر القاهرة: ويعدئذ سوف أتعرض للنقاط الساخنة للحمى 
الصفراء والملاريا بدءا من غرب أفريقيا. سوف أعبر بعد ذلك المحيط إلى الأمريكتين 
لقحص الموقف فى الكاريبى (بربادوس وهايتى)» وفى الولايات المتحدة. والبرازيل 
وكويا. سوف أعبر مرة أخرى الأطلنطى من هافانا التى تحتلها الولايات المتحدة, 
للانتهاء فى غرب أفريقيا خلال عصر "التجارة المشروعة” فى المواد الأولية التى نمت 
ظاهريا بغير العبيد. 


الأمراض 

عندما عقد مؤتمر القاهرة للطب الاستوائى فى 28؟19: كان معروفا منذ عدة 
ستوات أن كلا من الحمى الصقراء وملاريا فالسيبارم نامو مأعاة1 (فى الواقع كل 
أنواع الملاريا) يتسبب فيهما كائنات حية مرضية معينة. و قديما منذ عام 218/8٠‏ 
كجزء من برنامج معهد باستير المكثف للدفع باختراق المستوطنين لشمال أفريقيا 
المسلم. اكتشف الفونس لافيران 5806ع6/اقا 80556م81 العامل المسببء بلازموديا 
الملاريا 81313:18 أه 5135:720019. وفيما بين المتنورين: حلت هذه المعرفة الطبية محل 


0012 


الفكرة القديمة بأن الملاريا (من الكلمة الإيطالية 312:18 أو الهواء الفاسد 
أوالسئ) تتسبب فيها الأبخرة المتصاعدة من المستنقعات والمياه الراكدة بمكان كريه 
الرائحة, وهكذاء فهى محلية ومحددة بمكان معينء ويذلك لا يمكن انتقالها(:'). وفى 
حالة الحمى الصفراء كان يشتبه فى كائن عضوى فيروسى مسبب لهاء إلا أنه لم 
يعزل بالفعل حتى ١578‏ (من قبل أدريان ستوكس 510/65 801188 وآخرين فى غرب 
أفريقيا)0١).‏ 


فى ذلك الوقتء كان معروفا لحوالى ثلاثين عاما أن بلازموديا الملا ريا وفيروس 
الحمى الصفراء كليهما ينتقلان للبشر إثر لدغات أنواع معينة من البعوض. و فى 
حالة الحمى الصفراء كان يعتقد أن نوع البعوضة المصرية آيدز أجيبتى!*) 
أأملوءة 86065 كان البعوضة الوحيدة الحاملة لها. وكان هذا مجرد إغراق فى 
التفاؤل. فمعرفة اليوم تتعرف على حوالى ثلاثة عشر نوعا من البعوض القادر على 
حمل فيروس الحمى الصفراءء ولا تستبعد أيضا احتمال حملها بواسطة قراد 


5 استوائى معين("). 


كان الخبراء فى مؤتمر القاهرة عام 1978 مدركين بأن هذا الوجود المزدهر 
لبعوض أيدز أجيبتى فى إقليم ما لا يعنى بالضرورة أن الحمى الصفراء موجودة هناك 
أيضا. كانت آسيا إحدى الحالات. فبها الكثير من البعوضة المصرية ولكن لا يوجد يها 
حمى صفراء. وهو الوضع الذى عززء مع ذلك: حياة مئات الملايين من الصينيين الذين 
مكثوا فى الوطن, إلا أنه كان لغياب المرض أثر أكثر من سيئ على الآلاف من الذين 
كانوا قد أحضروا إلى البرازيل فى أواسط القرن التاسع عشر كأيدى عاملة بعقود. إذ 
لم تسنح لهم أية فرص لاكتساب مناعة خلال تعرض سابق لهذا المرض وهم أطفال» 


ع( يوجد ثلاثة أجناس من البعوض وهى أنوفيليس 8007116185, كيولكس «6انا0). وأيدز 86065 . 
وينقل بعوض الأنوفليس بأنواعه المختلفة ملاريا الإنسان, أما البعوض من نوع !!هلاو36 89095 فينقل 
الحمى الصفراء. 


103 


وبمجرد وصولهم إلى البرازيل سقط العمال الصينيون صرعى الحمى الصفراء قبل أن 
يتسنى لهم الوقت ليلتقوا بقنيات ويضيفوا إلى مزيج الجينات المحلية هناك. ومع ذلك 
بالنسبة لهؤلاء الذين طوروا قدرًا من المناعة كانت فوائد هذه التكلفة واضحة. فعلى 
الرغم من أن الصينيين كانوا بشكل عام عمالا مجدين. وبسبب ارتفاع الوفيات بسبب 
الحمى الصفراء نجا القليل منهم حتى نهاية مدة عقدهم, عندها تسنى لهم. حسب 
العقد, المطالبة بأجر عودتهم إلى ديارهم على الساحل الآخر من الباسيفيك9'). 

فى حالة أنواع الملاريا والأمريكتين؛ فمن المعروف الآن أن أنواع البعوض القادرة 
على القيام بدور العائل الوسيط لواحد أو آخر من أنواع الملارياء كانت موجودة بكثافة 
كافية لأن تكون قد احتغنتت المرض قبل وصول كولبوس فى سفته المعملة 
بالفيروسات فى عام ١457,‏ وعلى الرغم مما يبدو مع ذلك من غياب للملاريا 
بلازموديا. فقد كان هذا يعنى أن الملا ريا مثل الحمى الصفراء كانت غير معروفة فى 
الأمريكتين قبل وصول الأوربيين!"'). 

فى تقريره أمام مؤتمر القاهرة 4؟15١,‏ أفاد هوفمان 10/5880! من هافانا بأن 
الحمى الصفراء لم تنجح فى إقامة مستودع لها فى المساحات الداخلية الشاسعة 
لأمريكا الجنوبية. هذاء بالإضافة لافتراضه بأن حملات المكافحة تحت إشراف الولايات 
المتحدة فى أوائل القرن العشرين فى كويا قد خلصت الجزيرة من البعوضة المصرية 
التى تهيم فى المنازل» مما أدى بهوفمان لاستنتاج أن القاعدة الإقليمية الوحيدة الباقية 
للحمى الصفراء كانت غرب أفريقيا. لسوء الحظء أنه كان, بالنسبة لكلا الاعتبارين» 
مخطنا. ففى ١970‏ صدم الباحثون عندما وجدوا أنواعا معينة من القرود تعيش فى 
حوض الأمازون يمكنها القيام بدور الحاضن لفيروس الحمى الصفراء تماما مثل 
الإنسان وكان بالفعل يقوم بذلك بأعداد ضخمة!""). 

وقد نشأ عن هذا الاكتشاف تمييز بين ما كان يسمى بالحمى الصفراء الحضرية 
'©لاة) /لاوااعلا 030لا (التى تنتقل من إنسان إلى إنسان عن طريق يعوضة) والحمى 
الصفراء البرية :6/! الاو1أعلا 0ؤلاالا5 (التى تنتقل من القرود للإنسان عن طريق 


444 


البعوض). ومؤخراء استبدلت هذه التعبيرات بالفاظ تصف ثلاث دورات انتقال: ما بين 
الإنسان (عن طريق البعوض). والبرية (من قرد إلى إنسان عن طريق بعوضة)» 
والوسطية (خليط من الانتقال بين الإنسان والقرد). فى غرب أفريقيا كان هذا النوع 
الوسطى الذى تسبب فى خمسة عشر وياءً للحمى الصفراء بين القرويين الأفارقة فيما 
بين ١1164‏ و, 1147 منذ ذلك الحين» حدثت أويئة أكثر ترويعاء والتى كان أكثرها 
اندلاعًا المرض فى وحول منطقة أوشوجبى ء بنيجيريا فى 11417 حيث أصيب ١١١‏ 
ألف نسمة بالمرضء مات منهم 54 ألفالا"). 

على الرغم من أن عبارات هوفمان فى ١978‏ بهذا الخصوص كانت مبالغة فى 
التفاؤل» فقد كان محقا فى الجزم بأن فى غرب أفريقيا غالبا ما يتعرض الأطفال 
الصغار والرضع لهجمات الحمى الصفراء الخفيفة؛ حتى أن الآباء والأمهات والقائمين 
برعاية هؤلاء الأطفال لم يكونوا مدركين أن الطفل مريض. هذه الإصابة الخفيفة أعطت 
ضحاياها مناعة مدى الحياة أو طويلة الأجل. و لقد أطلق هوفمان على هذا النوع من 
المرض حمى صفراء متوطنة وقارن بينها ويين الوضع الوبائى عندما يصاب مئات من 
البالغين غير المتمتعين بالمناعة ويموتون!""). 

وإلى حد معين كان هوفمان محقا أيضا فى افتراض أن وجود الحمى الصفراء 
المتوطنة قد شكل حلقة فى سلسلة الانتقال. ففى أثناء الثلاثة أوالأربعة أيام الأولى التى 
يعانى فيها الرضع والأطفال الصغار من نوياتها الخفيفة يكون دمهم معديا. فإذا 
امتص هذا الدم ببعوضة من النوع المناسب غير مصابة؛ وتلدغ بعد عدة أيام شخصا 
بلا مناعة (أثناء الفترة التى يتكاثر فيها الفيروس داخل البعوض) فقد يتسبب فيروس 
هذا المرض فى حالة إصابة بالحمى الصفراء تلعب كحلقة أخرى فى سلسلة الانتقال. 
لكن دم الأشخاص أصحاب المناعة ضد الحمى الصفراء لا يكون معديا("). 

وبمعرفة متفوقة الآن عن تلك التى كانت متوفرة فى عام »١1174‏ نحن نعرف الآن 
أن ما قد أوضحناه حالا ليس هو أسلوب الحمى الصفراء الوحيد للبقاء. ففى مناطق 
الساقفانا المغمورة فى غرب أفريقيا والممتدة شرقا إلى جنوب السودان وأثيوبيا وكينيا 


005 


حيث يصيح وجود البعوض كثيفا بشكل استثنائى: يكون فيروس الحمى الصفراء 
قادرا على الانتقال الرأسى. هذا يعنى أن يتكائر عن طريق بيض أنثى البعوض لتنتقل 
العدوى إلى الجيل التالى. من سوء الحظ أن هذا يعنى أيضا أن إثاث البعوض 
القارصة (والتى يبلغ عددها البلايين). هى المستودعات الفعلية للفيروس أكثر من 
البشر أو القرود. هذه المعرفة الجديدة تضيف طعما لاذعا لإدراك أن الإزالة المستمرة 
للغابات كاستجابة لمطالب التنمية تؤدى لوجود صدوع جديدة تحتفظ بالماء» يمكن أن 
تخدم كأماكن توالد للبعوض. فى هذه الظروف فإن تهديد الحمى الصفراء للجنس 
البشرى هو ذاتى الدعم ويلا نهاية!؟"). 

عاك تقطتان اخريان حول الفتى الصفراء: واهدة كمرضن: وواهدة كتوفت مد 
المعروف الآن أن السمة الأكثر تمبيزا للمرضء وهى القئ الأسود, تظهر فقط فى نسبة 
صغيرة نسبيا من المصابين. من هذا يتيع أن العديد من الحالات التى يمكن للخبراء 
فى معمل جيد الإعداد أن يميزوها كحمى صفراء ولكنها تحدث فى مناطق قروية بعيدة 
ويجرى نناولها من قيل عاملين صحيين غير مدربين بشكل خاطئ على أنها التهاب 
كبدى فيروسى أو ملاريا. وفى أسوأ سيناريى » مثل ذلك الذى حدث فى أثيوييا فى 
--1515., وقبل أن تدرك السلطات المؤهلة ما كان يحدث؛ كان وياء مرعب للحمى 
الصفراء آخذا فى الظهور. فمن تعداد سكانى ييلغ المليون معرضين للخطر فى أثيوبيا » 
أصيب ٠٠١‏ ألف بالمرض ومات ١١‏ ألفا منهم. وكان من الممكن منع كل هذه الوفيات 
تقريبا إذا ما أمكن الإسراع بإرسال اللقاح المطور فى أواخر ثلاثينيات القرن الماضى 
إلى هناك فى بداية تفشى المرض!*"). 

تشمل النقطة الثانية الحمى الصفراء كموقف. لأن الحمى الصفراء كانت فى 
الغالب يخلط بينها وبين أمراض أخرى ويسبب ما أطلق عليه د. روييرت بويس (فى 
)١‏ أخوف الإعلان", مالت التقارير الرسمية عن وفيات الحمى الصفراء إلى 
تخفيض العدد الفعلى من الأشخاص المتوفين. تفيد إرشادات منظمة الصحة العالمبة 
الحالية بأن نسبة انتشار المرض الرسمية ومعدلات الوفيات فى غرب أفريقيا تمثل ما 


]16 


بين واحد على عشرة وواحد على الألف من الأعداد الفعلية. وقد كانت لهذا عواقب 
وخيمة. وهكذاء أثناء سنوات حكم نيكسون عندما كانت الولايات المتحدة تقصف فيتنام 
الشمالية بتكلقة تقدر بالمليارات» ولأجل أن توفر عدة ملايين تنفق على مقاومة وجود 
خاضع لتعتيم شديد للحمى الصفراء فى أمريكا الجنويية» قدرت الولايات المتحدة أن 
حملتها ضد البعوض يمكن الاستغناء عنها وسحبت التمويل. بزوال هذا العبء مؤقتاء 
عن هذه البعوضة المضيفة للحمى الصفراء التى كانت قد كونت لها مناعة ضد 
الكيماويات التى كانت مستخدمة فى حملات المكافحة الأولى: أتت لتخلف البعوضة 
المنافسة لها من النوع الذى يمكن لتلك الكيماويات أن تقتلها فى الواقع .)"١‏ 
لقد كان من المهم أيضا بعد أوائل القرن التاسع عشر لإبقاء الحمى الصفراء فى 
الوجود» هذه التغطية الصحفية الضعيفة المصاحبة للموقف من الحمى الصفراء. حيث 
إن الأطباء البيضء ومالكى مزارع السخرة. وأصحاب الأعمال التى يعمل بها العمال 
بدون أجرء والبيض بصفة عامة كانوا مقتنعين أن السود محصنون ضد الحمى 
الصفراء. ونتج عن ذلك أنهم قد أبقوا أنفسهم عمدا فى جهل بأى مرض من هذا التوع 
عانى منه الأمريكيون من أصل أفريقى (الزنوج) أو الأفارقة!""). 
نتجه الآن لقاتلنا الرئيسى الآخر الذى يحمله البعوضء ملاريا فالسيباروم 

3 نموم ه31 التى انتقلت من غرب أفريقيا إلى العالم الجديد. فعلى كل من 
جانبى المحيط أضعف هذا النوع من الملاريا ضحاياه غير المحصنينء. ممن لم يقتلهم 
( متسببا فى تضخم الأعضاء التى تقوم بترشيح السموم بالجسم. الكبد 
والطحال)؛ معطيا هؤلاء الضحايا سيئى الحظ مظهرا كسولا خاملا. وفى تقييمها 
للمرض فى الأراضى الساحلية فيما قبل الحرب الأهلية يأمريكا الشمالية» أفادت جيه . 
دوييش بأن: 

المشكلة الأكثر خطورة على الصحة من الملاريا هى الضعف 

العام الذى تولده, مما يجعل ضحاياها فى الغالب عرضة 

لأمراض أكثر خطورة؛ وهذا يعنى أنه حتى عندما تكون هناك 


]67 


إحصاءات عن الوفيات موثوقا يهاء فإنها يمكن أن تفيد فى 
أفضل الأحوال فقط فى توفير مؤشر تقريبى لأنماط فعلية 
لانتشار مرض الملاريا8"). 
ومثل ابنة عمتها المتأصلة فى أوريا ملاريا فيفاكس 523/3:18 “03 ألا التى دخلت 
الأمريكتين أيضا فى القرن السابع عشرء فإن ملاريا فالسيبارم معروف عنها أتها 
تسبب وفيات عالية بشكل خاص بين الرضع والأطفال الصغار تحت سن الخامسة, 
الذين غاليا ما لا يسجل مرورهم الوجيز فى هذه الحياةل'"). 


وبمسالة المنظورات الزمنية. يؤكد لنا مارك ريدلى بأن دور الملاريا كأنجح قاتل 
لجموع من الجنس البشرى هو دور حديث نسبيا. كما يستطرد قائلا: 
لإدخال الملاريا إلى مجتمع إنسانى » فإن الحيلة هى اقتطاع 
الغابات وحشر البشر ليعيشوا فى كثافة عالية نسبيا. البعوعض 
الذى كان فى السابق غائبا أى نادرا أو كان يهيم محلقا تحت 
مظلة الغابة» يمكنه الآن أن يجد رزقه عند مستوى الأرض وبوجه 
خاص إذا كانت هناك مياه راكدة("). 
فى توقيت ظهورها الأول بالعالم الجديد كانت الملاريا على ما يبدو تنشط بمحاذاة 
الجبهة المتحركة بتأخير زمنى معين. فمن عشرة أعوام إلى عشرين عاما بعد أن يكون 
المستوطنون قد اقتلعوا غابة وأقاموا مخازن حبويهم ومنازلهم, كان وياء الملاريا 
يهاجم. ونموذجا لهذاء لاحظ أحد الزائرين القادمين إلى مستوطنة ميريلائد فى 
تسعينيات القرن السابع عشر أن “السمات الشاحبة" للناس الواقفين بأبوايهم 0 
مثل الأشباح الواقفة.... فقد كان كل منزل عبارة عن مستشفى فى حد ذاته7"), 
ونفس الشئ حدث عندما عبرت حدود الأبالاتشى إلى أوهايو وإنديانا فى أواخر القرن 
الثامن عشرل"'). وربما قد حدث هذا قبلا فى غرب أفريقيا. 


06أ 


فى يوم ماء اكتشف أنه فى أقاليم نيجيرية وإلى الغرب منها فى جامبيا 
وَالستفال) امتتيذلت: أنؤات الذراعة الستوعة من المجارة يأاخرض تاس حواف قاطعة 
من الحديد حوالى عام ٠٠٠١‏ قبل الميلاد. وبناء على هذه "الحقيقة' المفترضة نسجت 
فرضية لتفسير ما كان قد طرح على أنه الوجود الأول للملاريا. أفادت هذه النظرية 
بأن استخدام الأدوات جديدة الاخترا ع بعد عام ٠٠٠١‏ قبل الميلادء قد أتاح لسكان 
غرب أفريقيا بأن يزيلوا مساحات شاسعة من الفابات العذراء. وتستطرد النظرية 
لتقترح, بأنه بإفراغ الأرض وتركها لتعود للغابة لتستعيد خصويتها؛ واستبدالها بقطعة 
منتزعة حديثاء كان المزارعون بادواتهم الجديدة هذه يقومون بالإمداد شبه المستمر بلا 
انتظام من التربة الوعرة المطلوية لتوفير الأعداد الهائلة من الحفر التى تصبح بركا 
مطلوية للتكاثر المثالى لبعوض أنوفيليس جامييا 20501011065 36أ3216و ععاع م800 . 
فى الأزمنة الحديثة, فإن أنوفيليس جامبيا هذه واحدة من العوائل الوسيطة!) 
الرئيسية لملاريا القالسيبارم وتزدهر بأعداد ضخمة أثناء موسم الأمطار. 


واستكمالاً لحشرة الموسم المطير هذه فى نظرية دقيقة الحبك؛ كان سلوك 
أنوفيليس 265005 لة 16/185م800 . فهذه البعوضة تتكائر على أكمل وجه خلال الموسم 
الجاف. عندما تضع بيضها فى المهملات التى تحتفظ بالماء. مثل كسرات الأوانى 
الفخارية؛ التى يعثر عليها بالقرب من سكنى البشر. باجتماع كل ذلك: كانت البرك 
المتكونة فى الأرض المزالة حديثا من الغابة (للأنوفيلوس جامبيا) وتلك التى توفرها 
الأوانى التى من صنع الإنسان ( للأنوفيلوس فينستوس).؛ تكون قد وفرت ما يكفى من 


(*) من الوجهة العلمية لا يعتبر البعوض الناقل للأنوا ع المختلفة لطفيل الملاريا عائلاً وسيطً 10181780191 
051 كما يذكر المؤلف, ولكنه عائل أساسى 7051 |103آ. فالعائل الوسيط هو العائل الذى يتم فيه 
التكاثر اللاجنسى 1801001061100 أ0 6ملا! انالا 256 طفيل الملارياء ومو هنا الإنسان أما الفائل 
الأساسى فهو العائل الذى يتم فيه دورة التكاثر الجنسى لطفيل الملاريا وتكوين الامشاج الذكرية 
والأنثوية #الا93076100 1801818 :8 718318 التى تتحد معا لتكرين اللاقحة 9018إ2. وهو ما يحدث 
داخل المعى المتوسط للبعوض. 


1409 


أماكن التكاثر خلال الثلاثة ألاف عام الماضية لأعداد ضخمة من واحد أو آخر من 
البعوضتين العائلتين لتكون بشكل مستمر تقريبا على قرب من الإنسان!""). 

خلف هذه النظرية يكمن الفرض غير المؤكد أنه بعد عام ٠٠٠١‏ قبل الميلاد كان 
غرب أفريقيا دائما ما هى عليه الآن» مركز توالد لوباء الملاريا. ومع ذلك فما رأيناه 
بالفعل من الأفكار الأوربية حول أزلية بيئة المرض بالهند (قى حالة الكوليرا والجدرى) 
يجعلنا حذرين عند إلصاق صفة الأزلية بييئات الأمراض الأفريقية. وبيعد ضمان أن 
كلا من بعوضتى أنوفيليس جامبيا وأنوفيليس فوينستوس قد عرف وجودهما فى غرب 
أفريقيا فى الماضى القريبء فليس من الضرورى اتباع فكرة أن استخدام الإنسان 
للأدوات الحديدية منذ ثلاثة آلاف عام مضت قد جمع معا كل المتطلبات لانتشار الملاريا 
على مدار العام. 

أيا ما كانت التقنيات التى استخدمت فى إزالة الغايات بالفعل فى الماضى 
السحيق فالحقيقة أنه فى سياق ترحالى الكثير فى نيجيريا فى سبعينيات وثمانينيات 
القرن العشرين وجدت أن المزارعين قد أزالوا الأحراش والأشجار:؛ ليس باستعمال 
أدوات حديدية؛ وإنما بإشعال النار فيها. هذه التقنية الموفرة للعمالة والطاقة لا تزعج 
غطاء الأرض والتربة ولا تتسبب فى أى شئ قد يوفر مواقع تكاثر الأنوفيلوس 
جامبيا('"). هذا الجانب من البحث التجريبى يفيد بأن الفرضية القديمة عن زمن بلاء 
أفريقيا بالملاريا منذ زمن سحيق تحتاج لإعادة تفكير. 

ابتداء من أواسط أربعينيات القرن الماضى اقترح باحثون عديدون: ادعوا صحة 
أعمالهم بمعايير علمية موضوعية أكثر منها بمواقف الداروينية الاجتماعية» أن شعوب 
غرب أفريقيا التى عاش أجدادها فى أقاليم مصابة بشدة بالملاريا منذ زمن سحيق قد 
ورثت استجابات جينية لهذا المرض. هذه الاستجابات منعت التلف الدائم للكبد أو 
الوفاة. بالاسترسال فى هذا البحث؛ أظهر الكيميائيون الحيويون فى غرب وغرب وسط 
أفريقيا أن الأنواع المختلفة المحلية للملاريا التى كان يعتقد أنها وجدت فى السنوات 
الألف وخمسمائة الأخيرة قد أسهمت فى تطوير أربعة أنوا ع مختلفة من الخصائص 


00 


البيولوجية البشرية متمركزة محليا. وهذه تعرف “بخاصية" الخلايا المنجلية.!*) واحدة 
من الأربعة متمركزة فى السنغالء و أخرى فى بنين» وثالثة فى الكاميرون؛ والأخيرة 
فى البانتو(**) فى غرب وسط أفريقيا. ويبدى أن هذه المميزات الواضحة تنتقل جينيا 
من جيل إلى آخر. ومع ذلك من المهم الأخذ فى الاعتبار أن هذه المعالجة ليست 
استثنائية بالنسبة للأفارقة. فهى تحدث أيضا بين الإيطاليين (سليلى الرومان غزاة 
العالم وخلفائهم الجرمانيين) الذين يعيشون فيما كانت منطقة الملاريا جنوب روما فى 
القرن التاسع عشرا*"). 

وكما يشير أندرسون وماى عند ذكر الخلايا المنجلية» فليس من الواضح كليا أن 
هذه الخاصية توفر بالفعل حماية ضد الأشكال المحلية من الملاريال '). وهعلاوة على 
ذلك, إذا كانت هذه الخاصية هى تقنية للتكيف نتجت بالاختيار الطبيعى لحفظ الممثلين 
الحاضرين محليا للجنس البشرى من الموت» فإنها بكل تأكيد قد تركت شيئا ما 
مرغويا. وحيث إن أى طفل يرث جينات الخلايا المنجلية من كلا الأبوين سيموت قبل أن 
يبلغ سن التناسل من (أنيميا الخلايا المنجلية) فإنه من الصعب رؤية كيف تسهم هذه 
الميزة فى خلود الأنوا ع. 

بين بعض الأفارقة المولودين لأنساب تعيش بالقرب من الساحل (قبل الاختراق 
الأوربى كان هذا مجرد نسبة مئوية صغيرة), كانت هناك خاصية محلية أخرى: “عامل 
دوفى السلبى" :2©10) 06934106 001697 فى الدم. و طيقًا للبيولوجى قراتك ليفينجستون 


(*) مرض الخلايا المنجلية ©8 61ح-6اا510 مرض ورائى يوجد غالبا بين الزنوج. وتتميز فيه كرات 
الدم الحمراء بشكلها اليلائلى بدلاً من شكلها العادى المستدير ويصاحب هذا المرض غالبا أنيميا. وقد 
وجد أن هناك تلازما بين الإصابة بهذا المرض وعدم الإصابة بالملاريا وهو شىء منطقى بالنسبة لسلوك 


طفيل الملاريا . 
(+») البائتو: مجموعة من اللغات التى تميزت بها كل القبائل الأفريقية من خط الاستواء حتى رأس الرجاء 
الصالح. 


501 


الذى كتب فى :.١59-‏ أن عامل دوفى السلبى جعل حامليه ذوى مناعة ضد ملاريا 
فيفاكس!"). ولكن كما أشار أندرسون وماى؛ هناك جيوب إقليمية فى أفريقيا فقط هى 
المعرضة حاليا لأشكال فيفاكسء فى الأماكن الأخرى قد تكون اختفت. شئ آخر مثير 
للفضول وهو أن هناك بحثا حديثا فى أثيوبيا أظهر أن مجموعتين مختلفتين: ولكن 
متماثلتين عرقيا تعيشان متجاورتين لإحداهما الأخرى كان لهما مستويان مختلفان من 
القابلية لملاريا فيفاكس. 

وبالنسبة لملاريا فالسيباروم المميتة الخاصة بأفريقيا وعائلها من البعوض» وجد 
البحث الحديث أن أجهزة الجسم لقطاعات سكانية متماثلة عرقيا تعيش فى نفس 
المنطقة تكون ردود أفعالها مختلفة تماما للمرض. فبعض الأشخاص الذين لدغتهم 
بعوضة مصابة قد أبعدوها بدون أن يصبحوا هم أنفسهم مصابينء بينما آخرون لم 
يكونوا حسنى الحظ مثلههم2). من الواضح أنه فى هذه الحالات كانت خصوصيات 
المجموعة وأفرادهاء أكثر من العرقية, كأمر واقع هى التى مثلت القروق بينها. 
وبإدراك. كما هى مقترح هنا أن المسار المعنون ب "الوراثة الجينية لمقاومة الملاريا", قد 
فشل فى تفسير لماذا مات أكثر من مليون طفل أفريقى بالملاريا كل عام أثناء 
الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضىء والكثير من العلماء يحولون انتباههم نحو 
أوجه الغموض الأقل إثارة للمناعة المكتسبة. 

فى غرب أفريقياء هذا الخط من التحقق يبدأ بفهم أنه فى ظروف ما قبل 
الاستعمار وأثناء الاستعمار وما بعد الاستعمارء كان المكان الأكثر صحيا لأى أفريقى 
ليعيش فيه. هو البيئة المرضية التى ولد فيها. وكما فى أى تجمع بشرى آخرء فإنه 
أثناء الشهور القليلة الأولى من العمر يشارك الوليد فى المناعة ضد الأمراض التى 
تكون الأم قد بنتها فى دمها. وبينما تتلاشى هذه المقاومة غير الجينية بالمولد وتستبدل 
الرضاعة بالصدر بطعام الفطام؛ يكون متروكا للطفل أن يكتسب مناعاته الخاصة به. 
وفى حالة ملاريا فالسيبارم؛ يبدأ الطفل يبناء ذلك بالنجاة من حالة إصابة أولية. ومع 
ذلك فى سياق هذا السعى مات الملايين من الرضع. 


302 


على الرغم من أن التعميمات تصبح مخاطرة بشكل متزايد حيث تتحول جحافل 
البعوض والبلازموديوم لتصبح أكثر مراوغة فى اختلافاتها وفى كثرة أنواعها (كل 
منها يتطلب مناعة خاصة به) فقد وجد أن المناعة ضد ملاريا فالسيبارم إذا ما 
اكتسبت تدوم لفترة من 1 أشهر إلى عام واحد. وهذا يعنى أن أى شخص ذى مناعة 
كان بعيدا عن الوطن أطول من هذه المدة ثم عاد سوف يستمر فى بناء المناعة من 
أساس متدن للفايةل'؟'). ويستتبع ذلك أن التحرك الإجبارى طويل الأمد لعشرات 
الآلاف من الأفارقة المأخوذين فى الرق من أماكن ميلادهم بعد الفترة ١7/5. - 1١355‏ 
ربما قد أدى إلى ازدياد كارثى فى الإصابة وفى وفيات الملاريا. ومضامين هذا سوف 
تناقش فيما بعد 


إن الموقف من الملاريا التى وجدت فى المراكز الطبية لليفربول وغرب أفريقيا فى 
تسعينيات القرن التاسع عشر يتمسك بأن أطفال أقريقيا هم الحاملون الاساسيون 
للملاريا. وقد اعتمد هذا على سوء فهم مزدوج. كان الأول العجز عن إدراك أن 
البعوضة مصابة يعمى ألوان عندما تأتي للتمييز بين أى من العوائل لتلدغ وقد يكون 
رد فعلها لشخصين ذوى لون بشرة واحدة بطرق مختلفة تماما. ارتباطا بهذا كانت 
حقيقة أن أيا كان لون البشرة لأى إنسان بالغ كان قد اكتسب مناعة فعالة ضد نوع 
ملاريا معين واستطاع التخلص منها بدون أية أثار مرضية بادية؛ فإنه فى أغلب 
الأحيان يصبح معديا. وهذا يعنى أنه إذا لدغت بعوضة غير معدية (غير حاملة 
للمرض) إنسانا مصابا للتى, فإن البعوضة ستصبح بدورها معدية وتكون قادرة على 
إصابة أشخاص آخرين. ولمواجهة قراءات تحيزية سابقة؛ فإن النقطة التى تحتاج 
للتشديد عليها هنا هى أنه مادام أى عائل بشرى (قوقازى, أسيوىء أفريقى) سيقوم 
بنفس الدورء فإن البلازموديوم لا تعتمد حصراء ولا حتى مبدئيا على الأطفال السود 
لتستمر فى سلسلتها فى تجديد النوع. 

اعتمد سوء الفهم الاستعمارى الثانى على افتراضات خاطئة حول السلوك 
الشخصى. فالأطفال المصابون بلدغات البعوض ( بدون اعتبار للعرقية)» الذين لم 


2303 


يسعفهم الوقت بعد لبناء مناعتهم الشخصية يكونون من الواضح كسالى ومرضى, 
بينما البالغون طويلو الخبرة الذين تعرضوا طويلا للدغات البعوض يكونون ذوى مناعة 
ولكنهم معدون للآخرين؛ ويكونون قادرين على الاستمرار فى عملهم كالمعتاد » ويأخذ 
غرب أفريقيا المستعمرة كقرينة حيث بعت أغلب الأزواج ممن لديهم أطفال بهم إلى 
إنجلترا للدراسة. فقط كان غالبية الصفغفار الموجودين من الأفارقة. وفى مفهوم 
الاستعماريين؛ أدى هذا إلى الاقتناع الراسخ بأن الأطفال السودء سواء كانوا كسالى 
أم لا كانوا الحاملين الأساسيين للملاريا. من هذاء أفاد منطق داروين الاجتماعى بأن 
الأطفال الأفارقة شخصيا أو كأعضاء فى مجموعة عرقية محتقرة كانوا مسئولين عن 
استمرار الوجود المميت للملاريال: *. وعلى هذا فإن الإيمان الذى آمن به البيض بنى 
فهمًا مضللاً بدرجة خطيرة للملاريا. 


الرقيق والحميات فى إفريقيا المطلة على الأطلنطى حتى 184٠‏ 
توفر فقط السجلات باللغات العربية والأوربية السابقة لأربعينيات القرن التاسع 

عشرء قصاصات من المعلومات حول بيئات المرض بغرب أفريقيا. ومع ذلك: فى ١87٠١‏ 
كتب مسئول حكومى رسمى إنجليزى يسمى جوزيف دويويز حول الوضع فى ساحل 
الذهب ( حديثا غانا). مفكرا فى زيارته الأخيرة داخل البلاد إلى كوماسى فى أرض 
الأشانتى» ومن الواضح أنه يفكر فى الألفاظ حول الحميات (مرتبطة بالمكان ومتولدة 
عن الأبخرة القاسدة) اعتقد دويوز أن: 

فيما يتعلق بالمناخ أ الجو فساحل الذهب والأماكن اللصيقة 

بالمستوطنات على الساحل معروف عنها أنها تقريبا غير صحية. 

تماماء فالهواء أكثر نقاء والترية أقل رطوبة وأكثر تبخرا من أية 

منطقة على الساحل(!؟). 


304 


وهو يكتب عن كوماسى قبل ذلك بثلاث سنوات أكد اتش تدلى أول طبيب غريى 
يزور الأشانتى أن: 
الأمراض الأكثر شيوعا فى إقليم الأشانتى هى الزهرىء والياون, 
والحكة؛ والتقرحات. وجرب الرأسء وآلام قابضة فى الأمعاء. 
وأمراض أخرى أقابلها أحيانا وأعتقد أنها تحدث بنفس النسب 
كما تحدث فى الدول الأخرى9'؛), 
وسوف يلاحظ أن تدلى ودوبوز لم يقولا شيئًا حول الحمى الصفراء. أى ملاريا 
الفالسيبارم أو أى مسرض ويائى آخر. فإذا كانت هذه الحميات موجودة فإنها 
حقا كانت ستثير الاستطلاع ولأجل الجدل بالحجة فقط دعنا نطرح بيئة خالية 
من الحمى. 
غالبا ما ارتبطت البيئات من هذا النوع بعالم يكون أفراد المجتمع الذى يعيشون 
فيه مستقرين جغرافيا. هذا الوضع يقترب كثيرا من تلك الموجودة فى مناطق غرب 
أفريقية التى لم تجتاحها تجارة الرقيق بعد. هنا فى زمن السلم؛ فإن عامة السكان 
نادرا ماكانوا يرحلون بعيدا عن تجمعات القرى أو الأماكن الحضرية الكبرى التى 
ولدوا بها. داخل هذه البلاد وتلك المناطق الملاصقة لها كانوا يجدون زوجاتهم ويقومون 
بالزراعة والتسويقء ويدفنون موتاهم, ويفعلون أى شئ آخر يفعله الناس العاديون. 
وبيولوجيا كانت هذه المنطقة المحددة تخدم نسبيا كبيئة مرضية موحدة. 
ولا يعنى هذا أننا نقول إن المجتمعات الغرب أفريقية لم تشترك فى قدر كبير من 
التجارة مع أماكن بعيدة, فالمعروف جيدا أنهم قد فعلوا ذلك. ومع ذلك كما أظهر رالف 
أوبستنء فى القيام بهذه التجارة» كانت البضائع هى التى تسافر لمسافات بعيدة وليس 
التجار. ولأسباب تتصل بلا شك بالمنافسات بين المجموعات المتجاورة التى رآها الكيار 
مناسبة للحفاظ على الهدوء من خلال سياسات عدم التعدى: كانت حركة تجارة 
البضائع تجرى بنظام من التتابعات. حيث تحمل المنتجات عبر إقليم مجموعة عرقية ما 


2 
د 
و 


بواسطة أفراد تلك المجموعة ومن ثم عند الحدود يسلمونها لتجار من المجموعة العرقية 
المجاورة وهكذا تتقدم التجارةل"). 

وهناك عامل مهم آخر قد أدى إلى الحفاظ على البيئات المرضية بمحاذاة الساحل 
منفصلة عن البيئات المرضية الداخلية؛ هو التجارة التى اعتبروها مثيرة فعلا للاهتمام 
والتى كانت تجرى عبر بحر الرمال الداخلى الهائل؛ الصحراء الكبرى. فمنذ القرن 
الثامن وقوافل الجمال تعبر بانتظام هذا البحر. وقد وفرت بعضها روابط مع مناطق 
فى الغرب ( السنغال وجامبيا) وأخرى مع مناطق فى الشرق ( السودان وإثيوييا) 
وثالثة مع موانى ساحل البرير (المغرب وتونس) ومصر ؛ تضمنت؛ بعضا من روابط 
قوافل الجمال هذه تحرك الحجاج المسلمين إلى جامعة الأزهر بالقاهرة, ثم عير الكثير 
منهم البحر الأحمر وتوجهوا لأداء الشعائر المقدسة فى مكة والمدينة فى ما يسمى 
حديثا بالعربية السعودية. بالإضافة إلى الحجاج؛ كانت هناك عناصر أخرى فى هذه 
الرابطة من الجنوب إلى الشمال وهى البضائع عالية القيمة!؛؟). 


ففى أوائل القرن الخامس عشر- ويعواقب طويلة الأمد لازالت أفريقيا تنزف منها 
حتى اليوم - كان الذهب من مالى, الذى أثار جشع التجار البرتغاليين فى موانى 
البربر أحد البضائع عالية القيمة التى حملت نحو الشمال. فاعتقادا بأن الذهب ربما 
يمكن استغلاله بدرجة كبيرة إذا ما استطاعوا الاستيلاء عليه مباشرة فى مكانه بدلاً 
من الحصول عليه من خلال سلسلة طويلة من الوسطاء الوثنيين والمسلمين» قام 
البرتفاليون بالمبادرة وإذ إنهم. بدءا من أربعينيات القرن الخامس عشر اخترعوا 
مهارات ملاحية واخترعوا سفنا تستطيع الإبحار جنويا بطول السواحل الغرب 
أفريقية- ومن ثم كانت هذه حقا النقطة الحرجة - العودة لبلادهم بالإبحار شمالا 
بطريق دائرى. قبل ترتيب هذه الحيلة الملاحية كان الإبحار جنويا من البرتفغال هى 
رحلات باتجاه واحد نحو النسيان. 


وكما رأينا فى القصل السايق عن الجدرى؛ فى أواسط القرن السادس عشر فإن 
الملاحين البرتغاليين بدعم من وكلاء التوسع فى لشبونة قد التقوا حول رأس الرجاء 


306 


الصالح وأقاموا أسواقا تجارية فى جوا بالهند ومكاو بالصين. وفى بنائهم لشبكة 
تجارتهم العالمية. كان هناك موقعان آخران ذوا أهمية عظيمة. لواندا فى أنجولا 
وبمجرد عبور جنوب الأطلنطى؛ إلى مناطق النزول فى البرازيل. ومن خلال حوادث 
السياسات البابوية كل منها كان فى أيدى برتغالية أكثر منها أيد إسبانية. خلال 
مجموعة متوازية من الحوادث - الاكتشاف الإسبانى وفرض مطالبهم على بقية العالم 
الجديد - لقد كان الإسبان هم الذين احتاجوا بإلحاح لأعداد ضخمة من العمال 
لتشغيل مناجمهم الأمريكية للذهب والفضة. هذا القصور تولاه البرتغاليون لتحسين 
موقفهم باستخدام قاعدتهم المحصنة فى لواندا وأخريات بطول - سواحل الرقيق” 
الممتدة من مناطق السنفال إلى نيجيريا("؟), 

ليس هذا بالمكان المناسب لعرض المجادلات الموالية والمضادة حول الدور الذى 
لعبه شيوخ القبائل الساحلية فى إكراه أفارقة آخرين على العبودية ممن تصادف 
وجودهم بالداخل. ولكن هناك نقطة أو نقطتان مع ذلك فى حاجة للذكر. الأولى» كانت 
فى التقدم فى تصنيع الأقمشة والسلع المعدنية وخمور البلح وغيرها مما لم يحتاجه فى 
الحقيقة رؤساء القبائل الأفريقية أكثر من احتياجهم إلى السلع الراقية هندية الصنع 
التى أحضرها البرتغاليون من جوا وطالبوهم بقبولها كرصيد دائن. ومع ذلك بعد تردد 
مبدئى وقع العديد من زعماء القبائل الأفارقة فى الفخ البرتغالى. لماذا فعلوا ذلك سيظل 
أحد الأسئلة التاريخية التى بلا إجابةلا؟). 

وهناك نقطة ثانية. هى أنه بمجرد أن قامت علاقات الحسابات الدائئة بين 
البرتفاليين/ الوكلاء البرتفاليين وزعماء القبائل/ المحاريين الأفارقة من المغامرين - 
فإن هذا النوع من الأمور قد درس بكثافة فى حالة لواندا- فقد اجتاح ذلك المنطق 
الوحشى بقوة اندفاع ذاتية للمطالبة يالديون وركوب المخاطر واستغلال أفريقيى 
الساحل الفارقين فى الديون للضحايا من أفريقيى الداخل. وكأساتذتهم الأوربيين» 
اتخذ رؤساء القبائل فى أنجولا والمناطق الممتدة شمالا مسيحيين برتغاليين قدامى 
ومسيحيين برتغاليين جددًا الذين كانوا أكثر تغفيلاً فى بلادهم الأصلية. اعتمادا على 


5207 


الجذور التاريخية العميقة» التى رويت خلال عصر الإمبراطور قسبيسيان وتيتوس 
(15 - ١هم).‏ ربما يبدو أن البرتغاليين قد تفوقوا على أساتذتهم القدماء بالقسوة غير 
المبررة. مثل الرومان القدماء - الذين حفظت كلاسيكيات نخبهم الحاكمة عن ظهر قلب 
فى شيبابهم - كان البرتغاليون قد لجاوا إلى سياسات خاطنة للدولة بشكل فاضح. 
ولكن بدلا من منافسة حيلة إحضار الهمجيين الألمان للخدمة كجنود (كان الألمان قد 
استولوا فى النهاية على غرب الإمبراطورية الرومانية) كان الأمر هو طرد البيشر فى 
حالة البرتغاليين. فباتباع نموذج إيزابيلا وفرديناند فى إسبائيا المجاورة. فى ١1491‏ 
أصدر التاج البرتغالى هذه التوجيهات الصارمة ضد المنحدرين من يعقوب وإسحاق 
الذين قرر أغلبهم مغادرة البلاد. ولقد لجأ الكثيرون للإقامة فيما أصبح بعد عدة 
اتفاقيات: الأقاليم المتحدة المستقلة. هنا أقبل الهولنديون قدامى وجددًا على استغلال 
شبكة التجارة العالمية البرتغالية لأجل المجد الأعظم للتنمية!"؟). 


داخل أفريقياء قبل وقت طويلا من مجئ غارات البرتغاليين لأجل الرقيق: كانت 
هناك أشكال مؤسسية للرقيق» مع ذلك فقد تباينت تلك مع رقيق الزراعة الذى كان 
حتى فى ذلك الحين قد اخترع فى محطات توريد برتغالية فى ساو تومى ويرينشيبى 
والذى كان سينتقل من هناك إلى البرازيل وإلى الكاريبى. كان تشغيل الرقيق الذى 
يديره الأوربيون على أساس (فيما عدا فى السنتين القليلتين السابقتين على الحرب 
الأهلية بالولايات المتحدة ) أن حياة الأفارقة السود قابلة الاستهلاك. وفى أفريقيا 
القديمة نفسهاء ظهرت مبادئ أخرى. قضت بأن البشر كانوا بشرا بسبب قلة عددهم 
عند الحاجة إليهم فيجب أن يحافظ عليهم. كان النظام الأول - الأوربى - هو تقصيلاً 
حسب المقاس على التغلغل الواسع النطاق للإبادة الويائية للحمى الصفراء والملاريا. 
والآخر (الإفريقى) كان بقدر ما يمكن تحديده حياديًا بالنسبة للمرض. 

قبل ظهور الرقيق التجارى لتجارة الأطلنطى ( فى كونها منذ عام ١٠٠١‏ ولكن 
ليست كثيفة حتى تسعينيات القرن السابع عشر وخمسينيات القرن الثامن عشر) عادة 
ما اشتمل الرقيق الأفريقى المتوطن على الشبان من الرجال الذين أسروا فى حرب أو 


208 


ممن كانوا مثيرى شغب محليين غير راغبين فى قبول المعايير السلوكية التى وضعها 
كبارهم. فبمجرد أن يقرر الكبار التخلص من شاب أو فتاة غير مرحب يهما فى القرية 
كان الإجراء الشائع هو إرسالهم لمكان بعيد على مسيرة عدة أيام بحيث لا يمكنهم 
أبدا العودة لتسوية الخلافات أمام قبور أجدادهم. هذا العبد الذى يعيش فى أرض 
غريبة وقد انفصل نهائيا عن عشيرته يصبح رب عائلة مستقلاً. ومع ذلك ففى 
مسار حياته قد يصل العبد الذكى إلى منصب ذى سلطة ويصل إلى اتخاذ عبيد له هو 
شخصيا. وفى حالة الفتاة لم يكن من غير المرجح أن تتزوج من مالكها ريما كزوجة 
ثانية أو ثالثة, وإذا كانت ولودة وسارة فى نظر سيدها فإنها قد ترتفع إلى منصب 
ذى سلطة فى البيت كتشريف لها فى عمرها المنوسط والمتقدم. وكان من المحتمل 
لأطفال هذه الأم أن يعتبروا أبناء عاديين للقرية ويشاركون فى الامتيازات والواجبات 
المتأصلة فى هذا الوضع**). وكما هو أيضا معلومء ففى الأمريكتين بعد عام ١٠٠١‏ 
لم يحدث شيىء مثل هذا أبدا » حتى المقاطعة المؤلفة من أراض واسعة فى مونتشيللى 
والمملوكة للفيرجينى الذى أطلق إعلانا مدويا فى 1لا7١‏ يؤكد أن “كل البشر خلقوا 
متساوين 


أثناء غصر غارات الرقيق برعاية أوربية. سمع أفريقى يقول إن أى شخص 
أبيض أو أسود يساعد الرجل الأبيض فى تجارته فى الرقيق قد “مات قلبه". وليس 
هناك تقييم آخر يبدو أقرب للحقيقة. فالمرء يمكنه ببساطة التصريح بأنه بين بدء هذه 
التجارة فى أواخر القرن الخامس عشرء وانطلاقها الغزير بعد ١0. - ١79.‏ 
واندثارها الفعلى فى منتصف القرن التاسع عشرء. شحن حوالى من ؟١‏ إلى ٠١‏ 
مليون أفريقى كعبيد عبر الأطلنطى. وإلى هذه الخسارة الإنسانية لابد من إضافة عدة 
ملايين من البشر - ربما /4٠‏ من إجمالى الذين أسروا والذين ماتوا من المرض 
أى الجوع أو التعذيب فى الرحلة بين المكان الذين اختطفوا فيه والساحل الذى شحنوا 
منه على سفن البيض. ويضاف لهؤلاء ربما حوالى ؛ ملايين هم الذين أجبروا على 
السير عبر الصحراء الكبرى للبيع فى حظائر الرقيق بالقاهرة ودمشق واسطنبول. 


509 


بالنسبة لغرب أفريقيا وغرب وسط أفريقياء يبلغ إجمالى عدد البشر المفقودين فيما بين 
4 إلى 37 مليوبًا("*). 

فى عالم الأفكار التى ستؤثر على إدراكات السود وأمراض السود مباشرة قبل 
ويعد الغزوات الإقليمية الأوربية لغرب أفريقيا فى تسعينيات القرن التاسع عشرء 
لابد أن ينقل المرء صورة متطابقة كالمرآة. فبعض الأفارقة اعتقدوا بأن الرجال البيض 
كانوا أكلة للحوم البشر وأن الرقيق كان المقصود منه إحضار لحوم طازجة 
للأمريكتين. صور هذا الخيال اتش. جى. ويلز عند كتايته لرواية الخيال العلمى فى 
6. فى هذا العام وتلك الأعوام التى تلت جزع الشباب فى قاعات الكنائس فى 
إنجلترا وسكوتلندا روايات رهيبة عن مبشرين قد تم طبخهم فى قدور حديدية من قبل 
تابعى الشيطان من السود الأفارقة. وما أضاف لهذا الرعب تأكيد الأطباء بأن عبدة 
الشيطان من الأفارقة قد منحوا مناعة خاصة ضد الحمى الصفراء وملاريا 
الفالسيبارم؛ وهى الأمراض التى قد حولت 'لزمن لا يصدقه العقل" سواحل غرب 
إفريقيا إلى قبر الرجل الأبيض(!"). 


الرقيق والحمى الصفراء والملاريا فى العالم الجديد 
بريادوس 


فى أول زيارة لها للعالم الجديدء ضرب وياء الحمى الصقراء. القادم من 
السواحل الأفريقية باريادوس فى ١747,‏ ما تلا ذلك حينئذء كان ذو دلالة لعدة 
أسباب. أولها وأكثرها وضوحاء كان العلاقة الخاصة القائمة بين هذا المثل الإنجليزى 
الرائد لتنمية العالم الجديد وبيئة المرض التى خلقها المستوطتون (الإزالة الوحشية 
لغابات عذراء من أجل إخلاء الأراضى لزراعة قصب السكر). وكما هى واضح هناء 
أحضرت التنمية الأرض الزراعية والعمالة المستوردة معاء لإنتاج السكر الذى يسوق 


310 


فى انجلترا. هذا المنتج قد قام بالكثير» من خلال تأثيرات متعددة فى صناعات شقيقة» 
فى دفع عجلة الثورة الاستهلاكية الهائلة التى تأسس عليها العالم الحديث. 

بالنسبة للمؤرخين الطبيين» كانت حتمية المرض أيضا ذات اهتمام خاصء وربطها 
أحد المؤرخين بباربادوس. يدعى هذا أن زراعات الجزيرة يجب تشغيلها بواسطة 
العبيد الأفارقة السود لأنهم كانوا تقريبا محصنين ضد الحمى الصفراء التى قتلت 
الكثير من أهالى باربادوس من البيض. عرقلت هذه الحتمية فى الماضى القريب من 
الدراسة الموضوعية للعلاقة بين الحمى الصفراء والتجمعات البشرية فى الكاريبى وفى 
الجنوب الأمريكى وفى أفريقيا””*). 

بموقعها إلى الشمال من مصبات نهر الأورينكى , وبتعداد سكاتى فى عام 
1 يبلغ ١‏ ألف نسمة:؛ وعلى أرض مساحتها 5.٠‏ كيلى متر مربع فقط, كانت 
باربادوس هى أكثف قطعة من الأرض سكانا فى الإمبراطورية البريطانية فيما وراء 
البحار. بالتبعية, كانت مرشحا رئيسيا لكارثة مرضيةا"*). ففى سياق زيارة الحمى 
الصفراء فى عام ١7174‏ (والتى بقيت حتى :)١115٠‏ مات ٠٠٠١‏ من أهالى باربادوس» 
تقريبا /١8‏ من السكان. شهد المؤرخ ريتشارد ليجون وهى يكتب فى ,١11177‏ الذى كان 
قد أصيب هى نفسه أثناء الوياء الأول: أن القادمين الجدد عاشوا فى رعب من مرض 
البلاد” ومن أن الوفيات الهائلة قد تسببت كثيرا فى وضع 'الشريط الأسود' 
للحداد!!؟). 


وفى عام ١791‏ ضربت الحمى الصفراء ثانية, وظلت تحوم لعدة سنوات. فطبقا 
لجون أولدميكسون فى تاريخه لباريادوس» فإنها قد اكتسحت أمامها أعدادا هائلة من 
السادة, والخدم والعبيد!**). وقد جمع العديد من البيضء الذين روعوا من الوياء 
المستمرء أغراضهم وفروا بأرواحهم. أما البعض ممن كانوا سيحققون الثروات 
الطائلة. التى كان يفترض أن أمريكا ستقدمها للمغامرين: فقد انتقلوا إلى الأرض 
العذراء لكارولينا الجنويية. بنهاية زيارة المرض هذهء كانت الخسائر المتسببة عن 


5311 


الهروب و الحمى قد خفضت تعداد الجزيرة بمقدار الريع؛ تاركة تعدادا سكانيا 
منكمشا من 55 ألفا من العمال والملاك البيضء و ٠١‏ ألفا من العبيد السود(!6). 


خلافا للأوضاع فى جزر استوائية أخرى - والتى كانت ستدخلء منطقيا يعد 
كارثة مرضية لفترة طويلة من التدهور- كانت باربادوس فى أثناء العصر الذى التقى 
بنهايتى كل من الويائين قد أصبحت مركزا لإعطاء نموذج لالتغيير فى أذواق 
المستهلكين. فالمنتج المتضمن هنا - قصب السكر- لم يكن نوعا أساسيا من الأطعمة 
ولا هو صحى بدرجة خاصة. وحتى أصبح متوافرا بشكل شائع - الفضل يرجع 
لباربادوس - كان الأوربيون العاديون يحلون أطعمتهم بالعسل("*). 

ذلك أن ثورة السكر كانت قائمة أساسا على أن الجزيرة كانت محظوظة وغير 
قابلة للتكرار. فياريادوس التى من الواضح أنها كانت خالية من أى سكان أصليين, 
كان أول استيطان لها من الإنجليز فى ١1717‏ . وفى خلال وقت قصير كان هؤلاء 
الرواد قادرين على أن يتيحوا لأنفسهم المهارات وارتباطات القروض مع الهولنديين. 
وهؤلاء الأخيرون (من كل من الهولنديين الأصليين أو من السيفارديك) كانوا قد 
غزوا قبل ذلك أرضا فى شمال شرق البرازيل ويدأوا فى زراعة قصب السكر بعد 
7 ليطردوا على أيدى اليرتغاليين بعد ثمانى سنوات فقط. تبع ذلك صفقات 
مشبوهة بين الهولنديين والإنجليز أدت فى باريادوس إلى زراعة أعواد القصب وإقامة 
بعض مصانع السكرةة"), 

أجبر برنامج أصحاب مذهب التجارة من خلال العمل فى البرلمان» منتجى 
المستعمرات على تسويق سلعهم فى إنجلترا وتم تضمين السكر فى الفقرات المذكورة 
فى مواد القانون فى عام .١777‏ مضافا إلى هذا كله (لصالح المزارعين وأطباء 
الأسنان) كانت “الإصلاحات فى العادات” الأوربية. وكانت هذه عملية تحضرية: قد 
شجعت الحرفيين وآخرين فى الطبقات الاجتماعية المتوسطة على تناول منتجين اثنين 
واردين حديثا فقط فى كميات من آسيا: الشاى والقهوة. ولقد أملت الموضة حينئذ 
إضافة ملعقة شاى أو ما يقاريها من السكر لتحضير مشروب مناسب. وقد تعارضت 


312 


هذه المشرويات الجديدة مع المشرويات الروحية الراقية التى كان يقال إن الطبقة 
الأرستقراطية كانت تدمنهاء. إضافة إلى مشروب الجين المفشوش الذى كان يقال إنه 


ون وقت قديم برهه الى هام وكا السكوزي" تمان لتو 15 طن مترع من 
السكر الباربادوسى. وبوصوله كانت قيمتة ١14٠١‏ ألف جنيه استرلينى بزيادة /51/ عن 
قيمته عند خروجه من بريدجتاون بباربادوس. ومن هذا الوقت فصاعداء لم يكن هناك 
من طريق إلا الزيادة. ويستشهد أوستن وسميت بأرقام تظهر الزيادة السريعة فى 
استهلاك السكر البريطائى من 3, ؛ أرطال للفرد فى ١1٠١ -١794‏ (عندما وققف 
تعداد سكان بريطانيا عند 1,١‏ ملايين) إلى ١١.١‏ رطلا للفرد فى 55/ا١-‏ .؟/ا١ا‏ 
وإلى ١1.7‏ فى 1953- ١717٠‏ (عندما بلغ تعداد سكان بريطانيا 594,5 مليونا). 
ويضاف إلى هذه الزيادة الهائلة فى كمية السكر المستهلكة فى بريطانيا ( حوالى 
4 مليون طن مترى): كان سكر باريادوس يعاد تصديره فى سفن انجليزية من 
موانى إنطليزية إلى فمرتسا. و هتاك اطلق هذا المنقج غورة مسائلة فى أذواق 
المستهلكين. واتباعا لمبادئ تجارية معينة؛ أدى إلى مغامرات التنمية الفرنسية فى سان 
دومينجواة*). ْ 


أكثر كثيرا من أى محصول آخرء كان قصب السكر يعمل على تكثيف رأس المال. 
بزراعته و حصاده ببرنامج على مدار العام ويعد أن تقطع الأعواد تحتاج لأن تذهب 
على الفور إلى مصانع السكر التى تدار إما بقوة الهواء وإما بقوة الماء. وهناك تعصر 
ويغلى العصير وييرد ويعاد غليه ومعالجته حتى يصبح السكر جاهزا لأن يصب فى 
حاويات خاصة: تجهيزا اشحنها إلى انجلترا. وبسبب التراجع السريع فى محتوى 
السكر بالقصب بعد قطع الأعواد كان من الضرورى أن يكون لكل مساحة زراعية 
معينة مصنع منشىء على أحدث الأساليب للسكر. وفى حالة العطل؛ يجب أن يكون 
هناك مصنع بديل فى الجوار وإلا قإن المحصول بالكامل قد يفقد. وياعتبار أنه لم يكن 
فى إنجلترا آلات أكثر تقدما من مصانع تكرير السكرء وأن باريادوس كانت تقع على 


5313 


حدود العالم المعروف وقتهاء فإنه كان من قبيل الإعجاز أن يمكن إيجاد رأس مال لهذه 
الصناعة الجديدة التى تقوم على المخاطرة. ومع ذلك فإن تمويلها كان بالنسبة للمولين 
خاضها لقاعدة “كلما ازدادت المخاطرة كلما ارتفعت الأرباح(١٠),‏ 
وعلى الرغم من أن عملية التفويل خلال السنوات الأولى لأعمال باربادوس ظلت 
غامضة:؛ فإنه من المعروف أنه بعد تسعينيات القرن السابع عشر سقط مزارعى الجيل 
الثانى والثالث أمام الإغراءات الرخيصة لبريطانيا. ى التى اشتملت على ورق حائط 
وأثاثات وملبوسات,. والمركبات الفارهة التى تجرها جياد مطهمة:؛ والتى استوردها 
المزارعون يكميات ضخمة بالدين. أثناء هذه السنوات كان يقال فى شوارع لندن 
وبريستول إن باربادوس هى المكان حيث يمكن للمرء أن يكون ثروة؛ وأى أحد قد فشل 
هناك كان واضحا أنه بلا فائدة لنفسه أو للآخرين. وحتى تظل هذه الكلمات فى 
الأذهان كان القائمون على الترويج لباربادوس يطاردون الناس فى الحانات والمكتبات 
لاطلاعهم على رخاء هذه الجزيرة!'"). 
إننا نتحول مباشرة إلى السؤال المزعج عن نوع العمالة التى كانت تستخدم فى 

باربانوسء وما إذا كان الوضع الذى ساد فى النهاية ( الغلبة للسود) قد تحدد على 
أية حال بتفضيلات القتل لفيروس الحمى الصفراء. وتشير الأدلة بقوة إلى أنه فى 
أربعينيات وخمسينيات القرن السابع عشر كان ملاك المزارع المقيمون يفضلون كثيرا 
استخدام:نفس نوع العمالة ممن ليس لهم أهل ولا أسرة ممن عرفوهم فى الوطن هناك 
فى بريطانياء وهم الخدم من البيض. ويالمثل كان الطلب الذى بعث به المزارع ويليام 
شاى إلى صديق له فى اسكتلندا فى سبتمير :1١150‏ 

الحاجة للخدم (العمالة) هى لعنتى الكبرى» والتى سوف تعطل 

تخطيطى ففى يناير القادم إن شاء الله سوف أبدأ فى صناعة 

السكر. لذا صلى من أجلى إذا كنت قريبا من أى ميناء ترسو 

فيه السفن واعمل على جلب وإرسال خدم (عمال) من أى صنف 

ونوع رجالا ونساء وأولاداء وما لن أكون فى حاجة إليه وان 

أستفيد منه يمكننى مبادلته مع آخرين وخاصة من التجار. 


5314 


وكما يوضح هذاء كان معظم المبتدئين أشخاصا صفغارا فقراء من الإنجليز 
والاسكتلنديين ممن افتقروا إلى نقود الرحلة لعبور الأطلنطىء كان يشجعهم ما يكتب 
من دعاية وترويج حول باربادوسء الجزيرة الجنة» فيتعاقدون على بيع خدماتهم لمدة من 
ثلاث إلى سبع سنوات إلى قباطنة السفنء الذين كانوا بدورهم يبيعونهم إلى أعلى 
سعر فى باربادوس. ويهذا الأسلوب أبحر عشرات الآلاف من العمالة الشبيهة بالرق 
من الجنس الكلتى الأنجلوساكسونى غربا بغرض تكوين ثروة. 

وبوصولهم إلى باربادوس كان هؤلاء العمال المباعون أحيانا ما يجدون أنفسهم 
يعملون ضمن فرق مختلطة؛ جنبا إلى جنب. بيض غير أحرار وسود غير أحرار 
يعملون من قبل الفجر لما بعد الغسقء يقلبون الأرض للزراعة. وأينما ساروا فى التربة 
المبتلة » صنعت آثار خطواتهم بركا صالحة لتكاثر البعوض. ولأن باربادوس كانت 
مجرد شريحة صغيرة من الأرض (بالكاد ضعف مساحة حى كولومبيا الحديث) 
قغالبا ما كان كلا النوعين العرقيين يعملان ليس بعيدا عن الأوانى المهشمة المتنائرة 
حول رصيف بحرىء يكون البحارة المرضى والعبيد حديثى الوصول من أفريقيا 
يقومون فيه بتفريغ المواد الفذائية والسلع المطلوية للحياة الزراعية. ويعد الانتهاء من 
عملهم أثناء النهار فى الحقولء قد يقضى البيض المأجورون والعبيد السود أغلب الليل 
فى المصنع الملحق بالمزارع. وهناك تحت وطأة سياط المشرفين كان القصب حديث 
الحصاد ينظف ويعصر ويحول إلى بلورات فى أوعية ضخمة فوق نيران الخشب 
لينسكب فى النهاية إلى حاويات ويجهز للشحن إلى انجلترا('). 

ليلا ونهاراء ونهارا وليلاء يمر زملاء فرق العمل من الأفارقة والانجلوساكسون 
تحت نفس النظام القاسى ويتشاركون فى نفس الطعام المتدنى القيمة والملابس الرديئة 
والسكن المتهدم. وكانت ظروف البعض حتى أسوا من ذلك. ففى خمسينيات القرن 
السابع عشرء أفاد زوج من الإنجليز المثقفين أنه "بعد أن أدينا بتهمة التعاطف الملكى 
فى إنجلترا الجمهورية؛ تم شحنهما إلى باربادوس وعرضا للبيع لأعلى سعر ومن ثم 
فقد سقطا فى أيدى: 


32/3 


أكثر الأشخاص لا إنسانية ووحشية: الذين قاموا بتشغيلهم فى 
أشغال شاقة وتغذيتهم بطعام قليل. وبشكل عام؛ فقد حواوهم 
إلى أتعس حالة وأبعدها ( بالنسبة لرجل انجليزى) عن المعقول. 
حيث كانوا يشترون ويباعون من مزارع لآخرء أو أن يعاملوا 
كالخيل والبهائم لتسديد ديون سادتهم...... وأن يجلدوا على 
أعمدة الجلد ( كالمتشردين) لإدخال السرور على سادتهم. كما 
أجبروا على النوم فى أماكن قذرة أسوأ من الخنازير فى إنجلترا 
وعلى أساليب أخرى كثيرة لجعلهم بؤساء. بشكل يتخطى أى 
تعبير أى تخيل لأى مسيحى!!"). 
ومع ذلك فطالما أنهم كانوا فى حالة تسمح لهم , بالعمل فإن إنتاجيات العمالة 
من البيض المتعاقد عليهم والرقيق السود كانت تعتبر متساوية. كان محاسبى 
التكاليف يحسبون أن أيا من العرقين يفترض أنه قادر على إنتاج و معالجة من قصب 
السكر ما يعادل سعر شرائه خلال من عشرين إلى أربعة وعشرين شهرا. بعد ذلك؛ 
فإن أى سكر ناتج عن مجهودهم كان ربحا خالصا لدائن المالك الإنجليزى الجالس 
هناك فى الوطن. 
لماذا إذن تناقصت النسبة المثوية للعمالة البيضاء فى باربادوس بشدة 
بالنسبة إلى عدد السود بعد عام ١16١؟‏ تكمن الإجابة تقريبا بالكامل فى تفير 
الأحوال الاقتصادية والاجتماعية فى أوريا. فلأى شخص صغير فى مقتبل الحياة 
فى إنجلترا وسكتندا أى فى القارة» عندما يأخذ فى اعتباره ما إذا كان سيخضع 
لمخاطر باريادوس؛: كان عامل القرار هو ما يسميه الجغرافيون بال "البيئة 
المكخنوسة !5 
يمقارنة ما سمعه عن المخاطر التى " تقصر العمر" بالذهاب إلى أى من المدن 
الأوربية الكبيرة حيث كانت الثروات - لندن وامستردام وكولونيا - مع ما يقال عن 
الوضع فى باريادوس ومستعمرات العالم الجديد الأخرى جنويى خليج تشيسابيك؛ لم 


516 


يكن هناك شئ غير عادى بوجه خاص فى باريادوس. فبالمقارنة مع الحقيقة الكئيبة 
للحياة بالمدن الأوربية - حيث إنه عند التاسعة عشر يستطيع الوافد الجديد فى أحسن 
الأحوال أن يتوقع أن يعيش عشر سنوات أى خمس عشرة سنة أخرى - فإن 
باربادوس كانت تعرض الفرصة أمام الشباب بعد عتقه وتسريحه» فقد يتزوج من أرملة 
مزارع ثرى ويستقر كشخص ذى حيثية. وفى البيئة المحسوسة أو المدركة لأغلب 
الرجال: فإن فرصا مثل هذه تكون أكثر شيوعا فى باربادوس عنها فى لندن. 

ما أمال كفة الميزان أخيرا نحو عمالة الرقيق الأفريقيين السود ويعيدا عن العمالة 
البيضاء المأجورة فى باريادوس فى أواخر ستينيات القرن السابع عشر وفى ميريلاند» 
وفيرجينيا بعد ذلك يثلاثين عاماء لم يكن خوفا من الحمى الصفراء (كما يدعى 
المؤمنون بقضاء وقدر الأمراض).» وإنما ذلك الجفاف التدريجى لموارد البالغين الشبان 
فى إنجلترا من العاطلين أو الذين يشغلون أعمالا أقل. فانجلترا الوطن الذى كان 
يعتقد فى 1٠٠١‏ أنه أصبح يعج بالبشر ( كانوا ؟ ملايين حينئذ) تتجه فى ثمانينيات 
القرن السابع عشر لأن تكون بلدا يعانى من ندرة الأيدى العاملة(""). 


كان عامل التحول المهم فى تصورات الشعب الإنجليزى حول ما يجب على 
أرضهم أن تقدمه هو النمى الكبير فى إنتاج مدى واسع من السلع اليدوية للبيع فى 
أسواق بعيدة'"). والآن وقد أصبح لهم طريقة لتمضية وقتهم فى عمل شئ يعود 
عليهم بفائض يمكنهم استخدامه ليصحبوا مستهلكين, بالإضافة إلى تغطية 
الاحتياجات الأساسية فقط - فقد اختار الشبان أن يبقوا فى الوطن بدلا من الذهاب 
بعيدا كعمال مأجورين فى الكاريبى. هؤلاء القلة ممن أحضروا فى أواخر تسعيتيات 
القرن السابع عشر غالبا ما كانوا قد اختطفوا أو بالأحرى تحولوا إلى وطنيين فى 
باربانوس. ولكنهم يمجرد وجودهم هناك. لم يعد لديهم ما يخسرونه قغرقوا فى 
الشراب والمقامرة والمصارعة والملاكمة واللواط وأشكال الضعف الأخرى التى اشتهرت 
بها الجزيرة""). 


5317 


وخلافا لنشأة الصناعة اليدوية فى إنجلترا وأجزاء من القارة الأوربية كان هناك 
سبب آخر وراء تضاؤل أعداد من اجتذبتهم أفكار العمل كعمالة مأجورة فى باربادوس 
بعد ,141٠‏ وهو الركود العام للنمو السكانى لأوربا. وهنا مرة أخرى كان المهم بالفعل 
هو التطورات فى المركز العالمى أكثر من وجود المرض المرعب هنا بالجزيرة على حدود 
الكاريبى. فلو كانت أوريا قد مرت بنمو ديموغرافى بالمعدل الذى بلغته فيما بين عامى 
و5١19‏ عندما تضاعفت أعداد السكان فى البلاد الأوربية» وهفاجر 5١‏ مليون 
أوربى غالبا إلى الأمريكتين. ما كانت هناك حاجة ببساطة لاجتياح جزر الكاريبى 
(وأمريكا الجنوبية) يعمالة من الرقيق المختطف من أفريقيا. 

فى هولنداء هذا الركود فى حجم السكان كان أيضا باديا بعد سبعينيات القرن 
السابع عشرء وهنا أى شاب أراد أن يذهب لنهاية العالم ليجمع ثروة كان يلتحق 
بخدمات شركة الهند الشرقية الهولندية فى أندونيسيا الغنية بالتوابل. وفى الأراضى 
الألمانية, بعد أن انتهت حرب الثلاثين عاما فى ١744‏ وقد خفضت أعداد ما قبل 
الحرب بنسبة الخمس.ء كان أمام الجيلين التاليين من الشبان أكثر مما يكفى لملء 
الوظائف الشاغرة التى نتجت عن الحرب الطويلة. وفى تسعينيات القرن السابع عشرء 
وأوائل القرن الثامن عشرء عندما بدأ الألمان فى استعادة أعدادهم - مما تسيب فى 
كثير من القلق بين كبار القرويين من نوعية جى إف أستروالد - اختار الشبان 
المغامرون عامة الذهاب إلى أفضل البلاد الفقيرة: ولاية بنسلقانيا التى يديرها 
الكويكرن()(*) والقليلون فقط هم الراغبون فى الذهاب إلى الجزيرة المهجورة 
باربادوس؛ حيث العمال البيض المأجورون كانوا "يجلدون على الأعمدة (مثل المجرمين) 
لإدخال السرور لقلوب سادتهه'(:"). 


(») الكويكرن: :10316© أعضاء أخوية بروتستانتية أسسها جورج فوكس ١170م.‏ الاعتقاد الأساسى لهم 
هو النور الداخلى. وهم يرفضوا الطقوس وترسيم الكهنة. أيدوا العديد من مسائل الإصلاح الاجتماعى. 


5316 


مع أن الأحوال فى باربادوس كانت قاسية بالنسبة للعمال البيضء فإنها كانت يلا 
شك أسواأ بالنسبة لرقيق المياه المالحة الذين أحضرهم التجار البرتغاليون والهولنديون. 
وحوالى عام ١7٠١‏ أفاد الأب لا بات أن: 
"كان اهتمام الملاك والمراقبين فيما يبدى بحياة الزنجى أقل منها 
بحياة حصان" . وقاموا بتشغيل العبيد 'لما يفوق الوصف " 
( بضربهم بلا رحمة لأقل خطا). كان العبيد الهاريون يحرقون 
أحياء أى يعرضون فى أقفاص حديدية حيث يكونون مربوطين 
داخلها إلى غصن شجرة أو أن يتركوا للموت جوعا 
وعطشا"(. 
على الرغم من أن إحصاءات استيراد الرقيق إلى باربادوس قبل زمن الأب لا بات 
كانت غير دقيقة؛ فإن المعلومات كانت أكثر تماسكا يعد ١7١4‏ . كان التعداد السكانى 
للرقيق بباربادوسء يبلغ فى تلك السنة 0 ألفاء أضيف إليه فى ربع القرن التالى 4٠‏ 
ألف فرد جديد استحضروا من أفريقيا. بعام ١7765‏ بلغ تعداد الرقيق الناجين 14 ألف 
نسمة - مما يعنى أن إجمالى الخسائر بلغت 14 ألف أفريقى أسود فى السنوات 
المحصورة فى هذه الفترة. إضافة إلى الآلاف خارج الإحصاء من الوفيات بالحمى 
الصفراءء كانت هناك وفيات من ضربات الشمس والفتاق والتعذيب وأسباب 
أخرى9". 
وطبقا لأحد الزائرين فى أوائل القرن الثامن عشرء عادة ما سمح ملاك 
المزارع للصغار من العبيد الذكور باتخاذ كل النساء السود اللاتى يريدونهن لمتمتهم” 
وأن يتركوهم حسب رغبتهم, ماداموا ينتجون عددا كبيرًا من الأطفالء وماداموا 
يشتغلون جيدا ولا يمرضون”7"). وجد علماء الآثار الذين يحفرون فى مقابر باريادوس 
فى أيام الرقيق عظام الكثير من الرضع الذين ماتوا بعد الفطام من سوء التغذية. ومما 
لاشك فيه أن الوضع هناك كان مماثلا جدا للوضع فى مزارع السكر فى جامايكا, 
حيث سجل أحد المراقبين البيض أنه قد أبقى النساء الحوامل يعملن فى الحقول حتى 


5319 


يوم الوضع ثم استدعاهن ثانية بعد ثلاثة أو أربعة أسابيع فقط. وتحت نظام كهذاء 
فإنه يتوقع معدل وفيات عاليا بين الرضع وحديثى الولادة. وهذا يعنى أنه لكى 
تحافظ على عدد العبيد المطلويين لإنتاج عالى الكفاءة من السكرء كان يجب الحفاظ 
على تدفق ثابت من أفريقيا!'"). بعد جولة الأب لابات فى 17٠١‏ بمائة عام؛ زار رجل 
محترف آخر باريادوسء؛ وكان هذا هو الطبيب العسكرى جورج بينكارد» والذى 
ذكرنا تجربته مع الحمى الصفراء سابقا. لقد وجد بينكارد. وكان فخورا بدراسته فى 
الكلاسيكيات الإغريقية الرومانية التى زودت طبيبا يهذا القدر من الثقافة» أن أغلب 
البيض العاملين فى المجال الصحى جهلاء لدرجة محزنة: وأن الأطباء الزنوج 
ينافسوهم بحق فى معارفهم الطبية"(*"). فعند معالجة الحمى الصفراء استخدم 
المعالجون الأفارقة حمامات ساخنة وأعشايًا هدأت من الحالة. مثل هذه الممارسات 
تناقضت تماما مع تلك الممارسات التى عادة ما استخدمها البيض الذين كانت 
ممارستهم النمطية هى: 

الخاصية الالتهابية للمرض يجب أن تبقى ظاهرة من المراحل 

المبكرة للإصاية ويدء المعالجة بفصد دم من الذراع و تناول شرية 

ملح (مسهلة) واليوم الثانى يفصد الدم مرة ثانية باستخدام 

ديدان طفيلية على البطن حوالى عشرين واحدة وكمادات دافئة 

ودواء مسهل خفيف. واليوم الثالث» استخدام الديدان الماصة 

 .....‏ فى الليلة الثالثة, لصقة كبيرة!") 

ومع ذلك ففى علاجه لنفسه. فضل د. بيتكارد تقنيات بديلة وجعل رفاقه على 

المركب يناولونه دلوا بعد آخر من الماء المثلج!""). و فيما بعد من ذلك القرن؛ أكد 
زائر طبى آخر اكتشاف بينكارد بأن العبيد فى باربادوس ليس لديهم ثقة فى أطباء 
المزارع البيضء وكلما أمكن كانوا يخفون مرضهم عنهم. ويشك المرء فى أن تكتم 
السود يذهب لبعيد فى تفسير الأفكار الخاصة لدى رجال الصحة البيض بالقرن 
التاسع عشر (ومؤرخى الجنوب بأواخر القرن العشرين) عن الأمراض التى يعانى أو 


2300 


لا يعانى منها الأشخاص اللونون. فلو كانوا قد استفسروا عن تفضيل السود بالنسية 
لمكان دفنهم, هل قريبا من إقامتهم أم فى حفرة خاصة بضحايا الحمى الصفراء 
حفرت بعيدا عن أى مكان مأهولء لأدركوا أن الأفريقيين الذين لم يكونوا قد اكتسيوا 
هوفمان) قد ماتوا من الحمى الصفراءء. تماما مثلما حدث مع البيض الذين لم تكن 
لديهم مناعة(*"). 

ويالنسية للتاس المهتمين حقا بالتنمية سواء كانوا انجليزاء, أم كانوا 
هولنديين» أو سيفرديك!") أو فرنسيين أى إسبانًاء فإن التقدم استلزم أن يبدأ 
الإنتاج فى أراضى حوض الكاريبى والجرق القارى الصالحة لزراعة قصب السكر. 
تلى ذلك المنطق؛ أن أساليب الإنتاج المستخدمة على جزيرة باربادوس الصغيرة اتجهت 
فى النطاق البريطانى إلى جزيرة جامايكا الأكير جدا منهاء وفى النطاق الفرنسى حتى 
سان دومينجوء ومن ثم ويعد تمهل إيديولوجى (ارتبط بالثورة الفرنسية وحرويها) 
تلتها البرازيل وكوياء ليصبحا المنتجين الأساسيين. والآن نتوجه إلى هذه المجتمعات 
الآن بادئين بأكثرها خبثاء سان دومينجو, والتى عرفت بعد ١6-5‏ باسمها الأمريكى 
الأصلى هاييتى. 


هاييتى : 

لقد زرنا هذه الجزيرة التى كانت يوما ما سعيدة قبل أن توضع تحت الحكم 
الصارخ لكريستوفر كولمبوس. فكما رأينا من خلال العوامل المتصلة بالمرض (الجدرى) 
والآبادةالجماعية الاسياتية: سنرعان مآ تغركن :شعن ايت من السكان الأصليت 
لهيسبانيولا للانقراض السريع. ولاستبدالهم قام الإسبان بدفع البرتغاليين لاستقدام 


(*) سيفرديك: أو سيفرديم؛ وهم اليهود المنحدرون من شمال أفريقيا أو البرتغال أو أسبانيا. 


521 


الرقيق من أفريقيا. ثم بغزى المكسيك وبيرى واكتشاف مناجم غنية بالذهب والفضة 
هناك: فقد الإسبان الاهتمام وسمحوا لسكان هيسبانيولا والكريوليين والمولدين بعمل 
ما يتراعى لهم كمزارعين لكسب الرزق. 

بعد ذلك بقرنين ونصف مكنت تبدلات التاريخ مقاولين من فرنسا (يحكمهم ابن 
عم ملك إسبانيا) من أسرة البربون, من إقامة مزارع على الثلث الغربى للجزيرة. 
أصبحت هذه المجموعة من المزارع ورقع متزايدة من الأرض المرتفعة وأماكن مدنية 
(ميناء أوبرنس وكاب فرانسوا) تعرف بسان دومينجى. ولقد كان التقدم فى التنمية 
سريعا بدرجة مدهشة. وفى ١7170‏ كانت سان دومينجى قد تحولت إلى المستعمرة 
الأكثر ربحا فى العالم. فهى تقريبا بنفس مساحة ولاية ميريلاند» وتنتج أكثر من نصف 
سكر العالم. فإلى جانب صادراتها من القطن والنيلة والبن» أعطى السكر سان 
دومينجى إجمالى إنتاج للمستعمرة أكبر من إنتاج الثلاث عشرة مستعمرة انجليزية 
الواقعة فى القارة نفسها مجتمعة("". 

باتباع النموذج القائم فى باريادوس بعد 114٠‏ (نتيجة ازدهار الصناعة الأولية 
والحجم السكانى الثابت فى أوربا)؛ كانت تقريبا كل الأعمال الحقلية والمعالجة 
والتجهيز النهائى لسكر القصب فى سان دومينجى يقوم بها العبيد الأفارقة. وفى 
السنة التى اندلعت فيها الثورة فى فرنسا كانت هذه المستعمرة تحتوى على ١8؛‏ ألفًا 
من العبيد. من بين هؤلاء نسبة كبيرة ممن كانوا حديثى القدوم. وفى آخر سنة طبيعية 
من النظام القديم (17/41), تم إحضار 50 ألفا من عبيد “هيسبانيولا” لسد النقص 
الحادث فى الأعداد. 

ولقد خضع عبيد سان دومينجى المحزونون غير المنظمين والعنيدين إلى ما قد 
أصبح الآن أشكالا نمطية (معتادة) من الانضباط؛ وكما شرحه واحد منهم: 


ألم يعلقوا رجالا ورؤوسهم لأسفل, وغطسوهم فى الماء ورؤوسهم 
داخل زكائب: وصلبوهم على الصلبان الخشبية؛ ودفنوهم أحياء. 


222 


وطحنوهم فى الهاونات؟ ألم يجبروهم على أكل البران؟ وسلخوا 


جلودهم بالسياط : ... ألم يريطوهم إلى أعمدة 
بالمستنقعات ليلتهمهم البعوض؟7:*) 


وبالإضافة إلى مخاطر أخرى؛ كانت الحمى الصفراء المنقولة بالبعوض هى وعدة 
أنواع أخرى من الملاريا من الأمراض المتوطنة بسان دومينجو. وليست هناك أرقام ولا 
تقديرات تخمينية بقيت لنا عن أعداد السود الذين ماتوا بواسطة تلك الأمراض 
القاتلة. ومع ذلك: فبالنسبة لتلك النوعية من الناس الذين يعتقد جامعو السجلات 
بأهميتها - الجنود البيض - هناك قدر كبير من المعلومات. فهناك قصاصة تحكى عن 
مصير ٠٠١‏ من الرجال الموجودين فى بلدة بورت أوبرينس. إذ بعدما أصبحوا 
متأقلمين مع البيئة المرضية الخاصة بهذه البلدة فى عام //ا/0١.هؤلاء‏ الرجال التعساء 
نقلوا إلى مركز يبعد 00 ميلا. وفى خلال ستة أسابيع كان خمسة وعشرون منهم 
موتى» ويقى تسعة عشر منهم فقط أصحاء. وبعد عامين. كان الناجون من المائة رجل 
الأصليين سبعة عشر فقط(١2).‏ 

كانت الصفوة البيضاء بسان دومينجى بعد »١178١‏ بارتياطها بروابط الائتمان 
المصرفى والقرابة بفرنسا الأم؛ قد انجرفت ضمن اضطرابات ثورتها. ومما ساهم 
فى الصعويات التى تواجههم كانت تصدعات اجتماعية محلية. ففى مقابل 
المزارعين البيض الكبار (الذين توقعوا حياة مريحة عند تقاعدهم فى بوردو أو لا 
روشيل): كانت هناك مجموعات من صغار المزارعين البيض ومن الحرفيين الذين لا 
يملكون أراضى. بالإضافة إلى سود معتوقين ومزارعين مهجنين ممن كانوا هم أنفسهم 
يملكون عبيدا. ولقد كان من هؤلاء التجمعات أن تبزغ القيادة الثورية لهايتى؛ رجالا 
مثل توسكان لوفرتيور 056اف]علانا80 ا )ألا 70100556 وجان جاك دايزالين ووعل. 


5 5ع لانه36ل 


فمبكرا فى خضم الأحداث التى أدت فى 16١05‏ إلى تحرير العبيد وإقامة هايتى 
كجمهورية مستقلة تحت حكم السودء تسابق المزارعون البيض الكبار إلى الفرار. 


523 


ويداية من ؟15١,‏ عاد البيعض منهم إلى فرنسا واستقل آخرون السفن إلى فيلادلفيا 
التى كانت حينئذ المدينة الرئيسية للولايات المتحدة. وهناك تسيبوا مع صحبتهم من 
البعوض فى حدوث وياء شهير للحمى الصفراء. وحيث إن معظم هؤلاء اللاجئين من 
ذوى المكانة العالية كانوا قد اكتسبوا مناعة ضد هذا المرض وهم أطفال ( تبعا لنظام 
هوفمان للحمى المتوطنة بفيلادلفيا), تقريبا كل ال ٠,.٠٠‏ الذين ماتوا بالحمى 
الصفراء من فيلادلفيا إما كانوا من مواطنى الولايات المتحدة الجديدة وإما كانوا من 
العبيد المستوردين9'*). 

وفى هايتى نفسهاء بعد ,١79١‏ تركت الفوضى المنظمة: قيادة فعالة فى أيدى 
ائتلاف من المولاتى 13]10ئا/] ورؤساء الميليشيات السوداء الذين سقطوا لفترة طويلة فى 
إغواء سحر السلع الاستهلاكية الأوربية. ولقد رأى القادة الثوريون, الذين لم يعودوا 
يتعاطفون مع المرارعين السود المولودين بالجزيرة. ولامع مهاجرى البيسيانيولا الذين 
كانوا يرغيون ببساطة فى أن يتركوا فى حالهم,» رأى هؤلاء القادة أمثال تويسان أته من 
الأساسى أن تظل السلع الاستهلاكية الأوربية والأمريكية الشمالية فى التدفق إلى 
الجزيرة. وبإدراك أن هذا سيجعلهم معتمدين على الوكلاء البيض المقيمين» فقد رأى 
القادة السود فى نفس الوقت أن العمود الفقرى لحركتهم الثورية يكمن فى 5١‏ يالمائة 
من السكان الذين كانوا رقيقا أو بدرجة أقل من العبودية(”*). 

وقد نشأ عن المجالس الثورية برنامج ذو شقين للحفاظ على الروابط مع مصادر 
التوافه القادمة من الغرب مع توفير القليل من التحسينات للجمهور من السكان. ريما 
لم يكونوا مدركين أنهم يتبعون نموذجا قدمته أوربا الشرقية وروسيا أثناء العصر 
الثانى للرقيق الأرضى (بعد )١٠٠١‏ فقد اقترح ثوريو هايتى بأن العبودية الصريحة 
يجب أن يحل محلها وضع مثل عبيد الأرض الذى يعطى العمال بعض السيطرة على 
حياتهم اليومية. وكانت المشكلة فى هذا البرنامج » حسيما يشغل الأوربدين الذين 
كانوا يتحكمون فى الجيوش والبحريات القوية (لم يبال أحد بسؤال عبيد الأرض عن 
رأيهم) أنه ينفذ من قبل ملونين. 


ولقد بدا من منظور لندن وياريس أن الطريق الوحيد لمنع مزيد من عصيان 
العبيد فى جزر الكاريبى الغنية بالسكر (نظرية الدومينو) كان يغزو سان 
دومينجو. فباستخدام ذريعة أن الحرب قد اندلعت بين إنجلترا و فرنساء أرسل رئيس 
الوزراء ويليام بيت: وهو الأكثر كفاءة بين قادة النظم القديمة بأورياء بقوات لدحر 
المستعمرة الفرنسية العاصية. ويين ١197‏ و17948١‏ هبط حوالى ٠١‏ ألف بريطانى تحت 
السلاح فى موانئ سان دوميتجو., أتبع ذلك غزو فرنسى أتى ب55 ألفا آخرين من 
المقاتلين(؛8), 

ويندر فى هذه الفترة الحديثة من التاريخ أن يأتى هذا العدد من الأوربيين فى 
غير وقته متمدنين (كانوا من أشد الأنواع و أصلبهم نسيجا) إلى الجزيرة القابعة فى 
البحر الكاريبى والتى تغشاها الحمى الصفراء والملاريا. ويمواجهة هذا التركيز فى 
الضحايا المتركزين فى حاميات الموانى ؛ كان لكلا النوعين من الحمى يوم مشهود. 
فيعض القوات البريطانية التى نجت من كل من الحمى الصفراء و" النزيف” الذى 
عالجه الأطباء البريطانيون قد أرسلوا إلى قبورهم بعد إصابتهم بملاريا فالسيبارم. 
وكان من إجمالى ال ١؟‏ ألف بريطانى ممن واجهوا طلقات الثائرين الأفارقة: وهذه 
الآفة الصفراء المتفشية بقوة عبر الجزر الغربية» أن مات ١١,1٠٠‏ واحتاج ١6٠١‏ 
آخرون للدخول لمصحات: تاركين حوالى ٠٠٠١‏ فقط سللمين. ومن بين الفرنسيين ذهب 
4 ألفا لقبورهم بفعل الرصاص والحمى وعاش ٠٠٠١‏ فقط ليعودوا إلى أوريا التى 
يحكمها الفرنسيون!*"). 

إلا أنه بالنسبة للفرنسيين, فقد أتاحت التجربة فى هايتى تدريبا لحملات تالية فى 
الجزائر ولقد كان من المفيد بوجه خاص الأساليب المتبعة للتعامل مع السكان المحليين. 
وبالنسبة لهذاء رسمت خطط إجرائية من قبل نسيب نابليون جنرال ليكرك؛ الذى كتب 
فى آخر خطاب بعث يه من هايتى قبل أن تهلكه الحمى الصفراء أن: 

سيكون عليك إبادة كل السود فى الجبال والنساء إضافة إلى 
الرجال فيما عدا الأطفال تحت الثانية عشر. محى نصف السكان 


ب 
1 
ب 


بالأراضى المنخفضة ولا تترك فى المستعمرة أسود واحدا يكون 
قد ارتدى زيا عسكريا ( فى جيش المتمردين)(). 
وفى هذا الخصوص قاهت القوات الفرنسية التى تقوم بتنفيذ هذه الإجراءات 
العقابية بقتل حوالى ١6١‏ ألف شخص ودمرت كميات فائلة من المواد الغذائية 
والمعدات الزراعية. ولقد بقى من تعداد سكان هايتى البالغ 547 ألف هايتى بلغ عندما 
انسحب الفرنسيون ١7٠١‏ ألفا فقط بالكاد لديهم القدرة على حرث الأرض وزراعة 
المحاصيل اللازمة للرزق!"2). / 


وبمنظور تاريخى عالمى» كان ما جرى من انهيار المشروعات الأوربية لكبح 
الجمهورية السوداء المستقلة متعدد الوجوةه. وكان من أكثرها دلالة الحاجز 
السيكولوجى الذى منع الأوربيين والأمريكان الأوربيين من قبول أن تستحق جمهورية 
أقيمت من قبل عبيد أفريقيا الثائرين الاعتراف بها كدولة ذات سيادة حقيقية. ولإعطاء 
مثل على هذا الموقف, قدم الرائد دبليى. سى. جورجاس بالجيش الأمريكى إلى مؤتمر 
دولى عام 1407 عن الطب الاستوائى, تاريخ الحملة الفرنسية إلى هايتى. لقد اعتبر 
جورجاس أن: "من 0" ألف رجلء ما يقرب من ؟5؟ ألفا ماتوا بالحمى الصفراء فى 
موسم واحدء تاركين الباقى برمتهم تحت رحمة العدى الذى نادرا ما كان يحتاج 
لإطلاق النار"(28), 


لقد أراد جورجاس للعالم أن يصدق أن السود لم يكونوا قادرين أبدا على هزيمة 
جيش أبيض وحدهم؛ فى حين أن نسبة كبيرة من الموتى الفرنسيين والإنجليز كانوا 
ضحايا لطلقات الهايتيين. وسيلاحظ فيما بعد أن التاريخ الذى اخترعه جورجاس قد 
تم توقيته لإعطاء مثال مخالف لزحزحة الذاكرة عن هزيمة إيطاليا الحديثة على أيدى 
الأثيوبيين فى أدوا 08اه80 فى 01014957 

فى 18-4.» مباشرة بعد النصر صعب المنال لهايتى الذى ترك الكثير من تعدادهم 
فى عداد الموتى. فرضت القوى الاستعمارية الأوربية والأمريكية مقاطعة دبلوماسية 


326 


واقتصادية. وفيما بين الإنجليز كان ينظر بحدة بالغة لأية إشارة بأن جمهورية 


درت مذا )6), 
صودرت مرارعهم 


كان لا يزال هناك المزيد بالنسبة للمشكلة بهايتى أكثر من الفروق فى لون 
البشرة. فما حكم توجهات البريطانيين أكثر من أى شئ آخر كان الأذواق السلوكية 
لأهالى هايتى العاديين. فبدلا من قبول الحاجة للسيطرة الاقتصادية من قبل أكبر مقدم 
للقروض فى العالم بحيث يمكنهم شراء السلع الأوربية كان أغلب الهايتيين يفضلون 
أن يبقوا مزارعين من أجل وجودهم فقط. ويعملهم تبعا للنموذج الأفريقى أقامت 
النساء الهايتيات دورة أسواق ذات أربعة أيام, والتى كانت مناسبة بشكل تام للوفاء 
بمتطلبات التبادل فى بنود مثل الملح والمواد الغذائية المحلية والملابس ذات الطابع 
الأفريقى('*). وكان الهايتيون وقد ارتضوا بما يملكون؛ يشعرون أنه ليست هناك حاجة 
لتجارة خارجية. ْ 


ولكن برفضهم لهدية الغرب للتنمية (أو التطور) وضع الهايتيون أنفسهم فى 
وضع غير مقبول بالنسبة لأوربا الوريثة للتنوير والمقتنعة بأنها هى وحدها المالكه لمعيار 
أخلاقى صالح عالميا. ولسوء الحظ (بالنسبة لأولئك الذين يحبون النهايات السعيدة)» لم 
يساند الجميع فى هايتى رفض الاستهلاكية. وخاصة وبشكل حاسم كان موقف رؤساء 
الدولة. فيعد ١8٠4‏ سقط أغلبهم أمام إغراء السلع المستوردة. ويتزايد قيود استدانتهم 
للغرب واحتقارهم للمعتقدات الدينية للمزارعين البسطاءء. سار رؤساء مدى الحياة 
بسرعة على الطريق إلى الكارثة. ويانتهاء القرن التاسع عشرء أصبحت الجمهورية 
الهايتية زبونًا فى البداية لتجار هاميورج (الأكشر انجليزية من بين المدن التجارية 
الألمانية) ثم ( كما لا يزال الحال اليوم) للولايات المتحدة المستقلة”*). وهذا يقودنا إلى 
أحداث ومعان متعلقة بالمرض فى هذا المارد القارى. 


527 


الولايات المتحدة : 


بعد 1804, وكما سبقء استمر الرقيق الأفريقى الأسود (المؤسسة المميزة) فى 
الازدهار فى الولايات الجنويية بأمريكا. ومع ذلك فقد أدى وجود هذا الرقيق بصعوية 
أقل مع الوطن الأم السابق عما كان متوقعا. وعلى الرغم من أنه من حيث المبدأء كانت 
هذه المؤسسة سيئة السمعة من قبل الإصلاحيين الأخلاقيين الإنجليز الذين وضعوا 
نهاية لتجارة الرقيق فى ١4801‏ وحققوا إلغاء كاملا على اتساع الإمبراطورية فى 
87 حسيما أتاحت الظروف العملية: لم يأخذ أبدا رأسماليو ودبلوماسيو لندن 
بدرجة من الجدية مقاطعة السلع الأمريكية أو قطع العلاقات الدبلوماسية فى 
الاعتبار. لقد كان التباين بين المواقف البريطانية تجاه الولايات المتحدة - مصدر أغلب 
القطن الذى يزود مصانع مانشيستر وأولد هام - والمواقف البريطانية تجاه هايتى 
- جمهورية العالم الجديد الوحيدة التى أسقطت الرقيق - ذا دلالة. ولكن يدلا من 
السخرية من إنجلترا الغادرة” دعنا نتحول إلى اهتمام آخر. فهذا هو الدور الذى 
لعبته مؤسسة أمريكا المميزة وإجراءاتها للسيطرة لما بعد فترة الحرب الأهلية 
(قوانين جيم كراو والكوكلوكس كلان, وأحكام المحكمة العليا) فى بناء "الموقف من 
الحمى الصفراء". فكما سيكون من الواضح أن هذا "الموقف' قد أصبح جِرْءًا من حالة 
ذهنية متوطنة شكلت علاقات البيض والسود فى أمريكا وإلى حد ماء فى باقى العالم 
المتحدث بالإنجليزية. 

لقد اكتسبت الولايات المتحدة إقليم لويزيانا الشاسع بالشراء من فرنسا فى 
7 (بمساعدة بنك بيرنجز) ممولة بذلك الحملة العسكرية الفرنسية ضد هايتى. ثم 
أثناء الحرب الأمريكية الإنجليزية بين عامى 1417 - 18١6‏ اغتصبت الولايات المتحدة 
غرب فلوريدا من إسبانياء وأخلت سكانها من الكريك والشيروكى والشيكاسو 
والشوكتا والناتشيز من قبل أندرو جاكسون بصلاحياته كرجل عسكرى ورئيس 
للولايات المتحدةء فهذه الأجزاء من الأقاليم الجديدة المواجهة لخليج المكسيك إلى 


3128 


الجنوب ونهر المسيسبى للغربء أصبحت الموقع الإقليمى للثقافة الجديدة حيث أصبح 
القطن المزروع بالرقيق هو الملك . 

ولإبقاء الأمور فى الصورة لابد من إدراك أنه فى علاقات المركز بالأطراف فإن 
الجنوب حديث التنمية كان منطقة حدودية لتوفير المواد الخام لتحويلها إلى سلع كاملة 
التشطيب فى شمال انجلترا. وقد قدمت إنجلترا وهى تقع فى المركز المؤثش لقلب أوربا 
معظم رأس مال الاستثمارء والقروض قصيرة الأجل وإمكانيات النقل البحرى عبر 
الأطلنطى التى احتاجها الجنوب للتوسع فى حدوده الزراعية(؟"). 

ومع ذلك فإن تقييم علاقات المركز بالأطراف قد بدت أكثر اختلافا عند رؤيتها من 
أمام شرفة أمامية لمنزل مبنى حديثًا على الطراز الإغريقى بمزرعة لمالك عبيد فى 
المسيسبى أو لويزيانا. وكسادة لجميع من بقوا - بزراعات تبلغ آلاف الأفدنة - 
اعتبرت العائلات الحاكمه للجنوب الأسفل نفسها الشكل الأعلى لسائر المخلوقات. كان 
الكثيرون منهم من نسل مزارعين قد أتوا إلى جنوب كارولينا من باريادوس أثناء 
اضطراباتها فى تسعينيات القرن السايع عشر مع الحمى الصفراءء ومن ثم وقد فُتحت 
أمامهم أراض جديدة:؛ انتقلوا إلى الأطيان العذراء للجنوب الأسفل. 

وفى عشرينيات وثلاثينيات القرن التاسع عشر لم يكن مزارعو الجيل الأول 
دفاعيين بشكل لافت بخصوص أسلوب حياتهم. كانوا قادرين على أن يكونوا راضين. 
وعادة ما أظهرت السطور السفلى بدفاتر حساباتهم بأن الرقيق الأفريقى الأسود كان 
أكثر فعالية من ناحية التكلفة عن العمالة البيضاء المجانية التى استخدمها الشماليون 
فى مزارعهم التى احتلها الملاك فى الإقليم الشمالى الغربى (انديانا وايلينوى 
واوهايى), ثم كذلك فإن استخدامهم عالى الدقة للالتزام الزمنى عند تشغيل عبيدهم قد 
وضعهم فى مقدمة علاقات إدارة العمالة المتقدمة!؛*). 

ومع ذلك فيعد أوائل أربعينيات القرن التاسع عشر أفسح عدم اكتراث الجنوييين 
المجال لتوجهات أكثر عدوانية. فبالنظر إلى مركز منطقتهم فى الولايات المتحدة ككل, 


529 


وجدوا أن السياسيين الشماليين كانوا يفوزون بانتظام فى السيطرة على الرئاسة 
ومجلس الشيوخ بالولايات المتحدة؛ وقد خشى المتشائمون من احتمال استمرارية 
هذا الوضع. ومما هدد المصالح الجنوبية أكثر أيضاء أنه كانت هناك تقارير بأن الكثير 
من السياسيين الشماليين ينصتون إلى مؤيدى إلغاء الرقيق بولاية نيوانجلند الذين 
أرادوا تدمير جذور وفروع الرقيق. وبالنظر أماما إلى المستقبل كان هناك السؤال 
المؤرق عن أى تجمع إقليمى - مالكى العبيد فى الجنوب أم الشماليين - سيفوز 
بسيطرة غالبة فى الأقاليم الجديدة الشاسعة التى كان على بيان القسمة الأمريكى 
لإدناكة0 )5ه أمةال موء :656 أن يفزوها وهى المكسيك بالكامل وأمريكا الجنويبية 

وكويا وكندا("). 

يمواجهتهم لمؤيدى إلغاء الرق المزعجين (حتى أن رئيس تحرير جريدة ليبريتور 
الصادرة فى بوسطن طالب باستحقاق السود للمساواة الكاملة بالبيض) اتخذ 
المزارعون الجنوييون الأساسيون وعملاؤهم المحترفين موقفا دفاعيا. فبإطلاقهم على 
أنفسهم الجنوبيين لتوضيح أنهم كانوا مختلفين تماما عن الشماليين؛ ادعوا أن ثقافتهم 
كانت عائده لحضارة فريدة موهوية لها جذور تعود إلى أثينا وأسبرطة القديمة المؤيدة 
لسياسة اتخاذ العبيد9!'). وكان حاضرا فى التناول على نحى ملائم ليساعد على بناء 
هذه الهوبة المخترعة أطباء محليو التعليم وخبراء فى الحمى الصفراء. 

وحسبما حدث بعد حوالى عام أصبحت أويئة الحمى الصفراء شائعة 
بشكل متزايد فى الجنوب؛ تصيب المدن الكبرى - نيو أورليائز. ممفيس؛ تشارلستون 
- كما تصيب عدة مئات من المراكز الإقليمية الصغيرة التى زودت المزارعين بخدمات 
أساسية. ففى عصر اختفت فيه الحمى الصفراء تماما من الولايات الشمالية» كانت 
هذه الأوبئة المتكررة التى يشير إليها المؤرخون الجنوييون الحديثون ب"نقمة الجنوب » 
قد أعطت المنطقة اسما سيئًا. 

وبالنسبة لجنوبيين مؤهلين طبياء متحمسين لإثبات أن العبيد السود كانوا جزءا 
من "عرق" ذليل مميزء مختلف بيولوجيا عن "عرق" السيد الأبيضء كانت الحمى 


5330 


الصفراء نعمة من الله('*). فحسب الشائع أنها واردة بالسفن من كويا إلى الأراضى 
الأمريكية, كان المقصود أن كل وباء اندلع أولا بطول الواجهات البحرية لموانئ 
تشارالستون أو نيواورليانز ويعدئذ اتجه لأعلى ساحل الأطلنطى أى عبر وادى 
المسيسبى حسبما يكون الحال!”"). ومع ذلك؛ فى ضوء المعارف الحالية بأن الحمى 
الصفراء فى شكلها المتوطن يمكن أن تبقى غير مرئية تقريبا فى أى مكان مأهول حيث 
تكون درجات حرارة الشتاء فوق درجات التجمدء فمن المثير للجدل أنه فى بعض 
الأركان بالجنوب كانت الحمى الصفراء بالفعل متوطنة لسنوات بدون نهاية. 

وكان ضمن هذا الجدل المطروح أماكن معيشة العبيد شديدة الازدحام فى 
المزارع الكبيرة. فقد كانت مساكن الأمريكيين الأفارقة التى تدفئها حرارة الأجساد 
البشرية ؛ ونيران خشب الجوز والتى أعطت مستعمراتهم رائحتها المميزة؛ قادرة على 
توفير درجة الحرارة الدنيا المطلوية للابيقاء على بعوضة ايديز ايحبتى أأملاوعة 86085 
حية. وأيضا بيض البعوض يحفظ دافئًا وفى حالة صالحة ليفقس فيما بعد (وبعضها 
ريما تحمل العدوى من البعوضة الأم المصابة بفيروس الحمى الصفراء)؛ كما وفرت 
نيران خشب الجوز أيضا دفئًا مريحا للأطفال الذين كانوا يحبون اللعب بالداخل حيث 
يمكن أن يتعرضوا للدغات البعوض المقيم ( لدغات النهار) مما يجعلهم يشعرون 
ببعض التوعك؛ ومن ثم يكونون قد اكتسبوا مناعة غير مقصودة ضد مزيد من هجمات 
الحمى الصقراءل"'"). 

كما كانت هناك نقطة أخرى تؤخذ فى الحسبان وهى الأمريكيون الأفارقة» بينما 
كانوا لا يزالون تحت الرق لم يثقوا فى أطباء المزارع من البيض وفى أفكارهم المثيرة 
للفضول حول الفصد وإخراج الحمى بالمسهلات. وبسبب البفض الغريزى هذاء 
كان هؤلاء العبيد كلما أمكن يعالجون مرضاهم المحمومين مستخدمين علاجات 
منزلية مثل الاستحمام وتناول مشرويات مهدئة. وتماما مثلما أحب الأمريكيون أن 
يصنع الأفارقة ملابسهم وملبوساتهم بطريقتهم المميزة فإنهم أيضا أحبوا العناية 
بموتاهم ودفنهم فى أماكن معروفة لهم وحدهم. ويمعرفة أنه حتى يومنا هذا فإن مجرد 


331 


نسبة ضئيلة من المرضى بالحمى الصفراء هى التى تشخص بشكل صحيح (أرقام 
منظمة الصحة العالمية تشير إلى ذلك بواحد فى الألف) فمن المعقول أن نفترض 
أن الكثيرين من السود فى القرن التاسع عشر الذين ماتوا بهذا المرض لم يتم 
الإبلاغ عنهم لدى السلطات. والحقيقة أنه حتى بعد الحرب الأهلية يوقت طويل لم 
تكن هناك ولاية بالجنوب السفلى قد رأت من المقيد تسجيل الإحصاءات الحيوية لأية 
جماعة عرقية! ''). 


ومن بين الممارسين الجنوبيين للطب الخاص بالجنوب الذين كانت عقيدتهم قد 
صقلت وضبطت على احتياجات ملاك المزارع - “طب حقوق الولايات"- كان دليلا ذاتيا 
لهم على أن السود الذين قد عانوا من الحمى الصفراء أقل كثيرا من البيض وضمن 
الخطا التى أطلق عليها "الموقف من الحمى الصفراء بلغ ببعض أصحاب النظريات الطبية 
ادعاء أن السود كائوا ذوى حصانة بالكامل. أحد أوائل الأطباء الجنوبيين الذين تبنوا هذه 
الأقكار بالنشر كان د. جيه. سى. نوت بموييل فى ألاباما. لقد كان د. نوت مساهما 
منتظما فى المجلة الشعبية للأنثرويولوجى لإوهاهمه:طثمة أه 06أ2قوقص “3اناممم, 
وينظر إليه بشكل عام كرجل أمين ومحترءل'). وكان معروفا فى أريعينيات القرن 
التاسع عشر بنصائحه العقلانية للأشخاص المصابين بالحمى الصفراء - فقد كان 
يوصى بتناول كميات كبيرة من السوائل والراحة بدلا من عملية الفصد التى كان 
يوصى بها غيره - فقد صرح د. نوت * إننى لا أتجاوز حدود الأمان بتأكيدى أن ربع 
الدم الزنجى يمثل حماية تامة ضد الحمى الصفراء أكثر من التطعيم ضد 
الجدرى”"9١').‏ وكان هناك مساهم أكثر فى هذا الخطاب هو صمويل. أيه. كارتريت. 
فقد صرح هذا الطبيب الشهير محليا من نيوأورليانز: 
على الرغم من أنهم ( الزنوج) معرضون بشدة لحميات الاحتقان 
والصفراوية (الملاريا) فإنهم غير معرضين للقئ المرعبء أو 
الحمى الصفراء. أو على الأقل تكون إصابتهم بها خفيفة حتى 
أننى لم أر زئجيا أبدا يموت من القئى الأسود» مع أنى قد شهدت 


5232 


عددا من أويئة الحمى الصفراء9؟"". 
لقد كان د. كارتريت يردد صدى رأى المزارع الجنوبى الذى يدعى بأن "الطبيعة 
تهزأ من رؤية البشرة البيضاء ..... وقد انحدرت الى أعمال شاقة هكذا' وطبيقا له 
الما ج00 
هناك إشارة مطبوعة أخرى عن الأشخاص الذين انتهكوا قانونا آخر من قوانين 
الطبيعية توجد فى جريدة نيو أورليائزء النحلة 866 586 فى أوائل مايى ١4867‏ فمن بين 


' أمور روتينية على سبيل المثال صاحب الكباريه آر. 

جونز حكم عليه بغرامة قدرها ٠١‏ دولارات لبيعه كحوليات 

للعبيد. وفى قضية أخرى فرضت غرامة على ديفيد كينج وهو 

رجل حر ملون لسماحه بتجمع غير مشروع للعبيد فى الكباريه 

المملوك له, والعبدان اللذان كونا التجمع غير المشروع حكم 

عليهما بخمس وعشرين جلدة لكل منهما"9'"'), 

بعد هزيمة الولايات الأمريكية الكونفيدرالية المتمردة على الاتحاد الفيدرالى أمام 

قوات الشماليين فى 1870: تم تحرير عبيدها البالغين ؛ ملايين و حولوا إلى مزارعى 
محاصيل بالأنصبة وساكنى عشوائيات حول ضواحى المدن. هذا وقد استمرت 
تمييزية كارتريت البيولوجية وقد غذتها العنصرية المتنامية فى أرض الوطن إضافة إلى 
نلك الواردة إليها من انجلترا. ومن بين المعاقل الأخرى كان قسم الكوكلوكس كلان» 
الذراع التنفيذى للعنصريين البيض الجنوبيين بعد الحرب. لقد حمل بيان الكلوكلوكس 
كلان ما يلى: 


'إن التاريخ وعلم الفيسيولوجى يعلماننا بأثنا ننتمى إلى جنس 


5533 


قد أنعمت عليه الطبيعة بتميز فوق كل الأجناس. أن لدينا 
السيادة على الأجناس الأدنى التى لا يمكن لقوانين بشرية أن 
تنتقص منه باستمرار".7١١)‏ 
وقد كانت هذه الروح نفسها التى دعت د. هنرى روز كارتر ( ؟1805- 1550) 
لكتابة الأفكار العلمية للحمى الصفراء والتى نشرت بعد وفاته فى 197١,‏ فقد ولد 
لأبوين يمتلكان عبيدا قبل الحرب الأهلية بتسع سنوات (وهكذا فإنه كان من العمر 
بحيث يعانى بشدة من الحرب نفسها) ونشأ فى مزرعة كليفتون فى إقليم كارولين» فى 
ولاية فرجينيا التى جرى القتال حولها كثيرا. وبرؤية هذا المرض من خلال عيون هذه 
المشاعر فقد انتهى كارتر فى تصريحه المنشور عن الحمى الصفراء بأن الزنجى ... 
لديه مقاومة عنصرية حقيقية لا تعتمد على إصابة أو تعرض سابقين"1') ومع ذلك 
فإن القدرية البيولوجية لكارتر / كارتريت لم تكن مقبولة فى كل الأنحاء. 
أشارت مارى كينجزلى: :15٠١‏ وهى شخصية شهيرة و بارزة بمعنى الكلمة من 
شمال إنجلترا ورحالة مدمنة إلى غرب أفريقيا إلى أنه فى فريتاون بسيراليون » 
كان من الشائع أن السود العائدين إلى أفريقيا ممن عاش أجدادهم وآباؤهم لجيلين 
أى ثلاثة فى أمريكا أو كندا أو إنجلترا قد فقدوا كل المناعة ضد الحمى الصقراء 
والملاريا. وطبقا لهاء فمن بين العائدين كانت معدلات وفيات الحميات عالية تقريدٍ 
بنفس المستوى لدى البيض المعرضين للإصابة والعائدين حديثا من أوربا(2'). ولكن 
ماكان معرفة شائعة فى الحلقة المحيطة بمارى كينجزلى من الفئة المختارة 
بانجلترا .كان واضحا أنه غير معروف فى الجنوب الأمريكى. 
فى المراجع الطبية الجنوبية المنشورة بعد 1870 والتى خضعت مؤخرا لقحص 
مارجريت همفرى, لم يكن هناك فى الواقع ما قيل حول الحمى الصفراء بين السود 
المولودين بأمريكالا''). ومع ذلك فما يثير اهتمام " الجنوبيين" كان الأثر السلبى للحمى 
الصفراء على المهاجرين من أوربا. لقد كان أثرا سلبيا أيضا على تدفق رؤوس الأموال 
من المصدر الجديد الذى وصل مؤخرا لمكانه: وول ستريت فى مدينة نيويورك. وكرد 


5334 


فعل لهذه الصعويات كان أمام الفرف التجارية الجنوبية ثلاثة خيارات: 

١‏ - نفى وجود أى تهديد للحمى الصفراء. 

؟ - الاعتراف بالتهديد بفرض حجر صحى على السفن القادمة من الموانئ 
المصابة. 

"' - مواجهة الأزمة الوبائية للحمى الصفراء عند حدوثها باتخاذ الخطوات 
الدفاعية المعتادة ضد الجو العفن الذى يعلم الجميع بأنه ناتج عن حرق براميل القار 
فى الشوارع وإطلاق المداف('١١),‏ 

وطبقا للتوجه الأول؛ كانت هناك مقالة افتتاحية فى جريدة ديلى بيكايون بنيو 
أورليائز فى مايى 1867 والتى تباهت بأن: " لم تضع الطبيعة حدودا لعظمة مدينتناء 
وأنها لابد أن تصبح ..... ريما يوما ما المركز التجارى الاعظم على وجه الارض١١1).‏ 
فى ذلك الخريف بعد أن سقطت بوادر الصقيع اندفعت صحف نيوأورليانز مرة 
أخرى نحو التضخيم والمباهاة. بقراءة الصحافة المحلية لم يكن القارئ غير المثقف 
ليدرك أنه فى شهر مايو السابق تسبب الذعر الناتج عن بعض التقارير بأن الحمى 
الصفراء قد قتلت عدة مواطنين فى جعل ٠٠‏ ألفا من سكان نيوأورليائز من البيض 
يفرون بحياتهم من هناك. وفيما بين الهجرة الجماعية لمايو العظيم وقدوم الصقيع 
كانت الحمى الصفراء قد قتلت ...4 شخصء أى واحد من كل عشرة من السكان 
الباقين بالمدن!"١١),‏ 

بينما كانت هناك أحياء تضج بمظاهر الحياة فى نيوأورليانز فى عام 1807 كانت 
هناك أخرى مهجورة إلا من لصوص الليل. ولكن إلى جانب هؤلاء اللصوص كانت 
هناك مشكلات أخرى. فقد كانت نيوأورليانئز مبنية تحت مستوى سطح البحر 
وافتقرت إلى أماكن مناسبة كمدافن حيث يمكن للأجساد أن تترك بدون إزعاج. وهذا 
يعنى أنه أثناء الوياء عندما يكون هناك ضغط شديد على هذه الخدمات كان الأمر 
يحتاج لنقل الجثك المدفونة قبل عام واحد من قبورها إلى مواقع أخرى قيل دفن 


555 


ضحايا الحمى الصفراء الحاليين. وحيث إنه لم يكن أحد فى ذلك الوقت يعرف إذا 
ما كانت الحمى الصفراء غير معدية (كما أصر د. روس من فيلا دلقيا فى )١797‏ أو 
أنها يمكن أن تقفز من موتى الحمى الصفراء إلى عمال المقابرء كان هؤلاء العمال أقل 
من المطلوب بشكل مزمن. 

وكما أفاد د. هومفرى فى أغسطس عندما كان ٠١‏ شخص يموتون كل 
يوم "كانت التوابيت تطرح على الأرض من قبل ناقلى الموتى الذين كانوا يتركونها 
ويذهبون". تبع ذلك فظاعة أسوأ عندما ". فجرت الجثث المنتفخة أكفانها بعد 
يومين فى شمس لويزيانا الساخنة("'). وأثناء الأزمة كان هناك ما يزيد عن ...4 
من موتى الحمى الصفراء الذين يجب التصرف فى جثثهم. فى مدن أعلى نهر 
المسيسيبى حيث توجد أراض جافة كافية لدفن الموتى بشكل دائم, قتلت الحمى 
الصفراء ١١.٠٠١‏ شخص أخرين. وقد بلغ إجمالى هذا ٠١‏ ألف حالة وفاة معروفة 
فى العام ,)١١1(14865‏ 

وأثناء سنوات الحرب الأهلية )١1856 -1851١(‏ مات 5058 ألف جندى 
كونفيدرالى (جنوبى) بالرصاص أو بالمرضء من إجمالى تعداد السكان البيض 
الجنوييين البالغ 4 ملايين نسمة , بينما بلغ تعداد السكان السود فى هذا الوقت 6 
ملايين. فلو كان البيض الذين قتلوا فى ريعان الشباب قد نجوا ليتناسلوا بأى معدل 
قريب من المعدل المعروق بين ألفين من البوير الهولنديين فى جنوب أفريقياء والذين 
زادوا بين ١71١‏ إلى ١856‏ من أعدادهم ليصيحوا 5٠0‏ ألفا (بمضاعفة عددهم كل 
عشرين عاما ليشكلوا قلب الأفريكانية) . لكانت سيادة البيض بالجنوب حادثة لا محالة 
بعام م.ؤا. 

ريما كانت سيادة البيض ستزداد جدا إذا كانت نسية أعلى من ال ه؟ مليون 
أوربى من المهاجرين الذين أتوا للولايات المتحدة بين ١484٠‏ و ١5١5‏ قد اختاروا أن 
يعيشوا فى الجنوب. ولتفسير لماذا اختار أغليهم بدلا من هذا أن يمدوا جذورهم فى 
الشمال أو الغرب الأوسط أو كاليقورنياء يجب إعطاء بعض الفضل إلى أويئة الحمى 


536 


الصفراء لأعوام اما 548/5 /851, م.ؤ١.‏ 


فى 187/8 أندلعت الحمى الصفراء بطول المسيسبى من نيو أورليانز إلى ممفيس, 
وما بعدها منتشرة خلال 2٠٠١‏ بلدة فى ثماني ولايات وتاركة وراعها ٠١‏ ألقا من 
الوفيات. فى ممفيس.ء عند الإشاعة الأولى لاقترابها فر المواطنون ذوو المكانة إلى 
أعماق إقليم شيليى أو أعلى النهر نحو ايلينوى» تاركين وراءهم فقط الإداريين من 
الحكومة المحلية. وحاول الأعضاء الذين تركوا لمصيرهم: أن يحافظوا على الخدمات 
الأساسية - تغذية الأطفال الذين يعثر عليهم هائمين عرايا يمحاذاة النهر؛ إضافة 
لدفن موتى الحمى الصفراء إلا أنها لم تصمد أثناء ذلك. فبعد أن وضع صقيع الخريف 
نهاية لهذه المذبحة - من المعروف وفاة 0١16١‏ من أهالى ممفيس بالحمى الصقراء - 
اجتمع الناجون واتفقوا على أن تجد المدينة المفلسة طريقا لحكم نفسهاء والتزمت 
الولاية بإلغاء جمع الضرائب من المدينة. ويينما كان هذا يحدثء تم اقتراح جدى بأن 
يهجر موقع مدينة ممفيس» وأن يسوى بالأرض ويرش بالملح. وقد قام عدة معارضين 
لهذه الفكرة بالإسراع يبيع أملاكهم بالبلدة بأسعار متدنية؛ وهاجروا فى الوقت الملائم 
تماما للفرار من وياء الحمى الصفراء عام .)١١9(141/5‏ 

وطبقا لأحد التقارير» فى سياق هذا الوياء الثاني, أصيب ٠٠٠١‏ من أهالى 
ممفيس بالمرض ومات منهم 087 فردا. ويشير همفرى مع ذلك إلى أن ذلك كان 
لارتباك هذه الأوقات فلم تحفظ سجلات حقيقية للموتى. على أى الأحوال؛ فإنه بعودة 
ظهور الحمى الصفراء (يفترض أنها حفظت حية محليا عبر الشتاء) التصق اسم الموت 
بسمعة المدينة. ما كان عشية وياء العام السايق تعدادا سكانيا مزدهرا من ٠...4؛‏ 
نسمة - يعبارة تجارية تقلص تعدادء عاصمة المسيسبى - بعد الكارثتين المجتمعتين 
لعامى ١4704‏ و1675 وإلى 51,٠...‏ نسمة وعانت من خسارة سكانية صافية بنسبة 
./١‏ وإبان العقود العديدة التالية؛ بدلا من أن تجتذب ممفيس أعدادًا أكبر من 
المهاجرين الألمان الآريين أو الأيرلنديين من ذوى البشرة الشقراءء فقد شدت إليها فقط 
مزارعى الأنصبة السود الفاشلين أى البيض الفقراء من أرياف أركنساس وتنيسى. 


5377 


ويعبارة إحصائية, فبطت نسبة المهاجرين فى المدينة من /١١!‏ فى 141٠‏ إلى "/ فى 
,6 فى ذلك الحين أصبح السكان السود , الذين كانوا فى 1417٠‏ يقلون عن 
البيض بنسبة ؟ إلى 5؛ أصبحوا مساوين لهم فى العدد('''). وتقريبا حتى اندلاع 
الحرب العالمية الثانية ظلت سمعة ممفيس كمرادف للمرض ثابتة لا تهتز. 

فى /ا1491 بعد أريع سنوات من بداية كارثة دودة لوزة القطن التى بدأت تهاجم 
محصولها الرئيسى؛ أصيب الجنوب الأسفل بزيارة أخرى للحمى الصفراء. ويخلاف 
دودة لوزة القطن, كان جزء من محيط هذه الكارثة الجديدة يطول سمعة الجنوب 
بالنسبة للمحاكمات العرفية العامة للسود وقوانين جيم كراو الجديدة فيه. أدى هذا فى 
المراكز المالية الشمالية إلى لغط كثير. إضافة لهذا كان المنحى الجديد فى التفسير 
الشائع 'للموقف من الحمى الصفراء فقد ادعى هذا أن الحمى الصفراء انتشرت 
بواسطة السود ويكل الناس غير ال محليين. وقد كانت موجة العنف الجنوبية المتزامنة 
مع هذا "الموقف", والتى أيدها فرض القانون المحلى وموظفى الصحة: فى الحقيقة أداة 
فى صد تدفق المهاجرين ورؤوس الأموال أكثر مما فعل المرض نفسه. 

وقد قام البيض القرويون فى المنطقة بالدفاع عن المناطق المحلية ضد كل 
الوافدين» بعد أن أثارتهم شبكات الكوكلوكس كلان المحلية فى سنة 14917 بالقول إن 
الحمى الصفراء تنتشر من قبل اللاجئين القادمين من نيوأورليانز والمدن التى على 
النهر نحى الأعلى: والذين كانوا مقيدين بخط ولاية كانساسء ونهر أوهايى وخليج 
المكسيك: فعلى تقاطعات الطرق؛ وحدود المدن وامتدادات الغابات» كان المسلحون 
يخرجون مكممى الوجوه من الأدغال وهم يحملون البنادق؛ لدفع الفرياء الذين كانوا 
لحسن الحظ من البيضء إلى معسكرات للحجر الصحى. وليس هناك تقارير عما كان 
يحدث للمسافرين من السود(١١),‏ 

وبالنسبة لمنطقة تفتقر لرؤوس الأموال. وبسمعة سيئة حيث يجتاحها العنف 
بالفعل؛ كانت الأضرار التى لحقت بالمواصلات أكبر أثناء الليل. فقد قام المدافعون 
الجنوبيون» وهم يعملون تحت ضوء الشعلات الخشبية بتفجير الكبارى بالديناميت 


336 


وتمزيق خطوط السكك الحديدية. فأشعلوا النيران فى الأعمدة وثنوا وأتلقوا القضبان 
بحيث لا يمكن إعادة مدها ثانية. وفى الوقت الذى اعترف فيه حتى محررى الصحف 
الجنوبية بأن 'البلاد بالكامل جنويى نهر الأوهايو يهيمن عليها المجانين, كان نظار 
محطات السكك الحديدية شمالى خط داسون - ديكسون يعملون أوقاتا إضافية 
لتحويل الحركة عن الجنوب الذى استسلم لتدمير شامل/"''). وبالطبع لم يفلت أى 
من هذا من انتباه رأسماليى وول ستريت. ولا المهاجرين من جزيرة إيليس ولا 
أصحاب الفكر فى الجنوب نفسه. فلقد حذر طبيب محلى كان يلقى بحديث أمام مؤتمر 
طبى فى المسيسبى عن الحمى الصفراء قائلا: 

إنها تبعد رؤوس الأموال» وتأخذ التجارة بعيدا عن أبواينا كما 

تجعل الهجرة إلينا فى أدناها - تاركة بذلك ملايين من الأفدنة 

من الأرض الخصبة بدون استخدام والتى لى زرعت لجعلت منها 

واحدة من أكثر البقع ازدهارا فى الاتحاد(١١).‏ 

وفى عام العنف 1891 لم تسجل أحداث تشمل السود. تفيد بما نعرفه يمؤامرات 

الصمت حول زوار الليل؛ إلا أنه لا يمكن القول إنها لم تحدث. ثم فى ,١15١5‏ أثناء 
وباء الحمى الصفراء الذى اندلع عبر وادى المسيسبىء انقشع ستار الصمت المعهود, 
ولكن قليلا. فى ذلك الوقت ادعى الكوكلوكس كلان وغيرهم من شركائهم من البيض 
بأن الحمى الصفراء يمكن أن تنتقل من شخص إلى آخرء وربما كان مصدر هذه 
الفكرة راجعا إلى تقرير نشر فى 1844 فحواه أن "أعضاء عصابة زنجية من عمال 
السكك الحديدية متمركزون فى مجموعة من عربات السكك الحديدية المصفوفة على خط 
فرعى مواز لخط تايلور الرئيسى على المسيسبى' كانوا من جاكسون ( مسيسبى) 
حيث كان هناك الوباء ينتشر بحدة. ولقد ادعى التقرير بأن زنوج جاكسون هؤلاء قد 
نشروا الحمى الصفراء بين الاشخاص فى تايلور الذين حضروا إلى محطة سكك 


حديد المدينة(:"0), 


ومن بين آخرين يروجون لفكرة أن الحمى الصفراء معديةء كان المنسق الصحى 


539 


إنها لحقيقة سيئة أن فى مدن الريف بالجنوب يتحرك الزنوج 
عادة من مكان لآخر على الرغم من قيود الحجر الصحى؛ ولأنهم 
حسب الاعتقاد الشائع لا يصابون بالحمى» فإن أية إصابة 


خفيفة بينهم تمر بدون لفت أنظار ..... والعديد من اندلاعات هذه 
الحمى فى أوقات سابقة لبقققة ترجع أصولها إلى حمى واردة عن 
طريق الزنوج1"0), 


كما أن هناك مسئولا صحيا رسميا آخر دكتور س ام برادى من لويزيانا. صور 
علاقة معقدة أكثر قليلا من ذلك. فقد ادعى د. برادى أن المهاجرين الجدد من إيطاليا 
يختلطون ليلا مع السود على أسس من المساواة التامة وأنه فى سياق هذا التبادل, 
نشر السود الحمى الصفراء بين المهاجرين. وكما يعرف كل كالفينى!*) أوتماااه© 
ومعمدانى :ؤنامد98**), أن اللاتين الأورييين كانوا كاثوليكيين ومخادعين بلا حدودء 
ويتحركون فى الخفاء ليلال"''). وفى تالولاه بلويزياناء قبض على خمسة مهاجرين 
إيطاليين مختلطين مع السود وجرى قتلهم من قبل الكوكلوكس كلان. ولأن هؤلاء 
الضحايا كانوا من البيض فقد ذكرت وفاتهم فى الصحفء ولم يكن هناك اهتمام 
بشكل عام بالأمريكيين الأفارقة الذين تقتلهم الكوكلوكس كلان!!"١).‏ 

من كل هذا يتضح أن الحمى الصفراء (كمرض وموقق) قد أسهمت فى بطء 
استعادة الجنوب لعافيته بعد الحرب الأهلية . ومحسب نظرة وول ستريت؛ وممولى 
مدينتى لندن وبروكسلء الذين كانوا غير واعدين بشكل خاص للتنمية كإقليم سكانه 


(+) أتباع المصلح الدينى البروتستانتى كالفن. 
(*») أتياع الكنيسة المعمدانية البروتستانتية. ‏ 


5300 


من البيض فى العادة فقد كانوا سيئين وظيفيا وضعفاء بدنيا من الملاريا والدودة 
الخطافيةا*) الخ., كما كانوا متغطرسين جدا لأن يخضعوا لنظم المصانع, لقد بدا أنهم 
محكوم عليهم بالهامشية الايدية|*""), 

ولكن كما هو الحال فى معظم الأمور الأمريكية كانت "الاستمرارية” لها دورة 
نهائية محدودة. ففى هذه الحالة ما ساعد على عكس مسارها كان اختفاء نقمة 
الجنوبى بعد 5ه0140). ولا يزال من غير المؤكد إذا ما كان فيروس الحمى الصفراء 
قد قرر أن يرحل نهائيا أو رحل لأنه قد حرم من قاعدة جديدة فى كويا. على أية حال 
على الرغم من أن الحمى الصفراء قد الختفت من الجنوب الأمريكى فإن هناك حقيقة 
مأساوية باقية: العنصرية البيضاء التى ساعدت على تأجيجها قد استمرت. 


البرازيل: 


على بعد أربعة آلاف كيلو متر إلى الجنوب الشرقى, فى البرازيل تظهر للعيان 
علاقة بين "الموقف" والمرض للحمى الصفراء والتنمية. ولكن قبل أن نقتحم هذه المتاهة 
دعنا أولا نحدد أين وقعت البرازيل فى العلاقة بالممولين الذين حكموها فعليا بعد 
الحروب النابوليونية: رأسمالئ لندن النبلاء!""1). 

تمثل المنطقة البرازيلية, أكثر من ه؛ فى المائة من الأرض اليابسة لأمريكا 
الجنوبية التى كانت على اتصال مع الغرب بواسطة البرتفالى القاريز كابرال قى 
١‏ يعام..18 عندما بلغ تعدادها السكانى (المعروف) أقل من ٠"‏ ملايين تركزت 


(*) الدودة الخطافية هى من الديدان الأسطوانية 010006816 20182 التى تهاجم الإنسان وتوجد 
فى الأمعاء الدقيقة حيث تثبت نفسها عن طريق خطاطيف وتتغذى على العصارة الفذائية فى الأمعاء مما 
ينتج عنه فقر الدم. 


41 


التجمعات السكانية (المستعمرات) البرازيلية الأوربية فى المدن الساحلية لباهيا 
وريسايف والسلفادور وساى باولى والعاصمة ريودى جانيرى. وقد وجد البيض إلى 
جانب هذه الجيوب» فى تجمعات بزراعات السكر فى المقاطعة الشمالية الشرقية 
القديمة فى بيرنامبوكى. ولقد عثر على كتلة أخرى من المزارع أقيمت فى المقاطعات 
الساحلية الوسطى لميناس جيربس وساى باولى. يزرع فيها قصب السكر والبن 
للتصديرة"١),‏ 

حكمت البرازيل منذ عام ١6٠١‏ بواسطة التاج البرتفالى (الذى ارتداه ملك 
إسبانيا من ١06٠0‏ إلى .)١14٠‏ بعد غزى الفرنسيين إسبانيا فى :١804‏ أصبحت 
البرازيل مكان إقامة الملك البرتغالى جون السادس. ووسهل انتقاله عبر الأطلنطى وجود 
رأسمالئ لندن النبلاء خلف العرش. وحتى نهاية القرن كانت البرازيل من الناحية 
المالية تابعًا بريطانيً)(؟"), 

حتى عام 1884 كان معظم عمال الحقول فى البرازيل من العبيد الأفارقة السود. 
وقد استمرت معدلات الوفيات على ما هى عليه (غير معروفة بالتفصيل ولكنها بوجه 
عام عالية) وحافظ قدوم الرقيق الجدد من أنجولا وقبائل الهوسا وأماكن أخرى على 
أعدادهم. وأئناء عقود النمى القوية مثل أريعينيات القرن التاسع عشر كان يؤتى 
بحوالى ١9‏ ألف أفريقى كل عاء("''). هذا الوضع يبدو أنه لم يمثل آية مشكلة لا 
يمكن التغلب عليها بالنسبة للبريطانيين. وكما نعلم كانوا قد حظروا تجارة العبيد فى 
إمبراطوريتهم منذ ؛» وفى مؤتمر فيينا )١1810(‏ أغروا قوى أوربية أخرى بالقيام 
بنفس الشىئ. 

فى هذا السياق, يمكن أن يؤخذ الشعب البريطانى على أنه من نوعيات متعددة. 
واحد من تجمعات الطبقات المتوسطة لجون ستيوارت ميل» فى طريقه ليصبح الطبقة 
الوسطى, اتجه للاهتمام بالشئون السياسية والاجتماعية فى الوطن. وباتفاق مضمر 
ترك ممثلوهم فى البرلمان (المستفيدون من إصلاحات 1877) بشكل عام الشئون التى 


542 


تمس العالم الخارجى للأرستقراطية الكبرى وأولاد عمومتهم من النبلاء فى المدن. وقد 
فطن دوق ويلنجتون بطرافة للازدواجية التى أدى إليها هذاء وكان وقتها رئيسا 
للوزراء. فى تعليماته إلى وزير الخارجية فى 1654؛ نصح: 

إننا لن ننجح أبدا فى محى تجارة الرقيق الأجنبية. ولكننا لابد 

من أن ننتبه لتجنب اتخاذ أية خطوة قد تشمل شعب إنجلترا 

( أى الطبقات الوسطى) فيعتقدون أننا لا نقعل كل ما فى وسعنا 

لعدم تشجيعها وإنهائها بأسرع وقت ممكن(!""), 

أما عن دور البرازيليين من الصفوة (لكونهم أناسا أذكياء يعرفون فى أى جاتب 

تكمن مصلحتهم) فقد انتبهوا دائما إلى أن الأرباح ومدفوعات الديون تصل 
البريطانيين فى مواعيدها. ولقد كان البريطانيون يردون هذا الجميل. وفى 1/175 عندما 
تسببت انهيارات البنوك فى فيينا فى مشاكل على مدى العالم الرأسمالى؛ طرح لورد 
روتشيلد (كان منذ ه60١‏ مسئولا عن العلاقة الخاصة بين لندن والبرازيل)؛ السندات 
البرازيلية للبيع فى الأسواق الأوربية بشروط مواتية جداء محافظا بذلك على سيولة 
البرازيل النقدية!"""), 


لقد أدرك الزعماء الماليون لبريطانيا الحاجة للسماح لبقرتها الحلوب البرتغالية 
بالحرية قى تسيير شئونها الداخلية. وهكذا فى ”187 لم يثيروا مشاكل عندما قطع 
إمبراطور البرازيل العلاقات مع أبيه ( ملك البرتغال) وأعلن البرازيل مملكة مستقلة. فى 
هذا الوقت أصبحت الثروة والتعداد السكانى فى البرازيل ( 4 ملايين نسمة) تزيدان 
عنهما فى الوطن الأم (5, ١‏ ملايين). ويحساب فقد انحنى الممولون البريطانيون 
للعاصفة البرازيلية فى 18684 عندما قام العسكريون المحافظون والمصالح المالية 
بإقصاء الملكية وإقامة جمهورية. فى عصر الجمهورية القديمة الرجعية التى تلت» جنى 
الممولون البريطانيون بعضا من أعلى عوائدهم على الإطلاق. ومما أسهم بشدة فى هذا 
النجاح كانت الحمى الصفراء. كمرض وكموقف. 


543 


قبل المؤرخون فى تقليد تاريخى قديم ادعاء البرازيل الرسمى بأن فى ال.5١عاما‏ 
يعد وياء الحمى الصفراء الكبير فى الفترة من ١180‏ إلى ١797‏ ظلت البرازيل خالية 
من الوباء حتى عام 02844''). ومن المصادر التى تجسد هذا خطاب كتبه طبيب 
انجليزى كان يبحر بمحاذاة السواحل فى 181١‏ فقد كتب: 
إن سكان السواحل لهذه القارة الشاسعة ( لأمريكا الجنوبية) 
سواء كانوا دائمين أم كانوا طارئين يتمتعون بدرجة عالية وعامة 
من الصحة ..... فالأمراض الوبائية من النادر معرفتهاء وتلك 
ذات التأثير واسع الانتشار والتدمير غير معروفة تماما. والحمى 
الصفراء التى كثيرًا ما تشكل هذا الخراب فى الهند الغريية لا 
تظهر أبد|9؟), 
ومما يدعم نظرة هذا الطبيب عن البرازيل كملجأً صحى المثل الذى يقدمه الملك 
اليرتغالى جون السادس. ففى عام 18608 أبحر من لشبونة مصحويا ب 6٠٠١‏ من 
القضاة:, ورجال الدين وغيرهم من الفئات الذين لم يكونوا محصنين ضد الحمى 
الصفراء إلى هناك. ويعد الاستقرار فى مدينة ريو (دى جانيرى)؛ لم يشهد أية مواجهة 
لحميات قاتلة. ومع ذلك؛ لم يكن من المرجح أن رجالا من طبقتهم قد اقتربوا على 
الإطلاق من مدى طيران البعوض مع أى طفل برازيلى (بمرضه الحالى بدون أية 
أعراض) ممن قد يكون ضمن سلسلة (بأسلوب هوفمان) الحمى الصفراء المتوطنة 
المنتشرة فى غابات الأمازون حيث كانت القرود تمرح(*'"). 
ويأخذنا هذا لصياغة سياسة سكان البرازيل فى القرن التاسع عشرء فطبقا 
للتعداد الذى أجرى فى :١4817/”‏ كان /58,.١‏ من السكان أشخاصا ذوى أصول 
أوربية» و 5/8,7/ من نسل مختلط (مولاتو). و /1١9,7‏ من أصول أفريقية, 
وة, 75 هنودا أمريكيين (سكانا أصليين) وواقعياء ولان تلك الأفكار الانجليزية 
والأمريكية الشمالية حول الدونية البيولوجية للسود لا يمكن تطبيقها فى البرازيل» 
بنسبتها الضخمة 258 من السود أو المولاتى التى تتباين مع /١4‏ فقط من السود 


544 


فى الولايات المتحدة - حوالى :,١185٠‏ صمم المخططون البرازيليون سياسة التبييض 
[سيادة البيضءت](١"3),‏ 

تضمنت هذه السياسة أن الناس من ذوى الدماء المختلطة حتى وإن كان الربع 
فقط أبيضء قد حملوا داخلهم البذور الحيوية للتقدم التى يعتقد أن كل الأوربيين 
يحملونها”""'). نتيجة لهذا؛ فقد تضمن أن السود الخالصين, لكونهم متدنين فى 
كل شىء بما فى ذلك الجنسء. وجدوا من الصعب استعواض أعدادهم. ومن هناء 
لتخفيض عدد الجينات الضعيفة معنويا ضمن السكانء كان لابد للحكومة أن تعوق 
المزيد من الهجرة الأفريقية. وقد صدرت قرارات سريعة بهذا الخصوصء فى نفس 
الوقت حظر كذلك هجرة الأسيويين. واستكمالاً لهذا بذلت الحكومة جهودا شاملة لجذب 
المهاجرين الأوربيين. من أجل هذا الغرضء استخدمت عدة وسائل شملت أجور سفر 
مدعومة وتوفير معسكرات خاصة على التلال لمساعدة الواصلين الجدد على التأقلم على 
النئة المرضنة. 

ومن بين نتائج زيادة عدد البيضء كان تحريم الرقيق الأفريقيين السود (الذى 
تحقق أخيرا فى /188). فإلى جانب حملات التبييض التى كانت مستمرة لخمسين 
عاما كان الجدل الحتمى الذى أدى أخيرا إلى فعل هو أن المهاجرين الأوربيين كانوا 
عازفين عن اتخاذ وظائف إذا ما وضعوا فى تنافس مباشر مع العبيد الأفارقة 
السود. وهكذا جاء ظهور تحرير العبيد. وقد عاد بعض العبيد المحررين فى ١84/‏ إلى 
أفريقياء بينما بقى آخرون ضحية للأضواء الباهرة لريى دى جانيرو52). 

كان من نتائج سياسة التبييض عودة ظهور الحمى الصفراء. ففى موجتها الأولى 
فى ديسمبر 1855. اندلع الوياء خلال ريو دى جانيرى وسلفادور ومراكز عمرانية 
أخرى. ومع أن الحكومة قد انتيهت إلى عدم التصريح بأية أرقام رسمية؛ يعتقد 
المطلعون طبيا من خارج البلاد أن الحمى قد قتلت ١5‏ ألف شخص فى مدينة ريو 
وحدها. من خلال حقيقة أن كل من له تأثير قد ادعى أن الحمى الصفراء كانت غير 


3205 


معروفة نهائيا فى البرازيل منذ تسعينيات القرن السابع عشرء فإنه يبدى غريبا أن 
الوياء قد استهدف على وجه الخصوص الأجانب الواصلين حديثا. أما الييض 
المولودون محليا والمخلطون والسود فلم يمسسهم المرض إلا قليلا. وعلى ضوء هذه 
المعرفة الأخيرة. فإنه يمكن اقتراح أن الحمى الصفراء كانت هناك طول الوقت فى 
صورتها المتوطنة!؟""). 

وقد تسببت الأنباء عن أويئة البرازيل (كان هناك وياء ثان فى ٠‏ وأويئة 
أخرى عديدة تبعت بعد ذلك) فى حذر واسع النطاق بين الأوربيين الجنوييين الذين 
كانوا يفكرون فى استكمال الهجرة!:*'). وفى 14057ء ومع توقف الهجرة تقريباء 
والهروب»: انخفض تعداد سكان ريو لأكثر من النصف. ومع ذلك: جاءت البيئة 
المحسويسة للأوربيين الجنوبيين لإنقاذ مناصرى التبييضء فالكثير من الناس الذين 
يعيشون فى لومباردى أو فينيسيا تحت نظام حكم نمساوى غريب أو فى مملكة 
الصقليتين تحت حكم البوربون الديكتاتورى»: شعروا أنهم بالتوازن كانوا راغيين فى 
قبول مخاطرة الحمى الصفراء فى البرازيل البعيدة. وكان البديل هى مخاطرة أكبر 
بالموت فى أوطانهم أمام كتيبة إعدام أى شنقاء أو نتيجة لأعمال عنف طارئة بين 
الجنود. بتكوين الخيارات "البيئية المحسوسة" قام عشرات الآلاف من المهاجرين بعبور 
جنوب الأطلنطى. واستقر الكثيرون فى البداية فى ريودى جانيرى. بعام :١44٠‏ كان 
6 من سكانها مهاجرين جددا. وقد كان من هذا العدد أن اختارت الحمى الصفراء 
فى ريو دى جانيرى أغلب ضحايا البالفين "١‏ ألف حالة وفاة(!؟"), 

على الرغم من هذه الخسائرء فقد كان تزاحم المهاجرين من لغات مختلفة يعطى 
الحكومة البرازيلية سببا للاعتقاد بأن سياستها للتبييض كانت تتقدم بنجاح تجاه 
هدفها. وفى ادعى تعداد سكانى (ليس بالطبع مصدرا محايدا للمعلومات) أن 
البيض البرازيليين قد ازدادوا بشدة وأنهم يشكلون الآن 4؛ فى المائة من تعداد 
السكان ( من 58/ فى .)١14177‏ واستكمالا لهذا كان من السار انخفاض النسبة 
المئوية للسكان من ذوى الأصل الأقريقى إلى :./١4,7‏ من /١9,1‏ فى "/141. وما هى 


546 


أكثر إثارة للرضا أن أعداد أصحاب الأصول المخلطة قد انخفض من 58,75/ إلى 
4 /. وما قد يعكس توغلا أعمق لمناصرى التنمية فى حوض الأمازون (أى ريما 
مجرد تغيير فى الانحراف الإحصائى).؛ ازدياد نسبة الهنود الأمريكيين إلى 9/ من 
السكانء بينما كانوا مسجلين عند 9, 77 فقط فى ,148177 والمثير للفضول فى هذاء 
باعتبار ما نعرفه حول انقراض قبائل أمازونية عن بكرة أبيها بواسطة الجدرى حوالى 
هذا الزمن بالذات. كان هو الرقم الإجمالى للهنود (المقصود بالسكان الأصليين) 
مضافا إلى إحمالى عدد البيضء الذى بلغ نسبة مئوية مقبولة تبلغ 07/ من السكان, 
مما جعل المولاتو والسود ضمن الأقليات. فإحصائياء بمعنى أن تقول إدراكياء كان 
القسض يح و0 

على الرغم من أن الحمى الصفراء كمرض 'وكموقف' لم تخرج التبيض عن 
طريقه (كما قد يريد أصحاب مذهب الحتمية العاملون على نموذج باربادوس أن 
نصدق) كان لها آثار بعيدة المدى على تكوين البرازيل. فقد كان تأثيرها على القرارات 
على المستويات العليا حول أى أنواع التنمية التى يأخذ بها وأى الأنواع التى تحال إلى 
الخطوط الجانبية ذى أهمية خاصة. ففى ثمانينيات القرن التاسع عشر تابع صانعو 
السياسات البرازيليون نموذج المدينة الجديدة الذى عرضه البارون هاوسمان أثناء 
معرض باريس الدولى عام 2١1811‏ وفى ثمانينيات القرن التاسع عشر استخدم صانعو 
السياسة البرازيليون التهديد المستمر للحمى الصفراء لتوفير أساس منطقى لإعادة 
البناء المكلف لعاصمتهم. 

من حسن حظ علاقات جمهورية البرازيل القديمة مع مسانديها الماليين فى مدينة 
لندن» أنه فى ذلك الوقت استمر الأطداء فى أدعاء أن الحمى الصفراء كانت ناتجة عن 
جو خائق ردىء يتصاعد عن أراضى الصرف غير الصحى ومياهه. تلك الأكثر وضوحا 
فى ريو دى جانيرى قد نشأت من الميناء. حيث إنه فى غياب نظام المجارىء كان يتم 
التخلص من الكثير من المادة اليرازية اليشرية للمدينة('*؟'), كما كانت الشركة 
الهندسية الانجليزية» وهى شركة تحسينات المدينة» فى متناول السلطات لمساعدتها فى 


207 


كان الكثير من العجائب الهندسية بريو دى جانيرى التى بتتها شركة تحسينات 
المدينة ينشأ طبقا لمواصلات ملائمة لأحوال مناخية أوربية» ولكنها غير مناسبة تماما 
لمدينة على مدار الجدى. وريما أدرك المساندون الماليون فى لندن أن شينًا من هذا 
القبيل ربما يحدث: فكانوا حريصين أن يشترطوا كتابة أن تكون السلطات 
البرازيلية مسئولة ماليا عن أية عمليات إعادة بناء أى إعادة عمل أى إصلاحات مطلوية 
بعد استكمال المنشآتء وبالنسبة للمستثمرين الإنجليز. كان كل هذا زيادة فى 
أرصدتهم البنكية!؛؟'), 
بهذا الأسلوب وبيأساليب أخرى عديدة. سرعان ما عمق بناء ريى على نمط 
هاوسمان أعباء ديون الجمهورية القديمة للرأسماليين فى لندن. ولشرح ما حدث بعد 
ذلك» نقتبس عن كين وهويكنز أن. 
كان قرض التمويل لعام 1694 مماثلاً تماما للقرض المصمم 
للأرجنتين فى ,149١‏ كما كان قد أعد أيضا من قبل لورد 
روتشيلد. فقد تحملت الحكومة البرازيلية ٠١‏ ملايين جنيها 
استرلينيا على مدى ثلاث سنوات لتغطية خدمة القرض ... ولقد 
اهتم لورد روتشيلد بالإشارة إلى ... أن رقفض السلطات للدين 
سوف لا ينتج عنه الخسارة الكاملة للدولة لرصيدها فقط وإنما 
ريما يؤثر بشدة على سيادة البرازيل مما يثير شكاوى قد تصل 
فى أقصاها إلى التدخل الأجنبى. وقد قام رئيس البرازيل: الذى 
أعطى الدواء كما يجبء بتطبيق سياسات حادة مضادة 
للتضخه (0*5, 
لكن؛ لم تكن مبانى الفنون الجميلة الرائعة, والشوارع الواسعة والأعمال 
الهندسية الغالية لإنشاء المركز التجارى للمدينة لأغلب سكان ريو دى جانيرى إلا أمورا 
تافهة لا ينظر إليها أصلا. وقد كانت السلطات البلدية التى تعمل بناء على فهمها بأن 
الحمى الصفراء كانت ناتجة عن أحوال "الصرف غير الصحى” ومظاهر الفقر هذه لم 


546 


تكن متماشية مع القيم المتحضرة الأوربية: فقامت بحظر البرازيليين الفقراء العاديين 
من العيش أو الظهور حيث قد يشاهدهم البرازيليون الأثرياء أو الزوار الأجانب. وقد 
قضى هذا على السود أو المولاتى أو المهاجرين الجدد العاطلين بالعيش يعيدا عن مركز 
المدينة:ومتاك فى عشبوانياتي النرية: "افتفزوا حقا إلن أى وصول لياة الشترب» 
والتخلص من المجارى والنفايات» وإلى العيادات والمستشفيات والمدارس والعمل فى 
القطاع الحديث!!؟"), 


كموازنة جزئية لتهميش /35٠١‏ من الشعب كان نجاح الحكومة البرازيلية الواضح 
فى فرض السيطرة على الحمى الصفراء فى ريى دى جانيرو والمدن الإقليمية الرئيسية. 
ويموجب النظرية الجديدة لعام ١٠11م‏ المختبرة من قبل الجيش الأمريكى: بأن 
البعوض وليس الهواء القاسد فو الذى ينشر الحمى الصفراءء كان عالم البكتريا 
البرازيلى أوزفالدو كروز يعمل. فيعد عام ١107‏ قام بتصميم برنامج للسيطرة الذى 
أدى ظهوره فى 1107 إلى دحر الحمى الصفراء فى المناطق الحضرية. ومع ذلك فأثناء 
وجود كروز نفسه كمستشار للصحة العامة, كان فيروس الحمى الصفراء ريما قد ثيت 
إقدامه بالفعل فى بعوض غابات حوض الأمازون حيث كانت القرود تمرح. ثارت هذه 
الشكوك فى ١6٠5١ء‏ وتأكد وجودها فى 1970. 


كويا: 


إذا كانت البرازيل تبدى بلدا يلا مستقبل فى نصف القرن بعد 1848549 عندما 
هفوجمت مدنها مرارا وتكرارا يالحمى الصفراء. فلا يمكن القول بنفس الشىء عن 
كويا. وإذ كانت فقط أصغر قليلا من ولاية لويزياناء فإن هذه الجزيرة الواقعة بالبحر 
الكاريبى حكمها الإسبان والكريول (المولودون فى كويا) من طبقة المرّارعين المعروفين 
بمرونتهم فى الأعمال وما يمكن التعبير عنه بلطف أنه "توجههم العملى" لرفاهية وخير 
العمال. تحت سيطرة هؤلاء الرجال؛ يعد انهيار صناعة السكر الجامايكية فى ١417/8‏ 


049 


(عندما بدأ نظام التدريب المهنى لما بعد الرقيق فى العمل), اندفعت كويا لتصبح 
أضخم مورد فردى للسكر فى العالم. 

ويما أنها كانت عالية الربحية بشكل بالغ» فقد شجعت زراعة السكر ملاك المزارع 
على قبول مخاطر عالية. بتجاهل المحظورات الموضوعة على استيراد العبيد الأفارقة 
التى فرضتها بريطانيا على الحاكم الأعلى للجزيرة المتمركز فى مدريد فى 218117 
ومرة أخرى فى 1870., اجتمع المزارعون من الرجال المستقلين من بريستول (جزيرة 
رود) والبرتغال - لإحضار شحنات جديدة من العبيد. فإذا سئلوا من قبل الوكلاء 
البريطانيين حول مبيعات الرقيق فى مزادات هافاناء فإن الأوراق الزائفة تبين أن 
الأفريقى كان محلى المولد وهو بضاعة شرعية فى التجارة الداخلية؛ هذه التجارة ظلت 
مشروعة حتى عام 111451447 

وفى مزارع السكر الكوبى نفسهاء استثمر الملاك - الذين على ما يبدو كانوا 
مدركين لمخاطر السقوط فى فخ القروض الخارجية - جزءا سخيا من أرباحهم الناتجة 
عن التجارة فى الرقيق فى أعمالهم بالجزيرة. فاستخدموا أحدث ما وصلت إليه 
التكنولوجيا من مصانع تكرير السكر الدائرة بالبخار وآخر ما ظهر من تقنيات فى ذلك 
الوقتء وفيما بين أوائل القرن التاسع عشر وعام ١87٠‏ تضاعفت عوائد السكر ثلاثة 
أضعاف بالنسبة للعبد الواحد. واستخدمت الأرباح المتولدة محليا هى الأخرى 
بالإضافة إلى مال مقترض من الخارج لمد شبكة سكك حديدية. أصبحت مع نهاية 
القرن الثانية فى الطول بعد شبكة قارة أمريكا الشمالية. وقد ربطت السكك الحديدية 
الجديدة مرافق الموانى مع الأجزاء الداخلية من البلاد والمستخدمة فى زراعة السكر 
والبن وتربية الماشية: والتى كانت فى أوقات سابقة المجاهل التى يفر إليها العبيد 
وقطاع الطرةة؟؟١),‏ 

كانت العاصمة هافانا تحكم هذا الاقتصاد جيد التوازن؛ فبسكانها المتنوعين 
عرقيا من أفريقيا وأوريا الجنوبية وطابعها المعمارى العائد إلى القرن الثامن عشر 
والتاسع عشرء وميادينها العامة وخليط محلاتهاء وقاعاتها الموسيقية ومعارضها 


2330 


وقصورهاء ومواخيرها وعشوائيتهاء وفوق كل شىء متنزهات كورنيشها جراند 
فالكون. كانت هافانا تشغل المركز الثانى لنيويورك فى مدن العالم الجديد!:*'). 


حتى أواخر تسعينيات القرن التاسع عشر لم يعط الكريول الحاكمون بكويا 
اهتماما للحمى الصفراء التى بعد ١75١‏ كان يفترض أنها أحيانا ما متوطنة وأحيانا 
متجددة بواسطة بعوض وبيض مصاب أتت به سفن العبيد من أفريقيا. وقد كان أغلب 
الكريول» أنفسهم محصنين بإصابتهم بحالة خفيفة من المرض أثناء طفولتهم. وأولئك 
الذين كانوا مهتمين بالصحة العامة عرفوا أن أحد خبرائهم يجرى يحثا. فقى ١84١‏ 
قام كارلوس فنلاى (المولود فى 1877 لأب طبيب اسكتلندى مهاجرء إدوارد فينلاى وأم 
فرنسية) بنشر ورقة بحثية تفيد بأن البعوض هو حامل سم الحمى الصفراء. ومع ذلك» 
لأن فينلاى لم يكن ذا عقلية تسمح باستعمال بشر متطوعين كفئران تجارب ( مثلما 
فعل غزاة كوبا فيما بعد) بقيت فرضياته غير مثبتة حتى عام .)*1[.196١‏ 

بعد خمسينيات القرن التاسع عشرء كان ينظر إلى كوياء من حيث "البيئة 
المحسوسة كارض مثمرة للرجل الأبيض حيث يكافأ المغامرون ومرتكبو المخاطر 
كثيراء و حيث لم تكن الحمى الصفراء ذات أهمية كبيرة. كما لم تكن هذه الجزيرة 
ينظر إليها على أنها تحت هيمنة السود. إذ كان من الواضح أن العبيد المخطوفين أتوا 
إلى هناء وعملوا لعامين أى ثلاثة أعوام ويعدها يموتون بدون الإسهام كثيرا فى مجمع 
الجينات المحلية. مع كل هذه الأحوال المحسوبسة والمرئية, اجتذيت كويا عشرات الآلاف 
من الرجال والنساء البيض من إسبانيا؛ والبرتغال وجزر الكنارى('16), 

وعلى الرغم من ظروفها السياسية المشتعلة بعد عام 1414 - عندما قامت 
محاولة لصغار المزارعين للتخلص من ادعاءات مدريد الإمبراطورية والتى أدت إلى 
حرب كبيرة - فى عام 1894 كانت كوبا المستقلة تقريبا غنية بالسكرء وبالناس 
الموهويين. ومع ذلك فإن من اعتقد أن مستقبل الجزيرة كان مضمونا كان عاجزا أن 
يقدر جيدا قادة الجارة ذات "البليون دولار" التى تبعد ٠١‏ كيلو متر إلى الشمال. 
الولايات المتحدة(؟05), 


فبعد غزوهم وضمهم للتلث الشمالى للمكسيك فى أواسط أربعينيات القرن 
التاسع عشرء افترض الأمريكيون أنه كان قدرا مكتويا عليهم ابتلاع كويا الإسبانية 
أيضا. وأصبحت هذه المهمة فى أذهانهم أكثر وأكثر بعد 1417 عندما اندلعت الحمى 
الصفراء فى نيو أورليائز وممفيس» ومدن أخرى أعلى النهر. وقد عرف كل جنويى أن 
المرض قد شحن مباشرة من كويا إليهم. ويعد انتهاء الوياء, أرسلت الولايات المتحدة 
لجنة دراسية إلى كويا كان من بين أعضائها الباثولوجى الأمريكى من أصل إسبانى 
خوان جيتاراس. 

فيما بعد (فى )١19-”‏ كان جيتاراس واحدا من الأوائل فى الطب الاستوائى ممن 
شجبوا الفكرة القديمة بن السكان الوطنيين فى العالم الاستوائى لديهم مناعة طبيعية 
أى عنصرية بشكل ما ضد الحمى الصقراء. وطرح جيتاراسء الذى وجد الفكرة 
القديمة خاطئة تماما بدلا من ذلك تفسيرا بأن الكثير من الناس فى المناطق الاستوائية 
يصابون بحمى صفراء بدون أعراض فى الصغر ليشفوا منها مكتسبين مناعة مدى 
الحياة(؟؟'). قافرا بسرعة للدفاع عن كارلوس فينالى عندما تجاهلت مدرسة لندن 
الطب الاستوائى عمله؛ اتفق جيتاراس فى أمريكا مع "الموقف من الحمى الصفراء” 
ولكن إلى الأمام 'كحقيقة علمية' بواسطة هنرى روز كارتر من فيرجينيا الذى قايلناه 
من قيل كمنتج فترة ما قبل الحرب الأهلية الأمريكية. 


كان هنرى روز كارتر قد أصبح ضابطا طبيا فى الجيش الأمريكى. وفى 16175, 
أجرى بحثا عن الحمى الصفراء فى مراكز خاصة للكوكلوكس كلان فى أرياف 
المسيسبى وهكذا فقد شحذ من بنيته الإدراكية. وفى ١4417‏ كان فى لجنة الجيش 
الأمريكى للحمى الصفراء المكلفة بدراسة وضع المرض فى كويا**'). وبمعرفة أن عام 
9 كان هو العام الذى اجتاح الجنوب فيه وياء رهيب للحمى الصفراء؛ لم تسعف 
الأحوال الإدراكية كثيرا أى واحد لا يعتقد بأن القوة الغاشمة كانت هى أفضل طريق 
لتسوية التزاعات من جلسات المناقشات العقلانية والتسويات. 


252 


كذريعة لأمريكا للدخول فى معركة ضد الشرين التوعم؛ الحمى الصفراء 
والاستعمار الإسبانى القادم من العالم القديم, قامت الولايات المتحدة فى 1844 بغزو 
كويا. وأثناء حربهم الصغيرة المنتصرة؛ قاموا أيضا بغزى الفلبين ويورتوريكو 
ومستعمرتين إسبانيتين أخريينء ويما يبعث الاستغراب» كانت كلها منتجة للسكر(!١),‏ 
ومع ذلك؛ بالنسبة لهنرى روزكارترء كانت الحرب فى كويا لأجل شىء أكبر كثيرا من 
السكرء لقد كانت فى سبيل الحضارة نفسهاء فطبقا لهذا الوطنى المتحمس: 
عندما استكمل الجيش الأمريكى قوامه, استلم ضباط أذكياء نوى 
خبرة 'عبء الرجل الأبيض' بحس مستقل من الالتزام والتكريس 
الجديرين بجندى أمريكى067), 
بعد أن أصبحت كويا تابعا أمريكيا بجيل واحد» زودتها اللجنة الأمريكية للشئون 
الكوبية بتاريخ مناسب؛ يحتوى على : 
كانت الحمى الصفراء لعنة كوباء لقد دمرت التجارة وقتلت آلافا 
من المهاجرين البيض الشبان فى عام واحد وأعاقت تنمية 
الثروات الطبيعية للجزيرة لثلاثة قرون(/"'): 
وما أهمل التقرير قوله إنه فى عام الغزى. كان استهلاك الولايات المتحدة من 
السكر للفرد قد بلغ ٠١‏ رطلا فى العام أى أريعة أضعاف ما كان عليه قى عام ١/876‏ 
عندما كان تعداد السكان فى أمريكا ٠١/١‏ حجمه وقتها. كما أغفل تقرير 1970 
أيضا الإشارة إلى أن المقاولين الأمريكيين الذاهبين إلى الجزيرة بعد سبعينيات القرن 
التاسع عشر غالبا ما وجدوا الفئات الأفضل من الكوبيين ينظرون إليهم على أنهم 
همجيون أجلاف. وياستيلائها فى 854 اعلى الجزيرة: انتقمت أمريكا من هذا الازدراء 
الاجتماعى مع تأمين فى نفس الوقت لأرباح السكر أن تصل فى التهاية إلى أيد 
أمريكية ملائمة. 
فيما بين هبوطهم الأول فى ١85/‏ و 140١‏ , أبعد الجيش الأمريكى بقيادة الرائد 
ويليام كروافورد جورجاسء عملا بمشورة البعثة الطبية برئاسة وولتر ريد» تهديد 


553 


الحمى الصفراء. ففى بدايات زيارته» سمح وولتر لكارلوس فيئلاى الذى كان قد جاوز 
الستين من عمره؛ بأن يأتى لمقابلته» وترك فينلاى ليذكره بأنه فى ورقته البحثية 
المنشورة فى 144١‏ كان قد اقترح بأن البعوض هو الذى يحمل الحمى الصفراء. قال 
ريد نعم» نعم, إننى أعلم الكثير عنهاء منتويا أن ينسب الفضل كله لنفسه حتى حين 
كان فينلاى لا يزال فى الغرفة. كان ريد مدركا أن "الفرضية" سوف تحتاج أن تتحول 
إلى “حقيقة" مكتشفة تم التوصل إليها من خلال اختبارات كثيرة وجادة ومضنية» ويأنه 
هو وحده الذى له الصلاحية بعمل ذلك. وفى الأسابيع التالية» استخدم ريد متطوعين 
أحياء من البشر وهكذا برهن على أنه قد حقق اكتشافا مؤكدا!؟"). 
بتطبيق المعرفة العلمية المكتسبة:؛ بدأ الجيش الأمريكى بشكل منظم فى صب 

الزيت على قدور تخزين المياه التابعة لكل بيت من بيوت هافاناء مدعين بذلك قتلهم لكل 
البعوض العائل للحمى الصفراء. أما السكان الكوييون والذين يفوقهم الجيش 
الأمريكى عدة وسلاحا فقد ثأروا بعمل عرض كبير يظهر انبهارهم. إلا أن رد الفعل 
هذا ضايق الأمريكيين بشدة مما استدعى تصريحهم بالتالى: 

إن سكان هافانا؛ لكون أغلبهم يتمتعون بمناعة ضد الحمى 

الصفراء لم يهتموا كثيرا بالقضاء على الحمى الصفراء .. 

وكانت هناك سخرية و استسخاف لوسائلنا فى ذلك الوقت, إلا 

أنه لحسن الحظ فإن روح المزاح هذه وتأثيرها الخبيث على 

تشجيع المقاومة النشطة والسلبية للطرق الصحية آخذة الآن فى 

,)١١(!ضقانتلا‎ 


إن جزءا من الترتيب الدستورى الذى وضع عندما كان الأمريكيون يجهزون 
للانسحاب من هذه الجزيرة التى فتصوهاء كان الوثيقة المعروفة بتعديل بلات. فبقبول 
الكوبيين لها تحت التهديد. سمحت هذه الوثيقة بتدخل الجيش الأمريكى كلما استدعت 
ظروف المرض أو الوضع السياسى ذلك. تبع اندلاع وياء الحمى الصفراء فى 
نيوأورليائنز فى 1400 عودة القوات الأمريكية لاجتياح الجزيرة. 


204 


فى عام ,١1907‏ قام تيودور روزفلت» بطل معركة سان خوان هيل (فى يوليو 
4) والتى قد قلبت الموازين فى الحرب الكوبية؛ ثم أصبح بعدئذ رئيسا للولايات 
المتحدة, قام بتشجيع الثوريين من وراء الستار» (برئاسة دكتور فى الطب الاستوائى) 
على العمل بعيدا فى شمال كولومبيا فى برزخ بنما. بعد أن سقطت بنما فى أيدى 
الولايات المتحدة وأصدقائها من المتمردينء قام روزفلت بإرسال الرائد ديليى س 
جورجاس لإخلائها من الحمى الصفراء والملاريا تماما كما فعل قبل ذلك فى هافانا. 
وعندما أنجز هدفه بدون جهد يذكر (على الرغم من قشل مهندسين مشهورين من 
فرنسا قبل ذلك مما كلفهم حياة .5 ألفا من العمال ذوى الأصول اللاتينية) أصبح 
الأمريكيون قادرين على إتمام القناة التى تربط بين المحيط الأطلنطى والهادى. 

فى 15.01, لقاء جهوده فى ' تعزيز السلام العالمى' منحت استوكهولم روزفلت 
جائزة نويل. ويمعرفة أجواء تلك الأوقات ريما كان يجب إعادة صياغة هذا التكريم 
ليقرأ لمجهوداته فى جعل العالم الاستوائى آمنا بالنسبة للأوربيين العاديين0'). هذا 
الفكر يرجعنا إلى الوراء عبر الأطلنطى إلى غرب أفريقياء وهناك سوف نقيم العواقب 
الوبائية للقرار النهائى من قبل المملكة المتحدة بإدخال هذا الإقليم الشاسع تماما 


غرب إفريقيا والطب الاستوائى: ©148 -8؟5١‏ 


اعتمدت شرعية 'مشروع تنمية غرب أفريقيا" إلى حد كبير على التقدم المتحقق 
فى مجال الطب الاستوائى. ففى حالة الملارياء حدث التقدم المطلوب فى 14417 عندما 
نسب طبيب عسكرى انجليزى حاد المزاج يخدم فى الهند ويدعى رونالد روس: فضل 
الرؤى البديهية لمساعده الهندى محمد بوكس. وقد نتج عن تجاربه التعرف على بعوضة 
الأنوفيليس كعائل لملاريا فالسيبارم. من خلال العمل على مشكلة الحمى الصفراء فى 
هافانا بعد ذلك بثلاث سنواتء أثبت ريد وجورجاس ومتطوعوهم الأحياء بشكل حاسم 


5355 


نهائى: أن العائل هنا كانت بعوضة ايديز ايجيستى أمملزو6ة 380865 . هذه المعرفة 
الجديدة فتحت مسارات محتملة من العملء التى لى كانت قد اتبعت بجدية: لكان 
مرجحا لها أن تجعل كلا المرضين ينقرضان محليا. كانت إحدى الاسنراتيجيات قتل 
كل البعوض العائل. والأخرى كانت بجعل كل العوائل الآدمية المحتملة غير معرضة 
لين 019 
بمعرفة حجم أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى, والأمطار الموهسمية الغزيرة التى 
خلقت ما لا يحصى من أماكن تكاثر البعوضء فى /١844‏ فقد نمى لروبروت كوخ 
بينما كان لوقت قصير فى شرق أفريقيا أنه ريما يكون من الأسهل كسر سلسلة 
الانتقال عند حلقة الإنسان. ولأن الملاريا بدت على أنها القاتل الأخطر اتجهت 
خطته نحو الملاريا بدلاً من الحمى الصفراء. وكما عرف كوخ فقد أدرك الرحالة 
الأوربيون المخضرمون أن استخدام الكينين كان عافلاً وقائيًا بصورة فعالة. بالتبعية, 
أوصى كوخ » بينما كان يقوم بجولته الأفريقية» أن يشجع كل السكان على تعاطى 
الكينين بانتظام. وما رآه من الأفريقيين أدى به للاعتقاد بأن الناس العاديين كانوا 
"مطيعين وأذكياء ويأنهم سيكونون مسرورين بالمساعدة الأوربية فى القضاء على 
اليلاء المخيف2؟03). 
فى هذاء كان كوخ الإنسانى العالم الخالص؛ حسن القصد.ء ولكن ساذج. فى 

عصر الدارونية الاجتماعية, كانت النغمة السائدة بين علية القوم فى أوريا تتفق فعليا 
مع تعليق رونالدروس إلى باتريك مانسون. قال روس الذى كان يكتب من سيراليون 
فى مايى 1494.: إن "الوطنى أقرب حقا للقرد منه للإنسان7*''). ثم أفاض روس فيما 
بعد قائلا: 

حمى الملاريا .. تسكن أكثر الممرات الخصبة جيدة الرى وافرة 

النماءء فهناك هى تهاجم؛ ليس فقط السكان الهمجيين المتوطنين. 

وإنماء ويتاكيد أكبرء رواد الحضارة - المزارع: والتاجرء 

والمبشرء والجندى. إنها بذلك الأساس والحليف الأعظم للبريرية 


036 


.... لقد حرمت قارة بأكملها من الإنسانية - الأراضى الهائلة 
والخصبة لأفريقيا(!""), 
كان المؤلفون الآخرون المثقفون طبيا لا يقلون عن ذلك صراحة. فقد كتب مراسل 

فى دورية الطب الاستوائى التى يرأس تحريرها جيمس كانتلى (المشهورة بالجذام) 
مناقشا الوفاة الحديثة لدكتور ستيورات فى سيراليون. ملاحظا أن الرجال البيض 
القريبين من محيط قلعة كيب كوست ما كانوا ليلفتوا أنظار آكلى لحوم البشرء صرح 
بأن " القليلين ممن يعرفون البلاد سيهتمون بنفى أنه ( إلى الداخل قليلا) لا يزال آكلو 
لحوم البشر موجودين" مصعدا من سخونة الحديث. حذر مساعد كانتلى قائلا: 

إنها حقا لفطرية فيهم هذه الوحشية؛ حتى أنه بعد أجيال من 

المسيحية الصحيحة (فيما يبن العبيد السود) فى جزر الهند 

الغربية»فإن العصيان فى جامايكا (فى 1816) قد تميز بتلك 

الحوادث مثل تجويف أمخاخ ضحاياهم من الأوربيين» بكل تأكيد 

إن مثل هذه الحوادث تظهر بلا أى شك أن الزنجى يجب أن 

يحكم بنزعة للخير؛ ولكن بشكل استبدادى من قبل الأوربيين... 

إنه لمن الممكن لهؤلاء الرجال الذين قاموا بتقطيع دكتور 

ستيوارت المسكين أن يسببوا متاعب لمن يخلفونه7'), 

وبالكتابة فى دورية المجتمع الأفريقى فى عام 2111١‏ ذكر روبرت رويسء» مؤسس 

مكتب الحمى الصفراء فى كلية الطب الاستوائى بليفريولء عن الأفارقة: 

منذ قديم الأزل» عرفت غرب إفريقيا بأنها البقعة التى تطور فيها 

أقل الآدميين تنظيماء ليصبحوا عبيدا للرجل الأبيض فى كل 

بقاع العالم» وقد وجد التجار الأوربيون القادمون أنقسهم وجها 

لوجه مع عصبة حقيقية من الأطفال .. جنس بسيط العقول» ففى 

أفريقيا القليل من التقاليد الدينية؛ والقليل من الفنء والقليل من 

القدرة على العمل كما نفهمها نحن فى أوريا(١),‏ 


557 


وبين الأحداث السياسية الطبية التى ساعدت على نضج الداروينية الاجتماعية فى 
المملكة المتحدةء كان الغزى الفرنسى الوشيك للبيئة المرضية للجزائر. فى عام ١‏ 2,187 
اتجه نحى /0...٠.‏ من القوات الفرنسية ومساعديهم القابلين للإصابة بالملارياء 
واغتصبوا السيادة على شريط عريض من الأراضى الساحلية من سكانها البرير» 
ويدعوا العمل فى مقاومة الملاريا. عانت القوات فى البداية يشدة. ادعى أحد الجنرالات 
فى عام 184٠‏ أن الجزء الوحيد من الجزائر الذى تطور كان المقابر- ولكن فى الوقت 
الذنى وضعت فيه االملاريا تحت السيطرة: قبل فترة طويلة من اكتشاف لافيران العامل 
المسبب للملاريا :)١180(‏ استخدمت النظرية القديمة حول الهواء الفاسد لتبرير وجود 
مساحات واسعة من المياه الراكدة بالقرب من مراكز السكان. بعد إصاية الجنود 
بالملاريا عولجوا بالكينين. تجاهل الأطباء الفرنسيون خصائصه الوقائية. يعام ١8٠١‏ 
نجح التطبيق الصارم لهذا النظام القديم للتقنيات الطبية فى تخفيض وفيات الملاريا 
من 3١6‏ وفاة لكل ألف من البيض ١85٠.(‏ - 1845) إلى أقل من ١‏ فى الألف. 

متشجعون بهذا النجاح. جاء إلى الجزائر المزيد والمزيد من سكان المستعمرات 
الفرنسية. بعام ١4٠٠‏ صادر المفتصيون الذى وصل عددهم إلى نصف مليون» جزءا 
كبيرا من الأراضى من ه ملايين من البرير وأقاموا تجارة تصدير ذات عائد ضخم 
فى الموالح والخمور والفلين والمعادن. صاحب هذا التحديثء دفع الفرنسيين 
للسكان المسلمين جنويا أبعد وأيعد تجاه حدود الصحراءء. وهمشوهم بقسوة فى 
بلادهم بطريقة فعالة(1"9). 


لم يمر انهيار درع مرض الجزائر ضد المستوطنين البيض الغزاة يدون ملاحظة 
على السواحل الأخرى للصحراء. بدت أجراس الإنذار تدق فى البداية بين الكريول من 
فريتاون (ليبريا)» وسيراليون. كانوا هم أنفسهم منحدرين من عبيد أعيد توطينهم؛ أو 
نصف ملونينء ويبهذا كانوا مفتقدين للارتباط مع أهل داخل البلاد. شارك تجار كريول 
فريتاون عبر البحار بتخزين وتوزيع التسهيلات مع التجار الإنجليز» وكان معظم 
الآخرين خشنين ليقبلوا كشركاء تجاريين عند عودتهم إلى بلادهم. تعليقا على 'حالة 


5568 


المناخ” قى الجزائر» بعد عام ؛ على صفحات جريدة "الأخبار الأسبوعية 
لسيراليون"؛ و"سيراليون تيمن" أظهر المحررون والمراسلون بأسماء برتغالية - أفريقية 
مركبة مثل عبدول مورالس كراهيتهم وخوفهم من المستوطنين البيض[:''). 
وفى أماكن أخرى من غرب أفريقيا لم يستطع الأفريقيون المنتبهون نسيان أنه 

منذ ٠‏ عام قبل أن تضمحل هذه التجارة» لم يكن أجدادهم قادرين على منع ملايين 
من أهلهم من أن يؤخذوا كعبيد ليموتوا فى العالم الجديد للرجل الأبيض!1"". 
وبإدراكهم أنهم هم أنفسهم قد افتقروا القدرة العسكرية لحجز البيض فى جيوب بطول 
الساحل أو على سفن فى البحرء حاول سكان غرب أفريقيا المتعلمون فى الغرب تفادى 
الغزو بالتماس إلى عواطف مؤيدى إلغاء الرقيق الذين كانوا قد ماتوا منذ وقت طويل. 
كان المقال المنشور فى يوليو ١447‏ بصحيفة لاجوس تايمز النيجيرية نموذجا لأسلوب 

نحن (الأفارقة) نحترم ونجل بلاد ويلبرفورس وبوكستون وأغلب 

مبشرينا واكننا لسنا انجليرًا. إننا أفارقة ولا توجد عندنا رغبة 

أن نكون غير أفارقة9"١).‏ 
البريطانية؛ حاول المتدينون التقليديون والمسيحيون السابقون أن يتحاشوا الاستيلاء 
على أرض أجدادهم بإجبار المبشرين على الرحيل» وكان الكثيرون من هؤلاء المتحولين 
دينيا قد أتوا من جاميكا عقب التمرد الكبير هناك فى عام 14510("!). بعد طرد هؤلاء 
الناسء قام المدرسون من أبيوكوتا حينئذ باختصار لغة اليورويا إلى الهجاء الأوريى 
نحو التحديث وحدهم ويأنهم لا يحتاجون احتلالا ماديا من قوة أوربية. 

ومع ذلك فلم يكن خيار التحديث بدون احتلال مثارًا كبداية. ويمكن إرجاع هذا 

إلى عدد من العوامل فى نفسية صانعى القرار بالمملكة المتحدة. فقد كان كامنا فى 


339 


الخلفية خوفهم المسيطر من أن صناعات بلادهم الشمالية (مثل القطن) يمكن أن 
تتراجع فى التسابق على الأسواق. بل وحتى أظهرت معلومات غير دقيقة أن 
الأمريكيين (بمصانعهم فى نيوانجلند وحقول قطنهم فى الجنوب) والألمان 
(الملتخصصين فى الكيماويات والهندسة الكهربية والفلزات) يتقدمونهم. وأيضا ما كان 
يشحذ إدراك البريطانيين بالتراجع» هو التباطؤ الذى بدأ بانهيار بنوك التحويل 
النمساوية فى ؟417١.‏ ويمرور عشرين عاما من الكسادء بدأ يتضح للناس من أصحاب 
الثروات أنه حتى تبقى فى عالم غير مضمون,ء على المملكة المتحدة أن تؤمن على الفور 
أقصى ما يمكنها من الأسواق والمواد الخام. وكان من ينتظر لالتهام المناطق الأفريقية 
الباقية (يلا صاحب) هم الفرنسيين. فعلى الرغم من أنه حوالى عام ١189٠‏ كانت 
المستعمرات الفرنسية جنوب الصحراء الكبرى صغيرة نسبياء فمن الواضح إمكانية 
التوهسع بسرعة مستخدمين جنود الاحتياط الأفارقة المجندين فى المستعمرات التى 
يملكها الفرنسيون بالفعل. 

ومع ذلك؛ بالنظر إلى القارة كلها حوالى ٠184١؛‏ ظل الرأسماليون بلندن بوجهتى 
نظر حول غرب إفريقيا. فهم لم يستطيعوا إنكار أنه منذ ١8/7‏ قد عاد عليهم من مصر 
(بعد غزوها) عوائد ممتازة» ومن خلال هذا الغزى فازوا بسيطرة غير مباشرة على 
الأرض الضخمة غير المحدودة إلى الجنوب المعروفة بالسودان. كما كانوا يحصلون 
على عوائد جيدة من جنوب أفريقياء وخاصة منذ 18717 واكتشاف مناجم الماس فى 
كيمبرلى. بالإضافة إلى أن مصالح لندن المالية كانت قادرة على اقتطاف أرباح ممتازة 
من أنجولاء التى تقع شمالا والفضل يرجع إلى تأثيرهم السائد فى لشبونة!؟"'). ومع 
ذلك؛ بالنسبة لرجال الدولة المهتمين جدا بالعوائد الموزعة كحصص على الاستثمارات 
أكثر من الأرياح الناشئة عن التجارة فقد عملت عدة عوامل سلبية على إمالة الميزان 
ضد التدخل فى غرب أفريقيا. 

من بين أهم هذه العوامل كان تناقص التجارة الشرعية مع غرب أفريقيا بشكل 
ملموس منذ منتصف ثمانينيات القرن التاسع عشر. وكانت هذه التجارة من المواد 


500 


الخام - القطن وزيت النخيل وزيت الفول السودانى وما شابهها المستخدمة فى 
صناعات شمال انجلترا(*''). ومع ذلك فقد كان رجال الصناعة الشماليون المؤثرون 
أمثال القريد جونزء بأنه بمجرد إقامة مزارع مناسبة وإدارتها بأوربيين مقيمين. فإن 
قطن غرب أفريقيا يملك الإمكانية من أن يصبح أكثر وفرة مما كان عليه وقتها. وكان 
حلم جونز العظيم هو تحرير بريطانيا من اعتمادها على الموارد الأمبريكية (والتى 
بالطبع كانت قد توقفت بالكامل أثناء الحرب الأهلية بين عامى -18411١‏ 1836) وأن 
يستبدلها بالقطن النيجيرى!1"", 

كانت هناك عوائد واعدة أفضل من تلك التى كانت بريطانيا تتمتع بهاء فى مناجم 
الذهب فيما تعرف الآن بغانا. ويإدراك أن الهيكل المالى البريطانى يقوم أساسا على 
الذهب, فقد أدخلت الميكنة منذ عام ١417//‏ إلى المناجم وجرى استدعاء أعداد ضخمة 
من العمال الأفارقة إلى هناك. ويمعرفة أن الفرنسيين كانوا قريبين كان حيويا بالنسبة 
للبعض إقامة وجود بريطانى ضخم مباشرة إلى الشرق فى الأقاليم النيجيرية. 

وهكذا كان ذلك التشاؤم حول الحاضر مصحريا بالتفاؤل حول المستقبل عموما 
ما شجع الفئة المتوسطة من غرف التجارة فى ليفربول: ومانشسترء ويرمنجهام ومدن 
أخرى شمالية ووسطى على الضغط على رجال فى الحكم من (الفئة العليا) لفرض 
سيطرة مباشرة على الأقاليم الشاسعة بغرب أفريقيا التى لم يطالب بها أحد بعد. 
وللتعامل مع سمعة المنطقة القائمة منذ أمد بعيد بكونها "مقبرة الرجل الأبيض" وغول 
الملاريا القديم, سافرت امرأة شمالية ذات علاقات جيدة - مارى كينجزلى - بنفسها 
إلى هناك. وفى كتبها الشهيرة "دراسات غرب أفريقية" وأسفار غرب أفريقية" الموجهة 
للقراء العاديين من الطبقة الوسطى, قالت كينجزلى إن ' الملاريا لم تكن شيئًا يثبط من 
همم الأنجليز فى الاستيلاء على غرب أفريقياء على الرفم من أنها شىء يستدعى تديرا 
فى التعامل معه عما يحتاجه المرء فى منطقة أكثر صحية "3). 

وكانت الشخصية المهمة التى تجمع خيوط التوسع الاستعمارى معا هو جوزيف 
تشامبرلينء الذى كان عمدة إصلاحيًا لبرمنجهام. لقد كان تشامبرلين يقبل الأيادى 


561 


كسكرتير مستعمرات فى ,1890 وينية أن يزرع ما أسماه متسرعا ومفترضا 
"بممتلكات بريطانيا المتخلفة". وضع تشامبرلين بذلك عبء الغزو الفعلى على أكتاف 
عديمى الضمائر من التجار المحاريين أمثال جورج جولدى؛ وكيل شركة رويال 
نيجركومبانى7"'). ويتوقعه لبقعة من المتاعب حذر تشامبرلين قائلاً: "إنك لا تستطيع 
تدمير ممارسات الهمجيين: والرقيق والخزعبلات التى ظلت لقرون تنخر فى عظام 
الداخل بأقريقيا بدون استخدام القوة....... إنك لا تستطيع أن تحصل على أومليت 
تر كس اكات ا 

وانطلق جولدى على رأس حملة من لوكوجاء محددا نغمة الأحداث التى ستكون 
بعد ذلك؛ بعد أول يوم فى 14517/ قام جولدى وقواته من الاحتياط الأفارقة, متبعا 
كلمات سكرتير المستعمرات باقتحام طريقهم خلال إقليم شعوب اليورويا الشمالية 
مستخدمين بنادق حديثة متعددة الطلقات ومدافع ورشاشات آلية: ليحققوا نصرا سهلا 
على الإمارات الشمالية لايلورين وجارتها نيوب عند بيدا. وإلى الجنوب الشرقى؛ 
فرض قانون المدافع الآلية الفتح البريطانى لمدينة بنين» فأحرقت حتى سويت بالأرض 
بعد سرقة فنونها البرونزية الراجعة إلى القرن الخامس عشر بأيد بريطانية. وإلى 
الشمال فى بلاد الهوساء فى ١407‏ دحر الإنجليزى غريب الأطوار فريدريك لوجارد 
جيوش أكبر ولاية إسلامية جنوب الصحراء وأكثرها كفاءة» سوكوتى. وأتبع 
لوجارد فتحه هذا بمطاردة وقتل سلطان سوكوتى. وياعتبار سلوكه هذا من قبل 
ضحاياه بالسلوك المعروف المتوقع من الأوربيين (الذين كان يطلق عليهم إجمالا 
إفرنج). دفع هذا العنف 5 ألفا من الموالين للسلطان بالانسحاب إلى أراضى النيل 
الأزرق بالسودان التى كانت قد رويت مؤخرا بدماء تابعى المهدى (المنهزمين أمام 
جنرال كتشنر فى 1848). إلى الشمال من نطاقات لوجارد الجديدة - التى سميت 
"محميات نيجيريا الشمالية' - أخضع الفرنسيون بدورهم تحت حكم الحديد والنار كل 
ما تبقى من غرب أفريقيا غير الخاضع للسيطرة الأوربية!!'*'). كان الاستثناء الوحيد 
هى ليبريا فقد تأسست كمنفى للعبيد العائدين لأفريقيا قبل الحرب الأهلية الأمريكية, 
وكانت تابعة لأمريكا. 


502 


وعندما أصبح السادة البريطانيون الجدد محتلين للجانب الأكبر من غرب أفريقياء 
بقى أمامهم التعامل مع البيئة المرضية المقبرة الرجل الأبيض" بحيث يمكنهم البدء فى 
تصدير المواد الأولية بأرياح إلى قواعد التصنيع فى الوطن. لأجل هذا الهدف كان 
سكرتير المستعمرات تشامبرلين يعمل خلال وسطاء أثرياء مثل قطب القطن والنقل 
البحرى سير الفريد جونز لتشجيع تأسيس أول مدرسة بريطانية للطب الاستوائى (فى 
ليفربول عام 14849). ويعد ذلك بوقت قصير كان تشامبرلين قادرا على أن يفوز 
بالشخصية الطبية المفضلة لديه سيرباتريك مانسون ليعين رئيسا لمدرسة لندن للطب 
الاستوائى الجديد18'(5), 


كان الأول من النتاج الجديد من خبراء الطب الاستوائى فى زيارة غرب أفريقيا 
هو رونالد روس. وفى ١48959‏ قضى ثلاثة أسابيع حاسمة فى سييراليون ومن ثم عاد 
إلى ليفربول. ومن هناك مع مانسون فى لندن ساعد فى إقناع مكتب المستعمرات 
لإرسال بعثة بتمويل أفضل. ونتج عن ذلك بعثة الجمعية الملكية لغرب أفريقيا برئاسة 
خبراء ليفربول جى. دبليى. ستيفنز واس. آر. كريستوفرز. وظلوا يذهبون ويعودون إلى 
غزب أفريقياقيما بين :143:14 كم ازيدات بَعثة أشرى من ليفويول خضيْصا 
لدراسة الملاريا فى نيجيريا برئاسة ثلاثة كنديين حاملين لدرجة علمية كندية: اتش. 
أنيت» وجى. دوتون2» وجى. أيليوت05”0). 
نشأت سياسة الفصل السكنى 8005و569:6 (851060113؟ . عن التقارير التى 
قدمها هؤلاء الأشخاص واعتمدت بواسطة مكتب المستعمرات التابع لتشامبرلين كمنهج 
أساسى ليتبع حيثما وجد البيضء وقد اتفقوا على علم زائف أغفل حقيقة أن أى واحد 
من أى سن أى صبغة جلدية يمكن أن يكون معديًا بالملاريا. اتفقوا على أن: 
الأنوفيليس التى تعدى الأوربيين لا تستمد إصابتها من أوربيين 
آخرين؛ ولكن من وطنيين؛ أى من أطفال وطنيين يعانون تقريبا 
بدون استثتاء من ملاريا مستمرة162, 


5031 


وللهروب من وجود الأطفال الأفارقة وما يصاحبهم من البعوض المحتشد - حدد 
البيض بشكل أساسى أن جميع المساكن الأوربية تبتى على بعد نصف ميل أو نحو 
ذلك بعيدا عن أقرب مسكن أفريقى؛ وهذا كما طرح يكون أبعد من مدى طيران بعوض 
الملاريا. ولتبرير استخدام الطب الاستوائى 'كإحدى أدوات الإمبراطورية" بشكل واسع 
اسد الاحتياجات الصحية للبيضء ناقض هؤلاء الخبراء رويرت كوخ عن عمد. 
فمباشرة بعد أن وجد كوخ أن سكان شرق أفريقيا بشكل عام :مطيعون وأذكياء" 
وراغبون فى تعاطى وقائيات الملاريا لحرمان الفيروس من عوائله الآدميين(15:1): 
ادعى خبراء ليفربول آنيت وداتون وأيليوت بمرارة أن: 
مواطن كالابار) القديمة - مقر الحكم فى جنوب نيجيريا - غبى 
وغير ذكى ولامبالى .... والوطنيون بأجزاء أخرى بدلتا وضفتى 
نهر النيجر فى الأغلب غير متحضرين وغالبا ما يفرون عند رؤية 
أى أوربى: بينما هناك مدن فى الداخل لم يزرها رجال بيض إلا 
أحياناء أى أنها لم تفتح على الإطلاق. حقا إن رؤساء قبائل 
الوطنيين فى الغالب رجال أذكياء ومتعلمون إلا أن هذا قليل 
بشكل متزايد ,م ويمكن التصريح باطمئنان أن على امتداد 
نيجيريا كلها لم يحدث أن قابلنا مجتمعًا يمكن. بأى شكل من 
الأشكال أن يصنف 'كمطيع وذكي". (40') 
قبل رواد مدرستى ليفريول ولندن الفصل العنصرى على أنه ( كما أتى على 
لسان مانسون) "القانون الأول للصحة" أما المدى الذى يفرض به هذا القانون فقد 
اعتمد على التمييزات الشخصية لاداريى المستعمرات المحليين. فى لاجوس الحاكم 
ويليام ماكجريجور (1499- )١11١5‏ وهى رجل طب اعتبر الفصل على أنه مؤد للشقاق 


(») كالابار: ميناء يجنوب شرق نيجيريا . 


04 


الاجتماعى ومناقض تماما للسبب الرسمى للوجود البريطانى فى غرب أفريقياء والذى 
يتلخص فى أن البريطانيين معلمون إنسانيون لإخوانهم الأفارقة. كان توجه 
ماكجريجور وقائيا. فقد شدد على أهمية وضع الشبك على الأبواب والنوافذ ( حتى 
وإن كان هذا يسد الانسياب الحر للهواء النقى) وقام بتصريف مستنقع كيمبرلى 
الضحخم الواقع قريبا من لاجوس. وتفيد الإحصاءات لعام 15١5‏ أن الفضل يرجع إلى 
ماكجريجور فى انخفاض وفيات الملاريا بين "أولئك الذين يحملون عبء الرجل الأبيض” 
فى تلك المديتة الساحلية من أريعين لكل ألف فى ١867‏ إلى واقعيا صفر فيما بعد ذلك 
تسم امتدرات801), 
ويعكس الوضع فى لاجوس فى المحمية الشمالية بينما كان لورد لوجارد مازال 

موجودا (كان مندويا ساميا بين ١9.٠‏ 1107 وحاكما لنيجيريا المتحدة بين -١917‏ 
5) طبقت ويشدة قواعد الفصل السكنى("*'). فبالإضافة إلى الإصرار على حاجز 
النصف ميل بين سكن البيض والسود. كان لوجارد حريصا بشكل خاص على تنفيذ 
تحذير كرويستوفر - ستيفنز بألا ينام الرجال البيض مطلقا بالقرب من الأفارقة. 
بالنسية لهذا كان هناك سببان, أحدهما الفرض العلمى أن بعوض الملاريا يلدغ فقط 
ليلا. والآخر كان الفرض السرى بأن مرض الزهرى الجنسى كان منتشرا فى الشمال 
المسلم وأن الأنشطة الجنسية التى انتقل بمقتضاها تحدث بالمثل فقط ليلا. ذكر لوجارد 
مشكلة المرض الجنسى منذ عام :.15٠١‏ ومع ذلك فإن الانتشار الكامل للهستريا لم 
تندلع قبل عام :156١‏ فى هذا العام نصح تقرير طبى شمالى رسمى بأن: 

الأمراض المنقولة عن طريق البعوض والذباب والقراد» والأمراض 

المحمولة فى الماء والجذام تحتاج لشن حرب مستمرة عليها متلما 

هى الحال بطول غرب أفريقيا. ولكن فى الجزء المسلم من شمال 

نيجيريا - وهى أهم منطقة بالبلاد بدرجة بعيدة - يمكننى القول 

بدون أدنى خوف من التناقض إن الأمراض التناسلية تعيث 

فسادا أكبر مما تسيبه كل الأمراض الأخرى مجتمعة(148), 


205 


وهنا حيث رأت العيون الأوربية المراقبة الزهرى ( والذى ربما كان أغليه مرض 
الياوز الذى لا ينتقل عن طريق الجنس) الكامن على الأعضاء التناسلية لكل السكان 
المحليين تقريباء كانت توجيهات مكتب المستعمرات للجمعية الملكية المطالب بالفصل 
السكنى لمقاومة الملاريا ظاهريا مرحبا بها يكل وضوح!81'). 

وياسم سير رويرت بويسء؛ مؤسس مكتب الحمى الصفراء بليفريول» ادعى رجل 
طب فى عام ١151١١‏ أن “الإصلاحات الصحية قد تتسبب فى متاعب مؤقتة, إلا أنها 
سرعان ما ستسهل بشكل ضخم من التقدم فى المستعمرات". كانت العبارة الأولى هى 
تصريح القرن الذى لا يعبر عن الحقيقة!"*'). فقد أغفل حقيقة أن الفصل “كإصلاح 
صحى” قد أثار دوامة من الاستياء بين القساوبسة الأفارقة, وتجار الجملة الأفارقة 
والأطباء الأفارقة ذوى التعليم الإنجليزى (المحظور عليهم التعيين فى الخدمة الطبية 
لغرب أفريقيا فى 1505). كان نجاحه الإيجابى الوحيد اكتسايًا قصير الأجل لعدد 
بسيط من الشركات البريطانية. وهكذا فى سيراليون كان القرار 11١”‏ ببناء مدينة 
على التلال" للأوربيين قد أدى إلى استيراد ثلاثة وعشرين شاليه سابقة التصنيع من 
إنجلترا مصممة لتقام على ركائز تبرز من قواعد أسمنتية تغطى التربة المحيطة 
(المعرضة لإصدار ريح فاسد). وكان كل الأسمنت وهياكل البناء والمواد الأخرى 
مسنتؤووة !051 


فى ١5١١‏ قام خبير ليفربول سير روبيرت بويس بجولة استغرقت ثلاثة شهور 
لساحل الذهب وجنوب نيجيريا وسيراليون بطلب من مكتب المستعمرات. ومن غير 
المؤكد السبب الذى بعث به لأجله؛ علما بأنه كان حجة بالنسبة لمرض فضل رجال 
الأعمال بالمملكة المتحدة ألا يعلموا بوجوده('*'). ويينما كان هناك: واجه بويس فجأة 
المرض المعنوى الذى سماه "خوف الإبلاغ . 

ففى الوقت الذى كانت مناجم الذهب بغرب أفريقيا مجرد مبتدئة فى إنتاج كميات 
معقولة, كانت السلطات تخشى الاعتراف بوجود الحمى الصفراءء الذى سوف يؤدى 
إلى توقف العمليات. وقد عرف أنه عندما أبلع طبيبا غير حذر يسمى بيكر فى ١5١١‏ 


5306 


بأن سبعة من ثمانية من مرضاه المشتبه فى إصابتهم بالحمى الصفراء قد توفواء 
حذره رؤساؤه بشكل تهائى بأن "إذا كان عندك مزيد من الحالات لتبلغ عنهاء يرجى أن 
تفعل9*'). وفى ١50١‏ عام تحقير بيكرء كان إنتاج الذهب يقدر ب 5١,٠٠٠‏ جنيه 
استرلينى. بالرغم من وجود الحمى الصفراءء. استمرت المناجم فى التشغيل ويلغ 
الإنتاج 4 ألف جنيه. فى 14017 قدر الإنتاج بأكثر من مليون جنيه وكانت عوائد مثل 
هذه تبرر بوضوح وفيات الحمى الصفراء بالمئات بين عمال المناجم السود ونفى البيض 
لأى شئ غير طبيعى!؟*", 
كان هذا هو الوضع الذى واجهه سير روبيرت فى غرب أفريقيا. وعند عودته إلى 

لندن: ألقى بقنبلة بقوله أمام حشد من الناس اشتمل على سير باتريك مانسون 
(مؤفسس مدرسة لندن) حول "الخوف من الإبلاغ' والطريقة التى يضغط بها على 
صغار الأطباء الحديثين ممن تعرفوا على حالات من الحمى الصفراء من قبل 
السلطات العليا(*؟'). وكرد فعل لهذا أظهر مانسون الوجه القبيح» وبسخرية محسوية 
أشار إلى: 

أحيانا ما قدم الأطباء فكرة خاطئة على الرغم من معقوليتها 

والتى تضلل المسئولين القائمين على الأمور إلى إجراءات يكونون 

مسئولين عنهاء والتى ربما تكلف الدولة الكثير قبل التحقق من 


الخطأ........ هى يود أن يرى بعض الحيطة التى تراعى 
والتصرف بناء على آراء فرضية بحتة........(197) 


ربما أنه طبقا لأوامر من لندن ومدرستها للطب الاستوائى فرضت سلطات 
مناجم ساحل الذهب فجأة الفصل السكنى الذى كان قد صدر من قبل عن مكتب 
المستعمرات. خلال مهلة قصيرة أرسلت أعداد ضخمة من الأسر الأفريقية تحت 
الامطار وأزيلت منازلهم. بعد ذلك بعامين فى 11١7‏ عبر الحاكم هيى كليفورد 
عن قلقه حول المبالغة فى النشر حول السمعة غير المبررة للمنطقة بأنها مكان 


8 159) 
عدر صحى ٠‏ 


23207 


ولقد كانت إحدى الرؤى المتبصرة لروبيرت بويس (والتى ليست بالضرورة دقيقة 
فى تقاصيلها) أن انتشار الحمى الصفراء بواسطة اليعرض الحامل/العائل كان وثيق 
الصلة بالتنمية. كما قد أوضحها بشكل غير بليغ: 

إنه ليس المستنقع أو البالوعة أى بركة ماء (كقاعدة)؛ إنه بشكل أساسى البعرض 
الذى يتكاثر فى كل الأوعية التى يفترض احتواؤها على ماء نظيف بصرف النظر عن 
كميته ... لذا فإنها بعوض كل العلب والزجاجات الملقاة» و الذا فإنها تكون أكثر 
توافرا عندما يوجد التجار. وأقل توافرا بالداخل حيث التجارة أقل ما يمكن. فالتجارة 
والأنشطة المصاحبة لها تُوفر تزايد حاويات الماء من كل نوع ولذلك يتزايد البعوض, 
وبالتالى خسائر أكبر عن الحمى الصفراء(94). 

ويالكتابة عن الملارياء ذكرت لجنة عصبة الأمم (سابقة للأمم المتحدة قبل الحرب 
العالمية الثانية ) فى 19717 أنه " ليس هناك ما هو مواتيا لشدة الإصابة وشدة الملاريا 
أكثر من التحركات المتكررة للسكان إلى هنا وهناك"9''). وتعبيرا عن عاطفة مماتكة 
فى شمال نيجيريا قبل ذلك بثلاثة عشر عاماء أدركت السلطات الطبية البريطانية أن 
إنهاء غارات الرقيق والحروب المهلكة ( السلام البريطانى بلطف) قد وفر اتصالا 
متبادلا وشجع على انتشار المرض المعدى!""). 

ويرؤية متبصرة رائدة فيما كان معنى التعدى الاستعمارى قدمها ممثل 
حكومى فرنسى يسمى إميل بيلول' '"). وهى يكتب عام 1505: كان بيلى مدركا بالفعل 
بأن الغزوات الأوربية والفرار المذعور للاجئين قد أتى بآلاف الأفريقيين إلى بيئات 
غريبة بالنسبة لهم. كما يبدى أنه يدرك يعضا من تأثيسرات المرض على التنمية 
المحلية الجديدة. ش 

كان الأهم من بين ذلك: التحول للعملات. حيث دفعت المحليين لاستعمال عملة 
معدنية قابلة للتحويل إلى عملات أوربية بدلا من الأصداف أو أى وسائل تيادل أخرى 
كانوا يتبادلون بها تجارتهم فى الماضى. إن الاستخدام الإجبارى للعملة القابلة للتحول 


506 


كانت جزءا من حيلة المستعمرين لإجبار المحليين على دفع الضرائب. من أجل 
الحصول على الأموال لدفع أى شىء يقدرونه. كان عليهم الإذعان لنظام العمالة 
الأجيرة فى مزارع مقامة حديثا لمحاصيل مثل القطن أو الفول السودانى التى تزرع 
لأجل التصدير للخارج. 

ولقد عمل التحول فى استخدام العملة على إطلاق ثورة اجتماعية حول غرب 
إفريقيا بشكل أكثر عمقا مما أثرت به تجارة الرقيق عبر الأطلنطى. فقبعكس التجارة 
المتقطعة فقد كان نظام العملات يؤثر فى الجميع طوال العام. وبمعرفتهم أتهم سوف 
يضربون بقسوة بل وحتى يقتلون من قبل المتعاونين الأفارقة إذا لم يدقعوا الضرائب, 
هجر عشرات الآلاف من الأفارقة قرى نشأتهم فى الداخل للبحث عن عمل فى مناطق 
حيث وفرت أعمال يديرها البيض تشغيلا لعمالة بالأجر. وفى الأراضى الداخلية فقيرة 
التربة بالمناطق المحتلة الفرنسية مثل بوركينا فاسى ومالى» سافر الشيان المدفوعون 
بالحاجة للعملات الصعبة لمئات الكيلومترات للعمل فى السنفال أو جامبيا. 

يعد 1514., بعد اكتشاقهم أن القرويين بالداخل لا يتجاويون لتهديد جامعى 
الضرائب بالسرعة الواجبة لجأ الفرنسيون إلى تطبيق سخرة العمل. واستكمالا لهذاء 
احتاج الوطن المصاب بندرة سكانية ( بعد الإفلات من هزيمة محققة أمام الألمان فى 
الحرب الأخيرة) إلى كل الذكور الأفارقة ذوى التسعة عشر عاما وعشرين عاما من 
العمر ليخدموا قى الجيش. أحدث هذا الطلب تحركات كثيرة للسكان» فسارع الشبان 
المطلوبون للتجنيد فى الأراضى تحت الحكم الفرنسىء إلى الهرب تحو المستعمرات 
البريطانية على السواحل. 

وبالكتابة عن التطورات المتوالية التى تسببت فى تحركات جماعية للسكان فى عام 

15١6 ٠‏ أفاد بيلى بالآتى: 
فى هذه اللحظة بغرب أفريقياء من السهل الحصول على الأيدى 
العاملة الضرورية. كما أنه أيضا على الساحل احتشدت المدن 


209 


برجال أتوا بحثا عن عمل. وبسماع المعتقلين لنصيحتناء وبحثا 

عن الحرية يدون الموت من الجوعء أتوا فى أعداد ضخمة نحو 

مشروعاتناء كان ممكنا إيجاد عمل مع الأوربيين. إنهم لم يتركوا 

سادتهم فقطء وإنما أيضا بلادهم7""), 

فى تأمل للماضى فإن عواقب الهجرة الجماعية بلا إشراف طبى كانت واضحة. 

فمع أجهزة مناعية غير مستعدة لنوعيات محلية واجهوها من الملاريا (كل نوع 
يحتاج لمناعة خاصة ضده تبنى مع الوقت)» مات المهاجرون طوعا أو كرها بعشرات 
الألوف. ليس أقل مأساوية امتداد شبكة الموت للداخل بعيدا عن السواحل. 
فبإصابتهم بمرض منقول يبعوض حامل له قبل مغادرتهم المزارع الساحلية مباشرة 
فى نهاية الموسم ويدئهم لطريق عودتهم للوطن بالداخل حمل العمال العائدون 
طفيليات المرض فى دمائهم. وكلما توقفوا كانوا يصيحون أهدافا لليعوض الباحث 
عن وجبات الدماء. حدث نفس الشئ عندما وصلوا أخيرا إلى قراهم الأصلية. وهكذا 
فى أماكن تبعد مئات الكيلومترات بالداخل. حيث لا يمكن لامرأة أو طفل أن يكون قد 
كون مناعة ضد أشكال الملاريا الساحلية, مات الضحايا بمرض كان بالنسبة لهم 
جديدا بالمر5!*"). 


وتدعيما لهذه النظرية فإن العاملين الصحيين التقليديين كانوا غير قادرين على 
مجاراة أشكال الملاريا غير المعتادة التى جاعت إليهم من الجنوب» وكان هذا هو الحال 
فى المحميات الشمالية من نيجيريا. وهنا فى 1404.: من بين 17,707 من الوطنيين 
الذين أدخلوا إلى العيادات الصحية الاستعمارية أتى منهمه؟5؟ للعلاج من الملاردا. 
وفى العام التالى عندما كانت عمليات التنمية فى الجنوب أكثر تركيزا وسحبا للعمالة 
من الشمال بشكل كبير توقف الموظف الأوربى حتى عن الإبلاغ عن عدد حالات الملاريا 
الآتية للكشفا*"'). علما بأته فى أوربا فى ذلك الوقت كانت زيادة التعداد السكانى 
على مدى فترة خمسة وعشرين عاما ريما كانت أعلى من 5-0/, وكان الوضع فى 
المحمية الشمالية مثيرا للقلق. فكما اعترف موظف تسجيل "إنى أعتقد أن هناك 


3200 


إجماعا فى الرأى أن التعداد السكانى فى 1951 لا يختلف بشكل أساسى فى 
(الحجم) عما كان عليه فى ,)''799.٠0‏ 

وأيضا بالعمل على تحويل ما كانت مشكلة صحية محلية إلى أزمة باتساع 
الإقليم. كان الجمع فى موقع عمل واحد أو مزرعة واحدة لأعداد كبيرة من الأفارقة من 
آتضناف الأجون وأنسياف العبيد تقلفيات مرضية متتوعة: فنظول“ التطاقات الحنوبية 
والوسطى لما هى معروف الآن بنيجيرياء سمحت سلطة المستعمرات للمتعهدين أمثال 
سير الفريد جونز بإقامة مزارع ضخمة لإنتاج القطن والكاكاى والفول السودانى وسلع 
أخرى يمكن تسويقها فى أوربا. ولكن كما قد أشار بالفعل الممثل الفرنسى بيلى. فإن 
الناس الذين دفعوا للعمل لأوقات كاملة فى محصول تصدير لم تتيق لهم ساعات نهار 
كافية لزراعة مواد زراعية للطعام لاحتياجاتهم الشخصية. وكان الذين يوردون هذه 
المواد - بطرق اعتبرها الأوربيون كعمل حر وطبيعى - منتجى المحاصيل الغذائية 
الذين اجتذبوا من مناطق بداخل البلاد. ويتنقلهم بين مزارع المواد الغذائية هذه 
وأماكن المستهلكين لها خلال بيئتين أو ثلاث بيئات مرضية (بدلا من نظام التوصيل 
القديم الذى كانت فيه السلع؛ وليس البشر هى التى تنتقل), أسهمت تحركات هؤلاء 
الموردين فى مزيد من انتشار المرض. 

وربطت المزارع | لمخصصة للتصدير والتى اقتطعت من الغابات بمرافق المواتى 
على الساحل بواسطة السكك الحديدية التى رآها رجال مثل تشاميرلين ولوجارد 
وكليفورد كمؤشر للتقدم الحقيقى. ويالمثل فى ١9.05‏ - 11.017 كان بناء خطوط السكك 
الحديدية بين لاجوس وايلورين التى تبعد ٠٠١٠‏ كيلى مترا شمالا قد جمع بين عدة مئات 
من المعرضين للإصابة فى جبهة متحركة من المرض الوبائى!!'"). هذا النوع من أزمة 
الملاريا لم يكن ليكون الشأن الوحيد؛ فيسبب طبيعة التضاريسء كانت بيئة مرضية 
جديدة دائمة سوف تنشاً. 

وكما أشار بيلو كانت تربة غرب أفريقيا مختفة تماما عن تربة أغلب أوربا أو 
شرق أمريكا الشمالية أو سهول الفيضان فى مصر أو جنوب شرقى آسيا. فبدلا من 


5371 


تكونها من طبقة عميقة من الترية السطحية, كانت تتكون من غطاء رقيق من الطبقة 
العضوية المتحللة فوق طبقة من الصخر الأحمر المسامى. وفى المناطق التى أزيلت من 
الغايات الكبيرة لزراعة الفول السودانى أو القطن انكشفت هذه الطبقة الرقيقة من 
الترية وأصبحت معرضة بشكل لم تتعرض له أبدا تحت نظم المحاصيل المختلطة التى 
عادة ما يستخدمها الأفارقة. 

وبالمثلء فإن قطع مئات من الأشجار لوصلات السكك الحديدية كفلتكات لكل ميل 
من الخط قد ترك أشجارًا ضعيفة الجذور مكشوفة عن قرب لهبات الرياح, التى 
سرعان ما اقتلعتها وألقتها أرضا. هذا الاقتلاع زاد بشدة من مساحة التربة الرقيقة 
المكشوفة. ويتعرضها لحرارة لافحة أثناء موسم الجفاف تحت أشعة الشمس ولانهمار 
الأمطار الغزيرة أثناء موسم الأمطار سرعان ما وهنت هذه الترية الرقيقة فوق قاعدة 
الصخور الصلبة. مما تسبب فى تكوين شقوق وحفر مليئة بالماء التى وجدتها إناث 
البعوض مكانا ملائما لوضع بيضها(*''). ويعد عقود من التدمير الأولى لغطاء الغابات 
الذى سمح أولا للشقوق والصدوع بالتكون كانت الحشرات لازالت تنتعش أكثر حتى 
تصبح جاهزة لوجبات الدماء التى تمتصها من الوطنيين أو البيض الذين يتصادف 
وجودهم. ويحجة أن الافارقة هم الحاملون الأساسيون للأمراض الفتاكة (مثلما كان 
فى قرارات الفصل السكنى العام )١1٠١‏ قام الحكام الغربيون بانتظام بتدمير الأعمال 
ذات الطابع الغربى للتجار الوطنيين وأتوا باللبنانيين والسوريين وغيرهم من سكان 
الشرق الأوسط ليحلوا محلهم. وياقتناعهم أن الأفارقة كانت لهم عقول دائمة فى سن 
العاشرة عمل المستعمرون البريطانيون على إعاقة إقامة أية مشروعات صناعية مما 
يزودهم بمهارات تكنولوجية أو علمية نافعة. وأقنعت البعثات التبشيرية المسيحية» وهى 
تعمل نحو تأثير بعيد المدى أكثر تدميرا للأفارقة بأن كل شئ فى حضارتهم التاريخية 
لم يكن ذا قيمة وبأن كل شئ يعرض من قبل المتنورين الأوربيين كان جيدا بما فى ذلك 
مفهوم دولة الأمةلة"). 


من ثم» فى أواخر عشرينيات القرن العشرين بعد أن مزقت أوربا نفسها إربا إربا 
فى حرب علمية بين القوميات بزغت أخيرا حقيقة جديدة. كان الإدراك بأن أعدادا 
ضخمة من المستعمرين كل عام كانوا يموتون أو يعودون عاجزين للوطنء والكثير منهم 
ضحايا الملارياء وأن هذا الوضع كان مرجحا له أن يكون دائما. أضف إلى الدور 
الذى لعبته أمراض غرب أفريقيا كانت هناك مواقف فيما بين الأوربيين أنفسهم كما 
يعلق ضابط طبى: 


يتضح أن هناك ميلا متناميا بين بعض المقيمين الأوربيين للتقليل 
من قيمة الكينين كوقاية ضد ال ملاريا. أصبحوا مشبعين بفكرة أن 
بعض الأمراضء مثل فقدان الذاكرة والتهاب الأعصاب وعسر 
الهضم. وملاريا الفالسيبارم المزمنة (الأوجاع الصحية العامة) 
تحدث نتيجة لاستعماله. هذه الفكرة روج لها لحد ما بعض رجال 
الطب فى انجلترا!١١'),‏ 
هكذا, بعام 1474 عندما عقد مؤتمر القاهرة لطب المناطق الحارة يحضور دبليو. 
اتش. هوفمان من كوياء حتى البيض المعارضين الذين بحثوا عن مكان مريح ليعيشوا 
فيه ذهبوا لقبول أنه بالمقارنة إلى التحسن السريع فى بيئة المرض فى أورباء فى 
الولايات المتحدة الأمريكية؛ كانت فى غرب أفريقيا غير صحية. بهذاء كان هوفمان 
قادرا على إعلان "أن زيادة الوفيات فى غرب أفريقيا نتيجة للوياء, يمنع كل الهجرة 
الأجنبية؛ ويجعل من المستحيل تعمير المستعمرات"7''). هذا الوضع الخالى من 
الممستوطنين يقف فى تعارض حاد مع العالم الذى يسوده المستوطنون فى الجزائر . 
وأعالى كينيا وروديسياء وجنوب أفريقيا"'"). 
فى عام :١1919‏ فى وقت الاستقلال كان عدد البيض الذين استوطنوا نيجيريا 
بصورة دائمة ضئيلاً - أقل من واحد فى الألف. فى نصف القرن منذ ذلك الوقت, 
كيفما كانت مشاكلها المتعددة, لم يملك إقليم نيجيريا على الأقل مواجهة إزاحة أعداد 
كبيرة من سكانه يواسطة قطعان المهاجرين الغرياء. ولكن» كما فو معروف, 


3/3 


فى السنوات الحديثة جات هذه الإزاحة تحت رغبة أشكال التنمية التى فُرضت 
بواسطة الشركات متعددة القوميات العملاقة. طبقا للحاجة, واستعملت هذه الشركات 
غير محددة الهوية مواطنى غرب أفريقيا كوكلاء مقيمين وكشرطة استغلال الموقع. 
ترتبط تنمية نهاية القرن العشرين وأشكال التنمية التى سبقت فى الثمانين أو 
التسعين سنة الأولى: باثنين من فئات المخلوقات الصغيرة التى اتبعت قانون التطور 
لداروين. واحد يتكون من الأشكال المختلفة من بلازموديم الملاريا التى لها مناعة لأدوية 
الوقاية الحديثة. المخلوق الآخر هو البعوض الذى أصبح له مناعة هى الآخر ويقاوم رش 
المواد الكيميائية المعقدة. كممثل رئيسى لما هو الآن البيئة العامة الغرب أفريقيا 
المرضية: هناك إرث نظام التنمية الاستعمارى القديم الذى فى البداية أحضر ظاهرة 
مختفية إلى الوجود. 
تساعل بيلارد وهى يكتب فى عام 0٠19م:‏ 
"هل وضع فى الاعتبار بقدر كاف أهمية التنمية؟ أنا خائف أنها 
ظلت غير ملحوظة: أنا مضطر للقول إنه» من ناحيتى:؛ أنا غير 
قادر تماما لأن يكون لى رأى عن آثارها منذ ذلك الحين'19'). 
المؤلف الحالى - وهو يكتب فى عشية العيد المثوى لفزو491١م.ء‏ لا يملك إلا 
المشاركة فى هذه المشاعر. 


3/4 


هوامش الفصل السادس 


7 ,-151553 )15.1/ باتريك مانسون. “طفيل الملارياء مجلة المجتمع الأفريقى الاعدد "5 (ابريل‎ )١( 

(؟) مقتبس من ويليام كولان. الملاريا الصفراء فى الشمال: الاساليب الويائية المبكرة (ماديسون؛ مطبعة 
جامعة ويسكونسين,. /ا4ذ١),‏ 0 انظر ايضا جيمس دى. جوديير» 'رابطة السكر: منظور جديد لتاريخ 
الحمى الصقراء.' نشرة تاريخ الطب الما .1١5 :)١51/4(‏ 

0( سير رويبرت يبويسن» 'توزيع وانتشار الحمى الصفراء فى غرب أفريقياء” مجلة الطب الاستوائى وعلم 

(4) جورج بينكارد. دكتور طبيبء الكلية الملكية للأطباء. مذكرات عن الهند الغريية كتبت أثناء الحملة تحت 
إمرة الجنرال الأخير سير رالف آيركومبى !!| (لندن» لونجمان, فورستء رايس وأورم, 18.5), .١748‏ 

(5) دوناكد جوراليمون, 'إفقار العالم الجديد من سكانه وقضية المرض» مجلة البحث الانثرويولوجى 
١االاكا»ا؟ا‏ (كموا), الل /كا. 

)١(‏ روى إم. آندرسون وروييرت إم. ماى, الأمراض المعدية فى البشر (أوكسفورد . مطيعة جامعة 
أوكسفورد. 1991 ) 518-171/4. 
الحضارة والرأسمالية: القرن الخامس عشر إلى الثامن عشرء :!|امنظور العالم, سيان رينولدز (لندن, 
كولنر/فونتاناء و94١),‏ 5-7917 . 


(4) جوزيف سى. ميللر. طريق الموت: رأسمالية التجار وتجارة العبيد الإنجلوليين, 14817--177٠‏ (لندن» 
جيمس كيرى: حمحذا), كماللا, الاتد ولا نرت 


(9) أر. جيه. موريسء "النوادى؛ والمجتمعات والجمعياتء' فى طبعة إف. إم. إل. طومسون تاريخ كامبريدج 
فصل 5., "الكوليرا". 
)٠١(‏ روبيرت ويليام فوجلء 'كلمة أخيرة: المشكلة الأخلاقية للرق' فى مؤلفه بدون موافقة أو عقد: نشأة 
وانحسار العبودية الأمريكية (نيويورك, دبليى. ديليو. نورتون» ١07-144 ,)١5557‏ 1. 


375 


)١١(‏ اقتباسا فى بازيل ديفيدسونء عبء الرجل الأسود: أفريقيا ولعنة دولة الأمة (نيويورك. تايمز يوكس. 
)51 


(19 ستوزان كص ور كسار اووزهو لانن عبان الوقن انونقيا قسن ماشه ماب 
ويسكونسين. 1145): بول إى. لافجوى وجان إس. هوجندورن. الموت البطئ للرق: مسار الإلغاء فى 


,)1954 (لندن, مطبعة مكميلان‎ 1910-14٠٠ نانسى ستيان, فكرة العنصر فى العلم: بريطانيا العظمى‎ )1١( 
سايمور دريشرء "انتهاء تجارة العبيد ونشأة العنصرية العلمية الأوربية,' فى جوزيف إى. إينيكورى‎ 
وستانلى إل. إنجيرمان؛ مؤلفين تجارة العبيد الأطلنطية: آثار على الاقتصادات؛ المجتمعات, والشعوب‎ 
.57-15531 ,)1957 فى افريقياء والأمريكتين: وأوربا (دورهام؛ إن سى. مطيعة جامعة ديوك.‎ 


)١5(‏ دبليو. إتش. هوفمان, "الحمى الصفراء فى أفريقيا من وجهة النظر الويائية.' فى طبعة محمد باى 
خليل الدولى للطب الاستوائى والعادات الصحية: القاهرة. مصر. ديسمبر 1428 (القاهرة: المطبعة 
الأميرية, 15177), :45٠‏ كولمان, الحمى الصقراء فى الشمال, .١4‏ 

)١6(‏ فى الهند. من أعلى رتبة بين الموظفين الطبيين البريطانيين, ظلت فكرة المكان _المخصص متختدقة بقوة 
حتى بعد 18948: أوراق برلمانية 14969 الاكلاجنزء ١‏ . الى .2.5 حكم1 الاكلا جزء ؟: 524؟, 
)١7(‏ منظمة الصحة العالمية؛ منع ومقاومة الحمى الصفراء فى أفريقيا (جنيف, منظمة الصحة العالمية, 
كهذا), فيليب دى. كورتين, الموت بالهجرة: مواجهة أوريا للعالم الاستوائى فى القرن التاسع عشر 
(كمبردج,. مطبعة جامعة كمبردج,. ,)١154‏ 1غ أندرسون وماى, الأمراض المعدية, هوفمان, 
'الحمى الصفراء19-911.: يرونو لاتور. بسترة فرنساء ترجمة ألان شريدان وجون لو (كميردج, ذابا 

مطبعة جامعة هارفارد, ,)١944‏ 144, 


(107) توماس بى. موئاث, 'الحمي الصفراء: فيكتور وفيكتوريا؟ غاز وغزو؟ أويئة وبحث فى السنوات الأريعين 
الأخيرة والتوقعات للمستقبلء المجلة الأمريكية للطب الاستوائى وعلم الصحة /اناا عدد ١‏ (1991), 
منظمة الصحة العالمية. الحمى الصفراء, هوفمان, "الحمى الصفراءء' ,19-9١1‏ 

(18) دبليو. سى. جورجاس. “تجارب حديثة لجيش الولايات المتحدة بالنسبة للإجراءات الصحية للحمى 
الصفراء فى المناطق الاستوائية. مجلة الطب الاستوائى الا(؟ فبراير 49,)19-7, 'تحقيقات 
البروفيسور كوخ حول الملارياء” المجلة الطبية اليريطانية, ١17‏ مايو ,84-11415:19.٠-‏ توماس إى. 
سكيدمورء 'أقكار عنصرية والسياسة الاجتماعية فى البرازيل» .1940-1417 فى طيعة ريتشارد 
جراهام "فكرة العنصر فى أمريكا اللاتينية. ”194--1417٠‏ (مطبعة جامهة أوستن يولاية تكبساس, 
)0 5. 


(15) جور اليمون - إفراغ العالم الجديد من السكان ١75-1١١‏ / هيوبلى, الأمراض الطفيلية فى أفريقيا 
ونصف الكرة الفربي: التوثيق المبكر والانتقال بواسطة تجارة العبيد (بازل) 50-07 ؛ كولمان. الحمى 
الصفراء فى الشمال؛ 55-15, 


500 


.54 ” هوفمان ” الحمى الصفراء " 916 ؛ موئاس > الحمى الصقراء‎ )٠١( 


(١؟)‏ موئناس ' الحمى الصفراء " 5٠١‏ , 50-7575 #0 الالا, ' الحمى الصفراء " ؛؟!-ه ,50-لا؟ ؛ كيه. أم. دى 
كوك وأخرون, وباء الحمى الصفراء فى نيجريا الشرقية ١545‏ 'مجلة !3066| 9١مارس‏ 1588, 
تال 


(0”) هوفمان ' الحمى الصفراء " .91١6‏ عرف السير رويرت بويس توطن الحمى الصفراء فى غرب أفريقيا " 
كخمود بين السكان المحليين فى العديد من المراكز (ولكنه ليس) من الضرورة توطنه فى كل قرية أو 
مدينة” "الشرح حول انتشار وسيادة الحمى الصفراء فى غرب أفريقيا فى "مجتمع الطب الاستوائى 
والصحة" مجلة الطب الاستوائى وعلم الصحة )١7‏ ا (اول فبراير ,)191١‏ الا. 


الاستوائية” مجلة الطب الاستوائى وعلم الصحة ١١‏ ا ١١‏ أغسطس 91,/)1514؟ أندرسون وماى, 
الأمراض المعدية ١٠87531-لا"‏ , 


[قاية انالا الحمى الصفراء. 4 موتاس 1 الحمى الصفراء 5 لل 


(5؟) 10 الالاء الحمى الصفراء. 26-4 8١؛‏ دى كول وآخرون "وياء الحمى الصفراء" ١؟1؛‏ بويس ” الحمى 
الصفراء * 584. 

ركم نالا الحمى الصفراء. م موئاس» 3 الحمى الصقراء " لخد 

)0 أنقد خالد جى. بلومر 'الوياء الكبير للحمى الصفراء فى وادى المسيسيى اام 1 (ياتون ردع» مطبعة 
جامعة ولاية لويزيانا. 1997). لأنه ألم يخبرأى أحد عن المناقشات الجارية بين الباحثين حول المسائل 
التى ترتبط يتاريخ الصحة العامة, على سبيل المثال: المقاومة الظاهرة للأمريكيين السود للحمى 
الصفراء. انظر تود. إل. سافين (من جامعة شرق كارولينا) يكتب فى 'دورية المراجعة التاريخية 
الأمريكية. عرد هم (ديسميبر محذا), َ 1١115‏ انظر كذلك فيليب د. كيرتين. أنهاية مقيرة الرجل 
الأبيض؛ وفيات القرن التاسع عشر فى غرب أفريقياء 'مجلة حقول تاريخية مختلفة” ١‏ لاا عدد ١‏ 
(-5ؤل) 35 

(4؟) جيل دبين "حميات المنطقة المنخفضة: التوافق الثقافى للملاريا فى انتيبلم؛ جنوب كارولينا". "مجلة علم 
الاجتماع والطب 1 لاا عدد ” (1946): 541 -15. 

[لهة مارى ٠.‏ جى. نوبيسون 'أعداد الوفيات وتبدلات المرض مقارتة من إنجلترا القديمة وأمريكا المستعمرة ّ' 
التاريخ الاجتماعى للحلب 777)١1949(|١‏ -!1؛ .جون دوفىء: ‏ تأثير الملاريا على الجنوب ', فى تود. 
جى. سافيت وجيمس هارفى دونج (مؤلفين. المرض والتمييز فى الجنوب الأمريكي). (مطبعة جامعة 
تينيس. نوكسفيل /194), 514؟. 


537/ 


)2( مارك ريدلى,» فرص المبكروب" إضافة أزمنة الكناية. 1 يناير م ,1١-‏ 


)1١1(‏ مقتبس من كارين كوبرمان, "الخوف من الجو الحار فى خبرة الانجلو أمريكان" مجلة وليام ومارى 
كوارترلى 1اا ,)١15414(‏ 53717 . 

(77) دوفى, ” تأثير الملاريا' ‏ 56. 

(*7) فرانك ب. ليفنستون,؛ "اعتبارات علم الانثرويولوجيا على توزيع الجينات لمرض الخلايا المنجلية فى 
أفريقيا الغربية . مجلة الأنثروبولوجى الأمريكى 6إا )١1904(‏ . ١ه‏ - 105)؛ كارول لادرمان الملاريأ 
والتقدم: بعض الاعتبارات التاريخية والبيئية' مجلة علم الاجتماع والطب ١‏ )! (151/0), 091. 

(4؟) حربك. 1. مؤلف ©550/لا, التاريخ العام لأفريقيا |||أفريقيا من القرن السابع إلى الحادى عشر, 

(0) والتر 1أ. شرويررء إدوين مونجر ود. بورر ' أنيميا الخلايا المتجلية, التنوع الجينى وتجارة العبيد إلى 
الولايات المتحدة” مجلة تاريخ أفريقيا 7601 (-199), 19-174؛ جوالا فينها وآخرون» وصول مرض 
الخلايا المتجلية إلى البرتقال: مساهمة لعلم الأويئة الجزيئى' مجلة البيولوجيا البشرية لااكلا عدد 1 
والجنوبية. فى لورنئس ى. سوليفان, طبعة الشقاء والتجديد: الصحة والطب فى تقاليد العالم 
الدينية (نيويورك. ماكملان ,١945‏ 0٠؟5؛‏ تورستان شوء أحزام غينيا" فى حريك ..... 550:0لانا 
أفريقيا 754. 


(7؟) اندرسون وماى, الامراض المعدية , 7114. 


(710) ليفنستونء "الخلايا المنجلية”؛ فرانك ب. ليفنستون "مجموعات الدم السيئة, ملاريا فيفاكس واختيار 
الملاريا فى تجمعات البشر" مراجعة: البيولوجيا البشرية 1/اا عدد ؟ (سبتمير 1944) ؟١1‏ -50؛ 
ستيفن ل. وسينفيلد, "متلازمة الخلايا المنجلية فى البيولوجيا البشرية والتطور الثقافي" مجلة 5618068 

5١-1174 ,)19717( 1‏ مقتبس فى كيه. دافيد باترسون وجيرالد ى هارتويج؛ "عامل المرض: 
مدخل توضيحئ" فى باترسون وهارتويج؛ المرض فى تاريخ أفريقيا. (درهام ن س مطيبعة جامعة ديوك 
4/اةا), 5١:7‏ لادرمان. "ملاريا 584. 

(48؟) أندرسون وماى؛ الأمراض المعدية؛ 1414 مقتبس من أرمسترونج (1914) ؛ وفوسيت وأخرين 
(1144)؛ كريس نيوبولد, الستركريج وأدريان هيل "جينات الملاريا والجينوم: 40لا, خريطة, 158/7 
وى فأباع8 أونء1 ولرمعأاة/! "51886 (0ه5١1)‏ /01 1] - ول 

(9؟) أندرسون وماىء الامراض المعدية, 4.9 -19. 


(40) ستيفن فرانكل وجون وسترن, "الادعاء أو الوقاية من المرض؛ الفصل العنصرى ويعوض ال ملاريا فى 
المستعمرات الاستوائية الإنجليزية: سيراليون" مجلة تواريخ اتحاد الجغرافيين الأمريكيين 11لاغاغاا 


2375 


)4١( 


(يونيو 5١11. ,)١1544‏ من أجل الحجج التى استعملت ضد أطفال الهنود (فى المحادثات الاستعمارية 
أطلق عليهم "السود') انظر كولونيل ب. ههير “منع الملاريا فى القرات فى إمبراطوريتنا الهندية", 'مجلة 
الطب الاستوائى وعلم حفظ الصحة 11لاكا ١(‏ أكتوير 5810,)1514. 


مقتبس فى د. مائير "الممارسات الطبية العملية لسكان غانا فى القرن التاسع عشر" "مجلة دراسات 


مقارنة فى المجتمع والتاريخ” 1 (191/9) 3147. 


)5) 


5 


)4( 


مقتيس من المصدر السايق .., ,16 انظر كذلك ه. م. فيبنرح 'إحصائيات جديدة عن وفيات الأوربيين 
فى غرب أفريقيا: الهولنديين فى ساحل الذهب ١!١9‏ -710١؛‏ مجلة الدراسات الأفريقية /الا عدد ”* 
(/ا5١),‏ .3 - الا؛ أنون؛ 'زيارة الأوبئة" مجلة الطب الاستوائى وعلم الصحة 1111 ١(‏ 
نوفمير ,)19٠١‏ 354 -58؛ هوفمان "الحمى الصفراء' 6١١9؛‏ هنرى روز كارترء الحمى الصفراء. 
دراسة ويائية وتاريخية لمكان المصدرء لورا أرمسترونج كارتر وواد هاميتون فروست (بالتيمور ويليام 
وويلكنيز :)١9:51١‏ 501. 

رالف أوستن. أفريقيا فى التاريخ الاقتصادى (لندن. جيمس كرى, 19417), 131 -40؛ باترسون 
وهارويج؛ المرض فى تاريغ أفريقياء 3 -لا . 

جون هنويك, "التاريخ المبكر لغرب السودان حتى ١٠16م‏ » فى ج. ف. أ. اجاوى وميكل كرودر, 
محررين, تاريخ غرب أفريقياء ط ؟ (نيويورك 1917: مطبعة جامعة كولومبيا), ه4١‏ -4؛ ثيرستان 
شاوء. 'ما قبل التاريخ لغرب أفريقيا" 0 فى أجاوى وكرودر, تاريخ غرب أفريقياء 1 ت. ليفشكى, 
"التجارة وطرق التجارة فى غرب أفريقيا' فى حربك. 500غلاالا التاريخ العام لأفريقيا 19٠. 11١‏ - 
”5 .."؟” سوا 


)5 جيمس أس, بوياجان» تجارة البرتفاليين فى أسيا نحت أسرهة الهايسورج .م١ ١54.-‏ (يالتيمور 


1/0 مطبعة جامعة جون هويكنز, 19197)؛ أ. ح. ر. رسل وود؛ العالم فى حركة: البرتفاليين فى 
أفريقياء آسيا وأمريكاء ١5١6‏ -18.8 (لندن, كاركانت. :)١1397‏ 59؛ فرناند برودل: البحر المتوسط 
وعالم البحر المتوسط فى عصر فيليب الثانى (لندن؛ فونتانا / كوليئز. :)١191“‏ رينولد؛ فى المساعدة 
التكنولوجية العربية التى جعلت رحلات البرتغاليين ممكنة: عباس حمداتى "الخلفية الإسلامية 
للاكتشافات البحرية" فى تراث مسلمى أسبانيا تاليف. سلمى جايوسى (ليدن. !. ج. بريل .؟119), 
68 -434 ؛ من أجل أفريقيا: اوستن, أفريقيا والأفريقيين فى تكوين عالم الأطلنطى. 1١14.- ١5.٠‏ 
(كمبردج؛ مطبعة جامعة كمبردج, 19957) 155 -58, لالز - 59 , 4غ سلا , 116 - 15؛ جورج أ. 
بروكس, ملاك الاراضى والغرباء ؛ البيئة, المجتمع والتجارة فى غرب أفريقياء ١175٠١ - ٠٠٠١‏ (شركة 
بولدرء مطبعة وستفيو. ,)١1997‏ 7١؛‏ ف. جورا “(1034 )175٠١-‏ "لازام 06 ولاأعام مجلة الطب 
الاستوائى وعلم الصحة 1لالاا .)1١934(‏ ده - 19؛ جوديير أرابطة السكر' 9 . 


32/9 


)410 


شرح باستفاضة في مللرء طريق الموت. لوقجوى وهوجندورن, الموت البطئ للرق: 185؛ ب. س 
للويد. التطور السياسى مالك يورويا فى القرن الثامن والتاسع عشرء أوراق عرضية. عدد 7١‏ 
(لندن؛ المعهد الملكى للأنثروبولوجياء ١157)؛‏ قانون روبين» إمبراطورية الأويو. .1855-15 : 
إمبريالية غرب أفريقا فى عصر تجارة العبيد الأطلنطية (أكسفوردء مطبعة جامعة أكسفورد //151)؛ 
م. جليفء "استيطان التلال وهجرها فى غرب يورويالاند' مجلة أفريقيا 111( 017)1١937(‏ - 
7 ؛م. جليف ور. م. يروتروء “الكثافة السكانية وغارات العبيد' مجلة التاريخ الأفريقى 11 
(الاؤا) ,وكام دلك, 


(49) جوهائنز منى بوستماء الهولنديون فى تجارة العبيد الأطلنطية 18١١ - ٠٠٠١‏ (كمبردجء: مطبعة جامعة 


):4( 


):5( 


كمبردج.ء ,/)199٠‏ 71:5٠؛‏ برودل. الحضارة والرأسمالية 447؛ جوناثان. !. إسرائيل: اليهود 
الأوروييون فى عصر المركانتيليه. ١76٠١ - ١65٠‏ (أكسفورد. مطبعة كلارئدون » 1585), 484 -80 ؛ 
ميلر. طريق الموت: 68ت, /اكت, الال ولاك احكت 4خا, 


جى. أف. إيه. أجاى, الإرساليات المسيحية فى نيجريا 1١ - 144١‏ (لندن؛ هينمان, 1935), 7ه - 
486 ؛ ج. سورت - كائل ويوياكار بارى "الساحل الفريى للأطلنطى فى عام 18٠٠‏ فى أجاى 
وكرودرء تاريخ غرب أفريقياء 547؛ رويرت. أس. سميث. ممالك اليورويا (لندن جيمس كرىء ١‏ عيد 
طبعة 1544), 45؛ جى. إيادز. اليورويا اليوم (كمبردج؛ مطبعة جامعة كمبردج .1980)؛ كيه. أم. 
يوكنان وجى. إس. بوء الأرض والناس فى نيجريا وخلفياتها البيئية (لندن» مطبعة جامعة لندن, 
6 يبرنارد لويس 'عبيد فى الأيدى” فى العنصر والرق فى الشرق الأوسط: استقصاء تاريخى 
(نيويورك. مطبعة جامعة أكسفورد. ,)159٠‏ 317, 353-576 1-154ل!, /ا09-16؛ آلان فيشر وإتش. جى. 
فيشر. الرق والمجتمع الإسلامى فى أفريقيا: المؤسسات فى الصحراء والسودان الأقريقى والتجارة عبر 
الصحراء (لندن . س. هيرست ١1917١)؛‏ م. هيسكت “صورة الرقيق فى أدبيات الهوسا' فى جى. أس. 
وليامزء مؤلف؛ الرقيق والرق عند مسلمى أفريقيا (توتوواء نيوجرسي, ف. كاس, 1546), 58-١١3‏ 
كوامى أنتونى أبايا 'اختراع أفريقيا' فى دراسته 'فى بيت أبى : أفريقيا فى فلسفة الثقافة (نيويورك, 
مطبعة جامعة أكسقورد, 1997), 1 - 1. 


مقتبس من ميلر. طريق الموته 1174. 


(50) جوزيف إيه. ايذكورى وستائلى ل. انجرمان 'مقدمة: الرابحون والخاسرون فى تجارة العبيد الأطلنطية” 


فى ايذكورى وستائلى؛ تجارة العبيد الأطلنطية ه - ١؛‏ فيليب كيرتين, تجارة العبيد الأطلنطية: إحصاء 
(ماديسون: مطبعة جامعة وسيكنسون, 1514)؛ رالف اوستن, “تجارة العبيد عبر الصحارى: إحصاء 
تجريبى' فى اتشى. أيه جيرمى وجى. أس. هوجندورن: مؤلفين. السوق الغير عادى: رسالة فى التاريخ 
الاقتصادى لتجارة العبيد الأطلنطية (نيويورك. 1914)؛ بول. أيه. لوفجوى "حجم تجارة العبيد 
الأطلنطية: التشكيل" مجلة التاريخ الإفريقى 111 (1985), 475 -0.75. 


53030 


)5١(‏ ميئر؛ طريق الموت, لا١‏ -58 ؛ ه. ج. ويلزء آلة الزمن (855١):الفصل‏ السادس. 'بين المورلوكس"؛ 
آنون» 'مون دى. سيتوارت”. مجلة الطب الاستوائى 8 1 (فيراير 6 4١-1١‏ !؛ كيرتين "نهاية 
مقبرة الرجل الأبيض”, 5 ,8ك انظر كذلك: أمين معلوف, الحروب الصليبية من وجهة نظر العرب 
(باريس» طبعة ,)١1987‏ ه720لاهم, 


(05) كينيت إف. كيبل ويراين تى. هيجزء 'الحمى الصفراء وأفرقة الكاريبى فى جون أو. فيرانو ودوجلاس 
اتش. ايبلاكر. مؤلفينء المرض والسكان فى الأمريكيتين (واشنطن؛ مطبعة معهد سيثموينان, 1935) 
3 -18؛ كينيت كيبل؛ العبد الكاريبى: تاريخ بيولوجى (كمبردج؛ مطيعة جامعة كميردج؛ 19414). 17 
11١ 55-‏ -1!؛ كينيت ف. كيبل, "مسح للمراجع الحديثة على الماضى البيولوجى للسود' فى كييل, 
مؤلف تغيير أفريقيا: نحو ناريخ بيولوجى للسكان السود (ديرهام. ١10‏ مطبعة جامعة ديوك. 1341), 
6؛ كينيت إف. كيبل وأف. اتش. كينج, كينج, بعد آخر لشتات السود (كميردج. مطبعة جامعة كمبردج. 
0١‏ -8؛؛ بوناد بى. كوير وكينيت ف. كيبل "الحمى الصفراء فى كينيت ف. كيبلء مؤلف», 
تاريخ كمبردج لأمراض العالم (كمبردج, مطبعة جامعة كميردج. 1957), 1٠١”‏ من أجل محاولة 
جديدة لاستبعاد مسألة حتمية المرض: ستيفن م. ستوى؛ “رؤية أنفسهم فى العمل:: الأطباء ورواية حالة 
فى منتصف القرن التاسع عشر فى الجنوب الأمريكى” مجلة مراجعات التاريخ الأمريكى 01١‏ عدد ١‏ 
(فبراير 19555), لام -لمه,. 


(؟5) جاك جرين, “تغيير الهوية فى غرب الأنديز البريطانية فى بدايات العصر الحديث: بربادوس كحالة 
دراسة" فى الالتزامات , السلوك؛ الهويات: رسالة فى تاريخ الثقافة الأمريكية المبكرة (شارلوتسفيل, 
مطبعة جامعة فيرجيناء 0 6 جون. جى. ماككوستر ورسل ر. مينارد, اقتصاد أمريكا 
البريطانية, /171 -- ١/49‏ (شايل فيل 8/6, معهد التاريخوالثقافة الأمريكية المبكرة (1944), .١61‏ 

(04) مقتبس من حرين. الالتزامات 195. 

(64) مقتيس من المصدر السايق ‏ 58 . 

(057) ماكماستر ومنراد, الاقتصاد, ,١١51‏ جرين. الالتزامات ‏ 58. 

(59) رالف ايه. اوستن وودرف دى. سميث؛ 'تحلل الأسنان الخاصة كفضيلة اقتصادية عامة: مثلث سكر 
العبيد. الاستهلاكية وتصنيع أورويا” فى انكورى وانجرمان . تجارة العبيد الأطلنطية, 147 -7.؟, 
ماكماستر ومتراد, الاقتصاد. .١0١‏ بازل وافيرسون , الجزر المحظطوظة: دراسة فى تحول أفريقيا 
(لندن . هتيقرن :19492 7821١‏ -55. 

(08) فيئيب. د. كيرتين» صعود وسقوط مجمعات المستعمرات: دراسة فى تاريخ الأطلنطى (كميردج» مطبعة 
جامعة كميردج. .)١194٠‏ انظر كذلك جان دى فرينء اقتصاد أورويا فى عصر الأزمة, ١/0. - 15.٠‏ 
(كمبردج, مطبعة جامعة كمبردج. كلاا), 1 -م؟, 


3 


(09) أوستن وسميث. “تحلل الأسنان الخاصة" ١95‏ - 460؛ فالكستر ومنراد, الاقتصاد. ١٠٠١!؛‏ براين ويتزء 
'تجارة عبر البحار ونمو المدن الكبيرة” فى ايه. ال. بيير وروجر فينلاى: مؤلفين, لندن :١1.0- ١6٠١‏ 
تكوين المدن الكبيرة (لندن. لونجمان. 19147), 77١؛‏ جون شارترز: ' استهلاك الغذاء والتجارة 
الداخلية” فى بييروفينلاى, لندن 16.٠‏ -..7811١؛‏ دى. أس. كومان. اقتصاد إنجلترا ١1409‏ - 
(أكسفورد,مطيعة جامعة أكسفورد. //11), ١1١18‏ ؛ دانيل روشء أهل باريس: دراسة فى الثقافة 
الشعبية فى القرن الثامن عشرء ترجمة مارى ايفانز(ليمنجتون. 5082. 8679, 1541 ١١‏ . 


0 سيتوارت بى. شوارتز» إعادة اعتيار الرق البرازيلى (أوربانا. مطبعة جامعة ابللينوى. 0) - 
ه]؛ فوجلء بدون رضا أو عقد, 4 - 759, 


.,١57 جرين. الالتزامات: 7؟؛ ماكماستر ومنراد, الاقتصاد.‎ )١١( 


(؟1) مقتبس من دافيد او. جالستون “ملاك الرقيق البيض ونمو الرق الأسود فى المستعمرات 
الأمريكية” مجلة الدراسات الاقتصادية 1.الاعدد ١‏ (مارس .)154١‏ ,45 انظر كذلك: لارى كرج » 
'غواية السود": تجارة العبيد الإنجليزية إلى بربادوس, 170 0 الرق وتحرير الرقيق” 1/اللعدد ١‏ 
(ابريل :.)١1596‏ .لا, 

(17) مارك برخولدر وليمان كيه. جونسون, استعمار أمريكا اللاتينية (نيويورك؛ مطبعة جامعة أكسفورد. 
١٠‏ جوديير: “رياط السكر" ٠١‏ -11؛ ك. دافيد باترسون, 'وفيات وياء الحمى الصفراء فى 
الولايات المتحدة, ١197‏ -15.5”, مجلة علم الاجتماع والطب /11)ا)اللعدد 8 (1995), وعم - 16 
"رمن الطاعة" انظر مارك سميث “الزمن ,الرق والاستعمار الرأسمالى فى أنتيليلليم الجنوب الأمريكي”" 
مجلة الماضى والحاضر 01 (فبراير 1995), ١17‏ -38. 


(14) شرحت فى جزئينء الالتزامات + ؟؟, 


(18) اتش. روى مرنز وجورج دى. ترى 'الموت فى الجنة: الملاريا؛ الوفيات والبيئة الدائمة فى جنوب كارولينا 
المستعمرة مجلة التاريخ الجنويى ا عدد ؛ (نوفمبر ,)١19454‏ 077 - 50 أنظر أيضا: نورنتون »أفريقيا 
والأفريقيون, .18-١141‏ 


(17) إريك مرسرء المرض؛ الوفيات وعدد السكان فى تحول (ليسستر؛ مطبعة جامعة ليسستر. ))١1185‏ /ا؟, 
14 جلوريال ماين مستهمرة التبغ: الحياة فى ميرلاند المبكرة ١72١- ١16٠‏ (برنستون:؛ مطبعة 
جامعة برنستون, 1947) 4 -5١٠؛‏ دافيد جالنسون , التجارب المستعمرون والعبيد: سلوك السوق فى 
أمريكا الإنجليزية الميكرة (كمبردج؛ مطبعة جامعة كمبردج؛ ,)١1947‏ ,57 مقالات مناسبة فى ثاد و نات 
ودافيد ال. امرمان مؤلقين. شيسايك فى القرن السابع عشر: مقالات فى المجتمع الأنجلو - الأمريكى 
(شابل هيل . مطبعة جامعة نورث كارولينا. 1919): تشمل: جيمس هورن “هجرة الخدم إلى شيسابك 
فى القرن السابع عشر" كارفيل اف. اريل "البيئة والوفيات فى فيرجينيا المبكرة”؛ لويس جرين كار 
ورسل أر. مثارد: "الهجرة والفرصة: العبد الحر فى مستعمرات ميرلاند المبكرة”. 


23202 


(11) جون نريك: السياسة الاقتصادية والمشروعات: نمو مجتمع الاستهلاك فى بداية إنجلترا الحديثة 
(أكسقورد. مطيعة جامعة أكسفورد, بيئر كرديتء هائز ميدك وجرجن شوليئومن . التصنيع 
قبل التصنيع. بيت سكوب (كمبرد ج؛ مطبعة جامعة كميردج» !)1181١‏ هرمان كلنيتز: "الصناعات الريفية 
فى الغرب من بداية العصور الوسطى إلى القرن الثامن عشر' فى بيتر ارلى؛ تأليف؛ مقالات فى التاريخ 
الاقتصادى الأورويبى (أكسفورد. مطبعة جامعة أكسفورد: 1915), 

(14) جرين - الالتزامات؛ 553؟, 

(19) بوستاما. الهولنديون. 155 351١-58.‏ ؛ لاستروالد , انظر الفصل الرابع. الزهرى'. 

)2٠١(‏ جرين . الالتزامات , ؟؟. 

)/١(‏ مقتبس من المصدر السابق؛ /9؟. 


(5) ريتشارد أس. دن, السكر والعبيد. صعود طيقة المزارعين فى الأنديز الإنجليزى الغربى (شابل هيل, 
مطبعة جامهة شمال كارولينا, ؟/191), 517. 


(7) شرح فى حزئين, الالتزامات ؛ /517؟. 

(4/) فوجلء يدون رضا أو عقد , ؟4١‏ - ل8؛ ج. أر. وارد» عبدوية الهند الغربية البريطانية . .ه/ا١‏ -1854: 
عملية الإصلاح (أكسفورد. مطيعة كلارندون, ,)١1948‏ 160 -21؛ كيبل مسح لمراجع حديثة ‏ 4. 

(70) مقتيس من بى. أو. هيجمان, عدد العييدالانجليز 18.1 - 18514 (بليتمور. 1/0 (مطبعة جامعة جون 
هويكتر, 11484) انظر كذلك: تود سافين .'صحة العبيد والتمييز الجئويى فى سافين ويونج؛ المرض 
والتميين: 1؟7١.‏ 


(1/) مقتبس من جاك كرن “كل أمل فى صيف صحى: وياء 1879 للحمى الصفراء قى شارلستون: جنوب 
كارولينا". دراسة ممولة لكلية طب فيلادلفيا: الطب والتاريخ /ا جزء /االا رقم ؟ (يونيو 1995), 31/1١‏ . 


(70) بينكارد ٠‏ نقاط على غرب الأنديزن: , ١44‏ 


)م هيجمان: تعداد العبيد. 511 ؛ رايموند دمت 'المرض والوفيات بين عمال مناجم الذهب فى غانا: حكومة 
المستعمرات واتجاهات وسياسات شركات المناجم؛ 1٠٠‏ -1958, مجلة علم الاجتماع والطب 
لاا (1557), 1كك, 


(9) سيدنى أو. مينتز: الرقة والقوة: مكان السكر فى التاريخ العلمى الحديث (نيويورك: فيكنج, 49,194 - 
٠٠‏ صهود وانهيار مجتمع المستعمرات. و. توفيشن, الرق فى محيط السكر: جزر المارتينيك 
والاقتصاد العالمى ١48٠‏ - 1848 (بالتيمور (]/0 (مطبعة جامعة جون هويكنز, ١6 )199٠‏ -١؟؛‏ يول 
فارمر "أسياد كثيرون": السيطرة الأوروبية على هايتى » 'فى مساعدته واتهاماته: هايتى وجغرافية اللوم 
(يرلكيلى» مطبعة جامعة كاليفورنيا,(١1591),‏ لاغ -14. 


553 


(40) مقتبس من فارمرء هايتى, 161. 
ومارك والكر؛ مؤلفين, العلم, الطب والإمبريالية الثقافية (لندن, ماكميلان, 1991), 81 -18. 

(؟4) جى. ام. بولء كشف موتانا: الوباء الكبير للحمى الصفراء فى فيلادلفيا فى ١797‏ (أول طبعة )١9549‏ 
(فيلادلفيا. مطبعة جامعة بنسلفانيا.؟199), 4- "؛ مارتين س. برينك, "الأحزاب والمرض: وياء الحمى 
جامعة ويسكونسن, مهذا), 1 اكام انظلر كذلك وليم أاسس. ميدلتون 'فيلكس بسكال - أوفير ووباء 
الحمى الصقراء فى عام /70817”؛ نشره تاريخ الطب 7)70)1/111 (1934), 491 - 019. 

(45) روبين بلاكبيرن ؛ قهر رقيق المستعمرات. 11/9/1 -18448 (لندن؛ قرسى, 51,1984 - 54. 


(84) دافيد جيجز "الحمى الصفراء فى تسعينيات القرن الثامن عشر: الجيش الإنجليزى فى سانت دومينجو 
المحتلة, , 4١7‏ مجلة تاريخ الطب 111)! (1910/9), 08-74 . 


(40) مقتيس من المصدر السابقء لاه ويرودل» الحضارة والرأسمالية؛ 4١١,‏ انظلر كذلك: بلاكبيرن» قهر 
رقيق المستعمرات, /ا4؟ -01؛ جون بى. بلاك 'الحمى الصفراء فى أمريكا القرن الثامن عشر' نشرة 
أكاديمية نيويورك للطب /الاا رقم 5 (1554): 319. 

(81) مقتيس من بلاكبيرن» قهر رقيق المستعمرات. 1 

(417) فارمر»؛ هايتى: .١515‏ 

(44) جورجاس ٠‏ تجارب حديثة. 1]. 

(84) ام. بى. اكبان, “ليبريا وأثيوبياء 144٠‏ - 1314:يقاء دولتين أفريقيتين" فى ايه. ادو بواهن, مؤلفين؛ 
500]|انا التاريخ العام لأفريقيا :/١١‏ أفريقيا تحت الهيمنة الاستعمارية 1484٠‏ -1970 (لندن, 
تعليم هايتمان: 1/١ ,)194١‏ - 'الا, 

(40) درشرء 'نهاية تجارة العبيد” "؟؛ رونالد هيام, الإمبراطورية والجنسية: التجربة البريطانية (مانشستر. 
مطبعة جامعة مانشستر ,)١199٠‏ ١٠٠؛‏ فرامرء هايتى, 529؛ بلاكيرن, قهر رقيق المستعمرات؛ /ا0؟ - 
لمم >4 ايه. سعيدء الثقاغة والامبربالية. 71 7555 

(91) بلاكيرن: قهر» 505. 


)١7(‏ فارمرء هايتى: 165 -5ه , ١/4‏ -0/!؛ يوجين دى. جنوفيس» رول» ج.وردان رول: العالم الذى صنع 
الرقيق (نيويورك » كيت فبنتاج,.4/ا19), ١/4‏ -, هلا فى استمرارها لمدة ٠4١سنة؛‏ 9 من ١‏ 4رئيس دولة 
أعلنوا أنفسهم رؤوس دول مدى الحياة. و55 إما اغتيلوا أو عزلوا": جريدة الاجييشيان جازيت» ؟ 


304 


أبريل :١1552‏ ؛ قله من البلاد فى العصور الحديثة استقبلت صحافة سيئة جدا من المراقبين الأجانب 


كهايتى؛ سيدنى و. مينتزء تحول الكاريبيين (شيكاغو. ألدين, 4/ا5١),‏ /531؟. 
١‏ 


(55) زاد إنتاج القطن الأمريكى من حوالى , ٠‏ مليون باله فى 187٠‏ إلى ١,8‏ مليون فى عام 184٠‏ وإلى 


لا ؟* مليون باله فى 1 : معظم هذا الإنتاج تم تصديره إلى مصانع النسيج فى بريطانيا : فوجل» 
بدون رضا أو عقّد 67 فى مخاطر اقتصاد المحصول الواحد: جيمس و. بريدن "المرض كعامل فى 
التلمين العنوبى” فى متاقيات ويونج: امرش والتشير) 117 


(48) ماكماستر ومنراد. الاقتصادء ١7١؛‏ جاك جرين» تعقب السعادة: التطور الاجتماعى فى بداية 


4 187 1817؛ يوجين جينوفيز ثمار رأس المال التجارى" فى ح. وليام فاريس . مؤلف, المجتمع 
والثقافة فى رقيق الجنوب (لندن. روظيدج, 3١ ,)١199”*‏ ؛ سميث “الزْمن , الرق ورأسمالية الاستيطان". 
لق 


(46) فوجلء بدون رضا أو عقد؛ رويرت او. موجل وستانلى ال. انجرمان: زمن على تقاطع: اقتصاديات الرق 


)101) 


إفذة 


(4ة) 


)05) 


للزنوج الامريكيين (بوسطن. ليتل. برون, 914١)؛‏ ميشيل كامن: رجال متناقصون:: استقصاء يختص 
بأصول الثقافة الأمريكية (إيثاكا؛ لالاأ,» مطبعة جامعة كورنل ؟15377), 47؟؛ جرين: التزامات. ١‏ -؟ 
(إذا حدث وعانى الأمريكيون من ثورة كبيرة. فسوف يتمونها بوجود عنصر السود على أرض الولايات 
المتحدة, وهو ما يعنى أنهم سوف يدينون بأصولهم, ليس إلى المساواة, ولكن إلى حالة عدم المساواة. 
الكيس توكفيلء الديمقراطية فى أمريكا (نيويورك؛ كيب فنتاج, ,)١540‏ ١٠0؟,‏ نشرت هاريت بيتشر 
ستو روايتها الثورية كوخ العم توم فى عام 21465 


فوجل. بدون رضا أو عقد, 584١‏ --5841؟. 


جو أن كاريجن "الحمى الصفراء. نقمة الجنوب” فى سافنت ويوغ, المرض والتمييزء 75 -15؛ تود ل. 
سافيت 'صحة العبد", 157؛ ميركوه جريمك, المرض فى عالم اليونان القديم, ترجمة مرسيل وليونارد 
ميلر (بالتيمور. 1/00: مطبعة جامعة جون هويكنز. 1944) 510 -11؛ ليفنج ستون 'مجموعات الدم 
السيئة" 417, "الجنوب فوق كل ذلك بالنسبة للبيض شعب يميل إلى الجموح باتجاه عام. سوف يبقى 
بلد الرجل الأبيض”: مقتبس من بريدن, "المرض كعامل”", , /اه 


باترسونء “الحمى الصفراء, ا -08, 810؛ بريدن "المرض كعامل". ١٠؛‏ كاريجان 'نقمة 
الجنوب'. لاه. 


كاريجن, 'نقمة الجنوب". ١١124‏ “الحمى الصفراء دائما كانت تنتشر بواسطة الزنوج. خاصة بواسطة 
أطفال الزنوج:': كارتر: الحمى الصفراء, 7314. 


00 


.0( 


.5 


ل 


,)١55* مارجريت همفرى» الحمى الصفراء والجنوب (نيوبرنسفيل, لاا مطبعة جامعة روترجر:‎ (6 ٠. 


١‏ -05؛ شان ويت وجراهام وين "ملابس العبد ونظافة الامريكيين السود فى القرن الثامن عشر 
والتاسع عشر:. الماأضى والحاضر 111/اءاكا0) (اسطس 1546), ١59‏ -41/؛ اليزابث فوكس 
جينوفينر» داخل ممتلكات مستعمرة النسشاء البيض والسود فى الجنوب القديم (شابل شل: مطبعة 
جامعة شمال كاروليناء 1944), 139 -5ل9, ,51/8 


6( رونالد روس»٠‏ ذكريات: مع إحصاء كامل لمشكلة الملاريا الكبيرة وحلها" (لندن, حون مورى» ١3ل‏ ), 


هاورد كيه. هولىء تاريخ الطب فى الاباما (برمنجهام. .الل. مدرسة الطب يجامعة الاياما, 
19 816 ١؛‏ ميشيل أدس, الماكينات كمقياس للرجال: العلم. التقنية, الايديولوجيا للبيمنة 
الأوروبية (اثياكا, لالاا. مطبعة جامعة كورنل, .1١1 5.1 5591615 )١949‏ 

.44 مقتبس من كيل وكينج بعدا آخر,‎ )١ 

)١‏ صمويل ايه. كارتريت, " .140 تقارير عن المرض والخصائص الفيزيائية لعنصر الزنوج» فى أرئل ال. 
كابلان. اتشء انجلهارت. جى. مكارتنى» روى مختلفة المجالات لمفاهيم الصحة والمرض (قراءات», 
8/أ؛ أديسون - ويسلى, ,5١4 ,)١1981١‏ كان إدراك أخر لكارترين أنه 'دم السود' نتج ليس بسبب 
اشتراكه فى مجهود كافى 'ليعطى النشاط الحيوئ: ويتخلص من ثانى أكسيد كريون الدم ويهذا 'قدم 
السود ينتشر إلى تلافيف المخ ليعطى التجاهل. الخرافة والبريرية» ويغلق الباب أمام الحضارة, 
والثقافة العقلية وحقائق الدين': 5714. 


6( مقتيس من كاريجان 'نقمة الجنوب , انظر كذلك: سكو "الأطباء وحاله تقرير" لاه حمهة, 


6( مقتيس من جون دفى, سيف الوياء: وياء الحمى الصفراء فى نيوأوليائز” (باتون رقن » مطبعة ولاية 


جامعة لويزيانا. 1935) 4. 


٠ح)‏ مقتبس من هوج بروجانء تاريخ بليكان للولايات المتحدة الأمريكية (لندن» بنجوين» 701:)1547. 
)٠‏ كارترء الحمى الصفراءء. , 774 اتظر نشرة مكتب الحمى الصفراء ١١١‏ رقم ؟ (1914). 75٠‏ -لا0. 
)٠‏ مارى كينجزلى, دراسات لغرب أفريقيا (لندن؛ ماكميلان, .)15١١‏ انظر كذلك كيرتين, الموت بالهجرة, 


للك حر 


)١‏ شمفرى, الحمى الصفراء, لا. 


.5١ دوفىء, “وطأة الملاريا”‎ )٠٠١( 


.١[ل1‎ .5 مقتبس من دوفى “سيف الوياءء,‎ )١11١( 


(؟١١)‏ تفس المصدرء, 017١؛‏ كاريجان كارثة الجنوب', .7١‏ 


00 


)0١19‏ مقتبيس من همفرى» الحمى الصفراء , ؟7. 

,١1/١ 1 نفس المصدر ١2١؛ دوفى: سيف الوياء.‎ )١١4( 

الدليلة بلومء الوياء الكبيير للحمى الصفراء عام ما 1 اك همفرى» الحمىي الصقراء. 5 
-5١٠/؛‏ توماس اتش. باكر "الحمى الصفراء: وياء الحمى الصفراء عام 14148 فى ممفيس 
تيئسى , نشرة تاريخ الطب (19534) ل جام كيتينج» 'وباء الحمى الصفراء عام ىماما , فى 
ممفيس تينسى (ممفيس 111, اتحاد هوارد. 1415)؛ كاريجان. “كارثة الجنوب" 717-77 أعكس 
التوقعات". أثبت سود ممفيس أنهم معرضون لهذا الوياء بطريقة مؤلمة. من بين 44 مريضًا بالحمى 
المتقطعة للحمى الصفراء والذين سجلوا بطريقة رسمية فى ١٠سبتمبر.‏ 5" منهم كانوا من السود؛ 
أمريكا ؟" رقم ه (ديسمبر 1996), 1194. 

(11) ياكر, 'الحمى الصفراء» ١‏ همفرى» الحمى الصفراء, 3 جون. أتش. إليس» الحمى الصفراء 
والصحة العامة فى الجنوب الجديد (ليكس تجتون. مطبعة جامعة كنتكى, ؟159), ١7١ /1١04‏ 
فى العقود التى انتهت عام .184٠‏ قيم رأس المال فى مقاطعة شلبى (ممفيس الكبرى) هبطت بنسبة 
*"/ر؛ قلت اعداد الأيدى العاملة المستخدمة فى التصنيع بنسبة ٠؟/,‏ قلت أعداد الأفران مسن 
إلى ؟؛ مصانع البيرة قلت من ؟ إلى واحد؛ رَاد عدد قاطعى أحجار القبور من ه إلى ١؛‏ راد 
ااا كل 

١40 2١74 كريجان, “كارثة الجنوب" /18-71؛ فمفرى, الحمى الصفراء.‎ )1١0( 

,14 مقتيس من كاريجان 'كارثة الجنوب‎ )١١4( 

١46 مقتبس من همفرىء, الحمى الصفراء,‎ )١1١19( 

.502 /141/4 مقتبس من يلومء الوباء الكبير للحمى الصقراء عام‎ )1٠١( 

(171) بريدن؛ "المرض كعامل” .١77‏ 

1 مقتبس من همفرى» الحمى الصفراء,‎ )١1( 

)١1(‏ نفس المصدر. 

.4١6 بروجان. تاريخ الولايات المتحدة.‎ )١74( 


.١84 -١7؟ بريجته؛ 'المرض كهامل‎ )١126( 


(3؟1١)‏ جون- أن كاريجان: 'الاتصال الجماهيرى والصحة العامة: حملة عام ١406‏ ضد الحمى الصفراء 
فى نيوأورليائزن" 8015705ع00: 186165 :||ا/اكالاا الاجتماع الدولى لتاريخ الطب باريس»: ,١947‏ 
7# وك 

(110) بى. جى. كاين و. ايه. جى هوبكينز "البرازيل" فى كاين وهوبكينز, الإمبريالية البريطانية: الاختراع 
والتوسع 1914-1744 (لندن, لوغمان, 1991), 51-594. 

)١١4(‏ كورتين» مجتمع المستعمرة. اه 

(9؟١)‏ كاين وهويكنز. الإمبريالية البريطانية 194؛ برودل: الحضارة والرأسمالية, ١؟4؛‏ ترساميداء 
الإمبريالية الثقافية فى جمهورية ريودى جانيروى القديمة". مشروع التجديد الحضرى والصحة العامة , 
فى شى. ميد. ومارك والكنز مؤلفين,» العلم, الطب والامبريالية الثقافية (لتدن, ماكميلان: 40,1 
للتأثير البريطاني فى أفريقيا البرتغالية؛ انظر جى. هيتون نيكولاس "الاستيطان الإمبراطورى فى 
أفريقيا فى علاقته بالتجارة والعناصر المحلية” مجلة المجتمع الإفريقى لالالا عدد 48١‏ (يناير 
ككوا), ١11كا.‏ 

)١1١١(‏ بيركهولدر وجونسون, استعمار أمريكا اللاتيتية. ,119 انظر كذلك ستيوران تى. شوارتز. أعاد اعتبار 
الرق البرازيلي" (اربانا. مطبعة جامعة إيللينوى. ؟195). 


.114 مقتبس فى بلاكبيرن» قهر,‎ )١17١( 

(؟1) كاين وهوبكنز, الإمبريالية البريطانية. 7.٠ ,5٠‏ 
نشرة مكتب الحمى الصفراء ١١‏ (597.)133؛ دونالد بى كوير "حرب اليرازيل الطويلة ضد 
الأمراض المعدية. 2-1444 1417. مع تركيز خاص على الحمى الصفراء'., نشرة أكاديمية نيويورك 
للطب ألاء عدد ه (مايو ه/ا5١),‏ 138. 

31/7 مقتيس فى كوبره "حرب البرازيل الطويلة”,‎ )١١8( 

(؟1) تانسى ستيبان, 'بدايات العلم البرازيلى": أزوالدو كروز: الأبحاث الطبية والسياسة 195.١ -1489٠.‏ 
(نيويورك؛ انشأت تاريخ العلم. /1951), 4/4. 

إلدة سكيد مور 'الأفكار العنصرية... فى البرازيل؛ جورج ريد أندروز: أعدم المساواة العنصرية فى 
اليرازيل والولايات المتحدة: مقارنة إحصائية , مجلة التاريخ الاجتماعى الاكاكا عدد »" 
(5ة5ا), 017ل 

(179) فى المقابل, فى الولايات المتحدة, الوضع القاتونى للعبودية كان مرتبطًا بأى شخص مختلط الدم بغض 
النظر عن مدى قلته 1١7/١‏ 75/1 من أجل النسبة انظر مين. مستعمرة التبغ؛ ,1؟١‏ 'بينما يعتقد 


656 


الأمريكيون الشماليون (المعاصرون) أن جدا أفريقيًا واحدًا كاف لوجود أمريكى - أفريقى: أو شخص 
ينحدر من أصل أفريقى. يميل البرازيليون للاعتقاد أنهم يرثون خصائص من كل أسلافهم . بيتر فرى, 
'لماذا البرازيليون مخطفون”. 8/7611امملا5 1630لا 115065 مد يسمبى 1998, لا 

(154) يلا كبيرن, قهر, 781- 137. 


(9؟١)‏ كويرء "حرب البرازيل الطويلة, 105؛ كوتو ودى ريزندى» أمقاومة الأمراض المعدية فى البرازيل » 
؛ ستيبان, بدايات, 54 إيلانا لاوى, "الحمى الصفراء فى البرازيل وإرساليات معهد باستير 
(1500-14-1): ثقل العلم إلى الأطراف". تاريخ الطب /200606117 (199-0): 197 


.195 مقتبس من كويرء 'حرب البرازيل الطويلة'‎ )١40( 
.598 كوتو ودى ريزندى؛ “مقاومة الأمراض المعدية فى البرازيل”:‎ )١81( 


)١189(‏ أندروزء “عدم المساواة العنصرية", 59؛ كارلوسء إى. ايه. كومبرا. "العامل اليشرى فى علم أويئة 
الملاريا فى أمازون البرازيل” المنظمة البشرية: |ا/ا اكلعدد :)١1944( 7١‏ /ا0؟, 
للاريا فى أمازون البرازيا لبشري زههدا) 


(؟5١)‏ أنونء “البيئة الصحية كحاجز لانتشار الحمى الصفراء, مجلة الطب الاستوائى | (نوقمير 1434), 
تجميع تقارير على الحمى الصفراء" نقس المجلة, .٠١5‏ 


(غ٠١)‏ ميدى» 'الإمبريالية الكثقافية, ,.١114-‏ من أجل تفس الوضع فى القاهرة أثناء اللورد كرومر: 
.اكوا 


.5.4 كاين وهويكنز, الإميريالية البريطانية, 5.؟-‎ )١45( 
.١17-114 ميدى. الثقافة الإمبريالية,‎ )١157( 


)١41(‏ لوى, إرسالية معهد باستير", 7١٠؛‏ ستيبان: بداياتء 91-465؛ مجلة الطب الاستوائية علما لصحة 
/ااكا (مارس ,)15١١‏ ال. 


)١44(‏ بلاكبيرن» قهى, م اع برودل» الحضارة والرأسمالية, 0 داقيد نريون دافيز, الرق والتقدم 
البشرى (اكسفورد, مطبعة جامعة اكسفورد, )١9414‏ 7417. 


.9/ -195 كيرتين: مجمع المستعمرة:‎ )١159( 
.)1995 جوليت بارسلى, هافانا: بورتريه لمدينة (لندن, كاسل,‎ )16١( 


)١١١(‏ كيرتين (الموت بالهجرة. ١؟١؛‏ دافيزء الرق. 2554 7587؛ جاك أريكسون ابلين. “فى الزيادة الطبيعية 
لأعداد العبيد: مثل من تعداد السود الكوبيين. -١39/5‏ .3750 فى ستائلى انجرمان ويوجين 


2059 


جينوفيسى. مؤلفين. العنصر والرق فى نصف الكرة الغريى: دراسة كمية (برنستون, ل/ا. مطبعة 
جامعة برنستون. ه/91١), ,16-151١‏ 
)١61(‏ جوناثان ليونارد: "حياة كارلوس فينلاى وموت الحمى الصفراء"؛ نشرة منظمة الصحة لكل الأمريكيين 
|االالا عدد ؟ (1943)/, 45؛ لوى: "إرسالية معهد باستير". 58١!؛‏ ماريا مالتيد سواريز ووليفكا 
ليموني: “من الداخلية إلى الخارجية: دراسة للمقاومة الأكاديمية للاكتشافات العلميةالجديدة", تاريخ 
العلم /11 عدد (19543), 4.075 


(؟15١)‏ مقتيس منء تاريخ الولايات المتحدة, 545. 


(164) هوفمان, "الحمى الصفراء', ©91؛ جيه. جيتراس, 'توطن الحمى الصفراء, نشرة مكتب الحمى 
الصفراء !|| (؟١9١),‏ 1-556 


(ه6١)‏ فرانسوا ديلابورت. تاريخ الحمى الصفراء: مقالة حول ميلاد طب المناطق الاسنوائية (كمبردج: مطبعة 
8 1/17 1991)١5١؛‏ هنرى روزكارترء 'قاموس سيره الأمريكيين'. 


الهدلة رودني سوليقان:» "الكوليرا والاستعمار فى الفلبين, 180107 قى روى ماكلويد وميلتون لويس» 
مؤلفين؛ المرضء الطب والإمبراطورية: روئ حول الطب الغربى وتجرية التوسع الاورويى (لندن» 
روطلدج. ,)١5484‏ 584- ١٠٠5؛‏ همفرى: الحمى الصفراء. ,5١1 51١ 1١45‏ 


(151) مقتيس من جوت فارلىء البلهارسيا: تاريخ الطب الاستوائى الإميريالى (كميردج؛ مطبعة جامعة 
كمبردج: )١193١‏ ,19 نشر كليبلح قصيرة “عبه الرجل الأبيض” 1819. 


1١5) 


)1١9(‏ هوقمان, (الحمى الصفراء), 117؛ رونالد روس, “تقدم الطب الاستوائي”, مجلة المجتمع الاقريقيى 
/اا (ابريل ,)١110٠‏ *58؛ ليونارد؛ "حياة كارلوس فينلي". 5459؛ لوى؛ "إرسالية معهد ياستين"؛ 2,١6١‏ 
؟1م١-غ:؛‏ ديلايورن» ميلاد طب المناطق الحارة: 47-16 مارجريت وارئر اصطياد جرثومة الحمى 
الصفراء: النظرية والتطبيق لبرهان علم الأسباب المرضية فى نهاية القرن التاسع عشر بأمريكا”. 
نشرة تاريخ الطب (1985) كا|الا. -571١‏ 47؛ كيرتن, الموت بالهجرة, .١77‏ 

)٠١(‏ جوزيف أيدء ليبرنس وأيدرجيه. أورنشتن, مقاومة البعوض فى يتما: استتصال الملاريا والحمى 
الصفراء فى كويا وبتما, (نيويورك» مطبعة كينكرر بروكرء كلذا), ا7, انظر كذلك: جورجاس. 
"التجارب الحديثة', 05-49. 


.14-9015 بيركهولدر وجونسونء استعمار أمريكا اللاتينية‎ )١111( 


200 


(5ة313) نفس المصدرء. 77١-1؟؛‏ روس, تقدم الطب الاستوائى'؛ ,584 لأجل رؤية تخيلية. جرهام جرين» 


ريع معرفة العام (نيويورك. كتاب الجيب. سنيمون وسمتسدرء ١5-14 )١544‏ 


(11) باتريك مانسون, “شرح لنظرية البعوض_الملاريا وتطوراتها الحديثة: مجلة الطب الاستوائى | 
(أغسطس 1858), 8-4 من أجل استئصال ناجع للملاريا --14-١‏ 147, ياستعمال نصيحة روس: 
أنون؛ إخضاع الملاريا فى الإسماعيلية: (قناة السويس). مجلة الطب الاستوائى 6!ا؛ (اغسطس 
5م 11-519, 


)١114(‏ 'فحوص البروفيسور كوخ على الملاريا”: مجلة الطب البريطانية ٠١(‏ فبراير .٠.31)19؟5؛‏ نفس المجلة 
1١(‏ ماي ..57,)14؟1؛ نفس المجلة ٠١(‏ يونيو 15148:)11.00. انظر كذلك: أندرسون وماى 
الأمراض المعدية, /الا77, 


(150) مقتيبس من جوردون ماريسون, البعرض,. الملاريا والإنسان: تاريخ المرض منذ ١84٠.‏ (نيويورك» 
دتونى, 4ماذا), 54 


)١1173(‏ مقتبس من روبرت دبليى. بويسء, البعوض أم الإنسان؟ غزو العالم الاستوائي (لندن» جون مورى, 
فى التعليمات من أجل مئع حمى الملاريا من أجل استخدام المقيمين فى مناطق الملاريا. 
معروف أنه كتب بواسطة روس فى المجتمع الذى يشكل فيه السكان الاصليون الجزء الكبير من عدد 
السكان, من الواضح أن تعاوئًا ذكيًا على مدى واسع يمكن توقعه بصعوية, يعبر روس عن أفكار 
عنصرية مماثة: المجلة الطبية البريطانية 10) لفبراير )١19-٠‏ 574 انظر كذلك, ماجور أر. روس: 
"الحرب ضد الملاريا: ضرورة صناعية من أجل مستعمراتنا الأفريقية”. مجلة المجتمع الافريقى الا 
(يناير 19075), 601-1149. 


(17) أتون. “موت الدكتور ستيورات"؛ مجلة الطب الاستوائى ! ١(‏ فبراير .4١:)19-5‏ 


)١14(‏ رويرت بويس "استعمار أفريقيا", مجلة المجتمع الأفريقى للعدد 4١‏ (يوليى .)١151١‏ 154-,11 انظر 
كذلك: استبيان: فكرة العنصر... ٠.19350-18!؛‏ ترشرء أنهاية تجارة الرق 11-15511؛ نيكولاس, 
"مستوطنات الامبراطورية'. .١١8‏ 


)١19(‏ ويليام بى. كوهينء 'الملاريا والاستعمار الفرنسى',. مجلة التاريخ الأفريقى /االاا (1187)؛ روس, 
'تقدم الطب الاستوائي", //1”؛ أية. قصابء "الاستعمار الاقتصادى: شمال أفريقيا". فى ايه. أرو 
بوهن. مؤاف 0500لا التاريخ العام لأفريقيا :الا أفريقيا تحت الهيمنة الاستعمارية 14.٠‏ - 
(لندن, مطبعة هنيمان التعليمية. د194), ,71-47٠ ,575-15٠‏ ١44؛‏ إدوارد سعيد الثقافة 
والإمبريالية, 01”؛ كيرتن, الهجرة بالموت -1١1777‏ ,737 انظر كذلك: أنا ماركوفينش. "الطب 
الاستعصارى الفرنسى والحكم الاستعمارى فى مكلويد ولويس, المرضء الطب والإمبراطورية. 
0 


)10٠(‏ اليو سبيتزر, “البعوض والعزل فى سيراليون”. المجلة الكندية للدراسات الافريقية 1١‏ عدا (ربيع 
حكذا), مخ4- 3ك بويسن» استعمار أفريقيا" و55" 


(171) جوزيف إى. ازكورى؛ “تناقص عدد السكان فى غرب أفريقيا فى القرن التاسع عشر:: دور تجارة 
تصدير العبيد. مجلة السكان الأفريقية التاريخية ) ١١‏ أدنيرة: مرك الدراسات الأفريقية, جامعة 
أدنيرة, ١4ذا),‏ ؟ "٠‏ عيد الله مهدى وجه. اى. انيكورى؛ عدد ١١‏ السكان وثمو رأس المال فى غرب 
أفريقيا قبل الاستعمار: قصر كانو فى القرن التاسع عشر"؛ فى دينس دى. كوردل وجول دبليو- 
فيو. ا1541), 1- "/؛ باترسون ومارتويج, المرض فى التاريخ الأفريقى, 4 - ١٠؛‏ ستيفن فيرمان 
تدا اط رةه 


(17) مقتبس من إى. أيه. أيندل؛ تأثير الإرساليات على نيجيريا الحديثة (لندن؛ لونجمان. 1575.) .4؟. 


)١7(‏ أجامى وكرودرء تاريخ غرب أفريقيا. 

؛١؟‎ 11151١ -1١.9 اووستن: أفريقيا,‎ 444 5741 ,7 -560١ كاين وهويكنز الإمبريالية البريطانية.‎ )١5( 
مجلة الإمبراطورية والكمنولث لال‎ 147٠-١4. لين 'إمبريالية التجارة الحرة فى غرب أفريقيا".‎ 
(كهوا)‎ 


)1107) اوستن. افريقياء .١١4‏ ١١؛‏ كاين وهويكنز, الإمبريالية البريطانية, 747- 84؛ هير كينجزلي: 
دراسات غرب أفريقية, ؟595- 586, 


(11) إيملى بيلودء :مشكلة التطور الزراعى فى غرب أفريقيا". مجلة مجتمع غرب أفريقيا !الا (يناير 
505 بى. أن. دافيزء سير الفريد جون: السعر الأساسى لمشروعات الشحن (لندن 1914)؛ 
روس مذكراتء, 77؟- , 'الا من أجل ارتباطات جون مع دولة الكونغى الحرة (الذى كان قنصل لهافى 
ليفربول): مارينز ليونزء 'مرض النوم؛ إمبريالية طب المستعمرات: بعض الارتباطات فى الكونغو 
البلجيكى". فى ماكلويد ولويس؛ مجلة المرض, الطب والإمبراطورية. 41؟. 

(171) فردريك شيلفورد؛ "عشر سنوات من التقدم فى غرب أفريقيا', مجلة مجتمع غرب أفريقيا ١‏ (1503), 
5؛ دومتء المرض والوفيات بين عمال المناجم فى غانا” .١4-9517‏ 

(174) كينخزلى, مجلة دراسات غرب أفريقية. , 587 الجمعية الأفريقية الملكية ومجلتها أنشئت لتكريم 
كينجزلى: الافتتاحية الصغيرة هنا أقيمت فى مبنى سميثتون الذى ماتت فيه بينما كانت تخدم 
كممرضة فى حرب البوير: مجلة شئون أفريقية: مجلة الجمعية الملكية الأفريقية /01ا عدد 7/٠.‏ 
(يوليو 1595), ؟151, 


(115) جى. دى. هارجريفزء وميخائيل كرودرء مؤلفين. تاريخ غرب أفريقيا الجزء الثانى (نيويورك. مطبعة 
جامعة كولومبيا 015177 407- 7؟5؛ جى. أن. اوزجف, 'التقسيم الأوروبى وغزو أفريقيا: مراجعة. 
'فى تاريخ أفريقيا لليونسكو' الا 14١-5؛؛‏ ام. اتش. واى. كانيكي, "الاقتصاد الاستعمارى: "المنطقة 
البريطانية السايقة , فى بوهنء تاريخ أفريقيا العام لليونسكو ١١ا,‏ 87> تشميرلين,. اول سياسى 
باستعمال قوة الدولة": بيتر مارس: حجوزيف تشمبرلين: مشروعات فى السياسة (لندن, مطبعة جامعة 
بل 1554), 

.178:)1534 مقتبس من ميخائيل كرودر غرب أفريقيا تحت الحكم الاستعمارى (لندن, هيتشنشون.‎ )18١( 

ككلم جون فلنت, سير جورج جولدى وإنشاء نيجيريا (لندن» مطبعة جامعة اكسفورد. 1 - 2.1 

كرودر» تحت الحكم الاستعمارى: ويليام اف.اس. ميلن. لهجة الهوسا المستعمرة: نحى تاريخ 
أثنوجرافى” مجلة مراجعات الالالال عدد ١‏ (سبتمير 195), 18 ,١7‏ 
15١1 -85‏ فى ماكلوير ولويسء المرضء الطب والاميراطورية, ١-57؛‏ ميخائيل وريويز: "ظهور 
الطب الاستوائى؛ دراسة فى تأسيس الخصوصية العلمية. فى جيرارد ليمان وآخرين: ‏ 'روئ حول 
نشأة النظم العلمية (هاهجو, موتون 6/ا5١),‏ م24 طبقًا لمانسون, أفى هذا الشأن بالنسبة للطب 
قى مدرسة لندن للطب الاستوانى . مجلة الطب الاستوانى, اايا )1 يناير 15-05) ؟17١.‏ 


)1١87(‏ اتش أى» انتء جه اى. جتون وجه. اتش. إليوت. تقرير مدرسة ليفريول للطب الاستوائي وعلم 
الطفيليات الطبية عن حملة الملاريا إلى نيجيريا (ليفربول؛ طبع فى ليفريول. .)15-١‏ سيراس. ار. 
كريستوفرز. تقرير عن الإسكان واكتشاف الملارياء رقم 1 .)١(‏ من النشرة الربع السنوية لمنظمة 
الصحة لعصبة الأمم ١‏ (453)1955- 19؛ فيليب دى. كيرتن: "المعلومات الطبية والتخطيط 
الحضرى فى أفريقيا الإستوائية. مجلة مراجعة التاريخ الأمريكى الا عدد " (1580)؛ فرانكل 
ووسترن, "ادعاء الوقاية؟” 7-514١5؛‏ جون ديبليى. سلء “النظرية الإنجليزية- البندية الطبية وجذور 
الفصل العنصرى فى غرب أفريقيا"”, مجلة مراجهة التاريخ الأمريكى |0الاعرر؟ (1987), 770 70م 
سبيتزرء "البعوض والفصل العنصرى': 51؛ توماس اس. جالى, "الفصل العنصرى فى غرب أفريقيا 
البريطانية'. 81128565 0518065 036165 لالا عدد 4 (-454:)1954. 


(144) مقتيس من فرانكل ووسترن. “ادعاء الوقاية؟” 713. 


(148) انت وأخرون, "أعمال مدرسة ليقربول للطب الاستوائى. مجلة المجتمع الإفريقى, ١‏ (اكتوير ,)19.٠‏ 
83», 


(كمل) أنون, إسكان الأوروبيين فى السشاحل الغريى لافريقيا . حملة الطب الاستوائى وعلم الصحة 15) "ا 
ديسمير 55م كبا كيرتين, المعلومات الطبية والتخطيط الحضرى. ا 17 دونالر ديئون» 


503 


الطب المعتدل ورأسمالية المستوطنين: فى استقبال الأفكار الطبية الغريية”". فى ماكلوير ولويس, 
المرضء الطب والإمبراطورية, -17١‏ 55, 157؛ قاموس اكسفورد الإنجليزى (1304- )١5‏ يقترح أن 


.3١7 ,)19.5 (فبراير‎ 


(أكسفورد؛ للمعهد الملكى للشئون الداخلية. مطبعة جامعة اكسفورد, :)١54/‏ 1844. 


(145) تومبسون, نيجيريا الشمالية, تقرير طبى لعام .11١5‏ “مجلة الطب الاستوائى” )| ( سبتمبر 1507), 
0 4ه, ميجان فوجان “الزهرى فى مستعمرات شرق ووسط أفريقيا: نظام خاص للوياء', فى 
تيرنس رانجر وبول سلاك, مؤلقين. الأوبئة والأفكار: مقالان فى الإدراك التاريخى للوياء' (كمبردج, 
مطبعة جامعة كمبردج: 1957), 4/!؟- (8, 7٠7,1.‏ انظركذلك الفصل الرابع؛ عن الرهرى. 


(160) “الحمى الصفراء فى غرب أفريقيا". نشره مكتب الحمى الصفراء ١!‏ (543:)1191. 


(191) فرنكل ووسترن» 'ادعاء الوقاية؟” -711١‏ 8١؛‏ جالء “الفصل العتنصرئ” 5-5: كيرتين. 'المعلومات 
الطبية والتخطيط الحضرى”, .٠١5‏ 


(197) سير رويرت بوبس أتوزيع وتركيز الحمى الصقراء فى غرب أفريقياء مجلة الطب الاستوائى وعلم 
الصحة !|الا ( ١ديسمير 01941١‏ 501؛ كيرتين المعلومات الطبية والتخطيط الحضرى” ”10 انظر 
كذلك: بويسء "استعمار أفريقيا”. 355-5965. 


(197) مقتبس من "مناقشة حول الحمى الصفراء". نشرة مكتب الحمى الصفراء ١‏ (أغسطس ,)151١١‏ 
14-, 80 انظر كؤلك: بويس» 'توزيع وتركيز الحمى الصفراء', 77؟؛ جالء "الفصل العنصرى”, 
,64 

582 . , شلفورد. "عشر سنوات من التقدم‎ )١195( 

(190) غرب أفريقيا- تقارير عن أويئة معينة للحمى الصفراء فى 22٠‏ نشرة مكتب الحمى 
الصفراء ,/)١19١5(1١١‏ 7-, 5/ لوحظ أن الأوروبيين سمح لهم فى ميناء سيكوندى فقط خلال 
الساعات بين /ا صباحاً و ه بعد الظهر: وقد اعتمد هذا على المماثلة بين سلوك بعوض ال ملاريا مع 
يعرش الحمى الصفراء. ومن المعروف الآن أن هذه المماثلة مضللة من حيث إن النوع الأخير عامة في 
الغالب يزورعائلة خلال ساعات النهار: نقس التقارير, 51؛ .10الألا منع ومقاومة الحمى الصفراء 
فى أفريقياء 7٠,‏ انظر كذلك: "الحمى الصفراء فى غرب أفريقيا", نشرة مكتب الحمى الصفراء ١17‏ 
(أغسطس ١51)151١‏ 


504 


(193) 'مناقشة توزيع وتركيز الحمى الصفراء فى غرب افريقيا فى جمعية الطب الاستوائى وعلم الصحة". 


مجلةالطب الاستوائى وعلم الصحة لااكا ١(‏ مارس ٠0, .)191١‏ 


(151) دومتء "المرض والوفيات بين عمال المناجم فى غانا", /511- 18, ,329 بالنسبة للحمى الصفراء 


والفرنسيين في دكار السنغال) انظر دانيال أر. هدريك مجسات التقدم: نقل التكنولوجيا فى عصر 
الإمبريالية. 194٠ -١86.‏ (نيويورك. مطبعة جامعة اكسفورد, 1984), 1017-١7٠0‏ بين عام 191.٠١‏ 
- 1409 وجدت الحمى الصفراء فى توجوء وداهومى؛ كان هناك أويئة فى السنغال: جال, 'الفصل , 
العنصن"؛ ,ة.غ 


)1١54(‏ بويس» 'توزيع وتركيز: الحمى الصفراء, /اه؟, 

(199) مقتبس من كوهن, ملاريا والإمبريالية الفرنسية", /781. 
2( كوشنسكىء مسح ديموجرافى» انما 

.59-111/ بيلود؛ “"مشكلة التنميةالزراعية".‎ )٠١١( 


(؟١2)‏ أم. اتش. واى. هانيكىء "اقتصاد المستعمرات: المناطق البريطانية السابقة”. 8500/الا تاريخ 


أفريقيا العام ,!١١‏ 4.5-4.4؛ سى. كالدولء "الرد الاجتماعى للحكم الاستعمارى: الوجه 
الديموجرافى ؛ التاريخ العام لإفريقيا لليونسكو :,١١‏ 4!4؛ ميرون اشنبرج: “فيردى فيجر: الوجه 
العسكرى لتخطيط تعداد السكان فى غرب أفريقيا الفرنسية, .197 .144 , مى كوردل 
وجريجورى؛ تعداد أفريقيا والرأسمالية. 8-96١٠؛‏ روجر تانجرى؛ السياسة عبر الصحراء الإفريقية 
(لندن» جيمس كرى, 1980١))؛‏ ؟؛ باترسون وهارتويج: "افتتاحية شاملة", .١8 - ١‏ 


.١؟1/ بيلورء "مشكلة التنمية الزراعية".‎ )2١*( 


)5١4(‏ أر. مانسل بروترى؛ المهاجرون والملاريا (لندن: لونجمان, 15585), ,,/-١‏ 950 43؛ كالدول: "الرد 


0) 


الاجتماعى', 84؛ شتيفن فيرمن وجون إم. جانسن, هبوط وصعود عددالسكان الإفريقيين' بالنسبة 
للأسس الاجتماعية للصحة: ٠١,‏ انظر كذلك: راندال أم. باكاردء “التنمية الزراعية؛ العمالة المهاجرة 
وانتشار الملاريا فى سوازيلاند'. مجلة علم الاجتماع والطب !)اا عدد 9 (19457), 451-/31. 


تومبستون, 'نيجيريا الشمالية. تقارير طبية, .14”. , ١5‏ انظر كذلك: نينا إل. إتكن ويول جه روس, 
"الملارياء الطب والوجبات: استخدام النباتات بين الهوسا وتأثيرها على المرض", فى لولا رمانيتشى 
روسء د. مورمان وإل. تانكريدى, أنثرويولوجيا الطب: من الثقافة إلى الأساليب (نيويورك: يرجير, 
705,7 من أجل رابطة الهجرة بين ملاريا الساحل والأماكن الداخلية انظر كذلك: ميرديت 
توسن, 'نمى عدد السكان وتدهور الصحة: الأراضى الداخلية لتنزانياء -195٠‏ 1935.0 فى كوردل 
وجريجورى؛ عدد السكان الإفريقيين والرأسمالية, 157., مارك داوسونء "الصحة؛ الغذاء وعدد 
السكان فى وسط كينيا, -186٠‏ 1940”, نفس المرجع؛ 5-707, 1-706 بالنسبة للكاميرون: انظر 
مارك دبليو. ديلانسى. الصحة والمرض فى مستعمرات الكاميرون. 18484- 13595 , فى باترسون 
وفارتويج. المرض فى التاريخ الأفريقى: .١/14 -15٠ ,1١01‏ 


205 


0 كوشنسكى, مرض ديموجراقى:» ككل 

080 شلفورد. 'تقدم العشر سنوات. 5 بيرسى جيرويد. 'تئمية نيجيريا الشمالية, مجلة المجتمع 
الأفريقى ١١لا‏ عدد 58 (يوليو 15.8), 7354- 507, نظرة على “الفصل الاقتصادى فى نيجيريا 
الشمالية 18.١8 -1١5٠.٠‏ الذى أعقب إعادة التوطين والضبط 1١6-1١94095‏ فى ليفجوى وهوجرون, 
الموت البطىء للرق, ,5٠١ -5١5‏ 

)3١4(‏ بيلورء 'مشكلة التنمية الزراعية". , ١؟١‏ فى إزالة الغابات والملاريا: فيرمان وجانزن. الأصل 
الاجتماعى للصحة ؟١.‏ 

)2١9(‏ دافيدسون, عبء الرجل الأبيض. 

| مجلة الطب الاستوائى‎ :, "١4-05 أنون, 'تقرير المستعمرات الصحىء نيجيريا الشمالية, عن‎ )5٠١( 
|اكلاء 92117 /31, 19؛ أوراق برلمانية, /ا؛ كومن,2‎ ١17-1915 مه انظر كذلك: أوراق برلمانية‎ ,)1905( 
.55 "الملاريا والإمبريالية الفرنسية”‎ 

(11؟) هوفمان, "الحمى الصقراء'. ٠؟9؛‏ مانسون, “طفيل الملاريا" ؟1؟؟؛ كبرتين, “انتهاء مقبرة الرجل 
الابيض؟” /4. 

(١1١؟)‏ فى التشريع البرلمانى. يوليو 1177, منع نقل ملكية الأراضى النيجيرية إلى غير الإفريقيين: كرودر, 
تحت الحكم الاستعمارى: 9١5؛‏ حول استعمار الحكومة الإيطالية الفاشستية لليبيا؛ الاستعمار 
الفرنسى للمغرب. تونس وساحل العاج؛ الاستعمار الالمانى فى دوالا والكاميرون» انظر: جه. دى. فاج 
ورولائد وليفر, مؤلفين» تاريخ كميردج لإفريقياء ١الا:‏ من ه.9١‏ إلى 115 (كمبردج مطبعة جامعة 
كمبردج, 1985) /591, 7141 ,11-41١‏ 


(7١؟)‏ بيلا بيلور, "مشكلة التنمية الزراعية", ,78-١101/‏ 


006 


الفصل السابع 


ماذا بعد ؟ ... إلى علم أوبئة متغير؟ 


شهد نصف القرن الأخير اليزوغ المنتصر للطب كنسق علمى كامل للتأثير المؤكد 
فى شفاء ومنع الأمراض التى تهدد الحياة. ولكن» شهد كذلك ظهور اتساع الهوة فى 
توفير (وعدم توفير) الخدمات الصحية المؤثرة لحفنة من المحظوظين وعدد كبير من غير 
المحظوظين. فى تحليله عام 1594١؛‏ عزا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية 0كاللا كارثة 
الصحة" التى تحدق بمعظم سكان العالم إلى "الفقر الشديد". إلى هذاء يمكن إضافة 
أربع مصائب أخرئ: الزيادة السكانية, والنزعة الاستهلاكية/ التنمية, والقومية 
والجهل('). دعنى أفحص بعض المعاتى. 


قوة "الموقف من الجذام" للعصور الوسطى/القرن التاسع عشر الإمبريالى. هناء مازال 
للذهاب إلى العيادات فى الوقت المناسب لمنع الفقد المستمر للأعصاب والأصابع 
وأطراف القدم والأنف. للعديد من الأسباب؛ يبقى "الموقف من الجذام'" مؤيدًا بشدة من 
قبل الأجانب('). 

أيضاء بالمثل "الموقف" الذى يتمسك بأن الأفارقة ليسوا معرضين للإاصابة 
بالحمى الصفراء. فى الوقت الذى تستمر فيه العنصرية بقوة فى الولايات المتحدة 
ويريطانيا . ريما من غير الواقعى توقع أن الناس المتعلمين الموجودين يوسائل 


53047 


الإعلام وأقسام التاريخ بالجامعات سوف يعيدون هذا “الموقف” الخبيث إلى متحف 
الأفكار المهجورة(). 

فى التصنيف خلال تعقيدات الوضع الصحى العالمى الحالى: تُقدم البداية المفيدة 
بواسطة عبد "ال عمران» عالم الأوبئة القاهرى الذى صك مصطلح "علم أويئة متفير'- 
خالف عمران النموذج القديم ل "عصر المرض والجوع' ب "عصر تحلل وأمراض من 
صنع الإنسان” الذى تبلغ فيه الوفاة السنوية أقل من ٠١‏ لكل ألف؛). ينتج عن هذاء 
أنه فى عالم الشمال المتقدم اقتصاديا بين 1970 و1944. ارتفع متوسط العمر من 
منتصف الستينيات إلى منتصف أو نهاية السبعينيات. فى الأماكن الأخرى؛ فى كل 
العالم ماعدا الدول الثلاثين الأفقر (معظمها جنوب الصحراء) ارتفع متوسط العمر من 
حوالى خمسة وأربعين إلى حوالى ثلاثة وستين!*). ١‏ 

بين الأطباء المتتخصصينء تأرجحت الشهرة للأمام والخلف بين هؤلاء الذين قالوا 
بأن أصحاب الخبرة الطبية يمكنهم الادعاء بنجاح كامل فى إطالة عمر الإنسان؛ 
والمخالفين بشدة مثل توماس ماكيون (الذى يكتب من انجلترا) والذى يدعى أن 
التحسن فى مستويات الحياة هو السبب الحقيقى للتحسن فى فرص الحياة'). هناك 
شئ يجب قوله لكلا الجانبين. وبالمثل للوضع 'الصحى الذى يقع فى مكان ما بين 
هذين الرأيين!'). لا يوجد من يشك بأن حملة 1/80 التى استاصلت الجدرى من على 
وجه الأرض فى عام 377 كانت نصرا للطب والنوع البشرى. على الرغم من ذلك» فى 
عالم الفيروسات هناك جيوب أخليت أعيد ملؤها بسرعة. اليوم فى الجنوب الخالى من 
الجدرى كسبب رئيسى لوفيات الأطفال؛ قفزت الملاريا وأمراض الإسهال والالتهابات 
التنفسية الحادة لتملأ الهوة كقاتل رئيسى للأطفال2). 

لكن. على الرغم من الأعداد الكبيرة من الوفيات؛: زاد عدد السكان على مستوى 
العالم بمستويات مخيفة. فى عام 170٠0‏ أعال كوكب الأرض 7٠١‏ مليون فرد بالتقريب» 
يعام (عندما بدأ تحول علم الأويئة فى الانطلاق فى الشمال) وقف عدد السكان 
عند ٠7٠١‏ مليون: بعام ١140٠‏ ارتفع إلى 5,6٠٠‏ مليون. تضاعف العدد فى 71 سنة 


528 


فقط» بعام كخرة ١‏ زاد العدد إلى 06..6 مليون طبقا الأرقام 0إطللا فى عام مكؤا وقف 
عدد سكان العالم عند مليون. بعض من قوة الدفع لهذا الارتفا ع غير المسبئوق 
كان نتبحة لاستئصال الجدرى والتدخل الطبى. رغما عن ذلكء» يجب الأخذ فى الاعتيار 
بعض العوامل المسبية. 

خلال التدقيق فى إعادة بناء تاريخ السكان للمجتمعات المحلية. بدأ المختصون فى 
الكشف عن تنوع ثرى فى التكاثر السكانى فى الأزمنة الماضية. اعتمادا على إدارك 
الطبيعى لمثع النسل غير المناسب. من بين هذه التحكمات كان الزواج المتأخر,» فرض 
العزوبية» وسائل الإجهاضء وقتل المواليد!'). يسمح تصنيف "ميشيل فالتزر' للأنواع 
السلوكية (1114) للمجادلة : أن هذه التقنيات كانت عناصر أساسية ومقبولة أخلاقيًا 
فى “"الثقافات المحلية القديمة"(١١).‏ 

وبقدر ما يهم الجنوب وتغير الإدراك الأبوى لما هى مناسبء ترتيط المشكلة الحالية 
لزيادة السكان بانهيار المحلية وظهور فكرة الدولة. كلا الظاهرتين انطلقتا من خلال 
الأراضى الأوربية من حيث جاء الاستعمارء كانت رسالة القرن الثامن عشر للتنوير قد 
وضعت تحت سلطة المفكرين: واحتكرتها قبل ذلك الكنيسة العالمية. كيفما كان سبب 
فشلهاء أدركت هذه الكنيسة العالمية على الأقل أن قيمها الذاتية ليست مقبولة فى عالم 
الإسلام المجاور. برز عن هذاء التحول من الكلية الإقليمية إلى الكلية الكونية فى وقت 
التطبيق فى الهند البريطانية بعدئذ فى أفريقيا المستعمرة وجزر الباسفيك؛ كان 
الاقتنا ع بأن كل النوع الإنساني جزءا من استمرار الامتداد من الأكثر قدما إلى أكثر 


الأنواع تميزًا. تتضمن هذه الفكرة أن أوربا وحدها تمثل الحضارة: وكل مجموعة 


209 


حضارية أخرى كانت تشكيلاً بدائيا ربما لا يستطيع فى الحقيقة إنجاز حالة حضارية . 
كاملة. صاحب هذا التعصب ال مثالى فكرة باهتة أن هناك طبيعة بشرية” واحدة: هى 
فى قمة صفائهاء بطبيعة الحال أوربية. شكل يعتمد على عقلانية بشرية إنسانية غير 
مقيدة لتجاوز حواجز الخرافات والعادات. 


فى حمل تلك الأفكار على الحضور فى العالم الإمبريالى قبل ويعد عام .197٠‏ 
من المهم إدراك أنه كان لا يوجد أبدا فى الحقيقة تقسيم استعمارى بين المستعمرين 
(الفئة التى تشمل خدمًا بيض البشرة وموظفين للورد كرومرء وكرومر نفسه), والناس 
الذين خضعوا للاستعمار. بالمقابل خلال أجيال من الغزوء رأى المتعاونون المحليون 
الذين برزوا أن مستقبل عائلاتهم كان من خلال تعلم ومحاكاة أساليب الأوربيين. تقدم 
التغيير كثيرا مشحونا بحقائق التنوير فى نهاية القرن التاسع عشر بإعادة ابتكار 
مفهوم الدولة. باتباع ما اتخذوه ليكون 'منطق” التاريخ الذى عرفه اتش. ديليو. أف. 
هيجلء دعم الاستعماريون فى أفريقيا الأقاليم التى كانت مرة مناطق منفصلة لمات 
المجموعات الإثنية المختلفة وأقاموا مستعمرات كبيرة أو شبه دول. وفى حالة شبه دولة 
نيجيرياء فقد خدمتها بيروقراطية أوربية صغيرة عالية السلطة كمركز عصبى » 
مستخدمة موظفين محليين من المستويات الدتيا. 

خلال العلاقات الاستعمارية المبكرة (التى سبقت فيها الهند أفريقيا يأكثر من 
قرن)؛ نشأت النخب الحاكمة المحلية. غالبا ماكانوا مطلعين على ما أسماه المستعمرى- 
الثقافة "التقليدية" (التى لم تتغير منذ أزمان سحيقة), أقامت النخب الصاعدة 
مجتمعات سرية وأحزابا كرست نفسها لمعارضة الاستعمار. لكن كانت هناك وصمة 
العار من التعرض للغرب التى شعر بها هؤلاء القوميون عامة لأن أبناءهم قد تعلموا 
فى المدارس ذات النظم الغربية. الدراسة هناك ريما يعقبها البقاء عدة سنوات فى 
الجامعة فى أوربا. كلا الفاعلين غرس فى هؤلاء الأبناء القهر الداخلى بحيث يكونون 


000 


لكن. هناك مأساة أكثر من هذه. ففى منطقة النشاط الإنسانى التى تشمل 
التصرفات والعادات هناك دائما وقت يبقى بين ما كان يفكر فيه المفكرون فى أوربا, 
ومحتوى الأفكار التى تشكلت فى عقول أبناء المستعمرين المتعلمين. هذه الفترة تعنى 
أنه عندما يحكم هؤلاء الأبناء الدولة (فى وقت الاستقلال) فهم كانوا قد تقبلوا كتوجيه 
لسلوكهم معايير السادة المستعمرين التى عرفوها عنهم فى عشرينيات وثلاثينيات 
القرن العشرين عندما كانوا فى أقصى تصلبهم وغطرستهم""). 

قبول القوميين لإيديولوجيا الدولة الاستعمارية (ينخيها الوحيدة الحاكمة التى لا 
تطيق أية معارضة) كان له ارتياط مياشر مع انهيار التحكم من خلال التوازن 
الطبيعىء فى عدد السكان بعد الاستقلال. فى المقام الأول. كان هناك نزيف من القادة 
بعيدا عن المجتمعات المحلية (بالاهتمام الضيق) تجاه مدن العاصمة مع خصوية 
مجالات الرعاية الجديدة. اتجهت النخب الجديدة بقصر نظرهاء لازدراء إمكانيات 
الريف الذى تركوه خلفهم. تماثلا مع هذه المشاعر السيئة؛ اقتنع معظم الناس المحليين 
أن الحكومة المركزية كانت مخادعًا عملاقًا ويهذا يجب عليهم أن يعتمدوا على أنفسهم 
للنجاة بعائلاتهم على المدى البعيد. 

يرى الريفيون, تناغما بين أفكارهم نحو العائلة والوقائئع الجديدة» أن الأمان 
الفردى فى الشيخوخة يمكن تأمينه فقط إذا كان لديهم اثنان أو أكثر من الأطفال 
على قيد الحياة ليأمنوا لهم الطعام والمأوى. باستخدام مفاهيمهم بمخاطر الموت فى 
فترة الطفولة وفترة البلوغ المبكرة, أنجب الآباء بعقلانية تامة أطفالاً أكثر من 
أسلافهم الذين ريما اعتقدوا بأنه مناسب منذ ثلاثة أى أربعة أجيال مضت. من هذه 
الوفرة» مات ١١,7‏ مليون طفل تحت سن الخامسة يعيشون فى عالم الجنوب: فى سنة 
واحدة 5وو!(؟), 

ضمنت العديد من, العوامل المتشابكة تأكيد أن التدخل فى الوقت المناسب لم يكن 
متاحا لهؤلاء الأطفال الموتى. لسوء الحظ كان من بين هذه العواملء المثل العليا التى 
أصر. أطباء الجنوب ذوو الضمير المهنى بأنها كانت لرويرت كوخ. جاء من هذه التلمذة 


601 


(بدون شك غريبة كوخ نفسه) خط التفكير الذى يتمسك بأن الأطباء الحقيقيين يجب أن 
يكونوا أخصائيين فى الغرائب العلمية مثل زرع النخاع العظمى وجراحة القلب. بقبول 
هذا كمعيار لهم. مارس العديد من الذين تدريوا طبيا المهنة فى مستشفيات المدينة 
العاصمة مع غرف العمليات التى تشبه المسارح الحديثة والمعامل. والنادى ليس بعيدا 
عن المستشفى. وعلى مقربة من الطريق يقع المطار مع رحلات أسبوعية لمدن أوربا 
الكبيرة وشمال أمريكا. بينما فى الأماكن الريفية؛ بقيت الخدمات الطبية الحديثة قليلة 
ومتباعد5!؟'). 
فى أمريكا اللاتينية قامت أوضاع مشابهة جدا. هنا كان أصحاب الخطوة 
التاريخية ماجور جورجاس وتيودور روزفلت: أصبحا بنهاية القرن أبطالا أكبر من 
الحياة ذاتهاء فهم الذين نظفوا هافانا ومنطقة قناة بنما من الحمى الصفراء والملاريا 
التى تهدد مصالح شمال أمريكا. فى أعقاب الحرب العالمية الأولى التى أنقذت منها 
دول غرب أوربا بواسطة ابنة عمها أمريكاء ذهبت مؤسسة روكفللر (058) إلى تمويل 
وتوجيه حملات طبية عبر البحار. اعتمادا على جمع الثروة الشرعى من شركة 
ستاندرد أويل: أخذت على عاتقها تماما حملة للقضاء على الدودة الخطافية فى 
الولايات الجنوبية للاتحاد الأمريكى مع هدف معلن لتنمية قدرات العمال(؟'). 
فى دراسة لأرماندى سولورزانىء “تنمية بذور الإمبريالية الجديدة : حملة مؤفسسة 

روكفللر ضد الحمى الصفراء فى المكسيك", وماركوس جيتو '"الصحة من أعلى: الحمى 
الصفراء والتدخل الخارجى فى بيرى ١915‏ -25955, يتم البحث عن دور الأطباء 
الأمريكيين المتأثرين بروبرت كوخ فى تطهير مناطق كبيرة فى أمريكا اللاتينية من 
المرضء بينما فى نفس الوقت تروج لمركزية الطب!'"). أفاد سولورزائى: 

اعتمد الحل الذى قدم بواسطة مؤسسة روكفللر على "الطب 

العلمى" الذى أهمل الجذور الاجتماعية والاقتصادية للمرض. بدأ 

المكسيكيون النظر تجاه التطعيم والمعامل والطب المؤسسى كحل 

لحالتهم الصحية المتدهورة"0). 


002 


فى عام ١111‏ يكتب موريس كينج من بريطانيا؛ من قاعدة معلومات احتياجات 
الصحة الريفية لكينيا. أقام كينج ما أطلق عليه "الطب التمهيدى". لم يكن متعاطفا مع 
"الممارسين التقليديين 'الذين تحول إليهم معظم الكينيين , كان كينج قابلا للرغبة فى 
"النمط الغربى للطب". 

من هذا الوضع التقليدى؛ ذهب بصورة ماء ليضع اقتراحا ثوريا بأن الطريق إلى 
الأمام كان فى نسيان مثاليات مهنة العلم العالى, ليتأسس بدلاً منها تعايش سلمى بين 
الأطباء المحليين (غرباء أو أفريقيين) وبين المساعدين أنصاف المهاريين المتدربين على 
التفط القريى: 

أكد موريس كينج أن: “الرعاية الطبية فى البلاد النامية تختلف بحدة عن الرعاية 
الطبية فى البلاد الصناعية". ويهذا 'فالسبب الأساسى للمرض هو الفقر أكثر من 
الطقس الحار". أكد أيضا أن “الرعاية الطبية للإنسان العادى تستحق الاهتمام 
بصورة فائلة" وأن "الطب مازال وعاء رئيسيا للرحمة: والخير فى جوهره 
الحقيقى"9'). بهذا المزج المدهش للسلوكيات ذات النمط القديم وتفاؤل ما بعد 
الاستقلال: كان كينج صوئًا صارحًا فى البرية. ولولا الأحداث فى الصين؛ لريما 
تجاهلته تماما وكالات التنمية على اتساع العالم. 

حكمت الصين. محتوية داخل حدودها عام ١585‏ حوالى ربع الجنس البشرى, 
بواسطة القادة الشيوعيين الذين صمموا على أن بلادهم يجب أن تصبح مرة أخرى 
الرائد الثقافى لما اعتبرته دائما نخب الماتدرين العالم المتحضر. خلال عدة سنوات من 
حصولهم على السلطة استبدل الشيوعيون سمعة بلادهم كرجل آسيا المريض. فقضوا 
على الطاعون والكوليرا والجدرى والزهرى. أنجزت هذه المآثر المحسوسة عن طريق 
مزج الحكمة الطبية للناس العاديين مع ما اعتبره القادة أحسن ما فى التقنيات 
البسيطة للطب الغربى. اقترنت حملات ضخمة لإمداد التجمعات بوسائل المياه النظيفة 
ونظم الصرف والاهتمام بالصحة مع التعليم الدعائى للقرويين عن أوليات الصحة 
الشخصية. بدا أن كل هذا له تأثير جيد. بأواخر خمسينيات القرن العشرين نقل 


003 


المراقيون المتعاطفون مع الصين للغرب العمل المؤثر العظيم الذى أنجز بواسطة الأطياء 
حفاة الأقداء"'). 

بالرغم من أن الكثير مما استلهم فى المملكة الكهنوتية جديدة النشأة بقى 
غامضاء أنجزت بعض الأشياء بدون شك. بداية من عدد السكان فى عام ١545‏ الذى 
كان فيه متوسط العمر ريما خمسة وثلاثين سنة, ارتفع بعام 191/0 إلى سبعة 
وخمسين. وبعام 196٠‏ إلى حوالى سبعين سنة يتباين هذا برضى مع متوسط عمر 

لا يمكن أن يمر نجاح الطب ضعيف التقنية فى الصين دون ملاحظة النخب فى 
الغرب. مذعورين من أن الناس المحرومين من الامتيازات فى كل مكان ريما يعتيرون 
المخلوق الأسيوى الشيوعى مرشد! لهم. أدرك القادة الأوربيون أنه يجب أن ينظر إليهم 
كمن يسبقون خطى الصين كفزاة ضد المرض. بهذه الروح: فى عام ١516‏ شن ليندون 
جونسون رئيس الولايات المتحدة الأمريكية حملة عالية التقنية للقضاء على الملاريا 
والحمى الصفراء والكوليرا من على وجه الأرض. استحسنت شركات الأدوية ومعامل 
البحوث هذا الفعل من رجال الدولة!:'). لكن بعد مرور عقد من الزمان» مازال عدد 
كبير من شعوب العالم الثالث يموتون من الأمراض المعدية التى كان علم روبرت كوخ 
- من الناحية النظرية - قادرا على مقاومتها. 

فى عام 1918م فى اجتماع ألما أتا 818 81:03 (فيما كان يعرف بالاتحاد 
السوفيتى سابقا). وافق وكلاء من منظمة الصحة العالمية على أن الوقت قد حان لتغيير 
هذا الوضع. فى إعلان حماسىء دعوا إلى تغيير التركيز من طب التقنيات المتقدمة إلى 
الرعاية الصحية الأولية (2586) . وفى عام ١191/9‏ عضدت (110/) بشكل رسمى هذه 
السياسة ودعت إلى صحة للكل بحلول سنة .)"٠370٠٠‏ منذ أن وافقت الرئاسة العليا 
لمنظمة الصحة العالمية بأن يلتزم الأطباء بالنموذج الإرشادى لرويرت كوخ مثل هذا 
تغييرا فى المبدأ. ربما بقى بعض الموظفين فى دواخل قلويهم أقل قليلا من التزام كامل 
بالنموذج الجديد!""). بالرغم من ذلك؛ ذهبت بعض البلاد القليلة لتطبيق برنامج الرعاية 


004 


الصحية الأولية مباشرةء ويهذا مكنت شعويها من الدخول فى المرحلة الثانية والثالثة 
لعلم ويائى متغير مع توقع متوسط للعمر مرتفع إلى سن الستين. 

فى الأصلء تهتم الرعاية الصحية الأولية بالوقاية من المرضء وإذا سمح التمويل 
يهتم بالشفاء الحقيقى. دائما ما يذكر كمثال للبلاد والدول ضعيفة الإنتاج القومى 
الإجمالى والتى تعطى أولوية قصوى للرعاية الصحية الأساسية : الصين وكويا 
وكوستاريكا وسيريلانكاء وولاية كيرالا (الهندية). فى نظر العالم الحر كان اثنان من 
هؤلاء منبوذين اجتماعيًا: الصين الشيوعية وكويا الشيوعية (حيث فى عام 194٠0‏ كان 
متوسط العمر 70,4 و94/ من عدد السكان كانوا أميين). الاثنان الأخيران الفقيران 
ولكنهما غنيان إلى حد ما كانا فى جنوب أآسيا المحايدة: سيرلانكا (سيلان القديمة) 
وولاية كيرالا. كانت الأخيرة مثيرة للفضولء مقاطعة مختلطة للمسيحية والماركسية تقع 
فى جنوب بومباى. هنا وفى سيريلانكا كان الناس المحليون مهتمين منذ زمن يعيد 
بصحتهم, وقد كانوا عملاء منتظمين للممارسين العامين من الأطباء لطب “الأورفيدى". 
هذا التقليد قاوم الاحتلال البريطانى» ويعد سيعينيات القرن العشرين شجع الريفيون 
للتعاون بنسلوب بسيط مع عمال برنامج الرعاية الصحية الأولية (عبزم) 7"), 


أفكار برنامج الرعاية الصحية الأولية حول الأدوار التى يجب تحديدها للتطعيم 
واللقاحات؛ بقيت مزدوجة: اعتمادا على أصل البلد والتركيب الطبقى والالتزام 
الإيديولوجى للعاملين المشتركين فى البرنامج. بالنظر لظروف العالم الحقيقية, كانت 
معظم المواد المطلوية مستوردة من الغرب. مما جعل بعض العاملين فى برنامج (6846) 
يسألون عما إذا كان أى برنامج يعتمد على الاستيراد من الغرب لم يكن حصان 
طروادة يعوق وسائل البحث الذاتى للتنمية. 

فى الولايات المتحدة وأورياء ادعت شركات الأدوية أنها راغبة لتنفيذ ما رأوه 
ضروريا وجديداء وعلى مستوى عال من البحث على اللقاحات؛ بافتراض أن الإجراءات 
الحكومية تسمح لهم بتحقيق ربح عادل. شجع الشركات فى جهودها التى تميل العلانية 


005 


معظم البيروقراطيين فى البرنامج العالمى لمنظمة الصحة العالمية للقاحات والتحصين, 
ومعظمهم كانوا قد تدربوا طبيا حسب تقاليد رويرت كوخ. بهذا الدافع» طورت شركات 
الأدوية لقاحات مؤثرة ضد الحصبة وشلل الأطفال والتيتانوس والدفتيريا التى 
استعملت على مستوى العالم بنتائج مدهشة. ولكن: فى حالة التهديدات المرضية 
الإقليمية إلى حد كبير (الجنوب) أكثر منها عالمية؛ بقى تمويل البحوث قليلاً للغاية. 
بصورة إجمالية؛ أقل من 7 من التمويل المتاح كان يستعمل فى أمراض المناطق 
الحارة التى لا تزال تهدد العالم الثالث. وقد اعترف المدير العام السابق لشركة سيبا. 
جيجى فى سويسرا بأن تمويل البحوث كان فقيرا لأن معظم مرضى العالم الثالث 
كانوا ققراء جدا مما لا يجعل سوق الأدوية المناسبة لهم مثيرا للاهتماء!؛"). 


إحدى المآسى للعالم المستعمر سابقا أنه فى معظم الدول المستقلة حديثاء أصبح 
العسكريون إما رؤساء حكومات وإما قوى الأمر الواقع خلف دمى العروش التى 
انتخبت ديمقراطيًا. وإذ دربوا على تقدير قوة التدمير الشاملة الكامنة للأسلحة غالية 
الثمن المصنوعة فى الغرب بينما كانوا يدرسون فى كلية سانت هيرست أو قورت 
بينين. مجرد أن يصبحوا فى السلطة يسعى هؤلاء الجنود الصغار بلهفة لشراء 
الطائرات النفاثة والفواصات, والألغام المضادة للأفراد» ووسائل ضد المظاهرات, 
والتجهيزات المعقدة التى يحتاجونها فى تعذيب المسجونين المعتبرين كانقلابيين!") . من 
جانبهم. يستخدم مصنعى السلاح فى الغرب - على رأسهم الولايات المتحدة ١140(‏ 
بليون دولار سنويا) بريطانيا (0؛ بليون دولار) وفرنسا ٠١(‏ بليون دولار) شعار 
الحرب الباردة (بعدئذ التهديد بحروب أدغال أقليمية صغيرة) لتبرير مبيعات بالأجل 
لدول العالم الثالث "الصديقة". وبالنسبة لهم كانت كلها تحقق أرباحا هائلة!*"). 


© رغم علم الدول المصدرة للسلاح وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا. أن هذه الاسلحة تستخدم فى قمع 
الشعوب وقمع المعارضين. ورغم وجود قواتين تمنع تصدير السلاح لهذه النظم القمعية. فإن هذه الدول 
تستمر فى تزويد هذه النظم بالسلاح لأغراضها الخاصة. وهو ما يظهر النفاق الأخلاقى لهذه الدول. 


006 


ومن خلال اللجان والأخطاء كانت أيضا الأرباح هائلة بالنسبة لوكلاء التيسير فى 
الدول المستفيدة. على ذلك, كان الوضع مختلفا بالنسبة لخزانة حكومات تلك الدول. 
وعندما تحمل هذه الدول بديون ناتجة عن قبول مبالغ طائلة من الديون (على خطى 
رؤساء الساحل الأفريقى فى القرن السادس عشر فى تعاملهم مع التجار البرتغاليين), 
تلجأ بلاد العالم الشالث إلى الطلب من البنك الدولى وصندوق النقد الدولى إلى 
مساعدات قصيرة الأجل لكى يستمر دفع الديون للدائنين الأجانب. فى نيجيرياءأكبر 
دولة فى أفريقيا السوداء من حيث عدد السكان: بلغ الدين القومى فى ١94٠0‏ نسبة 
١‏ من إجمالى الناتج القومى(١")‏ 

مع الانهيار إلى درجة ركود على المستوى العالمى بمنتتصف ثمانينيات القرن 
العشرينء طلبت اتحادات البنوك التى تدير البنك الدولى وصندوق النقد الدولى من 
الدول التى تتعامل معها أن تخضع اقتصادياتها للتوافق مع نموذج السوق الحر قبل 
أن توافق على منحها قروضا أكثر لتسديد الديون الحالية المستحقة للدائنين الأجانب. 
باستخدام مدرسة شيكاغو واقتصاديات تكساس (التى كانت دائما غير شمولية وغير 
إنسانية)؛ أصر البنك الدولى وصندوق النقد الدولى على أن أى مجتمع يستخدم 
الخدمات العامة عليه أن يدفع ثمنها. كان معنى هذا أن مثل هذه البرامج للرعاية 
الصحية الأولية التى استطاعت أن تخرج نفسها للوجود (بعد اتفاق ألما أتا)» تركت 
بتمويل مستنزف جدا. طبقا لذلك؛ فى بوركينا فاسى خلال السنوات ١945‏ - 21990 
عندما زاد عدد السكان بنسبة 72١١‏ تقلصت ميزانية الصحة بنسبة 51/(""), 


كذلك أدى تكوين برامج التوفيق الهيكلى (5855). إلى إفلاس التمويل فى 
التعليم. صب هذا مباشرة فى مسالة زيادة السكان. على مستوى النظرية» اقترح منذ 
وقت طويل أن الآباء فى العالم الثالث قد يقللون من معدل متاعب الحمل والولادة , إذا 
أمكن التاكد أن المواليد والأطفال الصغار سوف يحيون إلى سن البلوغ. فى مؤتمر 
القاهرة للسكان فى عام 1994١؛‏ قدمت تقارير عن التأثير الكبير فى تعليم الإناث الذى 
يمكن أن يساهم فى حل هذه المشكلة. وقد ظهر أن الإناث اللاتى تلقين تعليمًا حول 


007 


الصحة الشخصية وصحة الأجنة على مستوى التعليم الابتدائى كان عندهن أطفال 
أقل وأكثر صحة. وقد ظهر كذلك أن التعليم يقدم نساء صغيرات عندهن القدرة ليكن 
أكثر قوة وتحكمًا فى حياتهن الخاصة, القدرة الضرورية كشرط أولى لعملية 
الديمقراطية فى العالم» وهى هدف غربى معلن2"). 

ربما يبدو أنه بإغلاق المدارس المحلية وتسهيلات الصحة الأولية تنتهك يرامج 
التوفيق الهيكلى (5855) مباشرة العوامل الإنسانية والمثل الديمقراطية. لكن؛ تمشيا 
مع رواية جورج أوريل “11484 بأن شعار الحزب “الجهل قوة. أنكررجال الاقتصاد 
الصحى الغربيون أنه كان هناك أية معلومات مؤكدة عن الأويئة التى بدون تحيز توضح 
العلاقة بين ارتفاع معدل الوفيات والتدهور السريع لمستويات الحياةل؟'). وما قاله 
كريستوفر لاش عن خيانة الديمقراطية بواسطة النخب متعددة القوميات» يجعل 
الموضوع غير مفاجئ ا" ). 

جاء من اتجاهات مختلفة مثال آخر لما سماه لاش الخيانة الطبقية: محاولات 
الشركات الأمريكية لصناعة ألبان الأطفال بعد عام 191٠‏ لإغراء أمهات العالم الثالث 
بتغذية أطفالهن الرضع بمنتجاتها. ادعت حملة الإعلانات أنه (بخلاف التشبه بتجربة 
الحيوانات فى إرضاع أطفالهن من صدورهن) من الأناقة والحداثة لتغذية الرضع على 
الألبان الصناعية: مما أدى إلى ازدهار المبيعات وسعادة حملة الأسهم. دافعت 
الشركات الأمريكية عن موقفها من التجارة الحرة فى اجتماع الجمعية الصحية 
العالمية. فى الاستفتاء الذى أعقب ذلك, بخلاف الولايات المتحدة. صوتت معظم الدول 
بقوة ضد ألبان الرضع. بهذا العمل خاطرت يفقدان تمويل الولايات المتحدة لل .0ذاثلا 
ولا تزال لوحات إعلانات ألبان الرضع موجودة بصورة عامة فى شوارع القاهرة(1). 

كان مثيرا للتحدى كذلكء وهو ما كان ذات مرة قيمة غربية أخلاقية "لا تقتل", 
استمرار النجاح الكبير للشركات الأمريكية والبريطانية لترويج منتجات الدخان فى 
العالم الثالث ورغم أنه ثبت وراء ستار من الشكوك العلمية فى سبعينيات القرن 
العشرينء ليكون سببًا مباشرًا لسرطان الرئة, وعاملاً مساعدًا فى مشاكل ممويصة 


006 


للقلب. صورت الدعاية تدخين السجائر فى العالم الثالث أنه أنيق وحديث» وطريق مؤكد 
لزيادة الجاذبية الجنسية لأى مدخن!""). فى الكتب المدرسية عن الوفيات التى لم تقطع 
الرجاء فى الحملات الأخلاقية» كان لألكس مرسر القول: 

لقد نوقش أنه ليس هناك صناعة أخرى تقتل الناس بالدرجة 

التى تفعلها صناعة التبغ, ويخلاف الصناعات الأخرى التى 

صئعت ليكبح نشاطها عندما تتهدد صحة العمال والمستهلكين, 

هذه الصناعة فعليا سمح لها يزيادة محاولاتها لإغراء الناس 

لاستهلاك منتجاتها. تاريخياء غالبا ما وضعت الفوائد المالية 

للأقليات الصغيرة قبل صحة البشر... سواء كان هذا قتلا 

اجتماعيا أم مذابح اجتماعية» أية مسألة قانونية يجب أن تأخذ 

فى الاعتبار دلائل علمية مناسبة يقدمها من لا مصلحة له""). 

نحن بدأنا هذا الفصل "ماذا بعد" بمناقشة علم وبائى متغير حتى الآن فى العالم 
النامى واكتمل فعليا فى العالم المتقدم منذ 1951؛ مع استبعاد الرجال الذكور الروس. 
أحد الأسباب التى تشرح لماذا الفرييون غير صبورين مع ما اعتيروه البطء فى التحول 
إلى عدد سكان ثابت فى الجنوب, قد يكون أنهم تناسوا أن أجدادهم تعرضوا لانفجار 
مماثل فى عدد السكان: عدد سكان انجلترا حوالى ٠0٠‏ مليونًا فى عام 1991 قفزت 
من مليونين فقط فى عام , ١5١‏ ويسبب لهم فقدان الذاكرة أيضا التغاضى عن قاعدة 
أن كل شخص غربى يستهلك من مصادر الطاقة العالمية غير المتجددة أكثر بكثير مما 
يستهلكه المقيم فى الجنوب. 
فى عام ,154١‏ وقفت مشاركة المملكة المتحدة فى استهلاك الطاقة العالمية (قيست 

بالنسبة للبترول - بنسبة كبيرة من الشرق الأوسط)؛ عند ه,”/ فقط!؛ '). كان الوضع 
فى الولايات المتحدة مختلفا لحد ما - بتعداد يبلغ 517,70 مليون نسمة (فى عام 
أقل من 5/ من تعداد السكان العالمى» يستهلك ما كان يقدره المتحفظون 


009 


757 من إنتاج الطاقة العالمى. ولكن. بسبب الصناعة الخاصة والقادة والمنتخبين 
ديمقراطياء وإقرار حق المواطن الذى يبلغ من العمر أكثر من ١١‏ سنة أن يكون له 
الحق فى استعمال سيارة. شعرت الولايات المتحدة أنها مضطرة للحفاظ على سياسة 
خارجية (فى الشرق الأوسط وأفغانستان والمكسيك) مصممة للحفاظ على هذا الحق 
دون انتهاك. هذه السياسة كانت ناجحة بطريقة مدهشة (مأساوية). فى سبتمبر 
:»: عندما كنت متوجها شمالا لزيارة جيرانى "الأوجيبوائ': وجدت أن سعر 
الينزين فى الوسط الفريى للولايات المتحدة (9؟,١‏ دولار) والذى استمر كما هو 
(بمصطلح الدولار). كما كان مباشرة بعد أزمة بترول الشرق الأوسط فى 2191/7 
وبتعبير حقيقى بأخذ التضخم فى الحسبان, كان أقل كثيرا. 

حتى بداية ثمانينيات القرن العشرين, اعتبر كل الأمريكيين من كل الطبقات 
والعقائد (بخلاف الأمريكيين الأصليين فى المحميات) أتفسهم كمعظم الشعوب 
الملتقدمة فى التاريخ. قواهم فى هذا الاعتقاد الثقة أن أطباءهم (المولودين بأمريكا 
أوالذين أتوا من المراكز الأوربية المتميزة) قضوا بسرعة على كل الأمراض المعدية 
المعروفة حتى ذلك الوقت. 

عندئذء فى عام 118١‏ ذكر تقرير بأن مرضا معديًا جديدًا لقطاع من الأمريكيين 
فى سن الرجولة وهم غير محصنين ضده تسلل إلى البلاد.. وكان هذا فى مرض 
"أبدن", أى نقص المناعة المكتسية. والذى عرف بعد ذلك أنه الحالة قبل النهائية 
لوضع صحى للناس الذين أصيبوا بفيروس نقص المناعة البيبشرى /الا. فى عام 
قدرت 0لاللا أن الموتى على مستوى العالم فى العقد الماضى يلغ ١.١‏ مليون, 
وأن عدد الحالات المصابة قفز إلى ١١‏ مليون فرد. ولكن بعام 1947 زاد التقدير إلى 
١١ - 8‏ مليونًا. مع التحذير أنه بعام ٠٠٠١‏ ريما كان من المحتمل انتشار المرض 
إلى ٠١‏ مليون(""). 

تؤكد العديد من أوجه وباء 8105 / /011, أنه أخذ تغطية إعلامية كبيرة منذ 
البداية. ورغم مئات الملايين من دولارات البحوث المخصصة له. وحتى لحظة هذه 


010 


الكتابة فشل العلم فى عمل لقاح واق أو شفاء له. أدى هذا إلى اتهام العلماء بأنهم 
مدعون غير أكفاء يستعرضون تحت لافتات غير صادقة. وهناء يبدو أيضا أن /ااذا 
يتركز بشدة فى منطقتين متشابهتين وقريبتين بأفريقيا والولايات المتحدة (ضحايا 
ومسدفيدن من الهجرة الإجبارية للعييد). رغم هذاء ويدون إنكار أن هذا الوياء تهديد 
صحى خطير (خاصة بين الأفريقيين من الجنسين والشواذ جنسيا من الأوربيين - 
الأمريكيين) يتعجب بعض الناس إذا ذهبت 80/ قليلا فوق الحدود بإنفاقها (كما فى 
7) تقريبا ثلث ميزانيتها السنوية على هذا المرض وحده. فى تلك السنة كسيب 
لموت الأطفال تحت سن الخمس سنوات على مستوى العالم؛ تتسيب الأمراض ال مرتبطة 
ب “الافقط بنسبة 1, /٠‏ من كل الوفيات!١).‏ 

فى الوقت الحاضر يوجد مرض مشابه. ليس موضع اهتمام كبير من قبل وسائل 
الإعلام» يتعلق بالتطور الجديد لأشكال مقاومة مرض السل لوسائل العلاج بالأدوية 
المتعددة (8401) - كما هى معروف جيداء اكتشف رويرت كوخ., المبتكر المهم للعلاج 
الطبى الحديثء؛ العامل المسبب للسل فى عام :١1887‏ أتبع هذا بشقاء السل بما سماه 
"تيبركلين". على كل حالء بعد ذلك بوقت ماء وجد أحد العلماء المنافسين أن التيبركلين" 
كان هونفسه مميتا. فى خمسينيات القرن العشرين مكن اكتشاف الأدوية المركبة 
(المتعددة) كعلاج العلماء من الاعتقاد أنهم فى النهاية استطاعوا هزيمة علاج كوخ 
ولكن بظهور السلالات المقاومة للأدوية المركبة, ظهرت كل المسألة مرة أخرى؛ مسيئة 
للسمعة ومؤلة وضاغطة!""). 

لمس السل المقاوم للأدوية عصيًا جديدا . بظهوره بين المعوزين من الفقراء الجدد 
فى المدن الأمريكية والإنجليزية والروسية؛ وضح المرض أن العصر الذى أسماه د. 
عمران المرض والجوع' يمكن ظهوره. فى العديد من المدن الداخلية فى الولايات 
المتحدة كان ضحايا السل من الساقطين اجتماعيا الذين حاربوا فى فيتنام وأخيرا 
وجدوا أنه من المستحيل الاستقرار فى الحياة المدنية العادية. ضحايا عاديون آخرون 
كانوا مرضى سايقين للمصحات العقلية الذين تسربوا إلى برامج 'الرعاية الاجتماعية" 


6011 


ليعيشوا (ويموتوا) فى الشوارع الداخلية للمدن - مازال آخرون من كبار السن الذين 
أصبحوا رجال شوارع لأن معاشهم لا يسمح بتوفير مأوى وملبسًا وطعامًال'). مع 
خصخصة شئون الخدمات الصحية فى الولايات المتحدة فى خريف 1917؛ من المتوقع 
أن يزداد عدد رجال الشوارع الذين يموتون من السل بنسبة كبيرة. 

بالنسبة لعلماء البحث العلمى؛ أصبحت الملاريا درسًا جديدًا فى التواضع. كما 
اقترحت سابقاء قبل بدء التنمية منذ 0٠٠‏ سنة خلت, بدا من غير المحتمل أن تصبح 
الملاريا مشكلة دائمة عبر كل المناطق الاستوائية للعالم. عندئذ. بدءا من سبعينيات 
القرن العشرين صدم العلماء فى أن وجود وسائل نقنية متقدمة وأساليب رش للقضاء 
على الطفيل الذى يسبب الملاريا البشرية والبعوض العائل لهاء بدا أنها مشجعة لأنواع 
جديدة من كلا المخلوقين (الطفيل والبعوض) على التطور- بالضبط كما توقع داروين. 
اليوم. مع أكثر من مليون ضحية فى كل سنة: تعتبر الملاريا واحدة من اثنين أى ثلاثة 
أسباب مؤدية للوفاة بين الأطفال فى المناطق الاستوائية!"). 

عادة ليس بين ضحايا الملاريا المحلية موظفى التنمية وأصدقاؤهم من المستشارين 
الذين كانوا فى مواقعهم لدراسة الإمكانية العملية لإقامة سد عال جديد أو نظام لقطع 
الغابات. وفى تصميم على عدم خذلان عملائهم الأساسيين؛ ابتكرت معامل الأبحاث 
الغربية أدوية للوقاية غالية الثمن وأساليب رش تجعل المكان آمنا خلال أسبوعين أو 
نحو ذلك يينما تجرى دراسات الجدوىء أو فترة أطول بينما يشرف المهندسون 
المتغربون على الأعمال الإنشائية. ما لم يمكن تطويره. على كل حال هو ااتقنيات 
المؤثرة على المستوى الطويل التى يمكن أن يستخدمها السكان الفقراء المحليون لينقذوا 
أنفسهم وأطفالهم من الملارياء ومن حاجتهم لإنتاج عائلات كبيرةل:*؟). 

فى الضفة الغربية لنهر النيل دائما فى مدئ الرؤية حيث أكتب؛ يستمر تمثال 
الحجر الجيرى لأبى الهول العظيم؛ مهددا الآن يتلوث حارق من السيارات والحافلات 
القريبة. فى النظر إلى الفضاء دون كلل. منذ 4,5٠٠‏ سنة مضتء كان أبوالهول قد 
تُحت كما هو واضح من الأحجار القريبة» كان متوسط العمر لرعية الفراعنة الأحسن 


012 


حالاً ه؛ سنة. وهذا فعليا نفس ما كان متوقعا أيضا فى محيط الريف الإنجليزى فى 
عام ١475‏ عندما رحل كينجلاك ليستشير أبوالهول. 


اليوم شكرا على علم ويائى متفير وضحه عبد آل عمران المصرى. عالمياء بين 
الأعداد الغفيرة قصيرة العمر التى تعيش بكثرة فى الجنوبء هناك انفجار فى عدد 
البشر. هذا يمكن أن يتعارض مع انفجار فى زيادة الاستهلاك للموارد غير المتجددة 
بواسطة القليل من السكان الذين يعيشون طويلاً فى الشمال. وياقتفاء أثار آقدام 
الهائل هذا بالاستمرار؟ لهذا السؤال لا يعطى أبو الهول إجابة. 


013 


هوامش الفصل السابع 


)١(‏ تقرير منظمة الصحة العالمية 1496, سد الثفرات(جنيف؛ منظمة الصحة العالمية.ه119), ./االشرور 
المرض, الجهلء القذارة, والتسيب. 
(1) أنون, “ | الخيرية” النزعة إلى فعل الخي رن( الكلمة السابقة منقولة دون تعديل ) رسول المعادى فى مجتمع 
4 تراتيل المديح.' مناقشة المعانى المظلمة الخفية لمشاكل المجزوم المنزعج تتناوب مع موسيقى 
كورال مؤثرة لفيردى وبيرليوس ؛ تقرير رويترن.” الروس يحاولون التصالح مع الجذام.“ الجريدة الرسمية 
المصرية. 17 نوفمبر 1997, ثمانية تحتوى على بيانات استشراقية مثل' المرض الذى طارد أورويا بعد أن 
جاء إلى المنطقة بعد الحروب الصليبية.*. 


(؟) أنظر القصل السادس. ملاحظة .؟ه شعار الحزب" الجهل هو القوة” جورج أوريلء 1984: رواية 
(نيويورك. سيجنت:-16:)193 وفقا لفايتبسكى, جوهر التنمية ذاته هى إعلان جوهر فى شخص أآخر, 
لكى تنهى حالة معرفتهم السابقة بتحويلها إلى جيل - نوع من الكيمياء العكسية : بيير فايتبسكى, " هل 
الموت هو نفسه فى كل مكان؟ سياقات المعرفة والشك.” بواسطة مارك هويارت, كاتب, نقد أنثربولوجى 
للتنمية: نمو الجهل (لندن؛ روتلدج, 019517 .١١4‏ 


(4) عبدالرحمن عمران. التحول الويائى: نظرية الأويئة لتغير عدد السكان," صندوق ميلبان التذكارى ربع 
سنوى 2االا العدد:؛ الجزه الأول (أكتوير 19171) عبد الرحمن عمران," نظرية التحول الويائي: تحديث 
تمهيدى.” مجلة طب الأطفال الاستوائى 061 (1985) 4, 7١7-75.‏ , كرجل يعمل فى الطب؛ كان 
عمران مهتما بصفة خاصة بمعدل الوفيات؛ ومع ذلك؛ فى أية معادلة نمى تعداد سكائى فإن معدلات 
الخصوية تعتبر عامل مهما آخر. وهنا فإن النمط القديم لنظرية التحول السكانى ليس به صلة مساوية قى 
جميع أجزاء العالم وعلى وجه التحديد فى إقليم جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا؛ ولاختراق مبكر لهذه 
الفكرة: جافين كتشنج. التصنيع الأولى والتغير السكانى, مجلة التاريخ الأفريقى ااا (1145), 
1 


)0( دافيد ر. فيلييس ويولفيرهاسل,”" الصحة والتتمية: التفكير فى الماضى واستشراف المستقيل" بواسطة 
فيليب وفيرهارسلء كاتبان, الصحة والتنمية (لندن, روتلدج,1494)/؟: “جدول 4, اتجاهات فى التنمية 


0614 


البشرية» تقرير التنمية البشرية 1997: طبع من أجل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (أكسفورد. مطايع 
جامعة أكسفورد,؟1599١)/,‏ 147-147؛ ستيفن فيرمان وجون م. جانزن:” تدفور وصعود تعداد السكان 
الأفارقة: السياق الاجتماعى للصحة والمرض: بواسطة فيرمان وجانزن. كاتبان الأساس الاجتماعى 
للصحة والشفاء فى أفريقيا (بيركلى. مطابع جامعة كاليفورنياء )١1997‏ 55 والصفحات التالية. 


() عمران. التحول الويائى (0557,)1191؛ توماس مكيون, الارتفاع الحديث لتعداد السكان ( لندن: إدوارد 
أرنولد. /1919), 177-107؛ توماس مكيون, أصول المرض اليشرى (أكسفورد.باسيل بلاكويل: 
,8١-1٠١ 5١-9 ,)1984(‏ 4-484 للتقييم أنظر ماسيمى ليفى - باكىء العلاقة بين التغزية - الفضيلة 
فى العصور الماضية: تعليق يواسطة رويرت ١١‏ روتبرج وتيودور ك. راب, كاتبان الجوع والتاريخ: تأثير 
تغير إنتاج الفذاء وأنماط الاستهلاك على المجتمع (كمبردج؛ مطابع جامعة كمبردج, 4٠١١-96 ,)١980‏ 
أليكس ميرسر. عدد وفيات المرض وتعداد السكان فى مرحلة تغير (ليسستر, مطابع جامعة 
ليسستر.1410١),5-4‏ . من أجل دعم اقتصادى قوى لمسالة 'ارتفاع مستوى المعيشة عندما تقرن 
'بالعدالة الاجتماعية'( كما فى السويد بالمقارنة بالولايات المتحدة). انظر: ريتشارد ج. ولكنسون, 
مجتمعات غير صحية: بلايا عدم المساواة( لندنءروطدج, 1997). 


08 أن شاردى؛ الشوارع الويائية: المرض المعدى وظهور الطب الوقائى, 14.0-1807 (أكسقوردء مطابع 
كلاريدون؛ ”1197)؛ سيمون زرتره” أهمية التدخل الاجتماعى فى انحدار عدد الوفيات فى بريطاتيا 
6- 1111 تقريبا: إعادة تفسير دور الصحة العامة,' التاريخ الاجتماعى للطب ١1/,-1 ,)19584 (١‏ 

(6) بول إيوالد. نشوه المرض المعدى (نيويورك. مطابع جامعة أكسفورد»؛99١).‏ 

(1) أيان سكوت ودافيد سيمونجال” مشكلة متنامية: نمو تعداد السكان ويرنامج دراسات تعداد 
السكان.' 11853 أبحاث وأخيار التمويل من ائتمان ويلكوم /ا )١1930(‏ ,1-,4 ومع ذلك فليس كل 
الناس المتعلمين تعليما غربيا فى جنوب العالم يقبلون بأن النمو السكانى السريع مشكلة ضاغطة. 

)٠١(‏ لنموذج رائد: دافيد ليفين. الأسر المتكاشرة: الاقتصاد السياسى لتاريخ السكان الإنجليزى 
( كميردج, مطابع جامعة كمبردج .1184١)؛‏ كتشنج»" عمليات التصنيع الأولية,”١؟؟,‏ 1179- 51١,‏ 
للتطبيق على جنوب الصحراء الكبرى يأفريقيا: جاى أوبرين:' الخصوية العالية التفاضلية والتحول 
السكانى: الرأسمالية الخارجية فى السودان: بواسطة دنيس د. كورديل وجويل و. جورجى: 
كاتبان تعداد السكان الأقفارقة والرأسمالية: منظورات تاريخية( بولدر. كولورادو, مطايع 
ويستفيو.180:)11417!؛ ميريديث تورشن, النمو السكانى وتدهور الصحة: أراضى تنزانياء -١1917٠١‏ 
,٠‏ بواسطة جوديل وجورجى:؛ عدد السكان الأفارقة والرأسمالية, 0ه19- 94١؛‏ مارك داوسون,”* 
الصحة:, التغذية والسكان فى وسط كينياء -189٠‏ 201946 فى نفس المكان, 7.7 5.5, 1711ل /11؟؛ 
بوجميل جويسويكيء' نحو علم اجتماع تاريخى للسكان فى زائير: مقترحات لتحليل النظام السكانى,* 
فى نقس المكان, */1؟9- 01/4. 


015 


0 


نوتردام:1594), 354. 917. 


باسيل دافيدسون. عبء الرجل الأسود: لعنة الدولة القومية( لندن؛ جيمس كيورى ,199:5 ), 435- ,51١‏ 
/7475-51, --75- 575 مايكل جاير وتشارلز برايت؛' تاريخ العالم فى عصر شاملء' استعراض 
التاريخ الأمريكى 0 العدد:4 (أكتوير 1986), 44١٠؛‏ ياسمين الباهى - براون, بالنسبة لأفريقيا فإن 
الإجابة الوحيدة تكمن فى الاستقلال ١١‏ أكتوير 1994 15. 


(؟١)‏ منظمة الصحة العالمية, سد الخلل,4؛ عمران, التحول الويائى (191/1),” .06٠‏ 


)١5(‏ باتريك أ. توماسى» الحكم الاستعمارى, الوكالة الدولية والصحة: تجرية غاناء” بواسطة توين فالولا 


)19( 


)3130 


ودنيس إتيافيان. كاتبان. الاقتصاد السياسى للصحة فى أفريقيا (أثيناء أوهايو. أوهايو مقالات جامعية 
فى الدراسات الدولية, 1997), -11١4‏ 6١١!؛‏ ف.م. مبورى؛ تأثير الحكم الاستعمارى على التنمية 
الصحية: حالة كينياء' فى نفس المكان 5-٠٠١‏ ١٠؛‏ دتيس أ. إتيافيارء“ الأصول الاستعمارية لخدمات 
الرعاية المحية: مثال نيجيرياء” فى نفس المكان, 41- 80؛ ون فيرلى؛ بلهارسيا: تاريخ الطب 
الاستوائى الإمبريالي(كمبردج: مطابع جامعة كمبردج159912): 47597 ب. فيما وأ. راميش» الطب 
التقليدى: مداه وامكانية اندماجه فى النظم الصحية القومية الحديثة.' بواسطة فيليبس وفيرهاسل, 
الصحة والتنمية. 16- 879؛ يو.أ. أجون, تخلف الطب التقليدى فى أفريقياء' 1417- 187؛ والفصول 
الستة فى القسم” الطب الأفريقى فى القرن العشرين, بواسطة فيرمان وجانزن, الأساس الاجتماعى 
للصحة, ١5-546‏ 2؛ مارك هويارت»” مقدمة: نمو الجهل؟ بواسطة هوبارت: نقد أنثروبيولوجى. "١-١‏ 
لمقابلة هذه المشكلة. استخدمت كلية الطب بجامعة أليورين يتيجيريا (جامعتى يجتوب الصحراء الكيرى) 
مؤسسات صحية من المجتمع كنقطة بداية للتعليم والأيحاث الطبية. 


فيرلى: بلهارسياء "/- 90؛ إى. ريتشارد برأون. رجال طب روكفلر: الرأسمالية والرعاية الصحية فى 
أمريكا (بيركلى؛ مطابع جامعة كاليقورئياء 15!5): انتقده رونالد نمبرز فى الاستعراض التاريخى 


أرماندو سولورزانى» نثر بذور الإمبريالية الجديدة: حملة مؤسسة روكفلر على الحمى الصفراء فى 
المكسيك” المجلة الدولية للخدمات الصحية أألاكا العدد: " (19937), 0794- 0404؛ مأركوس كيتو,” 
حماية الصحة العامة مما تقدم: الحمى الصفراء والتدخل الأجنبى فى بيرو. 1919- 219959 
استعراض تاريخى لأمريكا الأسياتية الكاكاءا العدد: ١‏ (:579-1,)1991, 


(11) سولورزانو» الإمبريالية الجديدة, .06٠‏ 


)10( 


موريس كنج. الرعاية الصحية فى الدول النامية: الكتاب التمهيدى عن طب الفقر وحلقة دراسية من 
ماكرير ( نيروبى» مطايع جامعة أكسفورد, 95ؤا) ا اعخهمة 


01 


)١19(‏ فانج رو - كانج.' الصحة. البيئة, والرعاية الصحية فى جمهورية الصين الشعبية بواسطة فيلييس 
وفيرهاسلء الصحة والتنمية, 7059, 5737؛ فرانك ديكوتير: محاضرة الجنس وتطبيب الحرية العامة 
والخاصة فى الصين الحديثة(49١-1583١)؛‏ تاريخ العلم "ااا الجزء الرابع العدد: 81 (ديسمير 
١0‏ ٠11.411-4؛؛‏ يوشوا س. هورنء التخلص من كل الآفات": جراح إنجليزى فى الصين 
الشعبية, ( لندن» بول هاملين..197١)؛‏ نوشير أتش أنيتاء” السيطرة على الجذام ببرنامج الشعب:” مفهوم 
جديد فى انتقال التكنولوجيا'. المجلة الدولية للخدمات الصحية االاكا العدد:؟ (/1941), 5791-1511: 
تريزا بول تشجيع القلاحين الصينيين على علاج أنفسهم. الانديبندنت 19 أبريل ,1996 ١٠؛‏ جريفيث 
فينلى ويوان جيانهوء” دون استبدال الخصوية فى الصين؟ نظرة ثاقبة فى الدلالة الاخيرة:: دراسات 
سكانية |األالكا (1994), 41ل 594, 


)٠١(‏ أندرى سبيلمان: يوريل كريتون وريتشارد جى. بولاك' قيود الزمن ونهوض الأبحاث على مستوى العالم 
فى محاولة للتخلص من الملاريا.” مجلة علم الحشرات الطبية 06( العدد: ٠١ ,)1985(١‏ 

(١؟)‏ توين فالولا” أزمة الخدمات الصحية الأفريقية," بواسطة فالولا وإيتيافايار, الاقتصاد السياسى للصحة 
فى أفريقيا, .717-9١‏ 

(11) جيل والت. منظمة الصحة العالمية تحت ضغط: نتائج السياسة الصحية السياسة الصحية /1الاا 
14٠, -174 ,)1457(‏ فالولا يسجل المشاكل المصاحبة “للمدخل العلاجي" الطبى العلمي الموروث من 
الحقبة الاستعمارية:(أ) عدم قبول حقيقة أن الصحة الجيدة يصاحبها تغذية جيدة بيئات نظيفة ووبنود 
وسائل الراحة الاساسية مثل الماء النظيف؛(ب) الوسائل الطبية الحديثة... زادت من تكلفة خدمات 
الرعاية الصحية التى لا تستطيع غالبية السكان تحملها. والسياسة القائمة على إنفاق قدر كبير من 
الميزانية على التكنولوجيا الطبية يكون مانها الاهتمام يحفنة من الأغنياء: فالولاء” الأزمة.” ١١-15‏ 
(حروفى الطباعية). 

(5؟) جون سي كوادويل ويات كولدويل. ماذا تعلمنا عن المحددات الثقافية والاجتماعية والسلوكية للصحة؟ 
من قراءات مختارة لورشة التحول الصحى الأولى,” استعراض تحول الصحة ١‏ العدد:١(1991),‏ ؟1. 

0 تيم بيردسلى؛ اتجاهات فى الطب الوقائى: أفضل من العلاج.” ساينتفيك أمريكان: يناير 1996 44- 
0 م. كنج" الصحة حالة قايلة للبقاء.' المبضع |0066 66 (.199) ,334- 1717؛ أكسل كروجر,* 
اتجاهات الماضى والحاضر فى المجتمع الصحى فى البلدان الاستوائية". إجراءات الجمعية الملكية فى 
الطب الاستوائى والنظافة (1994) !!الالاا!. ,457 فايزة راضي. الصحة فى السوق» كاتبة, 
جمال نكروماء الأشرام ويكلى. 77 يوليو -- ” أغسطس 1550. 5.ويل جيسلر.” الصناعة الصيدلانية 
العالمية: الصحة والتنمية والأعمال. بواسطة فيليبس وفيرهاسلء الصحة والتنمية, /1ة- ,1١8‏ 
والمحررون” تعليقات تغطية» فى نقس المكان, .517-51١‏ 


.5060 تقرير التنمية البشرية ؟1997,‎ )١5( 


0617 


)51( 


0 


0) 


53) 


0) 


توضح أرقام البنك الدولى أن ديون الدول الأقل نموا (100ا) ازدادت فى الفترة ما بين عام ١14٠‏ 
وعام ١544‏ من 28٠‏ يليون دولار إلى ١714١‏ بليون دولار» وأن الدول الأقل نموا كانتت تدفع فائدة 
واسترداد للدين أكثر من مما تتلقاه من قروض جديدة؛ بين عام ١3147‏ وعام ,١19149‏ انتقل صافى 
إجمالى يقدر ب 757 بليون دولار من الدول الأكثر فقرا فى جنوب الكرة الأرضية إلى المؤسسسات المالية 
فى الشمال: شينا أسثانا, الأزمة الاقتصادية وتأثيرها على الصحة؛: بواسطة فيليبس وفيرهاسل. 
الصحة والتنمية.70؛ دافيدسون, عبء الرجل الأسود. 777-7518 دافيد أور" ريما تجف المساعدة 
عندما يفقد المانحون الصبر مع كينياء” الانديبندت.!؟ مايى 21996 4. 

أسثاناء "الأزمة الاقتصادية”", 6ه- 87؛ راضيء" الصحة فى السوق» ,0 تقرير عن مؤتمر قمة الغذاء 
العالمى المنعقد فى روما فى الفترة من ١0-١17‏ نوفمير 1117؛ تريز تادروس لاحظت أن دول جنوب 
الصحراء الكيرى الأفريقية كانوا ينتجون حاليا غذاء أقل بدرجة كبيرة عما كانوا ينتجونه منذ ثلاثين 
عاما عندما كان لديهم نصف عدد سكانهم الحالي. ' الغذاء للجميع؟' الأهرام ويكلى ٠١ -١4(‏ نوفمير 
لا 


بيني برايث؛ "استراتيجيات رعاية صحة الطفل والأمومة,” بواسطة فيليبس وفيرهاسل؛ الصحة 
والتنمية, ه4١‏ ؛ عن تخفيض الموارد الحديثة لتعليم الأنثى فى تيجيريا: أسثاناء "الأزمة الاقتصادية”, 
01-١‏ , عن إدراك البنك الدولى بأهمية التعليم الاساسى عن تعليم الفتيات رعاية الطفل: جوليى فرنك 
وأخرون.” عناصر نظرية تحول الصحة.” استعراض تحول الصحة ١‏ العدد:١(1391):‏ 78 , أنظر 
أيضا جون سى. كولدويل * تحول الصحة" المحددات السلوكية والثقافية والاجتماعية للصحة فى العالم 
الثالث. العلوم الاجتماعية والطب (/ا7)0 العدد: ؟(1997), -١50‏ 158, خاصة 154-15١‏ فكرة 
أن تعليم الفتيات المبادى الاساسية للنظافة سيكون لها فوائد صحية محلية مهمة كانت فكرة جديدة 
تماما. وفى عام 1441, ت. ج. هيوليت, مفتش الصحة الإقليمى لبومباى ذكر السلطة العليا بأنه أوصى 
بشدة بأن الفتيات يجب أن تتعلم النظافة فى المدارس القروية قبل عشر سنوات؛ وفى غضون تلك 
الفترة لم يتم شيئا: مستندات برلمانية 18417 ||اكاا [ مرض خطير 0505 ] : .,١758‏ 


كارول فلاسوف يستشهد بالفقرات التالية الأخيرة التى تشهد بأن "البيانات الويائية" لم توضح بعد أية 
صلة واضحة: جي. ليسلى؛ م. لاسيت وم. بوفين" “تجاوز الأزمة الاقتصادية: الدور الأساسي للنساء 
فى الصحة,” بواسطة د. بل وم. ريك؛ كاتبان؛ الصحة, التغزية والأزمة الاقتصادية: مقاربات للسياسة 
فى العالم الثالث(دوفرء ماساشوتسء أويورن هاوس, 1148١)؛‏ ل.م. وايتفورد.” صحة الأم فى جمهورية 
الدومينيكان, العلوم الاجتماعية والطب الا( (1197) ؛ كارول فلاسوف تفاوتات الجنس فى 
الصحة فى العالم الثالث: أرض مجهولة.” العلوم الاجتماعية والطب «ا()ا/العدد:ة ( 1994), 
بكوكلا 

كريستوفر لاسك. ثورة الصفوة وخيانة الديمقراطية (نيويورك. نورتون, 1998), 5-7, 43,158 
موريس كنج قد أشار إلى أنه عندما نذكر أن المبادئ الإنسانية موجودة فإنها نادرا ما تحترم؛ كنج, 
الرعاية الطبية, 8 .١:‏ 


618 


(1؟) والت؛' منظمة الصحة العالمية تحت ضغطء' 115- 17؛ برأيث, “الأمومة والطفل.", ١45‏ مراجعة ريما 
د. أبل الأمهات والطب: التاريخ الاجتماعى لإطمام الطفل -186٠‏ 1586.0 ( ماديسون. مطابع جامعة 
ويسنكسون, '1141). جانيت جولدن تجاهلت موضوع منتجى الوصفة الطبية للطفل كمساهمين فى 
الموت ويدلا عن ذلك كانت متاثرة بالطريقة التى تقصاها المؤلف” العلاقات بين المهنة الطبية والمنتجين 
ويقدرتها عل توضسيع كيف ترجمك التطريات الطبية إلى ممارسة طبية؛ إيزيس +00) 
العدد:١(1946),‏ اكد لكل 


(؟") المدير العام لمنظمة الصحة العالمية. هيروشى ناكاجيماء؛ أوضح' لا يوم للتبغ» 1496: بالكشف عن أن 
التبغ كان مسئولا عن وفاة ثلاثة ملايين شخص كل عام. وقد ذكر أيضا أن الإعلان وخاصة فى العالم 
الثالث يستهدف الشباب والشابات: تقرير رويترز: جريدة الجازيت المصرية؛ 7١‏ مايو 19568/ 1 وقبل 
بضعة أيام عن أن تعيين رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مرجريت تاتشر' كمدير غير تنفيذى لشركة 
تبغ فيليب موريس يقال أنه يدر عليها دخلا سنويا يقدر ب 0000-٠‏ جنيه استرليني”: المرأة الحديدية 
ذات القدرة الغريبة على صنع النقود". الانديبندنت: 7 مايى ,١14965‏ 0 وبعد صفحة كاملة لإعلان 
لفيليب موريس الذى يدافع عن حرية الاختيار فى التدخين كان المقالة التالية:' مذكرة فيليب موريس 
تشبه تأثيرات النيكوتين بالمخدرات: عنصر التبع "يفير" حالة المدخن؛ تقلل الشركة من المذكرة الأولية,” 
صحيفة وول ستريت أورويا ١١‏ سيتمير ,١1930‏ ه<ا,. 

(1؟) ميرسرء عدد وفيات المرض, 117-١760‏ من أجل تحديث الموقف القانونى المتغير بسرعة أنظر سلسلة 
المقالات فى الانديبندنت فى >7 مارس 1397. 4؛ جميع الشركات حاليا تحت الحصار فى الولايات 
المتحدة.“ المحاقظون متهمون بإنجاح صناءعة التبغء' " هذه يداية تصدع الواجهة.". 

(4؟) تشاراز جلاس ذكر عالم الادب يأن اتفاقية سايكس - بيكو الإنجليزية الفرنسية ومعاهدة لويزانا 
(1911) التى قسمت الإمبراطورية العثمانية القديمة قد تم التخطيط لها بعناية سايكسء و.س تشرشل 
وآخرين لإعطاء المملكة المتحدة سيطرة كاملة على حقول بترول الموصل: كيف تم خداع الأكراد", ملحق 
التايمز الأدبى ١‏ سبتمير 19595 14, 


(5؟) المبضع ||الاا)1 600 ١5(‏ أكتوير 1991), .١١١‏ 


(1؟) جون و. بيبودى»" تحليل تنظيمى لمنظمة الصحة العالمية: تقليل الفجوة ما بين الوعد والأداء." العلوم 
الاجتماعية والطب ا العدد:” ,)١19964(‏ 7117- ٠4!؛‏ افتتاحية؛ "حصن منظمة الصحة العالمية", 
مجلة لانست 118 80681 1, /ااعا0000) (58؟ يناير ,)١15456‏ 4١5؟؛‏ منظمة الصحة العالمية, سد 
الثغرات: ١,‏ انظر أيضا: راندى شيلتس؛ واستقلت الجماعة: السياسة, الناس والإيدز الويائى 
(نيويورك؛ فيكنج بنجوين: 1997١)؛‏ بول فارمرء الإيدز والاتهام: هايتى وجغرافية اللائمة (بيركلى؛ مطابع 
جامعة كاليفورنيا. 1997١)؛‏ آلان براندت» وياء الزفرى وعلاقته بالإيدز,” مجلة 000100616116 50160086 
(5,)194 ؛ كارين أ. ستانكى ويطرس.أو. واى.” نمى تعداد السكان السليى: فل يكون محتملا 


06019 


بالنسبة لافريقيا؟ الإيدز والمجتمع: الأبحاث الدولية والسياسة نشرة "!| العدد : (١‏ أكتوي ر/نوفمير 
40-4155 جيسن ن: جرييل وصبعوول أنش. مرستون, كاتيا: التتحول الوبائى: السياسة ونتائج 
التخطيط للدول النامسية: محاضر جلسات ورشة العمل(واشنطن, دى سىء مطابع الأكاديمية 
الوطنية:195), 85- ٠4؛‏ سوزان واتس.شيلدون واتس وروز أوكيللو.” الجغرافيا الطبية والإيدز". 
سجل جمعية الجفرافيين الأمريكيين 6لا العدد: ؟ ( يونيو.199), 7.01 5.4 


(70) ” كوك معجم السيرة الذاتية العلمية. ه؟47- .4737 أنظر أيضا ليندا برايدر, تحت الجيل السحرى: 
تاريخ اجتماعى للسل فى بريطانيا القرن العشرين(أكسفورد؛ مطابع جامعة أكسفورد154482)؛ آلان 
ميتشل: أسئلة استحواذية وإجايات ضعيفة: السل فى الزمن الجميلء نشرة التاريخ الطبى |اكاا 
(مكةذا), واكك ول, 

(8") 'تقدر منظمة الصحة العالمية أن العدد السنوى من الحالات الجديدة للسل سوف يزداد من ه./, مليون 
حالة فى عام 159٠‏ إلى ؟, ٠١‏ مليون فى عام :”5.٠٠‏ التحدى العالمى للسلء" الميضع /الا» 000 
٠٠(‏ يوليى ,)١1954‏ لالالا. 


(9؟) سبايمان وآخرون, "محاولات للقضاء على الملاريا". 7١١-7١١؛‏ إوالد. نشوء المرض المعدى. 
517١-7-7‏ وفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية, فإن ما يقرب من نصف عدد سكان العالم فى خطر 
فى أكثر من ٠٠١‏ دولة ( مع تقدير ٠١١‏ مليون حالة و0٠"‏ مليون شخص يحملون طفيليات ال ملاريا)... 
ويظل هناك سيب كبير للموت( مع ١,5 -١‏ مليون متوفى سنوياء وخاصة بين الأطفال الصقار": 
فيليبس وفيرهاسل» مقدمة" فى الصحة والتنمية,4؛ أنون: تنفيذ استراتيجية السيطرة الشاملة على 
الملاريا(جنيف, منظمة الصحة العالمية. 11,./)1997 انظر أيضا: حان الوقت لوضع السيطرة على 
الملاريا فى الأجندة العالمية. مجلة الاكا»ا0)000|6) 6 :ئلا ٠١(‏ ابريل /1551), دكاد, وكاو- 011: 
ملاحظات: المحادتات جارية مع الصناعة الدوائية لإيجاد طرق لعكس إنسحابه غير المسبوق من 
أبحاث وتطوير لقاح للعقاقير المضادة للملاريا". 

(-4) وفقا ل؛ هنتر" يجب أن يتأسس مبدأ (أى أنه لم يتأسس بعد) بأن التنمية الاقتصادية يجب ألا تخلق 
إعياء ومرضنًا": جى. م. هنتر وآخرون, تطوير مصدر المياه: الحاجة إلى مناقشة بين القطاعات ( جنيف, 
منظمة الصحة العالمية,؟1995) .٠٠١‏ 


020 


المراجع 


ضه اتعتكزى اهلا ع1 بتزاروانعوعلا اندوموقتط 80/076 ,ع مدل ,لمطوسا طم 
(1989 ل0عه!<0) مو :-ور12 

ا عازء تاعلط أمعامزه؟1 إه أمنسيو[ ”,قنله! هز تإومرمعا" م .1 ,طموسعم 
(18599) 

10 تع وأونطعة 1 بعءتتعلء3 :عالط إن عبكمعاط وا 5ه دمترتاءعوالل ,أعمطعناا روهل4 
(9و198 لكالا بوعقط؟]) معتته«تتدده0] بعزوء/لا إن مزع 1060/0 

انهلا بجع لط) معترق نوع 117 0 برمماكزاط ,كلع رععل دهعت اعم طعتلة لمج ."1 .ل رتزوزة 
(1976 

(6400 لطا أهنتتمامن) نذا مكمءوز 4:0 بومءزع30 17906هل! لمتاقينة عممدجياد رممطعلة 
(1991 ععللءطمروت) 

1لا 1:1 01562565[ كلاولقء1:/6! قط .1 عمعطهظ لمد .ك8 رهظا بممدمعلم4 
(دوود لره]«:0) 

لممحا مأجعاعا/! باز نه 071م2 1 ,كعم الاع .لط .[ 200 لمغباط .خا .ل ,ع .ل معممة 
أوءتلعالا لانه عاجاءتلعالا أمعنمه 1 إن أموط3 أمممؤنءدذا ءط؛ ]0 وتمععذلط 0! :نوز 
(1902 أوممءءالنآ) نروم/510م0م 

أمتصنت0[ أموتع لاد ماه أمعتلعالط[ طع سالط *,رلمداءعلميك غه مععامطن" ,.مممة 
(1832) [الا1 

أمءلل816 طكقء8 ”بدتعقادل! مه كممنعتع ندعم[ كعم[ عمووعكو" ,.مومة 
(1960) أمسيرول 

ععابمع؟5 لمعتلعل! مقالما عط أه كممععديهم عط له ومعوعممء2 ع1“ ,.مممة 
(1906) 172 مدطءللعا/ا اهمها إه أمتصييو[ل "روعزلعمع1 ى]آ لمج 

"رفاءعقال! هذ كههأ ]نكم[ برومعمع.ا مع عأكالا ]0 عمبوععةق" ,. ل رعدمئ سق 
(19395) ا[ ماء اناما روم :ما 

424 غ265 ”,قله طكعلظ مط دسوللوزممام لصة ممعامطك" ,لوط ,لأممعة 
(21986) 0111 بمومرطم 

1 مز ”رججود-181:7 ,دتله! طكضاءظ مز تمتلمعملة مععامطن“ ,لووط ,لأمصعف 
]| ,انمآ 71[ 4165غلل3 اباط هتع0نتء نا أمءتجمنوناط أ نلرنا .لع ,هموبرد 
(1989 «0لمم.آ) نجاءزء30 2:10 

*كع تأعسهل8) كعناءلء30 كنم انمع 2101[ 10نه عالء نالع[ أمنععوس] .لع لاوط ,لاأممعة 
(1988 مع 

"ملاوع مه ععدمس] عط لصهعمعصسعكس زلخ ,كتكاءن عتسمممعظ " بدمععط؟ بومقطوكم 
000 آ) غتتءنترجزواءنءطآ 4ننه «أتأوءاط ردلء ركاءعدمقطرع ا .لا ممه كمنلائطه .8 .هط وذ 


1994( 
621 


(1987 ههلممآ) بصمغكناط عتموووءط نز معنرق رطماحظ ,رمع كسة 
عأأطساط 0مة نزوءعء2 طأعمه 11 ع2" ,امد .2 ع#ابضلمه1 لص طوامظ ,مععدونة 
عباط 220 ,تمولعع م نقصه رعاعمدء1 عمعنك-» !51 عغط1 بمعنأئزلا ع تسمممعظ 
© رذلة ومفصسعومظ .! .5 لمه تممعائم1 .8 .ل هذ "”رمماعدو للد تئعكنلمآ ممعم 

(1992 :)88 ,ممقطءد«ا) ع0مج1 مسماك عنعسواءم 

م :4 1و:-842: وأرعونلا! تمعلوالآ :به أعهم1ج][ بدمندوزأدكذالة 16 ره .ظا رعاعل مهرم 
(5966 0005ه.]1) .كثوراماتك أمأع30 انه أمءءثأه0ط1 

أكع ا مذ عمعصرمماءب2آ[ لقعب ابعاعوم 5ه «وعاطوءط عط1" بعانصوظ ,لسدلانوظ 
(2966) 7/111 بواءزء30 تتمعتعه عط إه أمنصعتمل ”رمعاقة 

أه بعأنوعصف نمه منتوع9 عط“ ,ومع دأعصعة .ل ععجمء0 لمعه .ل دلدعرظ رعععلو8 
711ل “,ممع رمعععمآ! لهة وأومصهودائآ لمعاعه[هتطتدممعاد :وتانطميرزهد 
(2988) 5 .0م 20116 برهوامنزه :11م 

#تامعطعوء 0 هم عواط عغط1 بعمعلوه84 لصه ذ5يع[ ر,ووعمع .كط“ رلمامءلة84 ,ععطعوق8 
(1981) 1لاعا! بصماكقط ”1321 طا ددملمعءقتعطن 

(1988 ذتهةط) ا(متعههلاتمء هأ م عءم] دع جع عه كريرء2 .أت غم عععع اط -موعل ععلعد8 

كنصةأطمء 5-عان2؟ عع كتلدء؟ بوعومع ةدغ موقي دعل عنوهأمتصقلنم ظ“ ,معلمهة ,تععسدظ 
(1988 كاعوط) وبع ممءةغء وريرء2 ,عع لعف دز "ركتاتطاميزو 12 عل 

عدب )) ععتوسطا «اكتلاج8 ءط] ]0 ومتطعال! ©ط1 201:4 بواءلء 50 ض1نهنلد] ,.هة .© ,رابرو8 
(988: عولط 

سو8ج: ,ل|جه/18 عط ننه عرزو مرا جأكتاا«8 ع1 سه ألترعال! أمواجعونم] رعذ .© ,رابروع8 
(989: «ه00مآ) 18360 

1 دكت ||[ إه ععءانءة«موحط عط[1' بوجو اوعلط نت وجععع ]31 ,لزه 3/1 دلماعسدا ,ععلعظ 
(1987 قل200مط) م14نمأعاجا بمفرعر) أفترعء عنعن 

أ دع «أهالازهج دمع :هرمت :عطاءء221| ها أ :نم لوط مط ,عتمةا!ا-وء 2 ,فعمع8 
(984: كاعو) (2798-1830) عأ ازع لاغ :م كاراء 71606 

كنتأءعده 'ل 26غأعن: ءنزلا تمع قر ابعنزن 1[ غقه عسننهعجوة| دعل ع«أوغولاط رعدتمعصوءظ رعواء86 
(1983 واءة8) 

(2991 عادولا ببعل[!) بوط نودم وباط إن «عطممة1 لعآه270) 156 مطهتدذ! ممتاععق8 

1و لأسن أمونزددهات) إه كامهطآا سععتعمة ءط[1 :متعطعة طعها8 رمتعهاا ,لقمعع8 
(1987 [[8 رعلء ا تاوميعظ بع ل2) 

رهم دعا دادهك اه ععءندمج”ا أ وأكمم هأ غه عوسصوط دعآ رأقه لظ« مدعل ,معطوعاظ 
:] :(و197 كاعة) عجثلمنواط'| كتتهل عادء8 هآ :1] ,كنع 6اته 7ع 1زك 1/16[ اء كترةء مم عياط 
(1976 ذاعو) عنووج هآ تن عم[ وء««ر ه11 دوعا 

(994:) 11آ07 عببعوعء:آ 1ه عدو “,'نمم ل ناامبع5 أدلهء' عط“ .لح .1 رمموواظ 

0 آ) 2776-1848 بدءنها|5 أمتدمامر) إه مورعطءجءوس0 ء117 رمتطهظ ,رمعداعاءوا8 
(1988 

إه عتسعلنوط جعنعظ منوااءلا زمءدي وأررووااهلا تووأددتدعقلة ع1 ,لعامقطكا رصمما8 
(1993 ع8نا0آ ممعدظ) 1878 

107ل معتله :11لا مءتم إه بصماواط أمععمء 0 0زاذطللنا .له ,سلهة ,معطوم8 
(1985 هه0هممآ) و 880-193 :1201111410 أمتدمام) 

رللء ملاع لمطع؟ .1 مز ”تعماءتلن1/ز عه بوعمععاا له نوم امطن" ,ععلععة2 ,روتداعلسهظ 
(1991 11010 0) عزوحصيط وز بتاع اجهالا! إه عنرثاءء 12 16 

!!!]ا -)!) كأهامر-يل-ده1 ال كرعتجعء :7420 اه عديتعرزفآ ,عععطام ,دتمعوعسو8 
(1972 كودععط) (وءاءؤأه 


0622 


سن 8ع : ,وو«نناومموط وغ «0106: وأاعه اا 17006 ودعلاع )ع0 ,.ل) 31065[ رممتزهرم8 
(1993 ع«مصاعالوظ) 16460 

بواعاء30 تنه امم وطن إه أمتسنول ”رمععلمة أه مماءدجتمهله:) عط“ عععطاس. 0 

)1917( 

عو1/76 مز ععبعظ بحو [اعلا أن ععمعاومعء2 لقة وممغناحا عولط عط" ,عمعطايظ رععرم8 
(19120) 72111 عدواوجلا نجه عل 1/101 أمعنهزمج 1" إو أمتصنول "رمع ءام 

لاجلا اأمعامم 1 عط إن أدىه)1و :0 ) و1 #تتمال[ جه وانيروعولة عمعطيسظ ,عع رمظ 
(2910 نهلمه.]آ) 

ع1 [١‏ آآ ,جشان) ع8 ساوح بتسعتاه الوه عت بنوننمعزاأسن ,لمفمعظ ,اعلنوعظ 
(و198 دهلهماآ) هاجهن/ةا مط زه وستاءعوجوودةط 

16 #أمالج8 اذا ولعندعيوال! سنتعيوط بمعبروازعة لا #تره معنا ,لهل ,توعكاءظ 
(977: صلتاطناجآ) 27060 

أصتفعالطآ 4ه :«دتأهالممه :تتعال! عترنءزلعال! «واأءإعطع0ظ2 ,.8 لممطعنظ ,معحوعظ 
(وجو1 بإعاععامعظ) مع أععنددم جز مجهي 

نكا لمع بزع 1لمءظ .[ .2 رعمدان-صعططاةذ .ظ ,ل ما ”,لزؤمومع.ط1" ,. نز116ية56 بعمحموق8 
لواجءط أمتسمامه عط وضعل متعم أععامه< 1 اذ طناموءاط؟ ,كلع ,لم وها[ 
(ه198 لءه0:1) 

0 أءامنلهطن «أسلط :"ععنكتتاب! ببمزدديوم " ك'0نتمأعاط ,إممطعمة ,عع دلصحظ 
قط عابوط بصتورء طولا) ودو8 :2-1 183 ,طامتهء 0 اترعسمععيلم0) إو ىع زنزامط مراع 
(1988 

ما كلمعءء1 عتطمدمومطء1 لمة ممأعدامعمص!آا عجممالعطك" ,طقعمطءط بممعميدظ 
(1)1992 7001/1 بجرمءوزلط أمءألء14 "رلمداعوعد بمسصمعت طعمعععطواع 

ع1 تعلدكوس) نوجأا عطز و2 معتته جوع 8 رصا عط نجه بوقواط براغ طعزندكا يودع هاا ,أاظ 
(1993 1010 0) 920-1130 .» ,لإاثمء 25 10ئك ا(أولان1تآنآ 

]1لا 116( 6أةنه5 غه أألدامالا ,كلع ختماء ععطمظ لمه لعمطعزءلة ,عوامن8 
(9و198 ؤأعوط) (وماءؤ]و 

4 ألما أوأتوامن ,لمفصطهل .هآ مقصرا لمد .هق عامولة ,ععلامطاممنة8 
(9960: لعه0:1) 

صو ناداععم5 لمة عممءذز2آ لمعععمعلا تمتك زه عععد/لا عط ومنعدعء1“ ,1 .لا رمرم 
ركلء عععمه2 نرم 220 ممسصر8 .8 .الا صل يسمتمعلظ بمعمعت طعمععءطونظ مذ 
(987 مهلهمآ) مر8:-موج1 بروسموو«ء0 أمعناعالا جه معدتجظا أمء ألمالز 

-271 تسا 2014 012100411011[ غاتدكأأواجعع:[ تأكللل8 ,كستامه1] .0 .ةا لمه .ل .2 رمتدت 
(1993 1هلهمآ) و4 و:-688: :,تنوزى 

لهاناع 110[ ته أمتعو5 عطة :جوعلا مبتوواط ع إه دواجوعكلط ,قناسات بتحاده 
(9و198 بإعاعمامعظ) معرعرواط وننووجو8 

(1991 1010 0)) انمأغه 1/07 اندع جم ةا 1176 رفاظ مومع م6 

ان 11) هلامعا إه نعلا هترجه أغهءطا أعها8 16 ,برع صومعتدمالاط ممة ,العطمصوكت 
(966: عارملا 

67:4 عكهعكز12 ,طناهء1آ ,كلع ,ععموسجكا لاوط لصه الملط ععءظ ,واتعطد ,لاعطمصيكه 
(هوو: عاعو لا عع اكل) ماين أمنوزلعالا وز وبفاهولآ 

1 و«فاعء0) تزكوممءط بأعنطم «علاقه كترن 1ل لل1دمن) عطا نثه مم26 روعصول يعتاعمهه 
فعالع«من) ,متوعء0 انه رموماعوتاءجة وط) بمنجمأعالز ,وساط-ولد[1 ,مصتط© 
(1897 تمهلده.]) موق عونل بوامترن 


023 


حتمدت) ععدعنن]|ة] ععتتودكزمنع كا از جموطا ءذاع فاته منع4]! .نه عصعة باأعمطعتصسمهك 
(1986 ععللءط 

عرواعط عموعنط ماعامم لوسك“ ,ماعئوعء بائذ .ل ممسطعق لصة ,.ت ممخ رأعقطع1اصعوةت 
إه أمنسصنه[ ”ر(ع5وء15ئآ موتصعظ عه ععأأن! عمعلنمت/ا ممع طأعمعععمعبى5 عل 
(2987) 1.11 عاداءتلء1/[ إن تصوؤوزلط ودع 

ناولا 200 521915 صذ ”رطغناه5 عداء كه عععنمهع5 تععبعء] سو [اءلا " رمف هل مممواسة 
(2988 ع1أأناءام0ديكا) دودوءادء ناز :أ أوأا2!آ 0:14 عوووؤوار] 

ول اد أمءتج متكتلا 4:4 أععزوماوثتدء لاوطا صم :جونعخا منولاعلا رعوهظ] ممع لآ ,ممت 
(1931 ععوساعادظا) زع 0 إ0 ععهاظ و؟ا 1ه 

(1977 عامسلا بجعل8) عد الءا/! إن بدسواوطلط اماع50 م .ع .1 معطو عوعوكت 

كه دوعاعمةألبعء2 امعتوترط 280 دعفقع015آ عل مه عمممعظ " ريق اأعتتصدد عغطع اط مهت 
ولإ 2 ماع11 .ل لقة علة لااعومط .2 ,مداودت .ا مسطعة مذ "رععجظ معوعءلة عط 
لوعظ1) وعسلععموعيعء ”ا بدهتتأوةءدلل2ء؛::[ تعدهء 25[ 4انه طاأمعاط إزه دادع :من ركلء 
(1981 ةلط رمما 

عأها غطع صز عانطت مععطعيهد5 مد عمجا سه عدممالجصذ" ,ملمممععظ روب أصودوو0 
”لهن2 إن لسممعك::[ إمعء5" ركلء ,اأء/اهآ ممه عاممن مذ ” بلإمتصصعن) لتمععع طعا 
(2991 016 ,ممصعولم) 

مدععرم56 عه كصلعوء0 عط لصة بممعط 1 أدعتلعل/1 مدالد]-ماومف" .للا صطمل لاع 
(1986) 2 .0ن ر[ن)كا ماءأنعكا أمءتجمنوطط تنم أمعءندم ”روعاءلة عوء للا ما صمكن 

2 عننئآ عاعن1/0ا بإعتصياد بإومومع.] زه عمممع1 بكوامممع1 لإعلاط ناك" نكا .كا الع قنات 
.مم 11[ ونلددا ثث بجومجوعط ”رلفعمعظ ,عنهم قمل1/11ة ,مملوعد ععزاه2 تمدطاله5 
(1932) 

(1890 كاكة17) ماع اعانطر) 072:14 6ط ,عل عزنا رعةاأتقطات 

(مدوج) ؟< مبومط ”رقتلصآ ما مملعداذتوع.] ترومعمع ا“ ,عسلقطمظ صقطعا ,بزوعامات 

إن برونونط ءطة جا لاد 4 :عنبعهاا عا 4نته وانمإوتكتجن) رعلا مأعدت ,هااممزت 
(5973 ههلههمآ) معاثاه0 إه مععومق عط نط انأوعط عتاطيط 

معان وكأهواتء | ءجاة جز تبوأووء/ه :”1 أمعتلعالط عجاة تنه اوعلط ءتاطيوظ .لط .ن رقلاممت 
(976: ععل انطصوت) 

(1949 معتهن) و8 أمان) .8 .لم عل دع :846201 .ظ .لخ بلزعظوان 

(5927 مهلدمآ) بعنراد له يم لكل[ :زا برومجمع ]ا ,.0 عمعطهظز ,عممعطعمن 

1 نمم إه اميه[ “*رسدتأمامعمص]!ا طعمعءظ لصه ممدام 1خ“ ,.ظ مدنا اتكلا رمعطمت 
(2:983) /2111 بدرماوتلز[ 

-علامطا وأجوط زه علو «طااعالط! ع1 :رأشرول! عذاء ترز «عيعط ميرو لاعلا ,حصدنااة/لا ومممعامت 
(1987 آلألا رمودتلداط) بجوماوةته 

(5992 هولههمآ) 837:-وج7: انونتهل! عطا وااع بآ :بعنده)8:1 ,ردلمنا ,برع اامت 

مذ عطعنمط1 عدابمه2 0م20 لقصعمط مأ عكموعذ 1ط[ عتسعلزمط" ,.! ععمع مما ,رل دعوم 
4 وءأاننعلاضظ ركلهء باأعواك .28 لههة ععوممظ .1 مز ”ماع50 علصدأكآ برامدظ 
(جوو: عولتعطسدت) ك5مء 12 

”رصواءا جامد مذ عمل تلعل8 أه عمتصعيىئد لقاعو5 عط" ,.! ععمع مما ,رلقعمم 
(1986) 7023)/11 از 1الء7/1 إه بممؤوطط أواعود 

بع لصم لصح ععععن نزم1] بممععسلظ! ممتطالا رعبعلط! أعمطع841] ,1 ععوعء دما رل مضه 
ع8ل أ ءتاحمدت) 800 جاه 10 80 م8 :ره تله 1 أتءالعالط! بعاد ء 7 16 رجوء 7لا 
(1995 


024 


ممع طاعصعععمعمعك مز عمل لعا مده بجطممدمائط2 بعل عط1“ ,.ل لامعدط ,عامهين 
إه دامكتهدممهء؟ ركلة بممدووء للا .5 .]ا لصد وعطلص1ا] .ن .لآ مذ لمداومظ نمس 
زمووا عمل عطصهت) تدمنع ل أوسعخ عتإادعك5 عراءة 

20-0 1 ,نالدع 4411| تعومهلاه) عأاممجههندء2 ,لتحوط عأطملط ,اموت 
(1:982 عل عط اصوت) 

إه ونع عضبل عمرعم5" ,كله ,اأعجهما عوعوء0 “للا لمع لنعوطآ عاأطمله عاوممت 
06 سهمسن1!) مءتععسم «اكتسوم؟ اعتدسمأن:) نط مووععتنا لاعم/لا |0 :"لمن 
(1991 

مز “رلممععه أمعتلع اط وارمنووا!! مضه تاكتضمأع هع ممععمة"“ بنععه18 رععمو0ت 
-متلظ) عولءاسمة]! أمعتلعابط إن باطو« ع1 ,قلع رمعطعهعها1 .م لصه عطوت لا 
( 2:98 طوعنحا 

نه وسرروط .له اع عملعدظ مذ "روتاتطمتزد ها عل عدع<ا علمهءي مآ“ ,متدلة رمتطيمت 
(2:988 ؤزعة”!) ونازءدرءز] 

عم نه مهوح) تبواغنةأاموج« أ عاأمعدءد مجؤوتتد :عءه)د عل عواائظا دعا رصتهاة رمتطءمت 
(1978 ؤاعة”1) (وءاءناء 

دكأ وتوم نت «متعقابتوهةط مامش ,برموءدي) .لا اعه[ لدد .طط وتممعط ,العلعمت 
(ج8و1 0ن ,ععلأدهظا) وممسناءعؤوععء!ا أمءأدواوة1] 

مم اتعوعظ مز وعووء1(15 و5ناماععهء31[] أن أمعتوهت "“ رعلضعجع8 عل .0 300 .0 ,رمأنامت 
(1913) 1[ اطاعاادظ يتمعبظ «منع"ا منوااعلا "رمعتعهدز عل منظ مز بالواععمةظا 

مز سطسوعلط8 عد وععامطت عتمعلزمظ عطء 1ه علدمععة مق“ ,لاحو بعتوادست 
أمتصيه[ل أمتع غ3 14نم أمعتلعالة أو تلظ “,2832 بمحتصاءظ لسه بممسدل 
(1832) 26011 

© 10 664 .0آ.ل ممم تجزهائ8 مز وعنسمرعلتوظ إه بصوؤولظ ك4 ,دعأ اعقطكت ,رممعطواءءت 
(دو8: ععلتقطسهب) مينوماط إه وماق ستاحظ 

أه كععنعلتوءكتتمن) أمعتههاهة8 تعوتتوطءععطا جومت منامن ع7 ,. ألا لعكام ,بوطوم كت 
(297-2 01 رممعوء؟لا) دو1:4 

مونلس تمعصسة عط عم؟ أعلملا د 5ه صما 2[نمممء12 مدتتدبس ول “ ,لا لعكام ,بإطومءت 
عصصهت) كمء12 انه ىءننعلاوط ,كلء بعاعةا5 .2 لهة ععوصمظا .1 مز ”رععم أمممعرتا 
( 2و9 ععلنءدا 

-مع 0[ مواععه" لصد عععع! بحوااءلا بعحمطم منمعا ممأعوعتلم52“ ركمء:1/12ا رمععنت 
ساعامعطا أمعاءو:ض ةلط انم أانعونم4ق ءتسمؤوااط ”1919-1922 ربمع8 مز تماعوع؟ 
(1992) 1 .210 ,311 ]1 

-أنزه 1 عط اغانة «ء انوع انعا وعزوقط :جوتنم ونال برط طنوء1 ,.طآ وتاتطط يمتمنكت 
(و198 ععلأعطمهت) رهن اعتععاءومتلط مطة وز اءه 7 امع 

إلا معن لط معععع مزل بداع لوم و'مواة ععنطلا' عط أه لمط عط“ .لط .2 رمعنب 
1 .702100 بصوؤولط اتاو كءدتل:1:6:آ زه أمحعنه[ "ردعتلة عوع للا مذ عن ألو مك8 
(ه199) 

”روعتكة لدعنمه:] ماءعمتمداةا مدطاءنا لمع عولء نمطا لمعتلعاية" .2 .2 معنن 
(و1989) 3 .هم 0))ز متعاسع| أمعتمواوةط] تدمعتسع 1م 

عط زه عدمان) ءا ههه معتمام عدرعألسر8 5”:توالة طعوا8 116 ,أتووظ ,مهول1 دحا 
(2و9١‏ عاءه ل بمعلا) عاهاد دونهلا 

-0[أهن) صا عدمم]1[ده5 تعووء5ز0آ لمع موص قطن 01111 م5010" ,لآ عرقلا رمموبتحتوط 
أواء0ت3 16 ,كلع بمع هو[ .1لا .ل ممه تمصمعاء .ذ صز ”رمعو -ه88: روترمعء1 اقلم 
(عوو] جعاءمامعظا) معتم/م نط عند تأومط هنجه نامع 1 إه دادوه8 


025 


",1986 رقاععال! ممعذقمط مزععمعظ برو [اعءلا علمعلتمط "“ رياه نه .3 .ا باعمي عدآ 
8 طع: دا[ 19 أمع 41 16" 

2 ,ونه دجأ هنءأوطان) ع1 ::نتاقعذاأنار) أكاته عدمء1015آ ,كأمعصوءظ رعممجواعط 
(986: شاا رععل اءطردت) 

عفعوفأدده فاك 6ننلة تعءأء ةد 1)1/1116[-/1 ]عا ابرع لزععء 0 ننه معزو هأ بقوع[ رناوء لمتداءجآ 
(1978 5اءة8) 

أواأعائط ءذاة از علتنء 1ه ننه وجوعء0ط2آ :عاستا أوعءنلء1/1 ه وتتطهالا رعصصة ,برطوتط 
(1994 عع7108طدتدت) :عومج جع مدل ألعالا 7م] أع :1/14 

عأأحان ؤه مملعهج تلدع نلع854 عط لسة ععدظه ,0 عومنوعو][ عط“ وعأمدءط رءعععقائط 
معاوء3 /و0 بورمعولط “,ر(و4و:-2895) مصنك مععل840 مذ ععمدم؟ ععودلعط لصة 
(1:986) 200172 

-نه20 انم أععاديم ونازنول! تلع نط 1 عترنوءه86 «عطاسبريرلظ جزع 117 ."1 بصوعء1ط روم بوطمجآ 
(2983 11 ,عالأودمصكا) معتععءمم طأاجولظا مرعندمط تدز ىذ ةدنمسرطط :دن1غه| 

[(8 موسمعععسصءط) غدمطط ء[144/! ءطة ««ذ طنممعط عاعها8 156 ,.7آآ اعدطء ك8 ,وامط 
(1977 

إه بحوؤدوناط ءجاء إه أمصعيره[ ”رعمعنلع84 عتطوعة ادبععتلء81 مز برومعمع.! ,.81 روأمدآ 
(2979) /72023201 عادلء أل الا 

"رلهاوداء»اظ 1ه 5علعع:5522 100 الإومممع.آ لمه لتععطءء17/1" ,لإعقلاة ,كداوناه2آ 
(2997) 13/1 روعاعع5 باعم ادوابز 

أه ممعنامظ عط لم غ12 عننداذ عط غه ومتلمع عط“ ,تتمصيع5 ,ععطعوعءد[ 
6 ركل» ,مقتمععولظ .5 لصة ممعاتمآا .8 .ل مز ”رمسعاعدظ عطعمعءكق5 ممعممعيظ 
(2992 )ل! ممتقطعنطا) عله:1 عنماد عنغده ام 

ونال 200 5219162 مل رطعنه5 عط مه وأعذلدالط8 أه ععقمص!آ عط“ رقطه[ ؤابادا 
(2:988 [11' بعالا ججمم>عا) ودومسءسقع دلءواط 4ه ودوعولط رول 

نقسغطن أه ومعصنكة 0010 عممصة نوالدممكل8ة لصة عكدء15 0ط“ ,رلممصردظ أعصسد[ 
سووو: روعء ناه لهة كعلسسلعة رمدم صهت وستمنل/ة ممه عمعصمء دوي لدتدهاهت 
(1993) 01721711 ادك 1/101 14جه عءتءك3 أواعو3 ”,1938 

هنءأوط0 وذاء جه ونعه5 اكتات8 تعبتوواط مراع إه تسيعء 8 156 ,اعقطعتلة ,برعمسطا 
(و97: عتاطنانا) 2-: 183 

(و298 دع جة1] بجول<) موج:-موعج لاجوللا كنز 0714 انمه .11 .ل رعمتلاع 

عصمعظ) ممع ةطوتاتتعا عطآء إه «دمء توبور[ :كد11 رععععمتمعمط 00 
190 

عط لمهة دعن أة/ا تممقءططعنة1435 أو ع5مع15 1116“ ,عل رصمدئعكء 1 .ل ,علعمطاعءومط 
زه عامءء :+00 رع[ علعمطاعومع .© لم ممامدت عنطعة مذ ”بعكمعواط زه و تمععمميت 
(1981 قالط رجومتلدعه) ومنءوووعءط بدمدتامن كتلعج[ نعدوءوانا مجه طغاوءم لط 

(به9؟ 0:ه0<!1) برمطنصه8 إن ورواطاوظ 156 .ا .لآ مدعنم طغمظ 

امعمعدء/ ؤه ممهوعع© عغط1 :*عمععندامع؟5 وندمعل1؟' عط عمتااءة 1“ ,10310 ,رقمو 
إه بدونوتلط أمواعه5 ”بمتفعمظ بمتممعت طعع لمع 1 برأعدظ مذ وعمعمعن عووعوزطآ 
(2992) 3 .هه ,لا عن 1/161 

ممح طعمععع صنل مز وععامط© :عدم ساممع5 نمه وعتصعلامع “ ,لمقطعلظ ركموحظ 
(1988) غ071 +ترعومرط 14ج زوم ”رعوعنط لزعنن 

(هوو1 لعن]ا0) وعدممولط كبروزاءء/:7آ إه :تملعاتلوسظ ,.8 انوط ,مأمسط 

د طنامه1آ1 إه تجستمسمعظ أمععثاو 156 عنمن[ كتصدء2 لمة صاتره1 ردامادط 
(جووءع 011 ,كمعطعه) معنم 


0626 


محمد )) مد لمالا أتعذمه 1 أمتوءج :1 إن بدروئعتلط ف نمنةعوطائ8 معطمل رنزء امد 
(دووءع ععلنءطا 

عيدرها8 إه «جدارهجومء 0 عططة ل عزو 1ا نتنو كنيعل 4انت 41125 رأنج<! رتعصسدظ 
(دووع برعاعماءء8) 

نت جارأوه ذا إه كذده8 أمنعه5 116 رذلع بمعقتم هل .لز مطمرز 220 مم5 برمفمعاءا 
(عوود بعاععارع8ظ) معنجزرمة عا وتتأمء لآ 

(1988 وبعمع0) مولعم لمعا وذ 1ه عدمعالصد:5 علصوءط ممعصيع"! 

أمسمبه[ل ”روغ سعصسوت ممعسوععع ألء كا عداء لصه عموعبظ مأعيع دا“ .لآلا .3/1 رممتاط 
(1979 ) 1 .0ه ,111لا بصمعو | عتتسمجوءظ #بمع وم عبطا /6 

ببرمودونقط له طناهء1آ ذاعنءل! بصمعءء 0 الث لصد عععطء 17/2 .1 رعلءاءعل80 ,لدها 
(و198 عولنء نا تروت) مهو 1-موج 2 ,ندم لوكا لعءذدنا عداء اذ كيغهاق3 أهادماءةجالدلم 

مز ”ر(ه3 1 -ب4و4:) وااتطمر5 04 لوععم؟ عط :010 عذاء لمع مسعلظ عط“ رعممة رهمط 
أوعجه وتلا ون «ولدع 0 فته عم5 رولء ,مععتووسظ ملأبات لمة عتسكة لمددلظ 
(وو19 ععءمسمتاوظ) مزع وزوت ]1 

/إه إأه"ا درو مون م1 باع و عبرم جو وررععدهن ابوط ز/لا ,سمتلا سعطمظ راعوهط 
(دوو: عاعه لا بجع [<!) بدرعنواد دق تعع م4 

أمءنلاء1ا إه بجومامءوطء 4 سم عندتكت ودام زه طنحا8ظ ع1 ,اأعطعالة عأسوعنهظآ 
(و98: دملصمآ) بدمنءووعموط 

إه معش عداء اذ بر ؤ1دكدآ /[06 بصو نوذل] 4 بندماء مانن 14ت دكه :27 هالا ,الا روأنادعنهط 
(2967 صولمم.آ) بمدمه ]1 

ركع ادن ء زلا رو ران وده ومءأسعوندا لوعءوأء5 تععواءأننه:[/جومره .1/1 رعاناقعيهظط 
(986: عأعملا ممعل8) 1972-1977 

مده عذأند8 مذ ”رعادمأع.] مز مموعوت لالعصعءظ عط عه لماعم عط“ رمععهظ طعمعءط 
2 (و8و: كأمج") 616أءعود ءء 7/12/4416 ,عرماء2آ1 

«عموء5 لدء2ه (كتدةا امهعم عن عبروععع"“ ,رورععءوع120 مطول لمة معطمعء؟5 ,اععامعء*آ1 
وعععز5 :نرمهآه© أمعتمهء1 طملء8 هد مز كعمعأبوكهك84 لمعدلف84 لصه مملمع 
0 ,122/11 ورع جاو مجومء © جو تعوتسط إن :ده تنداعهككمة وطة زه كأهجحم “رعدمع.آ 
, (2988) 2 

روع لاع 1/1 بسول< صز عتسعلامع عدوم المصك صدتلهآ ماطعمط عط“ .]8 لمقطءن] تومءط 
(هوو2) عدءللء/ة7 إن موتلا ءط؛ إه :تاعاايظ ”روو8:-1898 

ومين *ل وجونطو “روعتكهة عوعكا طمتعاءظ مذ ممعموعموء5” ,.5 وقتصمط1 بعادت 
(1980) بج .مد كا وءاراهء 4/1 

عط كه عأما عط بعنمه نهد مجتسوعظ غط صز وعقصقط)"“ ,كتدا رععءى | لدظ -ماءعة 0 
:د عوادزامهء لآ 4ت عوهوكة< ,طناععلط ركلء ,.امعه اأعطمص هب مذ ”مكستاعتوترطط اوتعع ل 
(دوو1 عرو لا بجع لط) وجيقاءن) أهرءفل 1/12 

لعأمنءء 0 مذ بإصعة طوتعاعظ عغط1 يوموجع عط ص ععبعظ رو [اعلا“ ,ل1أنحهئآ ,دوقع 
(2979) 77111 بددو كتلط أمءناء11 ”رعناعصادره2آ عمتدد 

0121 إوورمع.آ عط كن وعوعلا عدزد عوهآ قط كه بإلنءك ةق“ ,ب .8 رلصمصدىي 
(1936) 117 بوووججعط #ه أمتسده[ أوندوتمبصم ند ”رلصهاهسحدظ دأ 

(دووع [1/0 رأدسدط ع5) دونك موواجهط هنوري 156 بسبرامعيهت ممفصاات 

عارن لا بجع [<) واعوططود *عوطاعءع:170 وجاء جاجع نامءة 12 :كمأدماقعط ,وأعدت ,وعسطعمات 
(1992 

عط مه عجلءمموعء5 بول ةق بمملعع دمن عووتدة عط1“ رطا معصول 0 
(2978) لآ مسن نوعا/ة إه ندهندناط] عط زه دنه |أه8 “”رععبعظ بعوالء لا أن بإومع و11 

لمعمو 1 طعا رمم 5وعقع5 لععنصنآ قط أو وععمع نمعم عا عمععم 1“ ران .للا ركدعده 0 
نلعا[ أهءأمه: 1 إه أوجعده[ ”روعتممء1 عط هذ ععععظ ملاعلا كه ممه لهذ 0ع 
(2903) 1لا مزرزع 


0627 


وأممط 17 كإهككا :25 1]1]1: 142[ 4714 ,كتوأنوزام8 ركود الم وطط ,.8 عاعو[ بعمعععن 
(2و19 شقلا بعالتدوععسهأممطه) جممائزتا أمماين) رمع سوسم 

(9و198 ععمضضلدظ) هاجهل/لا عإءءن0 عتعزعسم داز نز وعوومولط ,معاعناية بعأعصمن 

170141 ]0 4101نم« زمء اد[ ع1 بوعتععالا إن أكميودمن) 16 بعومع5 ,أعاكص اعنم © 
(1993 ععلتطصسمب )) دعا معن [غ8 :-طاة»6 : ,مأجه7!! مروعوم/1! وجاغ غم ووتزعزع 90 

“61م كلاكوعل! عموتتاط :والتطم زد ععنده ععنمعلط عط1“ ,معواع مهم ,وسعنن 
(1978) 1 .0ع 711 معنلعال/ا مها 

(2913) 1[ تغعالييظ «وبع"ا ميولاءلا ”رععبعظ حو لاعلا أه نوك تصمعلمظ” ,.ل ركمعععزيدو 

1700-0 .5117641 /0 6 عذال 4:14 كاتت هالع نعال 1دهنل:1 ,وق متطدم رمتمنه 
(9و197 معلوطوة1ا) 

«اقضعط8 بزووومع .ا غط؟ 220 مصون؟” ,تعد .5 عوعمء لم بمقطءه2 ,حموون6 
طععء جعمع 1 ممه طتمععععمتل! عط مز عموعءوتط دمغه برممووزةط أمهم5 ع1 نمممه 
(1976) لأشلءا اع نالعال[ زه برمتدتاط عط إه «عءاليد8ه ”روه اتنعممت 

ر0 2 طننع5ة81 تمعلة برط لعدتموء12 ,لم0 برط وعلل)طووط" ره أزاوعآ ,للدتر 
-1850 بلتفعاءظ عوعءن مز لممطصفلة لصه عتمدط اأممرماط ,ووستوعة امعزلع11 
(1992) 3 .مه آآ طاتاهعدء5 إه بصونكتاط 6ذاع /ه أمنصيه[ ”.6و9و1 

ع8 لاسي )) موو:-900: ,و تادانعوء3 عامالط :وم ةنعتعداده برعل انط ره مزاوع ا ,اأمتز 
(1992 

ع8 مآ أه بمتمعمصط عط م0 تسرملء اطصيظ مذ عمز !و81“ رمعطممعكتمطن ,موأامدت] 
11 ”,2855-1889 رعصنده 1 طكعلمظ عيره*1[ مز كتسمعمعباممممم1 موممعتصدة 
(1988) 1 .50 ,71111 و 5111416 

أعتمعع عمال وأموئا صا طاغادءةآ1 عتأطب8 لمة كعدكنهه وماوممئتلءء2” ,0 ,منامسجكر 
(1992) + .80 ,17 عاتلء لمعا زه بدمنونط أماعهكى ”رعتطوسمط! امعتلعلة لمعه 

عط مز لإأمت5 ممهلا و'مملمه] تعمل ععوسلوط مع وصبظ طوتعو2" رعصمم ,برل 112 
17 101718 4ه اناا ركلع رقعةعه2 تزه 220 تمناصر8 ,2 .لك مز ”رعو بصع طعوج 
(2991 وضه020.آ) 120140١‏ 

نالا تتعناء 1*7 :ول :«]-وأوانة يمن[ طعتقة8 وذ واءاوعاط عفأطياط امول بممكتموتر 
(94و29 عع لأ تطصسهر) + رو:-وو8 :1 ءأدزءنلعالز 

11ل 17:70 انل ناته أكللط انلمك از ع5م1152 رمودوعع 82 .ك1 ممه 0جممع0 ,وأسروجر 
(2975 )8 مصممطنط©طط) ععتلوين5 ميج 21:4 دونز 

6ه :17416 عع ه!||ةلا نط طعادء اط زه «عتغصوجظ أممروايرت) 116 رامث وزوسط)! رمدوجكز 
(1967 لإةطاصرهظ) موهااؤلا متلق :1 ننه إه برلاغد 

مز “برمماعوءعتلوءط ع«ممأأوجمة غه بإرووونط عط1“ ,.ث للهمه1 ,ممدمعلى]ط 
ع إو داءوودم :ونبوعرع1 تنه ,ووعها2 ,كعات 1 .لع ,لاع أمعنتائتآ .لط سمطفعطة 
(1978 ععممتلودظ) برومامنمء لاوط إه ووذ 

نطلا لمم) لاعولا دعلة عطءع طعدعظ عدممالمقصكد 1010 معطلا“ ,ل12221 ,عونك1] 
ا( 5ذك)1ا5 تععوهلتنن8 از كتروء 61 م .لع 000 2 0 1 0 

/ .لآ ونانطط إه «مندهط دز ونزهدودط :17606 عنهاذ 6غ 2:16 بجرمرم 

ل 0 (2986 1191 رص842015) 

هعلوم مم2 ص مملعبع ومع لمج .لل.لا ,عم تلع 84" رممتئعتمطت لعرعل] 
(1992) 1 .عه ولا مدءزلء1/ة إن بصونعلط أماعه3 "قلطن 

7176-0 عابة أمطومعط؟ ق 'ومدعماط دعل ععناه' عع ورمء نم عومع8 " رن رأمأعمعاط 
(1988 مه5]) مأمندءءج0 عزكف نه ونتتوبعظ هآ كتلط صا ”روعاءعةغاد 


0268 


امعان أو أعتصههخ “روعاف مذ ممأعدامعمم1] عدممالمدك" ,.كلا متمعونكظ معطءة1] 
(1973) + .هد آناللا بمرمءعو1 اا 

عط مذ موتووعفمء لمعالعلط عط1 يعمتمسط أه كعمعوف" رمه ,8 ,ظ ,رمعوصتاموعقم 
(و198) 072111 برجمند لط أمء84641 ”رودو حو88: برووامن عوهن 

802-1254 د انمع ططتريم) «اكلةةج8 عط ره كددوغوايرزه عنرماى ,. لا .8 ,ممصع لز 
(1988 ععمصسل 1ه8) 

أهاعو3 ننه مكتأدعتاءع نمطا زه معتتع:ا]1:آ 16 :671 تمع توح كرو مع ق ,لتزمظ رصمءع]11] 
(988: لعدها:0) و86 تحووج ١‏ بأطعسوط[1 عتستوجدوءط ونه 

(1962 لهلههاط) بولق3 4 :تموناوامعم 7[ بصطه[ ,ممعطن1ز 

ملصقع5 ادعنوماه أسعلامط عط سرمء؟ معتكم ماععبعظ جو لاء ا“ راط ,17 مسمفصاه1ا 
176 د10 هات !!:[ ندع أ0عمع0ج2 ,ملع ملتلقطكا تروظ لعسعطماة صز * رعصمتمم 
(1932 وكلهب)) 17 8د2و2 «عطنتزعءء2آ ,مجلم جما عند 1/1641 أوءأدهآ1 011 

معقعنتطب) بوممءىتال جز عدو م|أم:د3 :كتهمدووط فته وععساع2 .خا لاهده<ا1 ,كمتعاموقع 
(1983 

وعأجوء'! :ذا انمعو تلاك «اكتأودظا سه ”. . . وقوهآ أأه طغزس تزوسة" ,.ذ5 اده[ ,رجعه1آ 
(964: ضعلدهآ) مجان 

11030, بروهتعا إه أه:ةنغنه ل أمانم اهتدع نج “روأمعوتل! مز بإومومع .1" ,.© .له‎ 1١ 
(936آ)‎ 

رملع ركع 011 لهدأه8ظ صذ ”,ئععوعط ممعوووظ عطء لمة متطنلظ عمبروظ“ رمدم1 بعأعطمك] 
ع8ل1تطاتطهب)) 1600 .عسمومد.ء ننروعظ 11] .معت4 زه بدصمووزلا عولأتاسرع 1176 


1977( 

لإعباع18 مط1 بعسعتلع84 اموعتصدك لصة مكتلهئده له“ رول ععالمفطت معطمل ,عجار 
0 ”روهو:-1860 رطلنصد عط مذ تعتلهط طعلوعاط ممع عمط عه عع صرمه 
(2986) + .مم ع3 51120165 روزوم 

[[1 وعلعاببكسيمة بحجعةظ) طنييو5 عطع ههه «ونع1 منوااءلاآ ,عع دمع ددا ,وتإععطم نز 
(1992 

1067لا ععاراسه:1 انهلك1ر] تزه كه دعل نلأوواء زلا ولع 07 ,موده 0 ,./لآ .ا ,معو صسكز 
1872 صهفمهط) ءانالا طوئةة:8 لمعه موزنولدح 

"رهم ةطعنء م11 أه ماوع عم 25 لولكاء نعمت ري" ممقطعهده_[ ,ممعصتطءعنكم 
(1896-1) 11[ بورعو ميد تزه وومااطء 4م 

كله[ ]ه أارع 5121271 4 نوتطاوطا-طوزا 4انه نووه تطعا 07 متقطعهمه[ ,ممعصتطء ىنز 
(19606 هملممط) تنم1خهندمأزندط 2114 

تفاع لع مه هل8) معءنتءاتوصعط طعلعاج8 16 ببواتأماتدءد 22:4 ورتمنتوط ,لاهده خآ رمورتم 
(1996 

(5987 عقلاقطتصدت) بصمووتط له نجمه20 :بموعنؤر4 1176 مصطورز ,ع)4ن!آ 

علقم عوعا ضوعت اعمععععصالك مذ ممعماسمهمععلمنا“ ,.ظظ طمعومل رأعمعائصا 
انه نهمنمء2آ أمءمتوناط عرق صذ ”م120 منماذ معط عط 4و عامظه ع1 
(981: اعتساطمالط) 

1100 ]52 م ع1 ولع 862 عل لإعاصمع5 لمه .ظ طدعوه[ ,أومعاتما 
4 6715ل عزآط هعجرم رز وواهوء!! 2010 ,5 16لأع30 ,1105 زتبتمعط اتن وق 15/6 
1 1 : 9 (1992 ال بتسقططيسط) مومويعر 

10 7 ,115لن [تزقة مراع ما علوه لا [دبهتعامك لمج لطعم 1 تداع وعط0" رن لا عمامم] 
م 011 000 1 روزم ] إ0 فنع تع ]ادو 0 أنه أروموم 2 


(9260: عأعد ونان ) 


029 


عا سصمالط «را«هخا هط[ بوعع4ق عاللثالة وطع وذ اوتا ءاللتاة 11 أمعطمظا ريصا 
(1986 آ]آ ,عاهلممطعهت) 382 :-موع :1 عنمندم عاد 

01750و وخ انوة از 1 تدمع ععأبط إن عو4 ءذاغ :جز بدرماء ل انوعموصبط ,.1آ مقطعهدهل[ بأعدعكا 
1 (دوود برعاععاوعء8) 

الا ك1) فتن[ ]فأ ونع خأ عل غتتعاء 53 عطة زه عا«تتتوعابل أمسسناءن) 16ل ,.ن) ععسموعداا رطامعدل 
.(1988 عأعملا 

عط اذا عتجاء نلعا[ :نه رز أأمنتعع3 عءدومقصمط1] علن دان لم عاأعندة2آ ,ممباوعدل 
(1988 عولفنطصسدني) دعوم 111001 

(1979 نحاء12) ععدمعكتدط أععنمه+1 «ءط01) 14:ه ىنندعفنمط ,. .0 رأوعةل 

(984: تالدامصه11) مضع ا عتمجممع3 116 بنمد؟ا ,لعه كلظ ,ؤمائوءهل 

"رعوةءولط )و عمدت عط 320 مما دلنامممءط لاعوالا عل“ ,لأقمه2آ ممصن لديمل 
(21982) 730310111 أءجهعومظآ أمعءعتوواممه«طنحة إه أعتضينه ل 

عناياةآ فته أنرعوة7ط ,اكه روأذتزهاهالآ[ 1 برووعوع ا .عذث ,عوأقطعدظا- 2 تاطحمل 
(983: عمعمداء5) 

أهعه3 ععل1: تنه 156 .لع ,صمدم صمط]1: آ .34 .ظ1 مذ ”ئاعه1707“ بلعام 22 رععنرول 
(عوو: ععلتعطصحة) 11 ه81 نه بحروروذلط 

عمبروظ مز عنمن !2 غه عمعصعدعء 1" ممه روماه اسعلنمط عطء م0“ ,لعصطة باعصيا 
الا ماعءودعكمة ط[ناوعلط عناط::ا سمت وبجوط ءطة ره أمامريره[ "ع تسصيعلامظ مجو ع1 
(941:) 2 .0م ,آلاعز 

«تتعناء5 انه طأقسعءاءد5 عط :جا تجتمج5 :جز بواءاء 30 16ج :د10 أ2191415] ,لإمصعكط ,لمعصصيي] 
(9835: [أآ رممعومتصمماظ) تمدع طغبروعا 

(1991 200م.ط) اء1[]ندمن و بواواء30 لك :1469-7714 71أهم3 ,لط رمعصيا 

عط ؤه 5عع2؟5 عدرود يععمقطت 220 7 االماغمم)" ,رن 50539 ممالل ممعي[ 
رآل؟! أومجعنو[ل تفرعت طفع عاد ”رسوعلء 21 كه معصه]١ا‏ عط ده ممكعمصمماع8 
(1982) 2 .00 

.ألا مذ ”روو-1836 ممعقمأاذ] ها عمعسعع 2 مدل [دعمع مس جرمءتتتمط “ ,مرمرع ,ومعدع ]1 
,00 0آ) 0210071[ 171 ع102111 :2ه عالط ركلء ,عععع20 نزم 220 امنامرظ .]1 
1 (1991 

لماعةظ مذ سدماعظ8 طعالدءعط عتاطنظ 0م بومعممع2 ععوطلعط“ ,نوضرعي رومعوع >[ 
(1988) : .مم بالككتعا عند ناء1/1 14:ه عو ارءنء3 أواعو3 ”,1830-70 

بلماءه/2ا بسعلط عطء صا عمتعتلع84 مقعم عبط لمه ععععة“ ,عند معدات ,ااأع لز 
ركل» ,ألع 1822 هآ 320 قتءعء 1/40 .0آ ,وو0 1 -اءع 1101537006 1.013 10 ,1521-1600 
عادولا ببع[8) لوطنهالة مع ماين وخا تعترءنلعاة ]0 بجومامووعطنسة ع1 
(198-2 

يبن «عوترط هم يوماسنهينهن) عومأوماءنه 12 :ذا وعرص) أهمنلء11 ,عع اولظ ,ومكا 
أحامعتة1!) ع«مععطها/1 «رهم اجتووج زد 4 مده بارونه1 إه عدرل 7/161 وجا 
(1966 

(2962 تمفسمآ) دءنليداد «معترق غاده/1ا ,بصداطا ربز اوعصك1 

عطع لمة ععمعء بدو[لاعلا" ,وملوع111 .1 صداء8 لصد .2 طععممعع1 ,عامكا 
4ه مدمووط2 ,عععاداعطلآا نصه مصوعءل؟ مز ”بمدعططتعوت عط كه مملعمعاممء ملام 
(2992 :)2آ بممععوصتطعه137) دومعاععءصم ءا انز بررا رع ه126 

”روتلم] تمعن طتمعععع صلل مز عمعصعوعء 1 ممه معط 1 روعءامطنت)" ردءآ رماعك] 
(2980) 1/111آ بجدرمعكتلط تدمة1 إه أمجعنهل 


030 


:] بعنامندنا أمتامامه اكتلقد8 ءة إه تإءنعتد عاطم مع متصعط ,.ظ .1 رتاممامعدكا 
(1949 لعه؟()) معنمم بوملا 

اونرع عا بحيدهمر) جاووعع اع متكا سا ناوه لط عقاط:ظ تاوذخا اه وعبزنا ,عمعة لامها رععامطتتر 
(موور برإعاءععارء8) 

أمعنناه) «جانتعم نا نو ج8 تس و8 نه ,توفع تطعا تدمةومرهل] 15 ,.5 طراهظ ,الملمع ابيز 
(1953 ناأناهمه1]آ) وجهملا 

بوعواد نا زه اأمجمعء8 مطز 'ت كعنتاطا ءذاع إه غأويعخ] ع1 ,معطم مءعوتعط0 ,طءئمهآ 
(ووود عاعه برعلط) 

تطئرتامع طننعامع؟5 عد لصه طاوعتاطصنلظ تعمنمانان 25 مملءزلع84" ,.[ .0 رععمم ماما 
4 مهلمهمآ ععع ااه ستوععطاامنا ,كتوعط نلطط لعطوتاطياممنا ”عمعصيى 

ام «الأومط 22:4 كدعاتاءزد ,ومعطصسطة .[آ للأمصه18 لصح ععم للا طعنلسل عأحدم] 
ناموط عثاطيظ فانه عاق أل71/16 إن بصوندةلاآ مط از كع لمع 8 «معتععتمم 
(986: آلالا رمهوللة/ة) 

بم )١[‏ «معرظا إه لتنها اعكنتتته 2 126 نينو|] هفولا ,اعناصةتصصظ ,عمسلها نرمظ عا 
(1978 عاعنلا 

«ازع 5 دغ زه كأهدله مم2 !]! ركلء ,مسمدوةةء/7ا .5 عرعطه 8 ممه .ب 1210[ رعرع ط نآ 
(موو: عولتعطسهت) بمنعامسع ]ا مزاع 

وتزمعتا أتسعناع الا أذز بووجوتدمءط نتزن 1 عطة 10نه تزازوننآ كيسوزعزا 8 .كا سآ رعاع نآ 
(978 ه78 ,معقطء1) 

لضة ,دأعة|842 ع«دكالا ,ؤمنوع لهوا8 بقلسط عط“ رهظ علموعظط ,عممعدعم ل[ 
بنهواه:8 ارمسر1ط ”لاعتبعظ ل بكوملعداياره8 مقصسط مذ مملععاء5 متمد أد834 
(984:) 3 .20 ,آلآ 

طاعمم برط عاعدمعععام صق كااأتطم رذ غه سملعاء0 عط م0“ ر.ظ عأموعط ,عممعدوم ان[ 
(21993) و .مم ,1001 بروماممه«طنسم4 عبرعجين) ”رولوة 

أممفاين قضه اماع30 لكل ناوعينوتجه) عط «عع]ه كعتمطولط ع1 ,روعحمول موطعاءهآ 
افتدععاطوتعا طععنه طلا «اغتنععاعداك ,معنيدعالآ أمجندءه إه 5نم أل ] عط إه بجروائ لآ 
(1992 قن ,لعهأمدمءذ) ومأ تعر 

لصه عندعولط تطعتلط عاعداظ لصة وؤ5يمل2ط5 بوحوف]ط' " ,ععممع0 .7لا ر,ااعنومآ 
[0 41101أعوكعة عط إن كأمسف ”رمع معدم طكتمدمك أدتممامت مصأ ممعجأسامممع2 
(1992) 3 .820 ,11061611 ونع طم74همء 06 ادمع سدم 

إه جونكتاا أماعو3 عط إه نجلغء!!)8 ”ركعوععط 1 عتمعلزمظ ممه دععمء5“ رالأظ بمتعاعيرا 
(2984) /1211 21 ميدنك لون ]1ل 

همتع ادش كذ !87 إه 'زاتمتتوءط 116 ملعقدعل8 .1 اأعدوسظ لصح .ل سطمل رمععكنصءل83 
(29865 ن)ال8 ,لاناط اعمقطت) و78:-1697 

5 تكله هص0 أه دععمع ناوعدوده0 امتخطعوهظ عط“ رط عمعطهظ ,لأهمهططاعد84 
1/1 كمعل[ زه مولا عط إه أمتسعدمل "رممكساء12 2 أو بموئوتط عط مه 
(1967) 

ع1 :برإمهعطعممائط2 سواممععزلا صة برعمامع10 كامعوسسو8" ,مف اذه رن مماعةلة 
فته نوه :14 هأنمء5 :نز ددمار) أمواعه3 قلط صذ ”روععامطت عه عصملععللجنعدهم© 
(1976 طقعناطمتلظ) #بتعوم م12 

ووه :”1 ع ذلا 0غ جاناكو ادق اتتمم] اتماغجءء1:0تدنن إن برروعوناط 4 ركناوصطة ,مععملء ل 
(1990 0:ه0:1) بوورز 


6031 


-لماعاععد عط لصة همم الجهد :عع أوطاط لصهة ععطوئتاة " ,عه .2 ,لمع اعواة 
”رعوللا وعوءلا ومبعد عط وز ععووعط بجعاط أن وعزاالمف صدتلممعمفم عط أه ممق 
(1992) 1 .0م ,2671 بحرن اوادان :دجا 2[ 

تعنأ تدعا 4:0 عاءالعاآ[ عدونءدنط ركله رذتعا ممعائقكة لمج نز10 ,لمم.آء2ل/3 
ماع إه معدم ادمم د[ ءا فنعه ولد لهل[ :معادء/!1 عزن ووسناءء وروم[ 
(1988 001تاه.آ) ابوأكانه زط 

(مجود لظ .نوز جعلعوم) دعماومء!ا مجه ععيعه|ا2 ,دنال ,لاز للء ك8 

1 أ تيل سأك !] مومتدوعوووط إن بحوء 1 أموعاائاه و1 ر.ظ .© ,مموعع طثاعواة 
(62و: لعنه0:1) 

«#زعطة قانه عرعنبوتعلعءوجع0ا بمتوواط عط وجملءط ع«قءنمع81ة .خآ اعمطعتالط مطوسسه لاء3/41 
(موود عمقلا نطدموت) دوو :-و8 2 : ,عمجف إه تننج وجلذ ذا واترعافقط 

(1922 معتهت)) نوبروع إه بجعععي3 16 عامدء ا رمعل85120 

-2:898 ,لدأزووه1! تصلق أء +025 ما لإععوعناك آله ونوعلا بصعتط1 عأصوءظ رمعل85130 
لقضوععض] وغعوده0) د5هل1ع]! دوعنوانيمن .له واتلقطعا نرعظ لعستقطملة مز ”,28و19 
عتطوعءة<1 ,أمرروظ ,عننه0 عا ,عمغنع رتل ى عامعاممء1 عمنعل816 عل أوممكق 
(1931 مله ) (1928 

عمالعه جممصهت "رومع ععوءظ امعتلع/ة عتمقطكعم (إمنعمعن لطعمععع سالك“ .ما معنملا 
(1979) 7201 بوروةو لآ 0ه بواءاء50 ١١‏ دوه أل ياد 

5 تلاكلمة تمه تلءنا لصة *قنلصآا طوأعاعظ غه بصمعئناط عط1* 5 ”81111 دمم دل" .ل رلعء 3/12 
(5990) 2 .7211/00 وعذلعلاى تنوزوف تدعمواا رممماع 18 01 عأرمععطع 32 

ععلتعطصةت) (798: لعطقتاطيم عوع5) ببمتعماييوه2 جه بزمددط ركمقصصط1 ربط لمللة 
(1989 

غء عنتوأاادهدو|زجاج 5تلنوء5ا0ا ينه :157:16 ه01)'] 1286 ,عل عله 1 دل .1 متمتعط مس ك3 
عتلةكتتها) كإلزهاء وماى وء] ذيننع عيدو عع ولاعنء]تاجه وعدا ها «عدى أوجمتره 
(17660 

ع35ع15] عذاء آه عتمعصرم ماع12 لمه منواء0 عط1 :برإومممعآ" ,طعتعا رمع ءوعطعم ولج 
ا ع(أواداط ردءألهاهنه: اع ءنله لهل .له رطع ئأتباععنهي .12 مز رص أناوعضصةم دا 
(1992 تلاعجعي)) اننأ غ)ةؤ ]مانا ءءء :تمه 

لإ5مضرمع[ أن بإعمامط مممعدهلوط عط 1“ ,ونعطه] عه اع مطت لصة طخاع ا رععودعطعم ملز 
(2989) 2 .20 ,1لة برعهوامووطء م فإعوث/لا "رسمابع ]1 لق اماحعارظ دأ 

آلا جوعءعو5 ممه ودع إه أمنحصعه] “رع نموعدظ وتندلماا عط" باع اعة! ممصملا 
(5967) 23 .00 

وعسامنلنالآ تدرعلن84 برأجمط :مد ءإساثلط إه عبكىق 16 .لع ,نجصمانة! رلسداعماة 
(1993 تهلممآ) موموجيط 

(دوو: لعه]»<0) براتأمعدءدى «واعو ةلا إه عتتتطهالة 116 ,العطعتالا مموداة 

(1930) + .20 ,آآ 1:11:41 :ذا بزوه معط ”روامعع ال ما لإؤمممعآ“ ,.ه .2 .1 رمع نزهللة 

عط1 :م:أعصدز عل ملآ عاتأطنوع1آ 010 دز مسكتادتمعمحم] لدعتعانت " رووععء 1 ,علدعللة 
رععع!1ة12 .لط لصة علمع4< .1 سمن”رعع زوع طالوعلط عتلطيظ لدع لاوسعمعظ مدطءتا 
(1991 تاولترمط) أتددوتأوتجعط:ت[آ أمجفاين) لججت عتنلء زلعالة ,معنتعتع3 ,كلع 

أومعناين اصضه عند ءنوعالة ,معندوء 35 ركله ,مععالة/2ا عأمداة لمه دوعءء 1 ,علدعاة 
(1992 هملههآ) تامسجم :رآ 

(1.-9: كاعة) 11 عأيدأت:: ةلآ كنهد وأتتتووبرط 4 '.آ تعأوونجاطط 'ك ت«ونودع :مآ ,.[ ,جاسفالا 

-0 :نعل أوعا نندهة تدده م1 :دز انولغواأءتزو هته بطتاماجوالط ووموعلط رمام ,معععع لا 
وه بمعسعن) طاعببعء ا طونط وذاة معنداد 4تتماوقط دنا عموتنوطت عتجاؤورعم مدو دا-اهعنهها 
(990: ععأوعءاع.آ) بمنع مجع[ أهناها2 ه إه هم 


032 


«دملط رمأمه لها :عدنلهعة١‏ دا مصابوطا“ ممع 1 .لآ عوممء0 لمه و10 .لآ ركمععمع لز 
أمتععنه[ *بممستامعهن طعندهد لماحم لهن دأ تمعصمصمء اما لومووعه2 عط لمج بعتادة؟ 
(1984) 4+ .مم ,نورو اوتا برع ط 50:1 0 

لالأدنعء5 أه ممأكئتصسكمةء 1 عط عه عمعسطعتصسط لأمصتسقت " رك يوعع0 ,رعرعلا 
إه بدصمتعناط وطة إه «لقعء]!:8 ",وتاتطمرك ممع كصوووع.آ توعووعوز1 لع لكمة1 
(1991) 4 .0ض لاك[ عندنء ا ل116 

-ونلآ ,0 روزوكدء015آ[ له بععجا معط مز عمل لآ ومن“ ,عع تاعمعء0 ,عع انز 
(1981) لآ عداء نلعا نإو بررونوطاط هط إه ««تاولايفق ”صم عوكسسد© أوعامرم 

ادهأوعاجق عط فاه تتتعتاهاتدهن) اادوواءعءاة :طعوء2 كره روثلا ,.ن طمعدمل مم1 نم1 
(988: 2008ه.1]) 1730-1836 1046 ونماي 

1ع 1/1 ١‏ «مولا5 إه عععاط 16 نومره 14:ه دوعوعوونرك ,. للا بإعملاذ ,تعمتكذة 
(985: علعه ١‏ عع 88 ) بمروءئوزاط لامو /لا 

0ع5عم 12 عل 5ه عل“ ,81 ممعاط عت 1امقة 
(1989) 1510196 لآ 

حصمب) ,كمععنالصهت تتأموعع للا ممعللا برعبع؟ رولك“ ,8 ممصمط1 اعممم ك8 
65 وهم عع لسد ذ5مدع ١‏ عرو عكم] عط مز طاعموعوع 8 لصه ععتسعلزمظ (ؤوعينو 
عتتعاوجلط 0ثنه مااء نالعالا أتعامه 1 زه أمتعنو[ اتمعتروسق ”رععمسصيظ عط عه) 
(1997) 1 .30 ولأناعة 

(1987 لنه):0) بجاعزع50 ونطاانعوجع هن إه ان0 ماسرو 116 ,.] .لآ رععم 381 

عمقاطمعم داعء معفم ددع زه40 بات بانندعومع! كعل عمعتء 11501“ ,عم ,عمع[-نوء ,م31 
عل ءزوواة ل جم 'ل نه ءجزه اذ خا 'ل 5هاةل506 دءل :16067411011 *متصدعى عاسععمعا' عل 
(1970) 1/ك)]1 وعرؤوججنع اط :ع روزم '[ 

0003 آ) عتتسعلاوطا نجه وغ عكتمؤوع !ا أماعو3 16 :2 183 منءأهط0 .ل .خآ كاده كلا 
(1979 

رلمكط 112012 لآ .ثلا .1 هل ”ركده2أعودكف 220 دعغلعلء50 روطناان “ ,.ل .خآ ,كمه ك3 
ع8لأتطصسصمة) 11[ موو:-موج: أجزهاغ:8 إه بجواوتلا أمزع30 مولتجطامرص) 16 ,.لء 
(1996 

عو177 له 5معمعآ غطء لسة بإعاعنظ أن بضماءط عط1" ملعقطعنظه ,معصاصممكة 
27 .20 وطللآ طعجمعوء 8 أمء موزل إه عتاكدا عط زه سلنء أأس8ظ ”بمممعممرهو5 
(1986) 

أمزمظ وطغ إه أمعنه[ “دمعتم دز مم 2نانزذ لإومعوع] عط1“ ووعمرظ بعتس كز 
(1940) 700117 بواعو5 دمع ترم 

لزوممطز2آ “,10013 دز بإومعمعط )ك7لمه28 تقلدم مدت 5ه كله طععللة“ عوعمعظ ,متسل 
(2931) 2 .20 ,آ1آآ سءايء ]ا 

زوم7م6آ ”اللإومجمعط عمتلعدعع5 وععلعدع2 لصة كمعل1 علاأعولل" وعمعظ ,عأسلل 
(2936) + .مم ,كآآلا سوزي ]1 

ذ علدء1ل6م ععصممةء دا موعسسول8 عل عن معاعمة .1“ رعأممكة عمصخ ,نتاناهك83 
6أؤع0: أه وألدأمللا ركلء ,عموك2آ .1 20 عداسظ .لل مز ”رذوبع عل عتصفلنمة "1 
(1989 1225) 

مذ وعتهصماهكت طمتاوصط عط1 تعطممى كمه كه كعتمدكء لمعمعظ“ .قط مطمل ,متسم لح 
دتطواعلدائط) سنوت عجمء تععسمة معلظ 156 ,.لهء ,رغصو عمط صل ”ريوع ممم 
(1996 

6:4 وطىعان قلط هذ ”رعمبصانت عوعصنطت لصة عماعتلع81“ رطامعومل رسمقطلءءم 
(وجو: عق ااتاحصهة) مستطر) مذ مدرو م076 


ليها 


واتاأووعهووتدن 12! 06 دم أامدم 


033 


أو 5أمععمه2 مععلولة عط لمة رؤوعم1/120 رمم دطميمك842" .8 .1 يمفصيوكم 
(1976) 1 .0ه ,آلآآلا جمونوزاط أماعن3 إه أمنصييمزل ”رععمععوع اهلق لدة لممطلائطات) 

هذ عاممالمددد عتمعلنمظ لسهه دالمئتذ ود5ع0ل000 عط1“ ,./لا طملهظ ركامطءزلط 
(1981) 1 .320 رآللألا وء عاك تداعف إه أوبديعم[] ”,لوودعظ 

لم ع1520 مع ممع داعا ممع لكف مأ عمعمعاعع5 عمتمسظ "“ ,«معوعاط .0 ,ولام طعلاط 
(21926) /7020 باءاعءن5 روء امم ءطاة كإه أهتترينه] ”روععهظ عتتأعولط عط 

”رلاعه170 عط صز وعوهن لإومومعءآ عه «عطصبل8 لم26 صملووط" ,كا .5 ردعءلعمملط 
(1992) 3 .10 ,111[1[ سءدع ]ا برووءمء.ا 

لمصة موأعمعدهن أه ممعدمدايعع مف نعكوعولط زه كلعع5 عط1“ مممتطالا بممععسلط 
211 بدوئوزاط أمءنلعالطة ”رععصوووتممعظ عط مع سلععع عط ممع سملعع4م] 
(1983) 

مولدهآ) جووجوءط إه 1:01 10آ 20 سوط :كتعجعط 101045 بعلموءط رعبعلءل01 


1924( 

«تمعلامع عط أه بإممعط 1ه ممع تكممء 1 عنوه أمنتوعل نمطا عط 1“ .8 أعلطق بمدعددرت 
ب11آ)ة برأسعةعم ين فيرظ أوا«مسعالة اتمطاتاة ”رعوصقطب ومعداتمهط ؤه نووماه 
(2973) 1 مهم 4 .20م 

م51 زو4و: عاأمه لا بجع1) أعسواط م بوط بواطعاط-تمععنءد لل ,ععرمع0 ,اأعسحم0 
(295©0 صلءع 

1 )) لعبعلأوردمر) كودع اتتروءأعسنا إن ممقولط! م1 رعارةل6مءظ صوع[ل ,لسسع و0 
: (1708 

كتضاءعالا عنوداط عه امتعداظ عغطء لمة عنودا عا قو عوع* رممممبرنو-مع2 رممووم 0 
فأهاءت0 2ع 18/151416 رذلء ,:نهاء2آ 16.١‏ 300 عأماسظ .8 مر ”,1 جدح-هر جر معلع مو دز 
(و98: ؤ5أعروط) 

«وتهتع أ تدوع عل أع وكا برعل عطغ ناما كت تلان عا #نمعجوطناط ,لإممطعدة ,معلع دآ[ 
(1993 وعبحه1] ببعل8) برو لع اجه ]| 0غ 501166 

لإلعدع لم2 اممعتلعك84 مز عنوداط لصه بروميمع.ا رطععسطت عط" رلمقطعتظ ,ععمالد 
(982: لعه0<]0)) عا«تأمعاط 4:4 بأءعناطن 156 رواعتطذ .[ .الآ مز ”رعممعسظ ممعلما8 

أقء ذ4هعالة ”,1935 0 متصماطءظ نز برومءمع.] عه بوممعولط عط“ ,ملعقطءنظ بعوعسطعاموط 
(1984) 70370/111 بودمنوال] 

(1985 كاعهة) تتمنجرمع02) مراع :خط "| وضهل عنوهء2 مآ ,اعغتموط ,عمدموط 

م ”,مهو سونو رعمصسظ لومعنلع14 مز بوعاع50 لم2 عمق للع 84“ رعمتمقطعيكا لبود 
(دوو: ععلاءطصدت) بواءاء30 د عنم نلءللا .له ,عدء17/7 .م 

لععتصنا عط ص نوتادععه84 لصة كعتصسعلتامظ ععبع بجولاءلا" ,22:10 .> رممومعوط 
(2وو:) 70211١7‏ عادله قلء1/[ 0ه عءبرعلء3 أهاء50 ”,5693-1905 روع5:32 

بمواوللا ت«معا8 4 :نز مومعك21] ,وأسععوط .1707 للوععء لصد 0010و .>[ رومومعى و1 
(2:978 ل2 وسقطعيط) 

7626216226 أعمد ععأنا! 12 عل صمل ةكتمدوره'! عند عمممم د " ,ع رع[ أأاع ممع روط 
(1932 وعتهب) ١‏ ويملبجع 1 وعنوتمن) .لع واتلمطكا .ة .ك8 دأ ”رععمدم]1 

2 بإل80 عطاء روممعععن5-ععطءد8 وتادعظ1 200 ععمدعمعممق “ ععتدع:513 رومتلاءط 
6 :700 2-وهء1 1007ن0.] ركلء ,إماماظ ععوهظ ممه ععاعق8 .1آ .ف مز ”رعدوء5ز2آ 
(1986 جهل0هم.آ) كتأمومع]عال! و إه ع«أطعوالة 

و806:-وع8: عتاء تاعلط تاوتاوسظ هتنه «عبوط ,مبوامطن) 6ععمع142:8 ,عمذااعم 
(978: له 0) 


014 


غتدع تجرجز 0 ]ع باع 10 ماد طالموط كله عأعوموطةع/ا هلولا لمة .1 لأعدما روملالتطاط 
(دوو: مهلده.]) 

أوعه5 لمه معممعولظ نوععامطكت وثجيعا و ممع وأعولمعه " لا مطه[ل ,عممعك لاط 
(1984) 727211 معموء3 ره بصمعوناغ ” روتامص مم ه00 مز عمناءعنمع5 

(1959 وبعمء0) معءاوط0 .خا عع متلامط 

بو رعسم أبرول! مطة هاده لتنماعتطا تععهناهذ #انواوتروعءعدا ع1 ,0 .11 ركوط 
(1979 ظهولمهآ) 1500-1660 ,01ه 1ك ! 

«لعمة بلمعوعنعع2 أه وعلناه ع1“ بععععه8 بزمظ امه برطعورمط ,ععئعمه”] 
"رلسمماومظا ممعت طعمءءععملط مذ طعلوعاط عتاطظ ل0مة سمسكتممعةماععهلا 
(1988) 727311 بصمعو ةلط إمء اوعلطا 

”,ملمواعمظ موعت طعمعععطواط ما دمعمل242 200 ع5 ,عمط“ ,رما عمط 
(1986) 11آآ مهمو أماعهد 

عل لتعاطه1 علط مصة ععععمعء/ا وواوعتل! تعمل نلء154 لمق عجرمك ,عمط" ,نامآ رمععمن]1 
اندع تجار ا طونادكا ءداء 4ه معتتوعط .لع ,معصعها عععء! مذ "ملهعدزدمت عمصة "ا 
(1990 متوكلط د عمكامة0) 

له رعوء]ا عم دأ ”رمه28 عنسه266 .نه رلمقاعمظ همل عمعلعوط عغط1" ,نهآ بعععممط 
(عووم عقلتأنطصسهت ) بوملعن5 جز عدنء تلء الل 

دملهما) مع8 جسوومع تاعالطا إه أنمأاععاتوالازو 116 لع ,ترهظ ,ععخره]آ 
(1992 

ونط صل ”,نتعمتلفالا بومعنعسمةمة عه ومتمععمماه بعزءد5 لمة وعدن" روما روععموط 
(9و198 عتعكعطعصةا/!) 0ع8ع-660: فتدماواظا يذ بمعاءوين) :ءاهد «م] غاههكا 

عصة2) مهنا ونماد عتنسماع4 ودع وز طعنيط 1176 رفمصعلة كعصمهذه[ رمدوده] 
(موو: عولاءط 

طعمععء زد عط ؤسمتمم معترعلة مدعنت مز وعلدء بطع 00 عموععتط " ,ل مممدلط رممععط 
اع تسع عرز أمرعهة؟" ,ولع ,أاء؟ مآ .1397 200 علمم© .2 ملل مز ”ربرعنفمعت 
59 كك (دوو: 016 بممصدمل!) ”064 

(1965 دملدهآ) وأجماعلة مجه كعتعبوتكط ,ااععموكة .8 ,مععطعمءط 

(موو: مولعطصرةت) وزاتطصبزى زه بصوةوط ,علندات ,اععة نه 

ععانىذ ومتمصطوءظ مجلا تععصع؟ وععلولا ممه ععجحوظ رعولء أسمص ال" ,انما ,نكا 
دوذلا جز ولإموعط نمماماوط هسه معتماء5 .له بتفصسكا عأومععط مذ "بماعدظ 
(19971 ممطممعادء يعلتسممق) (جووع-ه0ج7:) ادم تون 

روز ببوزووزاددتدب20) بزووعمة.آ ءدغ بره رمع 8 ل[ اذ نووم «ؤزمط ,.أه نه معحوعظ رععام كا 
(892: معنهاده) :و-مو8: 416] 

نع وابره) بروءموساطا زه جومامعهراء :4 م1 بطنهوء 2 زه عرمعءهلا رصعة ,نعلو ممع صة ]ا 
(1987 عنوععء ناوسطلاة) 

-0ج177 رمء مما مذ عد 1ل816 «مأءبومط مه أمسوتددم/وع2 ,بمعط عولط ,لرعوصمة] 
(988: ععلءطسهت) 1836 

سممنووأكا لدءتلع1لط أه دعل تسعتطصمة عط تعمك العلا مراله0 0" بععمعي 1 رمعقمة كا 
ركل» ,معجصول .34 .ل مه ممصعءنء2 .5 دز "رووبو-1900 ,فأاتدعمهة1: أكدع]نامد 
(جووءع برعاععامء8) ودزاد هلا مه ناوهلا إه كزددظ ادعو 

وج ره عبروووطا :0645[ 07:4 ءتسءع ماما بكلوع رعاعها؟ أده لمة ععمعة 1 معومه]] 
(دعوو: ععلعطتهقت) معبرعائنوة”! إو جوزنوءء جه <ا! أمعءتجن ىذ ا] 

وم طعمعععع ولط عط1 نبروهامدء و*ونله] مذ عممعنتل“ ,مهمع ,أعسط لس قء رة]] 
(992 نان عبروووء2 جره نزوو “رلنروعم ا لون 


035 


أهء ألعال! د إن جرمنوتاط :11 مدعو" ومؤمنهن) وأتعتردع[ ل مرضوظ مم١‏ ,اأعمع وا 
١977(‏ بعودن5 ,عاء:!) طعرايز 

“1518-1764 بلتدم؟ لالعلطظ مععووء لط مول8 مز طإعمطاك ععمعصوت " .1 اعتموط بأاعم 
6ط اذا توطجهنوهتتت 0اآ فانت مدمعوز دغ ركله ,عع ماعطلا .11 .12 ممه مسدلا .لا .م1 
(1992 :)12 بممععستطئدة/0) دمء نمدم 

(987؟ مملته.ط) عنااتئوه2آ مباغ كهازة اروأاءعوولط ,طع1262 رطسا ,ممول قطعنه 

ما اعو/لا غدعءادم عطا تتجممم ابمتاجم ام انج تنونفوعء منتدهت) ,لا صطمل ,عال10] 
(عووم ذاا ,عول اعطاصهن ) م اتودونهارع 8[ عا 

عطع ومسل معنت معمعنانا مز وعتصعلامرظ عدممالدم؟" ,.© ؤكمل ,يعءة<-سدون] 
عاداء لع إه رماوالا معطا إه أفصيول ”,(3ه1518-186) مع عماععوىم«] 
(982:) 4 .مم ر[ا لا 

ردلء رعقء/7ا .ف صذ ”مصعم مععطعنامتا أه عمم عط دز عصء العلل" ,مع معنات ,عوونا]ا 
( 2و9و1 عولاءطصهب) بجزمزع30 وز عنرل لماز 

عطع ممه أمعصمب طعسهئ١‏ أمظ نعود لمة وعمددوء2" رمقخصتمط] انامعطئتطه8] 
(1981) 3 .مس رالا جرموونط أوزعمد ",ه68 دحهوب4 و1 رعطهأمعطه1! دز سمل وسصمم)ع 8 

وواعظ]آ عط له وممعساعومءا نع ناتطمععمدوع 8 لمسة عمستام اعوط" ,لأدلم جا رمعممم 
(1985) 2176 أواصضعبه[ وزواوطءه/الا ب«منوناط ”رعوعناطكعناة هأ مماعقم 

عه أمهآ' م تعممعنط بمنعمعكت طعمعع عمال مز وععامط0“ روعاعفطكت رمءعطمعوه8 
-وزاط تنه بجاعاع30 نذأ و06 )اق ونازامروطدده) ”,كلو بإلهصة عتدروهمعظ! لم أدحكتهك5 
(2966) 111 ممع 

بممعكتاا عططء دز كوه ع3 «ع 0 فتبه كعتدددع لمكا ونماصنهامدظ رو اعمط ,عمعطامعوم] 
(دووا ععلتمطصسمره) عساء لمالا /ه 

ءاه :ا متتعاداة أمعجين داز إن نوع 4 اأنخاه طن زلا بورتوودرعاة ,للهصمظ رووم8 
(192:3 تاملممآ) :تمتنينا0؟ [١5‏ 110ه 

أمصممز ”,مهتقاط كمتقعة موتدم سمت عط لصة كع أعقصمأوئزاة“ ,رللهدهظ] رووها] 
(©191) الل عندزء نالعالا أهء زه :1 /ه 

كع اللمععمج2 "عتصساظط ته تصعوعء! و8 تأمعئتهمك إومومع.آ" ,رصمعاء ,لآ ,ووم 
عمحله”1) وثكمق بط أمنندمن) ترومجمعء.[ إن جزوطاوطعه17 أماده ا أمدرعامآ 3:0 مط 0 
15356 

(988: لعه0:1) 111 و70 أموناء 81601 ,دعدوءةل ا 

عط مز كمنحره1 طعمععظ مز بععزعوك لمهة 56 ,2205116011013“ ر5عنال 3ل ,لناوأووه 1 
انعدع3 امعادء للا ,كلع رصازثظ8 معلصة لمد مغلعف عممتلتطط مز “بلسصصعك طعمعمم تا 
(و98: 0:10:0) 165 ]ا انمدع :| انه ادم نر عع« هرجه معناءع و0 بجززات 

أه [مععدهت عط م مملعم0 لإممعتصدد ممتكسة عط1 * ,تا معطعمسم0 ,يعو نامع طعمه 
2 أ رجمند اا وداء أه أمنورمل ”ردج8عسهجج1 تعسوواط عتحمطسكا 
(1973) 

المنعء 0 ولا عاصهء!ا! عط إن مضاععط لابه عكنخا توممصتة1 نط1 مؤمام! رعذسهه 
(1993 تعبنوط!! بحعل7) وردانرونام) 

مملهماآ) زدمجج لعطوتلطيم عو5) 1 ان بعاتتتدط مدعدوع 2[ لقع[ مللمعوكيه ]1 
1 (11ن1 

إه عمط 1 عط ]م6 071اكةلا امععنع0 لمن مدطاررمره|ة! بعل صمت مممععظ رسن قطدد 
(1955 كنا عطه! غادذا) :«تومرى مولح 

(1993 تملحه.1) اتعتاماءءوتدط مجه ماين ,لمدحلئا ,لتدك 

(1978 للدم آ) أدوزام عورم نم0 ,لموحلظ رلأتد5 


036 


10 رم بجووعون ا "طهزمن عط مز نوع ميد تزومممع] تومممعظ وعنصيرك" .1 يمضود 
(1931) 2 .00 ,[]آ 

[ه ععتت) «أناوه ذا لنت دعووووزتجا 16 ببسعسهاذ أنه عاداء لل ما8 ,..] لل10 .جود 
(1978 .ا بممقطئتا) متنعءةنا راع اعنم اذا دع هالا 

ءا اذا عوعننعناناء: :ادا (] 10ئه ودوهوز2! رعصسلا 11[ دعصهدز لمج .لآ قله1 عتدحوك 
(1988 لآ رعاالتتجهجكا) انوك تدمع عمسم 

تطععىنا) جع 8د عنةد قل دا-عون0 دز وععاوطن) ««عل وترعلماءوع) ..[ بكأمذاءااعة 
(18865 

1 اند عانعانيء اغقااتطا انه مكوخا انك :141711115 دق واوعنين2] ,خا .ل معد 
(981: لعهلا0) 

-تصتلدذ عل عملعن'! نون 1د دعأ عرصم كقم عاناف تدزة.] وع12“ بطعتخحمجاسطد ممقطفطك 
1.1/11 منوسساذ! لآ ماع “داع أدددية[ عل ماعها عمسدرهظ عا ومول عنمجما 
(198-2) 

ونأ إه أمتصيم/م "روعقله ععوعلاا مز ووعمووعط “وعوعلا وع]“ رعك بعلم ,رلعه]اعطد 
(19606-7) الا جاءزعن5 نروئام] م 

1 ل ان ادش بعاراعتل هالا معجوددتونت !! ترام وا عت أتدعال هاا ,.) سواط ,أوتوءز5 
(1990 معتعنتطن)) ععزاعمء" لانه مولءاسهكا وا 

”ربو -870: راتقدءخا مز برعناهط أمع50 لصد مدعك1 لداعدشل" رنمسصمط] ,ممصمل لاك 
16 ,االاكسلة) مءارعادة لها ان ععةكا /ه مه[ 16 .لع مسقطدعت لمقطعزظ دز 


(19960 
صهلهمآ) ماعطا متاك لتره 11100 كز عننعة|ل إه عدم !ا ع1 ,انسوط علعواد 


19995( 

معه0<!1) (زووج؟ لعطوتاطاتح عوىعك) ادعسعمو3 أوعوال زه 'جدرمء 1 ,سولق متمد 
(1976 

لاد عط ”رع:2جمء6 201 ملصدونا رأعععك! مذ لإوممومعط“ بلإعامةء5 .© بطعاصد 
(1931) و .20 ,آآ سوسم 1] 

(اأنا روجو :-0ج6: ونتواع اتا ترز عجوم المررك برعاكنبو اط لعاعاءومد ء 1 .11 .[ مطتتصة 
(1987 لعوأعصماعط)) دفوو مع مع «ععع/ه خا جماان نجهم 

71 2:10 عه 1نوران) أواعه5 نجوه عتنتماتمطه ا مطن إه كأعسق .لط .© .>1 ,العمك 
(1987 عمل طاسهت) ممو:-ه66 : ,ل1نماعددن] 

حصهب) 1تو:-884: ,فتعاوطن ]ه عنمة] عط اذا ومأزولة ,علط علممءظ ,معلل دممد 
(995: ععلاءطا 

عط نصوئاادفعمصآا-معلك أه كلعء5 غطء جرصتيه5" ,ملمدصعف ,مصدعءفامد 
-121862714 “"روعادع 1/1 ها موتدمصدن ععنع؟ لولاعلا و'ممؤعهلمسنظ عع ااءاعاءم8 
(1992) 3 .0ض ,للكاكا دمء ترمد طنامع1ط زه أمسعنه[ أهتدو1ة 

1800-2 اأطنزع خأ «ا تبوزووع/ن:!آ أمءتلعالة ه إه ::وتاوعيي عن[ ممعتصة ,اماومد 
(1992 لال8 ,عوناعةء(5) 

7 ”رعرمع.! معاد مز ممتعووعدعء5 200 متاناودملة ع1“ رمعا معجزمة 
(1968) ؟ .هج ,1ط دءضلننا5 متعم إه أمصسيولز 

[ه أدمنايادمن) عثاة 31:0 كناطا اناهن تاديامعوأنل] تنمعتعععرق ,خا 12210 رلعفضصة5 
(.92و1 0:0غ»<01) ارم ةا ره ل وناغ 

-7 1714511 4[ عتمم ملتدورع عندع'ل وعاوادلط رعاععل! درولا عمعق 2010 رسمعل ,موي52 
(1984 داعددنصظ) :بمتفمط 

امعنلعا! عنس ملاهنو0) تععنععد متائعه+8 /9 كع 11 اططعر80 الإعصولط ,رمومع5 
(1976 ههلا بن !) مدو :-مو8: ,وناو انج بأعجوعوع 8] 


0637 


1800-0 طوان8 أومنن تععاول 3 دم معهخا ]0 مع[ 16 الإعمفلظ رممومع5 
(98-2: مملنره]) 

-يراه؟ وجا نا تدو نوبط عدن مرولا ث بوسم[ لمتسعهكة ,أعقطع تصصهن عترولطا روعمم56 
(1918 عملدما) وعتنانت 21/8 عنء3 إه ادماة 

(888: «ولمها) :ا رقطهزل ,لإعطعوهى5 

واه لتب بمماتلء ع8 إه جلعنا5 هم :مووعولط ننه موماعل8ة كا عل .5 رمقطدى5 
(دو18 حملمه!) ودروتقممءمعء2] راتما لتمتجوع :دآ عروالل 

- أ أعادم به طرق تومطا اد ععناتستصتدمن) اروتوكتاط زه واطاهاة 116 وععطه ا ,تعنروى5 
(#8جي هملهه.آ) وووه-وج8: ,مويععا أمتهوامت) دز وترمءام4 0:14 كاه 

إن اميه 186 ,عع العامة .5 200 فتصفصسة! .© ,ل :34 لل علمعاط عمط مع1 
(موو١‏ عطععءلده12) مولءاسمدةن1 اه ء1لء1/1 

ممه بوموءئورلا نمع اعصم نومع مامه كنمتلوتاع1 لعمتأعهدا“ ,دانصهظ ,عدمقط1 
2 وعنلءنا؟ تدواكعم سولولط ”رجعمعل1 بملمتط دعه؟ طععوءد مععلهك84 عل 
(1989) 2 .20 

(دو18 مولدم.آ) نرومرمزعط ,عوعمء0 رضصلط1 

أو بدوتاكذططا أمن350 لم :براوعود وأطماءءووء8 /و مكنا 176 ,رآ .3 ."ا رممومصمط1 
(1988 شاللا ,عولط اددت) مو -0 و18 1:أه !8:1 1نوأجو0 ل 1لا 

بلأعهك#ةا عنانرواقه عطغ إه عادا ولط مرا اج كترمء امه 410 معأمر4 رصطول ,ممعمعمط1 
(992: ععللءتاصةي) 1400-1680 

بوط ممع المء2 ورم لجووا© ءج[ا ادوم عوانوء17 لل ,ته :ه011 ,.© عث ل .5 ,هدك 
برع جع 1/7 مررزوومء نيا لندنه امه 5 إه كاءء/]ظآ دنده جع 1ه 116 رجه منغ وا عا دوالة 
(1756 همه0لمم.آ) 

(1992 عاعو لا بجب6[) معترعامم زه غو106و1ن0ن) 186 رطقعء 120 ,لامع1000 

عمغحممصة ام دل عه عألداهه 3[ عل عطعمعوهق مولا“ رقع ذا تتمعمهء8 ,دناه 
ذ بمنلسمء8 -لممء0 نل عتمعومءمة! هآ نوعاءةزو علآل)<ا ع عمللا عسه ععتلءتمومط 
(1980) .وه ,كلك ععأمء 84601 دمءدءن5 دمل ع«تونكلط "روع ع قط 

7/1 .84 لهه د5ه:122 .ل لل مذ ”روه !تسو معد لصهة عممعجسعنوهء2 “ رعلعظ ,النعمهم1 
(1973 دهلهدهآ) كه اذاه نجه عمعوواسآ :جوزت :رواجوق آلا 116 رحلء 

(993: للعه!<ا0©) 1993 لك 

ملاوع ا ومتأعممطنت لصة دعناددا أوعتعوأهدة :كلم“ ,.نا أنسوط ,للقطءكمتا 
عناوعآ دوع اسقط 10 ” لزنا معي طعءعمء جكة عط مزعمك للع81 عوعصنطت لمدماعلل12 
(عوو: برعاععاءعظ) عولءامنه: 1 أمء العلا «واعم 0 وطنو2 ,كله ,عومسملا عدالة قمة 

اذ بإهوئط انل :روم رجزء.آ إن كتحولءمءتاصاص1 امنا »0-ماعود ,.5 7.١‏ ,بإوبرطلومتلا 
(1988 هتكنعلد0) تزووامهه«طنانة أم 11401 

ووو نالا معام له «وموط اعتررواهن :كا!1 نط1 ع«لمات ,مدوعلة ,مدطوسدلا 
1 (دوو: عولنطصةن)) 

لونه5 عط نوعتكة لتمسمع0 لمة عمدظ اقتدمامت دز كتاتطمرك" ,مدوعلط رمقطوسدم1 
كت 11م ونوظط ركلء رعأء5[13 .5 200 ععومدظ1ا .1 مذ ”,عتصسعلامط مد ؤه مملعء نكمم 
(عوو: عولتعتطاصسيهت) كمء10 2:10 

:| 74ع12220 2:14 ودهعكل8 رولء رع[ داعطن] .11 دداوناه12 50د .ا معطم[ ,رممدمعم1 
(2و9: )1 رممععمتطكه؟) دمعتو دم عط( بز 

معننه ع" وج وم لاناتطاه عتأعانوطن) بووءستاسهءان) زه كاؤءء :دمن ,وعورمء0 ,واأععدعا 
(988: ععولتءطاسصدن)) كمعله 110016/ز1 عط ءارس 


638 


7عع :ه10 أمسدء3 إه دونه مرولا تاطعتاء دآ أءنلمء :12 إه نوانن) رطعتقسل رمتسم عااو لا 
(دو9و1 معتعلطاء)) تنول07ط ««مماءثلا ءامنا از 

أواعن3 معطا 4ننه مدوععلط ,مفسطط ركلة ,لاعطمطءد عععهظ8 لمة معطمل ,عع1و/ا 
(دوو: ععلأعطسم) ماع30 «ععموال! براعمتا ب ج00 

معطم ممه مسواط أه عاتع معنم أوجمالا اط 1 فننه وأعط 1 ,أعقطاعتاا ,عع داولا 
(جوو: لذ] رعصوط عئملح) 

مه عتصموممكع8 مدلكط طعنه5 عمرعاطمء2 لمة كوعمههوء2“ .هق .2 بلممعططوج/9ا 
(1988) 1 .0م ,آ7)11 3/1165 اندعق ابرعلول/1 ”,ه86 رحسومجد ءء لإرموولط أداءعه5 

4:14 221510115 1 :0-1720 ون 1 مموعخا ا«رعاوء/ة إه بررمؤئولاط [هاء50 ك4 ,.[ .5 ,17/315 
(1984 هه00هم.آ) عازمء8 أم نكا عدم :جه 50110271115 

(193-2) ؟ .20 ,آآآ معزنع] برومزمط ",الةلاة]ط ما لإومرمعط“ ,.ظ .لطا رمموترو/لا 

ععلنطصسدن)) وجووعط أمءتاسواونلط ببواءاء30 :3 16ل 8101 ر.لء ,سععلمة ,عدء/لا 
(1992 

إه انه ااممتسعء100/! 186 :دو سطءترء +1 وأنذط واتتوووع اصورظ ,عمعوتاط ,ممع /لا 
(976: 0 ,لواصتف؟) معدوظ أمورنك] 

,18/0771 0ه عنناءألء1/! ,عء 1ع 30 :514147841011:] 07641 116 روع اقطان ,عععوطء ا 
(1975 له24مآ) 1626-1669 

*وعزوعع الملا عط :القاسسمن لرولووتلآ 3 غه عمتصعداط عط1" ,متدسل ر,ؤتلا#ا 
(1993) لكان +بعووءط منرم ومو ”رعلصمظ ما معتكمة لأمصمعت م ومأوكتاز 

عط مل ضمماعءنلمء تقاوف 220 1098م انكمم للقعممعتاظ“ ,عل .5 معطمل روااتك/لا 
معن نزم لمد عععتعرظ مطمل ها ”رع أمتمهعن) لأتمعععطواظ لمة طعمععمعبن5 
(1993 تملمه.آ) علمه0 إه فأجه/لا ع مجه موزعم وده رذلء 

إه مهمه عط «ذة كتتول]وتطن) تبدعططاءص) :مأو زنوؤوتاط ,.لا أعنصةك ,ومدات/لا 
(996: لهم روكمهاهعءكنآ) عتطسونام) 

عط مععتاعط مماع عنام 1421 أدتوهوام) أو بزع كمعقلط ع1“ راعقطء نل ,وبرمطعه7 
كأ 5ن تمع 1:1[ 24 ونناعتلع/ا أمنعج:”! .له ,لأممعة .2 مز ”,وعوا 
(988: مععوعطعمدك8) 

اتعتمهء1” عناه2 امعتلع14 أدتهماهت) 350 1055 ,لمقموك8“ رأعقطء ك8 ,وترمطءه7 
3001 لمعطاء843 .8 مذ ”,برود-ووق18 ,امممعع نآ لم عمعلهدمآ مز عم العلا 
(1988 هملممآ) مطاؤاصط 14نه عنراءللءالا ,56مووزطط ,ذل ,5تبناع 1[ 

دز «مرعط مرو|اءلا ه أوننانهن) انه تمل طاتعناء27 ,لمن 23 تمدعء0 طعادءت للها 
(1986 داعمءع0) ممم 

6ل انلو 8:1 :ووو أجموء]ا طأأمءلط! 7010 16 ,مون عتمدعء0 طعلدء1ط للها 
(1:995 هلاعمع0) ومه6 0 

00مآ) برولء71 كأ كاذ 410 2/10:1ع6 3627 :3]0 داز 2010 بزومجرزعنا ,لإموع1] ,عطواءا 
(1885 

ههلممآ) صما د«متلن[ اتمعاعء سدق ع1 تونتتع عدم إنعل0ؤى ,لادمهظ ,عطوءا 


(1993 
تومع؟ عاأمصةءط مم تعبعمه1” سععطء!ط عط أو ععسوا ومتاوء ةا عط 1" بعإتقالا رععلة 


ناموط ,كلء ,.أه نع اأعامصدن .5 مذ ”رلمماومط ممعت طعمعععصاط1 مما 
(توو1 عامن لا معل"ا) ممغانن أمنوتلعالا! رز وت«أأومط 4«ه مدوودزجا 


0639 


المؤلف فى سطور : 

شلدون وتس : 
- محاضر فى علم التاريخ بجامعة إيلينوى - الولايات المتحدة الأمريكية وجامعة 
- أستاذ زائر لعلم التاريخ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. 


040 


المترجم فى سطور: 
د. أحمد محمود عبد الجواد 
- أستاذ ورئيس قسم الطفيليات بكلية الطب البيطرى » جامعة القاهرة. 


- ليسانس الآداب (قسم الفلسفة ) جامة عين شمس 1185. 


التشاط العلمى : 
- عضو لجنة تاريخ وفلسفة العلم - أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا. 
- عضى لجنة الثقافة العلمية : المجلس الأعلى للثقافة - وزارة الثقافة. 


- عضو لجنة العلم والتكنولوجيا - مكتبة الإسكندرية. 


نشاط التأليف : 


- كتاب "إشكالية البحث العلمى والتكنولوجيا فى الوطن العربى" - مكتبة دار 
قباء للطباعة والنشر والتوزيع / ٠٠٠١‏ القاهرة. والحائز على جائزة الدولة 
التشجيعية فى العلوم الاجتماعية لعام .7٠١4‏ 


- كتاب : موضوعات فى الثقافة العلمية" - بالاشتراك - المجلس الأعلى للثقافة *١١٠؟.‏ 


- تاريخ وفلسفة العلم فى مصر منذ القرن التاسع عشر - الهيئة العامة لقصور 
الثقافة »القاهرة 34 ٠ك‏ 


- أبواب بيوت القاهرة (1417/5 - )١196٠‏ دار نشر الجامعة الأمريكية بالقاهرة لا ٠؟.‏ 


04 


المراجع فى سطور: 
دكتور عماد صبحى 
المؤهلات العلمية : 
© بكالوريوس الطب والجراحة - كلية الطب ٠‏ جامعة القاهرة 1917/4. 
© دبلوم الطب المهنى وأمراض البيئة - كلية الطب ٠‏ جامعة القاهرة ‏ 1147 


© دبلوم التطبيقات الطبية والبيولوجية فى علوم الليزر - معهد الليزر القومى , 
جامعة القاهرة » 1999. 


© دراسات فى التعليم الطبى المستمر - جامعة ماكجيل , مونتريال » كنداء .195. 
© عضو الكلية الأمريكية للطب المهنى وأمراض البيئة. 


© عضو الجمعية الطبية المصرية . 


نشاط التأليف : 
© كتاب "أسرار الجسد.... طريق الرشاقة والحيوية الدائمة" دار هلا للنشر» .”٠١4‏ 
6 كتاب 'العلاج بالحب , تحث الطبع. 
إى كتاب "صحتك بس النفس والجسد", تحت الطبع ٠‏ 
© ترجمة كتاب تربيع الدائرة جوليان باجينى - المركز القومى للترجمة, ٠١5‏ "م. 


© له موقع طبى إلكترونى جماهيرى يعنى بعلاج أمراض سوء التغذية والصحة 
بصفة عامة : «زمء .أطاطه305» ./لالالاللا 


المحررفى سطور: 
دكتور عايدى على جمعة 


- مواليد قرية الجواشنة » ديرب نجمء شرقية 
- ليسانس دان علوم كام 
- ماجستير فى الأدب العربى الحديث ا99١1‏ م 


- دكتوراه فى الأدب العربى الحديث ٠٠١5‏ م. 
نشاط التأليف. 


-١‏ شعر خليل جاوى دراسة فنية (الهيئة العامة لقصور الثقافة). 
؟- أجدادى الموتى» ديوان شعر - دار الهانى للطباعة والنشر 


؟ - شعر الفيتورى : الرؤيا والتشكيل (تحت الطبع). 


06043 


الإشراف الففوى : حسام عبد العزيز . 
الإاشراقف الققتى : حسن كامل. 


50 


- 
و 


00 


يعد هذا الكتاب إضافة مهمة بالنسبة إلى تاريخ 
الطب عامة وتاريخ علم الأوبئة بصق خاصة» 
والذى يعد أخد فروع طب الأمراض المعدية» 
زيهتم علم الأويئة 0 الأساس بدراسة الحاللات 


الجماعتة للعدوى. فالأمراض الوبائية هى فى 
الأصلأمْراض معدية تصيب الأعداد الكبيرة من 
البشر؟ وبذلك إفليتتت كل الأمراض المعلاية 
وبائية .